الحوار مع الأخر

الحوار مع الأخر

 السعودية / د. أسماء بنت راشد الرويشد

كثر الحديث عن الحوار مع (الآخر) والاعتراف بـ (الآخر)، والتقارب مع (الآخر) إلى درجة يكاد ينسى المسلمون فيها حق أنفسهم، حتى إنه يصل الأمر إلى التنازل والانفتاح السلبي على (الآخر).

 

ويحق لنا أن نتساءل: لماذا الاهتمام بـــ(الآخر) و(الآخر) ليس في حاجة إلى اهتمامنا، ولا هو مهتم بنا؟

فمن قائل: يجب أن نُقسط مع (الآخر).. ومن قائل: يجب أن نعترف به.

ونتساءل: لماذا لا يكون الأمر على عكس ذلك، بأن يقسط (الآخر) معنا، ويعترف بنا؟؛ فهو الظالم المعتدي المنكر لحقوقنا، فلا بد أن نحدد موقف الآخر منا لننطلق لتحديد موقفنا منه.

ومن قائل (أيضاً): "يجب أن ننفتح على (الآخر)"، وهل هناك انفتاح أكثر مما نحن فيه؟!

والعجيب المؤسف أننا نجد من أبناء الإسلام من صدر نفسه للدفاع عن (الآخر)، والتحدث بلسانه، تحت ضغط قوة (الآخر) أو الولاء له. 

فلا بد من التأكيد على أن أهم أساس للعلاقة مع (الآخر) هو الأساس الديني؛ وبناءً على ذلك تحدد علاقتنا معه إنسانياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، وغير ذلك من المصالح المادية، وأهم آليات العلاقة الدينية هي دعوته للإسلام. والله تعالى يريد أن تكون دعوتنا الآخر قائمة على الحجة وصدق النية ووضوح المنهج. والذي يستعرض القرآن في موضوع التعامل مع (الآخر) يجد أن الله - تعالى - قد وضع له منهجا متكاملا متماسكا، فهو يحدد لنا: من هو (الآخر)؟، ثم يدلنا: كيف تكون العلاقة معه؟ ويعطينا خطوات التواصل معه وحواره. فلنستمع إلى هذه الآيات البينات في أسلوب راق من أساليب الحوار: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (64) سورة آل عمران.

لقد عرضت هذه الآية الكريمة أسس الخلاف مع (الآخر) وأخطر قضاياها، وحددت الموقف الإيماني الحاسم منها.

وقوله تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً} { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (47-48) سورة النساء.

فليست دعوة (الآخر) إذن دعوة إلى التقارب معه، فأي تقارب بين التوحيد والشرك؟!. إن ذلك هو جوهر الخلاف مع (الآخر)، فأنى يكون بين التوحيد والشرك عوامل مشتركة؟!.

إننا في حاجة إلى أن نضبط فكرنا ومنهجنا بحقائق الإسلام ونور الكتاب والسنة، وأن ندفع عنا مشاعر الضعف والانهزام أمام (الآخر) والتمسح في أعتابه.

يجب ألا يدفعنا الإحباط والهوان إلى أن نتلمس النجاة عند (الآخر). إن سبيل النجاة بينه الله لنا وفصله، ليبتدئ من ذواتنا حين نتجه إلى الله ونغير ما بأنفسنا، وننطلق على صراطه المستقيم.

إن الإسلام علمنا كيف نحترم أنفسنا، وكيف نتعامل مع الناس كلهم، ونحمل لهم رسالة الله، نبلغهم إياها ونتعّهدهم عليها، فبها نحكم ونجادل، ولها نوالي ونسالم، وفيها نعادي ونحارب.

المصدر: http://www.asyeh.com/ArticDet.asp?Articals.aspx=433

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك