الدعوة إلى الإسلام على الإنترنت ... تكرار أم ابتكار؟

الدعوة إلى الإسلام على الإنترنت ... تكرار أم ابتكار؟
بقلم
خباب مروان الحمد
بسم الله الرحمن الرحيم

الدعوة على الإنترنت مهمَّة عظيمة لابدَّ من استغلالها، فهي خطوة كبرى في العمل الإعلامي الإسلامي الدعوي، فمن خلالها تنتشر الدعوة إلى الله ويكثر رواجها بين عموم المتلقين، وينتشر الإسلام بين العالمين بكل سهولة ويسر، فلقد باتت هذه الشبكة العنكبوتية ـ بفضل الله تعالى ـ مرتعاً من مراتع الدعوة، وأرضاً خصبة يتفنَّن فيها الدعاة إلى الله بنشر الدعوة الإسلامية وتعليم الناس العلم، وإفادتهم بشتَّى أشكال الإفادة الدينيَّة وغيرها.
وبما أنَّنا نعيش في عصر التقدم والمدنيَّة والازدهار الحضاري ـ كما يقال ـ !، ولأنَّ الحياة تطوَّرت أكثر من ذي قبل، ومع تزايد المخترعات والاكتشافات والابتكارات العلمية الحديثة، والتي لم يكن يعلمها السابقون، بل ربَّما لو رأوها الآن لأنكروها واستغربوا منها ، مصداقاً لقول الله تعالى القائل في محكم التنزيل:(ويخلق ما لا تعلمون)، فكان لزاماً على الدعاة أن يستغلوا هذا الفتح العظيم الذي فتحه الله لهم، فيحسنوا التصرف، ويبادروا بالعمل الذي ينفعهم عند ربهم سبحانه وتعالى.
أيا صاح هذا الركب سار مسرعا *** و نحن قعود ما الذي أنت صانع
أترضى بأن تبقى المخلف بعدهم *** صريح الأماني و الغرام ينازع
لقد صارت مواقع الإنترنت الإسلامية مصدر تخوف من الغرب، والكفرة الملحدين، وأهل العلمنة والنفاق والزندقة من بني جلدتنا، وإني أعتقد أنَّ الغربيين حينما قرروا إطلاق مواقع الإنترنت ، لم يكونوا يتوقعون أو يتخيَّلون أنَّ الإنترنت سينتج ثماراً طيبة كما هو مشاهد في العالم اليوم، وصدق الله تعالى حين قال:(وقل جاء الحق وزهق الباطل إنَّ الباطل كان زهوقاً)، وقوله تعالى:(قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)، فسبحانه تعالى الذي قدَّر وقضى لعباده المؤمنين هذه الوسيلة الدعوية الجديدة.

• الدعوة عبر الإنترنت ...سوق جديد للعاملين للإسلام:

والحق يقال، فإنَّ الدعوة عبر الإنترنت قد صارت لها سوق رائجة بين الدعاة، ولمن لا يحسنون مواجهة الناس والخطابة بهم أو ملاقاتهم، وخصوصاً أنَّ الإنترنت من أكثر الوسائل في المجتمعات العالمية استخداماً، ومن أكثر الطرق التي تفيد في مجال الاستمرار الدعوي والتأثير على الناس وطبيعة المدعوين، وهو من أقل الأعمال الدعوية كلفة فقد صار إدخال الإنترنت في البيت من الأشياء السهلة المنال، فحتَّى البيوت الفقيرة دخلها الإنترنت!
وبناء على ما ذكرت ، فإنَّ على كلَّ من لديه شيء من العلم والمعرفة أن يستخدم ذلك العلم ويبثَّه في واقع الناس، وينشره بين العالمين، وطالما أتذكر كلمة كان يقولها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمة الله عليه ـ أنَّ الدعوة الإسلامية التي تقرِّب الناس إلى الله :(فرض عين على كل مسلم قادر، وليست فرض كفاية في هذا الزمان) فدخول الداعية الذي منَّ الله عليه بشيء من العلم والمعرفة والثقافة الإسلامية الراسخة وقيامه بواجب الدعوة ونشر العلم من خلال هذه الشبكة المعلوماتيَّة، واجب لا مناص منه ، بل لا اعتذار لمن لم يقدر على الدعوة المباشرة للجمهور، فيمكن لأي شخص مقتدر ومتعلِّم الدخول في هذا الميدان، وهنيئاً لمن استشعر هذه المسؤوليَّة، لينال الدرجة الرفيعة من الله القائل:(ومن أحسن قولاً ممَّن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنَّني من المسلمين).
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "قال الحسن البصريُّ لما تلا هذه الآية: هذا حبيب الله, هذا وليُّ الله, هذا صفوة الله, هذا خِيرَة الله, هذا أحبُّ أهل الأرض إلى الله, أجاب الله في دعوته، ودعى الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحًا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين. هذا خليفة الله".
ولقد قال تعالى:(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).
وقال صلَّى الله عليه وسلَّم:(نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأدَّاها إلى من سمعها ) أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ابن حجر والألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً .. ) أخرجه مسلم.
وروى البخاري عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( .. فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمر النَّعم) وفي رواية : ( خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ).

• واجبات الداعية إلى الله قبل ولوجه لعالم الدعوة على الإنترنت:

يتوجَّب على الداعية قبل ولوجه لعالم الدعوة إلى الله عامة في الإنترنت أو في غيره، أن يخلص عمله لله تعالى وحده، وأن يكون عمله موافقاً ومطابقاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يتعلم ما يهمه من أمور دينه، وما لا يسع المسلم جهله، ويتخلَّق بأخلاق الدعاة إلى الله بالرفق والحكمة والموعظة الحسنة ومجادلة الناس بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، وأن يكون لديه علم يدفع به الشبهات، وصبر يدفع به الشهوات، وأن يكون على مقدرة للدعوة، وعلى صلة دائمة بالكِتَابِ والعلماء، وألاَّ يتحدَّث فيما لا يعلم، وأن ينسب العلم إلى أهله، وأن يصبر على الأذى الذي سيلحقه من جرَّاء دعوته، مع ضرورة تلقي بعض الدورات التدريبيَّة في أساليب ووسائل الدعوة وخصائصها وآدابها، وأن يعرف طبيعة الجمهور الذي سيخاطبه حتى لا يتحدث في فراغ، وأن يدرك ضرورة الحديث عن الأهم قبل المهم ويكون لديه فقه للأولويات في مسائل الدعوة، مع مراعاة أدب الخلاف، والنزول عن الحق إن بان له ذلك، ومعرفة أساليب التواصل الحضاري الدعوي مع الناس، وأخيراً تحديد الوقت المخصَّص للدعوة إلى الله حتَّى لا يقطعه ذلك العمل الدعوي عن واجبات الأخرى في حق الله وأهل وأسرته وأقاربه.

• وسائل دعويَّة مفيدة من خلال الإنترنت:

لكل هدف وسائل موصلة إليه، وحبال وثيقة تكون سبباً لنيل وكسب الهدف المرتجى، ولعل من الوسائل الموجودة حاليا في الدعوة إلى الله من خلال الإنترنت:
1) إنشاء مواقع إنترنت جادة ومتميزة، أو الكتابة فيها، ولعلَّ من الأمثلة على ذلك بعض المواقع التي نفع الله بها ومنها موقع (صيد الفوائد) والذي استفاد منه عموم الناس صغاراً وكباراً، شيباً وشباباً، نساء ورجالاً، مع العلم أنَّ القائم على شأنه شخص واحد!! وكذلك موقع (طريق الإسلام) ، وفيه طاقم عمل يعملون فيه لوجه الله تعالى ولا يبتغون الأجر إلاَّ من الله تعالى، وموقع :(الشبكة الإسلامية) وغيرها من المواقع الدعوية على الإنترنت.
2) المنتديات الإسلامية والتي تثور فيها عدد من المناقشات الفكرية والدعوية، وقد كانت في فترة ما منتديات عامة إسلامية حتَّى بتنا نرى منتديات متخصصة في نشر العلم مثل:(ملتقى أهل الحديث) و(ملتقى أهل التفسير) و(المجلس العلمي) و(ملتقى العقيدة والمذاهب المعاصرة) وغيرها من المنتديات النافعة والمهمة، والتي يمكن المشاركة فيها.
3) وسائل الدعوة عبر غرف البالتوك الدعوية فقد نفع الله بها نفعاً عظيما في تثبيت عقائد المسلمين، والمدافعة عن العقيدة الإسلامية النقيَّة، ومناقشة المذاهب المنحرفة والأديان الباطلة عبر هذه الغرف، فضلاً عن إسلام كثير من المداخلين والمشاركين فيها ، واهتدائهم إلى صراط الله المستقيم بسبب دعوة الدعاة إلى الله.
4) غرف المحادثة الخاصة مثل برامج (المسنجر/المرسال) و(السكاي بي) و(التشات/ الدردشة) فالكثير ممَّن اغتنم هذه المحادثات فنفع الله به نفعاً كبيرا.
مع ضرورة التنبه إلى طبيعة المستخدمين لهذه الغرف، فلا ينصح باستخدامها أصالة وبداية للشخص الضعيف إيمانياً، أو الشاب المراهق غير المثقف والمحصَّن عقائدياً وفكرياً وسلوكيا، ولاستخدامها دعوياً شروط وضوابط لابدَّ من تطبيقها فلا يكون الأمر على علاَّته بدون ترشيد وتوجيه للداعية.
5) مواقع البث التي تنشر محاضرات وندوات ومؤتمرات عالمية وإسلامية لعدد من الشيوخ والدعاة والعلماء والمفكرين والمثقفين الإسلاميين، فمن يكون في المشرق يستمع لمن يكون في المغرب بل يمكنه توجيه الأسئلة إليه وإجابة ذلك العالم عنها، ومن المواقع المتميزة في ذلك موقع:(البث الإسلامي) حيث يوجد فيها مئات الدروس العلميَّة، والمحاضرات المنهجيَّة، والتي تفيد الداعية إلى الله فيما يشكل عليه في أمور دينه.
6) المجموعات البريديَّة عبر رسائل البريد الالكتروني ، وقد يكون في المجموعة البريدية أكثر من ألف بريد الكتروني فخلال أقل من خمس دقائق تجمع المادة الدعوية، ثمَّ ترسل إلى من هم في القائمة البريديَّة، وينتفع بها الكثير، من عموم المسلمين، مع ضرورة التنبيه إلى أن يرسل الداعية مادة مهمَّة ومنقَّحة من الأخطاء ومراجعة من ناحية صحتها ودقة المعلومة فيها، حتى لا تكون من قبيل الرسائل المزعجة لمن يتفحَّصون بريدهم الالكتروني، فيكون مآلها الحذف، بدلاً من الانتفاع بها!

• تأثير الدعوة عبر طريقة الإنترنت ومدى انتشارها :

القاصي والداني، والعدو والمحب، والصغير والكبير، بات يعلم مدى التأثير الدعوي الذي قامت به شبكة الإنترنت في دعوة الناس ومحاورتهم بالتي هي أحسن، والتأثير عليهم، وخصوصاً أن الإنترنت عبارة عن وسيلة إرسال واستقبال ومحادثة ومصارحة، وهو يختلف كثيراً عن النمط التقليدي التلفزيوني فهو في الأعم الأغلب توجيه مباشر أو استقبال لِكَمٍ هائل من المعلومات دون تواصل دائم بين الطرفين، ولو تمَّت هذه العملية فإنَّها مكلفة كذلك فاتصال واحد على أحد العلماء أو الدعاة مكلف ، بخلاف الإنترنت.
وهنالك نقطة مهمة في هذا الصدد يمكن ذكرها حول الدعوة الالكترونية، والتأثير الجيد على الناس من خلالها، وذلك بإمكانية توفير أجوبة خاصة للأسئلة المحرجة التي لا يمكن إجابتها على الإذاعة والتلفاز، فليس من شك أنَّ الإنترنت أحدث نقلة نوعية للإجابة عن الأسئلة الحرجة سواء أكانت أجوبة فقهية أم اجتماعية أو اخلاقية، واستطاع الدعاة فيه أن يتمددوا بين الناس ويعالجوا مشكلاتهم ويجذِّروا لديهم قناعة أنهم قادرون على إجابة أسئلتهم بشكل واضح، بعيدا عن الخجل، وذلك لأن السائل يطرح أسئلته بوضوح وصراحة ، والمجيب عنها يجيبه بناء على صراحته معه، ولو تتبعنا كثيراً من مواقع الإنترنت التي اهتمت بالجانب الاستشاري والدعوي لوجدنا الشيء الكثير من هذه المواقع مثل موقع:(المسلم) وموقع (الإسلام اليوم) وموقع (إسلام أون لاين) وموقع (طريق السلف) وموقع :(الألوكة) وموقع:(المربي) وموقع:(الإسلام سؤال وجواب) وموقع :(الألوكة) وغيرها من المواقع الإسلامية الدعوية الجادة، ومن تصفح الاستشارات التي فيها فإنَّه واجد كثافة هائلة في الأسئلة الخاصة التي يسألها السائل وتكون الإجابة منشورة دون ذكر اسم السائل، فيستفيد منها السائل وغيره إن وقعت له مشكلة مماثلة، وتبقى مرجعاً للدعاة يمكنهم أن يرجعوا إلى عدد من الأجوبة لأسئلة تعترضهم من خلال عملهم الدعوي المباشر وغير المباشر.
ومن ناحية أخرى، فللداعية على الإنترنت تأثير جميل، من خلال دعوة الآخرين إلى الإسلام، وهدايتهم إلى دين الله، وهاك قصَّة تدلل على إبداع بعض الدعاة في مناقشات الإنترنت والتأثير الدعوي، فهذا يوسف كوهين، واسمه الآن:(يوسف خطَّاب) كان يحلم كغيره من الذين يعيشون خارج إسرائيل بالهجرة إليها والعيش في ظلال دولة الديمقراطية والقانون التي يروج لها حكام إسرائيل فقرر كوهين القدوم إلى إسرائيل عام 1998، حيث وصل وعائلته مباشرة إلى قطاع غزة، إلى مستوطنة "غادير" في مستوطنة "غوش قطيف"، إلا أنه ضاق ذرعا بالحياة في قطاع غزة التي لم تلائم ظروف عائلته حديثة العهد .
وانتقل للسكن في "نتيفوت" الواقعة في جنوب إسرائيل، وبدأ كوهين من هناك بإجراء أول اتصالاته مع مسلمين، وفي مرحلة معينة قام كوهين بمراسلة رجال دين مسلمين عبر الانترنت، وبدأ في قراءة القرآن باللغة الانجليزية، وكان يهوديًّا متشددًا وعضوًا في حركة شاس اليهودية المتعصبة، كما كان شديد الإعجاب بزعيم تلك الحركة يوسف عوفاديا.
أطلق على ابنه الأصغر اسم عوفاديا؛ إعجابًا بالحاخام المتطرف عوفاديا يوسف زعيم حركة شاس اليهودية المتطرفة، وألحق أبناءه بشبكة التعليم التوراتي، والتحق بالعمل في إدارة تابعة للقطاع الديني اليهودي.
وترجع أسباب إسلام يوسف خطاب إلى دردشة عن طريق الإنترنت مع أحد الدعاة حيث فتحا أبوابًا للنقاش وتبادل الآراء، وكلَّما ازدادا تعمقًا في نقاشاتهما ازداد يوسف خطاب تعلقًا بالرجل، ورغبة في معرفة المزيد عن الإسلام والدين الإسلامي، وعَرَف خطاب فيما بعد أن صديقه إمام مسجد في إحدى الدول الخليجية، وأهداه نسخة من المصحف الشريف، لكنه أخفاها عن زوجته.
وقد استمرت علاقة يوسف خطاب بصديقه المسلم وازدادا قربًا وصداقة، وزاد تعمق يوسف خطاب في الدين الإسلامي، وفي نهاية المطاف أرسله صديقه المسلم إلى بعض علماء الدين الإسلامي في القدس الشرقية الذين عاونوه على فهم المزيد عن الإسلام، وكان لهم دور كبير في اقتناعه بضرورة اعتناق الدين الإسلامي.بعد ذلك صارح يوسف خطاب زوجته باعتناقه الإسلام وترك لها حرية الاختيار، وإن كان يتمنى أن تعتنقه هي بدورها، وأوضح لها عظمة الإسلام ومزاياه، ومن جانبها طلبت هي فترة من الوقت حتى تتعرف هي بدورها على الإسلام، وبدأت في دراسة الدين الإسلامي، وفي نهاية المطاف اقتنعت بضرورة اعتناق الإسلام، وأكدت أن ذلك قد تم بكامل إرادتها، ودون أية ضغوط من جانب زوجها.بعد ذلك أخذ يوسف خطاب زوجته وأبناءه الأربعة إلى المحكمة الشرعية بالقدس الشرقية، وهناك أعلنوا إسلامهم، وانتقلوا للعيش في قرية الطور العربية الواقعة بالضفة الشرقية.
ويحكي قصة إسلامه فيقول: (لم يأتِ هذه القرار بسرعة أو بشكل عفوي، فأنا كنت أقضي معظم وقتي في المراسلة وقراءة المواقع المختلفة في الإنترنت, وخلال ذلك تعرفت على شخص اسمه (زهادة) وتعمقت علاقتنا، وبتنا نتناقش يوميًّا في مختلف القضايا عبر الإنترنت، وقد كان للدين قسط كبير في محادثاتنا).
ومنذ تلك اللحظة بدأ يوسف كوهين التعرف على الدين الإسلامي, ويومًا بعد يوم رغب في التعمق أكثر حتى سيطر حب الاستطلاع عليه.
ويقول يوسف: (تَرَكَّز حديثنا في البداية على فلسفة الحياة وأهميتها وجمالها, وإلى أي مدى يؤثر الدين الإسلامي على الإنسان، بعد ذلك تعمقت العلاقة أكثر إلى أن أدركت أن "زهادة" شيخ من دولة الإمارات العربية في الخليج, وهو رجل متعمق بالدين). وقال له الشيخ زهادة: إنه سيتصل بشيوخ في القدس وبأنه يستطيع الوصول إليهم، وهم بدورهم يشرحون له أكثر عن الدين الإسلامي، ويكون التعامل أسهل من الإنترنت. وافق يوسف كوهين على هذا الاقتراح, وكان قد انجذب إلى الدين الإسلامي، وبدأ يقتنع به, فتوجه إلى شيوخ القدس الذين نجحوا في إقناعه بترك اليهودية واعتناق الإسلام.
ولقد أصبح يوسف خطاب داعيةً إلى الإسلام، ويدخل العديدون من اليهود الإسلام على يديه. وفي سؤال ليوسف: كم يهودي أسلم على يدك؟ردَّ قائلاً: حتى الآن العدد لا يتجاوز العشرات، وبعضهم لا أعرفهم، وإنما أراسلهم عبر الإنترنت في إسرائيل؛ ولهذا السبب فكرت بإقامة مركز الدعوة الإسلامية بناءً على طلبهم حتى نلتقي وأُعرِّفهم أصول الدين الإسلامي والصلاة والعبادات، وأنا لا أستطيع أن أقابل الناس بل أخاطبهم عبر الإنترنت؛ لأنني لست حزبًا سياسيًّا.
وقصًّة أخرى ذكرتها جريدة الشروق اليومي الجزائرية حيث تمكن الشاب الجزائري عبد الواحد سوايبية الذي يبلغ من العمر " 31 " سنة ويقيم ببلدية بوشقوف الواقعة على مسافة 35 كلم نحو شمال شرق قالمة، تمكِّن وبكل يسر بإقناع ثلاثة فرنسيين سيدتين ورجل من زيارة الجزائر وبالتحديد مدينة بوشقوف التي أعلنوا بأحد مساجدها اعتناقهم الدين الإسلامي.
وذكرت جريدة " الشروق اليومي " أن عبد الوحيد كان يمارس " الشات " على شبكة الإنترنت وتعرف على امرأة فرنسية تسمَّى " ميشال " والتي تبلغ من العمر 58 سنة.
وقررت الصديقة الفرنسية ميشال بعد فوز عبدالوحيد بشهادة البكالوريا زيارته بمدينة بوشقوف الجزائرية لتتعرف أكثر على محيطه ووسطه الأسري.
وصادفت زيارة ميشال إلى الجزائر زيارة صديقتها مونيكا عضو الحزب الشيوعي الفرنسي وزوجها ريجيس البالغين من العمر 60 سنة واللذين قدما إلى الجزائر لحضور عرس زفاف لأحد المغتربين الجزائريين والذي يعتبر صديقا لهما ويقيم بمدينة وهران.
وقالت الصديقة مونيكا في زحمة تبادل أطراف الحديث والقفز بين المواضيع :" إنها لم تجد ما تبحث عنه في المسيحية أو البوذية ".
ولم يتردد الشاب عبد الوحيد في اغتنام الفرصة التي أتيحت له، خاصة وأن صديقته ميشال كانت مقتنعة جدا بكلامه وبتعاليم الدين الإسلامي فوجه سؤاله لمونيكا هل جربت دخول المسجد ؟ وعندما أجابته بالنفي أضاف ربما تجدين في المسجد ما كنت تبحثين عنه دوما .
ومن هنا انطلقت الفكرة لإقناعها وزوجها باعتناق الإسلام وبدأت هذه الفكرة تكبر في رأس عبد الوحيد وكذا عائلته، خاصة أمه ووالده اللذان يقول إنهما وفّرا له كل الظروف المواتية والمعاملة الطيبة لضيوفه الذين تأثروا كثيرا لحفاوة الاستقبال والمعاملة الطيبة من عائلة سوايبية وكل جيرانهم.
أحببت ذكر هاتين القصَّتين وغيرهما كثير جداً في تأثير عمل الداعية من خلال شبكة الإنترنت على الناس، وهدايتهم إلى صراط الله المستقيم، مع ضرورة التنبه لخطر المحادثة بين الرجال والنساء عبر برامج المحادثة في شبكة المعلومات (الإنترنت) فما أشبهها إلاَّ بالزيت والنار، سرعان ما تشتعل، والموفق من وفَّقه الله تعالى، ففيها كراهة شديدة قد تصل بالمرء إلى التحريم والإثم إن كانت لديه مقاصد الله تعالى أعلم بها!!

• مواقع متناثرة على الإنترنت وتكرار دائم دون تجديد:

هناك الكثير من المواقع الإسلامية على الساحة, ولكن جل هذه المواقع ما هي إلا نسخ طبق الأصل أو معدلة من مواقع أخرى، وكنت قد كتبت قبل خمس سنين مقالاً بعنوان:(تكرار المشروعات الإسلامية ... رؤية نقدية) ذكرت فيه أنَّ كثيراً من المواقع الناشئة والتي ضُخَّ من الأموال لكي تقوم وتنشأ الشيء الباهض الكثير ، تفوق عشرات الآلاف من الدولارات!
والنتيجة: تكرار بلا قوالب تجديد ، وقص من مواقع أُخرى ولصقه في الموقع الناشئ، بل قد لا تُنْسَبُ تلك (المواد المسْتلَّة) إلى المصادر الأصلية التي أُخذت منها المواد المنشورة مسبقاً.
وحين يناقَش هؤلاء الطيِّبون: لِمَ افتتحتم هذا الموقع؟ وما الهدف من إنشائه؟ وهل من تجديد وإبداع في فكرته؟ وهل من خطَّة زمنيَّة لمتابعة خطوات بنائه الفكري؟ وما الشريحة التي تستهدفها فكرة موقعكم ؟ وكم شاورتم من شخص خبير في هذا الشأن؟
فإنَّ كثيراً من هؤلاء المنتجين لتلك المواقع من الذين حسنت نيَّاتهم ـ نحسبهم كذلك ـ قلَّ منهم من يجيب على تلك الأسئلة بوضوح ، لأنَّهم وقعوا في أزمة غياب الهدف الاستراتيجي من وراء تلك البرامج الفكرية ، فينقصهم التفكير السليم ، الذي يدعو لوضع الأهداف والخطط والوسائل والأساليب لتحقيق ما تصبو إليه أنفسهم ، والخلاصة أنَّه لا يوجد لديهم وضوح في رسم أهدافهم.
فيجهلون أنَّ نتيجتهم المرجُوَّة من إنشاء ذلك الموقع على الشبكة العنكبوتيَّة ؛ ضئيلة للغاية، والشاهد على ذلك أنَّك حينما تدخل بعض المواقع والتي افتتحت منذ سنتين أو أكثر، وتستعرض عدد الزوَّار الذين دخلوا الموقع ، فقد تتفاجأ أنَّهم لا يتجاوزون المائتين ! مع أنَّ الموقع سالت في قنواته أموالٌ باهظة، وعمل على تصميمه (محترفون) لدعم هذا المشروع الإنتاجي ، والنتيجة بلا نتيجة!
بل إنَّني قرأت يوماً في أحد المنتديات على (الإنترنت) لثائر يقول متهكماً بأن كثيراً من المواقع صارت (لعبة) ، تجلس سنة من دون تغيير مقالات ، ولا تحديث مواد ، وقد يكون مآلها إلى الإحباط الذريع ، ومن ثمَّ الإغلاق لهذا الموقع.
ومن خلال عدَّة تجارب من هذا القبيل ، يتيقن المرء أنَّ هنالك عدَّة أسباب في تكرار المواقع المتشابهة معنى ومضموناً ، ومنها:
1) ضعف التخطيط ، ولربما كان إنشاء موقع نتيجة حديث أخوي، ما لبث أن أطلق سريعاً في عصر السرعة، بدون سابق تفكير منهجي وتأملي لمسار هذا الموقع، والخطط الجارية عليه حين الإطلاق، فلم يبقَ طويلاً لأنه أطلق سريعاً، وأغلق بعدها سريعاً، ومن هنا يقول أحد المفكرين: (لدينا أفكار كثيرة لا تجد سبيلها إلى التطبيق، وأعمال كثيرة لم تسبق بأي تفكير)!
2) الارتجالية في العمل والعمل الفردي الشخصي.
3) قلة التنسيق بين المواقع الدعوية بل انعدامها فيما أعلم!
4) ضعف العلم ما يؤدي إلى ضعف المعلومات ، أو قلَّة المعلومات، مع تكرارها.
5) فتح منتديات جديدة ودخول أعضاء جدد في غالبيتهم ضحلي الثقافة والمعلومات ما يؤدي إلى تكرار معلومات معروفة بداهة، ممَّا لا يسع المسلم جهله.

• حلول في معالجة مشكلة التكرار الدعوي على الإنترنت:

حبَّذا لو اجتمع مؤسسو مواقع الشبكة العنكبوتيَّة المشهورة في مؤتمر حافل ممَّن كان لهم دور كبير في نشر العلم والدعوة ثمَّ يتداولون فيما بينهم طرق التأثير الإعلامي على الشبكة العنكبوتيَّة، ويكون لديهم توجيه لعموم المستخدمين لهذه الشبكة وطرق التعامل معها، وإبراز أهمية معايير الجودة والتعامل مع الشبكة العنكبوتية، ويضعوا لائحة تتحدث عن أساليب وطرق العمل الدعوي في الإنترنت فبالفعل الأمر مهم، ويناقشوا عدداً من القضايا المهمة في هذا الصدد، لكان ذلك خطورة في الطريق الصحيح.
وأرى كذلك أنَّ علاج هذه النَّمطيَّة المبرمجة على التكرار، والذهنية المستقرَّة على الاجترار من معلومات الآخرين، تكمن في عدَّة أشياء:
1ـ إعادة صناعة البرامج والمشروعات ، برؤى واضحة ، وخطط متَّسقة ، والعبرة بالكيف وليس بالكم ، مع الأخذ بعين الاعتبار أنَّ التنظيم والتخطيط أساس النجاح.
2ـ صناعة الإبداع في المجالات الإعلامية ، وترك الاستنساخ للبرامج والمشروعات ، ومحاولة التشويق في الابتكار والتجديد ، وذلك أمر إن استطعنا أن نتدرب عليه ، فسنخنق حالة الركود الفكري التي تعيشها أمَّتنا، فهي أمثل مناخ وأحسنه لهدم كلّ إبداع وابتكار، والإبقاء على نمط التكرار.
والإبداع الذي نقصده عبارة عن: " عملية وعي بمواطن الضعف وعدم الانسجام والنقص بالمعلومات والتنبؤ بالمشكلات والبحث عن حلول، وإضافة فرضيات واختبارها، وصياغتها وتعديلها باستخدام المعطيات الجديدة للوصول إلى نتائج جيدة لتقدم للآخرين" وهذا تعريف الإبداع لدى الخبير المختص العالم تورانس torance، لهذا كان تعلم الإبداع وصناعته أمر ملح في عالم اليوم.
وإنَّ محاولة تدريب العقول على الخيال الواسع ، وإطلاق الأذهان في توليد الأفكار، وفتح آفاق واسعة للتفكير الإبداعي من الأهميَّة بمكان ، وهذا ما يعيب كثيراً من برامجنا ومشروعاتنا ، وفي كلام بعض الناس حكمة ؛ فقد كان نابليون يقول:( إنَّ عيب مؤسساتنا خلوها من أي شيء يتوجه للخيال)(انظر:مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي ـ للدكتور: عبدالكريم بكَّار/صـ26)
فلابدَّ أن تكون هنالك محاولة لصناعة بيئة تعنى بالإبداع وتربية الابتكار في عقول الشباب الداعي الناشئ على محبة الإسلام والدعوة إليه، بل توسيع مجال الخيال الإبداعي لكي يحقق في المستقبل شيئاً مما فكَّر به الشخص وكان في واقع الأمر خيالاً بيد أنَّ التجارب والتصميم والعزم والإرادة حوَّلته إلى واقع، ولهذا كان يقول أينشتاين : " إن الخيال هو الأكثر أهمية من المعرفة " .
3ـ لعلَّ من العلاجات النافعة لداء التكرار ، قوَّة التوجيه الصائب للعمل لهذا الدين ، وفتح مجالات التفكير الواسع في الفضاء الرحب لمزيد من الإنتاج الفكري ، المتناغم مع أدوات الإبداع الحضارية ، ولهذا إذا أردنا أن ندرس السبب الداعي لبعض المصلحين إلى تكرار مشروعات بلا رونق ولا إثارة إبداعيَّة من المجلاَّت والمواقع ، أو بنفس الطريقة المتبعثرة والمتعثِّرة ، فإنَّنا سنجد أنَّهم شعروا بكثير من الفراغ بلا توجيه، وهو ما أدَّى لوجود حالة الشلل الفكري ، في الإيجابية المثمرة والموظِّفة لطاقاتهم في الاجتهاد لخلق وإيجاد برامج رائدة ، ولذا فإنَّ من يقول بأنَّ: التكرار يغيِّب الأفكار، له وجه من الصِّحَّة ..
4ـ إن لم يستطع بعض المصلحين الإسهام بتأسيس مشروعٍ جديدٍ ومبتكر، ويخدم قضيَّة محدَّدة ، وأعجزهم الأمر، وكانت لديهم من الطاقات المالية والفكرية والعملية ، فلا أقلَّ من أن يساهموا في تشجيع المواقع القويَّة والناهضة ، التي عرفت بدورها الساطع في توجيه العقول والأفكار، فذلك خير من أن يُبدأ بمشروع جديد ، ويضع صاحبه يده على قلبه ، خشية الإخفاق.
5ـ المساهمة في إنشاء مواقع ذات طابع معيَّن ومتخصص ، وطرح أساليب دعوية رائعة ومتجددة ، وذلك من خلال التعاون بين طلبة العلم والدعاة وخبراء التقنية الذين يفيدونهم بجديد الإنترنت فالحاجة أم الاختراع؛ شرط أن يكون في هذه المواقع تقديم لقضايا متجدِّدة ، وبمعالجات مفيدة وجديدة ، كأن تكون هناك مواقع تهتمُّ بالدراسات الإسلامية المتعمِّقة ، أو مواقع مختصَّة بالسياسة الشرعية ومعالجاتها الواقعيَّة ، أو مواقع دعوية قويَّة لدعوة المسلمين بلغاتهم المتعددة ، كاللغة الصينية والأورديَّة وغيرها، ولا ريب أنَّ هذا ممَّا يشجِّع النفس على العمل لهذا الدين ونشره في الآفاق ، ورحم الله الرافعي حيث قال:(إن لم تزد شيئاً على الدنيا ، كنت أنت زائداً على الدنيا) وحي القلم(2/80).
6ـ أن تؤسَّس هيئة أهليَّة غير ربحيَّة للقيام بدراسة الجدوى للمشاريع الفكرية والإعلامية ، التي هدفها إصلاح الأمَّة والنهوض بها، مع إيجاد عملية مراجعات جادة للجهود الدعوية المبذولة على الإنترنت، واستبعاد السلبيات والمحافظة على المكتسبات والإيجابيات.
7ـ التخصُّص في مادة الموقع، فحبذا لو كانت هنالك مواقع دعويَّة متخصصَّة في بعض المجالات، فواهاً لموقع يجمع جميع التجارب الدعوية الناجحة منذ عصر الرسالة وإلى هذا العصر؛ لكي يفيد الدعاة إلى الله، أو موقعاً متخصصاً يشرف عليه نخبة من الدعاة الأكابر ويكون هذا الموقع لكل الدعاة إلى الله يفيدهم في وسائل الدعوة وأساليبها وطرقها وكيفيَّة أدائها ويجيب على استفسارات الدعاة والمشاكل والعقبات والعراقيل التي تواجههم، والحديث عن إيجابيات الدعوة في بلد محددة وسلبياتها واحتياجات الدعاة.
ومهم كذلك في هذا الإطار التخصصي القيام بتكوين لجان دعوية تراقب العمل التنصيري لبعض جهات التنصير في العالم من خلال شبكة المعلومات ومتابعة جديدهم وما يمكن أن يقدموه من خدمة لمبادئهم، والنسج على منوالها شرط ألا تكون مخالفة للشريعة، كما أنَّ مؤسسات دعوية أخرى تراقب العمل الدعوي لحزب أو جماعة ضالة، ويرى أساليب الدعوة لديها.
ولنأخذ مثالاً على المواقع المتخصصة الناجحة: فمثلا موقع (المنبر) والخاص بالخطباء والذي يتحدث عن كل ما يهم الخطيب في أحكام وأدب الخطابة وأساليبها، وفيه كذلك كثير من الخطب الموجودة في عدد من بلدان العالم الإسلامي ، فكم أثَّر هذا الموقع على كثير من الخطباء وأفادهم وصقل مواهبهم وكان فزعة لهم في كثير من مواضيع الخطاب والتي قد يحارون فيها.
ومن المؤكَّد في مجال التخصص الانتباه للمواقع الفاسدة ، فللبوذيين وعبدة الشيطان والهندوس مئات المواقع بلغات العالم الحيَّة وكذلك قليلة الاستعمال، بل إنَّ الصين والتي يبلغ عددهم مليار شخص ولديهم اللغة الصينية التي يتحدثون بها لا يوجد للمواقع الدعوية الإسلامية المؤثرة سوى النزر اليسير جدا وبجهود ضعيفة وإمكانيات قليلة فمن لهذه اللغة وللمليار شخص ليقيم مواقع قويَّة، ومن لعشرة آلاف موقع تسيء وتهاجم الإسلام بصورة مباشرة أو غير مباشرة لكي يكشفوا زيف وبطلان ما في هذه المواقع؟
في النهاية إنَّ من أمور التجديد في مواقع الدعوة على الإنترنت أن ندرك الواقع المعاصر الذي نعيش فيه، فنكون أبناء زمانه، فلنحذر من الانسحاب إلى واقع عصور قديمة لنتحدث في مشكلاتها، بل علينا ألاَّ ننسحب ولا ننكمش ولا ننزوي عن واقعنا، بل نواجه مشكلاته بكل ما أوتينا من قوَّة علمية وإرادة عملية، وندرك الأهم في الدعوة قبل المهم، ونعقل ضرورة فقه الموازنات في أمور الدعوة، ونتعامل من خلال روح مقاصديَّة نابعة من الفهم الصادق والصافي من نصوص الوحيين كتاباً وسنَّة مع الفقه المقاصدي لهما ولنصوصهما دون إفراط أو تفريط أو تغليب للمقاصدية على النصوص الشرعية كما يفعله بعض المستنيرين!

• بالإمكان أحسن ممَّا كان :

يقول الله تعالى:(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) والداعية إلى الله لابد أن تكون لديه جميع عناصر الجودة والتميز لكي يؤثر في الناس من علم وأدب وحلم ورفق وأناة ومثابرة وهمة وعزم وتصميم وإرادة ، والأصل أن يكون الداعية مستخدماً لهذه المعرفة التي قد اكتسبها ويفيد بها أمَّة الدعوة، والله تعالى يقول:(وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) ونحن نرى أنَّ رجال الفكر أياً كانوا ؛ يوصون أتباعهم بذلك فهذا (كونفوشيوس) يقول:(إنَّ جوهر المعرفة استخدامها عند اكتسابها)، وليس من بدٍّ إلاَّ استثمار هذا الكم المعلوماتي وإسقاطه في واقع الناس ودنيا حياتهم.
وعليه فإنَّه يمكن بالفعل تقديم دعوة إسلامية مميزة عبر الإنترنت، وإذا كان الغرب يقول إنَّ الإنترنت إحدى مطايا العولمة، فإنَّنا يجب أن نكون أشد إدراكاً لأساليب غيرنا في حرف أفهامنا وتصوراتنا والتأثير عليها ، وأرى بث روح الأمل في الناس فوجود هذه المواقع على قلَّتها بالنسبة للمواقع التنصيرية مثلا أو المواقع الغربية ، فيها خير كبير وكثير.
ونحن نلحظ في كتابات بعض المهتمين بهذه القضية التنبيه إلى ضرورة الولوج إلى تصميم المواقع الدعوية على الإنترنت بشكل احترافي ومهني وابتكاري، وضرورة الابتكار بدلا من التكرار المشرذم والمفرَّق والضعيف.
وآمل بالفعل أن يكون هنالك تلاقِ من بعض المواقع الإسلامية الناشطة في المجال الدعوي والقيام بعملية توأمة بينها لعله يكون هنالك نوع من الإبداع والرقي والنهضة في مجال الدعوة على شبكة المعلومات.
وبصراحة فالناس صار لها شيء من الوعي والإدراك، بل إن متابع الإنترنت والقادر على القراءة ولو كان كبيراً في السن ولو كان لم يتعلم إلا الابتدائية ولكنه قادر على المطالعة والمتابعة في الإنترنت فإنه سيشعر بالفعل بمدى الفروقات بين مواقع دعوية متقدمة جدا في مضمونها الفكري، والتصميم والإخراج اللائق بها.
وكذلك فإنَّ من مشكلات المواقع أن نجد موقعاً متميزاً وجميلاً وجذاباً ولكن لا تتوفر لديه خصائص النشر الإعلامي والإعلان عنه، فيكون الموقع حبيس صفحته الخاصة به، ومتابعوه قلَّة مع أنَّه يبذل فيه جهوداً مضنية من فريق عمل متميز، والواجب إثر ذلك أن تنشَّط الدعايات والإعلانات عن مثل هذه المواقع، لكي ينفع الله بها، وعموماً فهنالك عدَّة هموم في الحقيقة في مجال الدعوة على الإنترنت.
إنَّني أضم صوتي لصوت هؤلاء المهتمين بضرورة عمل مبادرة للتوحيد بين تلك المواقع في كيان واحد بجمع تمويلاتها جميعًا لإنشاء كيان ضخم ومهني وحرفي لجذب جميع القراء إلى موقع واحد ولكي يكون التأثير في المتلقى أقوى، من باب الخروج من التكرار إلى الابتكار.

• سلبيات الدعوة الإسلامية على الانترنت :

المواقع الإسلامية العربية على الإنترنت على قلِّتها والتي لا أظن أنَّها تزيد على 1000 موقع إسلامي، منذ أن بدأت في عام 1993م وحتَّى الآن كان معظمها محدود التأثير، ويحتوي على معلومات سطحية، وهذه مشكلة في الحقيقة، فأكثر المواقع تكرار واجترار لمعلومات الآخرين، وقلَّة قليلة هي التي تبدع في طرائق التفكير من خلال الإبداع والتميز في عرضهم وتقديمهم في مواقع الدعوة على الإنترنت.
وكما هو معلوم فإنَّ الإنترنت ساحة مفتوحة يضع فيها من يشاء ما يشاء كيف ما يشاء بدون أن يراقبه أحد، وقد يكون هنالك شخص لديه معلومات تقنية ويحب العمل للإسلام ويجمع ما بين البرمجة والتصميم فيقوم بتصميم موقع إسلامي دعوي يجمع من هنا وهنالك دون منهجية، وربما إن صحَّت له فرصة عمل ترك الموقع، وقد يصبح موقعه في طي النسيان!
إذاً هذه المواقع كثيراً ما تكون جهوداً فردية، لا يطاولها الأمل كثيراً حتَّى تنهار وللأسف، فغالب المواقع الدعوية عبارة عن مجهودات فرديَّة وحماسة شخصيَّة، أدَّت بصاحبها لأن يطلق الموقع، فيتحمَّس لمدة محدودة ثمَّ تخبو جذوة الحماسة مرَّة أخرى، كما أنَّ الموقع بحاجة لمصممِّم متميز، ومبرمج مبدع، وهذا ما قد يسبِّب ضعف الإخراج والاهتمام بالتصميم الخاص بالموقع، وما دام العمل لا يسير على رؤية استراتيجية تخطيطيَّة فسيكون عملاً فوضوياً مبعثراً ، وهذا ما تشكو منه كثير من أعمالنا الإسلاميَّة ومنها العمل الدعوي الإسلامي على الإنترنت!!
وصدق الله تعالى القائل:(أفمن يمشي مكبَّاً على وجهه أهدى أمَّن يمشي سوياً على صراط مستقيم).
مقابل الفوضويَّة التي نجدها لدى بعض العاملين للإسلام، نلحظ الأعمال الغربيَّة في الغالب تبقى ثابتة ولو خفت ضوؤها، فهو يخطِّط بطريقة Slow but sure ، ما يعني أنَّهم يريدون عملاً بطيئاً ولكنَّه أكيد المفعول، وقد استخدموها في عصرنا الحاضر حيث استخدمها الإنجليز في عهد اللورد كرومر وبقيادة القسيس دونلوب أثناء مدَّة هيمنتهم على مصر، وأسَّسوا لهذه القاعدة لتغيير مناهج التعليم في مصر، لتخريج جيل ليست لديه هويَّة إسلاميَّة... جيل تافه لا يأبه بأمر دينه، وهذا بالفعل ما أثَّر تأثيراً كبيراً في عقليات الشباب التي تأثَّرت كثيراً بالغزو الفكري، فإن كان هؤلاء يقومون بهذا البطيء الفعَّال، فإنَّ على دعاة الإسلام أن يحسبوا خطواتهم الدعويَّة، لتكون مدروسة موزونة.
يظن بعض الناس عدم وجود مشاكل وعقبات في الدعوة عبر الإنترنت، لكنَّ الحقيقة أنَّ هنالك عدَّة إشكاليات تواجه بعض الدعاة على شبكة الانترنت، وبعض الملاحظات على العمل الدعوي على الإنترنت ، أذكر منها:
1) العشوائيَّة والفوضويَّة والارتجالية.
2) ضعف التخطيط لكثير من المواقع الدعوية، فقلَّما نجد مواقع لديها خطط فعليَّة ، ورؤى استراتيجية تقوم عليها.
3) أنَّ الدعوة من خلال الإنترنت تكون دعوة شخصانية دون رعاية من عالم أو مربٍ أو هيئة شرعية، فالكل يمكن أن يدعو بطريقته الخاصة، وهذا قد يوقع بعضاً من الدعاة في حبائل الشيطان سواء من قبيل الشبهات أو قبيل الشهوات، وقد يدخل بعض الشباب في غرف التشات المحادثة لمقصد الدعوة، فيخرجوا بخفي حنين، فلا الدعوة نصروا ولا بدينهم تمسكوا، بل قد يقع بعضهم في حب فتاة كانت مقصدا من مقاصد الدعوة!! أو يتأثر بعضهم ببعض الشخصيات التي يتحاورون معها على غرف المحادثة ببعض الأفكار الزائغة، فليس هنالك نوع من الرقابة على الإنترنت، والحل يكمن في أن يكون لكل شخص مرجعية من هيئة شرعية يستشيرها في أي أمر يقدم عليه وخصوصاً حينما يكون غير ناضج علمياً ولم يستوِ بعد في التمكن بأساليب الدعوة وفنون التعامل مع الناس والرسوخ في العلم أو على الأقل العلم الكافي للدعوة إلى الله وإرشاد الناس، مع مراقبة الله تعالى أولاً وأخيرا، فإنَّه الركن إن خانتك أركان، وإذا لم يكن من النفس واعظ فما تنفع المواعظ!
4) قلة التنسيق بين الدعاة، والعمل ضمن إطار مشاريعي يخدم ويفيد المجتمع البشري الذي يقصد الإنترنت، فيكون من خلال هذا التنسيق دور أكبر وفائدة واضحة أكثر من الجهود الدعوية الفردية على الخير الذي تؤديه.
5) إدمان كثير من الصالحين على الإنترنت، بل بعض الفضلاء والخيرين، حتى إنَّ بعضاً منهم لا يستطيع مفارقة الإنترنت مطلقا بحجَّة الدعوة إلى الله والمناقشات الدعوية، ولربما كان 40% مما يقوم به ليس ذا أهمية ولكنها ظاهرة الإدمان المستفحلة والتي تجذب بعض الناس كقوة المغناطيس لهذه الشبكة! ولو سئل أحدهم ما العمل الدعوي الجاد الذي قمت به في يومك هذا؟ لتلكَّأ في ذكر منجزاته الدعويَّة أو أن يذكر شيئاً يسيرأ يمكن القيام به في وقت قصير.
6) العزلة الدعوية، والتسبب في الانغلاق على الذات وقلَّة مواجهة الجماهير أو الناس، بل التلكؤ في الزيارات الاجتماعية بحجج قد تكون ظاهرها الدعوة بيد أنَّ باطنها التعلق الشخصي الغريب بهذا العالم من خلال الشبكة العنكبوتية، وهنالك دراسات أجرتها مجلة عالم المعرفة حيث انتهت إلى أنَّ 40% من الشباب الذين يستخدمون الإنترنت أثَّر عليهم من الناحية الاجتماعية وجعلتهم أكثر انفراداً، وهذا بحد ذاته مشكلة في طبيعة الداعية، يجب على الداعية ألاَّ يقع فيها، فإنَّ لنفسه عليه حقاً ولربه عليه حقاً ولرأسه عليه حقاً ولنومه عليه حقاً، فليعط كل ذي حق حقَّه.

• أين الدور الدعوي الإسلامي للمواقع الدعوية غير العربية؟

توجد مواقع دعوية إسلاميَّة لأغلب اللغات الحيَّة في العالم، وفيها جهد لا بأس به، ومع اعترافي بأني جاهل في جميع اللغات الأخرى عدا العربية ، إلاَّ أني حينما سألت عدداً من إخواني الدعاة الناطقين بعدد من اللغات الحيَّة في العالم؛ أخبروني بوجود مثل هذه المواقع ولكن من أكبر مشكلاتها؛ قلَّة الإبداع في العرض الدعوي، وقلَّة المواد المترجمة باحتراف فهنالك كسل وضعف في عملية ترجمة ونقل المعلومات المهمة باللغة العربية إلى اللغات الأخرى ، بل ضعف الترجمة والنقل والنسخ من اللغة العربية للغات الأخرى، ما يسبب خللاً في المفاهيم أحيانا.
وهذا راجع وناتج كما ذكرت مراراً وتكراراً إلى ضعف أدوات التخطيط للأسف الشديد، وقلَّة التنظيم فيما بيننا بل الفوضى الفكرية والغثائيَّة الدعوية في الحقيقة بكثرة المواقع والمنتديات على قلَّة التميز فيها فهذه مشكلة ومعضلة أكثر من كونها مفيدة وناضجة، وصدق الشاعر حينما قال:
درجنا على فوضى أضاعت جهودنا *** وغالوا بترتيب الجهود وأقدموا
وقد يرجع الحق المشوش غائبا *** وينتصر البطلان وهو منظَّم
ونحن حينما ننتقد ذلك لا يكون نقدها من قبيل النقد الذي يساوي النقض بل النقد الذي يرافق النصح ومحبة أن نرى هذه المواقع تتجمع فيما بينها وتكون مشروعا دعويا رائعا
شهد الله ما انتقدتك إلا *** طمعا أن أراك فوق انتقاد
ومن أعظم الأسباب في قلَّة المواقع الدعوية باللغات الاخرى قلَّة العمل بعقلانية ورشد، فهنالك المئات من المواقع العربية الإسلامية الدعوية، وأعتقد أنَّه لو جمع 40 موقعاً منها وأطلق أصحابها 10 مواقع من هذه المواقع الأربعين لكان فتحا جديدا من فتوح الدعوة المؤثرة الجادة، والمشكلة كذلك أنَّ كذلك ضعف المعرفة باللغات الأجنبية عموما يؤدي لقلَّة النقل المعلوماتي الثري من اللغة العربية لغيرها بل من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، كما أنَّ عامل الاستبداد السياسي الذي عزل الناس عن كل ما هو في الخارج فانكفؤوا على إصلاح أنفسهم داخليا، وكذلك المعرفة بالحال الداخلية الدعوية ومدى الضعف والتقصير فيها وفي المقابل الجهل بمعرفة حال الخارج، ونلاحظ كذلك أنَّنا والخارج في حالة حرب وصدام عسكري في الغالب فيسود خطاب الحرب أكثر من خطاب الحوار والدعوة خاصة وأن الحرب دفاعية.

• الدعوة الإسلامية ودورها تجاه الإساءات والافتراءات على الإسلام:

ينبغي أن نضع في بالنا نقطة ذات أهمية بالغة وهي أنَّ بعض المؤسسات الإعلامية الغربية المدعومة من الإعلام الصهيوني العالمي أو تلك التي تمتلك اتجاها معاديا للإسلام والمسلمين لا تألو جهدا في التعرض لمواقف معادية واستغلال أي توجه مناقض للإسلام أو أي خبر لا يؤيد المواقف الإسلامية بتأويله وتفخيمه كرأي حر متبع بغية إقناع القارئ أو المستمع أو المشاهد الغربي بسلامة الرأي والفكرة المعادية المطروحة.
فقد أشار مثلا الموقع الإلكتروني swissinfo.ch بتأريخ 22 مارس 2007م تحت عنوان : اعترافات بانحراف الإعلام الغربي في حديثه عن الإسلام بأن الخبراء المشاركين في ملتقى لوغانو بسويسرا عن دور الإعلام والعلاقة بين الغرب والعالمين العربي والإسلامي، توصلوا إلى تأكيد انحراف الإعلام الغربي بتركيزه على إظهار الصور السلبية عن الإسلام.
ولنقف طويلاً أمام دراسة إحصائيَّة تبيِّن مدى الحقد الدفين على دين الإسلام وتشويه حقائقه الناصعة، فقد أظهرت دراسة إحصائية لباحث في جامعة الأزهر عام 2005م أن هناك ما لا يقل عن 10 آلاف موقع يهاجم الإسلام بتمويل يبلغ ملياري دولار لا يواجهها سوى مائتي موقع إسلامي بتمويل لا يتجاوز مليون دولار.
إذاً ، ما دام أنَّ كثيراً من المواقع الغربية ووسائل الإعلام تؤثر على المجموع البشري لديهم في عرض الإسلام بصورة سيئة، فكان من الأهميَّة بمكان أن تجمع جميع الشبهات والأقوال التي يقولها هؤلاء في موقع واحد وبعدَّة أشكال وأنماط من مقال وأشرطة فيديو بسائر اللغات وفلاشات وعروض تقديميَّة (presentations) وغيرها من الأساليب الدعوية التي نؤثر بها على الغرب الذي لا يعرف حقيقة الإسلام.

• جهود دعويَّة عبر الإنترنت وإشراقة لا تنطفئ:

يمكن القول عن تحديد المدى في خدمة الإنترنت للدعوة الإسلاميَّة أمام الإساءات والافتراءات على الإسلام، بأنَّ مواقع الإنترنت كان لها دور منيع وواضح في الرد على الافتراءات على الإسلام والتي تقوم بعض المواقع المسمومة بنشرها أو بعض القنوات والإذاعات كذلك، بل إني أظن أنَّ الإنترنت بوصفه خزانة معلوماتية هائلة لأغلب ما نشر وبث مرئياً ومسموعا ، فلقد كان له القصب المعلى والدور الأسمى في دفاع رواده ومرتاديه عن حياض الإسلام فنجد الكثير من المواقع على الإنترنت المدافعة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، وعن ديننا الإسلامي العظيم.
وخذ مثلا فبعد الإساءة الدنماركية للنبي المكرَّم محمد بن عبد الله صلَّى الله عليه وسلم وجمعنا الله برفقته في الجنان ، نلاحظ بالفعل أنَّ المواقع على الإنترنت كان لها تأثير وفاعلية كبيرة في الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهنالك مواقع تدعو النصارى إلى الإسلام وتكشف تضليل دينهم وصدق الإسلام وأبرزها:

المسيحية فى الميزان
http://www.alhakekah.com

الردود الجلية لديانة أهل المسيحية
http://www.khayma.com/nsara/

التوضيح لدين المسيح وخطر النصارى فى بلاد العرب
http://www.tawdeeh.com

طريق الحقيقة (صوتيات ومرئيات تفضح مخطط النصارى فى بلاد الإسلام)
http://www.truthway.tv

شبكة بلدي (يوضح خطر النصرانية والماسونية)
http://www.baladynet.net

الحقيقة العظمى
http://www.truth.org.ye

المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير
http://www.tanseerel.com/main/Default.aspx

كما أن هنالك مواقع أطلقت خدمة للدعوة والدين ومنها:

موقع نبي الرحمة:
http://www.nabialrahma.com/default.aspx

موقع إلا رسول الله:
http://www.no-4denmark.com/ar

موقع عذرا رسول الله:
http://mohammad.islamway.com/ar

موقع رسول الإسلام:
http://www.islam-prophet.com

موقع دافع عن نبيك:
http://www.islamweb.net/mohammad/index.php

وهنالك من أسلم وأطلق ثلاثة مواقع باللغة الانجليزيَّة للدعوة إلى الإسلام، وروابطها:
www.islamtomorrow.com

www.islamalways.com

www.islamyesterday.com

كما أن هنالك جهوداً يقوم بها بعض مجاهدي الإنترنت ضد المواقع المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام أو الإسلام، فمثلا لا ننسى تلك الإساءات الهولندية للإسلام ونبيه فقد (تمكن الهاكر السعودي «سنايبر هاكس» من القيام بحرب إلكترونية على المواقع الهولندية انتقاماً للرسول صلى الله عليه وسلم وللإسلام بعد عرض فيلم «فتنة» Fitna المسيء للإسلام للنائب الهولندي اليميني المتطرف «فيلدرز», واستهداف مراكز البيانات للشركات الهولندية الكبرى المسماة (داتا سنتر) والتي منها تنطلق خدمات الاستضافات للمواقع على الإنترنت، وجرى تسجيل اختراق وتدمير أكثر من 55 موقعاً هولندياً في يوم واحد، جميعها تنتهي بالامتداد العالمي للمواقع الهولنديةNL على موقع «الزون اتش» على العنوان:
http://www.zone-h.org

وقام نفس الهاكر السعودي «سنايبر هاكس» بتدمير الكثير من المواقع الدنماركية بعد نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم .
وقد سجلت «الجمعية الدنماركية للمعلوماتية» مئات المواقع التي استهدفها «هاكرز» الإنترنت من المسلمين، واستبدلوا صفحات الاستقبال فيها بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وأعلام إسلامية، وبشعارات تندد بصحف الدنمارك وحكومتها، كما رصد أحد المسؤولين عن شبكة الإنترنت في الدنمارك أكثر من 718 هجوماً، شنت كلها بالتضافر مع مسيرات الغضب ضد الرسوم المسيئة إلى النبي صلى الله عليه وسلم على مواقع مختارة في شبكة الويب)
ومن ناحية شرعيَّة لجواز ذلك من عدمه ، فهنالك من العلماء المعاصرين من يرى تحريم ذلك؛ لأنَّ مآلات هذا الفعل قد تعود لتدمير المواقع الإسلامية، أمَّا (لجنة الفتوى بالأزهر الشريف فقد أجازت عمليات القرصنة ضد المواقع الإلكترونية «الصهيونية»، واعتبرتها نوعاً من الجهاد المباح الذي من شأنه أن يخدم القضايا الإسلامية، بحيث يُحدث نوعاً من الشلل في المنظومة الإعلامية للعدو.
وقالت اللجنة: «إن هذا النوع من الجهاد لا يختلف عن الجهاد المشروع بالسلاح، بل إنه لا يقل عنه أهمية، على اعتبار أن العالم تحول إلى شبكة اتصالات واسعة، المنتصر فيه هو الأقوى إعلامياً».
وأضافت اللجنة: «إن الجهاد في الإسلام شُرِع لإعلاء كلمة الحق، ونصرة المظلومين، والدفاع عن الدين والعرض والوطن والحرية والكرامة الإنسانية؛ لذلك تُستعمل فيه كل الأساليب حسب تطورات العصر») .
وهنالك فتاوى معاصرة لبعض العلماء المعاصرين تجيز تدمير المواقع المسيئة للإسلام، أو المواقع اللتنس تنشر أفكاراً خاطئة عن الإسلام، أو مواقع المحاربين للمسلمين، وممَّن أفتى بجواز ذلك، مفتي عام المملكة العربية السعودية سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، وكذلك الشيخ فيصل مولوي .
وفي دراسة قام بها الشيخ الدكتور عبد الرحمن السند عن :(الأحكام الفقهيَّة للتعاملات الالكترونية: الحاسب الآلي وشبكة المعلومات) فقد بيَّن أنَّ حكم تدمير المواقع محرَّم ولا يجوز إجمالا، أمَّا إذا كان الموقع من المواقع الضارَّة، فيجوز تدميره إلاَّ إذا كان تدمير الموقع يؤدي إلى ضرر أكبر منه.
مع أنَّ أغلب المفتين بجواز تدمير المواقع المسيئة للإسلام، أو الجهات المحاربة للإسلام، بيَّنوا أنَّ الأصل في المنكر أن يدفع بالتي هي أحسن، فإن أمكن حجب هذه المواقع فهو الأفضل ويحصل به المقصود، ولكن لا يفتح هذا الباب على مصراعيه فهنالك مواقع تدعو إلى منهجها ولو كان ضالاً دون الإساءة المباشرة لدين الإسلام أو محاربة المسلمين، فمثل هذه المواقع ليس هنالك من فائدة بتخريبها، وذلك لأنَّ هذا قد يؤدي إلى استخدام المخترقين من الكفرة والمفسدين بتدمير المواقع الإسلامية والدعوية.

• هل الدعوة عبر الإنترنت أخذت جهداً كافياً من الدعاة؟

للدعاة إلى الله واستخدامهم للإنترنت للتأثير على مرتاديه، جهد واضح ومبارك، ولكن لا أعتقد أنَّ هذه الجهود وصلت إلى المستوى المطلوب أو الرضا التام؛ فالجهود الدعويَّة على الإنترنت بحاجة إلى إعادة تكامل ، وتنسيق، وتعاون ، وتعاضد، ويؤسفنا أن نلحظ مدى التكاتف بين النصارى والمنظمات المبشِّرة بدينها لاستغلال هذه الشبكة لتنصير العالم، فقامت بإنشاء ما يُسمَّى "اتحاد التنصير عبر الإنترنت"، الذي يعقد مؤتمرًا سنويًّا كل عام، يحضره ممثِّلو الإرساليات التنصيرية، وقد نتج عن هذا النشاط التنصيري من خلال شبكة الإنترنت آلاف المواقع التنصيرية، التي يفوق عددها عدد المواقع الإسلامية بعشرات المرات، فأين دور الدعاة المسلمين في رسم خارطة التعاون الدعوي؟

• الإنترنت الدعوي ... وضرورة الدقة المعلوماتية:

بالتأكيد، فإنَّ الإنترنت يجمع الغث والسمين والصالح والطالح، فلا نستطيع أن نقول أنَّه لا يأتي بمعلومات دقيقة، فهنالك مواقع إسلامية جادة تبني فكرتها ورؤيتها على أسس معلوماتيَّة دقيقة متعوب عليها، وهنالك مواقع أقل من ذلك وهنالك مواقع بالفعل رديئة الفكر وردئية الإخراج ورديئة المعلومات، فتجمع المعلومات وتكون على المسلمين كحاطب ليل وخاطب ويل!
وأما الطريقة المقترحة لكي تصل المواقع الإسلامية لدقة معلوماتية واضحة من خلال البرامج والخطط التي تقدمها فيمكن أن نلخصها بالآتي:
1) أن يحسب المرء كلامه وقوله ويعلم أنَّه (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
2) استشعار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:(كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع) أورده الإمام مسلم في مقدمة صحيحه.
3) الاهتمام بالكيفيَّة والنوعيَّة وحسن العمل؛ وليس بالتركيز على الجديد فحسب، فالجديد والمفيد معاً في آن واحد، والعبرة بالأعمال من ناحية الأفضلية بكيفيتها لا كميتها.
4) الاهتمام بالبرامج النوعية والدورات الإدارية التي تعطي للمهني والمحترف أنماط العمل الإيجابي الدقيق وفقاً لآليات محدَّدة، وأساليب تحريرية فائقة.
5) الشعور بالمسؤولية الفكرية، فضلاً عن الملكية الفكرية وأمن المصادر المعلوماتية وضرورة الإشارة إليها فإنَّ من بركة العلم نسبته لقائله، مع ضرورة وضوح هوية المسؤول عن مصدر المعلومات ومعلومات تعريفية به وإمكانية الاتصال به
6) أنصح بمطالعة بحث كتبه الدكتور عبد الرشيد عاطف بعنوان( مصادر المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت : معايير مقترحة للتقييم)، فقد ذكر فيه معلومات مهمَّة وأكَّد فيه على ضرورة وضع ميثاق علمي ونظم مقننة لمواقع الإنترنت التي تتيح مصادر معلوماتية، ومن ثم منح المواقع التي تطبق الميثاق والنظم الموضوعة شهادة بعلميتها واعتمادها على المستوى الأكاديمي، وبعد ذلك يتم اعتماد مواقع الإنترنت التي حازت على الشهادة كمصدر علمي موثق ومعترف به من قبل الجامعات ومراكز الأبحاث والمؤسسات العلمية.
إلى هنا يتوقف الحديث حول الدعوة الإسلامية وأهميتها عبر الشبكة المعلوماتية، وأسأل الله تعالى لجميع العاملين والداعين للإسلام سداداً وسؤدداً، وإخلاصاً لله وخلاصاً من نار جهنَّم، والله الموفق والمعين، وهو سبحانه وتعالى حسبنا ونعم الوكيل، وكفى بربك هادياً ونصيرا.

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك