عدم الرغبة والحوار مع الذات

صلاح الحمداني

 

مزاجي مُحطَّمٌ، وحزينٌ كشابٍّ فَقَد بصرَه في معركةٍ حاميةِ الوطيس، أو كنجَّارٍ بَتَرت الماكينة أصابعه.

اختلط عليَّ الحابلُ بالنابِل.

 

استفقت هذا الصباح لاهثًا، خائفًا، وبقايا كابوسٍ يمخر روحي، يأبى أن يتوارى، يستحضرها عمدًا، كما كنت أشتهيه حلمًا، وهو بعيدٌ عن يديَّ كالعدالة.

 

حلمي كان بالألوان، ويحتاج ليُوسُف لتفسيره، بعد سنوات عِجافٍ، أمرُّ بها وحيدًا إلا من صُحْبةِ قَلَقٍ يُشاطرني المكان والزمان.

 

ففي الحَلْق غصَّةُ حزنٍ عميقة، وحَشْرجةُ أنينٍ جارحة، وولولةُ غُربةٍ صامتة، وجراحٌ تأبى الالتئام، وحروفٌ مُتقطِّعةٌ تُعرقِلُها أوتارُ البوح المتخشِّبة، وأنفاسٌ متلاحقةٌ تُصارع منافذَ الريح لتصرخ، وأملاحٌ دامعةٌ مُترسِّبةٌ تنحت أُخْدُودها على الخدود، وانكماشة جبهة تغيب بين خطوطها الشاحبة جميع الاستشرافات.

 

لم يبقَ سوى ذلك الشبح المتحسس لجلده وعَظْمه، ولا جدوى من الخيال، فقد انجرف هو الآخر في غير اتجاه، والرغبة الوحيدة الآن، ليست من البوح؛ فهذا خيارٌ قُوبِلَ بنقيضه، وليست الرغبة في الصراخ أيضًا، إنها الرغبة في الغياب حيث العدم، ثمَّ لا شيءَ مُطلقًا.

 

هكذا دون ذ. صلاح الحمداني شعوره ذات مرةٍ، ونسي أن هناك الكثيرين مَنْ يشعرون بمتلازمة عدم الرغبة وعدم الشعور والكآبة خصوصًا يوم الجمعة، وهذه الظاهرة تنتشر في الدول المتجذِّرة وجدانيًّا في الإسلام باعتبار الرمزية الروحية والشعائرية ليوم الجمعة لدى المسلمين.

 

هناك من يَرجِع هذه الظاهرةَ إلى الفراغ الروحيِّ، وضَعْف الوازع الديني، والاغتراب الوجداني.

 

هذه الظاهرة لها تفسيرات متعدِّدة، منها ما هو ذاتيٌّ داخليٌّ مرتبط بالفرد وباطنه، ومنها ما هو موضوعيٌّ خارجيٌّ مرتبط ببعض التفسيرات الفيزيائية:

1- حالة التناقُض التي يعيشها المسلم المعتدل؛ فالمسلم المعتدل يعيش نوعًا من تأنيب الضمير على ابتعاده عن واجباته الدينية، وهذا الشعور ينبع في الحقيقة من اللاوعي، ويصعد أحيانًا إلى الوعي، لكنه يرجع بسرعة إلى الأعماق ليولِّد نوعًا من الشعور بالضيق دون أن يعي الفرد السبب الحقيقيَّ.

 

2- يوم الجمعة يكثر فيه الورع والاستغفار؛ للتخلُّص من الذنوب وتأنيب الضمير، وهذه العملية تؤثِّر فيزيائيًّا على خلايا المخ التي تتخلَّص من العديد الشحنات المغناطيسية التي تنفصل سابحةً مُتحركةً في الشوارع والبيوت، وقد تؤثِّر على خلايا المخ لأفراد آخرين.





المصدر: https://www.alukah.net/sharia/0/123735/#ixzz6UkI2wCJZ

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك