المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية يدحضون صدام الحضارات

المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية يدحضون صدام الحضارات
بقلـم داود وليد

ساوثفيلد، ميشيغان – يجابه المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية، مشكلين نقطة خروج عما يسمى "صدام الحضارات"، الادعاء القائل بأن العداء أمر لا محال منه بين الغربيين والمسلمين. في غياب أي ارتباطات تاريخية مع الدول والأمم الحديثة في الخارج، تشكلت شخصية المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية بشكل كامل نتيجة للتجربة الأميركية. "أمريكيتهم" بالطبع لا تقبل التحدي. ولكنهم رغم ذلك مسلمين بشكل كامل.

يملك المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية جذوراً في أمريكا يبلغ عمرها أربعة قرون. وهم يوفرون للجالية الأميركية المسلمة الأوسع رابطاً فريداً مع الغرب، لا يوجد بشكل عام في أوساط الجاليات المسلمة في أوروبا. يقدم هذا الرابط طرحاً مسانداً لكافة المسلمين في أمريكا ويعطي للمسلمين من أصول إفريقية دوراً ناشطاً في جَسر الفجوة بين الغرب والعالم المسلم.

بعكس المسلمين الذين هاجروا إلى أوروبا، يشكل المسلمون الأميركيون مجموعة سكانية محلية هامة. يملك هؤلاء السكان، وهم أميركيون من أصول أفريقية بشكل كاسح، رابطاً لا يمكن دحضه مع أمريكا. وفي الوقت الذي حاولت فيه مؤسسة العبودية محو الأديان واللغات والممارسات الثقافية، جرى الحفاظ على التراث الأميركي المسلم من أصول إفريقية من خلال مساهمته التاريخية في الحرية والعدالة والمساواة.

أفاد الدور الذي شكّله الأميركيون من أصول إفريقية لأنفسهم جميع الأميركيين، وكافة الشعوب في أنحاء الأرض في الواقع. فقد مهد كفاحهم، وخاصة أثناء حركة الحقوق المدنية، الطريق لممارسة الإسلام في أمريكا بأسلوب غير موجود في دول غربية أخرى بل وحتى في بعض الدول ذات الغالبية المسلمة. على سبيل المثال، أعطت المادة السابعة من قانون الحقوق المدنية لعام 1964 المسلمين حق حضور صلاة يوم الجمعة وأعطت المرأة حق ارتداء الحجاب في مكان عملها وفي المدرسة.

لا يعطي قانون الحقوق المدنية لصاحب عمل الحق في "أن يحدد أو يميز أو يفصل أو يصنف موظفيه بأي شكل يمكن أن يحرمهم أو ينزع لأن يحرم أي فرد من فرص العمالة، أو يؤثر بشكل شديد على وضعه كموظف، بسبب عرق ذلك الموظف أو لونه أو جنسه أو جذوره الوطنية" (الجزء 713، (أ)، (2)).

وقد تحدت الحركة نفسها أمريكا لتخاطب المشاكل الاجتماعية الناتجة عن سيادة الرجل الأبيض وفتحت الباب أمام قانون الهجرة لعام 1965، والذي كان له الأثر في زيادة عدد المهاجرين المسلمين إلى حد بعيد إلى أمريكا من جنوب آسيا.

لقد استفادت الجالية المسلمة الأميركية من غالبية أعضائها المنتمين إلى الجالية الأميركية من أصول إفريقية، وهم مجموعة تجسّد وعي أمريكا فيما يتعلق بالحقوق المدنية والإنسانية. قد يكون الإدراك المتزايد لأهمية هذه المجموعة السكانية داخل الجالية الأميركية المسلمة أمراً حديثاً، إلا أن قيمته قد سبقت إدراكه.

لقد حصل المسلمون، محلياً ودولياً، على القوة والتمكين من جانب الرواد الأميركيين من أصول إفريقية، من أول قاضٍ مسلم في أمريكا وأول نائب مسلم لعمدة ديترويت، آدم شكور، إلى أول عضوين مسلمين في الكونغرس الأميركي، كيث إليسون (ديمقراطي من مينيسوتا) وأندريه كارسون (ديمقراطي من أنديانا). الفوائد الملموسة، مثل إدخال تشريعات محلية تأخذ بالاعتبار اهتمامات المسلمين والتصويت بتفهم أكبر من رجل الكونغرس الأميركي العادي حول قضايا تتعلق بالعالم الإسلامي، واضحة للعيان.

المكافأة الأعظم للمسلمين إذن هي مكافأة الأمل.

إذا تغلب هؤلاء المسلمون على تجربة التهميش في الحصول على مراكز بالانتخاب في أمريكا فقد يكون جميع الأميركيين المسلمين يملكون الاحتمالات نفسها. يستطيع المسلمون في إفريقيا وآسيا وأوروبا أن يتمسكوا بفكرة أنه إذا استطاع المسلمون من أحفاد العبيد الأميركيين أن يحصلوا على الاحترام في المجتمع الأميركي على اتساعه، فقد يمكن لأمريكا أن تمر بعملية إصلاح صحية لسياستها الخارجية وأن تقيّم العالم المسلم بمنظور أكثر توازناً.

تتمتع فكرة جيفرسون بأن "جميع الناس ولدوا متساوين وقد أعطاهم الخالق حقوقاً معينة لا يمكن إنكارها، من بينها الحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة"، بتبعية قوية بين المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية. بهذا التاريخ الثري والشرعية التاريخية كأميركيين سوف يستمر المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية بكونهم عناصر حيوية في السعي لتحقيق حياة أفضل للمسلمين في كافة أنحاء أمريكا. وسوف يستمرون في أن يكونوا حلقة ربط روحانية بين أمريكا والعالم المسلم.

###

* داود وليد هو المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في ميشيغان، وإمام مساعد لمسجد والي محمد في ديترويت، ميشيغان. هذا المقال جزء من سلسلة عن المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية كتب خصيصاً لخدمة Common Ground الإخبارية، ويمكن الحصول عليه من الموقع www.commongroundnews.org

المصدر: http://www.commongroundnews.org/article.php?id=23384&lan=ar&sp=1

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك