الميثاق الإسلامي الأوروبي دعوة للاتحاد و للحوار
الميثاق الإسلامي الأوروبي دعوة للاتحاد و للحوار
خميس قشة الحزامي ـ هولندا
تأسس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا في بريطانيا أواخر سنة 1989م ويهدف إلى الحفاظ على الوجود الإسلامي في أوروبا والارتقاء بمستواه العام وخدمة مصالحه وتمكينه من أداء رسالته في التعريف بالإسلام والدعوة ضمن الأطر القانونية الأوروبية.
وساهم اتحاد المنظمات الإسلامية في تكوين روابط وهيئات ومؤسسات ومراكز إسلامية منتشرة في أكثر من ستة وعشرين بلداً أوروبياً، تعمل جميعها على توطين الإسلام في الغرب بالاندماج الإيجابي للمسلمين في مجتمعاتهم، اندماجاً يجمع بين الحفاظ على الهوية الإسلامية وممارسة المواطنة الصالحة بخدمة الصالح العام، وتحقيقاً لمبادئ الأمن والانسجام.
كما سعى الاتحاد لإيجاد المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية ومقره "ايرلندا" كمرجعية دينية مستقلة متخصصةٌ بفقه الأقليات المسلمة في الغرب تلبي متطلباتها الشرعيّة والفقهية بفتاوى وبحوثٍ ودراسات تعالج قضاياها، وتحلُ مشاكلها، وتخفف من معاناتها من منطلقات إسلامية مستوحاة من الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة من غير تكلف أو غلو في إطار يجمع بين الأصالة والحداثة، وبين المبدئية والمرونة.
و تأتي خطوة الميثاقً الإسلامي الأوروبي امتدادا و تتويجا لعمل جماعي مشترك بين عديد من الجمعيات والمؤسسات الإسلامية استمر لأكثر من ثمانية سنوات أقر بعدها الميثاق الذي يهدف إلي ترسيخ قيم الاعتدال والاندماج وترشيد المسلمين نحو فهم معتدل للإسلام و التعايش في سلم وأمان مع الأخر، مع رفض العنف ، وعدم الخلط بين الإرهاب و الإسلام كعقيدة سمحاء، كما دعا الميثاق المسلمين للمشاركة الفاعلة والنشطة بالانفتاح و وربط علاقات تعاون مع مختلف الجهات التي تخدم مصالح المسلمين والمجتمع الأوروبي .
وتعتبر المصادقة على الميثاق سابقة فعلية في مسيرة الحضور الإسلامي في أوروبا والذي حضي حفل التوقيع عليه في مقر الاتحاد "ببروكسل" بحضور لافت لمؤسسات حكومية أوروبية ممثلة في نائب رئيس البرلمان الأوروبي وكذلك عضوة بالبرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية، رحبوا جميعهم بهذا الميثاق واعتبروه خطوة ايجابية تهدف إلى توضيح موقف أساسي مشترك بشأن الإسلام في أوروبا وأكدوا على أن المجتمعات الأوروبية متعددة الثقافات و يمكن للجميع فيها أن يعيش وينفتح على الآخرين في امن وسلام، محترمًا لوجباته ومؤديا لحقوقه.
وقد أثار تبني الميثاق العديد من ردود الفعل المتباينة بين الأقلية المسلمة في هولندا بين مرحب به معتبر إياه مكسبا ايجابيا يجعل من شعار التوطين للإسلام واقعا ملموسا، وبين متحفظ عليه لأنه لا يوقف التمييز والتحريض ضد الإسلام و المسلمين، وبين مشكك في مصداقية المبادرة التي لا تمثل أغلبية المسلمين الأوروبيين حسب رأيهم.
ويبقى حسم هذا الجدال للمصادقين على الميثاق ومدى نجاحهم في تحقيق أهدافه في الدفاع عن حقوق المواطنة لأكثر من لـ30 مليون مسلم بأوروبا، عقب تنامي ظاهرة "الإسلاموفوبيا" التي تجتاح أوروبا بعد هجمات أحداث 11 سبتمبر و أحداث أنفاق أسبانيا وبريطانيا، وما تلاها من مضايقات وتحرشات إعلامية مستفزة، وغدا الحديث عن الإرهاب مرتبطا بالمسلمين وخاصة بهولندا التي تعرض الكثير من المسلمين فيها لتحرشات عنصرية والتي بلغ فيها الاحتقان هذه الأيام ذروته بعد إصرار عضو البرلمان الهولندي "فلدرس" عرض فيلمه المستفز للمسلمين، والذي وجه له الأستاذ يحيى أبو ياف رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بهولندا ورئيس مجلس المساجد المغربية بيان دعاه فيه إلى مراجعة مواقفه والعمل سويا لصالح هولندا، وتقدم يحيى في بيانه بالشكر للمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني الهولندي من ساسة وكتاب وإعلاميين الذين استنكروا ورفضوا عرض الفيلم، وفي ختام بيانه ناشد أبو ياف الأقليات المسلمة بهولندا التي يعيش فيها أكثر من مليون مسلم، أن يتعاملوا مع هذه الأزمة بأسلوب سلمي يجمع بين حقوق المواطنة والاعتزاز بالإسلام وذلك بالدفاع عن حقوقهم بحكمة واعتدال وبتوفيق بين المصالح، منبها من خطورة الردود الانفعالية التي تعود بالضرر على المجتمع عامة وعلى الإسلام والمسلمين خاصة.
المصدر: http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=142527