المناظرة والجدل
المطلب الأول
حقيقة الجدل والمناظرة
قبل البدء في الحديث في موضوع الجدل والمناظرة وجب التعريف بمعناها.
المسألة الأولى: المعنى اللغوي:
الجدل: مشتق من جدلت الحبل إذا لففت بعضه على بعض.
والجدل لغة يطلق على معان عدة وأهمها :
1- الصرع والغلبة، تقول: جدل الرجل، أي صرعه، وغلبه في الجدل.
2- الإتقان والحسن،تقول: جدل الحبل جدلا، أي أحكم فتله وأتقن، وجارية مجدولة الخلق، أي حسنته.
3- شدة الخصومة والمناقشة، تقول: جادله مجادلة وجدالا: ناقشه، وخاصمه، ومنه قوله سبحانه في التنزيل:
وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
4- مقابلة الحجة بالحجة، تقول: جادل فلان فلانا: قابل حجته بحجة من عنده .
ولا تعارض بين هذه المعاني جميعا، فإن إتقان وحسن الخصومة والمناقشة ينتهي إلى الصرع والغلبة غالبا.
المناظرة : مصدر ناظر، و(التَّناظُرُ) التَّراوُضُ في الأمرِ، و( ناظَرَهُ ) صارَ نَظيراً له وفلاناً بفُلانٍ جَعَلَهُ نَظيرَهُ، (وتَنَاظَرَا) تَقابَلاَ، و( المُناظَرَةُ ) أَن تُناظِرَ أَخاك في أَمر إِذا نَظَرْتُما فيه معاً كيف تأْتيانه.
المسألة الثانية: المعنى الإصطلاحي:
الجدل: هو إبطال قول الخصم بما يدل على بطلانه وإثبات الحق بالدليل.
وقيل: هو تردد الكلام بين خصمين يقصد كل واحد منهما إحكام قوله ليدفع به قـول صاحبه.
المناظرة: هو تردد الكلام بين شخصين يقصد كل واحد منهما تصحيح قوله وإبطال قول صاحبه مع رغبة كل منهما في إظهار الحق.
**************
المطلب الثاني
نشأة علم الجدل
المسألة الأولى: نشـأة علم الجـدل :
الجدل ظاهرة عالمية لوجودها في غير الأجناس البشرية كالملائكة وإبليس ، لذلك فإننا إذا أردنا معرفة تاريخ الجدل ونشأته ، فإن القرآن الكريم يروي لنا نماذج من جدل الأمم الغابرة منذ أن وجد الإنسان على هذه البسيطة بل قبل وجوده ، كما ورد في جدل الملائكة حول كون آدم خليفة في الأرض ، ولذلك لا يمكن أن نحدد وقتًا زمنيًا لنشأة الجدل بمعناه الفطري العام ؛ لأنه وجد بوجود الإنسانية . كامنًا في نزعاتها البيانية . أما نشأة علم الجدل في البيئات الإسلامية فقد ظل مقصورًا في عصر الصحابة والتابعين على ما تدعو إليه الحاجة من تبيان الحق ودفع الشبه وترجيح الأدلة في الاجتهادات الفقهية ، ولم يقع في العقائد إلاّ نادراً ؛ لأنهم كانوا يعرفون الأدلة نصّاً ومعنىً، وكانت فطرهم سليمة .
ويقال إنَّ أول من دّوَّنَ في الجدل هو أبو علي الطبري، وأول من كتب فيه البزدوي، ثم كثر التأليف من بعدهما
وأول من صنف فيه من الفقهاء الشاشي سنة 366هـ.
المسألة الثانية: اسباب انتشار الجـدل :
1. انتشار مجالس القُصَّاص في المدن الإسلامية ، فقد فتح المجال للناس في تناول المشكلات الطارئة ، والرغبة في معرفة حكمة الدين .
2. مهاجمة اليهود والنصارى والدهريين وغيرهم للدين الإسلامي ، فتصدى لهم العلماء لإبطال أقوالهم .
3. طرق باب البحث في بعض الموضوعات العويصة كالغيبيات التي كانت مزالق لبعض الباحثين ، وميدانًا يتفاضل فيه المتجادلون .
4. ميل العقول إلى نوع من الترف العقلي بالبحث فيها .
كل هذه الأسباب هيّأت العقول للجدل والمناظرة فيما يعرض من مسائل دينية وسياسية ، فثارت بحكم الضرورة رياح الخلاف لاختلاف الأنظار ، وتباين المقاصد .
**************
المطلب الثالث
أنواع وصور الجدل وحكمها
الجدل والمناظرة يتكون من شيئين:
1- الغاية والنية.
2- الطريقة والوسيلة.
النية فيها إما أن تكون محمودة أم مذمومة، والطريقة التي يُحكم بها المجادل القول أو يدفعه يكون إما حقا أو باطلا، وسيتبين ذلك في المسائل الآتية إن شاء الله :
المسألة الأولى: أنواع الجـدل:
للجـدل أربعة أنواع أو حالات، لا تخرج عنها بحال من الأحوال، وهي :
1_ المجادلة بالحق للحق.
2_ المجادلة بالباطل للباطل.
3_ المجادلة بالحق للباطل.
4_ المجادلة بالباطل للحق.
* أما المجادلة بالحق للحق فليست كلها محمودة، فهذا النوع تتعلق به المصلحة والمفسدة، فمتى كانت المصلحة فيها راجحة كانت محمودة ومأمور بها أمر إيجاب أو أمر استحباب، ومتى كانت المفسدة فيها راجحة أصبحت مذمومة. والمجادلة بالحق للحق والمصلحة فيها راجحة لها صورتان:
1_ المجادلة في التعلم، كتعليم الجاهل والمخطئ ومناظرة أهل العلم بعضهم لبعض ومجادلة طالب العلم لشيخه للتعلم، ومنها قول عمر ابن عبد العزيز " ما رأيت رجلا لاح الرجال إلا أخذ بجوامع الكلم". وقيل لإبن عباس رضي الله عنه "بما نلت العلم؟"، قال: "بقلب عقول ولسان سئـُول". ولذلك قالوا " لا يطلب العلم رجلان: مستحٍ ومستكبر، فالمستحي يمنعه حياءه أن يسأل والمستكبـر يمنعه الكبر أن يسأل".
2_ المجادلة لإقامة الحجة ودرء الشبهة، وأول ما يدخل في هذا مناظرة الكفار وإقامة الحجة عليهم، والرد على شبهاتهم وافتراءاتهم، قال تعالى ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ .
ومن أمثلة هذا النوع مناظرة إبراهيم للنمرود، قال تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، ومناظرة موسى لفرعون، ومناظرة عيسى لبني إسرائيل وغيرهم من الأنبياء ، وكذلك مجادلة نوح عليه السلام لقومه لإقامة الحجة عليهم وإظهار الحق،
قال تعالى قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِين .
ويدخل فيه أيضا مناظرة أهل البدع والأهواء، لا سيما قبل قتالهم أو قتلهم وتعزيرهم، كما ناظر ابن عباس وعلي رضي الله عنهما الخوارج قبل أن يقاتلوهم، ومناظرة الأوزاعي رحمه الله لقدريٍّ، ومناظرة عمر بن عبد العزيز لغيلان الدمشقي ليقيم عليه الحجة أو يقتله، ومناظرة الإمام أحمد للجهمية ليقيم عليهم الحجة ويرد شبههم عند الخليفة.
فهاتان الصورتان محمودتان لما فيهما من مصلحة راجحة وقد تكون من الواجبات الشرعية إذا ترتب على عدمها انتشار الباطل ورد الحق وفتنة الخلق عن دينهم واعتقادهم للباطل.
أما المجادلة بالحق للحق والمفسدة فيها راجحة فهي أيضا لها صورتان :
1_ مجادلة الضعيف العاجز، من ليست عنده ملكة المناظرة، فليس كل عالم يمكن أن يكون مجادلا وليس كل ما عرفه الإنسان أمكنه تعريف غيره به. فقد تعرف مسألة لكن لا تستطيع أن تقنع بها غيرك، فالقدرة على الإقناع والتوجيه وإقامة الحجة وسرعة البديهة في الرد على الخصوم واستحضار الرد وتعريف الحق بأسلوب صحيح ليس كل أحد يستطيعه أو يقدر عليه. ومن الضعف أيضا جهل المجادل بحجج الخصوم وأدلتهم ووجه الرد عليهم، فهذه المناظرة المفسدة فيها راجحة.
2_ الجدال فيما لا نفع فيه، وهذه الصورة يدخل فيها جدال المعاند المخاصم الذي يناقش في البديهيات والضروريات، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم "ابغض الرجال إلى الله الألد الخصم" ، (والْأَلَدّ هو شَدِيد الْخُصُومَة مَأْخُوذ مِنْ لَدِيدَيْ الْوَادِي وَهُمَا جَانِبَاهُ; لِأَنَّهُ كُلَّمَا اُحْتُجَّ عَلَيْهِ بِحُجَّةٍ أَخَذَ فِي جَانِب آخَر . وَأَمَّا الْخَصِم فَهُوَ الْحَاذِق بِالْخُصُومَةِ) فهذا النوع من المجادلين لا فائدة في مناظرته، ولهذا كان ابن سيرين ينهى عن الجدال إلا رجلا إن كلمته طمعت في رجوعه. فالمفسدة الحاصلة من إضاعة الوقت وامتهان العلم وطرح الشبه والتشكيك في اليقينيات مع ما يكون منه من الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومخالفة المنقول والمعقول، يوجب الإنقطاع عنه، وذمه والبعد عنه، وعامة ما ورد من النهي في مناظرة أهل البدع والأهواء يدخل في هذه الصورة.
* أما المجادلة بالباطل للباطل فهي مذمومة بالإتفاق، قال تعالى:
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ
فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ .
يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ .
وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ .
ومثال ذلك لما جاء الكفار إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا له: سمعناك وأنت تقرأ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُون ، قالوا هذا يشمل عيسى والملائكة في النار لأنهم يُعبدون، قرآنك يا محمد يغالط بعضه بعضا، فأنزل الله مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ، حجتهم باطلة وغايتهم فاسدة، وأنزل الله تعالى (ردا عليهم) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " إن أخوف ما أخاف عليكم ثلاثة: جدال المنافق بالقرآن لا يخطئ واوا ولا ألفا يجادل الناس أنه أجدل منهم ليضلهم عن الهدى وزلة عالم وأئمة المصلين، ثلاث بهن يهدم الزمن".
* المجادلة بالحق للباطل: يدخل فيه السُنـّي الذي يجادل ويناظر بعلم ولكن لا يبتغي بذلك وجه الله، بل يريد الغلبة والخصوم وإظهار النفس والعلو في الأرض والظلم والعدوان لمن يناظره، فيكون عمله مراءة للناس وطلبا للدنيا، وهذه أيضا مذمومة للنية والغاية الفاسدة، فلم يتوفر فيها شرط الإخلاص. وهذا النوع كان شائعا في أزمان المتقدمين الذين يناظرون بين يدي السلاطين، وفي هذه الأزمنة أيضا.
* المجادلة بالباطل للحق : وهذه لها صور كثيرة جدا، وهي مذمومة، ومن هذا الوجه ذم السلف علم الكلام والمنطق والفلسفة لإشتماله على القضايا الكاذبة والمقدمات الفاسدة، ومن ذلك رد البدعة بالبدعة، ومناظرة الكفار بالأصول الفاسدة والأدلة الباطلة وإن كان مقصودهم إحقاق الحق أو إبطال الباطل، فالمفاسد التي تعود على المجادل بالباطل أعظم من المصالح.
ومن أمثلة رد البدعة بالبدعة ما فعله الجهم بن صفوان عند مناظرته للمانويّة، حيث أنه حصلت بينه وبينهم مناظرة، فجلس أربعين يوما ترك فيها الصلاة ودين الإسلام، ثم بعد أربعين يوما جاء ليرد عليهم فرد عليهم ببدعة
شنيعة وهي بدعة التجهم في الصفات، فرد عليهم قولهم البدعي الذي حقيقته الكفر ببدعة أخرى.
ومن هذا الباب مجادلة اليوم للعلمانيين والكفار، فيناظرهم مبتدع ببدعة هو أحدثها، وليس بدين الإسلام وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا شائع كثير وللأسف لمن تصدى لمناظرة العلمانيين والكفار، أن يرد عليهم ببدع مقابلها، لهذا قال الإمام أحمد رحمه الله "لا تجالس صاحب الكلام وإن ذب عن السنة فإنه لا يؤول أمره إلى خير".
وقال الإمام ابن بطه العكبري رحمه الله في الإبانة الكبرى "إياك والتكلف بما لا تعرفه وتمحل الرأي والغوص
على دقيق الكلام فإن ذلك من فعلك بدعة وإن كنت تريد به السنة، فإنّ إرادتك للحق من غير طريق الحق باطل، وكلامك على السنة من غير السنة بدعة ".
ومن هذا أيضا المجادلة بالجهل كما هي حال العوام، يقول الله تعالى هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ، وهذه مجادلة كثير من العوام والمثقفين الذين ليس لهم بضاعة في العلم الشرعي.
فالثلاث الحالات الآخيرة من المجادلات مذمومة ومنهي عنها، أما الحالة الأولى فمنها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم وقد تقدم تفصيل ذلك.
وبهذا يتبين أن أكثر أحوال المجادلات والمناظرات هو الذم والفساد، لذا جاء ذمها على وجه الإطلاق في النصوص من هذا الإعتبار.
المسألة الثانية: صور الجـدل :
وللمراء والجدل صور أو أمارات يعرف بها وأهمها:
1- الطعن في كلام الغير من حيث اللفظ، بإظهار خلل فيه من جهة النحو، أو من جهة اللغة، أو من جهة العربية، أو من جهة النظم والترتيب بسوء تقديم أو تأخير.
2- الطعن في كلام الغير من حيث المعنى، بأن يقول المماري (المجادل): ليس الكلام كما تقول، وقد أخطأت فيه من وجه كذا، وكذا.
3- الطعن في كلام الغير من حيث القصد، بأن يقول المماري لخصمه: هذا الكلام حق، ولكن ليس قصدك منه الحق، وإنما أنت فيه صاحب غرض، وما يجري مجراه.
والمراء أو الجدال على هذا النحو مذمومان، وذلك للنصوص الكثيرة الدالة على هذا، ومنها قوله تعالى:
فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا
وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا
وغير ذلك من النصوص التي سيأتي ذكرها إن شاء الله.
**************
المطلب الرابع
ذم الجـدل
المسألة الأولى: ذم الجـدل في القرآن والسنة:
وردت نصوص كثيرة في ذم الجدل، منها ما يلي:
قول الله عز وجل:
وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ
يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ
وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ
وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ
مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ
إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
( أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ )
(مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ وَحَجَّاجٌ ثِقَةٌ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ وَأَبُو غَالِبٍ اسْمُهُ حَزَوَّرُ
(إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ)
المسألة الثانية: آثار السلف في ذم الجدل:
الآثار التي وردت في ذم الجدل والنهي عنه كثيرة، سأكتفي بذكر بعض منها :
قال الأوزاعي: "إذا أراد الله بقوم شرا ألزمهم الجدل ومنعهم العمل".
وقال معاوية بن قرة: "الخصومات في الدين تحبط الأعمال".
وقال عمر بن عبد العزيز: "من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل".
وقال هشام بن حسان قال: "جاء رجل إلى الحسن فقال: يا أبا سعيد تعال حتى أخاصمك في الدين فقال الحسن: أما أنا فقد أبصرت ديني فإن كنت أضللت دينك فالتمسه".
وقال عبد الكريم الجزري: "ما خاصم ورع قط في الدين".
قال إسحاق بن عيسى: "سمعت مالك بن أنس يعيب الجدال في الدين ويقول: كلما جاءنا رجل أجل من رجل
أرادنا أن نرد ما جاء به جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم" .
قال الشافعي رحمه الله: "كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال: أما إني على بينة من ربي وديني، وأما أنت فشاك فاذهب إلى شاكٍّ فخاصمه" .
قال الحسن الزعفراني: "سمعت الشافعي يقول: ما ناظرت أحدا في الكلام إلا مرة وأنا استغفر الله من ذلك" .
قال عبيد الله بن حنبل: "حدثني أبي قال: سمعت أبا عبد الله يقول: عليكم بالسنة والحديث وينفعكم الله به، وإياكم والخوض والجدال والمراء فإنه لا يُفلح من أحب الكلام، وكل من أحدث كلاما لم يكن آخر أمره إلا إلى بدعة، لأن الكلام لا يدعو إلا خير، ولا أحب الكلام ولا الخوض ولا الجدال، وعليكم بالسنن والآثار والفقه الذي تنتفعون به، ودعوا الجدال والكلام وأهل الزيغ والمراء، أدركنا الناس ولا يعرفون هذا، ويجانبون أهل الكلام، وعاقبة الكلام لا تؤول إلى خير، أعاذنا الله وإياكم من الفتن وسلمنا وإياكم من كل هلكة" .
**************
المطلب الخامس
آثار الجدل
للجدل آثار سيئة كثيرة، منها ما يلي:
1_ الضلالة عن الهدى ، قال النبي صلى الله عليه وسلم "مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ " .
وقال عمر رضي الله عنه " إن أخوف ما أخاف عليكم ثلاثة: جدال المنافق بالقرآن لا يخطئ واوا ولا ألفا يجادل الناس أنه أجدل منهم ليضلهم عن الهدى وزلة عالم وأئمة المصلين، ثلاث بهن يهدم الزمن".
2_ ضعف الإيمان: قال ميمون أبي عمر قال "لا يصيب عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وإن كان محقا" .
3_ إحباط الأعمال : قال معاوية بن قرة "الخصومات في الدين تحبط الأعمال" .
4_ قساوة القلب ويورث الضغن: قال مالك بن أنس رحمه الله "المراء في العلم يقسي القلب ويروث الضغن" .
5_ الإفساد بين الناس، قال عبد الله بن الحسين: "المراء يفسد الصداقة والقديمة ويحل العقدة الوثيقة وأقل ما فيه أن تكون المغالبة والمغالبة أمتن أسباب القطيعة" .
6_ قلة المروءة وضياع الكرامة ، قال الأصمعي: قال سمعت أعرابيا يقول "ما لاحا الرجال وما رآهم قلـّت مروئته وهانت كرامته ومن أكثرَ من شيء عُـرف به" .
7_ الإثم، قال سفيان: قيل لعبد الله بن حسن مالك: لاتماري إذا جلست فقال: ما تصنع بأمر إن بالغت فيه أثمت وإن قصرت فيه خصمت.
8_ يشغل القلب ويورث النفاق، قال جعفر بن محمد رضي الله عنه "إياكم والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب وتورث النفاق".
9_ ضرب القرآن بعضه ببعض، قال عون بن عبد الله: "لا تفات أصحاب الأهواء في شيء فإنهم يضربون القرآن بعضه ببعض".
10_ الإختلاف والفرقة، قال ابن عباس: "أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الإختلاف والفرقة وأخبرهم بما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات".
11_ تلبيس الدين على الناس، قال أبو قلابة: "لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم".
12_ الشك، قال عمر بن عبد العزيز: "من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر الشك أو قال يكثر التحول".
13_ ظهور البدع ونشأة الفرق، فقد مر ذكر مناظرة الجهم للمناويّـة الذي رد فيه عليهم ببدعة التجهم في الصفات، ثم ظهرت بدعة الإعتزال عندما رد المعتزلة على بدعة الجهمية، والأشاعرة أرداوا الذب عن الدين ببيان حال المعتزلة فأتت ببدعة الأشعرية.
14_ وضع الأحاديث، حيث قام الكثيرون بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لنصرة مذهبهم وللرد على أهل البدع ، قال ابن أبي الحديد الشيعي: " إن أصل الأكاذيب في أحاديث الفضائل كان من جهة الشيعة، فإنهم وضعوا في مبدأ الأمر أحاديث مختلفة في صاحبهم، وحملهم على وضعها عداوة خصومهم، فلما رات البكرية ما صنعت الشيعة وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث" .
المطلب السادس
آداب المناظرة
ما يلى بعض الآداب التي ينبغي للمسلم أن يتأدب بها أثناء المناظرة المباحة:
1_ تصحيح النية (الإخلاص)، فيكون القصد من المناظرة النصح وإظهار الحق، وليس للمغالبة. قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى: (.. ومن ذلك: أن المجادلة إنما وضعت ليستبين الصواب، وقد كان مقصود السلف المناصحة بإظهار الحق، وقد كانوا ينتقلون من دليل إلى دليل، وإذا خفي على أحدهم شيء نبهه الآخر، لأن المقصود كان إظهار الحق).
2_ أن يكون الأصل فيها بالكتاب والسنة.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين من بعدهم، إذا تنازعوا في الأمر اتبعوا أمر الله تعالى في قوله سبحانه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) .
3_ أن يكون عالما أو ملما بالمسألة التي يناظر فيها.
4_ إظهار روح المودة والأخوة قبل وأثناء وبعد الجدل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (..وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومناصحة، وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية، مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين).
5_ ضبط النفس وعدم الإنفعال، عن ابن عون رحمه الله أنه إذا أغضبه رجل، قال له: بارك الله فيك؛ وروي عن يوسف ابن الإمام ابن الجوزي من ضبط نفسه في أثناء المناظرة: أنه كان يناظر، ولا يحرك جارحة ! وورد عن عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة: أنه كان لا يناظر أحدا إلا وهو يتبسم، حتى قال بعض الناس: هذا الشيخ يقتل خصمه بالتبسم !
6_ المبادرة إلى الرجوع عند ظهور الحق مع صاحبه، فالرجوع إلى الحق وترك ما سواه من خصال أهل الحق، كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما-:
" ... ولا يمنعك قضاء قضيته فيه اليوم، فراجعت فيه رأيك، فهديت فيه لرشدك، أن تراجع فيه الحق، فإن الحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل... " . ومن عجيب ما روي عن ابن الجوزي أنه كان يعمل بحديث يتضمن بعض الأذكار عقب الصلاة فقال: "كنت قد سمعت هذا الحديث في زمن الصبا، فاستعملته نحوا من ثلاثين سنة، لحسن ظني بالرواة، فلما علمت أنه موضوع تركته، فقال لي قائل: أليس هو استعمال خير ؟ قلت: استعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا، فإذا علمنا أنه كذب خرج عن المشروعية".
7_ عدم التشهير بخصمك عند غلبته في مجلس المناظرة، فبعض الناس إذا تمكن من غلبه أخيه في مناظرته له، جعل تلك المناظرة فاكهة مجالسه، فيتحدث بها مع كل جليس، وكيف أنه دحض حجج خصمه، وتمكن من تزييف قول صاحبه. وهذا التصرف مشين، وربما يجر إلى باب الرياء والسمعة، ويسبب في نفور أخيه عنه ونشوء الشحناء بينهما؛ قال الإمام ابن الجوزي: " ... ومن ذلك: ترخّصهم في الغيبة بحجة الحكاية عن المناظرة، فيقول أحدهم: تكلمت مع فلان فما قال شيئا ! ويتكلم بما يوجب التشفي من غرض خصمه بتلك الحجة".
8_ إغلاق باب المناظرة إذا رأيت من الطرف الآخر عنادا وتعنتا، فربما يترتب على استمرار المناظرة بوادر الشحناء والبغضاء، فيغيب الهدف من المناظرة وينصب الشيطان رايته وألويته. والأولى أن يلطف الكلام للصاحبه الذي يناظره، ونقل الحديث إلى موضوع آخر لكي تخف الوطأ ومن ثـَمّ تزول بالكلية، فإذا رأي بعد ذلك مصلحة في إعادة المناظرة فليفعل، لكن بأسلوب يكسب به ودّ اخيه، وترده عن كيد الشيطان، وإن رأى أن المصلحة في عدم فتح باب المناقشة فليفعل، مع إرشاده إلى بعض المراجع التي يعلم أنها أجادت في بيان الحق في تلك المسألة.
وأخيرا أحب أن أنقل كلاما لإبن بطة العكبري رحمه الله في الآداب المرعية في المناظرة:
قال رحمه الله " فالذي يلزم المسلمين في مجالسهم ومناظراتهم في أبواب الفقه والأحكام تصحيح النية بالنصيحة واستعمال الإنصاف والعدل ومراد الحق الذي قامت به السماوات والأرض فمن النصيحة أن تكون تحب صواب مناظرك ويسوؤك خطأه كما تحب الصواب من نفسك ويسوؤك الخطأ منها فإنك إن لم تكن كذلك كنت غاشا لأخيك ولجماعة المسلمين وكنت محبا أن يُخطأ في دين الله وأن يكذب عليه ولا يصيب الحق في دين الله ولا يصدق .. "
**************
******
الخاتمـة
ما يلى ملخص أهم النقاط التي دار حولها هذا البحث:
1_ الجدل هو تردد الكلام بين خصمين يقصد كل واحد منهما إحكام قوله ليدفع به قـول صاحبه، منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم.
2_ الجدل ليس ظاهرة جديدة، فنشأة الجدل كان قبل خلق آدم، وكان في الأمم الغابرة.
3_ من أسباب انتشار الجدل : انتشار مجالس القُصَّاص، ومهاجمة اليهود والنصارى والدهريين وغيرهم للدين الإسلامي، وطرق باب البحث في بعض الموضوعات العويصة كالغيبيات، و ميل العقول إلى نوع من الترف العقلي بالبحث فيها.
4_ يُـشترط في الجدل والمناظرة شرطي قبول العمل وهو الإخلاص والمتابعة.
5_ للجدل أربع حالات لا يخرج منها بحال من الأحوال وهي: الجدل بالحق للحق، والجدل بالباطل للباطل، والجدل بالحق للباطل، والجدل بالباطل للحق.
6_ الحالات الثلاث الآخيرة كلها مذمومة، أما الحالة الأولى (المجادلة بالحق للحق) فمنها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم، فإن رجحت فيها المصلحة كانت محمودة، وإن رجحت فيها المفسدة كانت مذمومة.
7_ صور المجادلة: الطعن في كلام الغير من حيث اللفظ، والمعنى، والقصد؛ وكلها مذمومة.
8_ جاء ذم الجدل في القرآن والسنة وآثـار السلف.
9_ الآثار السيئة للجدل كثيرة منها: الضلالة بعد الهدى، وضعف الإيمان، واحباط الأعمال، وقسوة القلب وضياع الكرامة، والإثم، وإشغال القلب، والإختلاف والفرقة والشك والتلبيس على الناس.
10_ من آداب المناظرة المباحة: تصحيح النية (الإخلاص)، وأن يكون بالكتاب والسنة، وأن يكون المناظر ملما بالمسألة التي يناظر فيها، ضبط النفس وعدم الإنفعال، والمبادرة إلى الرجوع عند ظهور الحق مع صاحبه، وعدم التشهير بالخصم عند غلبته، وإغلاق باب المناظرة إذا رأى من الطرف الآخر عنادا وتعنتا.
الحمد لله الذي وفقني في كتابة هذا البحث، ويسره لي، أسأله سبحانه الإخلاص في القول والعمل، والثبات على الحق، والبركة في العلم، وصلّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
****************
كتبته
طالبة علم
فهرس المراجع
1_ إعتقاد الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، للدكتور محمد بن عبد الرحمن الخميس، معهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا، الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م.
2_ تعريف الخلف بمنهج السلف، تأليف الدكتور إبراهيم بن محمد بن عبد الله البريكان، دار ابن الجوزي للنشر والتوزي، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، ربيع الأول 1418هـ - 1997م.
3_ حجية السنة، للدكتور الحسين شواط، الكتاب المقرر لمادة حجية السنة وتاريخها بالجامعة الأمريكية المفتوحة، بولاية فرجينيا.
4_ "ذم الجدل" شريط لمحاضرة ألقاها الشيخ وليد بن خالد بسيوني.
5- معالم في طريق طلب العلم، تأليف عبد العزيز بن محمد بن عبد الله السدحان، تقديم فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، دار العاصمة، المملكة العربية السعودية – الرياض، الطبعة الثالثة، 1420 هـ - 1999م.
6_ "موسوعة الحديث الشريف" قرص كمبيوتر (الإصدار 2.1) شركة حرف لتقنية المعلومات، القاهرة-مصر.
7_ شبكة الإنترنت:
أ_ آفات على الطريق، الدكتور السيد محمد نوح، موقع الأسوة، عنوان الصفحة: http://www.aloswa.org/book/afat/afat.html
ب_ المعاجم العربية، موقع صخر، عنوان الصفحة: http://lexicons.sakhr.com/Default.asp
ج_ المنهج القرآني في الجدل والاستدلال ، بقلم الأستاذ : عبد السلام بنهروال، موقع الشبكة الإسلامية، عنوان الصفحة: http://www.islamweb.net/quran/studies/2.htm