من أجل تعاون أفضل بين الشعوب والأديان

من أجل تعاون أفضل بين الشعوب والأديان
اعداد
القـس د.ريـاض جر جور

اليوم ، فيما نلتقي، رجال دين ودولة، باحثين في السياسة والمجتمع، ناشطين في مؤسسات تلتزم بناء المجتمع المدني المتكافل والمتكافئ. وتعمل لترسيخ قيم العدالة والسلام والأخوة والمواطنة التي تتخطى جميع أشكال التمييز، أكان هذا التمييز عرقيا أم دينيا، أم مذهبياً أم جنسياً، فإن هدفاً واحداً يجمعنا وهو البحث في السبل التي من شأنها تعميق التعاون ما بين الشعوب التي تتعدد انتماءات أبنائها، دينياً وعرقياً وثقافياً.
وباسترجاع سريـع لما نقرأ في الصحف والمجلات، ونسمع ونشاهد في محطات الإذاعة والتلفزيون، ونعرف مما يكتب أو يذاع. يذهلنا التناقض الصارخ بين ما تصبو إليه الشعوب في بداية القرن الواحد والعشرين هذا، من تواصل وتعارف وتوافق وتوق إلى عيش حياة سالمة، وما يعيشه فعلا بعض الشعوب من حروب ونزاعات وانقسامات وتوترات.
وإذا أمعنا النظر في ظواهر تلك النزاعات وجدنا أن معظمها، من جهة أولى يتأسس على الاختلافات الدينية والعرقية، ومن جهة ثانية، يفتعل ويدار من جهات غريبة عن المجتمعات المتصارعة فيما بينها بعد أن تتأكـد من أن هناك أرضا مهيأة لاحتضان تلك النزاعات، ومن جهة ثالثة، يأبى الدين أي دين إضفاء شرعيته على مثل هذه التصرفات.
فالمناطق التي تعاني من مثل هذه التوترات عديدة منها ما هو بعيد عنا جغرافيا، ومنها ما هو قريب جداً.
والسؤال الذي ما برح يقض مضاجعنا يبقى هو هو: ما السبيل ليس فقط لإدانة هذا العنف غير المبرر وشجبه شجباً قاطعاً، وهو أضعف الإيمان، بل خاصة لإيقافه، وبالأخص لإرساء الأسس وعلى مختلف المستويات الكفيلة بتحصين تلك المجتمعات حتى لا تقع في حبائل المدسوسين والمشبوهين والمغرضين، وحتى لا تكرر التجارب المريرة التي مرت بها.
قناعات ووسائل
لذلك لا بد لي في البداية من أن اشير إلى بعض قناعات تشكيل مسوغات نظرياً لأي توجه يبغي إنماء التعاون ما بين الشعوب والجماعات المتعددة دينياً، أو عرقياً وثقافياً.
ولا بد لي بعد ذلك من أن أشير أيضا إلى بعض الوسائل العملية التي تجسد تلك القناعات وتضعها موضع التطبيق الفعلي.
فعلى مستوى القناعات وضمن إطار غاية لقائنا أذكر فقط ما يلي:
1- قناعات:
أولاً: أن الدين وخاصة الديانة المسيحية والديانة الإسلامية لا يمكن أن يكون في جوهره وغايته إلا مصدر محبة وسلام وعدل وارتقاء لإنسانية الإنسان في توقها إلى الله الواحد.
ثانياً: لكن الدين عندما يصادره الناس ويستأثرون به ويجعلونه خاصتهم ويقطعون صلته بالوحي الإلهي المستمر أبداً ويوظفونه في خدمة أغراضهم ومآربهم ومصالحهم الفردية والفنوية الضيقة ويزيفونه مستخدمين إياه في تبرير سياسات الظلم والعدوان أو إضفاء صفة القدسية على أحلام وأوهام مدمرة إنما يصبح الوسيلة الأكثر فتكا في كرامتهم وحقوقهم المشروعة.
ثالثاً: أما التعددية الدينية والطائفية فهي من جهة نظر لاهوتية وفي الحكمة الالهية ومقاصدها تعدد في سبيل الخلاص استنساباً للزمان والمكان و لأوضاع البشر المختلفة لذلك فالتعددية تتناقض مع احتكار شكل التدين والاستكبار والاختزال والإستتباع بل هي دعوة إلى الحوار لمعرفة الآخر كما يعرف هو ذاته ويعرف عن ذاته وصولاً إلى احترام متبادل ومشاركة فعالة لبناء المدينة الأرضية كما يريدها الله وليس كما يخطط رصف مداميكها البناءون، "فإن لم يبن الرب البيت باطلاً يتعب البناءون".
2- وسائل:
أما فيما يتعلق بالوسائل العملية لوضع القناعات التي ذكرنا موضع التطبيق فإني اذكر منها هنا ما يتعلق بالحوار الإسلامي - المسيحي في سبيل تعميق العيش المشترك لا بل العيش الواحد. واهم هذه الوسائل هي تلك التي تهدف إلى إنماء الحوار الحياتي بدلاً عن الحوار العقائدي كما تهدف إلى الامتناع عن حوار سمي رياء متبادلاً والدخول في حوار الحياة بصدق وشجاعة وتواضع.
ويحملنا هذا الأمر إلى التساؤلات التالية:
أولاً: كيف ننقل الحوار المسيحي - الإسلامي من القمة في الهرم المجتمعي ومن النخبة الثقافية إلى القاعدة الشعبية والى الشرائح الواسعة في المجتمع؟
ثانياً: ماذا نعمل لكي لا يقتصر الحوار بمستوى الأهداف على صيغة التعايش بل يتعداها إلى إنماء صيغة العيش المشترك أي الانتقال من الوقوف جنبا إلى جنب بتحاشي المواجهة الصدامية إلى اللقاء وجها لوجه والعمل يداً بيد.
ثالثاً: كيف يمكن وضع خطة عملية ومتكاملة على مستوى الخطاب الديني والخطاب السياسي ومستوى الإعلام واستخدام الشعارات وخاصة النظام المدرسي والتربوي التثقيفي لبناء حوار مسيحي إسلامي يقوّم انحرافات ثلاثة، إذا ما بقيت على حالها فرضت كل فرص نجاح الصيغ الحوارية.
عَنيتُ بتلك الانحرافات:
1- جهل الآخر أليس الآخر الذي نجهل هو عدو بالقوة وفق القول المأثور الإنسان عدو ما يجهل ويمكن القول أيضا الإنسان عدو من يجهل إن جهل الآخر وتجاهله يغذيان انعدام الثقة والأحكام المسبقة والمجادلات الكلامية ثم غريزة الدفاع عن النفس والسيطرة وأخيرا التعصب الذي يصادر الدين.
2- تشويه صور الآخر: وهو انحراف أكثر دهاءً من الانحراف الأول.
3- الخوف من الآخر: الخوف من الآخر المجهول والمشوه.
وقد يكون الخوف أحيانا كثيرة اشد خطورة من التهور فهو يؤدي إلى ردات فعل سلبية عن المشاركة والهجرة والهروب إلى الوراء والى الأمام.
أما فيما يتعلق بتحديد الأشخاص والمؤسسات التي يجب أن تشترك بفعالية لتحقيق ما سبق فمن البديهي أن يتم إنجاز هذه المشاريع باشتراك الجميع، الدولة بتحمل مسئوليتها القانونية والمعنوية والمادية والمجتمع المدني بكافة مؤسساته الدينية والتربوية والاجتماعية وأخيرا المنظمات الإقليمية التي تعنى بالسلم الأهلي والتنمية والعدالة وغيرها...
الدين والصراعات القائمة
أن القناعات أو المبادئ والوسائل التي ذكرنا قبل قليل والتي تتعلق بالحوار الإسلامي المسيحي والعيش المشترك هي صالحة لكل زمان ومكان.
إلا أننا اليوم نمر بمرحلة خاصة جداً يدخل فيها الدين أو يقحم فيها الدين ليلعب دورا خاصا فلا بد إذن من البحث في دور الدين في ظل الصراعات القائمة لنعرف كيف نوظفه في إحلال السلام، وفي خلق التآلف والمحبة والتعاون بدلاً من جعل المغرضين يستخدمونه وقودا لصراعات سياسية واقتصادية وغير ذلك.
إن ما تتمخض عنه العلاقات الدولية في الأوقات الراهنة والعصيبة والتي يعيشها العالم إنما تتسم بالتوتر وتنذر بالصراع، وقد يقول البعض: إن الصراع كان ولا يزال قائما في العالم وليس هو بأمر مستجد إلا أن ما هو مستجد وخطير في أن معاً هو تحويل الصراعات والسياسية إلى صراع حضارات والتأكيد المزدوج بأن الأديان هي جوهر تلك الحضارات وان بعضها منتج للحضارة المتقدمة ولقيم السلام، وبعضها الآخر منتج للتخلف والإرهاب وكنتيجة حتمية لكيانها وبنيتها الفكرية والأساسية.
لذلك لا بد من التذكير ببعض المبادئ التي نراها أساسية لفك الالتباسات التي تتحكم بالمواقف حول العلاقات ما بين الشعوب والأديان فتشوهها وتؤدي بها إلى مزيد من التوترات المبنية على أحكام مسبقة ومغرضة من تلك المبادئ:
1- أن الأديان وان نتج عن بعض معتنقيها أعمال عنف غير مبرر ولا يمت إلى الدين بصلة، ليست في حقيقة أصولها ومبادئها مصدرا للعنف والظلم.
2- حتى الدين المستخدم خطأ من البعض لافتعال النزاعات والصراعات وأعمال العنف ليس العنصر الوحيد الذي يحرك تلك الأعمال المدانة، فيجب ألا تخفي عن رؤيتنا للغابة كلها شجرة واحدة.
3- بالتالي وحتى لا تتفشى ظاهرة الإرهاب فمن الضروري التفتيش عن الأسباب العميقة والحقيقية التي تكمن وراء هذه الظاهرة فيصار إلى استئصال المسببات وعدم الاكتفاء بمعالجة الظواهر وحدها. ولا شك أن من أهم مسببات الإرهاب والعنف الأعمى القهر والفقر والظلم والفساد والاستبداد والهيمنة وهي أمور تعاني منها شعوب وفئات واسعة في مختلف أنحاء العالم.
4- أخيرا علينا إلا ننزلق في هوة الاستعلاء والفوقية أو في النرجسية العمياء، أو في المفاضلة فنصنف الثقافات والحضارات تصنيفا لا يبرره لا التاريخ ولا الواقع، لا الماضي ولا الحاضر بل وحدها الأهواء الشخصية والمصالح الفئوية. فإذا انطلقنا من القيم الإنسانية الشاملة تواضعنا في أحكامنا واكتشفنا الضعف في قوتنا وقوة الآخرين في ضعفهم وإذا كانت المفاضلة ما بين الأديان وبالأخص الأديان التوحيدية. فطالما أن المؤمنين بالله يعبدون إلها واحداً فلا بد أن يحترم كل مؤمن دين الآخر.
العولمة وعودة التدين: توضيح الالتباسات
بصرف النظر عن الأوضاع العالمية الراهنة لا سيما تداعيات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر2001م واستخدامها التناقضات الدينية والمذهبية و القومية يبقى علينا أن نفكر بدور الدين في ظل ظاهرة ما سمّي بالعولمة. للعولمة أيضا وجوه عديدة أهمها بدون شك الاقتصاد والسياسة لكن للعولمة أيضا وجه ثقافي جديد وضمن هذا الوجه الثقافي يحتل الدين مركزا مرموقاً .
فعلى سبيل المثال: حَكي عن سقوط بعض الأيديولوجيات ومنها الأمة الشيوعية والقومية الشوفينية الضيقة والعلمانية الملحدة وبشر البعض بعودة الدين أو عودة التديّن.
ففي هذا الشأن لا بد من إزالة بعض الالتباسات لكي نتبين بوضوح الدور الحقيقي للدين في مرحلة العولمة هذه - كعامل لتضامن الشعوب حول قيم العدل والمساواة والمحبة والاخوة وغير ذلك.
أولاً: التباسات متداولة
قبل أن نتحدث عن انعكاسات العولمة على الحوار الإسلامي - المسيحي بكونه عاملاً من عوامل التعاون والتفاهم، لا بد من إزالة بعض الالتباسات التي تكتنف بعض المفاهيم والمقولات المتعلقة بالأديان واذكر هنا بعضها:
1- عندما يحكى عن عودة الدين أو التدين لابد من أن نتساءل عن طبيعة هذه العودة قد تكون هذه العودة صحوة دينية لكن هذه الصحوة وتحت تأثير ثورة الاتصالات أو العولمة الإعلامية قد تحمل الناس لان يتعاملوا مع الدين كما يتعاملون مع النمط الاستهلاكي الرائج اليوم فتصبح الأديان والمذاهب والملل كمخزن تجاري كبير يدخله المرء ويختار منه السلع التي تناسبه ويعدلها في كل مرة تستهويه سلعة أخرى.
كما أن التدين الذي يلوذ به الناس في أيامنا بعد أن خيبت آمالهم وعود الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية واللبرالية والقوميات وغير ذلك من الأيديولوجيات التي يقال عنها اليوم إنها قد سقطت قد يكون في معظم الحالات تطيفاً وتقميراً بدائيا وتطرفاً متزمتاً.
2- ومن الأخطـاء الشائعة والمتداولة جدا عندمـا يتحـدث الناس عن الديـن أن يعتبروا الدين - أي دين - وكأنه كيان قائم بذاته محدد المعالم مكوّن تكويناً نهائياً ففي هذا المنظور ينتزع الدين من تاريخه وتاريخيته من أصوله ونشأته من تطوره وتفرعاته ومن العوامل غير الدينية الصرف التي ساهمت في تكوينه وتطويره.
لربما كانت هذه النظرة التي تفتقر إلى الجدلية والواقعية هي التي حملت بعض المنظرين الجدد على التحدث عن حضارات راهنة قائمة على أديان والى تصنيف تلك الأديان بحيث أن بعضها ينتج حتما حضارات متفوقة ومتطورة وان بعضها الآخر محكوم عليه بان ينبت التخلف والفقر والتعصب.
3- على أساس هذه النظرة التبسيطية للدين تنشأ النظرة المشوهة للذات والآخر.
هذا ولقد أصبح اليوم الحديث من الذات والآخر في واجهة الاهتمامات المَعرفية والاجتماعية والسياسية إلا أن الآخر الذي يتحدثون عنه هو في معظم الأحيان صورة عن الآخر ولكونه صورة فقد تكون تلك الصورة مشوهة وبعيدة كل البعد عن الآخر الموضوعي والواقعي كما أن صورة الآخر ولأنها مرسومة من الذات فقد تتعرض في معالمها إلى الاختزال والتحويل والطمس وغير ذلك.
ثانياً: الحوار الإسلامي - المسيحي في خدمة الشعوب
أما الحوار الإسلامي المسيحي وإذا ما بدت الالتباسات التي تحيط ببعض المقولات والمفاهيم المتداولة والتي تنعكس عليه وإذا أقيم على أسس سليمة فلا بد وانه ينعكس إيجابا على المجتمعات البشرية على صعيد محلي وإقليمي وعالمي.
ونذكر فيما يلي أهم الفوائد التي تجنيها الشعوب من مثل هذا الحوار:
1- لقد طغى فيما مضى على الحوار الإسلامي - المسيحي هم إقناع الآخر بعدم صوابية معتقداته الدينية وكانت تلك الحقبة تتسم باستعمار الدول الغربية لمناطق عديدة من العالم ومنها مناطق إسلامية إلا انه ومنذ النصف الثاني من القرن العشرين زال من جهة الاستعمار وأجرت جميع الكنائس المسيحية إعادة نظر في لا هوتها المتعلق بالأديان الأخرى وهكذا اصبح الحوار الإسلامي - المسيحي ينطلق شيئا فشيئا من المساحات المشتركة في العقائد والأخلاقيات والقيم ليؤسس قواعد مسلكية وحالة ذهنية واستعداداً نفسياً لبناء العيش المشترك لاسيما في المجتمعات المتعددة الأديان والطوائف.
ولا أحد ينكر أهمية تدعيم العيش المشترك وإرسائه على أساسات عميقة وثابتة انه الطريق الوحيد لاحترام حرية المعتقد ولجعل التعددية مصدر ثراء ولإنماء الانتماء إلى المواطنة الواحدة ضمن العدل والمساواة في الحقوق والواجبات.
