لذّة التسامح

لذّة التسامح

أروى الوقيان

مشاعر الكره والكبرياء والتمسك بالرأي دون القدرة على التعرف على الآخر أخرتنا كثيرا، وشغلتنا كثيرا، حتى بتنا صورة لشعوب دمرت نفسها بوساوس الدين والمعتقدات الاجتماعية والتقاليد العقيمة، فلم نتعلم كيف نحب؟ ولم نتعلم ما التسامح؟

يصنّف الإنسان نفسه بقائمة أذكى المخلوقات، ويجد نفسه أنه أفضل من باقي المخلوقات، وهو شعور طبيعي لسبب بسيط أننا نعتقد أننا نفهم أكثر، ولكن رغم فهمنا للأمور نرتكب أكبر الحماقات، حيث تعتبر مشاعر الكبرياء وعزة النفس والغرور والكره من المشاعر التي لوثت طبيعتنا النقية، فالكل ينظر إلى النفس البشرية على أنها بذرة طيبة ولكنها تلوثت أو تلونت أو تغيرت مع الأيام، ويشكل كبرياء الإنسان مشقة كبيرة في تعامله مع الحياة والآخرين.

كبرياؤنا يجعلنا لا نتفق مع آراء الآخرين، وهو نفسه الذي يجعلنا ننبذ أناسا فقط لأننا لا نتشارك معهم بالرأي، وهو الذي يجعلنا نكابر رغم استيعابنا لأخطائنا، ويمنعنا من أن ننحني أسفا حينما نخطئ.

ساهمت هويتنا العربية بتعزيز شعور الكرامة والكبرياء إلى حد بات الغرور يتسلل إلى طباعنا دون أن نعرف، فنخطئ وننكر أخطاءنا، ونؤلم الغير ونتظاهر بأننا لم نفعل شيئا، ونتجادل كثيرا ونصر على أننا الأصح.

لم نتعلم كيف ننصت... وكيف نحب... وكيف نتقبل بعضنا دون مشقة الحوار والجدال العقيم والكلام دون الإنصات.
لم نتعلم التسامح بحق كما حثنا ديننا الحنيف، وانصبّ الدين عندنا على مظاهره فقط دون جوهره، متناسين أهم وأبسط تعاليمه: التسامح والأمانة واحترام الديانات الأخرى دون كره، ودون بغيضة ودون افتراضات مسبقة بتكفير الآخر.

مشاعر الكره والكبرياء والتمسك بالرأي دون القدرة على التعرف على الآخر أخرتنا كثيرا وشغلتنا كثيرا حتى بتنا صورة لشعوب دمرت نفسها بوساوس الدين والمعتقدات الاجتماعية والتقاليد العقيمة، فلم نتعلم كيف نحب؟ ولم نتعلم ما التسامح؟

التسامح هو أن نحب بعضنا رغم عيوبنا، لا أن نطلب التغير فقط لإرضاء كبرياء أو غرور، والتسامح هو أن أكتب مقالة كهذه دون أن أتوقع أن هناك أشخاصا سيطلقون عني أحكاما مسبقة، ولربما سيكرهونني فقط لأنني أختلف معهم، والتسامح هو أن أسمعك دون أن أكرهك لأنك تختلف عني، بالحب والتسامح تسمو نفوسنا وتخلو من المشاعر البغيضة، وترتقي إلى أفق أجمل يجعل من حياتك سماء صافية لا تنتظر منها سوى أن تسقي روحك بمطر الحب والمودة والسلام الذي طالما اشتقنا إليه ولم نعشه حتى الآن.

قفلة:
قال تعالى: 'وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى'، هكذا هو نص الآية في القرآن الكريم، أي أن العفو يقربنا من التقوى، ولا يوجد ما هو أسمى من ذلك، حيث ثبت علميا أن أغلب الشخصيات التي تعاني اضطرابات نفسية وتعاني القلق المزمن والغضب هي تلك التي لا تعرف لذة التسامح ونسيان الإساءة.

المصدر: http://paldf.net/forum/showthread.php?p=11511202

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك