حرب الأديان

حرب الأديان
بقلم: فطين عبيد
هل الإسلام دين عسكري ؟
الديانات السماوية الثلاث لماذا تتعارك مع بعضها ؟
مسيحيو الشرق الأوسط لماذا يختلفون عن مسحيي الغرب ؟
الصراع العربي الإسرائيلي عقائدي أم جغرافي ؟
الفتوحات الإسلامية التي انطلقت في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم واستمرت في عهد الخلافة كانت تهدف لنشر الإسلام وتطهير العالم من الظلم والشرك .
القادة المسلمون كان برنامج عملهم اليومي يتمثل في ضم بلدان وشعوب جديدة لعباءة الإسلام وتوسيع النفوذ الإسلامي بالدعوة والجهاد معا, وبذلك وصلوا لأصقاع جغرافية وإقليمية بعيدة , وفرضوا الجزية على غير المسلمين.
العمل العسكري ( الجهاد ) كانت الرتبة الممنوحة لكل مسلم قادر على حمل السلاح , فكانوا يتسابقون للموت لنيل الشهادة , بل كان قائدهم هو الذي يتقدم الصفوف .
بجانب فريضة الجهاد والتي هي واجب عين على كل مسلم , نظم الإسلام عقوبات للخارجين عن القانون منها القصاص بحد السيف حسب ما ورد في الاية الكريمة ( والجروح قصاص ) أو الرجم بالحجارة في بعض الجرائم .
أصبحت الدولة الإسلامية العظمى قوية عسكريا من الداخل والخارج , فطورت العلوم والاختراعات , وخرجت نوابغ في الطب والهندسة , وأرسلت المبتعثين للدول الكافرة لتنويرهم بأهمية ( أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله ) وقد حملت هذه العبارة تغييرا في حياة المجتمعات والحضارات وأصبحت تقام من أجلها الحروب والمفاوضات والمعاهدات .
هل الإسلام دين عسكري يدعو للقتل والإرهاب؟
بعضهم استند على بعض القشور المرتبطة بالإسلام دون دراسة لسماحته واعترافه بالديانات السماوية التي سبقته , وشرعوا بوصفه دين القتل والإرهاب وحرمان المرأة من الحرية لأنه يمنع التبرج والسفور .
الكراهية لديانة الإسلام كانت هي بداية العداء للعرب ودولهم وسببا في التنافس بين حملات الدعوة الإسلامية وارتباطها مع المساجد التي تؤمن انه لم يتم صلب المسيح عيسى عليه السلام إنما شبيه له , وحملات التبشير
المسيحية لدعم الكنيسة التي شعارها الصليب الذي يرمز لصلب السيد المسيح .
حرب الصليب والإسلام ليس حديثا في خطاب الرئيس جورج بوش الابن بعد أحداث 11 سبتمبر وحربه على العراق وأفغانستان , والذي قيل أنه هفوة بمفردات اللغة اعتذر عنها لاحقا , ولكنها السياسة الخاطئة التي يرتكبها كثير من الزعماء بحق الديانات الربانية .
المسيحيون في الشرق الأوسط هم جزء من النسيج الاجتماعي للدولة ويرتبطون مع المسلمين بأواصر محبة ويتبادلون التهاني بالأعياد , حتى أن بعض المسيحيين سمى ابنه ( محمد ) في حين يقتل في العراق أي شخص اسمه ( عمر ) علي أيدي بعض العصابات المذهبية التي تزرع فوضى باسم الدين .
مسيحيو الشرق الأوسط يعارضون التهمة التي يوجهها المسيحيون الغربيون للمسلمين باضطهاد الكنائس في دولهم , فمعظهم له كيان اقتصادي ربما أقوى من المسلمين أنفسهم .
فمثلا , نسبة المسيحيين في الأردن 3 % ومع ذلك يمتلكون مدارس ومؤسسات ومستشفيات ومراكز تجارية ضخمة , كما لهم 9 مقاعد في البرلمان الأردني من أصل 110 مقعدا , والحال كذلك في معظم الدول العربية , ولكن الغرب استغل أحداث العراق واستهداف الكنائس وتصفية رجال الدين المسيحيين من قبل بعض العصابات التي تدعي الإسلام لتهويل الموقف .
ليس سرا أن الحرب بين الديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية هي سبب معظم الحروب القديمة والحديثة, والتي لن تنتهي حتى يحترم بعضنا دين الأخر حتى لو كان عدوه!!
زيادة في التعقيد أصبحت هناك تفرعات ومذاهب لكل ديانة تتضارب مع بعضها, وخير دليل ما يحدث في العراق بين الشيعة والسنة وربما بين الشيعة أنفسهم أو بين السنة والسنة.
وانفردت بعض الشعوب بديانات خاصة بها, توارثتها أو طورتها حتى أصبح مجموع الديانات في العالم اليوم 1400 ديانة!!
المسيحيون على اختلاف طوائفهم (الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية) لا يصلي بعضهم في كنيسة الطائفة الأخرى أو يتقوقع أولادهم في مدارس طائفته دون الالتحاق بمدراس الطوائف الأخرى .
كما أن الديانة اليهودية (إحدى الديانات السماوية التي نزلت على النبي موسى ) تكرس إسرائيل جهودا لإضفاء الصبغة الدينية عليها بتسمية كل إسرائيلي يهودي وتطالب الفلسطينيين الاعتراف أيضا بذلك , رغم أن اليهودية التي تضم 17 مليون شخص هي دين وليس عرق .
القادة العسكريون في كل دين يجيشون الناس بمواعظ الكتاب المقدس , بعض الديانات توظف رجال دين للتجييش وبث الروح القتالية حتى في نفوس الأطفال , ويتقاضون رواتب من حكوماتهم لتطوير أفكار العداء وتمرير المشاريع التي تنوي الدولة تنفيذها حتى لو كانت قائمة على ذبح الأبرياء العزل واهانة كتابهم المقدس !!
هناك طرق لصهر المصطلح لدى رجال الدين وإعادة تشكيله بقوالب جديدة حسب توجيهات القيادة, حيث يتم تسخير القنوات الفضائية ومواقع الانترنت والإعلام والمؤتمرات لخلق البلبلة فيتداخل الجهاد بالإرهاب وحرمة الصلح مع إسرائيل بضرورة الصلح معها , وتلاعب بمفاهيم الشهادة , رغم أن كل ديانة تدعي أن قتلاها شهداء !!
حوار الأديان , ربما أقصر الطرق لحقن دماء البشر وتجفيف الأحقاد من قلوبهم تماما مثل مفعول معاهدات السلام التي تبرم بين الفرقاء , والأنشطة التي تبحث عن الاعتدال والتوازن والقواسم المشتركة, هي الحلول العملية
التي تحجب البحث عن التناقضات القائمة على تكفير الطرف الأخر , وتحليل هدر دمه حتى لو كان عمره يوما واحدا فهو عدو حسب مفهوم غالبية المتدينين المتعطشين لشرب الدماء !!
لماذا لا يتم عمل فلتره للشعوب ودياناتها وسحب الديانة من الشخص الذي لا يستحق ؟
لماذا نهتم بصلاحية الطبيب والمهندس والمعلم والسائق دون الاكتراث لصلاحية الأشخاص بدينهم ؟
نهتم كثيرا بزيادة عدد الأفراد الذين دخلوا دينا جديدا , ولا نفكر ماذا سيضيفوا لهذا الدين ؟
جميع الأديان توفر إحصاءات عن المؤمنين الجدد الذين اعتنقوا الديانة وبنفس الوقت جميع الديانات لا توفر أي إحصاءات عن المرتدين الذين كفروا بدينهم ؟
الديانات السماوية جميعا قبل تعديلها وتزويرها تدعو إلى السلام ونصرة الإنسان لأخيه الإنسان, ولكن ما يحدث من حروب الأديان والعقائد هو العكس تماما , , فالتباهي بالكثرة ( النصارى 33 % المسلمين 20% من سكان العالم اليهود 17 مليون ) , يمكن أن يكون رائعا لو تم الحوار والنقاش السلمي , ونزع فتيل التعنت والتعصب .
لو جمعنا ثلاثة أشخاص مسيحي ويهودي ومسلم وطلبنا منهم أن يتقمص كل شخص دين الآخر لمدة يوم واحد ؟ أو يصلي الثلاثة معا يوما في مسجد ويوما في كنيسة ويوما في كنيس ؟
أجابتهم هي سر بقاء الحروب حتى قيام الساعة رغم كل المفاوضات والمجاملات وعمليات التجميل للأمر الواقع.
وجهاز الكشف عن الإيمان ورد في الحديث الشريف ( والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .
المصدر: http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2009/08/01/170771.html