الحوار العربي-العربي: حوار مع الذات
الحوار العربي-العربي: حوار مع الذات
Sarah Zaaimi joins us as a Youth Ambassador from Morocco, where she recently received her Master's degree in international studies and diplomacy from Al Akhawayn University in Ifrane.
بداية لن أستطيع أن أحاور أنايا الدفينة بلغة ليست لغتي، لذا فأحبذ أن أخط سطور هذه التدوينة باللغة العربية.
ما هو الحوار؟ سؤال صفع محييا حتى هشم كل الأقنعة والطبقات، لألقى سارة من جديد. فالحوار لا يقوم من دون التجرد من كل الأفكار النمطية والمخاوف والقدوم عاريا لملاقاة الذات. الحوار لا يجوز مع الأوروبيين إذا ما لم يتحاور العرب فيما بينهم ولم تعرف العين منافع الأذن، ويفهم العقل أسباب القلب، ويعي الجسد كنه الروح داخل الكيان الواحد: الكيان العربي.
في خضم الحملات الواسعة من أجل حوار الحضارات والسنة الأوربية لحوار الثقافات ومبادرة الأمم المتحدة من أجل الحوار، أتفاجئ حينما لا أرى أية مبادرة للحوار العربي-العربي، وكأننا لا نزال نعيش في شرنقة أسطورة الأمة العربية التي اختلقها أشخاص من عهد أخر كانوا يحلمون بأن يؤموا تلك الأمة الخيالية. الأمة العربية تعبير إيديولوجي يسطح الهويات المحلية والفردية، ونحن العرب لسنا جسدا واحدا ذي لحية غزيرة وملامح سمراء يلبس العمامة والنعال ويركض في الصحراء لمحاربة المشركين. نعم نحن لحمة واحدة، كيان واحد يضم في طياته ثقافات وديانات ومذاهب فكرية عدة، فمنا العربي والبربري، ومنا المسلم والعلماني والمسيحي كما منا المحافظ والمتحرر والتقدمي. لكننا، وللأسف، عوض تقبل بغضنا البعض واعتبار اختلافاتنا غنا وتعددنا ثروة صرنا نتفنن في اختلاق أو ترسيخ الأفكار المسبقة عن بعضنا البعض، فنعامل السعودي على أنه سلفي مكبوت والمغربية على أنها عاهرة ومشعوذة واليمني غلى أنه مخدر طوال الوقت واللبنانية على أنها دمية متبرجة من السليكون. لذا تلزم علينا نحن العرب أن نتحاور مع دواتنا قبل أن نتحاور مع الآخر.
الشباب العربي قوة نابضة بالحياة وأداة فعالة للتغيير، لذا فإنني أستبشر خيرا حينما أحظر ملتقيات الجامعة العربية أو منظمات الأمم المتحدة وألتقي شبابا واعيا راقيا مبدعا يرنو إلى غد أفضل وأتعرف من خلالهم على تقاليد وطباع أممهم العريقة. فقد تعلمت من أخي نواف أشياء ثمينة عن الاقتصاد البحريني وأخبرتني أختي رشى كيف يحارب الشباب الاحتلال بالتنمية في فلسطين كما عرفت من صديقي هيثم من مصر خبايا غليان المجتمع المدني في مصر. نحن الشباب سفراء بلداننا وأحق أشخاص على تحقيق الحوار العربي-العربي. إنني لا أعجب إلا من زمرة من المتطفلين على العمل الشبابي، الذين يتخدرن اللقاءات والمبادرات الشبابية كمنطاد ليعتلوا مراتب قيادية في المستقبل بينما لا يجب أن تكون القيادة أو السلطة غايتنا نحن الشباب، إنما نحن قادة اليوم بكوننا مواطنين صالحين وأدوات للتنمية والتغيير في مجتمعاتنا من قعر المجتمع وليس من قمة الهرم. الحوار إذا ليس فقط حوارا عربيا عربيا، بل حوار عربي عربي شبابي قصد استغلال الفرصة التاريخية التي تمنحها لنا المنظمات الإقليمية والدولية التي نثير اهتمامها بطموحنا وعزمنا على التغيير الإيجابي.
في مرحلة متقدمة من الحوار يجوز التساؤل: ماذا يمكن أن نقوم به معا؟ لو استطعنا الوصول كشبكة للشباب العربي الفاعل إلى هذا السؤال، فذلك معناه أننا أخيرا قد حققنا الحوار مع الذات ونستطيع الانتقال معا للحوار الثقافي مع الغرب وبناء مشاريع عملية جميعا.
بعد هذه السطور البسيطة قررت ألا ألبس القناع مرة ثانية لأنني قررت الحوار والمصالحة مع الذات، فأنتم ذواتي وأنا جزء من ذاتكم شئنا أم أبينا فالأجدر بنا أن نداوي جراح هذه الذات عوض تركها للنسيان.
سارة الزعيمي - المغرب