الحوار طريق الحياة

د.محمد عبد الله الحاوري

 

إن حياة الأمم والشعوب تمر في مراحل مهمة ومن أهم مراحل الحياة [التغيير] ومن المهم جداً إدراك متطلبات التغيير، إن التغيير ليس شعاراً يرفعه التلفزيون في أسفل الشاشة أو أعلاها، ولكنه حياة أمة وروح تسري تضم كل مكونات الوطن في جسد واحد يسير نحو المستقبل، مع أخذ العبرة من الوقت، فالتغيير سنة الله في الحياة، ويجب التعامل معها بما يليق فإن الفرص لا تأتي في حياة الشعوب بكثرة، فعندما تغير اليمن من التشطير إلى الوحدة، غفل اليمنيون عن تحصين الوحدة، فكانت كارثة حرب صيف 94م، واليوم تتغير اليمن بثورة شبابها السلمية، واندفع اليمنيون في سيل جارف نحو صناديق الاقتراع ليستخرج شهادة ميلاد يمن جديد، ورئيس جديد، وعهد جديد، ولكن هذا الأمر المهم في التغيير لم تكن قرارات الرئيس هادي على قدر طموحات الشعب، فالقرارات التغييرية هي الأداة ليمن جديد، يمن بجيش واحد، وإرادة واحدة.

إن إنهاء زمن العائلة ضرورة وطنية لتحقيق الحوار، عن أي حوار نتحدث إذا كان رئيس الجمهورية لم يوحد المؤسسة العسكرية والأمنية، وعن أي يمن جديد تتحدث أحلامنا إذا كانت الأدوات التي يستخدمها الرئيس هي أدوات المخلوع، وهو ما دعا الخطيب والقيادي الجنوبي الوطني صلاح باتيس أن يطلب من الرئيس هادي أن يرينا رجال هادي بدلاً من الأوجه المستهلكة، ورحم الله الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي وهو يقول: تجريب المجرب خطأ والتصحيح بالملوثين خطأ مرتين.

إن الحوار هو طريق الحياة ليمننا الحبيب، وهذا الحوار المهم الذي يمثل حجر الزاوية في بناء اليمن الجديد، يجعلنا نتساءل لماذا لم يستطع الرئيس هادي إقناع المؤتمر الشعبي باختياره رئيساً له، بعد أن اقتنع اليمنيون برئاسته للوطن بملايين الأصوات، ومن المهم أن نلقي بكل الآمال في مؤتمر الحوار ولكن الأحلام لا تتحقق بالاحتفال بالتغيير بل بصناعته.

إن صناعة التغيير تتطلب إيجاد جيش واحد وأمن وطني واحد، وجهاز إداري واحد، التغيير هو العمل على استقرار اليمن من خلال قرارات تطمئن الشعب اليمني بأن مؤسسة الرئاسة قادرة على السير باليمن نحو بر الأمان، التغيير طريق الحوار وبدون توحيد الجيش يصبح الحوار خوارا، فإذا كان الرئيس هادي لم يقدر أمام العالم كله على إقالة فرد فهل هذا شيء يطمئن؟.. وتبقى المواقف هي التي تصنع تاريخ الأشخاص، لا تكرار الخطابات بنفس العبارات، اليمنيون عبروا إلى صناديق الاقتراع من بين متاريس الخوف، واختاروا السلام تحت تهديد السلاح، ولكن ماذا بعد؟ هل القرارات التي جاءت تتوافق مع تطلعات اليمنيين، ما زال أهل ذمار يصرخون فلا تسمع الرئاسة أصواتهم، وما زالت حضرموت تعاني من الفساد والرئاسة لا تستجيب لهم، هذا الصمم السياسي غريب.

كيف لنا أن نتصور أن قرارات مؤتمر الحوار يمكن أن ترى النور ونحن نرى كل هذا التردد والضعف، هل هذا هو الضامن لمؤتمر الحوار؟ سيكون الحوار حملاً كاذباً ما لم يحدث الرئيس تغييراً حقيقياً يوحد المؤسسة العسكرية والأمنية ويطيح بالعائلة، ويوحد الجهاز الإداري تحت راية الرئيس هادي، بعيداً عن زعيم الوهم الذي يحرك الوزراء في حكومة الوفاق، فحكومة الوفاق تسير بعجلة قيادة تدور نصف دورة فقط، وهل إخفاق الرئيس هادي في إقناع المؤتمر الشعبي العام بأنه يصلح أن يكون رئيساً له، يوحي بقدرته على إقناع نفسه والوطن بمقررات الحوار الوطني؟.

إن الحوار هو طريق الحياة، وهو ما يدعونا لتأكيد تأييد العالم للتغيير في اليمن، ولكن التغيير في نهاية الأمر مناط برئيس الجمهورية، فقرارات الرئيس خجولة وتسير ببطء والوقت يتسرب من وعاء الوطن، والفرصة اليمنية لبناء الغد يمن جديد، تشبه لحظة الوحدة في الثاني والعشرين من مايو، ولكن المواطن اليمني لا يرى تغييراً لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا عسكرياً ولا أمنياً، والغلاء يطحن الوطن، ويرزح تحت وطأته المواطن اليمني صباح مساء، تمر الأيام والمواطن يسمع جعجعة ولا يرى طحنا، نعم هناك تحرك في قطاع الخدمات هنا أو هناك ولكن التغيير أمر أكبر من الكهرباء على أهميتها، وحتى الكهرباء ما زالت تحت رحمة البلاطجة، برغم أن قوات الجيش الأمن هناك تفوق عدد المواطنين.

كيف يكون الحوار قابلاً للحياة والجيش منقسم في يد العائلة التي ثار عليها الشعب، والاقتصاد يترنح بعد مرور عام على التغيير ولم يرجع إلى الخزينة اليمنية دولار واحد مما نهبته العائلة؟ فهل مقررات مؤتمر الحوار قابلة للحياة إذا كانت الرئاسة والحكومة لم تقم بواجبها في رد الأموال والقصاص من القتلة؟

إن مقررات مؤتمر الحوار يجب أن تنفذ، ولكن هل يمكن لسلطة لم تستطع إقالة فرد أن تضمن تنفيذ مقررات مؤتمر يعالج العاهات التي وضعها نظام صالح في اليمن؟ كيف يكون ذلك وهم ما زالوا يديرون مؤسسات الدولة، وحين يحدث تغيير يتم تدويرهم والاستعانة بهم، وكأن اليمن لا يوجد فيه أشخاص غيرهم؟.. لم نر رجال هادي، نقول ذلك بمرارة شديدة.

المصدر: http://akhbaralyom-ye.net/articles.php?lng=arabic&aid=70080

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك