يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا
الآية 13 من سورة الحجرات
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾
خطاب موجَّه إلى الناس، فيه إشارة إلى خبر وحقيقة قد يسهو ويغفل عنها الكثير، وفيه تذكير للناس بها، ودعوة إلى النظر إليها.
الحق سبحانه يخبر الناس ويذكرهم أنهم خلقوا من ذكر وأنثى، وجعلوا شعوبًا وقبائل ليتعارفوا.
حقيقة لو تأمَّلها كلُّ سامع لهذا الخبر ما كان له إلا أن يقرَّها؛ لأنها جلية ظاهرة معاينة.
فلكل فرد من الناس والد ووالدة، والناس شعوب وقبائل، إذًا دعوة إلى الناس إلى تأمل هذه الحقيقة وتذكُّرها، والسعي إلى النظر إليها، وبلوغ مقاصدها.
من ذلك أرى: أن نظر الناس وانتباههم إلى تلك الحقيقة يؤسِّس لما يجب أن تكون عليه العلاقة بينهم.
حيث إن لحظة التعارف بين الناس بما فيها من طلب للتعرُّف، بمعنى التقرب إلى بعضهم البعض، وطلب التعارف يسعى الناس إلى معرفة أصول بعضهم البعض وأنسابهم وشعوبهم وقبائلهم، ولكن قبل لحظة التساؤل والتعارف تلك كيف نظر الناس إلى بعضهم البعض؟ كيف عرف الناس بعضهم البعض؟
إذًا هي نظرة إنسان إلى إنسان، وهي في الحقيقة أصل وبداية فعل التعارف والمعرفة بينهم، نظرة لا يمكن تغطيتها أو تكذيبها أو تغييرها؛ إذ هي نظرة مخلوق إلى مخلوق، ونظرة مخلوقٍ من ذكر وأنثى إلى مخلوق من ذكر وأنثى.
نظرة تؤسِّس لحقيقة علاقة الإنسان بأخيه الإنسان، نظرة تؤطر أسس عَلاقة الناس بعضهم ببعض، علاقة لا تتناسى ولا تتجاهل، ولا تخفي أن الإنسان أخٌ لأخيه الإنسان، مشتركان في نظام خلقهما وفي إنسانيَّتهما، وعيًا بسنة وحقيقة الانتساب، والانتماء إلى شعب وقبيلة، وإيمانًا بأن رفعة شأن إنسان على إنسان، وكمال إنسان على إنسان - لا يكون إلا بأن يكون أكرمهم عند الله، برفعة درجة تقواه، من عمل صالح وخلق حسن؛ اتباعًا للمنهج السليم الذي فطر عليه الناس.
المصدر: https://www.alukah.net/sharia/0/108402/#ixzz5dvtbq200