عداء المسلمين أجندة اليمين المتطرف بأوروبا

عداء المسلمين أجندة اليمين المتطرف بأوروبا

خميس قشة الحزامي - هولندا

 

 

تعاني الأقلية المسلمة بأوروبا مشاكل كبيرة خاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 المروعة وما تبعها من أحداث عنف ضربت مجتمعات غربية مثل إسبانيا وبريطانيا نسبت  للمسلمين..وشنت على إثرها الحرب على الإرهاب التي أعلنها بوش و دعمتها تصريحات البابا "بنديكت السادس عشر" مما شجع  اليمين المتطرف في عموم أوروبا على إطلاق حملات عدائية للإسلام بدأت بالصور المسيئة للرسول الكريم بالدنمارك والنرويج مروراً بفرنسا التي منعت ارتداء الحجاب في المدارس والمعاهد تبعتها بلجيكا السنة الماضية ثم إقرار قانون يقضي بحضر النقاب في الأماكن العامة في عديد من الدول الأوروبية , وأشدها في هولندا مع زعيم حزب الحرية "خيرت فلدرس" صاحب فلم فتنة الذي شبه الإسلام بالنازية ووصف النبي محمد بأنه قائد حرب همجي ووصلت به الإثارة أخيرا بمطالبة البرلمان الهولندي بسن ضريبة سنوية على المحجبات تقدر ب 1000 يورو تخصص لدعم حرية المرأة ,ثم وصول الأمر إلى قانون حظر المآذن بسويسرا الذي باركته ورحبت به أحزاب اليمين المتطرف وطالبت بتعميمه على كامل الدول الأوروبية.
 

 

  إن برامج  الأحزاب اليمينية منحصر في الغالب في إشاعة الخوف و السلبية تجاه المسلمين في المجتمعات الغربية ولم تلامس مشاريعهم واهتماماتهم المشاغل اليومية للمجتمع (مثل الأزمة الاقتصادية الأخيرة أو وباء انفلونزا الخنازير الذي يهدد البشرية  وغيرها من القضايا المهمة) مما جعل المواطن الأوروبي يشكك في أجندة  هذه الأحزاب فمثلا ما طرحه فيلم "فتنة" الهولندي  والذي استمرت الدعاية له لأكثر من سنة في توظيف سياسي واضح ,جعل الأوروبيين في شوق  إليه إلا أن خيبة أملهم كانت كبيرة عند مشاهدتهم للفيلم  الذي يطرح قضية لا علاقة لها باهتماماتهم لا من قريب ولا من بعيد وهو يحكي عن اضطهاد وإرهاب المسلمين لليهود في حين أن الصورة التي تأتي يومياً من الشرق الأوسط عكس ونقيض ما يروجه ويدعيه الفيلم ..
 

 

 إن الأحزاب اليمينية مستاءة وغير راضية من تنامي الوجود الإسلامي في الغرب خاصة بعدما بدأت  الأقلية المسلمة تكسر الحاجز بينها وبين شرائح المجتمع الأوروبي من خلال اندماجها وتعايشها وانفتاحها على كل مكونات المجتمع كمواطنين أوربيين يخدمون  أوطانهم يهمهم أمنها واستقرارها دون أن ينسوا القضايا العربية الإسلامية العادلة  فخرجوا في مسيرات واحتجاجات مع آلاف الأوروبيين  للتنديد بحرب العراق وتضامنوا مع الفلسطينيين بمظاهرات مستنكرة للمذابح التي ترتكبها إسرائيل بحق شعب أعزل في فلسطين ساندها العديد من الشخصيات الأوروبية المرموقة وأعلنوا خلالها مضاعفة الضغوط السياسية لإجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي, وطالبوها بوقف بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة وهدم الجدار الذي تبنيه في الضفة الغربية و هذا هو جوهر هذه الأجندة فاليمين يرغب أن يبقى دور المسلمين هامشياً لا يؤثر في مجريات الأحداث  والتطور العام.
 

إن ما يدعيه اليمين من أسلمة أوروبا  أو ارتباط الأقلية المسلمة بأجندات خارجية ما هي إلا تهم تقوم على أفكار وهمية لا أساس لها من الصحة، وهي فزاعة يستخدمها بعد ما خفت وهج الحرب على الإرهاب .

ومن المهم أن ندرك أجندة اليمين المتطرف وأن لا نترك لهم فرصة الإيقاع بيننا وبين محيطنا ومجتمعنا ، إن الغرب ليس كله يمين متطرف  ولكن ما يمتلكه اليمين من إمكانيات إعلامية ومالية وما يتلقاه من دعم خارجي  وتغلغله في مواقع مؤثرة يعطي انطباعاً على أنه قوة شعبية, لذلك ينبغي أن تكون ردودنا  مدروسة وهادئة وأن نتصدى لمثل هذه المواقف والإساءات بانتهاج الطرق القانونية  التي تكفل حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية ونتجنب ردود الفعل المتشنجة و المتهورة التي يوظفها اليمين  في حملته  لجر الأقليات المسلمة إلى معارك جانبية  فتعمد اليمين  إشعال هذه  الحرائق في أقطار أوروبية مختلفة  وفي أوقات متتالية  لينحصر دورنا في وظيفة رجل الإطفاء الذي يترك كل شئ وينشغل بإطفاء الحريق المندلع هنا وهناك.. وبذلك يفوت على المسلمين  المساهمة في خدمة  و تنمية  المجتمع و تطوير  المؤسسات التربوية والثقافية والإعلامية.
فهل ندرك الدرس ؟ ونبدأ العمل غير آبهين بهذه الفقاعات ؛ نرجو ذلك.

 

 المصدر: http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=156880

الأكثر مشاركة في الفيس بوك