التطرف وتدمير الأرض

التطرف وتدمير الأرض

د. فوزي الشامي

لماذا أرسلت الرسل والأنبياء هل أرسلت لتشكيل أحزاب أو طوائف، أم أرسلت لتوحيد الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

إننا نلاحظ الآن اصطفافاً شديداً وراء كل طائفة إن كانت موحدة أو غير موحدة وتناحراً شديداً بين الجميع واقتتالاً، وليس الغاية هي الطائفة ولكن الغاية هي السيطرة والزعامة والنفوذ واستغلال الجميع لصالح فئة معينة.

بدأت المعارك والقتال منذ نشأة الإنسان الأولى ولهذا فإن آدم رضخ لزوجته التي أغراها الشيطان بأن تأكل من شجرة الخلد لإنهاء الموت والخلود ولهذا غضب الله عليهم وطردهم من الجنة إلى الأرض وجعلهم يرون عوراتهم وأخطاءهم وبهذا حاولوا أن يستروها بأوراق الشجر.

وبدأت الحياة على الأرض وأحب قابيل أخته التي كان من المفروض أن يتزوجها هابيل وكان قابيل طماعاً وعلى ما يبدو لا يحب إلا نفسه وكان شريراً لهذا لم يتقبل الله أضاحيه، وبعدها سولت له نفسه بقتل أخيه ونفذ ذلك دون أن يدافع أخيه عن نفسه وهذا يعني أن هابيل كان ناسكاً محباً لله لا يريد أن يؤذي أحداً ويريد حقه فقط فراح ضحية الطمع والتطرف والجشع.

الملائكة كانت على حق عندما قالت لله عز وجل لماذا خلقت من سوف يقوم بالقتل وسفك الدماء.. ولكن الله كان على حق لأنه خلق آدم ومن بعده ذريته التي بدأت في عهده بالقتل والذبح لتكون عبرة للغير بالابتعاد عن ذلك.

يخلق الله الإنسان ومعه مورثاته وهذه المورثات تكون جيدة ولكن قد يطرأ على بعضها طفرات وتتحول من مورثات جيدة إلى مورثات خطرة مخربة ومهدمة بعضها يؤدي إلى الإجرام وبعضها يؤدي إلى الخيانة أو الحسد، وهكذا فلكل شخص مورثات خاصة به. لذا يجب إعادة المورثات إلى المثالية التي خلقها الله في آدم وهي ما تسمى المورثات النبيلة وعندها تعم السعادة والوفاق بين الناس ويعيش الناس في أمان واطمئنان ولا يخاف الظلم والسرقة ولا يخاف من شيء إلا الله عز وجل.

إن الدين في كل الطوائف يشتمل على عبادات تختلف من طائفة لأخرى في الصلاة والصيام والزكاة والحج إلى الأماكن المقدسة، فالنداء إلى الصلاة يكون بالأجراس لدى المسيحية والنفخ بالبوق لدى اليهودية والأذان لدى الإسلام، ونداءات خاصة عند طوائف أخرى في أوقات محددة أو شخص يدور على البيوت ويقرعها أو يمشي في الطريق وينشد أناشيد دينية تدعو الناس إلى الصلاة وهو يرتدي لباس الرهبان حليق الشعر ماعدا خصلة في رأسه.

وشكل الصلاة تختلف من طائفة لأخرى ومن دين لآخر. وغاية الصلاة هي رد الجميل لله تعالى الذي خلقنا ورزقنا. فالإسلام فيه الركوع والسجود على أرض طاهرة والمسيحية بالجلوس ويقوم الراهب بالصلاة أمام المصلّين، ولدى اليهودية ركوع وسجود ... وهكذا كل يصلي لربه بالطريقة التي فرضت عليه أو نقلت له من الراهب أو الشيخ أو الاطلاع الشخصي.

إن توحيد العبادات عند الأديان والمذاهب صعب جداً تحقيقه لكونها علاقة بين الإنسان وربه وهي عبادة سوف يثاب عليها العبد في الآخرة وتكتب له جنة الخلد وتبعده عن النار.

أما علاقة الشخص بمحيطه وجيرانه فهنا وجب الإصلاح وهنا تكمن المشكلة. الكل يقول أنه يريد الحياة الأفضل للجميع، ولكن لنأخذ مشكلة التلوث والبيئة فالدول الصناعية هي من لوث البيئة لدرجة شديدة وأبادت الغابات وأنهت حياة بعض الحيوانات ووصلت إلى درجة عالية من التطور وهي تشكل جزءاً بسيطاً من الكرة الأرضية وبإمكاننا الآن النظر بالتقنية العالية أن نستغني عن الصناعات الملوثة للبيئة وترسل هذه الصناعات إلى الدول النامية وإلى جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية لتكمل تدمير البيئة وتقول إن السبب هو الدول النامية، الثروات الموجودة في الدول النامية هي مملوكة للأوربيين والأمريكان ولا يسمحون لأهل البلاد بتملكها، وإذا أرادت هذه الدول أن تستغل هذه الموارد من قبل دول أقل جشعاً من الغرب فعندها الطامة الكبرى، وتبدأ الحروب التي يكون ظاهرها شيء وباطنها شيء آخر هو إخضاع الدولة لرهن كل شيء لديها للأمريكان والأوربيين وهذا ما يحصل في دارفور .. لقدت أرادت السودان أن تعطي امتيازاً للصين بالتنقيب عن الثروات المعدنية والنفطية وعندها بدأت الحروب الطاحنة في دارفور لأنها تسبح على بحيرة من النفط والثروات الأخرى، والعلم عند الله إلى أين ستصل هذه الحروب المدمرة، ونحن نقول إنها تنتهي عندما ترتهن هذه الموارد لدول معينة .. والمشكلة أنه يوجد في هذه المنطقة قبائل ورعاة وهؤلاء من عاداتهم الغزو لبعضهم ولكن في نفس الوقت يوجد مناطق حضرية مستقرة والبدو لا يعرفون الاستقرار وعندهم الرعي والغزو في أي مكان ولا حدود لهم...

فعندها يبدأ الغزو وتنهب أملاك أهل الحضر فعندها هؤلاء سوف يتجهزون للرد وتبدأ المعارك. وكانت هذه المعارك سابقاً محدودة والخسائر قليلة لأن أدوات القتال محدودة ولكن عندما تستغل دولة معينة هذا الوضع وتزيد التسلح فعندها تبدأ الخسائر بالارتفاع، وهنا يأتي دور الدعاية والراديو والتلفزيون وجمعيات الإغاثة ويطوروا الموضوع ويتضخم كثيراً وتبدأ الافتراءات وتبدأ النعرات وهكذا غزو وقتال وردة فعل ثم تدخل أجنبي ويليه التضخيم وندخل في حلقة مفرغة.

كذلك هناك نزاعات لأسباب اقتصادية فعندما تعد إحدى الدول دورة أخرى بأنها سوف تعطيها عقوداً معينة لاستثمارات معينة وتتشكل صداقات بينهما... ولكن لظروف أحسن قد تغير تلك الدولة العقود وتعطيها لأخرى وهنا تبدأ العداوات وتنقلب الصداقة إلى صدام وقتال ومؤامرات.

إن الديانة المسيحية تقول إذا ضربك أحدهم على خدك الأيمن فناوله خدك الأيسر ليضربك ولكن اليمين المتطرف المسيحي الغربي الآن يقول إذا ضربك أحدهم على خدك الأيمن فيجب عليك أن تذبحه وتذبح أهله وأقاربه ومدينته وكل من يلوذ به...

في الكتاب المقدس عند اليهود يذكر أنه إذا نام جارك وهو جوعان وأنت شبعان فالذنب ذنبك ويجب أن يشبع جارك مثلك تماماً ولكن ما يحدث عند اليهود الآن هو سرقة الجار وجار الجار وكلما كنت متديناً أكثر كلما سرقت أكثر وجعلت الجياع أكثر. والكارثة الاقتصادية الذي يشكو منها العالم مع العدد الكبير للعاطلين عن العمل سببها الجشع اليهودي لأن بنك ليمان الذي أفلس في بداية الكارثة، أمواله كلها ذهبت إلى إسرائيل وأصحابه يعيشون في إسرائيل واليهود أو الصهاينة أهم مبدأ لهم في الحياة هو السيطرة على رؤوس الأموال في العالم وتكديسها ووضعها تحت سيطرتهم وهذا ليس بالجديد... ويذكر أن روما أفلست قبل الميلاد لأنها كانت مشغولة بحروب مع شمال إفريقيا وشمال أوروبا واحتاجت إلى سيولة مالية وفي هذا الوقت تمرد اليهود الموجودين في فلسطين فاضطرت روما بعد إفلاسها إلى تأديب هؤلاء اليهود والسيطرة على أموالهم التي مولت الخزينة في روما لمدة 150 عاماً، وفي ذلك الوقت كانت روما هي المسيطرة على معظم العالم المتحضر.

واليهود عبر التاريخ لا يملكون إلا المال وعندما يشعرون أنهم مهددون يذهبون إلى أحد الأماكن المجهولة عند الغير ويحفرون ويطمرون أموالهم وذهبهم وكل شيء نفيس ويسجلون ذلك على خرائط ويورثون هذه الخرائط لأولادهم وأحفادهم وعندما تستقر الأوضاع يعودون إلى ديارهم التي تركوها ويستخرجون نفائسهم ويبدؤون من جديد وهكذا...

وكيف يعاملون دول النفط في بلادنا العربية يأخذون النفط ويبيعونه والأموال تودع في البنوك الأجنبية لاستثمارها، وبعدها تحدث كارثة اقتصادية وتضيع هذه الأموال وقسم منها يخصص لشراء أسلحة لا تستطيع الدول المشترية استعمالها أو تمنع من ذلك أو يتبين أنها منتهية الصلاحية وتكون هنالك عمولات كبيرة ورشاوى وتصل لأضعاف سعرها الحقيقي.

وأيضاً ينفق قسم من هذه الأموال في مشاريع إعمارية لا تتناسب مع المكان وعندما ينتهي النفط تصبح هذه المشاريع آثاراً لدولة كانت هنا.

والدول الأجنبية تكافح الديمقراطية في هذه البلدان بكل الوسائل لأنها عائق أمامهم لنهب ثروات هذه الدول فالتعامل مع شخص أو قلة أسهل من التعامل مع بلد كامل فيه مساءلة عن كيف تصرف الأموال، وتبرير ذلك أن هذه الدول غير ناضجة للديمقراطية والحرية ويجب أن تحكم وتُساق بأمر واحد دون إبداء رأي، لأنه لم يتكون برأيهم.

إذا كان الوضع هكذا فما الفرق بين العبودية التي كانت موجودة سابقاً والعبودية الآن... أناس مرفهة وأناس يركضون وراء لقمة العيش ولا يجدونها. عبودية واحدة ولكن الفرق أنها كانت سابقاً فردية فغدت الآن جماعية.

في الماضي عندما كانت دولة تهاجم أخرى كانت الحرب إبادة للقوى المقاتلة وغير المقاتلة تندمج في الدولة المهاجمة وتذوب إلى أن تظهر مقاومة وسجال قد يربح أحدهم الآخر وكانت هنالك حضارات تستمر لسنوات أو قرون وبعدها تهزم وتموت مثل بني آدم طفولة فشباب فنضوج فكهولة وشيخوخة وهرم ثم تموت ... وكانت الأرض أوسع من سكانها وكان وسطي الحياة متدنياً فمعظم الأطفال يموتون ولا ينجو إلا كل طويل عمر وتحصد الأوبئة الملايين كالملاريا أو الطاعون والكوليرا وكذلك الحروب كانت تفتك بالملايين والجوع والعطش والأمراض تتكفل بالكثيرين أما الآن فمعظم الأطفال يصلون لأعمار متقدمة وترى المسنين يشكلون نسبة كبيرة من معظم الدول المتقدمة ولكن المشكلة عند هؤلاء القوم أنهم لا ينجبون والحروب أصبحت تقتل أعداداً محدودة جداً ... لذلك أصبحت هنالك مشكلة:

1. تزايد السكان بشكل خطير وخاصة بالدول الفقيرة والنامية.

2. تزايد المسنين في الدول المتقدمة ومعظمهم متقاعدون وقد يكون لديهم الكثير من الأمراض ويشكلون عالة على المجتمع رغم أنهم خدموا وعملوا لفترة طويلة ولكن هذا مكلف جداً.

3. صرف الكثير من الأموال على أمور صحية لإطالة العمر وتصحيح أمراض القلب الوعائية وفهم أسباب وآلية حدوث الأورام الخبيثة وكيفية السيطرة عليها ودراسة المورثات وأمراض الشيخوخة وإعادة الشباب ودراسة الخلايا الجذعية وإمكانية استعمالها لتجديد وزرع أعضاء جديدة للإنسان والقضاء على المورثات الفاسدة والممرضة. وقد يكون هذا البند هو الأحسن ويأتي بالمرتبة الثانية بعد التسلح في الدول المتقدمة وهنا يتساءل البعض ... ألم يعد الشيطان آدم وحواء بالخلود وأكلوا من تلك الشجرة المحرمة فهل هذا يعني غضب الرب علينا ؟ ووجب إرسالنا إلى كوكب قد يكون أسوأ من كوكبنا !!

4. صرف الأموال الطائلة على التسلح والحرب التي قد تكون هجومية أو دفاعية وهذه الأسلحة بعضها مدمر قليلاً وبعضها قد يفني البشرية وأعني هنا السلاح النووي وهذا السلاح متوفر الآن عند عديد من الدول، وإذا استعمل فإنه سوف يدمر الكرة الأرضية ويحدث فترة من الشتاء النووي قد تمتد آلاف بل ملايين السنين ولن يبقى هنالك منتصر ولكن الكل مهزوم إلى جهنم. وعندها قد يرسل الله تعالى آدم آخر بعد مليون سنة.

هل هناك أكثر من آدم؟

هل كل البشرية من سلالة واحدة أو عدة سلالات: لقد وجدت جماجم عديدة في كهوف أوروبية وجنوب أمريكا وجنوب شرق آسيا.... ووجدت جماجم منذ 10-20 ألف سنة الجماجم بعضها عمره مليون سنة أو أكثر وبعضها عمره عشرين ألف سنة أو أقل وأجري فحص الDNA على هذه الجماجم، وهنا لوحظ أن DNA عند الجماجم ذات عمر المليون سنة يختلف عن الجماجم التي عمرها أقل من 20 ألف سنة وهذا يعني أن سلالة الجماجم القديمة تختلف كلياً عن الجماجم الحديثة، وهذا قد يثبت شيئين أولهما أنه قد يكون الله أرسل أكثر من آدم وكل واحد تطور ووصل إلى مرحلة جنونية مثل مرحلتنا ودمر نفسه وانتهى ... والأمر الثاني أنه لا صحة لنظرية النشوء والارتقاء التي أتى بها دارون وقال إن أصلنا قرود.

الله قد يكون خلق آدم وأرسله إلى الأرض ليعمرها وبعدها طغى وتجبر وخرب نفسه كما نفعل الآن بالقنابل النووية والأسلحة الليزرية والكيميائية والجرثومية.

وبقيت الأرض فترة طويلة في شتاء نووي إلى أن تنظف وبعدها يرسل الله آدم آخر وهكذا حتماً لم يكن هناك مخلوقات قبل عشرين ألف سنة لأن الأرض كانت متجمدة والدفء بدأ في بعض الأماكن منذ ذلك التاريخ تقريباً.

إذاً الحالة مظلمة وقاتمة ولا مستقبل للبشرية ضمن الأوضاع الراهنة فالتطرف موجود عند الجميع، والجشع يتحكم بالكل ولا احد يتراجع أو يحاول التفاهم والاحتكام إلى السلاح هو الشريعة الموجودة.

 

ما هو الحل؟

 

1. إبعاد المتطرفين قدر الإمكان عن مكان الحل والربط

2. الترويج لفكرة أننا من سلالة واحدة وهذه السلالة أصلها من تراب وسوف تعود للتراب.

3. إقحام لغة الحوار والإقناع بدل لهجة الإملاءات والعنجهية.

4. لا يوجد أحد أحسن من الآخر والذي يفضل الواحد عن الآخر هو العمل الصالح.

5. التنافس الحر الشريف بالعمل والخدمة.

6. المحافظة على البيئة لأنها تزودنا بالطعام والكساء والهواء وأي تلويث فيها يؤثر على الجميع.

7. التخلص من أسلحة الدمار الشامل.

8. الاستخدام السلمي للمواد المشعة وعدم تلويث مخلفاتها للبيئة.

9. الصحة للجميع حسب الإمكانيات.

10. الطعام للجميع وكذلك الكساء والسكن.

وبهذا نكون جديرين بخلافة الأرض وتعميرها وعدم تلويثها وهي لن تبخل علينا بشيء. إذاً التطرف هو مشكلة، وأول من باشر به هم اليهود ثم المسيحيون والآن دور المسلمين والهندوس وغيرهم وهناك تطرف ديني وقومي وعرقي ولوني ومهني ... و لكن كله تطرف يجب الابتعاد عنه قدر الإمكان وكما تريد لنفسك أن تعيش يجب أن تكون لديك قناعة بأنه يجب أن يعيش غيرك ويأكل وعنده كرامة كما يقال أحب لأخيك ما تحبه لنفسك وبهذا ترتاح نفسياً وجسمياً وعقلياًَ.

المصدر: http://albahethon.com/?page=show_det&select_page=49&id=586

الأكثر مشاركة في الفيس بوك