طواحِينُ الأوهام: حين تَضْرِبُ رأسَك بجدار العالم
سامي عبد العال
في غياب النقدِ الجذريّ، يتلاعب الوهمُ بالفكر كما تتلاعب الرياح بأشرعة السُفن. ويتسلل إلى فضاء العقل من باب خلفيّ نتيجة الإيمان الساذج بلا رويّةٍ. لذلك يتطلّب الوعيُ قدرةً يقظةً على التساؤل وغربلة المعتقدات. أقرب الأمثلة إلى ذلك: أوهام الأيديولوجيات الدينية (كما لدى الإخوان والسفليين) التي تنتج الآراء كمسلَّماتٍ تضفي قداسةً على الأشياء مجاناً. حتى أنّها أسهمت في شيوع العنف نتيجة الطاعة العمياء لأمراء التنظيمات الإرهابية وانتشار التكفير وفتاوى استباحة الآخر.
من الأهمية بمكان في إطارٍ كهذا: أنَّ نناقش بـ”أدوات فلسفيةٍ” أبرز تصوّرات الإسلام السياسيّ ارتباطاً بالوهم. وهي مقولة “أستاذية العالم” التي وردت كثيراً في أدبيّات الإخوان المسلمين وتمَّ تداولها بأشكال متباينة داخل عبارات اليقين الكلّيّ والحقيقة المطلقة وهيمنة الاسلام على الديانات الأخرى. وبالتالي فهي مقولة خرجت دون عودة حيث الارتباط بالفكر المتطرف. تحديداً سأضع المقولة تحت التساؤل في محاولة لتفكيك معناها وجدواها وكشف الغاية من الخطاب الذي يبرّرها.
مقولة “أستاذية العالم” بأثرها السياسيّ تنتمي إلى سلّة الأخيلة الحركية التي تضبط ساعة هذا التنظيم أو ذاك نحو تعميم العنف. ولا يفوتها الانغماس في تاريخ السرد الدينيّ الذي يغطّي على تشوّه الوعي بصورة العالم وتحوّلاته. ونحن ندرك أنّ السرد كخيال حكائيّ ينتج حياة كاملة يعيش فيها أصحاب الأيديولوجيا بديلاً عن الواقع، فهو يلقي بوجوده على الماضي والحاضر والمستقبل. ولا تكتسب هذه العناصر أهميتها إلا بالنسبة إليه.
الشعار والصراع
بناءً على الخلفية الشائكة بين الدين والسياسة تندرج “أستاذية العالم” كشعار أطلقه حسن البنّا المؤسس الأول للإخوان المسلمين، وقَصَدَ به هدفاً مرصوداً لا مجازاً هو: أنْ يصل الإخوان إلى مرتبة أنْ يكونوا جيلاً استثنائياً يعلِّم البشرية من أقاصي الأرض إلى أدناها. أي: إنَّهم سيكونون أساتذة حضارة لا يعرفون معناها ويعيشون ثقافة لا يعاصرون تطوّرها الراهن. وهنا تبلغ شأفةَ الطموح الخياليّ درجة اعتبار العالم موضوعاً لأستاذية هو، أي حسن البنّا، لبنتها الأولى، ثم جماعة الإخوان كغلافٍ رئيس، ثم الخلافة الراشدة كغلافٍ حصين لا يُخترق.
الوضع كالتالي: المؤسس الأول “حسن البنّا” وتباعاً المرشدون، الأجيال المتتالية “رجال التنظيم ورموزه”، جسد الجماعة “المؤمنون العضويون” هيكل التنظيم أي الفروع والخلايا والأسر، تمهيداً للدولة الإسلامية الكبرى التي تفتح قوس الإسلام إلى مداه. وبالتالي فالأستاذية خريطة تنظيمية رمزية تمارس دور الهداية والإرشاد والتوجيه والقيادة والتخطيط بالنسبة للعالم كله. يوجه البنا بوصلة أتباعه: إنَّ غايتكم أوسع، إنَّكم تريدون من هذا الشعب أمة نموذجيةً لتنسج على منوالها الأمم الشرقية جميعاً، وتريدون من هذه الأمم وحدة إسلامية تأخذ بيد الإنسانية جميعاً إلى تعاليم الإسلام[1].
تعرية المقولة السابقة تُوضّح انطواءها على الكراهية إزاء العالم لا مجرّد نمط من التعليم والقيادة والمثال المرن. هي تعدُّ جيناً وراثياً يحمل كلَّ أخطاء التيار الإسلامي وانحرافاته في اختصاره للحياة والحقائق والتاريخ عبر شخصه الاعتباريّ. قصداً تشير المقولة إلى بارادايم يوتوبي paradigm utopian[2] يختزل العالم في صورة نمطية تساوي ما يعترف به الإخوان فقط تجاه الأغيار، وكأنَّ كلَّ أجناس البشرية وتنوّعها المذهل من صنفٍ آخر يجب ملاحقته وتهذيبه وهدايته.
