حوار الحضارات ...مع من ؟ ولمصلحة من؟
حوار الحضارات ...مع من ؟ ولمصلحة من؟
إعداد
سامر عبده عقروق
منسق
البرنامج الأكاديمي لدراسات الهجرة القسرية
لا بد لنا في البداية أن نتحدث في مقدمة بسيطة حول عدد من المفاهيم الأساسية لمعنى الحوار:
1. ما المقصود بالحوار؟
هو تناول القضايا المهمة المتعلقة بالأفراد، والجماعات، والأحزاب، والمجتمع بأكمله، من خلال تبادل الأفكار الخاصة بمجمل القضايا اليومية القصيرة والطويلة المدى ، وذلك بأسلوب حضاري متقدم ، والهدف هو خلق الحد الأدنى من اللقاء في حالات العجز أو الاتفاق التام في الحالات الايجابية.
لماذا نتحاور؟
يتحاور الأفراد والجماعات عادة لتوضيح وجهة نظر ، نقل فكرة، وتوضيح أمر والاتفاق ، وكل ذلك من أجل عدم الوصول إلى مرحلة الصراع.
2. وسائل الحوار.
للحوار عدة وسائل تعارف عليها عالمنا المعاصر ، ومنها:
- الحوار المباشر من خلال لقاءات عابرة أو لقاءات منظمة ( الندوات ، المؤتمرات ، ورش العمل والدورات التدريبية).
- من خلال الحديث الشفوي بين الأفراد.
- من خلال الوسائل المكتوبة أو المسموعة.
- من خلال الوسائل المرئية كمحطات التلفزه والأقمار الفضائية وشبكات الانترنت.
3. عناصر هامة للحوار.
حتى يكون الحوار ناجحا وبناءا لا بد أن تتوفر في أجوائه عدة أمور ، تعتبر أساسية ، ومنها:
- اللغة المشتركة ( في عالمنا الحالي تستخدم وسيلة الترجمة الفورية).
- احترام المحاورين لبعضهم البعض.
- رصانة واتزان لغة الحوار والمتحاورين.
- حسن الاستماع والإصغاء.
- المرونة وعدم التعصب أثناء الحوار.
- استخدام اللغة اللبقة واللائقة.
- احترام الفكر والفكر الأخر.
- أن لا يكون هدف الحوار هو فرض الرأي أو الرأي الأخر.
4. مجالات الحوار.
يتحاور الأفراد والجماعات عادة ، ليس من اجل الحوار ( البيزنطي) أي عدم الوصول إلى نتيجة ، ولكن من اجل توضيح وجهة نظر ، تخطي عقبة ما ، حل إشكال ما ، والوصول إلى نتيجة ، ومجالات الحوار كثيرة ، منها:
- حوار سياسي (تفاوض).
- حوار اجتماعي بتفرعاته المختلفة ( القانونية والثقافية والتعليمية والاقتصادية والصحية وغيرها).
- حوار حضارات.
صراع أم حوار الحضارات؟
يشير الباحثون والدارسين لهذا المجال أن سبب نشوء ما يسمى حوار الحضارات في نهاية القرن العشرين ، هو كون مجمل الحضارات قد تصارعت خلال قرون طويلة ولأسباب مختلفة،
وحسب صامويل هنتنجتون Samuel Huntington ( أن صراع الحضارات ناتج عن اختلاف ثقافات واديان الشعوب ، وهي السبب والمصدر الأساسي لصراع الشعوب).
ولتوضيح الأمر ، فان الصراع هو:
(تضارب المصالح والحاجات والقيم والمصالح ، والصراع يمكن أن يكون فرديا داخل الفرد نفسه ، أو جماعيا داخل فئات المجتمع الواحد ، كالصراع بين الفئات الطبقية أو السياسية أو غيرها ، وغالبا يصل بالمجتمع إلى حالة اللجوء إلى وسائل غير محمودة النتائج ذات الآثار التدميرية والدموية).
ولتشجيع الأمر ( الحوار بين الحضارات) تبنت الأمم المتحدة عدة قرارات لدعم هذا الحوار ، وكذلك عقدت عدة مؤتمرات وأسست عدد من الوكالات، واهم ما عملت من أجلة ، هو:
- ضرورة بذل الجهود الدولية ، الجماعية، من اجل تطوير العلاقات بين الأمم ، وإزالة
- تهديد السلام وتعزيز التعاون الدولي في حل مختلف القضايا التي يتعرض لها العالم.
- التأكيد على أن المنجزات الحضارية ، للجنس البشري، هي ملك للجنس البشري كله ، وهي مؤشر للتعددية الثقافية والتنوع البشري الخلاق والمبدع.
- حقيقة أن التفاعل والتعاون الايجابي بين مختلف الحضارات قد بدءا منذ أقدم العصور واستمر على الرغم مما أحاط به من حروب وصراعات.
- التأكيد على أهمية التسامح ما بين الشعوب وفي العلاقات بين الدول والحضارات المختلفة.
- التأكيد على أن مبدأ التسامح هو الوسيلة لتحقيق حصول الإنسان على حقوقه والعيش برفاه اجتماعي.
- التأكيد على أن كافة المنجزات الحضارية هي ملك للجنس البشري باجمعه
مفهوم حوار الحضارات.
يقوم هذا المفهوم على أساس التقاء مختلف شعوب الأرض ، بغض النظر عن اللون والعرق ، والتوجه لسياسي والاقتصادي ، وبغض النظر عن الشمال والجنوب وغيرها من المبررات ، اللقاء من اجل بناء السلام والتعايش وخلق أفاق وفرص التسامح والعيش بسلام ، وكذلك التشارك بالإرث الحضاري ألذي يعيشه عالمنا.
(هو الحوار القائم من خلال التشاور والتفاعل الثقافي والفكري بين مختلف الشعوب ، وهو مدى القدرة على خلق وإيجاد الأجواء المناسبة بين مختلف الأفكار والمعتقدات ، والقدرة على التجاذب الايجابي بين مختلف الثقافات والأديان والسياسات).
ما هو الهدف من حوار الحضارات؟
تشير معظم المؤشرات والنتائج لعدد كبير من الدراسات والأبحاث إلى أن اهتمام الأمم المتحدة وعدد كبير من قادة دول العالم بفكرة حوار الحضارات قد جاءت لعدة أسباب ، منها ما هو معلن عنه ومتداول ، ومنها ما هو مخفي ولا يتم الحديث عنه،
الأسباب المعلن عنها:
- وقف التدهور الحاصل في العالم في علاقات بين الأقطاب المختلفة ، والناتج عن عدم احترام الرأي والرأي الأخر وانتهاج عدد من الدول لسياسية الفرض بالقوة ، واللجوء إلى الحلول السلمية.
- الانهيار الحاد لممارسات حقوق الإنسان والانتهاكات التي يتعرض لها الإنسان.
- وقف، والحد من الفجوات الحاصلة بين الحضارات المختلفة نتيجة للاختلاف الثقافي والديني.
- بناء جسور من العلاقات والتواصل والتعارف بين الشعوب من خلال التسامح المجتمعي والديني والثقافي. (الإسلامي).
- تحقيق الانتقال والحراك الثقافي بين مختلف الحضارات.
أما الأسباب غير المعلن عنها ، فهي:
- تكريس سيطرة القوى المتنفذة في العالم.
- تحقيق السيطرة الاقتصادية والثقافية وما ينتج عنها على العالم من خلال سياسة القطب الواحد.
- تهميش دور الأديان في المجتمعات بهدف الحد من تأثير احد الأديان ومدى تأثيره على معتنقيه.
- إيجاد لغة واحدة ثقافية تحدد مفاهيم تخدم واضعي هذه السياسات.
اطر الحوار ونطاقه.
يغطي الحوار المقترح ، والذي عقدت من اجله العديد من القمم العالمية ، والمؤتمرات الدولية والإقليمية ، مجموعة من المحاور أهمها:
- الحوار الديني ، ويهدف هذا الحوار إلى الحد من الفجوة ( الفجوات) الناتجة عن اختلاف وجهة نظر الأديان في عدد من القضايا.
- الحوار السياسي ، وما يتضمنه من تكريس لعدد من المفاهيم الهامة مثل توحيد المواقف في القضايا الدولية الهامة ، وإيجاد الحلول دون اللجوء إلى الحرب والعنف وغيرها.( والخطر بنفس الوقت أن هذه الأمور تكرس ، سياسة القوي والضعيف ، ومن يملك ومن لا يملك ، والسيطرة الإعلامية والاقتصادية).
- الحوار الاقتصادي ، وهو حوار قائم على مفاهيم قائمة على التعاون والتشارك في المشاريع الدولية وتعزيز التعاون الإقليمي بين مختلف الشعوب.
كيف نحقق حوار الحضارات.
- الاتصال المباشر بين الشعوب دون وجود أفكار سلبية مسبقة.
- وسائل الأعلام والنقل الموضوعي العلمي والثقافي.
- لقاء المفكرين والمبدعين بين مختلف الشعوب.
- الترجمة للأعمال الإبداعية والتعريفية لمختلف الشعوب.
- النشر العلمي والحيادي والموضوعي للأفكار والمعتقدات الخاصة بالأديان.
- النقل للمفاهيم الحضارية والتقنية المتقدمة التي تخدم تقدم الشعوب.
- التبادل التجاري والعلمي للأبحاث والدراسات المتقدمة ، وخاصة في المجالات التطبيقية.
- التبادل الثقافي والفني المتبادل والهادف إلى التعريف بالثقافة السائدة وحضارة الشعوب ذات العلاقة.
لا بد أن نشير إلى عدة أمور لإنجاح حوار الحضارات، منها:
- إيمان المتحاورين بمبدأ التعددية الثقافية والفكرية والدينية.
- الاعتراف بتداول الحضارات وتفاعلها والاستفادة من بعضها ، بمعنى ثقافة وتقدم علمي للجنس البشري.
- قبول الأخر قبولا تاما.
معوقات الحوار بين الحضارات؟
- عدم الفهم الكامل ، بل والمتحيز أحيانا للمعتقدات والمواقف الدينية.
- تأثير مبدأ العولمة والسيطرة الاقتصادية .
- سيادة نظام القطب الواحد في العالم.
- التسارع في التسلح وبالتحديد المخاطر النووية.
- الكيل بمكيالين في العديد من القضايا بين الشعوب مما يسبب مزيد من التوتر.
- الكيل بكيالين في العديد من قضايا الصراع المركزية في العالم.
- الصراع بين التكتلات المختلفة في العالم (الصين ، أمريكا ، روسيا وغيرها).
- المصدر: http://www.najah.edu/ar/page/3513