الحوار والتجديد في لغة السباب والوعيد
الحوار والتجديد في لغة السباب والوعيد
الدكتور صالح المعيض
الحوار والتجديد مصطلح يرى البعض من مواليد رحم هذه الأزمات المتلاحقة والحقيقة لابد من ذكرها في هذا المقام وكما أشرت في أكثر من مقالة وحوار: أن الحوار لم يكن ظاهرة جديدة على مجتمعنا ، ولا نتاج ضغوط خارجية كما قد يتشدق بذلك البعض ، بل كان الحوار قديماً ومتأصلاً منذ زمن ليس بقريب ، ليس على مستوى الحكومة و لكن حتى على المستوى الشعبي بالذات وهذا مايهمنا ، فالمجالس الشعبية والاستراحات العامة والمناشط الثقافية والمناسبات الاجتماعية كانت لا تخلو وأن بعدت عن وسائل الإعلام والمتابعة الرسمية من نقاشات وحوارات ساخنة لا تضع أجندتها ولا حتى ترعاها مؤسسات أو حتى أفراد ، فقد كان الواقع والأحداث تفرض أجندتها ووقت انعقادها دون جدولة ولا برامج ولا أنشطة مرادفة ولا وهج إعلامي مثير، ولا حظر حكومي قد يجعل الشفافية شبه معدومة وكانت لطريقة أو أخرى تصل إشاراتها إلى الجهات ذات الصلة فتتلقفها وتتبنى ما كانت تراه يخدم الصالح العام وفق معطيات ومتطلبات العصر وكما يواكبها من أحداث عالمية وإقليمية في حينه .. وإن كانت في احيان كثيرة ينقصها رعاية الخبير المتمرس ، وكان المجتمع السعودي ومنذ توافق الوجهة والهدف بين المؤسس للدولة السعودية الأولى الأمير : محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب عليهما رحمة الله مرورا بعهد الباني الملك عبد العزيز ومن بعده أبنائه البررة يرحمهم الله جميعا رحمة الأبرار وحتى عصرنا الحاضر عصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه ينعم بمجلس شورى بل حتى مجالس انتخابية بلدية ، لكن في مرحلة (ما) جاء ما يسمى بعهد الطفرة وبالذات من بعد حرب أكتوبر (1393هـ)(1973م) فقلبت الموازيين وغيرت المفاهيم في شتى مناحي الحياة فشعر العرب من جهة أنهم انتصروا على إسرائيل فتبنوا ظاهرياً وإعلامياً فكرة (التنمية) في مجتمعاتهم العربية ، متحججين بأن الحروب أنهكتهم وأصبح هناك شبه استقرار في المنطقة ككل وكان مردود استخدام سلاح النفط في تلك الحرب كبيراً على الدول النفطية وبالذات (دول الخليج العربي) ومن جوارها من دول عربية وغير عربية ، شهدت دول الخليج طفرة غير مسبوقة وغير متوقعة وغير مدروسة في ذات الوقت فتوجهت كل قطاعات الدول ومؤسساتها العامة والخاصة إلى البناء والتشييد وشهدت المملكة العربية السعودية بالذات مرحلة تنموية نشطة عادت بالنفع على البلاد والعباد وأمتد ذلك النفع ليتخطي محيطنا عربيا وإسلاميا ودول صديقة وهيئات ومنظمات دولية وإنسانية ، ولست هنا بقصد التطرق لمراحل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وما واكبها من ايجابيات هي أكثر من أن تحصى ، ولكن رأيت هنا أن ذلك لا يمنع من الإشارة إلى أن هنالك مساحات أعطت مجالا لبعض السلبيات بأن تترسخ وأن تتزايد يوماً بعد يوم مستغلة أوجه التنمية الظاهرية المدهشة فبنت لها أوكار وخلايا كانت نائمة ولكن للأسف نرى اليوم أنها تصحو على فترات فتشوه تلك الصور المشرقة وتسيء للسمعة الحسنة لهذا الكيان الكبير .. .. كان لاختلاف الأفكار الدينية ومحاربتها بعضها لبعض في زوايا ضيقه أثره الكبير وكان المواطن يعايش ذلك ويدركه عن قرب ولكن للأسف لم يكن يتوقع آثاره وأضراره المستقبلية . وكانت البطالة ايضاً تشغل مساحة من تلك الجوانب السلبية وكان الكل يعايشها ويدركها بل ويتناقش ويحاور وأن كانت على تطرح على شاكلة ( أسئلة) لا حوارات مباشرة كان يمكن أن تتمخض عنها توصيات تلتقطها الجهات المعنية توثق فيما بعد لخدمة مشروع إستراتيجي بناء يهدف إلى إيجاد أرض صلبة و قوية يمكن إتخاذها كقاعدة إنطلاق صحيحة نحو أفق حوار شمولي أوسع ، لآشك أن مخرجات التعليم وفشل خريجي مراكز ومعاهد التدريب وعدم القبول في الجامعات كانت تشكل معاناة للكثير وكان ايضاً الغالبية يتلضى بنارها ، كانت مؤسساتنا الإجتماعية أبعد ماتكون عن قرأة الواقع من خلال التقصي والأبحاث وبناء مكتبة المعلومات ، فقفزت بخدماتها إلى خارج الحدود موهمةً صانعي القرار أن الحال في الداخل على مايرام ، وتتحمل كل من وزارة التربية والتعليم والعمل والشؤون الإجتماعية والإعلام والداخلية القسط الأكبر من تبعات تلك الإختلالات . وكانت كل تلك المشاكل والسلبيات حينما تطفو على السطح وتسلط عليها الأضواء كانت من باب التهدئة والتظاهر للعلاج الوهمي دون النظر حقيقة ودراسة واستشرافاً لاسبابها ومساحة خطورتها. لقد حاولت الدولة ممثلة في ولاة الأمر حفظهم الله جادين فأوجدت مجددا نظامي مجلس الشورى والمناطق لتكون روافد من روافد تنمية المجتمع الحقيقي والمشاركة الفعالة من كل مرافق ومقدرات الدولة ليكون العطاء بحجم هذا الكيان وبحجم طموحات ولاة الأمر، ومسيرة أكثر من عقد من عمر مجلس الشورى وكونه مجلساً (شورياً) ومجالس المناطق وكونها (قنوات مساعدة) تطلب الأمر لإضافة روافد جديدة فأنشأت مجالس عليا للإقتصاد والسياحة والتنمية البشرية وصدرت الموافقة الملكية بأن من حق عضو مجلس الشورى أن يقترح وأن يصور بذلك قرارات تعتمد فيما بعد ،وأردف إلى مجالس المناطق الإعلان عن (الانتخابات البلدية ) وكما أسلفت فمسيرة أكثر من عقد تؤكد وتدلل على أن ما يتخذ من قرارات هامه أنها ليست نتائج ضغوط خارجية بل هي استحقاقات تفرضها المواطنة الصادقة وخطط الإصلاحات المدروسة والتي أخرها وليس بأخرها في هذا التوجه الأمثل (مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ) والذي تمخض عنه حتى تاريخه عدة لقاءات مهمة ، وتتابعت الحوارات حتى وصلت المرحلة الخامسة المتميزة في كل شيء ، فقد اسهم النقل المباشر في أن يشارك الجميع ذات الهم والهموم ، شاهدها الجميع في الداخل والخارج وتأكد الجميع أن لا اجندة خراجية مطروحة ، بل إكتشفنا أن اربع جولات مضت ثم الخامسة وما أتبعها لم تكن كافية لأن ننطلق من أرضية ثابته ، فرغم أن الحوار كان ( الآخر ) والذي هو غير السعودي ، وأننا قفزنا للتعرف عليه قبل أن نرسخ قناعة بالإتفاق ولو على الحد الأدني مما يعطي الآخر أن من يتحدث إليهم ( كيان ) بحجم كيان المملكة العربية السعودية ، وكان يجب في هذا المحاور بالذات أن من يشاركون في هذه الحوارات أن يكونوا كالنحلة لايقعون إلا على طيب ولا يخرجون إلا طيبا ، و ليس يعني ذلك بأن يكتبوا سطر ويقفزوا الآخر أو أنهم لايشيرون إلى السلبيات بل عليهم أن لايركزوا على الترهات وساقط القول لمأرب ربما تكون مقصودة بعناية ، فنحن ندرك أن كل سعودي مسلم ، والمسلم ليس سبابا ولا شتاما ولا متشفيا ، وإذا حصل سيئا من ذلك فهو شاذ والشاذ لاحكم له ، وعلى كل مشارك أن يبتعد من أن يكون دايما ودوما همه حمل ملفات مليئة بالضغائن والأحقاد المعروف سلفا توجهاتها ومن ورائها من المتربصين بهذا الوطن ، إننا كعامة الشعب وإلى تاريخه وبكل ألم ومرارة لم ندرك ماذا تم في الحوارات الوطنية السابقة إلا عناوين فضفاضة فاللقاء كان بين النخب وحتى النخبة شعرنا من خلال آحاديثهم وكما أسلفت أنه لازال في النفوس شيئا على بعضهم البعض والآيام كفيلة بإذن الله بإذابت الكثير والكثير من كل مايكدر صفو اللقاءات القادمة بإذن الله ، وعلينا أن نعترف بأن هنالك قفز رهيب على مسلمات وثوابت يجب أن توضع لنتعرف على بعضنا أولا قبل أن نتعرف على الآخر ، لكن وهذا الأهم ماهو مردود مثل هذه اللقاءات على العامة قد يكون غير ذي جدوى إذا بقي الحال على ماهو عليه لايتلقى عامة الناس منها إلا توصيات صعب على المواطن العادي فك رموزها ، فاللذين إرتكبوا تلك الحوادث المؤلمة المؤسفة كانوا من العامة ومن الشباب ، إذا كيف نوصل لهم معطيات مثل هذه اللقاءات كيف نوصلها كدروس غير مباشرة كي ننير طريقهم ونبصرهم بحقيقة دينهم إذا لابد من أخذ هذا في الحسبان وعلى عجل ،و ليطمئن كل غيور على هذا الوطن المعطاء ويثق كعادته تماما بأن أبناء وبنات هذا الكيان أرفع من أن ينزلقوا في مثل هذه المهالك ، خصوصا مادام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله هو الراعي الرئيسي لهذه الحوارات وهو الأقرب لتلمس حاجيات شعبه وتطلعاته مما سبق يتضح إن فتح قنوات أكثر جماهيريا اليوم عبارة عن منتديات حوارية مباشرة بين الجمهور والجهات المعنية مطلب حيوي وضروري سيما بعد أن رأينا أن الملك المفدى وهو بحجم هذا المقام والقدر والمهام العظام والمسؤليات الجسام ينبري دائما ودوما للدفاع عن كرامة وشهامة ونخوة وإيمان كل سعودي حتى عن ما يطرح في هذه المنتديات من إشاعات كاذبة ودعاوي باطلة وآخبار ملفقة
إن الحورات التي مررنا بها أكدت أننا لازلنا في بداية الطريق ، وان هنالك تسرعا قد لايبني خطى ثابتة وتوجها أمثل ، فهل يتحقق مزيدا من الحوارات الهادفة الناجعة وفق مرئيات يرصدها المختصون وبذلك يكون حققنا فتحا إعلاميا غير مسبوق وذلك لما فيه الصالح العام الذي يتمثل في آمان وإطمئنان هذا الكيان الكبير ، خاصة وأن الجميع وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين قد صارح وناقش بشفافية ومصداقية توجب علينا جميعا أن نكون جندا مجندين لخدمة الوطن ومعالجة جوانب القصور التي لم تعد تخفى على أحد وذلك بالوحدة والتلاحم والحوار الجاد البناء . وكنت يومها وبعد الحوار الثاني حينما إقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله في أن يكون اللقاء دوريا كل شهرين في منطقة ،وذلك إبتداء من اللقاء الثالث الذي عقد فيما بعد في المدينة المنورة كان لي يومها إضافة داعمة لهذا الفكر النير و التوجه الأمثل ، وذلك من خلال المحافظات فالمناطق ، ثم تصب جميعها كل ستة أشهر في لقاء عام وشامل في إحدى مناطق المملكة ، فكل محافظة (أ) ومنطقة يكون لديها مركز حوار وطني يتخذ من مقر ألأمارة أو المحافظة مقرا له ويجتمع شهريا ، لحوارات وطنية يكون لها أجندة ومرجع ينطلقون منه وتبنى من خلال ذلك أرضيات صلبة وفاعلة،ثم ترفع توصيات لقاءات المحافظات إلى مراكز الحوار بالآمارات كل ثلاثة اشهر ، لتفرغ وتلخص في توصيات ترفع للقاء الشامل الذي يعقد كل ستة أشهر مع ترشيح من تراه الآمارات مؤهلا للتمثيل في تلك اللقاءات وبذك نكون اشركنا كل فئات المجتمع ، وعندها لن نسمع نغمة ( لاندري من دعانا ولانعرف من أعد الفعاليات ومن أختار الأشخاص ) لأن المحافظات أعرف بمفكريها ومثقفيها ومن هم أقدر على ترجمة مطالبهم مع إختلاف مشاربهم الفكرية عبرالقنوات الصحيحة ، ثم ترشيح من يمثلهم وقادر إلى إيصال أصواتهم بما لايدع مجالا للمشككين في مصداقية توجه الدولة وذلك عن قناعة وتفاعل لاشك أنه سيخدم الصالح العام ، وقد سعدت مؤخرا بتطبيق الفكرة وكان لي شرف الطرح ، إلا أنني أرى أن الصورة الخطابية التي تدار بها الحوارات الآن وماشاهدته حتى تاريخه مباشرة على الهواء قد لايخدم عملية الحوار الوطني بالصورة المثلى ، فالخطابات تثير جدلا وأسئلة لا احد يجيب عليها ، مما يزيد الأمر تعقيدا ويترك الباب مفتوحا للتساؤلات ، شيء مدهش حقا أنه وبعد مرور ثلاثة اعوام تقريبا على بدء الحوار الوطني كمشروع إستراتيجي ، لاتعرف من هو الآخر ، ممن ألقوا خطبهم يعتقدون أن الآخر هو الأسرة والبعض يرى أنه قبلي أو طائفي والبعض يرى أنه العربي وهكذا تختلف التفسيرات إلى من راى انهم العمالة لدينا أم هم عمالة المنازل أو اليهود والنصارى أم امريكا أم الإرهابيين ، حتى ان رؤساء الجلسات اجبروا بين كل فينة وآخر على التعريف بمن هو الآخر ، إذا لابد من تقنين الآخر وتعريفه حتى لاتتشعب الأمور ونخرج من كل حواراتنا بالتنظير الذي لايعطي نتائج ، علينا وبالذات من يتولى مسؤلية هذا المشروع الإسترتيجي ، أن يتبؤ مشروع معرفة الآخر مع أنفسنا ، لنتعرف عن قرب عمّا بدواخلنا ثم مابيننا ، لنطلق من أرضية قادرة على تحمل تبعات وتداعيات الحوارات الوطنية القادمة وذلك لمافيه الصالح العام ، ولتكن حواراتنا بداية للخروج من حوارات الآنا والذات بعد أن نكون عرفنا ذواتنا ووظفناها لخدمة الصالح العام وذلك وفق ما يوجه به ولاة الأمر حفظهم الله ونحظى بحوار صريح ذا شفافية ومصداقية كما تمنى ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله ، لأن حواراتنا حتى ساعته لازالت توحي بأنه لازال مفهوم الحوار غامض ويظهر أنه معقد قبل أن نتفهم الآخر ضمن المحاور المعدة لذلك ، وكم كانت الدهشة والصدمة، حينما قرأت ذات صباح أن هنالك ( الف توصية ) تمخضت عن إحدى الورش العاملة في شتى مناطق المملكة ، عندها وضعت يدي على قلبي مرتقبا جلسات الحوار التي أعتقبت تلك الورش وأخفيت دهشتي ، منتظرا كيف سيتم دمج تلك التوصيات في مشروع حواري يتضمن توصيات محدد ةالمعالم قابلة للحوار وتحديد الوجهة، خصوصا وأن الجلسات تنقل على الهواء مباشرة ، ولا أعتقد يومها أنه تقرر النقل المباشر إلا بعد التأكد من أننا فهمنا الحوار بشتى مدلولاته ومراميه ، وأن كل متحاور عرف من هو وماهو مطلوب منه ومن هو الآخر الذي نتوجه له بالخطاب ، أذكر يومها أنني قررت أن أمنح نفسي إجازة وأتابع الجلسات التي ستستمر ثلاثة آيام ، تابعت اول جلسة ثم ماتبعها من جلسات ذلك اليوم وبلغت في مجملها (5) جلسات تخللها إستراحات الصلاة أو الراحة ، ذهلت ذلك اليوم لما أشاهده ، وكأن الجميع قادم إلى حوار مبهم غير محدد ولم يسبقه ورش عمل ، ثم جلسات اليوم الثاني كانت على غرار ذلك وكأن الجميع لم يطلعوا على محاور الحوار ولا وجهته ، مما يضطر رؤساء الجلسات بين فينة وأخرى ، إلى التنبيه إلى ان المتحاور خرج عن محاور اللقاء ، والأدهى والأمر أن معظم المتحاورين يتسألون من ( نحن ) ومن ( هو الاخر ) إذا لماذا كان هنالك ورش عمل في سائر مناطق المملكة ؟ وكيف تم إنتقاء المتحاورين ؟ وهل سيبقى شعار النخبة معيار الإختيار ؟ لماذا نعتقد دائما أن من يحسن الحديث وتنميق الكلام وحمل الشهادت هم الأقدر على نقاش هموم المجتمع ، إن نقاش هموم المجتمع بهذه الفردية والفوقية معا بعيد عن قيام مؤسسات المجتمع المدني ، وأن غياب صوت العامل والعاطل والمتقاعد والمعاق والمهني من اصحاب الحرف المهنية التي ننظر لها بدونية ، إن ذلك وغيره مما لايتسع المقام لذكره يحدث خلل لأي حوار لايمثل هولاء وهم يمثلون النسبة العظمى من أي مجتمع ، نخطيء حينما نغيب أولئك ونركز على فئة ظهر من نقاشها الغلو في كل شيء ، فوضح تشدد كل صنف فيما يسعى لها ، وفقدنا الوسطية حتى في إسلوب الحوار ، قبل أن نستشرفه سلوكيا حضاريا ، الذي نشاهده متحاورين لازالوا يجهلون بعظهم أو يتجاهلونهم ، فيلجؤن للمبالغة والنيل من بعضهم غمزا ولمزا ، متحاور بالغ في وصف المرأة بأنها مهانة في المجتمع السعودي ، بإختلاق قصة أتحدى أن تكون واقعية ، وإنها من نسج خياله المتشدد حقا ، يقول ذلك المبالغ في حواره : أنه كان بصحبة وفد أوربي وكان ضمن الوفد إمرأة وكان في برنامجهم زيارة سوق الإبل ، وحينما دخل سوق الإبل بالرياض تهافت عليه السعوديين وأحرجوه أمام الوفد ، حينما كانوا يسألون بكم تبيعون المرأة ، هذه مشكلتنا حينما نكره شيئا نختلق الأكاذيب فنصدقها ثم نسعى لتمريرها على الآخرين ، وهل يعقل يكون في الرياض مثل هذا بهذه الصورة المراد تعميمها وكما أورده المتحاور وشاهده الجميع عبر الفضائيات ، ثم آخر يبالغ ويدعي أن مناهجنا دون تخصيص غير صالحة للتدريس ، ثم آخر يدعي أننا بيننا وفي مدينة جنوبية أكثر من ( مليون وسبعمائة ) الف شخص مهدرة حقوقهم ، ونحن نعلم أن هذه المنطقة هذا الجزء الغالي ثرى وإنسان لايقطنها نصف هذا العدد فكيف يكون بينهم ذلك العدد ، وهنالك الكثير من القصص التي أختلقت وقدمت كذرائع مبالغ فيها وهي من نسج الخيال ، يتقمصها الشخص لعلها تدعم وجهة نظرة بتعصب ، والتي لوطرحها بأسلوب راقي بعيد عن المبالغة لكانت أقرب للقبول ولتحسين النوايا ، وهذا بكل آسف يؤكد أن الجميع أتى للحوار دون ان يعرف حقا ( من نحن ) وماذا يطلب منا،
فنحن ندرك أن مجتمعنا به من الأخطاء الكبير كاي مجتمع ولا ندعي المثالية وإن كنا نرنوا لها ، وندرك أننا لن ننجح حواريا في جلسة أو جلستين أو حتى عشر ، وسنبقى نتعلم وتأتي الآجيال القادمة وهي طموحة للتعلم أيضا ، لكن القفز في الحوار من آجل الإيهام بأننا حققنا شيئا يذكر ، فيه مكابرة وتعتيم على مسار الحوار ، إذا لنعود للحوار ولو من الصفر ونحسن الإختيار ، فولاة الأمر حفظهم الله شرعوا لنا الأبواب وأعدوا المراكز ودعموا التوجه ، فلماذا لانصدقهم وتكون حواراتنا واقعية تتلمس بصدق وامانه كل مايدعم توجههم الأمثل ، إذ أننا لم نفهم الآخر إذا لم نفهم من نحن ومادورنا وماهو مطلوب منا ، والآخر هنالك عربي ملا صق لنا وإسلامي مختلف في تركيباته فشرق آسيا ليس ووسطها وشرقها ووسطها ليس كمسلمي أفريقيا وجميعهم ليس كأورباء ، إذا حتى الآخر لابد أن نفهمه ، لذلك وبسبب هذا القفز تعثرت لغة الحوار حتى فيما بيننا ، فقد وصلنا بلغة الحوار التي بكل آسف لم تعد تحتمل وعبر الفضائيات والمحافل إلى وضع مزري، فقبل ثلاثة آيام سئمت الحوار وكدت أجزم بان أي حوار نهايته الفشل إذا بقي وفق تلك المعايير ، وسبق أن أعلنتها منذ سنوات ولازلت اكررها دعونا من حوارات ( أكتب سطر واقفز آخر ) او حوارات إذا لم تكن معي أنت ضدي ، أو إستغلال الحوار إستخداما سيء نتيجة ترسبات ذات رؤى ضيقة ، أو من أجل إسقاطات موجهة ظاهرها الرحمة وباطنها السم الزعاف ، فالحوار الليلة وعبر قناة ( المستغلة ) آسف المستقلة ، أشعر بانه أصبح ضحية لنقر ( دجاجة النجيمي ) وعضة كلب ( بن زلفه ) حيث وصف الشيخ محمد النجيمي الدكتور : محمد بن زلفة ( بالدجاجة ) ورد عليه بن زلفه بوصفه ( بالكلب ) وأخذت الشتائم تتطاير عبر الفضاء لتعكس واقعا مريرا حول مدى حقيقة نجاح حواراتنا ، وحول من أسميناهم رموزا للحوار ، وأنا هنا أنقل لكم الفجيعة أستغرب ان يكون اولئك يمثلوننا حقيقة ، ولا أنكر أن النجيمي يتكلم وفق رؤى شرعية واضحة إلا أنه يخونه التعبير أحيانا ، فيسيء لنفسه وللمشاهدين ، حتى وإن كان الطرف الآخر يتكلم وفق خيالات يرسمها وإسطوانات يكررها لكي يتسفز من امامه، واصبح العاقل يدركها ويدرك مراميها وما كنت آخالها تغيب عن مثل الدكتور النجيمي ، ولست هنا بصدد تسليط الضؤ عليها ، وما انا بصدده هنا هو عدة جوانب أرى منها إقحام ولي ولاة الأمر حفظهم الله في كل صغيرة وكبيرة وكل منهما يدعي انه تحت عبأة ولي الأمر ويناضل من آجلها بينما في أطروحاته وما يدعو له ما هو عكس ذلك ، فكفى مزايدة على وطننا الغالي وولاة أمرنا الأوفياء ، ولنجنب الدين والوطن وولاة الآمر مثل هذه الحوارات الغير متوازنة التي تتحول في الآخير إلى مهاترات وعبارات غير لائقة تسيء في حقيقة الأمر للدين والوطن وولي الأمر وهذا الشعب الوفي ، سيما أنها تصدر من أناس لهم مناصب في الدولة بجب أن يحترموها ، وأن لايستغلوها للمزايدة والشهرة والبحث عن الذات ، ومناصبهم هذه قد تكون شماعة للمتربصين بوطننا ، فيستغلون هرطاقتهم هذه مستقبلا ضد الوطن ككل
إن ماحدث الليلة وعبر قناة المستقلة أضعه في خانة ( الإرهاب ) الفكري الفاضح ، إذا كل متعصب لفكره يقصف من يقصف ويشيد بمن يشيد من خلال مايراه انه يخدم أفكاره ، فتجده غدا يقول عكس ما يردده اليوم لأن أفكاره حبيسة رؤى مشخصنة سلفا ، تتلون بتلون ما يحققه من مكاسب ذاتية ، ويتنقل على طالاوت إستديوهات القنوات الفضائية كمنشفة الحلاق كل ساعة على صدر زبون مختلف
لقد مللنا وسئمنا حقا الحوارات بهذه اللغة وهذا الأسلوب الأحمق وبإسم الوطن والوطن براء من ذلك ، لا بد من وقفه جادة سيما من اولئك اللذين يمثلون الوطن من خلال مناصبهم أن يكونوا أهلا للتمثيل الصادق المتزن اللذي يمثلنا لايمثل ذواتهم التي قد تخونهم أحيانا كثير
لقد تألمت ان يصل الحوار إلى درجة أن يطالب النجيمي بمقاضاة بن زلفه لوصفه له ( بالكلب النباح ) إلا إذا أعلن الإعتذار وسحب الوصف ، وما كان من بن زلفة إلا ان يخضع للطلب سيما وانه ادرك أنه قد وقع في محذور ، وأنه إن نجح في إستفزار النجيمي فالنجيمي نجح في وضعه في موقف لايحسد عليه ، وكاننا في حوار تصفية حسابات شخصية على حاسب الوطن، وماكنا لنصل إلى هذه المرحلة من العنف الفكري ، لو أن كل منهما ادرك أن يمثل وطنه وكان عليه ان يثمن ذلك الدور وأن يختار الأسلوب الأمثل ولا يحتار فتتعثر الكلمات في فيه فلا يجد إلا الكلمات الأكثر طعنا من السهام
اتمنى أن نتعلم من عثراتنا وأن نجبرها بتحمل الآخر وحسن الحوار بما يخدم الصالح العام ، فماذا بعد هذه الأوصاف من اوصاف لاسمح الله ، وإن نبعد الدين والوطن وولاة الأمر من مواطن الزلل والقصور لنتمترس حولها حينما تنكشف ضحالة التفكير وقصر النظر فأي تجديد ننشده وهذا حالنا .. هذا وبالله التوفيق ..
المصدر: http://www.hiwart.net/articles-action-show-id-26.htm