وهو اعتراف ضمني بكون العالم يغطّ غطيطاً في جاهلية حاضرة على حدّ تعبير محمد قطب “جاهلية القرن العشرين”[3]. والاختزال صورةٌ من العنف المبطّن بالنظر إلى سواهم بوصفهم تلاميذ، إذن العالم مجرد جغرافيا تعليمية ممنوحة مجاناً لأعضاء التنظيم. وعليه أنْ يمتثل امتثال خضوع وطاعة – دون أسبابٍ – إلى خلافة الجماعة المتعاقبة.
الامتلاء المزَّيف
الوهمُ لدى التنظيمات الإسلامية أحدُ إفرازات المقدّس في الفضاء العام، إذ يُشكِّل استعماله المتضَّخِم وَقُوداً سريَّاً ضمن ما تَعْتقِد وتُمارس. عندئذ لا تتغذى على أثره العقول فقط، بل رؤى العالم والاجتماع والتاريخ. الأوهام تحديداً كالخميرة المختلطة بحواشي اللغة والفهم والتلقِي رشْحاً في متون العبارات المتداولة. وقياساً على مصفوفة فرنسيس بيكون[4]، فالوهم الذي نحن بصدده ينضم إلى أوهام المسرحtheatre of the idols المعْنيَّة برسم صورتي العالم والحياة بحسب الأهواء واليقين الفارغ من محتواه. وإنْ لم تكن هناك مبالغةُ، فلربما الأمر أبعد من ذلك، إنَّه يكشف: كيف يمارس ” العضو الحركي ” حياته داخل التنظيم الديني؟ وبأية أشياءٍ سيُؤمن؟ وماذا ستكون صورةُ المستقبل لديه؟ وما مصير العالم؟!
لأنَّ ما يُقام على سرديات جماعيةٍ أساسها غير عقلاني (السرديات الكبرى بلغة فرانسوا ليوتار)، سيفرز مزيداً من الدفع باتجاه الامتلاء المزيّف. وبعض الأوهام لا تكتفي بوجودها الطلق، أنما تكمل المشهد بصورٍ من لونها. فالجزاء الرمزي من جنس العمل إذا كان مرتبطاً بمرجعية رمزيةٍ كالدين حين يُستعمل في غير موضعه. وكذلك دلالة الشعارات من جنس التضخم المفترض حين ينفخ في منطوقها، وعندما ينجر وراءها الأتباعُ والمناصرون بلا طائل. حيث يسبب الوهم تشوُّهاً حسيَّاً نتيجة الإيمان المبالغ فيه بأفكار ليست كما هي على وجه الحقيقة.
بالتقريب يعطي الوهمُ illusionالأشياء المُعْبَر عنها فائضاً من القوة غير المباشرة، وهي إضافةٌ خياليةٌ فوق الحاجة إلى حدِّ الخداع. إنَّ أوصافاً لاهوتية تستعملها الحركات السابقة مشبعةٌ بهذه السمة، بدءاً من تصوراتها الكونية العامة ورؤاها للعالم وانتهاءً بأسماء جماعة أو أخرى: النُصرة، جماعة الجهاد، أنصار الشريعة، الجماعة الإسلامية المقاتلة، السلفية، السلفية الجهادية، التكفير والهجرة[5].
كذلك الوهم يعلق العبارات اللاهوتية المسيَّسة (الأسماء – المقولات – الشعارات – الخطابات) في هواء دون عنايةٍ بالسياق ولا بقُواه الفاعلة. فإذا كانت العبارات تُعين هدفاً كما ترى، فإنَّها تُضمر كماً من الالتواء الساذج. بحيث تناطح وجوداً موهُوماً، سواء أكان مُقزَّماً أم فعلياً يغفل الإسلاميون حجمه. وعليه ستأتي ممارسات هؤلاء المتطرّفين مجافية للإنسانية، كما أنَّها عنيفة بقدر امتلائها بالفراغ في تكوينها الحي…وقد تنتهي إلى تعامل أبلَه مع القوى العالمية التي تحرّكها!!
توضيحاً لهذا، يُطلِّق أقطابُ الإسلام السياسي على أمريكا وصف “الشيطان الأكبر”، بينما هم يدركون (أو لا يدركون) أنَّ الدولة المذكورة تستخدمهم كالقفاز لأجل أغراضها في المنطقة العربية الإسلامية. وأنَّ أمريكا تخترق الحركات السابقة، وترسم لها (محطات) هي من صميم الوضع التنظيمي لأية جماعةٍ. وتكشف العبارة الواصفة فشل تقديرٍ بعيد التأثير، لأنَّ الحركات الإسلامية بعتادها الجسدي العاري (الأحزمة الناسفة – القتال بالجسد – هياكل التنظيم – الخطابات الدموية الغرائزية) تعادي إمبراطورية عسكرية عابرة للحدود. وباستطاعة الأخيرة التلَّهي بصراعاتها كالألعاب الالكترونية. وفي أقلّ الأحوال مثلها مثل القرود ترقصُ رقصات البهلوان أمام وحش عولمي مفترس اسمه امريكا!!
تفكيك المقولة
ثمة تناقضات تغمر المعاني التي تُصدِّرها فكرة “أستاذية العالم”، فلا تستطيع إخفاء مضمونها اللاهوتي. مضمون يتوكأ على أبعاد غير إنسانية تدهس من يقف في طريقها. وتتحين الفرصة للقفز فوق أكتاف المخالفين لتوجهاتها. في أغلب الأحيان هي ضد أي سياق جديد، فالكهانة البدائية لا نهاية لها ولو في أهاب إسلامي يرفضه الاسلام ذاته.
أولاً: تترك المقولةُ نبرة أسطوريةً ذات طابع كلّيّ. فلا توجد دلالة محددة لصيغة (أستاذية العالم) ترتبط بالواقع. ولئن احتاج الفهم سياقاً نصياً يجعل الكلام واضحاً، فالغموض آتٍ من كون اللغة – بهذا الطرح – سحرية لا تختلف عن لغة القبائل البدائية في مخاطبة الكائنات والنجوم والآلهة. بل يصعب تصنيف الكلام في حيز اللغة المعروفة. فهل المقولة عبارة أم جملة أم كلمتان منفردتان وتجتمعان وظيفياً. ثم عندما نريد توضيحاً ينبغي ربطهما حتى يتسق الوضع.
ومن تلك الزاوية تعد المقولات الإسلامية الحركية تكتيكاً استعارياً Metaphorical technics يفرِّغ مضمونه العنيف في خريطة المآرب المبتغاة. وإذا كان الخطاب المبرر لها غير قابل للتصنيف، فلأنَّه مسيَّس بمجمله. إنَّه من فصيلة شعارات: الإسلام هو الحل، لا شرقية ولا غربية… إسلامية.. إسلامية، القرآن دستورنا، العالم الكافر، التمكين، أسلمة المجتمع، أخونة المؤسسات، العودة للعصر الذهبي، السلف الصالح.
لنلاحظ أنَّ “المقولات الحركية” شفرات لنصوص كاملة تجرّ بعضها أمام أية محاولة للقراءة (بما فيها مؤلفات التكفير وفقه إراقة الدماء والصراع وجزّ الرقاب وسبي النساء وتدمير المجتمعات وهندسة العقول والمشاعر للجهاد). وهي تضمر ترسانة تأويلية تناصب أفق العقل العداء خشيةَ الإفلات من أنيابها الدلالية. حتى إذا جاءت في موضع التراشق بين الفُرقاء كانت بمثابة شفرات تفك ألغاز التنظيم ومعتقداته. إنَّها بمفهوم كارل ياسبرز – مع الاختلاف الفلسفي بالطبع – شفرات ورموز وجودية existential cods يُقرأ في ضوئها الإنسان معاني أخرى للمواقف والأفكار[6].
ثانياً: أستاذية العالم عبارة عن صك ممنوح مجاناً لكل إخواني للتعامل بتعالٍ تجاه الآخرين. المفترض- هكذا تؤكد المقولة – أنت الأستاذ، أنت السيد (تأويل للآية: يا أيها الذين آمنوا لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إنْ كنتم مؤمنين)، أنت المالك للمقدس، أنت الوارث للأرض. وهنا ليس يخفي على القارئ ظلالها الدجمائية dogmatic التعصبية التي يتعثر فيها الإسلاميون بمجرد أنْ يخاطبوا آخرين.
وسرعان ما يتحول مضمون المقولة إلى سكين لإلغاء أي محاور، وهي لا تختلف في خشونتها عن أية أداة إرهاب يلاحق بها المتطرفون خصومهم. والحقيقة أنَّ حسن البنا المؤسس الأول للإخوان هو من سبق إلى صنع “المتفجرات اللفظية”[7] في يد التنظيم. وكانت عباراته كحال السابقة محض هراوة غليظة تدق رأس الآخر. وليس صحيحاً أنه كان متسامحاً أو داعية مفوَّهاً يربّي الرجال قبل الأفكار كما قيل عنه بصدد (مذكرات الدعوة والداعية). لقد كان يدرك مساحات الوهم لدي قطعان التنظيم، فما كان منه إلاَّ أن أدرك “العُشب الشعوري” الذي يمدّ هذا الوهم بأسباب الحياة، ضارباً في عمق الصراع الخفي بين الثنائيات (الكفر/ الإيمان، الغرب/ الشرق، الفضيلة/الرذيلة).
والمعروف أنَّه طالما تحلّ اللغةُ محل الواقع بحجم المنطوق الدلاليّ للعبارات الكبرى macro phrases، فالباقي (الناقص) من المساحة يخضع للانقياد الجماعي. أي ينشأ الحشد الفوضوي بمجرد أن يُفْرغ الكلام ذهنية أعضاء التنظيم. فالتوازن يميل حينئذ لصالح ما يُطلق من أوامر لا إلى واقعٍ. وتدريجياً يستبدل الواقع ذاته بأحاسيس ورغبات جماعية لها الأولوية فوق أي شيء. ومع التربية العامة داخل التنظيم الديني تتجسد الرغبات في أشكال بديلة هي مآرب التنظيم ومصالحه بصرف النظر عن صحتها أو نجاحها من عدمه[8].
بدليل أنَّ حسن البنا نفسه أُطلِّق عليه لقب (الأستاذ الإمام)، وربما لا يجد القارئُ مفراً من التعجب إزاء وصف كهذا. أيُّ أستاذ إذا كان القائم به منغلقاً على كهف التنظيم كحاضنةٍ لذهنيات صماء؟! وبخاصة أنَّه لم تخلو أجيال الإخوان على التوالي من هذه الذهنيات. حتى بلغوا الذروة حين آلت إليهم السلطة عقب رياح الربيع العربي عام ألفين وأحد عشر كما جرى بمصر على سيبيل المثال. حيث وجدوا أنفسهم في سدّة الحكم جاهلين تمام الجهل بطبيعة المجتمعات التي يحكمونها. وكان ذلك مدعاة للتخبط والاستبداد والتلاعب بتوظيف المقدس وتسييس الغرائز الجمعية واستغلال أحلام البسطاء ومعتقداتهم.
وبآلية التبرير الذاتي داخل كلِّ جماعة مغلقةٍ، كان التأويل جاهزاً وحتميّ اليقين، حين اعتبر الإخوان وصولهم إلى كرسي الحكم مكراً إلهياً لتمكينهم من زمام السلطة في كل دولة على حدة (الآية: ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين). وكأنَّ دورة التاريخ آلت إليهم بطريقة هيجل (مكر التاريخ)، فتأتي الفرصة لتنصيب جماعة انتظرت ثمانين عاماً تحت الأرض للخروج بالأعلى. وعلى غرار أستاذية العالم لم يدركوا أنَّ العالم ليس كما هو في سنواته القريبة إنما يتغير بأسرع مما نتوقع، وأنه لا يسير وفقاً لمعادلات بعيداً عن سياقه.
ثالثاً: مقولة الأستاذية لا تُفهمنا عن أي عالمٍ تتحدّث. وهي لحظة خيالية نتيجة التشبع بالرغبة في طقوس الوهم. أحياناً عندما تصبح الثقافة الدينية معتمدةً على سلطة الصوت، فلن يكون مقدار اليقين إلاَّ أمواجاً صوتية ليس أكثر. وسيكون رجع الصدى هو المحدد لطبيعة التصورات التي يطرحها صاحب المقولة وتباعاً الناطق والمردد لها.
ولذلك كانت مشكلة الإخوان ومازالت هي الترديد الأعمى لمقولات مرشديهم بلا نقد. وباتت التقاليد الصوتية أهم من الوقائع والأحداث. لكن ليست هذه هي القضية في حدّ ذاتها، إنما القضية فيما تؤدي إليه من ذهنيات عاجزة عن تفهم الاختلاف وقبوله. لقد كان أعضاء الإخوان- كأعضاء الجماعات الإسلامية الأخرى – أحجاراً على رقعة الشطرنج يتم التلاعُب بها سواء أكان بواسطة قوى داخلية أو قوى عولمية خارجية. والتنظيم الديني أيا كانت مسمياته قريب الشبه جداً بكتلة كاتمة للصوت ضد التنوع والتحرر. إنَّ قانون جاذبيته ليس لتحولات التاريخ، إنما لنشاط اللغة المتضخم. ومن السهولة بمكان أنْ تصبح الشعارات والعبارات بمثابة الثقل الرمزي الذي يزن به العقل ذاته بأساليب غير عقلانية بالمرة.
رابعاً: قد يُفهم من المقولة هذا التماهي بين الإسلام والجماعة طالما أنَّ الأخيرة هي التي ستُصدِّر أستاذية العالم[9]. لكن هذا الخلط ضد الإسلام نفسه، لأنَّ الدين اعتقاد خارج الأشكال والرسوم المشخَّصة. وفي حالة الادعاء بامتلاكه فقد تم القضاء على فكرة الإيمان والحياة والدين ذاته. ناهيك عن بث الفكرة الخطأ بكون الإنسان عاجزاً عن التفكير خارج القوالب الجاهزة.
الإخوان حملوا – بهذه السمة – بذور أغلب الجماعات الدينية المنشقة عنها. وكانوا الحاضنة الضرورية بحكم التكوين الفكري والمفاهيمي لتنظيمات أشرس مثل داعش والقاعدة وجبهة النصرة وبوكو حرام. وطالما كان للرحم مواصفات عنيفة، فماذا نتوقع من الأجنة اللاحقة؟ فالأعضاء كانوا يدخلون الجماعة بحساسية أستاذية العالم، وحينما لم يجدوا ضالتهم المنشودة، كان خروجهم إلى تنظيمات أكثر عنفاً هو الاحتمال الأقرب. لأنَّ شحناً دلالياً للخطابات الشفاهية لن يفرِّخ إلاَّ مفاهيم شمولية كقنابل موقوتةٍ. وسيبحث حاملُّوها عن بشر جدد يفجرونهم تطبيقاً للحقل الدلالي للمفاهيم، مثل الجهاد ودار الحرب والقتال. تطبيقاً لذلك كان البنّا يتساءل دوماً إزاء أعضاء جماعته: “هل أعددتم أنفسكم بحقّ لتكونوا القُربان التي يرفع الله به هذه الأمة إلى مكانتها؟ “[10]
خامساً: تنطوي مقولة أستاذية العالم على تضييع المعايير. لأنَّها تستند إلى مرجعية تخالف موضوع الحكم (العالم). فالمعيار لاهوتي بينما الموضوع إنساني حضاري له قدراته الجديرة بالاعتبار. والأمر شبيه تماماً بمن يقيس المادة الصلبة بمقاييس الماء السائل. ولذلك سيكون الناتج مزيداً من إساءة الفهم لطبيعة المادتين. من جانب تالٍ، فإنَّ المقولة هي الخصم والحكم نظراً لكونها ذات بُعد قيمي بالمقام الأول. وفي تلك الحالة، سيكون الحكمُ أخلاقياً بينما قوانين التغير والتطور معرفية وعلمية ومادية. أي هما من جنسين مختلفين، وبالتالي لن يلتقي معنى المقولة مع ما تطرحه من أفكار (أي المعنى مناقض للمنطق).
سادساً: إنَّ غذاء مقولة أستاذية العالم هو ذلك” الحشو العاطفي” لا أكثر. ومن ثمَّ فإنَّ رومانسية الفهم بطريقة الإيمان الديني هي البذر الميتافيزيقي لأغلب شعارات الإسلام السياسي. بما فيها مقولات التعالي اللاهوتي(الإسلام يَجُبّ ما كان قبله، تأويل الآية: ومن يبتغِ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) على سائر الديانات الأخرى[11]. لكنّ الانتقال غير المبرّر هو القفز من اللاهوت إلى الحضارة والثقافة. أي أنَّ كل ما دون الإسلام لا قيمة له، لينسحب الأمرُ على الحضارة والمعرفة العلمية. والقفزة بالتالي غير منطقية، تربط ما لا يجتمعان معاً (الدين والحضارة) ولا يفترقان معاً.
ونحن نعِي أنَّ أفكاراً مبنية على رومانسية الرؤية قد تنقلب إلى نقيضها تماماً، لأنَّها بُنيت على غير أساس إلاَّ من امتلاءٍ نفسي داخلي. وهذا يفسر الكراهية البالغة لكل ما هو غربيّ من قبل الإسلاميين. وهي كراهية تمثل ردود أفعال لما يُعبَّأون به من هوام الشعارات والمقولات حتى الثُمالة.
سابعاً: أستاذية العالم هو الوجه الآخر للتكفير، فمادام الغربُ ضالاً ويحتاج أستاذية من نوع خاصٍ يلبيها الإخوان المسلمون، فإن تلمذته تلمذة فسوق وعصيان وخروج عن الملة. أي هم تلاميذ خارج حدود الشريعة… أي كفار يعوزهم مرشدٌ للدخول إليها. ومن باب أولى طالما أنَّ الغرب كذلك، فهناك من الإسلاميين من يكفر المخالفين في الدين والثقافة والفكر.
إذن الأستاذية هي آلية لإعادة الغرب إلى حظيرة الإسلام بشروط تنظيم الإخوان، أي إعادته وهو صاغر مُذعن لشروط تأهيله وتهذيبه وإصلاحه. إنَّ الوضع أشبه بلعبة الأطفال عندما يصطادون الحشرات والزنابق وتأهيلها مرة ثانية للطيران. وضع يدعو للسخرية لأنَّ أستاذية العالم تجهل أية لعبة تنخرط فيها إلى ما لا نهاية. كما أنَّ الجماعات الدينية لن تمتلك المؤهلات الحضارية الإنسانية – على افتراض صحة ذلك – للدخول في مسابقة تعليم العالم الحياة والتمرن على طقوس دينية للتعاطي مع الإله كيفما يريد المسلمون.
ثامناً: على المدى البعيد ستحوّل مقولة الأستاذية أقاليم العالم إلى ساحات حرب وقتل وتدمير كما فعلت داعش وهذا ما حدث ومازال يحدث. كانت ممارسات الدواعش تطبيقاً حرفياً لأستاذية دموية من صنفٍ عتيد في التراث. ومن هُزال التخيل وجود (مجتمعات) متقدمة تعطي نفسها وأسرارها مجاناً لأستاذية باسم الدين. ولاسيما أن أستاذية الإخوان ستذهب إلى عقر ديار الغرب. وبالنتيجة سنعود إلى عصور غابرة من “نفير الحروب” المتبادلة في الأزمنة الأولى، وستُحيي صراعاً أجوف بين الشرق والغرب دون مبرّر[12].
تاسعاً: تجسد المقولة حالة “القابلية للانخداع الذاتي”، وهي تُتاح نتيجة الفهم الساذج لمجريات الأمور، وانعدام القدرة على بناء المفاهيم والثقافة العقلانية. فالقوانين الفكرية التي تمخر عباب الزمن لن تتأتى بمجرد إطلاق الوعود، لأن حصانتها الخاصة خارج طرق عملها وبمنأى عن السياق. فالضمان المقدس للتصديق والتمكين كلُّحمة في ذهنية الإخوان، كفيل بإفشال أية أستاذية لو تحققت. ولذلك فإنَّ أخطاء الإسلام السياسي قاتلة، لأنَّ نسبة الوهم داخلها أكثر من الحقيقي وهو ما ينعكس على طريقة معالجتها. فالأخيرة تحتاج البدء من نقطة الصفر، إعادة التأسيس بخلاف مجمل البناء القابل للانهيار في أية لحظة.
عاشراً: تعني مقولة أستاذية العالم التراتب المنافي لتنوع البشر والاختلافات بينهم. فليس هناك ما يُسمى بأستاذية تأخذها جماعةً صاعدة فوق شعوب أدنى. وإلاَّ فالسؤال الرئيس كيف ستتحقق الفكرة؟ ما هي آلياتها؟ وهل يصح في مضمار الحضارة إدراج شعب كأستاذٍ لآخر أم أنَّ شُروطاً موضوعية أسست لبناء تقدم حضاري؟
في تلك الحالة لا تُسمى الأستاذية كذلك إلا بمدلولها الإقصائي. لأنَّ هناك تنوعاً بشرياً يدعو الإنسانية للمشاركة في التطور بخلاف كل ما يميزهم عن بعضهم البعض. وليس أوضح من دعوة الحضارة الغربية المعاصرة لشعوب العالم للإسهام في تطوراتها. إذ يصعب القول إنّ أوروبا وأمريكا فقط هما المحتكران لها. فهناك أدباء وعلماء ومفكرون – من كافة المجتمعات – استطاعوا أنْ يعيشوا مناخ التنوع، فأسهموا بطريقة أو بأخرى في نهر الحضارة العالمية. كما أننا كشرقيين لسنا منفصلين عن الحضارة الجارية، إنما نحيا عبرها ونحن جزء من وجودها المترامي الأبعاد.
حادي عشر: مقولة (أستاذية العالم) إساءةُ فهم وقراءة لنصوص الدين الاسلامي. فالآية التي تقول (وما أرسلناك إلاَّ رحمةً للعالمين) تنفي أن تكون هناك هيمنة نموذجية يطلق عليها أستاذية بمعناها اللاهوتي. والخلط المعيب لا تخطئه العين بين مفهوم الإيمان القابل للاتساع والانفتاح بلا حدود، وليس مفروضاً أن يأتي كما نؤمن نحن ولا يتحقق كما نتصور وهذا مرهون بحرية الأفراد الشخصية على الاعتقاد من عدمه، وبين شروط الحياة التي تتأسس بحرية المجتمعات وابداعها وقدرتها على بناء حضارة متطورة.
إذن تعميم الآية هو تعميم بقدرة الانفتاح والتسامح دون قهر ولا عنف حتى لو لم يكن هناك من يؤمن بما يؤمن المسلمون. والدعوة عامة في إطار مخصوص لا يبلغ العالم وإن تطلع إليه. نسيان تلك التفرقة يجعل الجماعات الاسلامية يحملون هوس ربط الآخرين بما تستطيع من صراع معهم. ويدفع المتدينون لحمل مسؤولية لا تقع على عاتقهم قبل أن يتركوا الآخرين وشأنهم.
*******
[1]– حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، مكتبة آفاق للنشر والتوزيع، الكويت، الطبعة الأولى 2012. ص 294.
[2]– إذا كان البارادايم يمثل- داخل التاريخ العلم – نموذجاً موجِّهاً لمجال المعرفة نحو تفسير الظواهر وحل المشكلات. كما يقول توماس كون، حيث يشكل انهياره ثوره في عالم المعرفة بموجب أنه لا ينهار إلا بفضل نموذج جديد new paradigm أكثر تطوراً وقدرة على التفسير.
Thomas S. Kuhn, the Structure of scientific Revolutions, International Encyclopedia of Unified science, Volume 2, University of Chicago, Second Edition, 1970. P152.
لكن مع وجود الدين يكون النموذج يوتوبياً لأنَّه اسكاتولوجي، أي سيكون ذا طابع أخروي غسقي. فأستاذية العالم المترتب عليها وجود نموذج إسلامي مكتمل سياسياً واجتماعياً وأخلاقياً ستكون مادة نهائية لختم ميتافيزيقي لا رجعة فيه، ويساوي فكرة ( نهاية التاريخ وخاتم البشر).
فرنسيس فوكوياما، نهاية التاريخ وخاتم البشر، ترجمة حسين أحمد أمين، مركز الأهرام للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى1993. لكن توقيع الإخوان على هذا النموذج سيتم بموجب امتلاك الأخرة والإله والجنة والنار. وهو من تلك الجهة يمثل دجما حاكمة للأفعال الجزئية ويهدر السياق ويغدو صالحاً لكل زمان ومكان.
[3]– مشكلة هذه المقولة لدى أقطاب الحركات الإسلامية: أنها أداة لتجريد الغرب من كل تاريخه الذي يشمل الثقافة والفن والأدب ونمط الحياة والسينما والإبداع الفكري والفلسفات ونظريات النقد. وعندما يصف الإسلاميون كافة تلك الأشياء بالجاهلية، فقد أرجعوا الحضارة الغربية المزدهرة إلى درجة الصفر. بل هم يهدفون ضمناً إلى نزع أنيابها كي تمسي لقمة سائغة أمام جحافل الجهاديين والاستشهاديين. ولذلك حاول محمد قطب التنظير للجاهلية كمصطلح قابل للتواتر طالما أنَّ موضوعه غير الإسلامي متوافر ولاسيما داخل الثقافة الغربية. الحضارة الغربية ليست إسلامية ولن تكون. إذن هي تجدد دلالة الجاهلية المعاصرة وتنتج ضرباً منها في صلب القرن العشرين. محمد قطب، جاهلية القرن العشرين، دار الشروق القاهرة الطبعة الثانية عشر 1992.( أنظر: الفصل الأول).
[4]– اهتم بيكون بتصنيف الأوهام التي يقع في خداعها العقل الإنساني، فتحدث عن أربعة أوهام أو أصنام idols لا يستطيع العقل أن يتخلص منها بسهولة دون نقد جذري لطبيعة التفكير. والأوهام هي: أوهام الكهف Idols of the Cave( المعرفة الذاتية )، أوهام القبيلة Idols of the Tribe ( المعرفة والمعتقدات الجمعية )، أوهام السوق Idols of the Market Place (المعرفة المتداولة )، أوهام المسرح Idols of the Theatre ( رؤى العالم والحقائق ). وفي هذا الإطار كانت فلسفة بيكون مرحلة مهمة لتقدم الفكر العلمي وظهور الحداثة الغربية كما أشار كل من باولو روسيRossi وتشارلز ويتنيWhitney . وقد حلل المؤلفان كيف أخرج بيكون الفكر الغربي من المرحلة الأسطورية إلى الحداثة، وهي مرحلة يحتاجها كل فكر أسطوري كما هو شائع لدى الأيديولوجيات الدينية.
– Rossi, Paolo, Francis Bacon: from Magic to Science, Translated by Sacha Rabinovitch, Chicago: University of Chicago Press, 1968. P23.
– Whitney, Charles, Francis Bacon and Modernity, New Haven, CN: Yale University Press, 1986. Pp 143 – 150.
[5]– الأسماء الواردة من قبيل ضرب الأمثلة لا الحصر. وبالتوازي لا توجد جماعة إسلامية واحدة تخلو من وهم يمرح ويعربد بأدمغة أعضائها. لأنها تتكون على عَجلٍّ بين يوم وليلةٍ كأنها مرسومة سلفاً دون ترددٍ. وهي تتبني دوماً مآرب حركيةً على الأرض نتيجة فتاوى خاطفة ونتيجة صراع بنيوي في المفاهيم والآليات وتسييس الطقوس والشعائر. كما أنَّها تُعلن منذ يومها الأول حرباً على المجتمع إنْ لم يكن العالم كله. ومع وجود الواقع الافتراضي الذي يضاعف التأثيرات الصوتية تأتي الرسائل من الجماعة الوليدة تواً كما لو كانت عربةً حربيةً تجرها خيول الموت من زمن سحيق.
[6]– الرموز من وجهة نظر ياسبرز تتجلى عبرها أسرار الوجود وجوانب المعرفة الإنسانية ولا تقل أهمية في عملية التفكير والمعرفة والتعالي عن أي شيء آخر.
Karl Jaspers, Truth and Symbols, translated by Jean T. Wilde, William Kimmel, and William Kluback, New York ;Twayne Publishers, 1959.
[7]– حقيقةً، يتعامل الإسلاميون مع الكلمات كأنَّها رصاصات محشوة بكم من الحدة والنفاذ، كما أنها لا تخلو من اليقين القاطع حين يضفي عليها المتحدث صوتاً أزلياً من التنغيم والتصويت الخاصين. ولذلك كان أغلب القيادات الإسلامية خطباء حركيين يعولون على الأصوات في استمالة أتباعهم وليس على أي شيء آخر. وتلك الخاصية لا تتوقف عند وظيفة التبليغ المتعلقة بالخطاب الديني إجمالاً، بل نوع من الإرهاب اللفظي( عنف اللغة ) الذي حاصر متلقيه. ولذلك قد يشعر كلُّ من يدخل في حوار مع أحد أعضاء الجماعات الإسلامية بالعنف الواقع عليه. وكأنه يريد أن ينتهك وجوده الرمزي( إملاء الفهم والخطاب ) إيذاناً بانتهاك وجوده.
[8]– المؤكد أنَّ الفرد داخل الجماعات الإسلامية ليس حُراً ولا يستطيع أنْ يتنصل من حالة الحشد (القطيع herd). بل قد يصل إلى اعتبار الجماعة هي عالمه الوحيد لا شيء سواها. وبالطريقة ذاتها سرعان ما تهرس الجماعة الأفراد بما يخدم أغراضها، أي أنهم سيكونون ضحاياً لما يشاركون فيه ولما يخطط لهم. ثمة من ينتمي إلى جماعات إسلامية ولا يعرفون أغراضها التي تتداول بين فئة مخصوصةٍ منهم.
[9]– المدهش أنَّ كل جماعة إسلامية باختلاف مسمياتها تدفع هذا التوحيد بينها وبين الإسلام إلى نقطته الأقصى دون التحسب للعواقب التي ستعود عليها بالدرجة الأساسية. فمن المنطقي ألاَّ تستطيع ذلك. وهذا يعود إلى طبيعة الدين ذاته, فمن المستحيل تحويله إلى برنامج عمل كلي وشامل. لأنه سيصبح عندئذ قابلاً للتجاوز أو بالأدق سيخضع لشروط إنتاج الواقع بينما الدين تجربة خاصة باحتمال المطلق بقدر ما لا يكون. وهذا جوهر الدين كمفارقة غير متاحة للقياسun-measurable تحت نمط واحد من الاعتقاد. ومن جهة أخرى فإنَّ كل جماعة دينية مجرد تأويل تاريخي للمطلق، مجرد جسد فيزيائي محكوم بقوانين الاختلاف والتناقض. إذن كيف سيتم إدماجُها في كتلة جماعية تعكس اعتقاداً أحادياً؟
[10]– حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ص291.
[11]– تذهب حيل الخيال بالإسلاميين مذهباً لا رجعة فيه وهم يقبلون ذلك بشكل غير مقصود أحياناً. لأنَّ هناك خلطاً لاوعياً بين الواقع وتصوراتهم عنه. وابرز ما يميز الجماعات الدينية كونها تطرح نفسها( بطريقة الغلبةِ والغزو ) قبل أنْ تفعل شيئاً وقبل أيِّ تأسيس لأي مجتمع إسلامي أو ما يسمى كذلك. وبالتالي سيظل ما يأتي لاحقاً مرهوناً بنزعة ماضوية تُضفي مزيداً من الغموض على الواقع. وفي هذا الإطار تختفي الأسس والقواعد الواضحة لبناء المجتمعات ولصناعة التاريخ بما هو تطور وتغير. وهذا ناجم عن إضفاء القداسة على شخصيات ورموز وحقب خفيفة الوزن بمعايير التاريخ ذاته. ولهذا يمثل التقديس آلية ضرورية لإنتاج تلك الممارسة. ولنلاحظ أنَّ التقديس جزءٌ لا يتجزأ من أساليب التفكير لدى الجماعات الإسلامية.
[12]– مقولة الغرب والصراع مع الشرق أحدى أهم المقولات التي بُنيت عليها أفكار الجماعات الدينية. حتى أن هناك تنظيرات ومؤلفات بأكملها تدلوا بدلوها في هذه القضية. وهي محسومة بالنسبة لشيوخ الجماعات وأعضائها من أول السطر باعتبار الغرب كافراً واستعمارياً ويناصب الإسلام العداء المزمن وأنَّ كل إبداع وكل تقنية غربية مقصود بها القضاء على الإسلام. وفر هذا كانت المؤامرات المجانية التي يبذلها الغرب هي الأساس في أي صراع. وليت القضية تقف عند هذا الحد إنما ظهرت فتاوى إزاء الغرب مثل: الجانب الجهادي ووجود القوات الأجنبية في دار الإسلام ومقاومة الغزو الثقافي والتعاون مع أمريكا والتجسس لصالحها أو لصالح المسلمين والاتفاقيات الدولية المبرمة مع الدول الوطنية والتبادل التجاري والصفقات الاقتصادية.
المصدر: https://www.alawan.org/2018/12/17/%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%AD%D9%90%D9%8A%D...