أرض الدماء..مهد الحضارة الإمريكية
أضافه الحوار اليوم في
أرض الدماء..مهد الحضارة الإمريكية
من المهاجرين والأنصار ظهرت دولة العقيدة الناشئة فى المدينة التى امتدت بأغصانها وفروعها إلى كل بلاد العالم. إنها دولة تقوم على الدفاع لا على الهجوم، وكل ما تطمح إليه أن يفتح الناس أبوابهم وبلادهم للتعرف عليها، وبعد ذلك من حقّهم أن يرفضوها أو يقبلوها، لأنه من أصول الدين الذى أرسله الله إليهم )لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ .(
وهى دولة تسعى إلى السلام دائماً ولو كان فيه بعض الإجحاف كما كان يراه عمر فى صلح الحديبية . ولم تلبث هذه القلة المؤمنة التى ساحت فى الأرض وهى تحمل أخلاق الإسلام وقيمه وعقيدته السمحة ورسالته الإنسانية، وتنشر العدل والحب والسلام لم تلبث هذه القلة المؤمنة حتى نجحت بالمبادئ التى قدمتها للإنسانية فى أن تجعل الناس عن رضا واقتناع وحب يدخلون فى دين الله أفواجاً ولم تلبث هذه القلة أن مكن الله لها فى الأرض، لتقيم الصلاة وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتفرض العدل، وتنشر الإيمان بالله ورسوله عبر كل بلاد العالم . وكانت العناصر التى قامت عليها تتشكل من أحرار ضحوا بكل شىء، وهم المهاجرون، ومن عبيد ذاقوا الأمرّين حتى وجدوا مدينة الكرامة والحرية والعبودية لله وحده . ومن أنصار أحبّوا من هاجر إليهم وآثروهم وعقدوا معهم بأمر رسول الله عقد المؤاخاة والتقوا جميعاً خمس مرات فى كل يوم يصلون لله وحده فى المسجد الذى أقامه الرسول دعامةً أساسيةً من دعائم الدولة.
الإمبراطورية الأمريكية الميلاد والمسيرة
هذه هى قصة قيام الدولة الإسلامية والحضارة الإسلامية فكيف كانت قصة قيام الإمبراطورية الأمريكية التى ما جنى العالم منها خيراً قط فحتى التكنولوجيا التى تفوقت فيها جعلتها بلاء على العالم، وأبادت بها شعوباً وكانت أول قوة فى التاريخ تستعمل القنابل الذرية
لقد قامت أمريكا منذ بدايتها ونشأتها على هجرة مجرمين من خريجى السجون وقطاع الطرق والمحكوم عليهم بأحكام قضائية فى بريطانيا وغيرها فضلاً عن الطامحين الباحثين عن الثروة والمال حتى ولو كان ذلك بأسوأ الطرق .
لقد بدأ ميلاد أمريكا وظهورها على مسرح التاريخ عندما نجح البرتغاليون فى ميادين الكشوف الجغرافية، فتمكن الملاح البرتغالى (أمريكو فيسبوتشى ( عام1497م من القيام برحلات عديدة أوصلته إلى البرازيل فى أمريكا الجنوبية ومهما يكن من أمر فإن اسم أمريكا أطلق على هذا العالم الجديد؛ نسبة إلى هذا العالم أمريكو فيسيوتش ، الذى استطاع أن يكتشف ساحل البرازيل، وأخذ بعد عودته إلى أوروبا ينشر أخبار سفره بالكتابة عنها حتى طغت شهرته على شهرة كولمبس .
الطبقات
كانت طبقة رجال الأعمال هى الصفوة فى البلاد وفى مجتمع قوامه التملك، لم تستطع أن تتحداها طبقة أخرى لكن صفحة أمريكا الطبقية السوداء كانت مفتوحة ومستمرة فالزنوج المخطوفون من إفريقيا والهنود الحمر الذين خطط لإبادتهم بقيت سياسة حية مستمرة فالزنوج مجموعة سلالية هى أوضح فى معالمها عن الأمريكان أنفسهم لأنها منعزلة كالقبيلة الإفريقية التى جاءت منها
والمأساة الكبرى فى أمريكا تتمثل فى طبقة الأمريكيين الأصليين الهنود الحمر وخلاصة الفلسفة الأمريكية السياسية والفكرية الطبقية تقوم على فكرة الاستعمار القذر والاستعمار القذر هو الاستعمار الذى يقوم على سرقة الأرض، وطرد أصحابها الأصليين أو قتلهم أو تهميشهم وأمريكا إلى اليوم لم تعترف مطلقاً بعدد الهنود الحمر الذين تعرضوا للإبادات الجماعية والجرائم الإنسانية فى أمريكا، وتمتلئ المقررات الدراسية التى يدرسها الطلاب فى المدارس الابتدائية الأمريكية بآلاف المغالطات التاريخية، وحشد من الأكاذيب التى برعوا فى تأليفها عن حقيقة الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين قبل مجىء الإنسان الأبيض للقارة .
وهناك شهادة لهوارد سيمبون فى مقدمة كتابه عن دور الأمراض فى التاريخ الأمريكى يقول فيها إن المستعمرين الإنجليز لم يجتاحوا أمريكا بفضل عبقريتهم العصرية، بل كانوا ينشرون الأوبئة الفتاكة بقصد الإبادة الجماعية، حيث برعوا فى سياسة العمل بالسخرة التى طبقت على البقية القليلة الباقية من الهنود الحمر الذين نجوا من تلك الإبادات، وعلى الزنوج الذين كانوا يسرقونهم بالجملة من قلب إفريقيا، وطبقوا الأساليب غير الإنسانية والمروعة فى حق هؤلاء، ومارسوا ضدهم التجويع الإجبارى والترحيل الجماعى، وشتى أساليب تقويض المعنويات وكان نظام السخرة من أفتك أسلحة الأوبئة التى نشروها وسط الهنود الحمر.
استقلال أمريكا
ولأسباب كثيرة استفزازية من جانب بريطانيا التى كانت أمريكا تابعة لها اندلعت الحرب بين بريطانيا والولايات الأمريكية عام 1775م، وهى ما يُسمى بحرب الاستقلال.
وفى عشرة مايو اجتمع الكونجرس الأمريكى وقرر إنشاء جيش أمريكى موحد من كل الولايات التى اشتركت فى الاجتماع
وفى يوليو 1776م، صدر إعلان الاستقلال عن بريطانيا الذى دبَّجه قلم توماس جيفرسون موقعاً عليه من الولايات الحاضرة الاثنتى عشرة وقامت حروب بين الطرفين انتهت بهزيمة بريطانيا وانتصار أمريكا ومن ثم بدأت المفاوضات مع بريطانيا على أساس الاعتراف باستقلال أمريكا من غير قيد أو شرط، وتبع ذلك مفاوضات الحدود ومصائد الأسماك، والديون الإنجليزية، ثم وقعت الهدنة بين أمريكا وانجلترا فى20 يناير1782م، وبعد الظفر بالاستقلال وضعت أمريكا أنظمة جديدة لأمة مستقلة ذات حكومة مركزية وكان دليل العمل يقُوم على مبدأ مونرو الذى يقضى بتفرغ الولايات المتحدة للنَّظر فى قضاياها الداخلية، وعدم السماح لأحد بالتدخل فى شئونها، وكذلك عدم تدخلها فى شئون الآخرين
أمريكا والحضارة الحديثة
عندما نطل على العشرينات الأولى من القرن العشرين، سنجد أمريكا لم تعد الدولة المنعزلة فقد انتهت مبادئ مونرو وبدأت أمريكا تبرز كقوة أولى؛ وبعد أن كانت تابعة لبريطانيا، أصبحت بريطانيا تقف فى الظل خلف أمريكا، بل أصبحت أوروبا كلها ما عدا ألمانيا فى حاجة إلى أمريكا، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة
وبما أن أمريكا لا تعرف العواطف؛ فقد أزاحت الاستعمار القديم، وعلى رأسه البريطانى والفرنسى والأسبانى وغيره وبدأت أمريكا تشعر بقوتها العالمية، وبأنها فوق الجميع ولماذا لا؟ وهى النصير الأكبر لأوروبا فى الحربين العالميتين الأولى والثانية
لقد دخلت الحرب الأولى فى نهايتها بعد علمها بتحريض الألمان للمكسيك بمهاجمة أمريكا، وكانت نتائج الحرب بين قتيل وجريح تقترب من العشرين مليوناً، أما الحرب الثانية فكانت نتائجها62 مليون قتيل، وتكلفت تريليون دولار أمريكى بمشاركة نحو مليون جندى.
ولأول مرة وبدون أية أسباب معقولة، استعملت القنابل الذرية فى تدمير( هيروشيما ونجازاكى( مع أن اليابان كانت قد استسلمت ،وكانت البضائع الأمريكية والصناعات الأمريكية قد أصبحت الأكثر انتشاراً في العالم، ولم يكن هناك منافس لأمريكا فى الازدهار الصناعى والزراعى والتجارى فهى الأغلى والأعلى والأرو.
ومع نهاية الحرب، كانت أمريكا قد بدأت سياسة جديدة، هى سياسة السيطرة على العالم، والدخول فى معارك ضارية؛ من أبرزها فيتنام التى قتلت فيها أمريكا2 مليون فيتنامى! والحرب الكورية، والفلبين عندما طردت الأسبان منها .. وأخيراً أفغانستان والعراق وفلسطين من خلال اليهود، والصومال من خلال الأحباش
ومما لاشك فيه أن أمريكا كانت المتفوقة فى استغلال الفضاء .. كما أنها رزأت البشرية بأبشع وسائل الإبادة ، وكانت سباقة فيها بطريقة جنونيه .
ولم تترك أمريكا شيئاً إلا أبدعت في .. لكن الميزان اختل فى يدها.. فقد اعتمدت ميزان القوة .. وتركت ميزان الحق والعدل والرحمة.. وحتى وهى تنادى بحقوق الإنسان ومحكمة العدل والجنايات .. ومقاومة الإرهاب.. كانت تتاجر بهذه الشعارات .
إن حضارة أمريكا المعاصرة .. موصولة بحضارتها القديمة .. بعصر إبادة الهنود الحمر وعشرة ملايين إفريقى زنجى.
إن أمريكا قامت على أشلاء أكثر من خمسين مليوناً من الهنود الحمر الذين تعرضوا للإبادة بوحشية، وعلى أشلاء عشرين مليون إفريقى مات نصفهم فى المحيطات، ووصل النصف كعبيد - بعد أن خُطفوا من أفريقيا السوداء. وبعد خروج أمريكا من مرحلة العُزلةَ التى فرضتها مبادئ " مونرو" دخلت الحربين العالميتين الأولى والثانية .
وظلت تعربد فى العالم إلى أن ظهر بوش الابن فكان أحطّ رئيس أمريكى فى القرن العشرين، وبلغت وحشيّته عندما اخترع بالتعاون مع اليهود ومع بعض أجنحة المخابرات حادث الحادى عشر من سبتمبر 2001م ليعلن بعده ومن غير أى تحقيق حرباً صليبية على كل المسلمين، فصار كل مسلم إرهابياً، حتى فى داخل أمريكا، وظهرت عشرات الكتب باللغات الأجنبية تكشف" لعبة سبتمبر القـذرة " والأهم أنه بعد هذه اللعبة القذرة استطاع )بوش الابن) أن يقتل ثلاثة ملايين مسلم فى أفغانستان والعراق .
لقد قام الطيران الأمريكى والبريطانى فى أفغانستان بأكثر من (4700) طلعة أسقط خلالها(12000) قنبلة تحتوى على اليورانيوم المنضّب الذى كان سبباً فى تلوث هائل فى افغانستان، وتم قتل أكثر من(10.000 مقاتل) مقاتل وتشريد ستة ملايين مدنى خارج أفغانستان يتعرضون للموت والجوع، وتشريد مليون مدنى داخل أفغانستان، وتم قتل الأسرى بالجملة فقتل(600) أسير فى قلعة جانجى فى يوم واحد، وحمل معتقلون كثيرون من المسلمين إلى قواعد عسكرية أمريكية خارج أمريكا حرموا من كل الحقوق الإنسانية، حتى من حق الدفاع عن أنفسهم بواسطة محامين … وقد سجلت (60.000) ألف حادثة عنف ضد المسلمين فى أمريكا خلال السنة التالية لأسطورة سبتمبر2001 أو لعبة سبتمبر القذرة. وما جرى لأفغانستان جرى مثله تقريباً فى العراق وقد سكتت أمريكا عن قتل مائة ألف قتيل فى البوسنة والهرسك وعن مائة ألف مُعتقل ظلماً وعن أربعين ألف معتقلة اغتصب الكثيرات منهن، وعن (400.000) بلا مأوى يعيشون فى درجة البرودة30 درجة تحت الصفر ومليون ونصف مليون مشرد .
واستمر ذلك حتى رضيت البوسنة بأضعف ما يمكن من الحقوق، وكان الصرب المغرورون قد بالغوا كل المبالغة وتحدوا أمريكا وأوروبا، بل والعالم كله فتحركت أمريكا وأمرتهم بالتوقف.. بعد أن تركت لهم فرصة ارتكاب كل هذه الجرائم التى كانت تجرى تحت سمعها وبصرها.
لكن ربك لأمريكا ولكل القوى الظالمة بالمرصاد. وكما كانت البداية تعسة دموية فها هى أمريكا- التى لم تتراجع يوماً عن هذه السياسة- تبدأ فى السقوط، وكما يقول المؤلفان (هارى فيجى، وجيرالد سوانسون) فى كتابهما "سقوط أمريكا قادم.. فمن يوقفه": إن أمريكا انتهت فعلاً، فمنذ سنة 1995م وصلت ديونها إلى أكثر من 56.6 تريليون دولار أى تسعة أضعاف واردات الضرائب وستصل فوائد الديون إلى 619 مليار دولار.. وقد عرض المؤلفان لبعض مراحل الانهيار الأمريكى، فَفى عهد الرئيس جونسون (64 - 1968م) بلغ العجز الكلى للسنوات الخمس 44.8 بليون دولار.. وفى عهد نيكسون (69 - 1974م) بلغ العجز الكلى للسنوات الست 67 بليون دولار، وفى عهد (ريجان) (81 - 1988م) بلغ العجز الكلى للسنوات الثمانية (34.1) تريليون دولار، وفى عهد (بوش الأب) والد الرئيس الدموى (بوش الابن) والذى حكم من 89 - 1992م بلغ العجز الكلى للسنوات الأربع 40.1 تريليون دولار!! وقد ذكر محمد حسنين هيكل"- من مصادره التى ينقل عنها- أن الناتج القومى الأمريكى كله لن يكفى لسداد الفوائد فضلاً عن الديون فى (2020م).. أى أن الدخل الأمريكى كله فى (2020م) أى بعد عشر سنوات سيكون ملكاً للدائنين لأمريكا.. فكأن أمريكا لن تصبح ملكاً للأمريكان فى هذا التاريخ!!
ومع ذلك فإن أمريكا لا تزال تعالج الأخطاء بالأخطاء، فتركبها الصهيونية وترضخ لها، وتعتمد على القوة وحدها، وليس لديها مساحة للعدل أو الحق أو الرحمة، بل إنها تزداد سرقة ونهباً لثروات شعوب الأرض - لاسيما النفط أو المعادن الأخرى- معتمدة على قوتها العسكرية، ومازالت تبدد أموالها فى حروب لا نهاية لها. فقد أعلنت زيادة الميزانية العسكرية أيام بداية حربها على أفغانستان فأصبحت (300) مليار دولار سنوياً، مع أن ميزانية الصين العسكرية- على ضخامتها (40) مليار وميزانية اليابان العسكرية أيضاً (40) مليار والصين واليابان دائنتان لأمريكا بمبلغ لا يقل عن 1200 مليار دولار. لكنه.. جنون العظمة العسكرية الأمريكية التى تدفعها بقيادة الصهيونية لها- إلى الهاوية، وبمساعدة رؤساء مجرمين من أمثال (بوش الابن).
الحوار الخارجي: