إشكالية التطهير قبل ظهور الميزانية
فقد نص قرار الراجحي على الآتي:
“الذي يجب عليه التخلص هو من كان مالكًا للأسهم، فردا كان أو شركة أو صندوقا أو غير ذلك، حين صدور القوائم المالية النهائية ، سواء كانت ربعية أو سنوية، وذلك في حالتي الاستثمار والمتاجرة.
وعليه فلا يلزم التخلص من باع الأسهم قبل صدور تلك القوائم؛ لأنه لا يتبين العنصر المحرم إلا بعد صدورها، والبائع قد باعها بغنمها وغرمها”[1]
كما نصت هيئة المعايير الشرعية على الآتي :
“يجب التخلص من الإيراد المحرم ، سواء أكان ناتجا من النشاط أو التملك المحرم، أو من الفوائد، على من كان مالكا للأسهم، سواء أكان مستثمرا أم متاجرا، حين نهاية الفترة المالية. وعليه فلا يلزم من باع الأسهم قبل نهاية الفترة المالية التخلص.” [2]
المرتكزات الشرعية
واستند هذا الحكم إلى الآتي :
أولا : أن قدر الإيراد المحرم لا يعرف إلا بصدور الميزانية، وقبل صدورها لا يعرف هل يوجد إيراد محرم أم لا ؟ وإذا وجد، فكم حجمه وقيمته ونسبته إلى الإيراد الإجمالي، وإذا كان لا يعرف فكيف يكون التخلص من شيء مجهول؟
ثانيا : أن المضارب لم يباشر الفوائد الناتجة عن النشاط المحرم للشركة، وإنما تسبب إلى حصول غيره عليها، وذلك بشرائه لها أولاً، ثم بيعها على من حصل على تلك الفوائد، فالتطهير لازمٌ لمن حصلت بيده عند توزيع الأرباح في آخر العام المالي.
المتسبب لا ضمان عليه
وبما أنه أصبح عندنا متسبب ومباشر لحصول هذه الأرباح، فيجب العمل بقاعدة : “المتسبب لا ضمان عليه مع المباشرة ”
شرح القاعدة:
المباشر : هو الذي يحصل الأثر بفعله بلا واسطة، أي من غير أن يتخلل بين فعله وبين التلف فعل فاعل مختار.
و المتسبب : ما يقابل المباشر، وهو الذي تخلل بين فعله وبين الأثر المترتب عليه – من تلف أو غيره – واسطة، أي فعل فاعل مختار .
ومعنى القاعدة: أنه إذا اجتمع على إتلاف الشيء المباشر للفعل، أي الفاعل له بالذات، والمتسبب له، أي المفضي والموَصِّل على وقوعه، فإن الحكم يضاف إلى المباشر دون المتسبب فيه.
فمثلا :
1- من حفر بئراً في طريق عام بدون إذن من ولي الأمر، فألقى أحد حيوان شخص في تلك البئر، ضمن الذي ألقى الحيوان؛ لأنه المباشر، ولا شيء على حافر البئر وإن كان متعدياً؛ لأنه متسبب، وإذا اجتمعا أضيف الحكم إلى المباشر دون المتسبب .
2- لو دل شخص سارقاً على مال إنسان فسرقه، أو دفع مفتاحا إلى لص، فسرق اللص ما في الدار المدفوع مفتاحها إليه، فالضمان على اللص دون الدافع؛ لأن اللص مباشر والدافع متسبب، وإحالة الحكم على المباشر أولى من المتسبب، ويعزر الدال المتسبب في السرقة.[3]
ثالثا : يشبه هذا التوجيه قول الفقهاء: إذا باع الرجل عبداً، فأغل غلة عند الذي اشتراه، ثم رأى به عيباً فرده، فغلته للمشتري بما ضمن، وهذا قول جمهور السلف، في الغلة وفيما كان من كسب العبد والأمة وغلة الدور والحيوان وغير ذلك .[4]
انتقد ضابط ربط التطهير بملكية السهم يوم صدور الميزانية بالآتي :
1- أنه ضابط غير عادل؛ إذ يستطيع المساهم إذا أراد أن يتهرب من التطهير، يستطيع أن يبيع السهم قبل صدور الميزانية، ثم يشتريه بعدها بيوم واحد، ويتورط حائزها يوم صدور الميزانية بالتطهير.
2- أن يوم صدور القوائم المالية لا يلزم أن يكون هو يوم توزيع الأرباح، فكثير من الشركات تحدد أياما معينة لتوزيع الأرباح، وتشترط لاستحقاقها حيازة السهم في هذه الأيام المعينة.
3- أن هذا قد يؤدي إلى حدوث إرباك في سوق الأسهم، بالضغط البيعي على الأسهم قبل صدور القوائم المالية بأيام قليلة، ومعروف أن صدور القوائم المالية له أيام أو أسابيع محددة.
اقتراحات
ومن الاقتراحات التي قدمت لحل هذه الإشكالية : ربط حجم مبلغ التطهير بمدة الاحتفاظ بالأسهم، حيث إن فترة الاحتفاظ بالسهم، هي الفترة التي تمتد بين تاريخ شراء السهم، وتاريخ بيعه. ففي أغلب الأحيان تكون هذه الفترة قصيرة جدا بالنسبة للمتاجر ، في حين تطول نسبيا بالنسبة للمستثمر.
فإرساء لمبدأ العدالة يكون التطهير بحي المدة الزمنية لحيازة الأسهم.[5]
[1] انظر قرارات الراجحي، ، قرار رقم (485) . ص 721
[2] المعايير الشرعية ، المعيار رقم (21)ص 569.
[3] -(معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية 283/14)
[4] – قاعدة التطهير المالي . د. خالد المزيني.
[5] – فتاوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، د. القره داغي، ود. حسيم حامد حسان، وآخرون، (2/698)
المصدر: https://islamonline.net/31309