كرة القدم الألمانية.. وتسامح الآخر
أحمد بن عبد المحسن العسَّاف
الكرة من الألعاب الرياضية الشعبية التي يمارسها الناس في بلدان العالم؛ وتعقد لها المسابقات على مستويات عالمية وإقليمية ومحلية وفي الحواري أيضاً والمجمعات السكنية. وتتنوع الألعاب المرتبطة بالكرة غير أن أشهرها وأكثرها انتشاراً لعبة كرة القدم التي استحوذت على عقول ومشاعر كثير من الناس حتى عدها أحد أكابر الكتاب العرب “أفيون الشعوب”.
وكرة القدم لعبة تتساوى نظمها وطرائقها في أنحاء العالم؛ غير أن الأمريكيين والاستراليين أرادوا التميز عن سائر الشعوب بكرة قدم خاصة بهما؛ لها قوانينها المختلفة وأعداد لاعبيها إضافة إلى شكل الكرة المغاير للكرة التقليدية.
ويبدو أن الألمان أرادوا اتخاذ كرة خاصة لهم لم يسبقوا إليها ولا مثيل لها عند شعوب الشرق أو الغرب، وقد اهتبلوا فرصة وجود جنودهم في بلاد أفغانستان المسلمة ضمن قوة “الغزو” الدولية وتفتقت عقولهم عن كرة غريبة لا أستطيع أن أقول إنهم كانوا سكارى حين اختاروها كرة لأقدامهم النجسة!
لقد اختار الجنود الألمان – شلت أطرافهم- جماجم أناس مسلمين قتلوا ظلماً وعدواناً من قبل قوات “الغزو” الدولية أو من الخونة المتعاونين معها، ولعبوا بهذه الجماجم كرة قدم وهم يتضاحكون مسرورين؛ ولم يكفهم مجرد اللعب بهذه الرؤوس البشرية بل جعلوها بقرب أعضائهم التناسلية وصوروا أفعالهم إمعاناً في الاحتقار والانتقاص وإرواءً لغليل صدورهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهي في أضعف حالاتها وأشدها استكانة وخوراً.
ولي مع هذا الحادث الأليم وقفات منها:
- في حين يتشدق بعض أبناء المسلمين من ساسة “وعلماء” وكتاب بالتسامح واحترام الآخر والوحدة الإنسانية نرى من الغرب تكذيباً لهؤلاء العميان من خلال العدوان الأثيم على المصحف الشريف والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ومحاربة الشعائر الإسلامية كالحجاب – مثلاً- إضافة إلى قبائح المحتلين في بلادنا الإسلامية التي فاقت كل خطب فظيع عرفته البشرية في تاريخها.
- مر الخبر على وسائل إعلام المسلمين من غير تعليقات كافية، بل نشر كخبر من الغرائب تماماً كما لو أن خروفاً ولد بقلب خارجي أو أن رجلاً أطال شاربه حتى دخل موسوعة الأرقام القياسية! وهكذا هي جل منابرنا الإعلامية هدم بلا بناء ونقد الصحيح وإغضاء عن الخطأ؛ وتسامح في حق المقدسات والشعوب وغضب لأمور أقل أهمية، والمتتبع يشاهد ويرى ويسمع.
- أننا لم نسمع من منظمات حقوق الإنسان تفاعلاً يوازي هذا الحدث الذي ينسف الحقوق الآدمية التي لا يتنازع عليها اثنان يختلفان في كل شيء عدا الأصل الإنساني.
- نتمنى على المجاهدين في البلدان الإسلامية المحتلة أن يوحدوا كلمتهم وصفوفهم وأن يكون جهادهم ضد العدو المحتل متجاوزين أي خلافات يمكن تأجيلها إلى ما بعد تحرير البلاد وإنقاذ العباد.
- وكم نحلم أن ” يصحو ” دعاة التسامح الخانع أو يحتفظوا بهذه الدعوات لهم فقد مللنا وملت شعوبنا المقهورة التي لسان حالها: إن لم تتباكى معي فلا تستغفلني.
ولنا أن نخشى بعد ذلك من بيع جثث قتلانا أو سرقة أعضائها أو الاعتداء عليها جنسياً؛ فعدونا بلغ من الوقاحة مبلغاً لا يكاد وصفه مستغلين كل مفردات ضعفنا و “تسامحنا”، وإني لأخشى أن تبتكر “الفيفا” لعبة دولية باستخدام رؤوس البشر؛ خاصة وأن “الآخر” طرف لاعب فقط، والعالم الذي لا قيمة له -في موازينهم- طرف ملعوب به وبجماجم أهله، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
المصدر: https://ahmalassaf.com/3409