مساءلة الهزيمة: نحو ثقافة مراجعة تسهم في وقف التراجع
مساءلة الهزيمة: نحو ثقافة مراجعة تسهم في وقف التراجع
تركي علي الربيعو*
يبدو للمتتبع لحركية الخطاب العربي المعاصر في النصف الثاني من القرن العشرين وحتى بداية الألفية الجديدة - تأثره الواضح بأطروحة المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي في التحدي والاستجابة، والتي ما تزال تفعل فعلها في خطاب عربي يمزج بين الميثولوجيا الدينية والسياسة، ولكن بصورة أكثر مأساوية وتراجيدية، فعلى طول المسافة التاريخية الممتدة ما بين نكبة 1948م التي انتهت باحتلال فلسطين إلى النكبة/الكارثة ممثلةً في الحرب العدوانية التي شُنَّتْ على العراق والتي انتهت باحتلال بغداد، والخطاب العربي المعاصر لم يَمَلَّ من دفع مرافعاته النكبوية إلى الواجهة باستمرار، التي تنشد النكبة والكارثة، وما يزال يدعو القدر التاريخي لأن يُنْزِلَ بنا مزيداً من النكبات والكوارث والصدمات علَّنا نستفيق من هول الكارثة ونرد على التحدي، أليس التحدي الخارجي هو المهماز الذي أيقظ وعينا القومي بعد أن تكلست بيضته؟ ويتساءل المتتبع لمسيرة هذا الخطاب عن سر هذه الانفعالية التي تلازم خطابنا المعاصر بكافة صنوفه(القومي والديمقراطي والنهضوي عموماً) والتي تكاد تكون علامته الفارقة؟ عن السر الذي يدفع بهذا الخطاب إلى مزيد من الهروب إلى الأمام كما يرى محمد عابد الجابري في تشخيصه لنقاط قوة وضعف هذا الخطاب؟ إلى تخوم الانفعال السياسي في الوقت الذي يزعم فيه أنه يؤسس لخطاب عقلاني في النهضة والسياسة؟ وإلى تخوم الفكر الميثولوجي الذي لا يرى إمكاناً للقيامة والبعث إلا عبر المرور بدرب الآلام؟ وأخيراً عن البؤس النظري الملازم لهذا الخطاب والذي لم يفارقه أبدا(1)؟.
أسئلة عديدة، وما أكثرها، تفرض نفسها في سياق البؤس النظري والسياسي لهذا الخطاب وهو ينشد النكبة الكارثة، وليس هذا فحسب، بل هو يتمنى المزيد من الكوارث؛ لاعتقاده أن النكبة هي شرط للنهضة المرتقبة، فلا نهضة بدون نكبة، ولا بعث بدون درب الآلام والذي يستعير معظم بواعث التعبير عن نفسه –كما أسلفت– من ميثولوجيا العهد الجديد التي ظلت محايثة للخطاب القوموي العربي، دافعة إياه إلى الظلال الوقائية لنزعة مازوخية بقيت تمارس مزيداً من تعنيف الذات العربية وجلدها، ظناًّ منها أن ذلك طريق الخلاص(2). لا، بل إِنَّ بعض المثقفين العرب وفي سياق الحرب الإمبريالية على العراق، راح يتمنى الهزيمة فمن شأن الهزيمة/الصدمة أن توقظ العرب.
كان من الممكن أن نسهو عن هذا الخطاب، وعن الزخم الإيديولوجي الذي رافقه ممثلاً بـ "الإيديولوجيا الانقلابية"، إلا أن عودته بصورة لا لبس فيها وهو يرتدي معطف الحداثة محيطاً نفسه بكل تقنيات الأسئلة الحداثوية، هو الذي دفعنا إلى قراءة هذا الخطاب الانفعالي الذي تنفع معه كل عدة التحليل النفسي بحق، وذلك بهدف فضح عيوبه وإظهار تناقضاته وذلك على الرغم من تحفظنا المستمر على هواة التحليل النفسي؟.
في سياق هذا الخطاب الانفعالي الذي يقع في المتن من مشروع مساءلة الهزيمة، يمكن تلمس اتجاهين بصورة إجرائية داخل الخطاب العربي المعاصر.
الأول ينشد الكارثة ليحصد النهضة والرد على الهزيمة.
الثاني يسعى إلى تجاوز الخطاب الانفعالي في مساءلته للهزيمة وفي بحثه عن ثقافة مراجعة.
الخطاب الأول يعود في جذوره إلى هزيمة 1948م واحتلال فلسطين، ففي بحثه عن "الفعالية الثورية في النكبة" وصف المفكر القومي نديم البيطار الذي حطَّ به الترحال مؤخراً في كندا، نكبة 1948م بأنها نعمة؛ لأن نزول النكبة بنا يفتح في الواقع كما يرى البيطار دورة تاريخية جديدة أمامنا؛ لأنه يعلن موت الوجود العربي التقليدي، لذلك كانت النكبة من وجهة نظره ذات طبيعة انقلابية كبرى.
إن الموضوع الأساسي الذي يدور من حوله البيطار، هو مأساة الوجود العربي التقليدي الذي أصبح بمثابة حجر عثرة في طريق النهضة، إن لم نقل صخرة كبيرة كما حاول أن يقنعنا البيطار وعبد الله العروي (العرب والفكر التاريخي، 1973م) وياسين الحافظ (الهزيمة والأيديولوجيا المهزومة، 1978م) وإحسان مراش(مدخل إلى تطبيق الماركسية في الواقع العربي، 1975م) وكثيرون، فالتقليد هو داء الأمة الجاثم على صدرها والذي يُنِيخُ بكلكله عليها ولا مزحزح له إلا الكارثة/النكبة، من هنا كان للنكبة طابعٌ ثوريٌّ كما يرى البيطار، ومن هنا فإن على الخطاب الثوروي أن يشغل ذاته بأربعة أشياء يستخلصها من معنى النكبة:
أولاً – أن يكشف عن الطبيعة الثورية التي تنطوي عليها النكبة، وعن مضمونها الانقلابي، فثورية النكبة تعبر عن ذاتها في موقف يفرض شكلاً جديداً على المجتمع الذي يصاب بها، شكلاً كان يستحيل حصوله لولا التحول الثوري الذي تحدثه في الأنفس.
ثانياً – أن يكشف عن معناها بالنسبة للوجود العربي التقليدي، فالنكبة القومية الكبرى ذات مضمون ثوري فعال، وأنها تخضع، من ناحية عامة، لقانون عام يجعلها ذات آثار وتحولات ثورية، فالنكبة التي أصابتنا في فلسطين بَيَّنَتْ أن ردة فعل العرب عليها -على حد تعبير البيطار- ستكون ردة ثورية فعالة متكاملة؟!.
ثالثاً – أن يستدل من الكارثة/النكبة على الاتجاهات أو القوانين الثورية التي تتفرع عنها، كي تفرض ذاتها على الحركة القومية الانقلابية ككل، وعلينا "أن نركع شاكرين القدر التاريخي الذي أتاح لنا أن نعيش في أدق وأهم مرحلة يمر بها العربي، وأن نشارك في عمل من أكبر الأعمال الانقلابية في التاريخ "(3).
رابعاً – أن يدعو –أي الفكر الانقلابي– إلى العمل بوحي تلك الحقائق، من فعل ومن طبيعة ومن قوانين. فالآثار التي تحدثها النكبات في جميع الأمم متشابهة وتصبح بمثابة قوانين.
لم تكن ردة الفعل العربي على النكبة ردة ثورية فعالة ومتكاملة كما يشتهي البيطار، ولم يتم اكتشاف القوانين الثورية للنكبة، كذلك لم ينتج عن سحر الخطاب المحكوم بمفاهيم الثورية والانقلابية أية نتيجة، وجاءت النكبة الجديدة، نكبة حزيران/يونيو 1967م ولم تكن نعمة، لا، بل إنها فاقت جميع النعم التي يمكن استخلاصها منها على حد تعبير المفكر المغربي عبد الله العروي الذي راح يسخر من تهافت الخطاب الثوري العروبوي الذي ينشد الكارثة(4). ومما زاد الطين بلة أن الكارثة لم تدفع إلى اكتشاف القوانين الثورية ولا إلى سحر الثورة المنشود، وتوالت الكوارث والنكبات وبقي جرحنا النرجسي فاغر الفم، وازدادت حيرة الخطاب الإنشائي الثوري الذي حول الهزيمة إلى انسحاب والنكبة إلى درس يمكن استخلاص نتائجه، كذلك الخطاب اللاحق الذي استعان على عجل بالتحليل النفسي، والذي حوّل هزيمة حزيران/يونيو إلى رضة، والرضة تقع بين الصدمة والكارثة كما يقول هذا الخطاب ولا تدفع إلى إيقاظ الوعي، بهذا أنقذ الخطاب العربي نفسه من المأزق في تفسيره لعدم استفادتنا من درس النكبة، وراح يتطلع بدوره إلى كارثة جديدة تفوق بحجمها مجموع ما حصل وتكون بمثابة صدمة تسهم في إيقاظ الأمة النائمة(5).
بعد هزيمة حزيران/يونيو 1982م ودخول القوات الإسرائيلية إلى قلب بيروت، راح لفيف من المثقفين العرب الراديكاليين(الطيب تيزيني وصادق جلال العظم على سبيل المثال) يتحدثون عن مرحلة ما بعد بيروت 1982م، كحدٍّ فاصل بين الثورة والخيانة، بين النكبة والنهضة، فقد آن الآوان وطفح الكيل بما فيه، لَكِنَّ شيئاً من هذا لم يحدث، فقد تاه الأول –أي الطيب التيزيني– في تحليلاته الأرثوذكسية للتراث، وبقي الثاني –أي العظم– أسير انطباعاته الدينية(انظر كتابه في "نقد الفكر الديني، 1969م") والتي لاقت إعجاباً عند المفكرين العرب(عبد الله العروي ومحمد جابر الأنصاري) وأسير حالة الحصار التي دفعته في اتجاه الدفاع عن الماركسية بوصفها سقفاً للتاريخ؟(6). وجاءت حرب الخليج الثانية 1991م ولكنها –وياللمفارقة– لم تكن بمستوى الكارثة التي يتمناها ويدعو لها الخطاب العربي المعاصر.
في بحث مطول وتحت عنوان "نحو تحرير الروح العربي الإسلامية من عقالها" كتبه هاشم صالح ونشرته المجلة العمانية "نزوى" في عددها الثامن أكتوبر 1996م –جمادى الأول 1417 هجرية، عبّر فيها عن أمنيته في حدوث كارثة ولكن كارثة من شأنها أن تدفع إلى انهيار، وهو يشدد على ذلك بقوله: "ينبغي أن يحصل انهيار، وأن يتفجر في وجهنا الزلزال"(7) فمن شأن الانهيار وكما اعتقد البيطار أن يولد مزيداً من الأسئلة، بصورة أدق أن يدفع بالأسئلة المحجوبة في أعماق الواقع والمكبوتة في تلافيفه إلى الواجهة. إن هاشم صالح يدفع إلى الواجهة بنظرية التحدي والاستجابة ولكن بصورة أكثر فجائعية بحيث يمكن القول بأنها التعبير الأكثر حدة عن أيديولوجيا الإحباط التي تستبطن مسيرة الخطاب العربي المعاصر والتي تدفعه إلى النكوص على عقبيه والدعاء على مجتمعه بالويل والثبور، بصورة أدق، تدفعه إلى القيام بإحراق البجعة المحتَضَرة(المجتمع العربي التقليدي) وإعادة بنائه من جديد على غرار الغرب، كما دعانا بعض المفكرين العرب في أواسط عقد السبعينات من القرن المنصرم. فهو لا يتمنى للكارثة أن تكون على مستوى الأمة فحسب، بل يدعو لها أن تطال المفكرين والمثقفين العرب، وهو هنا يقيس على التاريخ الأوربي وعلى تاريخ المفكرين الأوربيين الذي أصبح مبدأ للقياس وليس للاستئناس كما يرى محمد عابد الجابري. فلو لم يكن نيتشه مصاباً بعاهة العمى والمرض لما فجَّر المكبوت من الأسئلة(مساكين هم المثقفون العرب الذين يدعو عليهم هاشم صالح بالعمى والعاهات)؟! وكأن المثقفين العرب لم يدخلوا سجون دولة شرق المتوسط بحسب تعبير عبد الرحمن منيف، وينقصهم المزيد من العاهات التي لم تلحقها بهم الأنظمة السلطوية بعد.
وفي رأيي أن هذه الانفعالية التي تطغى على الخطاب العربي المعاصر وتدفعه إلى تمني الكارثة/النكبة لمجتمعه وأهله - تعبر بحق عن سوداوية وصلت إلى أقصى درجات التطرف عند المثقف العربي، وتظل بمثابة التعبير الحي عن بؤس الثقافة والسياسة معاً، لدى المثقف النخبوي أو الذي ظن حاله كذلك.
في كتابه "العرب ومعركة السلام، 1999م" كتب برهان غليون في شهادته على مرور خمسين عاماً على اغتصاب فلسطين يقول: انتابني شعور بالغم والثورة في الوقت نفسه. شعور بالغم؛ لأنني وأنا أتأمل الوضع الراهن أجد أننا نحن العرب لم نستفد ولو ذرة واحدة من الدرس الذي كان علينا أن نأخذه من نكبتنا في فلسطين عام 1948م. فنحن في الوقت الذي نبكي فيه فلسطين ما قبل 1948م التي ذابت في أيدينا كما يذوب الرمل - نعيش من دون أن يغير هذا في نمط حياتنا ولا في سلوكنا زمن اغتصاب فلسطين ثانية، ونشاهدها تضيع أمام أعيننا وتصادر من بين أيدينا، أعني أراضي الضفة الغربية التي قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تحت مظلة التسوية ومفاوضات السلام، تحويلها إلى أرضٍ مفتوحة وتكريسها للاستيطان اليهودي"(8).
من فلسطين إلى العراق المحتَلّ، بقي الحال على نفسه، ويلتفّ الخطاب العربي المعاصر على نفسه مستعيراً معظم دوافع التعبير عن حاله من أيديولوجيا الهزيمة والإحباط، التي تعشش في أروقته كفطر ذري سام، ففي سياق العدوان الأميركي – البريطاني على العراق، راح المفكر السعودي تركي الحمد يدعو القدر التاريخي أن يُنْزِلَ بالأمة مزيداً من الصدمات، فما نحتاجه هو صدمات وصدمات، علَّها أن تدفع الجثة الهامدة إلى شيء من الحراك.
يندفع الحمد وهو ينظر إلى العدوان الثلاثي الجديد على العراق إلى شيء من المقارنة بين الأمس البعيد واليوم، بصورة أدق، بين الحملة الفرنسية على مصر التي أيقظت الوعي عند العرب بضرورة الحداثة ودفعتهم إلى البحث عن "أقوم المسالك إلى معرفة أحوال الممالك" كما يشهد على ذلك كتاب خير الدين باشا التونسي، وبين الحملة الأميركية الحالية على العراق التي يدرجها الحلفاء تحت راية "الحرية للعراق" التي من شأنها أن تجبر العرب على الانخراط في العولمة مهما كانت السلبيات التي ترافقها "يكتب الحمد: بالمنطق نفسه -ويقصد منطق حملة نابليون على مصر– يمكن القول بأن شعارات الحملة الأميركية في واشنطن، وقد تكون من ضمن الأهداف فعلاً، ولكن لأنها تخدم مصلحة معينة وليس للقيمة الذاتية للمبدأ نفسه. ولكن في النهاية ستبقى المبادئ ومضامينها، وليس من الضروري أن يستمر الوجود الأميركي. ففي أحيان كثيرة، يكون الوضع في هذا البلد أو ذاك، في هذا المجتمع أو ذاك من السكون والجمود وثبات الحال إلى درجة فقدان الحيوية والحياة، بحيث لابد من صدمة كهربائية قوية من خارجه، أي خارج المجتمع العربي، كي تعيد له الحياة والفاعلية الذاتية. هذا ما حدث في بروسيا بعد الحملة النابليونية حين أدت إلى بعث الروح في الحياة الألمانية، فازدهر الفكر والأدب والفن، وتوحدت الولايات الألمانية بعد ذلك في دولة واحدة استطاعت أن تجد لها موطئاً بين الأمم، ومكاناً تحت الشمس في كل المجالات. وهذا ما حدث في اليابان بعد أن كادت الحداثة اليابانية أن تضيع في مغامرات العسكر وبحثهم عن المجد في مغامرات عسكرية غير مجدية. وهذا ما حدث للصين حين أعاد الاستعمار البريطاني -من حيث لا يشعر ولا يريد بطبيعة الحال- الروح إلى مجتمع نَخَرَ فيه الفساد، وكان يهوي كما يتهاوى ضرس نخره السوس حتى الجذور. وهذا ما حدث لمصر والمشرق العربي حين غزاهما نابليون، فأعاد العرب إلى الوعي بالعصر الذي يعيشون فيه، ولكنهم نكصوا على أعقابهم بعد ذلك، فكان لابد من صدمات وصدمات، إذ لعل وعسى، فمكر التاريخ لا يعرف الاستسلام"(9) وينهي الحمد حديثه بالقول: الحملة الأميركية الحالية على العراق، بكل ما يمكن أن يكون لها من سلبيات قريبة أو بعيدة على المنطقة، قد تجبر العرب على الانخراط في العولمة، ومن ثم العصر، وبالتالي الحداثة، بكل أبعادها، ومن ثم المشاركة في بناء عالم كانوا يشعرون أنهم لا ينتمون إليه ولا ينتمي إليهم، وهنا تكمن المعضلة الحضارية العربية"(10).
لماذا لم نستفد من دروس النكبة؟
في وقت لاحق أدرك جورج طرابيشي أن شجرة التحليل النفسي التي تفيأ طويلاً بظلالها، وأكل حتى التخمة من ثمارها - قد صارت هي نفسها عجفاء، وفي هذا السياق راح طرابيشي يتساءل بقوله: "لا أدري السبب في ذلك؟.. أهو مغالاتي في الأكل من ثمارها؟ أم أنها هي نفسها تتوقف عن العطاء عندما يؤخذ منها، أو تقطف ثمارها بكميات أكبر مما ينبغي"(11)، ولكنه قبل ذلك حاول التصدي لما سمَّاها بـ "حالة العصاب الجماعي للمثقفين العرب" وفي هذا السياق، راح طرابيشي يعقد مقارنة بين الحملة الفرنسية على مصر، التي كانت بمثابة الصدمة للعرب، والصدمة على صعيد التحليل النفسي تؤدي إلى اليقظة وتستدعي الشعور ومن ثم إلى الأخذ بالحداثة وأسبابها وهذا ما حصل في بحثهم كما أسلفت – عن أقوم المسالك لمعرفة أحوال الممالك، أما نكسة وهزيمة حزيران/يونيو 1967م فلم تكن بمستوى الصدمة، بل كانت -كما يرى طرابيشي- على مستوى الرضة، والرضة كما يقول لا تؤدي إلى اليقظة لأنها تستدعي اللاشعور، ولغة اللاشعور هي الشتيمة والانفعال والنكوص إلى الخلف، وقد يفسر هذا حالة العصاب الجماعي لدى المثقفين العرب الذين ينشدون القدر التاريخي أن ينزل بنا مزيداً من النكبات والصدمات علّها تدفع بـ "أهل الكهف" إلى الخروج من ليلهم الطويل(12).
في كتابه "المشروع النهضوي العربي" راح محمد عابد الجابري يتساءل عن سر "الفقر المدقع في التفكير السياسي" عند المثقفين العرب، وعن تلك الكومة الكثيفة من الضباب التي تلف الخطاب العربي المعاصر، والتي تدفعه كما بينا إلى الركوع إلى القدر التاريخي الذي أنزل بنا كل هذه المصائب. والجابري نفسه يروي لنا تحت عنوان "شك منهجي …وخاطر شيطاني..حر" كيف كان أسير تلك الكومة الكثيفة من الضباب التي تستقي كل وسائل التعبير عن نفسها من أيديولوجيا الهزيمة في حديثها عن مستقبل العرب، والتي تدفع إلى تنحية الإرادة واستقالة العقل. يقول الجابري: "قفزت إلى ذهني –وهو يبحث في أحوال العرب– حقيقة لا يتطرق إليها الشك، حقيقة تفرض نفسها فرضاً لكونها من نواميس الحياة. هذه الحقيقة هي أنه خلال العشرين سنة القادمة قد تجد أمور أو يحدث تغيير في أنظمة الحكم يعقبه تجديد من غير شك على مختلف الصعد. ويضيف الجابري بقوله: "تنفست الصعداء عند هذا الخاطر الشيطاني، وكدت أبتسم فرحاً لولا أن هاتفاً هتف في أذني قائلاً: إن لجوءك إلى "العامل الطبيعي" في الاستشراف يعني "انتهاء السياسة" يعني إقصاء الإرادة الإنسانية، إرادة التغيير"(13). والنتيجة التي يقودنا إليها الجابري هو أن علينا أن نتخلص من الإحباط، ومن أدبيات "السقوط" التي سادت بعد هزيمة حزيران/يونيو 1967م والتي غطَّت على ما عداها، والأبعد من ذلك هو أن نتخلص من فيض الأسئلة الزائفة وما أكثرها في مجال نقد الذهنيات كما كان يقول عبد الله العروي.
وإذا كان الجابري، يعزي فقرنا النظري المدقع إلى أيديولوجيا الإحباط التي تكتنف مساءلتنا للهزيمة(14)، فإن برهان غليون يذهب في اتجاه آخر، ففي جوابه على التساؤل: لماذا لم نستفد من دروس النكبة، رأى غليون أنه على مدى خمسين عاماً لم تكن النخبة مشغولة بالاستفادة من دروس النكبة، بل كان همها وكل همها هو الحفاظ على امتيازاتها السلطوية، وهو ما يفسر سلوك العرب في خطب ود إسرائيل، وما يفسر طور الترهل الذي يوجد بين نخب الخمسينات ونخب التسعينات التي يجعلها كالخرق البالية على حد تعبيره، وما يفسر أيضاً ذلك الخوف الذي يوحد بين نخب الأمس وبين نخب اليوم، الخوف من كل تغيير حتى لو كان على صعيد الحلم أو الهمس بالتغيير وبخاصة في بلدان المواجهة مع إسرائيل والذي يفسر عادة على أنه مؤامرة صهيونية خارجية للإطاحة بالنظام. والنتيجة التي يخلص إليها غليون أن الجواب على التساؤل الجوهري: لماذا لم نستفد من دروس النكبة، يراه كامناً في أسبقية الحرب الداخلية على المواجهة الخارجية، وهذا ما يفسر سلوك العرب على مدى خمسين عاماً، الذين يظهرون مزيداً من البأس في الداخل لحماية النظام والاستقرار، ومزيداً من الخنوع والانصياع في الخارج لشراء سكوت اسرائيل والدول الأجنبية، و هنا تكمن المأساة؟(15).
مساءلة الهزيمة: هل من سبيل إلى ثقافة مراجعة تضع حدا للتراجع؟
كان محمد عابد الجابري، وفي وقت يعود إلى مطلع عقد الثمانينات من القرن المنصرم، قد حكم على الخطاب القومي العربي المعاصر بأنه خطاب فاشل، والفشل من وجهة نظره لا يعني فساد المضمون أو الأهداف أو التطلعات التي يبشر بها ذلك الخطاب، بل يعني عدم قدرة العقل المنتج لذلك الخطاب على أن يجعل منه بناءً نظرياًّ متماسكاً يفسر الواقع ويقدم الإمكانات النظرية - المطابقة لتغييره. لم يكتف الجابري بذلك فمع بداية عقد التسعينات من القرن المنصرم، راح يعلن فوات الخطاب القومي وتكلسه، فقد تكلست بيضة الفكر القومي العربي ولم تعد حاضنته القومية، أي المشرق العربي، بقادرة على التفريخ من جديد.
بهذا كان الجابري يعلن عن الحاجة إلى خطاب قومي جديد، وإلى فكر قومي جديد، وأهم من ذلك كله، إلى ثقافة مراجعة جديدة من شأنها أن تضع حداًّ للتراجع والانهيار الكبير الذي آل إليه الواقع العربي المعاصر والذي يَنُوسُ بين إحتلالين، بين احتلال فلسطين، واحتلال بغداد مع مطلع الألفية الجديدة. ومع توالي النكبات والهزائم كانت الحاجة تتنامى إلى مساءلة الهزيمة وفضح أيديولوجيتها التي تتغلغل في ثقافتنا المعاصرة كفطر ذري سام.
في هذا السياق الذي يبني آمالاً على ثقافة المراجعة، يأتينا كتابان، الأول للمفكر البحريني محمد جابر الأنصاري بعنوان "مساءلة الهزيمة، 2001م" والثاني للمفكر المغربي عبد الإله بلقزيز تحت عنوان "من العروبة إلى العروبة، 2003م" الكتاب الأول صادر مع بداية الألفية الجديدة ويحمل عنواناً فرعياًّ دالاًّ "ثقافة المراجعة بوجه التراجع"، أما الكتاب الثاني فقد صدر في سياق الهزيمة الجديدة التي انتهت باحتلال بغداد، ويحمل عنواناً دالاًّ هو الآخر "أفكار في المراجعة". ما يجمع الاثنين -كما أسلفت- هو هذا الميل إلى إذكاء ثقافة مراجعة في وجه أيديولوجيا الهزيمة والإحباط التي قادت إلى القول بـ "نهاية العروبة" كما صرح فؤاد عجمي في وقت مبكر، وبـ "وداع العروبة" كما يشهد على ذلك كتاب حازم صاغية الصادر مع نهاية الألفية المنصرمة(16). ومن ثم التمهيد إلى الخروج من حالة الحصار التي يعيشها الفكر العربي الذي يمكن وسمه بأنه "فكر تحت الحصار" كما يرى الأنصاري. والتي تفرض عليه حالة من الانكفاء والتراجع في الوقت الذي يتغير فيه العالم نحو الأفضل(17).
مع الأنصاري، نجد أنفسنا مدفوعين إلى القول المأثور: "ما أشبه الليلة بالبارحة"، وها هو ذا التاريخ يعيد نفسه، فالمشهد الحالي للأمة المحاصرة ليس بالجديد كما يقول، ففي الأمس كما اليوم، يطبق حصار الخارج وحصار الداخل على الأمة، فقبل قرون تقابلت وتكاملت فوق صدر الأمة القوى الغربية والمغولية من ناحية والقوى المعادية للعقل والإبداع والحرية من ناحية أخرى. وها هو ذا التاريخ يعيد نفسه، حيث تتقابل القوى الإمبريالية من جهة، ومن جهة ثانية يجثم الاستبداد والديكتاتورية والاستشراء الأصولي، ليحاصر الأمة ويضعها بين فكي كماشة، بل ليطبق عليها تاركاً لها القليل من الهواء. ومن وجهة نظر الأنصاري أن حصار الداخل والخارج وتوالي الهزائم بدءاً من أم الهزائم ويقصد بذلك نكسة حزيران/ يونيو 1967م وصولاً إلى هزائمنا المتوالية والتي انتهت باحتلال بغداد(كان الكتاب قد صدر قبل احتلال بغداد) أدخل الأمة إلى مصح عقلي نتيجة حالة الهذيان التي أصابتها والتي دفعتها إلى الركض بين خيارين أحلاهما مر. الهروب من استبداد الخارج والاحتماء بالاستبداد الداخلي متناسية أن الاستبداد في الحالتين كفر(18). وفي هذا السياق يشبه الأنصاري حالة الأمة بـ"العصفورية" مستشهداً هنا برواية "العصفورية" للقصيبي، التي يعتبرها "منفيستو" ثقافة المراجعة العربية بين صدمة هزيمة 1967م ومستجدات نهاية القرن، بكل ما اعتراها من نقد ذاتي، وتعمقً و"جنون" ورغبة في "التعري" الفكري والسياسي والسيكولوجي إلى أبعد الأعماق(19).
وقد يتساءل المتابع للأنصاري: ألا يمكن للأمة أن تخرج من حالة الحصار؟ ويجيب الأنصاري: نعم، إن جميع أنواع الحصار قابلة للكسر والاختراق، إلا حصار العقل لذاته، فذاك حبل المشنقة يعلقه لنفسه. وما لم يحطم القفص ويقطع الحبل فإنه ينتحر، ويحكم على نفسه بالنهاية(20).
لا يكتفي الأنصاري بتوصيف حالة الحصار العربية التي قيل فيها الكثير، من هنا دعوته إلى تحرير العقل العربي من كل الأوثان التي تمنع حركته، فهذا شرط الشروط الذي من شأنه أن يبشر بولادة ثقافة عربية جديدة من شأنها أن تتجاوز حالة الحصار وتبشر بمستقبل جديد للعرب، ومن هنا أهمية ثقافة المراجعة التي من شأنها كذلك أن تحد من التراجع الذي يسم الحياة الثقافية والسياسية والاجتماعية العربية.
من وجهة نظر الباحث المغربي بلقزيز أن المطلوب الآن، وفيما يخص الخطاب القومي العربي هو زيادة جرعة النقد إلى حدود قد لا يقبلها أكثر القوميين العرب انفتاحاً. وذلك بهدف إعطاء ثقافة المراجعة المطلوبة مكانتها المستحقة للرد على الهزيمة التي دفعت بالكثير من المثقفين العرب إلى الهجرة من العروبة إلى نقيضها، بالتشكيك بها والقول بنهايتها، مع أن المطلوب هو تثوير ثقافة المراجعة وذلك بهدف الهجرة من العروبة إلى العروبة كما يقول عنوان الكتاب. وفي سياق الهجرة من العروبة إلى العروبة يتساءل بلقزيز عن سر ذلك التلازم بين العروبة كحركة سياسية والاستبداد الذي رافقها كظلها، والذي دفع باستمرار كما تثبت التجربة القومية والواقع التاريخي العربي لأن يكون المشروع السياسي العربي أقل طموحاً وبكثير من المشروع القومي. فمن الناصرية كظاهرة إلى معظم البلدان العربية المشرقية التي يحكمها المشروع القومي، تلازمت الشمولية والاستبداد مع المشروع القومي وكاد أن يكون علامته الفارقة، وسادت حالة من الاستتباع السياسي التي جعلت من المشروع القومي العربي مسخاً وتابعاً لنظام الحكم الشمولي والاستبدادي السائد في تلك البلدان وعلى مدى عقود عدة، وبالضبط، حتى احتلال بغداد من قبل قوى التحالف الإمبريالي. إن مواجهة التحديات تتطلب تجديد الذات، وتجديد الذات يمر عبر الاعتراف بتكلس الفكر القومي العربي كما كان يرى الجابري وبفشل وإخفاق المشروع السياسي القومي حصراً كما يقول بلقزيز، والذي يعزي هذا الإخفاق(هو لا يستخدم كلمة فشل التي يستعملها الجابري) إلى عوامل ثلاثة: أولها داخلية(هو يركز على العامل الداخلي أكثر من الخارجي) عجز المشروع القومي العربي عن استيعاب احتياجات الواقع العربي، وثانيها عجزه عن تجديد أدواته ومفاهيمه بما يتناسب والتغيير الذي طرأ على صورة الواقع الفوضوي. وثالثها أنه لم يُعِدْ بناء تصوراته على قاعدة نقد النماذج القومية المبدئية التي تجاهلت الديمقراطية والمرجعية العقلية. وهو يعزي ذلك إلى حالة الاستتباع السياسي التي سادت في العقود المنصرمة ولم ينصرم ليلها الطويل بعد.
بدون نقد الذات والوصول إلى تخوم لم يصلها النقد السابق، لن نستطيع التأسيس لثقافة مراجعة تحد من التراجع القومي الذي انتهى بإنكار العروبة والمطالبة بدفنها، ولن يكون للتساؤل الأساسي: أي مستقبل للحركة القومية العربية في إطار تحولات النظام العالمي الراهن؟ أي معنى. ولن تكون الهجرة من العروبة إلى العروبة إلا تكراراً لشعارات عفا عليها الزمن، وبقيت عاجزة عن التحول إلى أيديولوجيا علمية بهدف تفسير الواقع كما كان يرى الجابري.
إن ما يطمح إليه بلقزيز من وراء ثقافة المراجعة هو تكوين ثقافة سياسية جديدة، وإستراتيجية عمل بديلة ونخب جديدة(21) والأهم هو إعادة الاعتبار إلى المضمون الثوري للفكر الذي ابتذلته تجربة الممارسة (الحزبية والسلطوية) في الأربعين عاماً الأخيرة التي كانت شاهداً على حالة التلازم بين الشمولية والأنظمة القومية الحاكمة. وفي رأيي أن ثقافة المراجعة يجب أن تطال ما استثناه بلقزيز وما سماه بـ "المضمون الثوري" للفكرة القومية، والذي يراد له تزكية المثال على حساب التاريخ، بصورة أدق، تنقية العقيدة القومية من عوارض التاريخ التي لحقتها وأهمها عارض الاستبداد. وهذه من وجهة نظرنا نزعة سلفية وأصولية تطبع الخطاب العربي المعاصر، بكافة صنوفه(القومي والماركسي والديني)، ومعظم ثقافة المراجعة التي تزكي النص على حساب التاريخ، مع أن المطلوب هو الحكم على النص من خلال التاريخ، ومن ثم التمهيد لإعادة اعتبار تنهض على أسس سليمة كثيرًا ما يجري تجاهلها من قبل خطابنا الأصولي بكافة صنوفه. وبخاصة في هذا الزمن الذي يكثر فيه الرهان على الديمقراطية وحقوق الإنسان التي طالما داست عليها الأنظمة الشمولية التي ولدت في حضن الفكرة القومية ذاتها.
يعترف محمد عابد الجابري في كتابه "المشروع النهضوي العربي" وكما مر معنا أنه وفي كل مرة يتساءل فيه عن المستقبل العربي وعن إمكانية النهضة، يجد نفسه أمام تلك الحالة النكوصية -لنقل معه أمام كومة من الضباب- تدفعه إلى النكوص على عقبيه والدعاء على من يقف في وجه المستقبل بالموت والزوال. لكنه سرعان ما يستدرك بأن ذلك من شأنه أن ينحي فعل الإرادة الذي لا يمكن له أن يقوم إلا بمساءلة حقيقية للهزيمة، مساءلة تنهض كما يرى الأنصاري على قاعدة من ثقافة المراجعة، فمن شأن ثقافة المراجعة أن توقف التراجع وأن تنحي جانبا ما يسميها خلدون حسن النقيب ثقافة التخلف وثقافة الذل وذلك تمييزا لها عن تخلف الثقافة الذي يمكن استدراكه، أما ثقافة التخلف التي تؤبد التخلف وتمجد الطاعة فيجب أن تتوجه إليها الأسئلة وكل الحفريات القديمة منها التي لا تزال ناجعة في قراءتها لظاهرة التخلف والجديدة التي من شأنها أن تجعل من مساءلة الهزيمة رؤية معرفية تنحي جانبا الرؤية الأيديولوجية التي ما زالت تعشش بين ظهرانينا وتدفع في إطار مساءلتنا للهزيمة إلى مزيد من الهروب إلى الأمام أو إلى طرح أسئلة ذات طابع انفعالي كالذي يطرحه خلدون النقيب: هل يُحْسِنُ العرب التفكير؟ مع أن السؤال الأهم: لماذا فقد العرب حيويتهم الثقافية(22)؟ ألم يقل الجابري في تشخيصه لعيوب الخطاب العربي المعاصر، إن هذه هي شيمة الخطاب العربي في العقود التي أعقبت النكبات؟.
************************
الهوامش والمراجع:
*) باحث وأكاديمي من سورية.
[1] - محمد عابد الجابري، الخطاب العربي المعاصر، بيروت، دار الطليعة، 1985م ص19.
2 - حازم صاغية، قوميو المشرق العربي، بيروت، دار الريس، 2000م، ص101.
3 – نديم البيطار، الفعالية الثورية في النكبة، بيروت، دار الاتحاد، 1965م، ص61.
4 – عبد الله العروي، مفهوم الإيديولوجيا، الأدلوجة، بيروت، المركز الثقافي العربي، 1980م، ص115-126.
5 – جورج طرابيشي، المثقفون العرب والتراث: التحليل النفسي لعصاب جماعي، بيروت، دار الريس، 1991م.
6 – تركـي علي الربيـعو، أزمة الخطاب العربي التقدمي، بيروت، دار المنتخب العربي، 1995م وقد ناقشنا بالتفصيل أزمة الخطاب الماركسي العربي.
7 – هاشم صالح، نحو تحرير الروح العربية الإسلامية من عقالها، مجلة نزوى، العدد الثامن، جمادى الأولى 1417هجرية، أكتوبر1996م.
8 – برهان غليون، العرب ومعركة السلام، بيروت، المركز الثقافي العربي، 1999م ص250.
9 – تركـي الحمد، و"عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم"، الشرق الأوسط 23/3/2003م.
10 – تركـي الحمد، المصدر نفسه. وهذا ما يثير الاستغراب.
11 – جورج طرابيشي، مقابلة معه أجرتها سوسن الدويك، مجلة المحيط الثقافي، العدد /14/ ديسمبر 2002م، ص30-40.
12 – جورج طرابيشي، المثقفون العرب والتراث، ص9.
13 – تركـي علي الربيـعو، المحاكمة والإرهاب: عقليـة التخوين في الخطاب العربي المعاصر، بيروت، دار الريس، 2001م ص51-67.
14 - محمد عابد الجابري، المشروع النهضوي العربي: مراجعة نقدية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1996م ص159-163.
15 – برهان غليون، المصدر السابق، ص252.
16 – حازم صاغية، وداع العروبة، بيروت، دار الساقي، 1999م.
17 - محمد جابرالأنصاري، مساءلة الهزيمة، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2001م ص12 ويمكن القول بأن جهودا كبيرة يبذلها الأنصاري في مراجعاته للعقل السياسي العربي ومفهوم الدولة والديمقراطية وذلك في كل ما يكتب.
18 - المصدر نفسه، ص14.
19 - المصدر نفسه، ص131.
20 - المصدر نفسه، ص17.
21 - عبد الإله بلقزيز، من العروبة إلى العروبة:أفكار في المراجعة، بيروت، العالمية للكتاب، 2003م.
22 - خلدون حسن النقيب، آراء في فقه التخلف , بيروت، دار الساقي، 2003م