دور الإسلام في تطور الحضارة الإنسانية

دور الإسلام في تطور الحضارة الإنسانية
بقلم: أشرف ألسهلي
دور الإسلام في تطور الحضارة الإنسانيةويشار الى ان الحضارة الإسلامية في الأندلس وصلت الى ذروة مجدها وعظمتها واتساعها ، وصارت قبلة القاصدين لطلب العلم والمعرفة ، والدراسة في وقت كانت فيه اوروبا غارقة في جهل مدقع وتخلف حضاري ، وقد شهدت الاندلس تطوراً نوعياً في مجالات العلوم والفنون والاداب والدراسات المختلفة ، وامتزجت ثقافات مختلفة في ارض خصبة في ظل لواء الإسلام فأثمرت ثقافات واسعة وفكراً متطوراً ، وكانت فترة الازدهار والإسلامي في العصور الوسطى ، ووصل العطاء الفكري الى ذروته في القرنين الثامن والتاسع الهجري ، ومن الأعلام البارزين ابن خلدون العالم والمؤرخ والفيلسوف ، واعتبره كبار رجال الغرب واضع اصول علم الاجتماع وفلسفة التاريخ . وتعتبر مقدمة ابن خلدون التي أتت في كتابه (العبر ) من ابرز مآثره الحضارية ، حيث اظهر دور الدولة وخواصها وطبائع كل دولة ، وحدد نشأة البلدان ، وبذلك كانت مقدمة ابن خلدون بمثابة مؤشر هام عند شعوب الغرب قبل الشرق ودلالة واضحة على عبقريته ودوره الهام في بناء الحضارة الانسانية .

وكان للعرب والمسلمين بصمة خاصة في الحضارة الانسانية في مجال الجغرافية ، فقبل نحو تسعمائة عام وضع الشريف الإدريسي للعالم القديم أقدم خريطة عالمية جغرافية صادقة عرفها التاريخ الانساني ، وقام بتأليف كتاب (نزهة المشتاق في اختراق الافاق ) يشرح فيها الخريطة ونتائج بحثه ، ليؤكد من خلالها بان الارض مكورة على شكل بيضة يحيط بها ماء عوضاً عن الاعتقاد بانها كروية ، الامر الذي جعل العالم الالماني " كونراد ميللر" يؤكد اهمية خريطة الادريسي واعتبرها مرجعاً اساسياً لعلم الجغرافية .

كما رفد العرب المسلمون الحضارة الانسانية يمؤلفات قيمة في الموسيقا بلغ بعضها الذروة ، ولاتزال من المصادر المعتبرة جداً في تاريخ الموسيقا ، ويعترف الباحث الغربي " فارمر" بان علماء العرب لم يأخذوا بآراء الذين سبقوهم إلا بعد أن تبينوا وتمحصوا ، وقد اعترف علماء الغرب بان الفراهيدي والفارابي وابن سينا وغيرهم زادوا على الموسيقا اليونانية وادخلوا عليها تحسينات اساسية .

وأكد الباحث الغربي ( سارطون ) "إن كتاب الموسيقا للفارابي أهم كتاب ظهر في الشرق يبحث في نظرية الموسيقا ...". وفي مجال الطب والكيمياء يعتبر العلماء والمفكرين العرب المسلمين من أوائل من ساهموا في تطور علوم الطب والكيمياء في العالم ، حيث ترك ابن سينا ذخيرة كبيرة في هذا المجال ، فكتاب القانون في الطب الذي ألفه ابن سينا يعتبر من اشهر الكتب التي تم تدريسها في الجامعات والكليات العالمية في منتصف القرن السابع عشر ، حيث تضمن الكتاب المذكور اكتشاف ابن سينا الطفيلية في الانسان والتي تسمى الان ( الانكلستوما ) ، وكذلك المرض الناشىء عنها المسمى بمرض الانكلستوما ، وهذه العدوى تصيب الكثير من سكان العالم ، وقد سمى ابن سينا هذه الطفيلية باسم الدودة المستديرة ، ولابن سينا مؤلفات كثيرة في علوم الطب وغيرها من اهمها: كتاب الشفاء ، وكتاب النجدة وكتاب النجدة وكتاب الارشادات والتنبيهات .

ومن العلماء العرب المسلمين الذين ساهموا في تطور الطب على المستوى العالمي ابو بكر الرازي ، الذي لقب بابي الطب العربي ، ومؤلفاته في الطب اكثر من مؤلفاته في جميع فروع المعرفة ، وبعد الطب تأتي مؤلفاته في الكيمياء من حيث الاهمية ، واشهر كتبه الكيميائية كتاب ( سر الاسرار ) الذي بقي مرجعاً اساسياً لمدة طويلة من الزمن ، لقد الفَّ ابو بكر الرازي عدد كبير من الكتب منها : (56) كتاباً في الطب ،و(33) كتاباً في العلوم الطبيعية ، و(8) كتب في المنطق ، و(10) كتب في الرياضيات ، و17) كتاباً في الفلسفة ، و(6) كتب في علوم ما وراء الطبيعة ،و ( 13) كتاباً في الكيمياء ، و(10) كتب في مواضيع مختلفة .

ومن العلماء العرب المسلمين الذين اسهموا في الحضارة الانسانية الكندي الذي كان متعدد المواهب وموسوعي المعرفة ، حيث كتبَ في الرياضيات والموسيقا وعلوم الطبيعة والطب والفلك والهندسة ايضاَ . اضافة الى ذلك يعتبر جابر ابن حيان من أكثر العلماء المسلمين نتاجاً للكتب مما جعله يتبوأ مكانة مرموقة ، وله كتب عديدة خاصة في الكيمياء والمنطق والفلسفة ، وقد خالف ارسطو في نظريته عن تكون الفلزات في باطن الارض ، وأكد جابر على أهمية التجربة في الحياة العملية لما لها من فوائد عظيمة .

وفي مجال الفلسفة يعتبر الغزالي من اهم أعلام المسلمين في هذا المجال ، وهو مدافع صلب عن الاسلام بالحجة والبرهان ، وصاحب خيال رائع بديع ، ويعتبر من اعظم فلاسفة العرب ، حيث قام بالبحث عن الحقيقة مبتدئاً بالشك حتى يصل الى اليقين ، وقد تم ترجمة العديد من كتب الغزالي الى اللغة الانكليزية والفرنسية ومنها كتاب (مدخل السلوك الى منازل الملوك ) ، ومن بين تلك الكتب التي تمت ترجمتها أيضاً ، كتاب المقصد الاقصى في شرح اسماء الله الحسنى ، حيث كان يستشهد في كتاباته يالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة .

ومن فلسفة الغزالي انه يؤكد بانه ليس في الوجود موجود حقيقي الا الله وان كل ما سواه مستمد وجوده منه ، وصرَّحَ بهذا المعنى في كتب عديدة: ( إنه ليس في الوجود الا الله وآثاره ، والكون كله من آثاره ). ومن العلماء العرب المسلمين الذين اسهموا في مجال تطور الفلسفة في اطار الحضارة الانسانية الكندي الذي قال:" الفلسفة هي علم الاشياء بحقائقها بقدر طاقة الانسان ، أي الجهد الذي يبذله الانسان كيما تماثل أفعاله ). كما قال عن الفلسفة " بانها صناعة الصناعات وحكمة الحكم ".

ولم يبخل علماء المسلمين في رفد علوم الطبيعة والرياضيات والبصريات والضوء بآثارهم العلمية ، وتعتبر البصريات من عوامل تقدم الاختراع والاكتشاف ، وان كثيراً من الات البصر والكهرباء تعتمد في صناعتها على قوانين الضوء ، وفي هذا السياق تشير الدراسات التاريخية الى ان كتاب ( تراث الاسلام ) يؤكد مايلي : " وصل علم الضوء الى اعلى درجة بفضل ابن الهيثم ... وثبت أن العالم ( كبلر) اخذ معلوماته في الضوء وبخاصة فيما يتعلق بانكساره في الجو من كتب ابن الهيثم ". وقد أسهم ابن الهيثم بآثار كبيرة على مستوى الحضارة الانسانية في طب العيون وعلوم الرياضيات والطبيعة وعلم البصريات ، وقد قال العالم ( ماكس مايرهوف ) :" إن عظمة الابتكار الاسلامي تتجلى لنا في البصريات .

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك