الفصحى في مواجهة العامية
عدنان أبو شعر
أبدأ بالقول معترفاً بأن قلقاً ما يكتنفني، ووساوس شتى تنتابني حين أقرأ لكثير ممن يدّعون بأنهم أنصار مدرسة (الحداثة) أو (ما بعد الحداثة)، رغم اعترافي بأن التغيير والتجديد هو سمة من سمات التقدم والتطوير الذي لا بد منه لاستمرار الجنس الإنساني وصعوده في معارج الحضارة والمدنية. وبت متأكداً بأن هذه الهواجس ليست مجرد عوارض رُهاب (فوبيا) يستولي على تفكيري، بل وقائع حيّة تبرِّر ما أذهبُ إليه. وكلما ازددتُ عمرا، وتوسعتُ قراءة واطلاعاً، اتضّحتْ أمامي المؤامرة، وصدمتني لامبالاة أمتنا من جانب، وقوة خصومنا- ليس بحق يمتلكونه بل بباطل يمدّون رقعته- وصولاً إلى دخولهم إلى عُقر دارنا وأعماق نفوس أبنائنا دون استئذان، من جانب آخر.
لقد أصبح موضوع العامية واعتمادهالغة َ تـَخَاطـُبٍ، بلـْهَ لغة أدب وشعر، لا يتوقف عند كونه نزعة فردية لدى أصحابها، أولحناً بمفردات سرت على ألسنة الناس وشاع استخدامها، بل بات أمراً يُراد منه المسُّ بثوابت الأمة العربية الإسلامية وسرّ بقائها واستمرار وجودها.
وقد أُنعتُ بالمبالغة، وأُصنـَّفُ كواحد من أتباع المدرسة التقليدية الأصولية في اللغة، لكني على يقين بأن موضوعية البحث وتأصيله والأدلة التاريخية التي سقتها ستكون مجنّاً يذبُّ عني تلك السهام ويرفع عني شبهة التحيّز والابتعاد عن النصفة والعدل.
وللولوج إلى تفاصيل موضوعنا، لابد لنا بداية من الوقوف أمام خيمة عربية دار فيها حوار بين أبي الأسود الدؤلي [1] وابنته، وذلك قبل ألف وأربعمائة عام:
-الابنة: يا أبتِ ما أجملُ السماء؟
- أبو الأسود: نجومُها. (بضم الميم).
- الابنة: ما قصدتُ هذا يا أبتِ، ولكني أتعجب من جمال النجوم في السماء وبهائها.
- أبو الأسود: إذاً يا بنيّة قولي: ما أجملَ السماء، وافتحي فاكِ.
ويقال إن أبا الأسود همّ لساعته بكتابة ما سمي بقواعد النحو، والذي سُميّ كذلك لأنه استأذن علي بن أبي طالب في وضعنحو ما وضع، ذلك أنه اعتبر أن العجمة قد دخلت لغة قومه، وخشي فساد سليقة العرب، وذهاب لغة القرآن.
وتوالت الأيام، ودخل الأعاجم في الإسلام عبر فتوحات تمّت في بلاد الديلم [2]، و فارس [3]، وآسيا الوسطى موطن الأمة التركية وبلاد الخزر[4]، وخراسان [5]، وصولاً إلى القسطنطينية [6]. وبدأت مشكلة العُجمة واللحن في اللغة تتفاقم، لا بسبب تعمد وإساءة، بل بل نتيجة جهل أهل البلاد المفتوحة باللغة العربية وقواعدها، ولم يجرؤ أحد على حمل راية تهدف إلى التخلي عن لغة القرآن.
وهنا لا بد لنا من التمييز بين دخول المفردة (الأجنبية) في لغة ما، وبين تحديث أو تغيير أو تطوير قواعد تلك اللغة؛ فدخول الكلمات والمفردات الجديدة وخروجها من اللغة أمر طبيعي ينسحب على كل لغات الأرض. وتبرز حالات الفتوحات والاستعمار المنظـّم عبر التاريخ [7] كعامل أساس في تصدير واستيراد المفردات. فاليوم نقرأ مئات الكلمات الإفرنسية في قاموس اللغة الإنكليزية، والتي بدأت بالتسلل إلى الإنكليزية مع بداية غزو وليام الأول [8] (الفرنسي) لبريطانيا وتكريسه للفرنسية لغة لبلاطه في إنكلترا المستعمرة، فبدأت العامة تقلد لغة البلاط تقليد الضعيف للقوي، وسادت هذه الكلمات و تجذرّت فياللغة الإنكليزية. لكن اللغة الإنكليزية، رغم ذلك، حافظت على قواعد لغتها ذات الأصول الجرمانية.
ومن جانب آخر فإن التقدم العلمي والتقني لدى شعب من الشعوب يساهم كثيراً في إغناء لغات الأمم الأخرى بمفردات لم تكن في قاموسها اللغوي، فيصبح لزاماً عليها إدراجُها بعُجرها وبُجرها كمفردة (مستوردة). وهكذا فإن اللغة الإنكليزية قبلت دخول المفردات الفرنسية اللاتينية الغريبة عنها، تماماًكما قبلت دخول مفردات علمية عربية مثل (alcohol) : أي الغول (والتي نلفظها ونكتبها الآن :كحول ، تاركين لفظها العربي الأصيل، ومستخدمين لفظها الأجنبي المحوّر)؛ والشواهد كثيرة.
ولا يقتصر الأمر على الإنكليزية، إذ أن كل لغات العالم تعرضت لنقل المفردات منها وإليها، ولا ضير في ذلك، لا بل إن ذلك يأتي في سياق الصيرورة الحيوية لكل اللغات العالمية إذا ما أرادت دفع شبح الاندثار؛ فتستوعب وتوصِّف منتجات الكائن البشري وأحلامه ورؤاه من خلال الاشتقاق والنحت والتجوّز والتوليد والتعريب واستيراد المفردات، ذلك أن المفردة أو الكلمة – حسب تعبير مؤسس المدرسة البنيوية فرديناد ديسوسور [9] ( (Ferdinand de Saussur مجرد رمز اعتباطي (arbitrary)، مهمته أن يكون دالاً (significant) على شيء مدلول عليه ( significance).
وللمزيد من الإيضاح أضربالمثل التالي:
لا يوجد في تركيبة حروف مفردة : (شجرة) ما يدل على الشجرة بحدذاتها، فهي حروف (اعتباطية) ، بيد أننا لمجرد سماعنا لتصويت الحروف المتتابعة : ش+ ج + ر+ ة ، يـُقدحُ في أذهاننا صورة لشجرة (من غير تعيين لنوعها أكانت زيتونة أونخلة ). وهذا ما يحدث تماماَ في ذهن المتحدث في الإنكليزية عندما يسمع حروف كلمة (tree) وهي : t+r+e متتابعة متصلة. والأمر عينه لمتحدث بالفرنسية حين سماعه لكلمة (arbre).
فكل من (شجرة) و(tree) و(arbre ) علامة اعتباطية : .(arbitrary significant)
ومدار القول انتفاء المحذور في إدراج الكلمات الوافدة في مفردات لغة ما كونها علامة اعتباطية. لكن المحذور والمحظور هو في بناء الجمل: أي صياغة الكلام وفق قواعد وضوابط. وهذا ما نحن بصدده.
ويحسن بي أن أبدأ بإلقاء الضوء على جذور الدعوة إلى استبدال العامية بالفصحى [10] تاريخياً لتأكيد خبث الداعين لاستخدام العامية وترويجها بغرض استهداف لغة القرآن والنيل منها.
كان قد بدأ التذمر من اللغة العربية علانية بنحوها وصرفها في مصر في القرن التاسع عشر عندما ألف رفاعة الطهطاوي [11] كتابًا في عام 1868 اسمه "أنوار توفيق الجليل من أخبار توثيق بني إسماعيل" قال فيه:
" إنَّ اللغة المتداوَلة المُسمَّاة باللغة الدارجة التي يقع بها التفاهمُ في المعاملات السائرة لا مانع أن يكون لها قواعد قريبة المأخذ وتصنف بها كتب المنافع العمومية، والمصالح البلدية..".
ويبدو أن هذه الدعوة أسالت لعاب المستشرقين فنسجوا حبال مكرهم حولها، ففي سنة 1880م طلع علينا الدكتور ( ولهم اسبيتا) الألماني الجنسية والذي كان مديراً لدار الكتب المصرية، بكتابه " قواعد العربية العامية في مصر"، قائلاً:
" أخيراً سأجازف بالتصريح عن الأمل الذي راودني على الدوام طوال مدة جمع هذا الكتاب وهو أمل يتعلق بمصر نفسها، ويمس أمراً هو بالنسبة إليها وإلى شعبها يكاد يكون مسألة حياة أو موت. فكل من عاش فترة طويلة في بلاد تتكلم بالعربية يعرف إلى أيحد كبير تتأثر كل نواحي النشاط فيها بسبب الاختلاف بين لغة الحديث ولغة الكتابة.. وبالتزام الكتابة بالعربية الكلاسيكية القديمة لا يمكن أن ينمو أدب حقيقي ويتطور، لأن الطبقة المتعلمة القليلة العدد هي وحدها التي يمكن أن يكون الكتاب في متناوليدها".
ويعد الناقدون كتابه هذا أول كتاب يتناول بجدية دراسة لهجة من اللهجات العربية المحلية لاتخاذها لغة أدبية بحجة صعوبة الفصحى ووعورتها.
وتابع المستشرق الألماني الدكتور (كارل فولرس) خطى (اسبيتا)، حيث تولى إدارة الكتب المصرية خلفاً له، وطالب بنبذ العربية الفصحى وقال بضرورة الكتابة بالعامية، ووضع كتاباً أسماه"اللهجة العربية الحديثة" طالب فيه لا باستخدام العامية بدل الفصحى فحسب، بل باستعمال الحروف اللاتينية لدى كتابة العامية أيضاً!
وقد تلا (أسبيتا) في الدعوة إلىالعامية ( اللورد دوفرين) الوزير البريطاني الذي قام بزيارة مصر أول سنوات الاحتلال وبالتحديد عام 1882م. فرفع بعد زيارته تقريراً إلى وزير الخارجية البريطاني دعا فيهإلى معارضة الفصحى، وتشجيع لهجة مصر العامية.
ويعد ( ويلكوكس )، الذي مات عام 1932 بعد أن قضى من عمره في مصر تسعاً وأربعين عاماً في عمل دائب وجهد متواصل من أجل دعوته لمهاجمة اللغة العربية، من أطول المبشرين نفساً وأكثرهم إلحاحاً، فقد بذل جهوداً كبيرة بين التأليف والمحاضرات من أجل دعوته، ففي سنة 1926م نشر رسالة بعنوان :" سوريا ومصر وشمال أفريقيا تتكلم البونية لا العربية ". وقد وجه الدعوة في هذه الرسالة إلى ضرورة اتخاذ العامية لغة للتعليم بدل العربية الفصحى. واقترح تحديد مدة زمنية مقدارها عشر سنوات، ورأى أن هذه المدة كفيلة بتخليص المصريين من الصخرة الثقيلة التي يعانون منها باستخدام العربية الفصحى.
وقد تلا ( ويلكوكس ) القاضي الإنجليزي ( سلدن ولمور ) وبعده الإنجليزي (باول ) عام 1926م، الذي اشترك مع زميله (فيليوت) أستاذ اللغات الشرقية بجامعة (كمبردج) في وضع كتاب باللغة الإنجليزية أسمياه ( المقتضب في عربية مصر ) وهو يتناول الدعوة إلى اتخاذ العامية بدلا من الفصحى. وقد حاولا في كتابهما أن يضعا قواعد لتسهيل تعليم اللغة العامية.
ولم يقف الأمر عند هذه الجهود الفردية، بل إن حكومات الاحتلال البريطاني قد سعت وشجعت إنشاء جرائد باللغة الدارجة، وقد صدر منها عام 1900م وحده سبع عشرةجريدة.
ويعدُّ أحمد لطفي السيد [12] من أوائل المصريين الذين حملوا لواء الدعوة إلى العامية (بتمصير) اللغة العربية، وكتب في ذلك عدداً من المقالات نشرت عام 1913م في صحيفة "الجريدة". أما الكاتب سلامة موسى [13] فإنه يقف في طليعة خصوماللغة العربية في الربع الثاني من القرن العشرين، ولعل اللغة العربية لم تجد أشرس منه بين جميع خصومها خلال هذه الفترة أيضاً. كيف لا وقد تحدث عنها قائلاً: "ورثناها من بدو الجاهلية في عصر الناقة ويُراد لنا أن نتعامل بها في عصر الطائرة ".
ومن الأمثلة التي ساقها سلامة موسى على بدائية العربية وارتباك الذهن العربي، استخدامها لألفاظ قديمة في التعبير عن دلالات جديدة: «إننا نستعمل الفعل «أحصى» بمعنى عدّ، فإنه مشتق من الحصا، أي صغار الحجر، وذلك أن الإنسان البدائي كان يجعل العد بالأرقام فكان إذا شاء مثلاً أن يعرف ما عنده من خراف، وضع في جعبته عن كل خروف حصاة». وفاته أن الأمر لا يختلف في الفعل الانجليزي (calculate) بمعنى (يحسب)، فهو مأخوذ من الكلمة الرومانية القديمة(culculus) بمعنى الحصاة أو الحجر. وكان الرومان يستعملون الحصاة أيضاً في العد والحساب منذ آلاف السنين.
وقذف «أمين شميل» بنفسه في أتون المعركة أيضاً حيث نادى كذلك بالتخلي عن العربية بشقيها الفصيح والعامي واستعارة لغة أجنبية لتدريس العلوم الحديثة والتأليف فيها كي تحيينا علمياً وثقافياً واقتصادياً، كما أكد على عقم كل محاولة تُبذل لإحياء اللغة العربية التي وصفها بالمحتضرة!
ثم جاء بعد ذلك في لبنان سعيد عقل [14] الشاعر المشهور، وأنيس فريحة أستاذ التاريخ واللغات السامية بالجامعة الأميركية في بيروت، والذي يأتي في مقدمة دعاة اللاتينية في لبنان بذريعة تسهيل القراءة، ويعترض على اعتماد اللغة العربية لغة للجيل الحاضر لأن قواعدها مستنبطة من القرآن الكريم والشعر العربي القديم حيث يقول:
" ولكن لا يصح اعتماد اللغة ـ كما تحدّرت الينا مدوّنة ـ مصدراً لدراسة اللغة في عهودها السابقة، وذلك لأن الذين استنبطوا قواعدها وضبطوا أحكامها اعتمدوا الشعر الجاهلي أولا ثم القرآن الكريم مادة لغوية. ومتى كانت لغة الشعر ولغة الأدب والدين مرآة تعكس لغة الناس في معاشهم ومكاسبهم"؟!
والغريب أن واحداً من هؤلاء الذين دعوا إلى استخدام العامية لم يجرؤ على الكتابة بها، فكتبوا كل مقالاتهم وسطروا كل كتبهم بالفصحى، مما يكشف عُوار ما يدعون إليه وخبث ما يخططون له.
و الحرف العربي لم يسلم هو الآخر من أنياب هؤلاء، فشنوا حملة مسعورة للاستعاضة عنه بالحرف اللاتيني، وكان أول من تولى كبر هذه الدعوة للكتابة بالحروف اللاتينية هو المبشـّر «لويس ماسينيون» [15] الموظف في قسم الشؤون الشرقيةفي وزارة الخارجية الفرنسية، فألقى محاضرة فيجمع من الشباب العربي في باريس عام 1929م، ومما جاء في محاضرته: " إنه لا حياة للغة العربية إلا إذا كتبت بحروف لاتينية"، وقد تحمس لهذه الفكرة وتبناها عبد العزيز فهمي ، فدعا إلى استبدال الحروف العربية بالحروف اللاتينية، وطرح فكرته هذه في الجلسة التي عقدها مجمع اللغة العربية في 3 أيار سنة 1943م.
وقد بثت دعوته هذه في المغرب ومصر وسوريا ولبنان. وتابعه كولان وغيره، ثم شاعت هذه الدعوة بين خريجي معاهد الإرساليات فحملوا لواءها في بيروت.
ولنستمع إلى تفنيد هذه البدعة من باحث غربي هو "إدوارد بنسون"، مدير مدرسة اللغات الشرقية في لندن ، حيث قال : « حذار من استعمال الحروف اللاتينية في كتابة اللغة العربية ..لأن الحروف العربية هي حروف لغة القرآن، وإذا مسستم الحروف العربية مسستم القرآن، بل هدمتم صرح وحدة الإسلام لأن الإسلام أساسه اللغة العربية، فإذا ضاعت ضاع الإسلام.
فلماذا يحاربون اللغة العربية؟
لا ريب بأن هدفهم تحويل التراث الضخم للأمة الإسلامية وفي مقدمته القرآن والسنة والشريعة الإسلامية إلى مجرد (ثقافة) تاريخية عسيرة على فهم القارئ، ولا يمكن التعامل معها إلا بواسطة المعاجم اللغوية، ذلك أن الأمة العربية إذا تنازلت عن لغتها الفصحى ولجأت إلى العامية وكتبت باللاتينية، ستكون عاجزة عن فهم القرآن والوقوف على مضامينه، وسيغدو القرآن كتابا يرتل على الأموات كحال الإنجيل والتوراة، وهو ما يهدف إليه الاستعمار الفكري والسياسي. فالهدف النهائي إذاً تغريب المسلمين وهو أحد الأهداف المرجوّة للعولمة الثقافية.
وهنا لابد لنا من القول بأن الدعوة إلى إقصاء اللغة العربية بدعوى عجزها عن استيعاب ومواكبة الانفجار المعرفي وحركة التطور والحداثة، أو تعديل بنيتها القواعدية لتتماشى مع مستجدات تطور الكائن الإنساني، هي دعوة مشبوهة وباطلة تتناقض مع مواقف الأمم المتقدمة تقنياً ومعرفياً مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والصين واليابان من لغاتها التي استطاعت أن تواكب مسيرة الحضارة دون إقصاء أو تعديل لقواعد لغاتها.
وأختم حديثي بما أورده الكاتب الإسلامي فهمي هويدي [16] في مقاله: ( اللغة العربية إلى أين؟):
" إنه لا سبيل في نظري لتخليص اللغة العربية من عداء أعدائها وظلم ذويها إلا بعد الإدراك بأن ما يخطط وما يدبر لها بالليل والنهار مردّهُ إلى أنها هي لغة القرآن ولغة التعبد ولغة الحضارة والعلم والعالمية لعالمية الإسلام نفسه، ولغة التوحيد، ولغة الجمال والبيان ودقة التصوير...، فمتى أدركنا هذا كان نقطة البداية نحو التجاوز".
ــــــــــــــــــــــ
الهوامش وثبت المراجع
1-هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حَلس ابن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبدمناف، من قبيلة كِنَانة. والمُرجّح عند المؤرخين أنه ولد في الكوفة ونشأ في البصرة، ولد قبل الهجرة النبوية بـستة عشر عاماً. وأسلم على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. عاش موسرا وكان أحول دميم الخلقةً.
2- بلاد الديلم أو بلاد جيلان واقعة في الجنوب الغربي من شاطئ بحر الخزر سهلها للجبل وجبالها للديلم وقصبتها روزبار. كانت في القديم إحدى الأيالات الفارسية إلا أن أهلها لم يكونوا من العنصر الفارسي بل عنصر ممتاز يطلق عليه اسم الديالمة أو الجيل. ولما أذن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه بالانسياح في بلاد العجم كانت بلاد الديلم مما فتحه المسلمون واستمر الديلم خاضعين للحكم الإسلامي مع بقائهم على وثنيتهم ودفعهم العشر، ولم يكن استيلاء المسلمين عليهم مما ينقص من شجاعتهم أو يفقدهم جنسيتهم. وكانت تجاورهم بلاد طبرستان، وأكثر أهلها دانوا بالإسلام وكان بين الديالمة والطبريين سلم وموادعة.
3- يعود تاريخ الحضارة الإيرانية وثقافتها،إلى أكثر من ألفي سنة عندما استقرت قبائل البدو الرحل الآرية الفرس و الكرد فيإيران ، وفي الحقبة الزمنية التي دخلت فيها جماعات مختلفة من الأصل الآري _ مثلا لماديين (الميديين وهم الأكراد )، والبارسيين(الفر� �)، والفريتيين( الأشكانيين)_الأر ض التي عرفت في ما بعد باسم إيران.
ونلاحظ أن الحكومات التي كانتقبل البارسيين، لم تعرف الوحدة المتكاملة والاستقرار، بل كانت مستغرقة في حروب قبلية، إذ يمكننا أن نعد قيام الدولة الإخمينية (حكم قورش) 500 ق.م، بداية لتاريخ الحكم الإمبراطوري، الذي يقوم على توارث الحكم في الأسرة الملكية.
4- كان الخزر جزءاً من الإمبراطورية التركية الغربية في آسيا الوسطى في حوالي منتصف القرن السادس الميلادي قبل أن تعتنق الشعوب التركية الإسلام، والأمة التركية هي في الأصل الشعوب التي كانت تستوطن ما يعرف اليوم بدول وأقاليم أوزبكستان وأذربيجان، وتركمانستان وقرغيزستان، وكازاخستان، وقد هاجرت إلى ما يعرف اليوم بتركيا في القرن الثاني عشر الميلادي وما يليه بعد إسلامها وفي حروبها مع الدولة البيزنطية.
5- خراسان الكبرى وهي منطقة جغرافية واسعة. من الناحية التاريخية: يشمل إقليم "خراسان الإسلامي" شمال غرب أفغانستان (مثل مدينة حيرات) وأجزاء من جنوب تركمانستان، إضافة لمقاطعة خراسان الحالية في إيران. من مدنها التاريخية: حيرات و نيسابور و طوس (تعرف باسم مشهد اليوم) و بلخ و مرو.
6- القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية الرومانية خلال الفترة من 330 إلى 395 وعاصمة الدولة البيزنطية من 395 إلى 1453. حين استولى عليها العثمانيون دخلها محمد الفاتح، وأطلق عليها (إسلام بول) أو الآستانة و بدخوله صارت المدينة عاصمة السلطنة العثمانية. ثم غير أسمها في عام 1930 إلى اسطنبول ضمن إصلاحات أتاتورك القومية.
7- كما يقول ابن حزم في (الأحكام): " فإن اللغة يسقط أكثرها ويبطلب سقوط دولة أهلها ودخول غيرهم عليهم في مساكنهم أو بنقلهم عن ديارهم واختلاطهم بغيرهم. فإنما يقيد لغة الأمة وعلومها وأخبارها قوة دولتها ونشاط أهلها".
8- وليام الأول الغازي (William I the Conqueror)، أو بالفرنسية: (Guillaume Ier le Conquérant) هودوق نورمندي (1035-1087 م) وملك إنكلترا (1066- 1087م).
9- فرديناند دي سوسور (1857-1913)، كانت دراسة اللغة قبلهتتم حسب مقاربات متعددة : فيلولوجية، وجمالية وتاريخية واجتماعية. إلا أن نشر كتابه" دروس في اللسانيات العامة" سنة 1916، أي بعد موته، أحدث ثورة منهجية في علم اللسان .
لقد تأثر سوسور بعدة مفكرين وباحثين في علم اللسان أمثال ديفيد ويتناي (1894-1927)، ويودوان دي كورتناي (1929- 1845)، وشارل سوندرز بيرس ( 1914-1839)، فقد أخذ منهم معارف كثيرة في علم وظائف الأصوات(phonology) والنظام اللغوي والقانون اللغوي.
ورغم أن الدراسات الصوتية والمنطقية الشكلية أعطت البحوث والاستقصاء في اللغة قيمة إضافية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فان سوسور يُعدّ، بدون منازع، الأب الروحي للسانيات الحديثة والمعاصرة.
إن سوسور يعد أول من وضع اللبنة الأولى لظهور المنهج البنيوي، ذلك المنهج الذي ستتحدد معالمه الواضحة ومنطلقاته المعرفية في مؤتمر براغ عام 1929 بمبادرة من رومان ياكويسون وكارشف سكيوتر وبتسكوي. وقد اعتبروه " منهجا علميا صالحا لاكتشاف قوانين " بنية النظم اللغوية وتطورها ".
10- أي ترك: الفصحى واستخدام العامية، إذ القاعدة اللغوية تقول: الباء تدخل على المتروك في حال الاستبدال، كما في الآية الكريمة : (أتستبدلون الذي هو أدنى بــالذي هو خير) والمتروك هو الخير.
11- رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873) من قادة النهضة العلمية في مصر في عهد محمد علي باشا. وُلد في مدينةطهطا إحدى مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر، ونشأ في أسرة كريمة الأصل شريفة النسب،فأبوه ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة بنت الشيخ أحمد الفرغلي، ينتهي نسبها إلى قبيلة الخزرج الأنصارية.
12- أحمد لطفي السيد مفكر وفيلسوف مصري ورائد من رواد حركة التغريب في مصر. أطلق عليه لقب أستاذ الجيل وأبو الليبرالية المصرية، ولد في الخامس عشر من كانون الثاني عام 1872 بقرية برقين بمحافظة الدقهلية، وتخرج من مدرسة الحقوق سنة 1894 م.
تعرف أثناء دراسته على الإمام محمد عبده، وتأثر بأفكاره. كما تأثر بملازمة جمال الدين الأفغاني مدة في استانبول، وبقراءة كتب أرسطو، ونقل بعضها إلى العربية. يعد أحد التلاميذ النجباء للمدرسة العصرانية الحديثة، التي تشكلت على فكر جمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده. وتقوم مبادؤهاعلى تقديس العقل مقابل النقل، ومحاولة مزج المسلمين بغيرهم، وتقليد الحضارة الغربية ونقلها إلى المجتمع المسلم، دون تفريق بين منافعها وأضرارها. عمل وزيراً للمعارف ثم وزيراً للخارجية ثم نائباً لرئيس الوزراء في وزارة إسماعيل صدقي ونائبا في مجلس الشيوخ المصري ورئيساً لمجمع اللغة العربية. ويعتبر من "قادة التغريب في مصر في القرن العشرين.
13- سلامة موسى (1887- 1958) ، رائد الاشتراكية المصرية ومن أول المروّجين لأفكارها. ولد في قرية تٌسمي بهنباي لأبوين قبطيين. انتمى لمجموعة من المثقفين المصريين، منهم أحمد لطفي السيد، الذي نادى بتبسيط اللغة العربية وقواعد نحوها والاعتراف بالعامية المصرية. بحجة أن اللغة العربية لم تتغير لأجيال، وأن معظم المصريين أميون. تتلمذ على يديه نجيب محفوظ، وسافر إلى الغرب وأعجب به وبثقافته. وبعد أن عاد إلى مصر من باريس أصدر كتابه مقدمة السوبرمان عام 1910، الذي تضمن بدايات لأفكاره التي تطورت بعد ذلك والتي ركزت على ضرورة الانتماء الكامل للغرب وقطع أي صلة تربط مصر بالشرق. كما أنه تأثر ببعض الأفكار العنصرية التي كانت سائدة في بعض الأوساط الغربية في تلك الفترة؛ حيث دعا إلى أن يتزوج المصريون منغربيات لتحسين نسلهم، وردد بعض المقولات العنصرية عن الزنوج والتي تعتبرهم من أكلة لحوم البشر.
14- سعيد عقل من مواليد الرابع من الرابع من حزيران عام 1912، وعمره الآن 97 عاماً، شاعر من أبرز الشعراء اللبنانيين المعاصرين. ولد في زحلة، ولم يكمل تحصيله العالي، وعمل في التعليم والصحافة.
15- لويس ماسِنْيون (1883 ـ 1962 م ( Loues Massignon: مستشرق فرنسي, من العلماء. من أعضاء المجمعين العربيين في دمشق والقاهرة. مولده ووفاته بباريس. تعلم العربية والفارسية والتركية والألمانية والإنكليزية وعني با لآثار القديمة وأدت مشاركته في التنقيب عنها بالعراق (1907 -1908) إلىَ اكتشاف «قصر الأحيضر» و درّس (تاريخ الاصطلاحات الفلسفية) بالعربية, في الجامعة المصرية القديمة (1913).
واستهواه التصوف الإسلامي, فكتب عن (مصطلحات الصوفية) و ( أخبار الحلاج) ونشر ( ديوان الحلاج) مع ترجمته إلىَ الفرنسية و(الطواسين) للحلاج, وتشبع بآرائه. و كتب عن (ابن سبعين) الصوفي الأندلسي وعن (سلمان الفارسي) واتجه إلىَ فكرة توحيد الديانات الكتابية الثلاث. ونشر ( منتخبات من نصوص عربية خاصة بتاريخ الصوفية في الإسلام) وتولىَ تحرير ( مجلة العالم الإسلامي) الفرنسية التي سميت بعد ذلك (مجلة الدراسات الإسلامية) وأصدر بالفرنسية أيضاً (حوليات العالم الإسلامي) من سنة 1923 إلىَ 1954 ، وكتب كثيراً في (دائرة المعارف الإسلامية) عن القرامطة والنصيرية والكندي وفلسفة ابن سينا, وأمثال ذلك. وكتب(تاريخ العلم عند العرب) في (دائرة المعارف الممتازة) التي صدرت بباريس (المجلدالأول سنة 1957) وكان من موظفي وزارة المستعمرات في شبابه, ثم « مستشاراً» لها بقية حياته. وحُمِدَت مواقفه في قضيتي استقلال المغرب والجزائر.
16- من مقال لفهمي الهويدي ضمن كتاب (اللغة العربية إلى أين)، ص 123، 2002، إصدار: المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو).