شروط الحوار الناجح
أحمد الراوي
إن ممارسة الانفتاح والحوار مع الآخرين ليس هدفا في ذاته، إنما الهدف من ورائه هو تحقيق التواصل والتقارب، كما أن الحوار الذي لا يلتزم بشروط موضوعية لا يحقق النتيجة المرجوة منه، بل على العكس قد يؤدي إلى التنافر والتباعد. وإذا أردنا أن نعدد الشروط الضرورية للحوار الناجح، فإنه يمكننا ذكر ما يلي:
أـ الإيمان بوجود الآخر إذا أردت أن تحاور طرفا معينا، فإن ذلك يقتضي بأن تؤمن بأن له وجودا وكيانا، إذ إنه من الاستهانة أن تتعامل مع فرد أو جهة على أساس أنها تمثل ثقلا معينا، وأنت تشعر في قرارة نفسك بعكس ذلك، ومهما حاولت إخفاء ذلك الشعور السلبي، فسوف يبرز بشكل إرادي أو غير إرادي، وعند ذلك سيؤدي إلى ردة فعل سلبية من الطرف الأخر، وربما يؤدي إلى القطيعة، فضلا عن أن التعامل مع الناس بهذا الأسلوب يتنافى مع مبادئ الأخلاق الإسلامية، وفي هذه الحالة يصبح عدم التعامل مع الجهة التي لا نؤمن بجدوى التعامل معها، خيرا من أن نبدي لها اهتماما لا نشعر به حقا تجاهها. وقد تكون فعلا الجهة التي ترغب في التواصل معها لا تمثل في موازينك، ومقاييسك قيمة وأهمية، ولكن لك معها مصلحة محددة أو غرض معين يجعلك تتعامل معها، وفي هذه الحالة أصبحت تلك المصلحة، أو ذلك الغرض مبررا للإيمان بوجودها على الأقل بمقدار ما ترجوه منها. على أنه ينبغي التنبيه على الاعتراف بكيان الآخر ليس معناه التسليم بمبادئه ومواقفه.
ب ـ التعرف على الآخر إن من مقتضيات الحوار والتواصل أن تتعرف على ما تريد محاورته، لأن سعيك للتعارف يحقق مجموعة من المصالح تدعم قضية الحوار وتحقق ثمرته. ـ فالتعارف من جانبك يشعر الطرف الآخر باهتمامك به، وبالتالي بتواضعك وعدم تعاليك على من تحاوره، وقد أشار القرآن الكريم لهذا المعنى، في قوله تعالى :{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، والتعارف هنا في الآية هو سعي مشترك بين طرفين، كل يسعى من جانبه للتعرف على الآخر.
ج ـ التعارف يساعدك على اكتشاف الآخر، وبالتالي اختيار أفضل الأساليب والطرق للتواصل معه، وتجنب كل ما من شأنه أن يثيره أو يجعله يقع في ردود أفعال سلبية، وقد يقع الإنسان في إساءة غيره من غير قصد منه، بسبب مصادمته بعبارة أو طريقة غير مناسبة لم يحسب لها حسابا، ولم يراع فيها خصوصيات من يخاطبه، وفي ضوء هذا نفهم التوجيه النبوي القائل : (خاطبوا الناس على قدر عقولهم، أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله).
المصدر: جريدة المحايد
المصدر: http://alwihdah.com/fikr/adab-hiwar/2010-04-26-1537.htm