موسى عليه السلام ودعوته إلى الله الواحد القهار
موسى عليه السلام ودعوته إلى الله الواحد القهار
إعداد : م.عبدالله بن علي صغير
مقدمة المؤلف:
• بسم الله الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة وأتمم التسليم على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين أما بعد فهذه المحاضرة موجهة إليّ وإلى كل مسلم ومسلمة تعافى وشفي من مرض الهزيمة النفسية التي يعاني منها الكثير من المسلمين.....
• إلى كل مسلم ومسلمة أحبوا الله ورسوله فأخلصوا في المحبة وراحوا يعبرون عن محبتهم الصادقة بالفعل العملي ولم يكتفوا بالأقوال بل لزموها بالأفعال إن شاء الله.....
• إلى كل داعي وداعية إلى الله عزوجل تراه يتخبط في طريق الدعوة لايعرف كيف يدعو ومن أين يبدأ ! ثم أدرك أن القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة هما الشفاء لمرضه والدواء لعلاته فراح يبحث في القرآن الكريم والسنة النبوية عن قصص الأنبياء والرسل عليهم والسلام ليتعرف على منهج الرسل في الدعوة ...
• وقصة موسى وهارون عليهما السلام تحوي الكثير من الدروس والعبر لعل الله يوفقني في الحديث عنها إن شاء الله....
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله عزوجل((ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين(( فصلت 33.
وقال الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ((بلِّغوا عني ولو آيةً،.....(( رواه البخاري
الدعوة إلى الله عزوجل فرض وواجب على كل مسلم سواء كان ذكر أم إنثى كل حسب طاقته وكل حسب طموحه وإيمانه…..
والدعوة إلى الله عزوجل هي مهنة الأنبياء والرسل وأتباع الانبياء والرسل زضي الله عنهم أجمعين
والغريب كل الغرابة ! في هذا الزمان أننا نجد اليهود والصليبين والشيوعيين وعبّاد الشياطين يدعون إلى مبادئهم الضّالة وفق خطط محكمة و تدبير و تمحيص دقيقين ونجد المسلم والمؤمن متكاسلاً عن إتمام مسيرة نبيه ورسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم رغم وضوح الهدف و نقاؤه وعلمه التام بمعونة الله عز وجل له.
شبهة حول العمل الدعوي للرجال
بعض المتكاسلين عن الدعوة إلى الله من الرجال يستشهد بحديث الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام فيقول ((أَتَى النَّبِيَّ النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ! اللّهِ أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَةَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ : «نَعَمْ» )).رواه مسلم
ان فئة كبيرة من المسلمين تميل للتكاسل عن الدعوة بحجة هذا الحديث مستنتجين منه أنه يكفي لدخول الجنة الصلاة وأكل الحلال واجتناب المحرمات!.......
و بهذا يكونوا قد مالوا للاسترخاء والكسل متناسين أومتجاهلين الكثير من الآيات والأحاديث التي تأمر المسلمين بالدعوة إلى الله عزوجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!
ولم يدركوا أن الأمر بالمعروف هوإحدى صور تحليل الحلال ! والنهي عن المنكر هو إحدى صور تحريم الحرام ! وأعرضوا بذلك عن قوله تعالى((لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)) المائدة 78-79...
شبهة حول العمل الدعوي للنساء
و ما ذكرناه ينطبق على مجتمع النساء حيث نجد السواد الاعظم من المجتمع الاسلامي - فيما يخص موضوع عمل الدعوة للمرأة - يستشهد بحديث الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام فيقول :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا صلّت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت » .مسند الإمام أحمد.
حيث استنتجت تلك الغالبية البعيدة عن الدعوة من هذا الحديث أنه يكفي لكي تدخل المرأة الجنة أن تقوم بالصلاة والصوم وحفظ الفرج وطاعة الزوج بعيدين كل البعد عن معنى الكثير من الآيات والأحاديث التي تأمر المسلمين رجالا كانوا أو نساء بالدعوة إلى الله عزو جل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!.... فيقول الله تعالى((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم)) التوبة71فالاية واضحة بان الرحمة ستكون للرجل والمرأة على حد السواء في حالة الالتزام بالعمل على السواء في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأي بالدعوة و بأن المقصود بالحديث السابق هو البشرى و الحث على الأعمال الصالحة ! وليس تهميش دور المرأة في الدعوة إلى الله أو حصره فقط في الأمور الواردة في الحديث السابق .
قصص الأنبياء والرسل في القرآن
إن الرسل في دعوتهم لأقوامهم فيها الكثير من الفوائد والعبر فقد كان الرسول الاعظم عليه الصلاة والسلام يجد فيها معيناً على دعوته ويستفيد من هذه التجارب حيث أنها تكون في بعض الأحيان بمثابة المواساة له أثناء دعوته.....
وما قصة دعوة موسى وهارون عليهما إلى قومهما إلا واحدة من القصص التي كان الرسول الأعظم يجد فيها مايسليه عن مصائبه فكان كثيراً مايقول عندما تشتد به أذية المنافقين والفاسقين (( ... رَحِمَ اللهُ موسى. قد أُوذِيَ بأكثرَ من هذا فصبرَ)). رواه بخاري
لذلك فعلى جميع الدعاة الاطلاع على أسلوب ومنهج دعوات الأنبياء مع دراسة عميقة وفهم لدعوة الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام.
موسى وهارون عليهما السلام
1- أما موسى: فهو من كبار أولي العزم من الرسل، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * فَلَمَّا جَاءهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [غافر: 23-25]
2- وأما هارون: فهو شقيق موسى، وقد بعثه الله رسولاً مع موسى ووزيراً له في رسالته ومعيناً له في دعوته، قال تعالى في شأنهما: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ * فَلَمَّا جَاءهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ} [يونس: 75-76].
نسبهما:
هما ابنا عمران (عمرام بالعبري) بن قاهت "قاهات" بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن. وأمهما يوكابد بنت لاوي عمة عمران ولم يكن الزواج بالعمة حينئذ محرماً، ثم نزل تحريم ذلك على موسى
وهارون أسبق ميلاداً من موسى بثلاث سنين، ولهما شقيقة اسمها مريم كانت فوق سن الإِدراك حينما ولد موسى.
ولد موسى بعد (64) سنة من وفاة يوسف، أي: بعد (425) سنة من ميلاد إبراهيم وبعد (250) سنة من وفاته، وعاش نحو (120) سنة، والله أعلم. ثم توفي موسى عليه السلام بعد أخيه هارون بأحد عشر شهراً في التيه. قالوا: وقد بلغ عمره (120) سنة، ولما جاءه ملك الموت وعلم أن الموت لا بد منه قال: (ربِّ أدنني من الأرض المقدسة رميةً بحجر)، فأُدني من الأرض المقدسة ودفن هناك فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له: أجب ربك، قال: فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها، قال: فرجع الملك إلى الله فقال: إنك أرسلتني إلى عبدٍ لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني، قال: فردّ إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبد فقل: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متنِ ثورٍ فما وارت يدُك من شعرة فإنك تعيش بها سنة، قال: ثم مَهْ؟ قال: ثم تموت، قال: فالآن من قريب، ربِّ أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر". رواه البخاري ومسلم.
ذكر سيدنا موسى عليه السلام في القران الكريم
(ب) وقد بسط القرآن الكريم في نَيِّفٍ وثلاثين سورة حياة موسى من ولادته ونشأته، وفراره من مصر، ودخوله أرض مدين، وزواجه ابنة شيخ مدين، وعودته إلى مصر، وتكليم الله له في جانب الطور، وتحميله الرسالة، ودعوته إلى فرعون وملئه، والمعجزات التي جرت في حياته، وخروجه من مصر ببني إسرائيل، ونجاتهم بالمعجزة، وغرق فرعون وجنوده في البحر، ونزول التوراة عليه والصحف، وعبادة قومه العجل، وسائر الأحداث الهامة التي جرت في حياته، مما أوجزناه هنا وفي الكلام عن المعجزات التي أيده الله بها. وما بسطه القرآن الكريم من ذلك في غاية الروعة والإِعجاز، ويحمل من العبر والأخبار ما يدلنا على مدى أهمية رسالته عليه السلام. وسوف نتكلم في هذه المحاضرة عن دعوة موسى وهارون بشكل مبسط كما وردت في سورة طه هذه السورة التي نحبها كثيراُ لأن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسلم بسر هذه السورة مايكاد يقرأ بضع آيات من هذه السورة المباركة حتى يفيض قلبه بنور الهدى والإيمان.
مراحل الدعوة إلى الله عزوجل
كل داع إلى الله عزوجل لابد أن يمر بثلاث مراحل :
المرحلة الأولى : التربية الإلهية للأنبياء والرسل والدعاة
التربية الإلهية لموسى عليه السلام قبيل الدعوة
وفي هذه المحاضرة سوف نركّز على اللحظات التي كانت قبل تلقي موسى عليه السلام الرسالة التبليغة من الله عزوجل وقد ذكرت هذه القصة بالتفصيل في القرآن الكريم في سورة طه..... ويمكن تلخيص تربية الله عزوجل لموسى عليه السلام وتوجيهاته الإلهية في هذه المرحلة كمايلي:
1- التعريف بألوهية رب العامين تربية موسى عليه السلام على آداب النبوة وتقديس رب العالمين.
2- بيان الله عزوجل لموسى عليه السلام الغاية الأساسية من رسالته ودعوته وهي التوحيد وإقامة شعائر الله في الأرض.
3- زرع الإيمان الغيبي بمغيبات الله عزوجل في قلب موسى عليه السلام.
4- تربية موسى عليه السلام على الإصرار على المبدأ والدعوة إلى الله وعدم الاكتراث بأقوال الملحدين والحاسدين...
5- زرع الإيمان الكامل والحقيقي في قلب موسى عليه السلام والثبات على هذا الإيمان عن طريق إظهار بعض المعجزات.
6- تعريف موسى عليه السلام بأعدائه الأساسيين وتحذيره منهم
المرحلة الثانية : مقومات الدعوة وتهيئة الأسباب لنجاحها
مقومات الدعوة التي طلبها موسى عليه السلام من الله عزوجل
بعد أن رسّخ الله عزوجل الإيمان الحقيقي في قلب موسى عليه السلام وأمره بتبليغ رسالة الله ودعوته إلى البشر هنا طلب موسى عليه السلام بعض المقومات اللازمة لنجاحه في هذه المهمة الصعبة والشاقة.
ويمكن تلخيص هذه المقومات بمايلي:
1- طلب موسى من الله عزوجل أن ينور قلبه بالإيمان والنبوة وأن ينزل السكينة عليه وأن يشرح صدره لهذه الرسالة الشاقة
2- طلب موسى من الله عز وجل أن يعينه ويقويه على تبليغ هذه الدعوة الشاقة والرسالة العظيمة.
3- طلب موسى من الله عزوجل أن يجعله بليغاً ويجعل نطقه سليم لتفقيه الناس في الدين ولإقامة الحجة على المعرضين.
4- طلب موسى من الله عزوجل أن يجعل له من أحبابه وأقاربه من يعينه على طريق الحق ويقويه على تبليغ هذه الرسالة العظيمة.
5- بيّن موسى لله عزوجل – وهو أعلم العالمين- الهدف من طلباته وهو العبودية المطلقة والشكر الكثير لله وليس الخوف أو التواني عن الحق .
6- بيّن الله عزوجل لموسى عليه السلام بأنه قد أعطاه كل ماطلب في سبيل نشر دعوته وتبليغ رسالته.
المرحلة الثالثة : مرحلة التبيلغ والثبات واليقين
المرحلة العملية للدعوة والثبات على المبدأ
بعد أن رسّخ الله عزوجل الإيمان الحقيقي في قلب موسى عليه السلام وأمره بتبليغ رسالة الله ودعوته إلى البشر وبعد أن هيأ الله لنبيه موسى عليه السلام مقومات الدعوة واستجاب لدعاء موسى عليه السلام ...هنا الله عزوجل أمر سيدنا موسى بعدة أوامر وهي:
1- تذكيرالله عزوجل موسى عليه السلام بفضله عليه .
2- حض الله عزوجل موسى عليه السلام على الدعوة إليه بقوة ودون فتور.
3- تعليم الله عزوجل موسى عليه السلام أسلوب الدعوة إلى الله وهو الحكمة واللين بالقول وخصوصاً أن دعوته موجهة إلى قوم عرفوا بالتكبر والعناد وقتل الأنبياء والإغراض عن الحق.
4- تقوية الله عز وجل موسى وهارون عليهما السلام وتثبّيت قلبهما على الإيمان .
5- طلب الله من رسله موسى وهارون عليهما السلام أن يبينا أمرهما للناس وأن يجهرا بدعوتهم و
أن يبينا للناس بأن من يعرض عن رسالات الرسل فإنّ له عذاباً أليما في الآخرة وضنكا في الدنيا.
أولاً:المرحلة الأولى : التربية الإلهية للأنبياء والرسل والدعاة
التربية الإلهية لموسى عليه السلام قبيل الدعوة
1- التعريف بألوهية رب العامين لموسى عليه السلام وتربيته على آداب النبوة وتقديس رب العالمين :
فقد خاطب الله تعالى موسى عليه السلام قائلاً((إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى)) طه 12
إن الله عزوجل دائماً عند إبلاغ الأنبياء الرسالة يقوم بزرع الإيمان في قلب الرسول والنبي ويعلمه على آداب النبوة وتقديس الرسالة.
لذلك فعلى المربيين والدعاة أن يبدؤوا أولاً بتربية تلاميذهم على آداب الدعوة إلى الله وعلى العقيدة السليمة وهي التعريف بالله الواحد القهار فأول أمر وأهم أمر عند بناء الشخصية الدعوية هو فكرة التوحيد ومعرفة الله عزوجل المعرفة الصحيحة الخالية من الشركيات والأوهام والخرافات ثم ينتقل المربي أو الداعي إلى معالجة بقية الأمور وهذا كان منهج الصحابة عند الانطلاق في دعوتهم وهذه كانت توجيهات الرسول الأعظم لدعاته .
فيقول رسولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لمعاذ بنِ جَبَلٍ حينَ بَعثَهُ الى اليمنِ: إنكَ ستأتي قوماً أهلَ كتابٍ، فإِذا جئتهم فادعُهم إلى أن يَشهدوا أنْ لا إلهَ إلاّ اللّهُ وأنَّ محمداً رسولُ اللّهِ، فإِن هم أطاعوا لك بذلك فأخبِرْهم أنَّ اللّهَ قد فَرَضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في كل يومٍ وليلةٍ، فإِن هم أطاعوا لك بذلكَ فأخبرْهم أنَّ اللّهَ قد فَرَضَ عليهم صدقةً تُؤْخَذُ من أغنِيائهم فتُرَدُّ على فقرائهم. فإِن هم أطاعوا لكَ بذلكَ فإِيَّاكَ وكَرائمَ أموالهم. واتَّقِ دَعوةَ المظلومِ، فإِنه ليس بينَهُ وبينَ اللّهِ حِجابٌ». والشاهد هنا بدء الدعوة إلى الله بالتوحيد لاإلله إلا الله محمد رسول الله ثم الانتقال إلى الأمور الأخرى .
2- بيان الله عزوجل لموسى عليه السلام الغاية الأساسية من رسالته ودعوته وهي التوحيد وإقامة شعائر الله في الأرض. فقد خاطب الله تعالى موسى عليه السلام قائلاً((وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى *إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري)) طه 13- 14
هنا بعد أن عرف الله عزوجل موسى عليه السلام بربوبيته وألوهيته- كما مر سابقاً- قام الله عزوجل بتعريف موسى أنه نبي (وأنا اخترتك ) وأمره بالاستماع إلى الوحي (فاستمع لما يوحى ) ثم عرفه أن الغاية من الدعوة هي توحيد الله عزوجل وعبادته وإقامة شرائعه في الأرض (لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري).
لذلك فعلى الدعاة والمربين أن يبينوا لأتباعهم وللناس كافة بأن الغاية الأساسية من الدعوة إلى الله هي توحيد الله وإقامة شرائعه في الأرض وليس الغاية من الدعوة إلى الله السمعة أو الزعامة أو الرياء .
لذلك نرى فشل الكثير من الدعوات والدعاة في تخريج دعاة مخلصين لله عزوجل والسبب في ذلك لأنهم ابتعدوا عن الغاية الأساسية من الدعوة إلى الله وراح أكثر همهم هوجمع الناس حولهم وتوجيه الناس إلى مشايخهم وعلماءهم ونسوا الله ورسوله وآل بيته وصحابته وراحوا ينقادوا وراء علماء متفيقهون لايملكون ضرا ولانعفاً فقط يمكلون اسم لامع أو طريقة مشهورة ؟! أو ورد سحري –لا نعلم من أين أتوا به- ؟!
3- زرع الإيمان الغيبي بمغيبات الله عزوجل في قلب موسى عليه السلام:
فقد خاطب الله تعالى موسى عليه السلام قائلاً((إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى)) طه 15.
بعد أن عرّف الله موسى عليه السلام بألوهيته الواحدة وبين له الهدف من الأساسي من دعوته هو عبادة الله عزوجل وإقامة شرائعه في الأرض.
قام الله تعالى بزرع الإيمان الغيبي بقيام الساعة في قلب موسى عليه السلام (إن الساعة آتية) وبين له أن كل إنسان سوف يجزى بحسب عمله .
إن الإيمان بالغيب ركن أساسي من أركان دعوات الرسل لذلك فعلى مربي هذا الزمان ودعاة المسلمين في هذا الزمان أن يشددوا على الإيمان بالغيب والذي هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله و بالقضاء والقدر خيره وشره وقيام الساعة وعذاب القبور....
وليس الإيمان بأن أحد العلماء أوالمشايخ له سر عند الله أو كرامة عظيمة لا تدركها عقولنا! كما يقول الجاهلون قدّس الله سرّه ؟ّ! من الإيمان بالغيب من شيء بل على العكس هو فساد في العقيدة والعبادة وبعد وإعراض عن السنة ......
والله المستعان عما يصفون
4- تربية موسى عليه السلام على الإصرار على المبدأ والدعوة إلى الله وعدم الاكتراث بأقوال الملحدين والحاسدين... فقد خاطب الله تعالى موسى عليه السلام قائلاً ((فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى)) طه 16
بعد أن عرّف الله موسى عليه السلام بألوهيته الواحدة وبين له الهدف من الأساسي من دعوته هو عبادة الله عز وجل وإقامة شرائعه في الأرض وزرع الإيمان الغيبي بالساعة في قلبه .
قام الله عز وجل بتربية وتوجيه موسى عليه السلام على عدم نسيان يوم قيام الساعة وعلى عدم الاكتراث بأقوال المعرضين عنها لأن في نسيان الساعة هلاك للمؤمن . والإيمان بها سوف يدفع صاحبها إلى المزيد من العمل فإن كان رسول لله فإنه سوف يسخر كل وقته وطاقاته في الدعوة إلى الله وتبليغ رسالته.
لذلك فعلى دعاة المسلمين والمربين تذكير المسلمين بيوم القيامة ليتركوا المنهيات ويشتغلوا بالطاعات. وحريّ بكل داعية أن لا ينسى يوم القيامة وبأنه سوف يلقى الله عز وجل وسوف يلقى قوم يذلوا أرواحهم ودمائهم في سبيل اللهّ وهم الرسول الأعظم وأصحابه ......
فلنشحذ هممنا وندع الكسل والتخاذل ولنرفع شعار لا إله إلا الله محمد رسول الله
ولنصبح كلنا دعاة كل حسب طاقته و وقته و علمه دون التأثر بقول دون التأثر بمغرض أو متباطأ.
5- زرع الإيمان الكامل والحقيقي في قلب موسى عليه السلام والثبات على هذا الإيمان :
فقد خاطب الله تعالى موسى عليه السلام قائلاً((وما تلك بيمينك يا موسى* قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى * قال ألقها يا موسى* فألقاها فإذا هي حية تسعى* قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى * واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى * لنريك من آياتنا الكبرى)) طه 17- 23 هنا الله عز وجل يري نبيه موسى بعض المعجزات ليثبت الإيمان في قلبه فالله عز وجل دوماً عند بداية الإيحاء للأنبياء يريهم بعض المعجزات ليثبت الإيمان في قلبه وليعتاد على رؤيتها وأما نوع المعجزة فتختلف من نبي إلى آخر وذلك يتعلق بشكل مباشر في الفكر السائد في المجتمع المرسل إليه الرسول فكان موسى عليه السلام مرسل إلى بني إسرائيل وفرعون وأتباعه وكما نعلم بأنّه كان عند فرعون الكثير من السحرة فأراد الله عز وجل أن يؤيده بمعجزات تفوق سحرالسحرة.
وأما المعجزة الخالدة لرسولنا محمد عليه الصلاة والسلام فهي القرآن لأنّ العرب كانوا أشهر العالم بالبلاغة والشعر والخطابة فجاء القرآن لظهرهم عاجزين على أن يأتوا بآية من مثله رغم بلاغتهم . وقال صلى الله عليه وسلم: ( ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليَّ؛ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ) رواه البخاري و مسلم .
لذلك على أساتذة الدعاة تنبيه الدعاة على أن خير معجزة للعالمين هي القرآن وأنّ الاستقامة عين الكرامة فأساس الدعوة إلى الله هو القرآن وكرامة الداعي هي استقامته على شرع الله ..... وليس ضرب نفسه بالشيش(سخ حديد) أو التعامل مع الجن كما يفعل الكثير من المشعوذين باسم الدعوة إلى الله . فليعلم أولئك المشعوذين بأنّ الله ورسوله والإسلام والمؤمنين بريئين منهم.
6- تعريف موسى عليه السلام بأعدائه الأساسيين وتحذيره منهم:
فقد خاطب الله تعالى موسى عليه السلام قائلاً((اذهب إلى فرعون إنه طغى)) طه24
بعد أن عرّف الله موسى عليه السلام بألوهيته الواحدة وبين له الهدف من الأساسي من دعوته هو عبادة الله عزوجل وإقامة شرائعه في الأرض وبعد أن زرع الله الإيمان الغيبي بالساعة في قلب موسى وأيده بالمعجزات وثبت الإيمان في قلبه. قام الله عزوجل بتعريف موسى بأعدائه الحقيقيين وحذرّه منهم وأمره بالبدأ بدعوتهم لأنهم أفسدوا البلاد وأدّعوا الألوهية.
لذلك يجب على معلمي الدعاة تنبيهيهم من الأعداء المحتملين للدعوة إلى الله ليحذروا منهم ويتقوهم ويجابهوهم ووكذلك يجب توجيه الدعاة إلى الأشخاص الذين يجب عليهم البدأ بدعوتهم فإن كانت الداعية أماً فالأفضل أن تبدأ بدعوة أولادها وزوجها دون نفور أو فتور أو تسرع ... وإن كان الداعي طبيب فالأفضل أن يبدأ بدعوة المرضى وزملاءه الأطباء فكلنا عندما يذهب إلى الطبيب فإننا ننظر له نظرة إجلال وإكبار .....وإن كان الداعي معلماً فمن الأفضل أن يبدأ بدعوة طلابه ليكون لهم المعلم والمربي وليس فقط الأستاذ.....
فأول ما بدأ الرسول الأعظم بدعوتهم هم أحبابه وأصدقائه وزوجته (أبو بكر وعلي وزيد بن الحارثة وخديجة ...) لأن للحب الصادق والعاطفة القوية شان عظيم في اتباع الحق لذلك يجب علينا البدء بدعوة أحبابنا لنجد الملجأ فيهم والمؤازرة إن شاء الله
ثانياً :المرحلة الثانية : مقومات الدعوة وتهيئة الأسباب لنجاحها
مقومات الدعوة التي طلبها موسى عليه السلام من الله عزوجل
1- طلب موسى من الله عزوجل أن ينور قلبه بالإيمان والنبوة وأن ينزل السكينة عليه وأن يشرح صدره لهذه الرسالة الشاقة.
فقد قال موسى عليه السلام مخاطباً الله تعالى ((قال رب اشرح لي صدري )) طه 25
في هذه المرحلة وعند تلقي الرسول الوحي من الله عز و جل وبعد أن آمن الرسول بما أنزل عليه وثبت قلبه على هذا الإيمان..... هنا يتوجب على الرسول تهيئة الأسباب اللازمة لنجاحه في تبليغ دعوة ربه وأهم الأسباب اللازمة لنجاح الدعوة إلى الله عز وجل هي أن يكون المرء مطمئن ومنشرح الصدر للرسالة التي يدعو إليها.....
لذلك فعلى معلمي الدعاة تربية الدعاة على الإيمان بمبدئهم وعلى أن تطمئن أنفسهم للمبدأ الذي يدعون إليه لأن فاقد الشيء لا يعطيه ؟ فكيف تدعو المراة إلى الحجاب الشرعي وهي غير مقتنعة به؟! وكيف يدعو الرجل إلى التضحية في سبيل الله وهو غير مقتنع بهذه التضحية ؟! ....... وكيف ندعو إلى الله عزوجل ونحن لا نعرفه المعرفة الصحيحة اللازمة لذلك يجب أن نتنبه إلى هذه الأمور ونتمثل قوله تعالى:
((قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)) يوسف 108
2- طلب موسى من الله عزوجل أن يعينه ويقويه على تبليغ هذه الدعوة الشاقة والرسالة العظيمة.
فقد قال موسى عليه السلام مخاطباً الله تعالى((ويسر لي أمري)) طه 26
بعد أن طلب موسى عليه السلام من الله عز وجل أن يشرح صدره إلى الدعوة والإيمان هنا يطلب موسى من الله أن يعينه على ما كلفه به من أعباء الدعوة .....
وهذه الفكرة يجب على جميع الدعاة أن ينتبهوا إليها فلابد من التضرع إلى الله من أجل نصر الدعوة والإعانة عليها ولكن هذا التضرع والدعاء يجب أن يكون وفق مفهومه الشرعي الصحيح وهو يمكن تلخيصه بمايلي:
1- على الداعي دوماً أن يأخذ بجميع الأسباب التي تساعده في دعوة الناس ولايتواكل على الله بل يجب عليه التوكل الحقيقي على الله
2- يجب أن يكون هذا الدعاء خالي من الشركيات لاكمن نسمعه يقول أغثيني ياخضر؟!! أو أغثني ياجيلاني؟!! فأين الإخلاص لله عز وجل وإن كنا نحن لا نعرف أبسط وأقوى مبادىء الإسلام وهو لا إله إلا الله محمد رسول الله.
3- هذا الدعاء يجب أن يكون بالقلب واللسان ....... وعلى كل حال من يعمل في حقل الدعوة إلى الله وهو مخلص بعمله لوجه الله فإنه سوف يرى العجب والمدد الإلهي العظيم ........
3- طلب موسى من الله عزوجل أن يجعله بليغاً ويجعل نطقه سليم لتفقيه الناس في الدين ولإقامة الحجة على المعرضين.
فقد قال موسى عليه السلام مخاطباً الله تعالى((واحلل عقدة من لساني* يفقهوا قولي )) طه 27- 28بعد أن طلب موسى عليه السلام من الله عز وجل أن يشرح صدره إلى الدعوة والإيمان وأن يعينه على ماكلفه به من أعباء الدعوة هنا يطلب موسى من الله عز وجل أن يزيل اللكنة الحاصل في لسانه وذلك حتى يستطيع تبليغ الرسالة ويفهم الناس كلامه بشكل واضح....
لذلك يجب على الدعاة دوماً تهيئة الأسباب والوسائل اللازمة لكي يستطيعوا تبليغ دعوتهم بشكل جيد فيجب على الداعي أن يطلب من الله أن يزده علماً في الدين وأن يبارك له في وقته وأن يساعده على تربية اولاده وعلى أعباءه في الحياة ....... كل ذلك في سبيل أن يتفرغ الداعي إلى دعوته وأن لا يلهيه أي شيء عنها.........
وإن ما نجده اليوم أن كثير من الرجال والنساء الذين نحسبهم من الصالحين لا يستطيعون الموازنة بين أعباء المنزل والحياة وبين الدعوة إلى الله .... لذلك نرى نساء المسلمين اليوم أصبحوا نساء المطبخ والمنزل وأصبحت المرأة الناجحة هي التي تطبخ بشكل جيد وتضع الماكياج في بيتها بشكل رائع ولم يصبحوا نساء الإسلام والدعوة..... وكأنهم لم يقرؤوا شيء عن سيرة السيدة عائشة رضي الله عنها.
ونرى الكثير من رجال المسلمين أصبحوا طلاب دنيا وطلاب عمل وطلاب ملذات ولم يصبحوا رجال دعوة وإسلام ......ولعل الله يوفقني في الحديث عن هذا الموضوع بشكل أشمل في محاضرة أخرى
4- طلب موسى من الله عزوجل أن يجعل له من أحبابه وأقاربه من يعينه على طريق الحق ويقويه على تبليغ هذه الرسالة العظيمة.(هذه الفقرة وهذا الطلب يعتبر أهم مقوّم من مقومات الدعوة إلى الله).
فقد قال موسى عليه السلام مخاطباً الله تعالى ((واجعل لي وزيرا من أهلي *هارون أخي * اشدد به أزري* وأشركه في أمري)) طه29- 32
من سنن الله عز وجل أن يهيأ لرسله ودعاته من يؤيدهم ومن يواسيهم ويعينهم على مسيرة الحق والخير فالإنسان بطبيعته يحب المساعدة والحنان والعطف ممن يحب لذلك طلب موسى عليه السلام من الله عز وجل أن يؤيده بأخيه هارون ليكون معيناً له على طريق الخير والدعوة ... وقال العلماء((مانفع أخ أخاه كما نفع موسى هارون فقد طلب له من ربه ان يجعله وزيراً له ويكرمه فاستجاب الله دعاءه وجعله نبياً مرسلاً)) .
لذلك فعلى الدعاة أن يطلبوا من الله عز وجل أن يؤيدهم بمن يعينهم على الدعوة إلى الله لذلك فكل داعي أو داعية يجب أن يبحث على من يعينه على طريق الخير فإن كان الداعية إمراة تدعو إلى الله بين صفوف النساء فيستحب لها أن تبحث على من يعينها على طريق الدعوة الشاق فلتبحث على المعين لها فلعله يكون زوجها أو أحد أبنائها أو إحدى أخواتها أو أحد محارمها ........
فإن كان خيرالأخ للأخ كما قال العلماء هو موسى لأخيه هارون لأنه أشركه في أمره وجعله داعياً معه ونبياً فلماذا لاتكوني أيتها الأم الداعية إلى الله أو أيتها الأخت الداعية إلى الله بخير الأم لأولادها أو خير الأخت لأخواتها أو خير الزوجة لزوجها بأن تجعليهم دعاة إلى الله الواحد القهار.........
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الأب لأبنته وخير الصاحب لأصحابه وخير الزوج لأزواجه وخير السيد لمواليه وخير القريب لقريبه وخير النبي لأمته فهل المكانة العظيمة التي حظي بها- أبو بكر وعمر(صاحبا رسول الله) وحمزة والعباس(من أعمام رسول الله) وعلي (من أولاد عم رسول الله) وفاطمة (من بنات رسول الله) والحسن والحسين (من أحفاد رسول الله) و خديجة وعائشة (من أزواج رسول الله) وزيد وابنه أسامة(موالي رسول الله ) وطلحة والزبير....(أصحاب رسول الله) وسعد بن معاذ وسعد بن عبادة ( من انصار رسول الله)- إلا كانت بفضل حب رسول الله لأصحابه وانتقائه لهم ...........
تنبيه:
يجب التذكير والتركيز على فكرة هامة جداً في الدعوة إلى الله عز وجل وهي كما قال موسى عليه السلام لله عز وجل ((وأشركه في أمري)) فالداعي لله عز وجل لا يريد السلطة أو الزعامة ولا يريد التفرّد في الأمور لوحده وإنما يريد دوماً الأفضل للدعوة فنلاحظ قول موسى عليه السلام لله تعالى ((وأشركه في أمري)) ولم يقل اللهم اجعله مريداً عندي أو تلميذاً عندي أو تابعاً لي وهذا ما كان عليه خلق سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان يقول لأصحابه تارة أخوتي وتارةً يثني عليهم ولم يقل لهم يا أتباعي يا تلاميذي لأنّ هذه الكلمات تزرع فجوة بين المربي والمتربي وبين الداعي والمدعو.
وإن ما نشاهده اليوم من أخطاء في سلوك بعض الدعاة يدل على ابتعادهم عن فهم دعوة نبيهم فهذا يسمي نفسه بشيخ الطريقة الـ؟؟ وذلك يسمي نفسه صاحب الطريقة الـ؟؟؟ وهذا يسمي طلابه بمريدين ويسمي نفسه مراد! وهذا يقول من لا شيخ له فالشيطان شيخه؟ّ! وتلك تقول كوني بين يدي شيخك كالخشبة ؟! وذلك ينسب الفضل لنفسه وينسى من ساعده على دعوته ومن آزره ؟!
5- بيّن موسى لله عزوجل – وهو أعلم العالمين- الهدف من طلباته وهو العبودية المطلقة والشكر الكثير لله وليس الخوف من الحق أو التواني عنه .
فقد قال موسى عليه السلام مخاطباً الله تعالى ((كي نسبحك كثيرا *ونذكرك كثيرا*إنك كنت بنا بصيرا)) طه33 - 35
بعد أن طلب موسى عليه السلام من الله تعالى كما مر سابقا أن يحلل عقدة لسانه وأن يؤيده بأخيه هارون هنا يبين موسى لله تعالى – وهو أعلم العالمين- أن الهدف من تلك الطلبات ليس تكاسلاً عن الدعوة وليس حباً فقط بأخيه وإنما الغاية الأساسية هي :عبادتك يارب ولكي نتعاون أنا وأخي على الدعوة في سبيلك وأنت أعلم بذلك ........
لذلك يجب على الدعاة دوماً أن يكونوا واضحي الهدف صادقي المطالب ويكون الهدف الأول والأساسي من علمهم وعملهم هو الله تعالى وقد صدق من قال :
ليس العالم من يتعلم ويحفظ ليترقى ويرتفع وإنما العالم من يتعلّم ليعلّم الناس وينفع
6- بيّن الله عزوجل لموسى عليه السلام بأنه قد أعطاه كل ماطلب في سبيل نشر دعوته وتبليغ رسالته.
فقد قال موسى عليه السلام مخاطباً الله تعالى ((قال قد أوتيت سؤلك يا موسى )) طه 36
هنا يبين الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام بأنه سوف يعطيه كل ماطلب ......
فالله تعالى دوماً يعطي أنبياؤه ما يعينهم على دعوته وهذه هي سنة الله مع كل الدعوات لذلك فعلى الدعاة الصدق مع الله في الطلب وليعلموا أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا والعاقبة للمتقين ولكن هناك مفهوم للدعاء يجب أن نعلمه وهو:
علينا أن ندعو حسب فهمنا وقناعتنا والله يختار لنا الأفضل والأخير لديننا ولدنيانا فرّب ضارة نافعة ورب نافعة ضارة .
فقد نطلب من الله عز وجل أن يرزقنا أولاد ليصبحوا دعاة لله والله قد لايستجب لنا لأنه قد يكون بقدوم الأولاد فتنة للداعي وقد يأتيه أولاد لا يستطيع تربيتهم فيجب أن لا يحزن الداعي من هذا والأمثلة كثيرة في حياة الصحابة والتابعين فحادثة الإفك لم تزيد الداعية السيدة عائشة الطاهرة المطهرة زوجة رسول الله إلا رفعة وقوة فيكفيها فخراً أن الناس إذا وقعوا في فتنة أو قذفوا في أعراضهم فإن القاضي العادل هو الذي يبرأهم .... ولكن الذي برأ أم المؤمنين عائشة هو الله تعالى وأصبح يكفي أن نقول زوجة الرسول الأعظم المبرأة من فوق سبع سموات ليعلم السامع بأن المقصود بالقول عائشة أم المؤمنين فقد قال الله تعالى مخاطباً الرسول الأعظم وزوجته عائشة:
((إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم))النور11
المرحلة الثالثة : مرحلة التبيلغ والثبات واليقين
المرحلة العملية للدعوة والثبات على المبدأ.
1- تذكير الله عزوجل موسى عليه السلام بفضله عليه .
((ولقد مننا عليك مرة أخرى * إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى * أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني)) طه37-39
هذه المرحلة تعتبر بداية المرحلة العملية للدعوة إلى الله حيث ينطلق فيه النبي للدعوة إلى الله وذلك بعد أن اطمأن قلبه للإيمان وهيأ الأسباب اللازمة لنجاح دعوته إلى الله....
وإن من سنّة الله في أنبيائه أن يعرفهم دوماً بفضله قبل وأثناء وبعد الانطلاق في الدعوة فهنا يذكر الله عز وجل موسى عليه السلام بفضله ...
لذلك يجب دوماً أن يركّز الدعاة على بيان فضل الله على عباده عامة وعلى المسلم الداعي خاصة فنلاحظ في هذا الزمن الكثير من دعاة الضلال يدعون إلى الشهوات والمعاصي فالحمد لله الذي جعلنا إن شاء الله ممن يحب أن يكون داعياً يوماً ما هذه الفكرة يجب أن يفهما كل داعي ويجب دوماً أن لا ننسى الشكر لرسولنا محمد عليه الصلاة والسلام وأن لا ننسى الشكر لآل بيته وصحابته وأزواجه الكرام وأفضل شكر لهم هو المسير على نهجهم وأن نحافظ على ما قدموه لنا من علم و فتوحات وقد قال صلى الله عليه وسلم ((لا يشكر الله من لا يشكر الناس)) – مسند الإمام احمد -
2- حض الله عز وجل موسى عليه السلام على الدعوة إليه بقوة ودون فتور.
((واصطنعتك لنفسي * اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري * اذهبا إلى فرعون إنه طغى)) طه41- 43
هنا يبين الله تعالى فضله لموسى أيضاَ فيقول له بأننى أنا الذي اخترتك لدعوتي... هذه الآية لها وقع خاص على كل نبي وعلى كل داعي فهي لها تأثيران في نفس كل نبي وداعي :
1- التأثير الأول بأن تجعل النبي والداعي إلى الله دوماً منكسراً لله عز وجل لأنه اختاره لهذا الفضل العظيم وشرّفه بهذا الاختيار وأكرمه به .
2- التأثير الثاني تجعل هذه الآية النبي والداعي إلى الله دوماً يشعر بالتفاؤل لأن الله اختاره ولم يختر سواه هذا الشعور يجعل النبي والداعي يشعر دوماً بالقوة والقرب من الله فكلنا يتمنا بلسان حاله أن يكون من عباد الله المخلصين ......
وفي هذه المرحلة يطلب الله تعالى من الأنبياء والدعاة أن ينطلقوا في الدعوة إلى سبيله دون فتور أو نفور ويجب على الداعي أن يتحلى بالصبر ويتزود بالتقوى من أجل نشر دينه فطريق الدعوة إلى الله طويل وشائك فلابد من العزيمة كل العزيمة على نشر دين الله في الأرض
3- تعليم الله عز وجل موسى عليه السلام أسلوب الدعوة إلى الله وهو الحكمة واللين بالقول وخصوصاً أن دعوته موجهة إلى قوم عرفوا بالتكبر والعناد وقتل الأنبياء والإعراض عن الحق.
((فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى )) طه44
هنا يعلم الله تعالى نبيه أسلوب الدعوة المفيد لهذا الطاغية وطلب الله تعالى من موسى عليه السلام أن يستعمل أسلوب القول اللطيف في دعوة فرعون وهذا الأسلوب جيد الاستخدام في دعوة الزعماء والمتكبرين ....
شبهة (يجب الحذر منها): الكثير من المتخاذلين والخانعين يحتجون بهذه الآية ويقولون بأنه دوماً يجب استخدام القول اللطيف المنمق في الدعوة .....وهذا جهل كبير وخطأ عظيم فأسلوب الدعوة برفق ولين مفيد للأشخاص الذين لا يعلمون شيء عن الإسلام أما المنافقين ودعاة الضلال فيجب استخدام كل أساليب الدعوة معهم نبدأ باللين فإن لم يستجيبوا فنلجأ إلى الشدة فأصل الدعوة إلى الله هوا لأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكثيرا ما يضطر الداعي إلى النهي عن المنكر بشدة وصرامة وذلك حفاظاً على شعائر الله والأمثلة كثيرا في حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام فكان يستخدم تارة أسلوب الترغيب وتارة أسلوب الترهيب .......فما أعظمك يا رسول الله من معلم فكنت للجاهل معلما وللعالم مشجعا ولليتم أبا وللأب ابناً فما أروعك يا رسول الله وما أحسن خلقك وخلقك
4-تقوية الله عز وجل موسى وهارون عليهما السلام وتثبيت قلبهما على الإيمان .
(( قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى * قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى )) طه45-46
كل داعي إلى الله قد تعتريه شيء من مشاعرالخوف لذلك هنا يبين موسى عليه السلام لله تعالى بأنه يخشى من أن يستعجله بالعذاب ويسيء له ... لذلك يقوم الله موسى وأخاه هارون عليهما السلام بأن يؤكد لهما بأنه معهم أيمنا ذهبوا فلا يخشوا شيء.... لذلك يجب دوماً على الدعاة اللجوء إلى الله عز وجل وأن يبينوا لله ضعفهم ويجب أن يدركوا بأن الله معهم يؤيدهم ويساعدهم ويعينهم على الحق مع علمهم بأن هذا الطريق ليس ممهدا بالورود. لذلك يجب على المسلم دوماً أن يتوكل على الله وأن لا يتواكل عليه فالتوكل على الله قوة وإيمان ونصر وغلبة والتواكل على الله ضعف وضياع ويجب دوماً أن يكون فهمنا لعقيدتنا صحيح فليس كل ما يجري معنا من بلاء ومصائب هو عقوبة من الله عزوجل كما يعتقد الكثير من المسلمين وذلك نتيجة أخطاءهم وإنما في الدنيا يشترك في المصائب المؤمن والكافر والموحّد والملحد ولكن على المؤمن دوماً أن يكون دليل حياته هو الاستقامة على شرع الله فليس بالضرورة كل من تيسرت أموره أن يكون مؤمناً أو ان تعسرت أموره أن يكون ضالاً ومذنبا فلوكان هذا الاعتقاد صحيح لما ابتلي الأنبياء والصالحون ولما تنعّم الكفرة والملحدون ...... ولله في خلقه شؤون وقال صلى الله عليه وسلم عندما سأله رجل عن أشد الناس بلاءّ ((قالَ : يا رسولَ اللَّهِ، مَنْ أشدُّ الناسِ بَلاءً؟ قالَ: «الأنبياءُ، ثم الأَمْثَلُ فالأمثلُ، يُبْتَلَى العبدُ على حَسَبِ دينِهِ، فما يَبْرَحُ البَلاءُ بالعبدِ حتى يَدَعَهُ يَمْشي على الْأَرْضِ وما عليهِ خَطيئةٌ». رواه ابن حبان
5- طلب الله من رسله موسى وهارون عليهما السلام أن يبينا أمرهما للناس وأن يجهرا بدعوتهما وأن يبينا للناس بأن من يعرض عن رسالات الرسل فإنّ له عذاباً أليما في الآخرة وضنك في الدنيا.
((فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى * إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى )) طه 47- 48
في هذه المرحلة مرحلة الجهر والتبليغ يطلب الله تعالى من رسله أن يجهروا بدعوتهم وأن يعرّفوا بأنفسهم وأن يبينوا للناس كافة ماهو أساس دعوتهم وبأن العذاب واللعنة على من لايتبع الرسل ..
لذلك على الدعاة أن يكونوا واضحي المبدأ ليسوا متذبذبين وليسوا كاذبين وليس لهم وجهين فالداعي يجب أن يكون مستقيماً على المبدأ لا يعرف المراوغة في دينه فالإسلام دين واضح لا أسرار في أحكامه ولافي شرائعه فالإسلام دين بسيط يدركه الطفل والشاب والمرأة والشيخ ...
وإن ما يفعله الكثير من الدعاة من مراوغة وخداع يسيء إلى الإسلام
فهذا الأسلوب من الدعوة جهل وضعف وفيه بعد كبيرعن هدي نبينا وأئمتنا والله ورسوله أعلم .
وآخر دعواهم أن الحمد لله
رب العالمين
م.عبدالله بن علي صغير
engalep@maktoob.com