التربية بالحب
التربية بالحب
بقلم : أ. عبد الخالق نتيج
لعل تجربتي بمجال التربية، واحتكاكي بمجموعة من الأطر التربوية خلق عندي قناعة بأن التربية الصحيحة هي تربية أساسها الحُب و المودة و التقدير، لأن العلاقة بين المربي و التلميذ إن بنيت على الحب كانت علاقة إيجابية نتائجها مُبهرة حيث أني شخصيا أثر في مسيرتي الدراسية أساتذة أحترمهم و أقدرهم بل و أحبهم؛ و ذلك لطريقتهم المُتميزة في التربية، إن الطفل إذا أحب المربي أطاعه على قول الشاعر :
" إن المُحب لمن يحب مطيع ".
إن مفهوم التربية و ارتباطه بالقسوة و الشدة و الضبط عند كثير من المربين مفهوم و ارتباط تبث خطأه ، حيث أنهُ ينبني على تصور أن الطفل يحتاج إلى الضبط و العنف من أجل تربيته و هذا المفهوم قد ثم تجاوزه بناء على العديد مجموعة من الدراسات التربوية و النفسية، بل وتجاوزته دول تُعتبر أهم الدول و أكثرها انضباطا و أن أعني هنا اليابان، وقد شاهدت أخيرا فلما بعنوان " يوم في قسم ياباني" و هو متوفر على الشبكة العنكبوتية، و يظهر من خلاله المربي عند دخوله القسم يصافح كل تلميذ على حدة وكأنه صديق لهم و ليس أستاذا، و يظهر لمتتبع الفيلم مدا تعلق التلاميذ الشديد بمعلمهم و حبهم له، فهو قريب منهم يحل مشاكلهم سواء كانت داخل غرفة القسم أو خارجها، إن مثال المربي الياباني يجب ألا ينسينا المربي الأعظم والقدوة الأولى لنا، الرسول صلى الله عليه و سلم فقد كان يعامل كل الناس بالحب و المودة، بل لم يذكر عليه أنه ضرب صبيا أو خادما، بل كان إذا وجد الأطفال في الشارع لاعبهم و مازحهم رغم أنه يحمل هم البشرية؛ فلابد أن نتعلم من سيرته العطرة أن أول مواهب الأستاذ قدرته أن يكون محبوبا بين الناس.
إن بيداغوجيات التعليم الحديثة و دراسات علم النفس تُجمع كلها على أهمية العلاقة بين المربي و المتعلم ، إذ إن هذه العلاقة إما أن تكون إيجابية مُفعمة بالحب؛ فتؤدي إلى نمو عاطفي و معرفي ثم سلوكي صحيح، أو العكس فيكون نمو غير طبيعي لمشاعر العنف و الكبر و الحقد.
إن أهم عناصر الاتصال المُرسل و المُستقبل، و العلاقة بينهما تؤدي إلى الفهم الصحيح أو الخاطئ للرسالة، إن المربي قبل كل شيء مُصلح و لكي تكون مصالحا يجب أن تكون محبوبا و مقبولا عند الآخرين، و قد قال تعالى: " ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك " من خلال الآية الكريمة يمكننا استنتاج صفتين للمربي المصلح، أولهما أنه ليس بفظ؛ أي أن كلامهُ كُله رقة و حب فكلمةُ حُب لها فعل كالسحر في نفوس الناس، لذلك كان علينا دائما اختيار أفضل الألفاظ في التعامل مع الناس و الإفصاح المباشر لحبك للآخرين، ثم الصفة الثانية في قلب المربي الرقيق و الرطب و المحب للناس، فكما يقال " الكلمة إذا خرجت من القلب و صلت مباشر للقلب، أما إذا خرجت من الفم فلن تتجاوز الأذن " .
تأصيل:
قال صلى الله عله وسلم: "تهادوا تحابوا "
إن الرسول صلى الله عليه وسلم يُطلعنا على سر من أسرار التقرب إلى الناس و الهدف الواضح هو الحب.
خاتمة:
إن الكلمة الطيبة النابعة من القلب المحب لابد أن يكون تأثيرها كبيرا على نفوس الآخرين، فكيف إن كان من قلب مرب صالح إلى قلب تلميذ محب فمفعولها سيكون أكبر من السحر، و سيؤدي إلى اندفاع ذاتي نحو النجاح و الكمال اعترافا بالجميل للمُربي الصالح.