راينر فورست فيلسوف التسامح

راينر فورست فيلسوف التسامح

يلعب مفهوم التسامح دورا مركزيا في المجتمعات المتعددة الثقافات. إنه يصف سلوكا يسمح بالإبقاء على النزاع بين القناعات والممارسات وبالتخفيف من حدة هذا النزاع في الآن نفسه، لاستناده إلى أسس تسمح بالتعايش ضمن الصراع إن نظرة نقدية إلى تاريخ مفهوم التسامح وحاضره توضح أنه ما برح محل اختلاف عميق في ما يتصل بمضمونه وسبل تقييمه، ما يجعله، هو نفسه، موضوعا للنزاع. فقد كان التسامح وما زال بالنسبة إلى بعضهم تعبيرا عن الاحترام المتبادل، رغم الفوارق عميقة الغور، بينما هو بالنسبة إلى آخرين موقف وممارسة تحقيريين وقمعيين بالقوة.

مفهوم التسامح

يعيد راينر فورست في بحثه الشامل بناء الخطاب الفلسفي والسياسي للتسامح منذ العصر القديم، ويبين تنوع وثراء تبريرات وممارسات التسامح من آباء الكنيسة وحتى زمننا الحاضر، ويبلور نظرية تعززها المعطيات التاريخية، يختبر صحتها بتطبيقها على صراعات تتصل بالتسامح. وراينه فورست هو أحد وجوه الجيل الثالث للمدرسة النقدية في فرانكفورت إلى جانب آكسيل هونيث فيلسوف الاعتراف.

ويرى فورست في كتابه المركزي "التسامح في النزاع" أن التسامح يرتبط صميميا بالنزاع، لأنه سلوك لا يصبح ضروريا إلا عند ظهور نزاع أو خلاف ما. لكن يشير أيضا إلى أن: "التسامح الذي يستوجبه النزاع لا يحل هذا النزاع، بل يعمل فقط على تسييجه والتخفيف من حدته، أما تناقض القناعات والمصالح والممارسات فيظل قائما، لكنه يفقد، نزولا عند اعتبارات معينة، طاقته التدميرية ويعني عنوان الكتاب بأن الفرقاء في نزاع ما ينتهون إلى اتخاذ موقف متسامح من بعضهم بعضا، لأنهم يرون، حسب فورست، بأن أسباب الرفض المتبادل تقف حيالها أسباب أخرى للقبول المتبادل، وحتى وإن كانت أسباب القبول المتبادل لا تسمح بتجاوز أسباب الرفض، إلا أنها تتحدث لصالح التسامح، بل وتطالب به. إن وعد التسامح يقول بإمكانية التعايش في ظل الاختلاف".

التسامح ضد "صراع الحضارات"

في ظل الخطابات التي تؤسس لصراع الحضارات، يتحدث فورست عن ضرورة التسامح وأهميته بالنسبة لمجتمعات اليوم. ويرى بأن إشكالية التسامح مطروحة منذ المؤرخ اليوناني هيرودوت وأنه هناك حيث يظهر اختلاف في الأفكار والرؤى يظهر النزاع ويظهر معه التسامح. وهذا يعني حسب فورست أن التسامح ابن النزاع ويولد في رحم النزاعات البشرية، بل كثيرا ما يصبح موضوعا لتلك النزاعات، غذ كما يقول فورست: "ففي الوقت الذي يعتبر البعض أن التسامح فضيلة يدعو إليها الرب أو الأخلاق أو العقل أو على الأقل الفطنة، يرى آخرون بأن التسامح موقف متعجرف وأبوي وقمعي بالقوة. بالنسبة للبعض فإن التسامح تعبير عن اليقين الذاتي وقوة الشخصية، وللبعض الآخر موقفا مصدره عدم الشعور بالأمان، الإذعان والضعف"ولا يعدم المرء أمثلة عن هذه الآراء المتناقضة بشأن التسامح في تاريخ الفلسفة، ويكفي أن نشير إلى مديح فولتير وليسينغ للتسامح في حين تحدث كانط عن "الاسم المتعجرف للتسامح"، أما غوته فكان أكثر نقدية وتشككا بهذا المفهوم وهو القائل: "يتوجب على التسامح أن يكون مؤقتا فقط: عليه أن يقود إلى الاعتراف. فالتسامح إهانة".

وكل ذلك بحسب المصدر المذكور نصا ودون تعليق.

المصدر: dw-world.de

المصدر: http://www.siironline.org/alabwab/diplomacy-center/035.html

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك