وسطية الحضارة الإسلامية
أحمد الطيب
وسطية الاسلام ذات أبعاد فكرية وعمليّة، على الصعيد الفكري هضم المشروع الاسلامي كل الثنائيات التي شطرت الساحة الفكرية والفلسفية. فهي مستلهمة من الفهم القرآني للانسان الذي يتكون من الجانبين المادي والروحي. وعلى الصعيد العملي مارست الحضارة الاسلامية في تعاملها مع الآخر أسلوب الوسطية الذي يبتعد عن القهر والاجبار. خلافا لما نشاهده في العالم الغربي من ثنائيات متصارعة لاحدّ لها في الفكر والسياسة ونظم الحكم و.. وماحدثنا عنه التاريخ من مواقف متعسّفة من الآخر.
مقدمة:
حين يزعم كاتب مسلم أن الحضارة الإسلامية حضارة وسط، وأن المسلمين أمة وسط فإنه لا يؤسس زعمه هذا على محض تأملات ينتزعها من ذاكرة التاريخ انتزاعاً، ويعرض لها ما يعرض لكل تأمل عقلي من استقامة على محجة البرهان أو انحراف عن جادة الحق والصواب. وإنما سبيل الباحث في هذه الدعوى هو التأمل في نصوص قاطعة وردت في القرآن الكريم في وضوح لا لبس معه ولا التواء، وهي من بساطة الإدراك بحيث يسمعها الأمي البسيط الساذج فيعيها، ولا يكاد يفوته مما يدركه منها الباحث المدقق شيء ذو بال. والقرآن الكريم صريح في أن الوسطية ثابتة لهذه الأمة ثبوت الوصف اللازم لموصوفه، وهو وصف ثابت غير عارض ولا طارئ على حضارة هذه الأمة بحيث يثبت لها مرة وينحسر عنها مرة حسب تبدل الظروف والأحوال..
والثابت من استقراء التاريخ أن الوسطية كانت دائما أول ملمح يلمحه الآخر من مظاهر هذه الحضارة وتجلياتها. وأول ما يشجعه على تقبل ما تحمله إليه من قيم وتشريعات وأنماط ثقافية وسلوكية، وأنه كثيراً ما رأى فيها طوق نجاة ومنقذاً يخلصه من دمار حضاري محقق(1).
ويحدثنا التاريخ أيضاً أن حضارة المسلمين نزلت إلى ميدان التجربة، وأثبتت وجودها على أرض الواقع، وكسبت رهانات مذهلة في معارك التحدي والاستجابة مع حضارات العالم من حولها.. ، وكذلك يسجل التاريخ أن هذه الحضارة استوعبت في صراعاتها الباكرة أعتى حضارتين عرفهما العالم آنذاك، وهما: حضارتا الفرس والروم، على أن موطن العجب هنا هو أن حضارة الإسلام لم تكن في ذلك الإبان حضارة مذكورة، أو حضارة يحسب لها الحساب، بل كانت ماتزال حضارة وليدة لم تقف على قدميها بعد. ومع أنها لم تكن الحضارة الأقوى ولا الأغنى ولا الأوفر عدداً أو الأمضى سلاحاً فإنها مع ذلك اقتحمت في سبع سنين قصار بلاد الفرس والروم، وسرعان ما تقوضت أمامها في الشرق دولة الأكاسرة، وتداعت في الشمال والغرب دولة القياصرة، وزوال سلطانها من الشام وفلسطين ومصر وأفريقيا الشمالي (2).
وقد صدق حدس المفكر العملاق الأستاذ العقاد وهو يصف هذه الظاهرة – بعد طول تأمل – بأنها «عجيبة من أعظم عجائب التاريخ، لا يبرح المؤرخون حتى أيامنا هذه يأتون في تعليلها كل يوم بعلل جديدة»(3)، وأن هذه العلل – على كثرتها – لم يستقم منها على محجة النظر العقلي النـزية إلا ما كان راجعا إلى طبيعة العقيدة التي شكلت روح هذه الحضارة، وطبيعة الرجال الذين حملوا هذه العقيدة وعرفوا كيف يتغلبون بها على أعدائها.
وكيفما كان أمر العلل التي قيلت في تفسير هذه الظاهرة العجيبة فالأمر الذي لا مرية فيه أن الرسالة التي حملتها هذه الحضارة قد تميزت بالمرونة وبالقدرة على الحركة، لأنها لم تستنفد أغراضها وتشريعاتها في طائفة محددة من الأحكام المغلقة والمواعظ العامة، ولذلك اتسمت بما سمي في أدبيات هذه الحضارة بصلاحية الرسالة لكل زمان ومكان، ومعلوم أن هذه الصلاحية المتجددة كلما تجددت الأحوال والظروف والأزمنة والأمكنة ما كان لها أن تكون لولا عنصر «الوسطية» أو «التوازن» أو التكامل، أو ماشئت من هذه الخصائص التي تلتقي كلها حول معنى «الوسطية» وتمثل ما يشبه الطاقة المتجددة التي مكنت هذه الحضارة من الانتشار بين أمم وشعوب تختلف معها جذرياً: بيئة ولغة وجنساً وعرقاً وعقيدة وحضارة.
الوسطية خطاب قرآني:
يقرر القرآن الكريم أن الأمة الإسلامية شاءها الله أمة وسطاً، وذلك في قوله تعالى:
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ
شَهِيدًا( (البقرة/ 143).. وقد وردت هذه الآية الكريمة في سياق الحديث عن تحول القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، وكانت بمثابة الرد على مفتريات بعض أهل الكتاب، وتخرصات المنافقين، بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على بينة من ربه لأنه غيَّر قبلته (…) وأنه صلّى أولاً إلى بيت المقدس استمالة لأهل الكتاب ومداهنة لهم، ثم غلب عليه حبه وطنه وتعظيمه فعاد إلى استقبال الكعبة»(4). ولا يعنينا التوقف هنا أمام سبب النزول بمقدار مايعنينا تقرير أن «الوسطية» في هذا الخطاب الإلهي حقيقة قرآنية ومنهج ثابت في متن هذا الدين، وأن المسلمين لا خيار لهم في انتهاج هذه الوسطية، لأن الخيار حالئتذ يكون خياراً بين منهج حياة ومنهج موت، أو هو خيار بين الإسلام في صيغته التي حددها القرآن الكريم، والإسلام في صيغ أخرى مغلوطة، تحدثها الأهواء والفتن، ولا يلحق الأمة من روائها إلا المزيد من الاضطراب والوهن.
وكتب التفسير وإن اختلفت – قليلاً – في تفسير معنى «الوسط» في الآية، إلا أنها تكاد تلتقي حول تفسير الوسط بمعنيين : العدل والخيار.. ويشهد للمعنى الأول من معاني الوسط حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:
( جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا( قال: عدلا (5).
ويؤيد أيضاً قول المفسرين في الآية الكريمة: ( قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ( (القلم/ 28) أي أعدلهم(6)، وكما فُسر الوسط بالعدل فُسر أيضاً بالخير أو الخيار حتى لكأنهما لفظان يترادفان على معنى واحد، وقد أشار إمام المفسرين الطبري إلى تلازم هذين المعنيين في مفهوم الوسط فقال: «وأما التأويل فإنه جاء بأن الوسط العدل، وذلك معنى الخيار، لأن الخيار من الناس عدولهم»(7). واستدل عليه بأن «الوسط» في كلام العرب يعني الخيار أيضا(8)… كما أشار الزجاح إلى هذا التلازم أيضال فقال «اللفظان مختلفان والمعنى واحد، لأن العدل خير والخير عدل»(9).
وسواء فسرت الوسطية «بالعدل» أو «الخير» أو «التعادل بين المتناقضات» أو «الاعتدال» فإنها في التحليل النهائي تمثل قيمة خلقية أو معياراً ثابتاً يرتبط أشد الارتباط وأوثقه بقيمة العدل وقيمة الخير، ويشكل ما يشبه حجر الزاوية في بناء الحضارة الإسلامية، أو الأصل الذي تدور عليه أحكام الإسلام في شتى مجالاتها بدءاً بمجال العقيدة ومروراً بالتشريع وانتهاء بالسلوك.
الوسطية الإسلامية والوسطيات المادية:
ولعلنا لا نجاوز الحقيقة لو قلنا: إن الحضارة الإسلامية هي الحضارة الوحيدة التي تصالحت في منظورها الوسَطي ثنائيات كبرى لم يقدر لها أن تلتقي قط في سائر الحضارات الأخرى التي نظرت إلى ضرورات الإنسان وحاجات ضميره وجسده بعين واحدة، فأبصر بها بعضاً من وجوه الحسن والقبح والخير والشر، وإن يكن قد عمى بها أيضاً عن كثير من وجوه هذين الأصلين فحسب شراً ماليس بشر، وظن خيراً ماليس بخير. وهكذا اختلفت وسطية الإسلام، وافترقت جذرياً عن نظرية العدالة الأفلاطونية، ونظرية الوسط الأرسطية، والوسط الذهبي، الذي قال به كونفوشيوس(10) فكل هذه الوسطيات وسطيات فلسفية تأملية، وبعضها يغلب عليه الجانب العقلي، وبعضها الآخر يغلب عليه الجانب الأسطوري، وحتى نظرية «الوسط العادل..» التي تميزت بها فلسفة أرسطو والتي قيل: إنها أقرب نظريات الأخلاق للوسطية الإسلامية لم تسلم من العيوب التي سجلها عليها علماء الأخلاق، ولم تعد مع هذه العيوب معياراً جامعاً مانعاً كما أرادها لها صاحبها. فصحيح أن هذا الفليسوف الكبير نادى بالمبدأ العملي وهو وجوب التزام الوسط، وتجنب الإفراط والتفريط، وأن هذا المبدأ العملي الأرسطي موجود في القرآن الكريم كمعيار في بعض الصور كالقناعة مثلاً:
( وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ ( (الأعراف / 31) وكالكرم: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ( (الفرقان/ 67). وفضائل أخرى. ولكن مع هذا التشابه الجزئي أو الشكلي بين المبدأين ظل بينهما فرق هائل يتمثل في أن الوسطية الإسلامية ليست هي مقداراً كمياً إذا جاء العمل على مقاسه كان متوازناً ومن ثم فهو فضيلة، وإذا خرج عنه بزيادة أو نقص كان رذيلة، كما هو الحال بالنسبة للمبدأ الأرسطي(11). فهناك أعمال وقيم لا تخضع لهذا المبدأ لأنها لا تمثل وسائط بين أطراف، وإن مثلت مع مقابلاتها أطرافاً متناقضة.. وإن تفاوت العمل الواحد من هذه الأعمال فلا يتفاوت بين نقص وزيادة ينقلب معها إلى رذيلتين، بل إن تفاوت فإنما يتفاوت بين اشتداد وضعف في دائرة الفضيلة الواحدة أو الرذيلة الواحدة، ولكن يستحيل أن ينقلب بطريق النقص أو الزيادة إلى حقيقة أخرى.. ومثل هذه القيم المنفصلة بذواتها لا وسط بينهما يكون هو الفاضل وتكون معه الأطراف رذائل ، بل الوسط هنا يشبه منطقة فراغ غير قابلة للوصف بالخير أو الشر. وقد أحس أرسطو نفسه بأن معياره هذا معيار ناقص، تفلت منه طائفة معتبرة من القيم، ذات شأن في دنيا الناس لا يشملها هذا الضابط، ومن ثم نبهنا في كتاب الأخلاق إلى أن «من الانفعالات (كالحسد والغيرة) ومن الأفعال (كالسرقة والقتل) ما مجرد اسمه يدل على إثم، وما هو مذموم بلا استثناء وأية كانت الظروف، لأنه رذيلة بالذات لا بسبب الإفراط فيه أو التفريط، فهي شرور قد تتفاوت في الشر لكن لا في الإفراط والتفريط الواقعة بينهما الفضيلة، فهي إذن غير قابلة للوسط الفاضل، كما أن مثل هذا الوسط لا يوجد بين خيرين: الواحد أكبر والآخر أصغر، من حيث أن الفضيلة قمة في الخير»(12).
ولم تقتصر عيوب المعيار الأرسطي على خلل الضبط والتقدير، أو تخلف الشرط الأول من شروط التعريف الصحيح وهو: «أن يكون التعريف جامعاً لكل أفراد المعرَّف ومانعاً من خروج أي فرد منه من التعريف » وإلا فسد التعريف فلم يكن «مطرداً منعكساً»، كما يقرر أرسطو نفسه في علم المنطق – بل تحول هذا المعيار إلى معيار اعتباري، يفتقر إلى التشخيص والتحديد، ويصعب على العامة والجمهور تطبيقه أو ممارسته، ولعل هذا ما دفع أرسطو – رغم ريادته في هذا المجال – إلى الإقرار بأن علم الأخلاق علم معقد وغير منضبط، وأنه يحتاج إلى شيء غير قليل من الدّربة والتعود لكي تتضح قوادمه وخوافيه، يقول: «لذا كان هذا العلم من أعقد العلوم، ومن أقلها احتمالاً للضبط، ومن أكثرها اقتضاء للخبرة والحنكة» ثم يقول: «كون الفضيلة مثل هذا الوسط يجعل ممارستها أمراً دقيقاً صعباً»(13).
ونخلص من كل ذلك إلى أن الوسطية الإسلامية تختلف جذرياً عن الوسطيات المادية أو الفلسفية التأملية، منطلقاً ومبدأ، فهي تنطلق من مبدأ خلقي مسدَّد بالوحي أو مصَّحح بالهدى الإلهي وليس من مبدأ خلقي خضع لتأملات عقلية إنسانية وعبثت به ذات اليمين وذات الشمال.. وكأني في وسطية الإسلام التي قام عليها بناء الحضارة الإسلامية أمام مستويين: المستوى الخلقي كما هو في ذاته، والمعبَّر عنه هنا بالعدل والخير، ثم مستوى المشيئة الإلهية التي قضت بأن تكون الأمة الإسلامية – الحقيقة – هي المترجم من بين سائر الأمم عن هذا المبدأ الخلقي الذي هو حسن في ذاته، وذلك بالجعل الإلهي المأخوذ من قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا( (البقرة/ 143).
خصائص الوسطية الإسلامية:
في هذه الوسطية التقت ثنائيات طالما نُظر إليها على أنها ثنائيات حادة شديدة التضاد، لا يمكن اجتماعها ولا تجاورها لا عقلاً ولا اعتقاداً، بل طالما لعب التناقض بين هذه الثنائيات دوراً فعالاً في تشكيل حضارات كاملة بصورة معينة، ولا نبعد عن جادة الحق لو قلنا: إن الأديان السابقة على الإسلام رغم أنها أديان إلهية سماوية فإن غلبة أحد الوجهين من هذه الثنائيات على الوجه الآخر بدا وكأنه خاصة غير مفارقة في هذا الدين أو ذاك، ومن نافلة القول هنا الاستدلال على غلبة الجانب المادي الذي ساد أدبيات ديانة سماوية في مقابل الجانب الروحي المحض الذي غلب على أدبيات ديانة سماوية أخرى، حتى صار بعض الأديان علماً على التوجه المادي، وبعضها علماً على التوجه الروحاني. وهذا الذي ينطبق – مع كثير من التحفظ – على الديانة الموسوية والعيسوية – انطلاقاً مما هو مدون في النصوص المقدسة – ينطبق – بلا حدود – على الفلسفات التي شطرتها المنطلقات الميتافيزيقية والفيزيقية إلى معسكرين لم يلتقيا حتى يوم الناس هذا، فالفلسفة المثالية والواقعية كل منهما تنفي الأخرى انطلاقاً من خدعة الثنائية بين الواقع والتصور، والفلسفات المادية بشتى مدارسها تقف في قبالة الفلسفة الإلهية انطلاقاً من استحالة الجمع بين الله والمادة في علاقة تصورية تقوم على مبدأ العلة والمعلول.. وقل مثل ذلك في التناقض بين الفلسفة العقلية والفلسفة الحسية، أو المذهب العقلي والمذهب التجريبي. أو أنصار الشك الحديث وأصحاب المذهب النّسبي الذاتي أو التطوري، بل قل مثل ذلك في المذاهب الاجتماعية الكبرى في عصرنا الحيث وفي مقدمتها: النظام الديمقراطي الرأسمالي، والنظام الاشتراكي: فكل هذه البنايات الفلسفية والأنظمة الاجتماعية لم تستطع – رغم جهادها الطويل وكدحها الحافل بمختلف ألوان الصراع – أن تؤوب بالإنسانية إلى حياة قوامها العدل والسعادة، ومازالت الإنسانية – حتى يومنا هذا – تعاني في ظلال هذه الأنظمة الكثير من المآسي والمظالم والدموع.. وما ذاك إلا لأن هذه الأنظمة الحضارية تنكبت الوسطية فانحرفت في نظرتها إلى الإنسان، وتجاهلت وضعه الدقيق وموقعه الصحيح وانتماءاته الحقيقية، وضحّت به لصالح المجتمع في نظام، أو ضحّت بالمجتمع لصالحه في نظام آخر، بعد أن قطعت كل علائقه بالوحي والهدى الإلهي في المذهبين.. وهذه فلسفة عوراء بكل المقاييس، ومعها بقيت الإنسانية بدون حلول حاسمة لمشكلاتها الكبرى.
وأول خاصة تتميز بها وسطية الحضارة الإسلامية أنها هي نفسها انعكاس لوسطية القرآن الكريم وتوازنه وتعادله في خطاب الإنسان، ولأن الإنسان مواطن في عالمين – كما يقال – وينتمي بروحه إلى عالم الغيب، وبجسده إلى عالم المادة والشهادة، فإن القرآن الكريم يوفر في نداءاته للإنسان كل ما يلبي طموحات هذه الحاجات المزدوجة، وفي هذا الصدد يمكن أن يقال الكثير في وسطية الخطاب القرآني من حيث الاعتقاد والأخلاق والتشريع، والرؤية المتوازنة للثنائيات الكبرى، كعالم الغيب والشهادة ، والدنيا والآخرة، والجبر والاختيار، والفكر والمادة، والدين والدولة، والرجل والمرأة، وحرمة الاعتداء مع وجوب الدفاع عن النفس، إلى ثنائيات يصعب حصرها(14)، ولكن يسهل حلها واستيعابها وتسخيرها لصالح الفرد والمجتمع على مستوى الخط القصير للإنسانية في الحياة الدنيا، والخط الطويل اللانهائي الذي تمثله الحياة الأبدية.
وسطية الحضارة الإسلامية
أفادت الحضارة الإسلامية بسبب هذا المبدأ العملي الأخلاقي كل ما خسرته الحضارات الأخرى بسبب غياب المبدأ ذاته: فالإنسان في حضارة الإسلام متحرر من كل التناقضات الداخلية التي تنشأ من جراء الاستقطاب بين الروح والجسد أو بين متطلبات الهدى الإلهي ومتطلبات الحياة والمجتمع، ولايجد حرجاً في أن يقفز على ما يشبه القطيعة بينهما، ويأخذ من كل بالقدر الذي يحقق طموحات جسده وأشواق روحه، فلا ثنائية ولا استقطاب ولا صراع، وإنما التقاء وتكامل وتمازج يبدع نظرة متكاملة، وشعوراً هادئاً متوازناً، وإحساساً قوياً بالكل، وإدراكاً متميزاً بالكون وبمبدع الكون في الوقت نفسه.. والحضارة الإسلامية لم تعرف بالتذبذب بين المثالية أو الواقعية أو المادية. ومن المغالطات التي تنطلي على كثيرين في هذه المسألة ذلك الخطأ الذي يقع فيه بعض الباحثين حين يعرضون التناقض أو الصراع بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة المادية على أنه صراع بين فلسفة مثالية وأخرى مادية، لأن المفهوم الفلسفي للعالم – فيما يزعمون – إما مثالي وإما مادي ولا ثالث لهما، فإن أنت فسَّرت العالم من خلال تصوراتك الذهنية الخالصة، فأنت مثالي، وإن فسَّرته من خلال الواقع الموضوعي المستقل عن الذات وتصوراتها فأنت حينئذ مادي. وحقيقة الأمر أن الواقعية ليست مفهوما مختصاً بالمذهب المادي، بل كما ينطبق على الفلسفة الواقعية ينطبق أيضاً على الفلسفة الإلهية، كالفلسفة الإسلامية التي تعترف بالوجود المادي الموضوعي للعالم، فهي بهذا الاعتبار فلسفة واقعية تتعامل مع الواقع كحقيقة موضوعية مستقلة عن تصورات الأذهان ونشاطاتها، ثم هي في الوقت ذاته تؤمن بالروح وترجع بها وبالمادة معاً إلى سبب أعلى، وبهذه الوسطية تصطلح المثالية مع الواقعية في فلسفة الحضارة الإسلامية، ولا ينشأ بينهما صراع من هذا النوع الذي دفع بالحضارات المادية إلى إهدار الجهد والمال والطاقة في مطاردة الأديان ومحاربتها، بل وفي نشر الإلحاد وفرضه كفلسفة وأيديولوجية على شعوب وحضارات رأس مالها الإيمان بالله وبالوحي(15).
ولعلي لا أقع في مجازفات المبالغة لو قلت أن الحضارات غير الإسلامية، والتي بنت تصوراتها بعيداً عن «الوسطية» لم يكن أمامها إلا فلسفة الصراع كأداة أو آلة للتعامل مع الغير، فماذا ننتظر – مثلاً – من حضارة تعجز عن الجمع بين الإيمان بالمادة والإيمان بالله، فتؤمن بالأولى وتكفر بالله، ماذا ننتظر منها إلا أن تشكل كل تصوراتها ورؤاها ومعاييرها – التي تحكم سلوكياتها مع الآخرين – في إطار هذه الحياة الأرضية الخانقة؟! وبحيث تصبح اللذة أو المنفعة أو حب الذات هو معيار الفضائل والرذائل الذي لا معيار غيره، ولك أن تتصور أن حضارات كبرى بمؤسساتها السياسية والعسكرية يحكمها هذا المنطق المادي الصرف، واحتاج تأمين اقتصادها – مثلاً – إلى تشغيل مصانع السلاح، أو السيطرة على مصادر الثروة خارج حدودها، فهل ستتردد هذه الحضارات في الحصول على ماتريد حتى لو تم ذلك على جثث الآخرين وأشلائهم ، وهل ستتورع عن اقتراف هذه الجرائم؟ ومن أين لها هذا المبدأ الذي يعصمها من ارتكاب هذه الفظائع؟!(16).
وما كان للحضارة الإسلامية أن تعتمد «الصراع» منهجا تتعامل به مع الحضارات الأخرى وتمارس من خلاله نفي الآخر وتدمير ذاته أو حتى تبديل هويته، وتاريخ الفتوحات الإسلامية يشهد على أن الحضارة الإسلامية كانت تحمل – فيما تحمله – حلولاً جذرية لمشكلات اجتماعية حقيقية، فكانت تحرر المضطهدين والمظلومين من ظلم الطغاة وبأسهم، وكان تخليص المستضعفين من الظلمة المستبدين أحد الأصول التي يُبنى عليها تشريع الجهاد في الإسلام: ( وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مــِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا( (النساء/ 75).
ولم يعرف في تاريخ هذه الحضارة قط أن المسلمين وهم يحررون المستضعفين كانوا يحررونهم من أجل السيطرة عليهم أو استعبادهم والاستيلاء على مقدراتهم.. وإن كان «تحرير المستضعف» في حد ذاته هدفاً من أهداف الإسلام العليا يستوجب التصدي وبذل الأموال والأرواح من أجله، ومن المعلوم لدى المصنفين من غير المسلمين أن القتال في الإسلام لم يكن أبداً لتغيير الأديان، أو فرض الإسلام على أهل دين آخر. وما عُهد أبداً «أن المسلمين ذهبوا إلى قوم ليس بينهم وبينهم عداوة وترات وقالوا لهم : إما الإسلام وإما السيف»(17).. ولسنا في حاجة إلى التدليل على هذه القضية، لأنها من الواضحات بذواتها، لولا ما يثيره أصحاب الرِّيب والشكوك، ولكن نشير – في عجالة – إلى أن الحضارة الإسلامية لو كان من أصولها فرض حضارة الإسلام على الآخرين لما كان هناك أي معنى لأحكام الجهاد وتشريعاته التي طبقها المسلمون كقواعد وأحكام وأجمعت علهيا كتب الفقه في جميع المذاهب، ولا زالت تدرس حتى اليوم. وليس في كتاب واحد من هذه الكتب ما يشير إلى أن الإسلام كان يطرح من قبل الفاتحين المسلمين على أنه الحل الوحيد الذي لا خيار معه ولا بدائل له، بل كان يطرح معه – وجنباً إلى جنب – بقاء الآخرين على دينهم، وضمان حريتهم كاملة في ممارسة طقوسه وشعائره، ولو أن القرآن الكريم أو السنة المطهرة أشارت – ولو من بعيد – إلى أن «فرض الإسلام» ديناً وحضارة هو الغاية من القتال لما قبل المسلمون المنتصرون بقاء الآخرين على دينهم مقابل دفع مبلغ زهيد هو «أيسر ما يقبله غالب من مغلوب»، لكن التاريخ يحدثنا أن المسلمين الفاتحين كانوا يعيشون جنباً إلى جنب مع أهل هذه البلاد وهم على دينهم وعاداتهم وتقاليدهم، أي: كانوا يسمحون بوجود حضارة أخرى كاملة ومختلفة عن حضارتهم يتواصلون معها، ولا يرون بأساً من العيش في جوارها.
وينبغي ألا يغيب عن الاذهان ما يعنيه إقرار الآخرين على أديانهم وما يستلزمه هذا الإقرار من إقرار مماثل لحضارة هذا الدين الآخر وأنماط حياته ومعيشته وظواهر الاجتماع الناشئة في ظلاله ومن وحي تعاليمه – مما يبرهن على أن الحضارة الإسلامية لم تكن – أبداً – حضارة نفي واستبعاد وانفراد بالساحة.. وهذا هو : أثر «الوسطية» التي تتجلى – هذه المرة – في اعتراف الإسلام بالأديان الأخرى السماوية، وقبوله إياها، حتى وإن اختلف معها. وهذا ما طبقته الحضارة الإسلامية في البلاد التي دخلتها وكان أهلها من أتباع الديانة المسيحية كمصر وغيرها. بل هذه «الوسطية» الحضارية هي نفسها كانت من وراء اختيار غير المسلمين للإسلام في تلك البلاد، وما زالت هذه «الوسطية» - وبرغم الغيبوبة الطويلة المزمنة التي أصابت حضارة الإسلام – تعمل عملها في جذب الغربيين، وتشكّل مصدر قلق وتوتر، ومحل بحث لدى الجهات الرسمية في هذه الدول.. ولعل الذين يتنكرون لهذا الوجه الوسطي للحضارة الإسلامية لا يرتابون في أن هذه الملايين من الغربيين والذين يختارون الإسلام ديناً لم يحملهم على هذا الاختيار – سيف مشرع على رؤوسهم في لندن أو باريس أو برلين أو روما أو واشنطن، وذلك بالرغم من حملات التشويه الممولة والتي لا تترك لحظة إلا استغلتها في التنفير من الإسلام والمسلمين.
والذي يتتبع تاريخ علاقة الحضارة الإسلامية بغيرها من الحضارات، يهوله الأثر الأخلاقي، المنبثق من الفسلفة الوسطية، والذي شكل حاجزاً منيعاً دون انزلاق المسلمين إلى ما انزلق إليه غيرهم من أبناء الحضارات الأخرى حين قدر لهم الغلبة على حضارة الإسلام، فما إن ظفروا بها حتى قلبوا لها ظهر المجن وقابلوا سماحتها بقسوة منقطعة النظير.. ولنتخذ من الأندلس حالة توضح الفرق بين وسطية الحضارة الإسلامية وتسامحها حين سادت في هذه البلاد.. وبين تطرف حضارة الأسبان حين جاء دورهم وملكوا زمام الأمور في بلادهم.. وسوف نكتفي هنا بمثل واحد فقط هو ما ذكره المؤرخون في معرض سماحة المسلمين في الأندلس من ظاهرة المشاركة الكاملة في أعياد المسيحيين، وتغاضى كثير من فقهاء الإسلام وتساهلهم مع تجاوزات تمس بعض أحكام الشريعة مثل مجالس اللهو والطرب وما يلابسها عادة من المنكرات، حتى قيل أن بعض الفقهاء كان يجامل لدرجة المشاركة في هذه المجالس(18) وبلغ من الحرص على هذه المشاركة أن أفرد بعض الأندلسيين من المسلمين مصنفات مستقلة للحديث عن هذه الأعياد غير الإسلامية. من هؤلاء: أبو عامر السلمي، وأبو القاسم العز في وابن بشكوال القرطبي، بل «عُني بايراد أخبار هذه الأحتفالات مؤلفو كتب الفقه مثل الطرطوشي وابن رشد والنوشريسي وغيرهم»(19). ويعلل المؤرخون هذه المشاركة باندماج المسلمين مع المسيحيين أمام الحكم الإسلامي للأندلس وبخاصة أيام «بني الأحمر» وشيوع زواج المسلمين بالأسبانيات، وأن هؤلاء الأسبانيات كن يحتفلن في بيوت أزواجهن من المسلمين بأعياد المسيح عليه السلام، ونحن نصدق هذه الروايات لأننا نعلم أن الإسلام لا يحول بين أحد وبين البقاء على دينه، وأنه لا يمنعه من ممارسة عاداته وعباداته وشرائعه، وأن الوثيقة التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران هي السند الشرعي في ذلك وفيها من صور التسامح الرفيع ما لم يعرفه التاريخ ولن يعرفه لغير نبي الإسلام، وقد جاء في هذه الوثيقة: (ولنجران وحاشيتها ولأهل ملتها ولجميع من ينتحل دعوة النصرانية في شرق الأرض وغربها، قريبها وبعيدها، وفصيحها وأعجمها، جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله، على أموالهم وأنفسهم وملتهم (…) وأن أحمي جانبهم، وأذب عنهم وعن كنائسهم، وبيعهم، وبيوت صلواتهم، ومواضع الرهبان (…) وأن أحرس دينهم وملتهم أين كانوا من بر أو بحر بما أحفظ به نفسي وخاصتي وأهل الإسلام من ملتي (…) ولا يُكره أهل البيت على تزويج المسلمين، ولا يضاروا في ذلك إن منعوا خطاباً وأبوا تزويجاً (…) وإذا صارت النصرانية عند المسلم فعليه أن يرضى بنصرانيتها ، ويتبع هواها في الاقتداء برؤسائها والأخذ بمعالم دينها. فمن خالف ذلك وأكرهها على شيء من أمر دينها فقد خالف عهد الله وعصى ميثاق رسوله وهو عند الله من الكاذبين»(20) ولعل القارئ المنصف يتفق معي في أن أي تعقيب على هذه البنود يفقد قيمته أمام دهشة المسلم وغير المسلم من هذا الإنصاف المتعالي، والذي لا يخرج إلا من مشكاة كمشكاة النبوة المحمدية.. ولنا أن نقارن هذه الوثيقة الخالدة وما أنتجته من حضارة إسلامية تحترم غير المسلم وتعترف به وتحميه إذا استظل بظل هذه الحضارة في نفسه، وتبقيه على دينه وتمكنه من كل متطلبات عقيدته – بحالة الأندلس نفسها حين ظفر بها الأسبان المسيحيون وسحقوا دولة الإسلام واضطهدوا المسلمين دينياً واجتماعياً وأجبروهم على بيع أملاكهم، وترحيلهم إلى بلاد المغرب.. وهنا يذكر المؤرخون أن الكنيسة حاولت تنصير المسلمين بالترغيب وبالوعظ والإقناع والإغراء أيضا، ولما لم تسفر الجهود الكنسية عن النتائج المرجوة لم تجد حرجاً في اللجوء إلى سياسة العنف والقهر والإكراه على التنصير. وقد صوّر المقريزي هذه المأساة التاريخية، ونقل إلينا أن أهل غرناطة «تنصروا عن آخرهم بادية وحاضرة، وامتنع قوم عن التنصر وامتنعت قرى وأماكن فجمع لهم العدو (الأسبان) الجموع، واستأصلوهم عن آخرهم قتلاً وسبياً»(21). وهذه المأساة هي ما تعرف عند مؤرخي الأندلس بمأساة الموريسكيين أو العرب المتنصرين، وأبشع ما في هذه المأساة أن الكنائس شكلت ما سمي بديوان التحقيق لتشديد الوطأة على هؤلاء المسلمين الذين أجبروا على اعتناق دين آخر، يراقب حركاتهم وسكناتهم، ويتعلل بأتفه الأسباب للحكم عليهم بالكفر تمهيداً لمعاقبتهم بأشد العقوبات.. وقد نقل مؤرخ أسباني وثيقة هذا الديوان. وأوردها الأستاذ محمد عبد الله عنان، ووصفها – بحق – بأنها من أغرب الوثائق القضائية ومنها : «يعتبر الموريسكي أو العربي المتنصر قد عاد إلى الإسلام، إذا امتدح دين محمد، أو قال إن يسوع المسيح ليس إلها، وليس إلا رسولاً، ويجب على كل نصراني، أن يبلغ عن ذلك، ويجب عليه أيضاً أن يبلغ عما إذا كان قد رأى أو سمع، بأن أحداً من الموريسكيين يباشر بعض العادات الإسلامية، ومنها أن يحتفل يوم الجمعة بأن يرتدي ثياباً أنظف من ثيابه العادية، أو يستقبل المشرق قائلاً بسم الله، أو يوثق أرجل الماشية قبل ذبحها، أو يرفض أكل تلك التي لم تذبح، أو يختن أولاده أو يسميهم بأسماء عربية ، أو يتناول الطعام قبل الفجر (السحور)، أو يمتنع عن أكل لحم الخنزير وشرب الخمر، أو أن يستعمل النساء الخضاب في أيديهن أو شعورهن، أو يغسل الموتى ويكفنهم في أثواب جديدة»(22).
ولست في حاجة إلى إثبات أن مقابلة النصوص والوثائق بين الحضارتين أبلغ من أي تعليق وأصدق من أي مقال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
1- يذكر محمد إقبال في كتابه تجديد الفكر الديني (ص 173-175، دار الهداية، القاهرة 1421-2000) أن بعض المؤرخين الغربيين وصف حضارة العالم ، وقت ظهور الإسلام، بأنها – رغم استمرارها أربعة آلاف سنة – كانت مشرفة على الزوال، وأن الجنس البشري كان على وشك العودة إلى حالة الهمجية، وبات العالم آنئذ مفتقراً إلى ثقافة جديدة تحل محل ثقافة العرش ونظم الوحدة التي كانت تستند إلى قرابة الدم، ثم يقول المؤرخ الغربي: «ومما يبعث على الدهشة أن تقوم ثقافة كهذه في جزيرة العرب في نفس الوقت الذي اشتدت فيه الحاجة إليها، ووجدت الثقافة الجديدة في مبدأ التوحيد أساساً لوحدة العالم كله».
2- عباس العقاد، عبقرية خالد 82ط. دار الشعب مصر بدون تاريخ.
3- المصدر السابق الموضوع نفسه.
4- محمد رشيد رضا، تفسير المنار 6:2.
5- رواه الترمذي وقال عنه: هذا حديث حسن صحيح، أنظر: جامع الترمذي، أبواب تفسير القرآن، باب: ومن سورة البقرة، حديث رقم 2961. وراجع أيضاً تفسير الطبري في هذه الآية الكريمة 5:12 حيث يسرد – بسنده – أحاديث عدة تتظاهر كلها على أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الوسط بالعدل وفسر الأمة الوسط بأنهم عدول.
6- المصدر السابق، الموضوع نفسه، وأنظر أيضاً، التفسير الكبير مجلد 84:2 ومابعدها ط. دار إحياء التراث العرب - بيروت.
7- الطبري: التفسير م.ن.
8- المصدر السابق م. ن.
9-أنظر: لسان العرب مادة: وسط.
10- أنظر في بيان الفروق الدقيقة بين الوسطية الإسلامية وهذه الوسطيات: الدكتور/ عبدالحميد إبراهيم، الوسطية العربية، مذهب وتطبيق 178:1 – 189ط. دار المعارف بدون تاريخ.
11- محمد عبدالله دراز، دستور الأخلاق في القرآن 671، ترجمة د/ عبدالصبور شاهين، مؤسسة الرسالة بيروت 1393هـ – 1973م. أنظر أيضا: يوسف كرم تاريخ الفلسفة اليونانية 191 ومابعدها. ط. لجنة التأليف والترجمة والنشر 1365م.
12- يوسف كرم، تاريخ الفلسفة اليونانية 190-191، ط. لجنة التأليف والترجمة والنشر 1365هـ – 1946م.
13- المصدر السابق 191.
14- يراجع في بيان وسطية الإسلام في هذه الثنائيات:
- الدكتور/ يوسف القرضاوي، الخصائص العامة للإسلام ص 115-143، مكتبة وهبة – القاهرة 1409هـ – 1989م.
- الدكتور/ جمال الدين محمد محمود، أصول المجتمع الإسلامي 169-189، دار الكتاب المصري 1413هـ – 1992م.
15- انظر محمد باقر الصدر، فلسفتنا، 207 ومابعدها بيروت 1402هـ – 1982م.
16- نحيل القارئ في هذا الموضوع المفزع إلى كتاب صدر منذ شهور بعنوان: الدولة المارقة تأليف وليام بلوم، وترجمة كمال السيد ط. المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة 2002.
17- العلامة أحمد زكي بك، كتاب الحضارة الإسلامية ص 58 (محاضرات مستلة من مجلة الجامعة المصرية بدون تاريخ).
18- صلاح جرار: من صور التسامح الإسلامي في الأندلس، مجلة التسامح، العدد الأول ص 119، السنة الأولى 1423هـ – 2003م (وزارة الأوقاف – سلطنة عمان).
19- السابق 120.
20- نقلاً عن د: محمد عمارة: سماحة الإسلام، في المصدر السابق 31-32.
21- نفح الطيب، نقلاً عن : محمد عبدالله عنان، نهاية الأندلس وتاريخ العرب المتنصرين 4: 325، ط. الخانجي 1408هـ – 1978م.
22- محمد عبدالله عنان المصدر السابق 345 - 346.
المصدر: https://iranarab.com/Default.asp?Page=ViewArticle&ArticleID=624