التعايش فى مناطق التماس

التعايش فى مناطق التماس

الخرطوم : نبوية سرالختم – فاطمة رابح

 

تعاني المجموعات المتعايشة في مناطق ذات موارد مشتركة من حالات تحفز دائمة وحالات إحتقان جراء المواجهات التي تنشأ بينها بين الحين والآخر بسبب هذه الموارد كما انها تكون في حالة دائمة من الإستنفار في رحلتها الدائمة للبحث عن تلك الموارد، هذه الحالة من التنافس والتحفز والإحتقان يولد مع مرور الوقت إحساس دائم بضرورة التصادم لجعل عملية الصراع هي العملية الوحيدة والمطلوبة والسائدة والفعالة لحسم هذه الحالة ويعزز هذا الإتجاه مركزية التنمية بإهمال السلطات المسيطرة عليه الإطلاع بدورها في تنمية هذه المناطق مما يجعل إنسان هذه المناطق هو الأكثر تخلفاً والأقل حظاً في الحياة الآمنة والمستقرة، ماسبق من تقديم مثل مدخلاً لورشة عمل حول دور التعايش السلمي في دعم التنمية والإستقرار الذي نظمته المبادرة السودانية للتعايش السلمي ودعم التنمية بالتعاون مع منظمة أفريقيا العدالة إختتمت أعمالها أمس الأول والذي قدمت فيه ورقتان الأولى عن الفقر وفرص التنمية قدمها السر مكي والأخرى عن المصالحات والتعايش السلمي لأتيم سايمون بجانب مداخلات وتعقيبات لكل من البروفيسور قاسم إبراهيم وزكريا دينق مجوك ومحمد عيسى عليو وآخرين .

وقبل أن نشير إلى ماورد بالورقتان ومداخلات المشاركين لابد ان نستصحب المعادلة التي رسمتها المبادرة والتي تحوي شقين هما ما يعنيه التعايش والمجموعات المتعايشة والمناطق ذات الموارد المشتركة وما يمكن ان تخلقه هذه المعادلة.

تقول المبادرة في ملخص فكرة هذه الورشة ( تحصلت الشاهد على نسخة منها ): ( كان الهدف الأساسي للمجتمعات الإنسانية والجماعات هي البحث عن شكل من اشكال الحياة يلبي إحتياجاتها ويشبع رغباتها المستمرة في مقابل موارد محدودة ناضبة او متجددة بما يذكي عملية الصراع من أجل الظفر بأعظم فوائد الحياة ويمثل إتخاذ الصراع بأشكال ثقافية وإثنية الترجمة المباشرة لعملية التنافس على الموارد الكفيلة بإستمرارية الحياة كما ان نقل الصراع إلى هذا المستوى الوهمي هوالخطوة الأولى في عملية المصادرة على أشكال الحياة الطبيعية فالمجموعات المتعايشة حسب الورقة يعنى بها المجموعات الإجتماعية المتباينة إثنياً والتي تقطن منطقة واحدة ولايوجد رابط بينها سوى وجودها في منطقة جغرافية واحدة ويزخر السودان بعدد كبير بهذا الوصف ويصل حد الإختلاف إلى اللغة والدين والإنتماء الإثني حتى هذا الأخير قد يكون مفصلاً لقبائل.

اما المناطق ذات الموارد المشتركة فيعني ان المجموعات آنفة الذكر تشترك في شغلها رقعة معينة من الأرض وتستخدم مواردها المتاحة حسب حاجتها ويؤدي شح هذه الموارد إلى بروز خاصية التنافس الناجمة من إختلاف الأصول العرقية مما يؤدي إلى بروز الصراع وتعكس مناطق التماس في الحدود الفاصل بين الجنوب والشمال مثل هذه الإشكالات فتلك القبائل التي تقطن المناطق المذكورة تكون في حالة تحفز دائم كما يمكن ان يقود المنطقة إلى مايسمى بمحرقة الموارد.

وعن الفقر وفرص التنمية  في هذه المناطق ( التماس ) وهي موضوع الورشة يقول السر مكي في ورقته الفقر وفرص التنمية: أن مناطق التماس تعد من أكثر المناطق تخلفاً في كل المجالات لغياب فرص التنمية والإستقرار مما كان له دور رئيسي في كل الصراعات التي شهدتها المنطقة في السنوات السابقة كما لم تجد حظها طيلة كل المراحل التي أعقبت حل الصراعات مناقشة قضاياها على كافة المستويات.

ويذهب إلى أن الفقر يشكل محور رئيسي لكل العقبات الموجودة امام فرص التنمية التي يفترض توفرها هناك فالفقر ليس حالة إستثنائية لكنه ظاهرة عرفتها كل الامم والشعوب والحضارات منذ بداية التأريخ ويختلف من مجتمع لآخر لإختلاف الزمان والمكان وثقافة هذا المجتمع ويشير إلى أن هنالك حدود لهذا الفقر فهناك فقر مطلق ومزر أو مدقع وبمعناه الواسع الذي إتفقت عليه منظمات الامم المتحدة هو ان يعيش الإنسان يومه بدخل أقل من 1.5 دولار ويضيف إليها انه يفتقد إلى توفر الخدمات الأساسية ممثلاً في الصحة والتعليم والرعاية الصحية بجانب إفتقاده للسكن الملائم وبيئة خالية من الملوثات وغيرها ويذهب إلى أن الأمر المريع في أمر الفقر بالسودان ليس ذيادة نسبة الفقر والفقراء لكن الامر المريع فيما يمكن ان يولده من شعور بالغبن والظلم وهذا في رأيه يمكن  ان يولد عنف او نهب مسلح او مشاكل إجتماعية اخرى وعن أسباب إنتشار الفقر بالسودان في السنوات الأخيرة يقول انها تتلخص في عدة اسباب منها الصراعات وسياسة التحرير الإقتصادي في ظل إنخفاض الدخول والسياسات المالية التي تقوم على التوجه الإيرادي للدولة والإنفاق العام مما أسهم في عدم توفر الخدمات على رأسها مجانية التعليم والقضاء على التدريب المهني الذي حكم على الأسر بأبدية الفقر هذا بجانب عوامل اخرى تتمثل في إهمال القطاع الزراعي والتنمية الريفية وضعف التنمية البشرية وإذدياد معدلات البطالة ويذهب إلى أن الفقر لايعني عدم المساواة ولكنه قد يكون نتيجة لإختلالات، لان مفهوم عدم المساواة يشير إلى المستوى النسبي على نطاق المجتمع بحصول طبقة او فئة من المجتمع على نصيب أكبر من الثروة هنا يكون مستوى الفقر عالياً لدى الفئات الأخرى من المجتمع وهذا يدخلنا إلى مناقشة قضية الفساد والذي هو اخطر عقبة امام التنمية المستدامة وهنالك عوامل يرى انها تساعد في إستشراءه في المجتمع منها وجود سلطات تعزيزية عند التنفيذيين تسمح لهم ببعض الممارسات لمصلحة ذاتية بجانب ضعف المرتبات وضعف المحاسبة والعقاب وغياب الشفافية وإستغلال النفوذ و الصرف خارج الموازنة وغيرها وينمو الفساد بهذه العوامل في ظل غياب الديمقراطية وضعف النقابات والحجر على منظمات المجتمع المدني.

وعن فرص التنمية يشير إلى تجربة بنك جرامين للبروفيسور البنغلاديشي محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلام والذي إستطاع بفكرة متواضعة إخراج ما يربو على سبعة مليون مواطن من دائرة الفقر إلى دائرة الكفاية والوفرة عن طريق ما يعرف بالتمويل الأصغر فقد اسس جرامين مصرفاً صغيراً عام 1983 ويعني بالبنغالاديشي مصرف القرية وهو أول بنك على مستوى العالم يقوم بتوفير قروض للفقراء وبدون ضمانات مالية ليقوموا بتأسيس مشاريعهم الخاصة بتنظيمه للتدريب والتسويق ويذهب إلى أن اهداف المبادرة وهي اقرب إلى بنك القرية وتحتاج إلى قدر من التمويل وإستلهام تجربة النظام التعاوني والإهتمام بشأن المراة مهمشة المهمشين والتي تقول لاتعطي الجائع سمكه بل علمه كيف يصطاد.

المصدر: http://web.justiceafricasudan.net/en/newspapers/132-2011-06-07-12-50-38.html

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك