حوار وطن أم حوار وهم؟
حوار وطن أم حوار وهم؟
إن ما يرقي الوطن، ليس التباهي بالعمارة المادية أو الطرق العملاقة أو الجسور الجبارة، إنما بالعمارة الإنسانية التي تأتي بالثقافة العالية، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بالحوار الصريح لدفع عملية التقدم والمساواة بين أطياف المجتمع المدني مهما كان الاختلاف سواء عقائدي أو فكري، لا بد من كلمة سواء تجمع لحمة الوطن.
إن من سلوكيات مجتمعنا المحافظ عدم تقبل الحوار الصريح من الطرف الآخر مهما كان في حقيقة أمره، ودائماً ما يخضع لمسلمات ليس لها أصول ثابتة، إنما اجتهادات فردية.
نحن نسمع عن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وما قام به من لقاءات فكرية وثقافية وعقدية، لكن لم نرَ النتائج المثمرة، ولم يفِ بالغرض المطلوب، والمنشور فيه بل لا زالت هناك صراعات أيدولوجية تسعى لتفرقة الوطن وتعرقل مفهوم المواطنة.
حين نسمع رأي المواطن ونبدأ بنقاش حول المجتمع نجده لا يعي مفهوم الطرف الآخر ربما لا يعترف بوجوده ذاكراً الخلافات التي نشأت منذ مئات السنين من أمم كانت قبلنا ولا زلنا نعيش صراعها.
ومن الإشكاليات أيضاً، تكريس عقول الشباب منذ الصغر على الكراهية برغم محاولة المركز بوضع أسس وآليات لحوار الأسرة وتربية الناشئة على التسامح، لكن على ما يبدو ثقافة الحوار لم تصل لعقول الآباء حتى الآن فما بالك بالأبناء!
كيف ينجح الحوار الوطني وهو يستضيف رموزاً تلطخت عقولها على ثقافة الكراهية، من المفترض استضافة جيل جديد مثقف من الشباب، حيث إن الأمر يحتاج لحوار وطني راسخ لا وهمي كما يحدث الآن من تكوينه الميداني الضعيف.
نعم قدّم المركز حلولاً كثيرة لكنه لم يقدِّم الحلول المهمة والكافية، يبدو أنه يستعمل نظرية الكم لا نظرية الأهم!
لا بد من إعادة صياغة المركز من جديد وتغيير جذري في النخب، وتوسيع النشاط أكثر فأكثر وأن يكون العمل خالصاً للوطن ولشعبه النبيل، بهذا قد قضينا على كثير من المعوقات الكبيرة، ويصبح المواطن ذا حس عالٍ من الثقافة والفكر مما يؤهله لفهم المواطنة الحقيقية التي تجمع كافة أطياف الشعب من غير فروقات عقدية وطائفية، فلكل منا طائفته وعقيدته وفكره، والأهم: أن يسع الوطن الجميع، والمحافظة عليه باسم الوطن لا باسم أيدولوجيا أو مذهب أو قبيلة.
ومن نجاح عملية الحوار أيضاً تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع، بقدر نسبي بسيط، بحيث لا توجد فروقات شاسعة بين طبقات المجتمع الثلاث، فقلما تقاربت مع بعضها البعض قلما نتج لنا حس قومي متين يحقق لنا أهدافاً وطنيةً راسخة.
لذا نريد حواراً وطنياً شاملاً خالياً من النفاق والوهمية، مبنياً على الصراحة والحقيقة، والأهم الشفافية بلغةٍ تستوعبها كافة شرائح المجتمع، لينتهي الإرهاب المادي، الذي أتعب كاهل المجتمع وجعله لا يفكر بشيء سوى المادة.
المصدر: http://www.albiladdaily.com/articles.php?action=show&id=11067