2- وهناك دور آخر يمكن أن يؤديه الحوار الإسلامي - المسيحي في المجتمعات ويقوم أولا بمعالجة جذور التوترات الطائفية وثانيا بمنع توظيف الاختلافات الدينية في الخلافات السياسية وصراعاتها.
فالكثير من التوترات والصراعات وحتى الحروب الأهلية التي تقوم في بعض المجتمعات المتعددة الأديان والطوائف تجد جذورها في السياسة والاقتصاد ومع ذلك يعيد المغرضون أسبابها إلى الفروقات الدينية والطائفية والمذهبية.
وعندما تقوم مثلا اختلافات وتناقضات دينية أو طائفية يسرع المغرضون أنفسهم ودائما إلى توظيفها سياسيا فيستخدمونها زيتا يصبونه على نار الخلافات السياسية.
3- وكما كانت المصالح المادية القومية والفئوية هي التي تتحكم في العلاقات ما بين الدول فان الدول المتطورة اقتصاديا وعسكريا وسياسيا لا تتوانى أبدا عن استخدام ضعف دول العالم الثالث من جهة وتمسك شعوبها بالدين من جهة ثانية لتتدخل باستمرار من خلال الخلافات الدينية لدى تلك الشعوب فتحول الاختلافات إلى صراعات من هنا يأتي دور الحوار الإسلامي - المسيحي في كشف تلك التدخلات الخارجية وتعطيلها عليه بالوقت نفسه ألا يغفل عن التناقضات الفعلية في داخل كل مجتمع وهكذا يصبح من مهمات الحوار تحصين الجبهات الداخلية والتصدي للتدخلات الخارجية في آن واحد .
4- أما على الصعيد العالمي فإن الحوار الإسلامي - المسيحي الصادق والعميق لابد وأن يأتي بثمار طيبة أقله على صعيدين:
الأول: هو إنماء ثقافة الحوار بدل الثقافة النرجسية والاستعلائية والانتصارية والاقصائية.
أما الثاني: وهو مكمل للأول وتطرحه على الساحة العالمية الأحداث الراهنة فهو ما سمي بصراع الحضارات وفهم منه انه صراع حضارات أساسها صراع أديان لا بل صراع دينين : المسيحية الغربية والإسلامية فتكذيب هذه الأطروحة أمر مهم ومَلح ولربما كانت حالة العيش الإسلامي - المسيحي المشترك لا بل الواحد في الشرق العربي، هي بحد ذاتها تكذيب لأطروحة صراع الحضارات مع ذلك فعلى الحوار الإسلامي - المسيحي في سبيل إنماء العيش الواحد أن يضع في برنامجه تأكيد حوار الحضارات والثقافات والأديان وتكاملها .
آنذاك تصبح إحدى المهمّات الرئيسية للحوار الإسلامي - المسيحي وعلى الصعيد العالمي كما على الصعيدين المحلي والإقليمي تفكيك الثنائيات الحديثة والرائجة في هذه الأيام كثنائيات شرق/غرب إسلام/مسيحية حضارات متفوقة/حضارات واهية صليبية/جهاد وغيرها...
وقد يتحقق ذلك إذا مارس المؤمنون باستمرار النقد الذاتي على تصرفاتهم وردات فعلهم المنسوبة إلى التدين وكذلك إذا تمسك المتدينون بالإيمان الذي هو هذا النزوع نحو الله الواحد وأضفوا صفة النسبية على الدين بكونه تعبيرا ثقافيا عن الإيمان آنذاك لا يخافون إذا رأوا تعابيرهم تأخذ مسارات جديدة في ثقافات العصر الجديدة بل يمارسون انطلاقا من إيمانهم الواحد وظيفة نقدية في وجه الظلم واللامساواة ويبنون عالما موحدا بعيدا كل البعد عن أبراج بابل هذا العصر ويساهمون ضمن التعددية بأنسنة الإنسان على ضوء وجه الله، وبهدي روحه وكلمته.

ورقة قدمها القس الدكتور رياض جرجور
الأمين العام مجلس كنائس الشرق الأوسط خلال ا لدورة العاشرة
لمؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي
28-30/10/2002م
مملكة البحرين

تشرين الأول / أكتوبر 2002م

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك