خصائص تسويق المنتجات المصرفية الإسلامية
ونظراً لأهمية البنوك في العصر الحديث في اقتصاديات كل الدول وأنشطتها الإنتاجية والخدمية المختلفة، وتعددت وظائفها بحيث شملت هذه المجالات جميعها سواء مباشرة بمالهِا أو نيابة عن أصحاب رؤوس الأموال؛ وجب أن تكون هناك صيغ إسلامية في الاستثمار ومنتجات مصرفية موافقة لنظام الإسلام، ومبتعدة عن النشاط الربوي المقطوع به والذي حرمته شريعة الإسلام. وكل هذه الأمور تفرض على المصارف الإسلامية أن يكون توجهها بالتسويق. وأن تكون رسالة المصارف الإسلامية واضحة لكل أصحاب المصلحة Stakeholders مثل العاملين والعملاء…
ومن أهم استراتيجيات تسويق المنتجات المصرفية الإسلامية، الآتي:
أولاً – تطوير المنتجات: المقصود بتطوير المنتجات المصرفية الإسلامية هو الجمع بين الأصالة والمعاصرة. وفي تطوير المنتجات؛ نبدأ بتحديد حاجات العملاء من الصيغ الاستثمارية (المنتجات المصرفية الإسلامية). ومن أهم المنتجات المقدمة من المصارف الإسلامية، الآتي[1]:
– المضاربة الإسلامية: والمضاربة نوعان: مضاربة مطلقة، ومضاربة مقيدة. ومن حيث المدة؛ توجد المضاربة الدائمة والمضاربة المقيدة.
– المشاركة الإسلامية: وتتعدد أنواع المشاركة، حسب طبيعة التقسيم المستخدم في عملية التمييز. فتوجد المشاركة الجارية والمشاركة الاستثمارية، والمشاركة المستمرة والمشاركة المنتهية، والمشاركة الثابتة والمشاركة المتناقصة.
– بيوع المرابحة: وهي من عقود الاستثمار؛ يتم بموجبها التمويل بالبيع، فهي بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح، وتطورت هذه الصورة في البنوك الإسلامية؛ وأصبحت تعرف بالمرابحة للآمر بالشراء.
– بيوع السلم: وهي من عقود الاستثمار؛ يتم بموجبها التمويل بالشراء المسبق؛ لتمكين البائع من الحصول على التمويل اللازم. وقد شُرِعت دفعاً لحاجة المفاليس، وهو أن يبيع الرجل ما ليس لديه بثمن حال مدفوع مقدماً حسبما يتفقان عليه، على أن يكون التسليم في موعد محدد في المستقبل، يترجح أن توجد فيه البضاعة لديه، ويشتريها من رجل يريد أن يتوقى مخاطر المستقبل كارتفاع في سعر السلعة أو عدم تواجدها حين يحتاجها.[2] وهي أكثر ملاءمة للمشروعات الإنتاجية. وتفيد أيضاً في قطاعات أخرى مثل الزراعة.
– الاستصناع: وعقد الاستصناع؛ قوامه أن تتولى جهة التمويل بنفسها تصنيع شيء معين أياً كان عن طريق المتخصصين بالتصنيع؛ لحساب الطالب؛ على أن تضيف إلى التكلفة ربحاً متفقاً عليه بينهما من بدء التعاقد.[3]
– كما توجد صيغ استثمارية أخرى، مثل صيغ الاستثمار الزراعية؛ كالمزارعة والمساقاة، وصيغ التأجير أو الإجارة؛ وهو نوع من أنواع التمويل بالتأجير.
مما سبق يتضح مدى التنوع في المنتجات المصرفية الإسلامية وهي من أهم المزايا في تسويق هذه المنتجات، فتقف المشاركة بجوار المضاربة؛ وتُستخدم الصيغ الأخرى عند الحاجة، وبما يمكن المصرف من القيام برسالته وتحقيق أهدافه والوصول إلى الرضا للعميل.
ثانياً – الترويج للمنتجات المصرفية الإسلامية: يعتبر الترويج للمصرف الإسلامي ولمنتجاته أهم عنصر في المزيج التسويقي؛ بعد تنويع وتطوير المنتجات، ومن أهم وسائل الترويح، الآتي:
– الإعلان، ويستخدم في:
– عمل اتصال مبدئي بالعميل.
– إثارة اهتمام العميل، وشرح الصيغ الاستثمارية ببساطة.
– خلق تفضيله لمنتج معين.
– البيع الشخصي، ويستخدم في:
– حل مشكلة معينة تواجه الفئة المستهدفة من العملاء.
– الحصول على طلب العميل: على سبيل المثال؛ طلب العميل لشراء سلع؛ مثل أدوات أو آلات موصوفة وصفاً مبيناً، وتقوم جهة التمويل بشرائها نقداً، ويتضمن الطلب تعهداً بشرائها عندما تملكها جهة التمويل، ثم تتم بعقد بالأجل بثمن واحد مقطوع متضمناً الثمن الذي اشترى به البنك وربحه، يبدأ تنفيذه فور تملك البنك للبضائع محل العقد (يُسمى هذا عقد المرابحة الشرعي).
– المحافظة على استمرار العميل في التعامل مع المصرف.
إن التوجه بالتسويق في المنتجات المصرفية الإسلامية ليس مجرد استهداف فئة معينة وترجمة رغباتها في المنتج المتوفر في المصرف، ولا حتى تطوير وترويج وتنفيذ صيغ الاستثمار المناسبة (وكلها مقاصد هامة وحيوية)، وإنما يصبح التوجه بالتسويق عاملاً مشتركاً بين أنشطة الإدارة، والعاملين. ولا بد من الإيمان بسيادة العميل والتفهم لحاجاته، وتوعيته بمزايا المنتجات المقدمة بالمقارنة بخدمات البنوك الأخرى، وتعتبر العلاقات العامة شريك كامل في العمل الترويجي.
أيضاً؛ يعتبر ضمن العمل الترويجي، التزام العاملين بالمصارف الإسلامية بالقيم الإيمانية والأخلاقية والسلوك السوي المستقيم في إطار ميثاق شرف؛ يُعاقب من يخالفه؛ مستنبط من مصادر الشريعة الإسلامية، وهذا يعطيه حافز ودافع وباعث على الالتزام به[4].
وفي مجال التسويق؛ يجب أن تتوفر اشتراطات هامة في العاملين في المصارف الإسلامية بصفة عامة؛ ومنهم رجال التسويق؛ وهي كالآتي:
1 – الالتزام بالصدق والأمانة والشفافية والموضوعية في كل ما يُعرض للناس من معلومات عن المنتجات المصرفية الإسلامية.
2 – تجنب الغرر والجهالة والتدليس والكذب في الترويج؛ فالغاية لا تبرر الوسيلة.
3 – تجنب الاعتماد على المشاعر والعواطف فقط؛ بل على النماذج العملية من الواقع العملي، وهو الذي يبرز مدى التزام هذا المصرف أو ذاك بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.
4 – تجنب التشهير والتجريح بالمنافسين من البنوك التقليدية، ويكون التركيز على ما تتميز به المصارف الإسلامية وتفتقر إليه البنوك التقليدية.
5 – إتباع منهج التوجيه والإرشاد والنصح؛ ليوجه الناس للتعامل وفق أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وخير نموذج لذلك قول الله عز وجل: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ ).
6 – إبراز مزايا الخدمات والمنتجات المصرفية الإسلامية وسلبيات النظام الربوي في مجال الاستثمار والتمويل مع إعطاء نماذج عملية تطبيقية ناجحة لذلك.
7 – إبراز دور المصرف الإسلامي من خلال خدماته ومنتجاته في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفى مجال المحافظة على الأموال.
8 – أن يكون مندوب الترويج في المصارف الإسلامية قادراً للرد على التساؤلات ودحض الافتراءات بالحجة القوية وبالدليل الناصح مستعيناً بذلك بالإحصاءات والمعلومات.
9 – توفر القيم الإيمانية والأخلاق الفاضلة والسلوك السوي المستقيم؛ لأنه يمثل الواجهة التي يجب أن تكون حسنة.
10 – الاستعانة بأساليب التقنية الحديثة في مجال الترويج خاصة شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، والتسويق الإلكتروني، ونحو ذلك.
إن الاستراتيجية التسويقية الشاملة تتضمن أيضاً استراتيجيات التسعير والتوزيع.. وعلى المصارف الإسلامية عند وضع وتنفيذ استراتيجية التسويق الشاملة للمنتجات المصرفية الإسلامية، أن تستخدم الأساليب التقنية المعاصرة، وأن تركز على إبراز مزايا منتجاتها بالنسبة للبنوك التقليدية، ودورها الهام في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والمحافظة على أموال المسلمين.
[1] الدكتور صالحي صالح، السياسة النقدية والمالية في إطار نظام المشاركة في الاقتصاد الإسلامي (المنصورة: دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، 2001م) ص26–31.
[2] المستشار الدكتور فتحي لا شين، فوائد البنوك بين الاستغلال الربوي والاستثمار الإسلامي (الجيزة: البصائر للبحوث والدراسات، 2009م)، ص 186.
[3] المرجع السابق، ص 185.
[4] يرجع في هذا الشأن إلى: الدكتور حسين حسين شحاتة،” قيم وأخلاق العاملين في المصارف الإسلامية”، بحث مقدم إلى بنك التمويل المصري – السعودي، القاهرة، 2000م.
المصدر: https://islamonline.net/32473