لا تكن ضحية للعصبيات والأهواء

لا تكن ضحية للعصبيات والأهواء

د.خالد عايد الجنفاوي

"وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ , إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ , إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوا مُبِينًا" (الاسراء 53).
يعرف كل حليم أن التعصب العرقي والديني والمذهبي والطبقي يقود إلى التطرف الذي يدمر الفرد والمجتمع. ولذلك فالشخص المتمكن من نفسه ومن يرغب في عيش حياة إنسانية مثمرة وبناءة في مجتمعه الوطني هو من يحصن نفسه ضد التعصب والغلو. وفق رأينا, من يقبل طواعية أن يصبح ضحية سهلة للعصبيات الضيقة وللأهواء الشخصانية سيفقد نعمة الأمن النفسي والمجتمعي.
على سبيل المثال, يحارب العقلاء والحكماء في كل المجتمعات الإنسانية التطرف والتعصب الضيق بسبب إدراكهم خطورة هذا النوع من السلوكيات والتصرفات المدمرة. فإضافة إلى تأزيمه للنفس البشرية وزيادته مستوى الكآبة والحسرة غير المستحقة لدى الفرد, يساهم التعصب اللامنطقي للمذهب او القبيلة او الطبقة الإجتماعية في إضعاف الضمانات النفسية التي تستند اليها الحياة المعتدلة والبناءة. فإذا كان الفرد الحر ينعم في وطنه في عيش حياة مستقرة تتوافر فيها غالبية سبل المعيشة الكريمة فكيف به أن يجازف بكل ذلك من أجل إثبات ضيق أفقه للآخرين? بمعنى آخر, ضحية التعصب سواء أدرك ذلك أم لم يدرك لا يستوعب المعاني الحقيقية للحياة الإنسانية المثمرة. بل يعتقد كثير من المتعصبيين أن تشددهم وعنادهم ومماحكتهم ستبرز شجاعتهم للآخرين! ولكن يعلم كل إنسان حليم ان لا شجاعة ولا أنفة ولا "مرجلة" في التعصب. بل ما ينتج عن التعصب هو إهانة الطرف الآخر والمساس بكرامته الإنسانية أي سيؤدي التعصب إلى بث الكره والحقد والبغضاء في قلوب الأفراد وفي النسيج المجتمعي.
حري بمن يحترم كرامته الإنسانية ويقدر نعم الله عز وجل ويستوعب المعاني الحقيقية للحياة الناجحة البعد عن كل أنواع التعصب والتطرف والغلو. فأقل ما يسببه التعصب من دمار هو حقنه للذهن والقلب البشري بكل أنواع الكراهية والبغضاء والغيرة السوداء. ومن يقبل أن يصبح ضحية للعصبيات المختلفة ليس إنساناً حراً بل أسيراً للأهواء والنزعات السلبية التي ما فتئت تمنع الإنسان من التمتع بالحرية الفعلية: الحرية من كره الآخرين و ممارسة حياة هادئة ومتزنة ينعم فيها الفرد العاقل بالسعادة الحقيقية التي تملأ القلب بالطمأنينة والحس السليم. فلعل وعسى.
 

المصدر: http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/155799/reftab/94/Default.aspx

الأكثر مشاركة في الفيس بوك