أساليب الحوار النبوي وتطبيقاتها في مواقف التدريب المعاصر

عايش عطية عبد المعطي البشري

مقدمة البحث :

يشهد عالمنا المعاصر ثورة شاملة في كافة مجالات الحياة، وفي ظل ذلك تحاول المجتمعات الحديثة التغلب على مشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية والبحث عن سبل العيش الكريم، مستفيدة من كل الفرص المتاحة، معتمدة على التقدم العلمي والصناعي والتقني الذي برز جلياً في هذا العصر.

ويقتضي ذلك الربط بين العلوم والمعارف في كافة التخصصات، لنقل المعلومات ونشر الخبرات والإفادة منها بالشكل المناسب، بعد توظيفها التوظيف الصحيح المستند على الأسس العلمية .

والهدف مما سبق أن يعيش الإنسان حياة كريمة يسعى إلى تحقيق أهدافه خلالها، ولعل من أهم العوامل المساعدة له على تحقيق تطلعاته هو التدريب الهادف المنظم المرتبط باحتياجاته، حيث يساعده ذلك ليصبح أكثر معرفة ومهارة وقدرة على إدارة حياته بشكل أفضل .

               ويعد التدريب من العلوم التي برزت بشكل منهجي في القرن الميلادي الماضي ، وتحديداً في العقود المتأخرة منه، فاهتمت به الحكومات والمنظمات والقطاعات العامة والخاصة، إيماناً بدوره المهم، وتأكيداً على ضرورة الإفادة من جهود وتميز الآخرين ، وعلى ضوء ذلك جعلت العديد من تلك الجهات نصيباً خاصاً من ميزانياتها أو مواردها للتدريب وبرامجه، مع الحرص على الاستثمار في العقول المنتجة، فالربح فيها مؤكد والعائد مضمون، لأن الأصل الاستثمار في الإنسان .

والأمة المسلمة أمة العلم والدعوة لتلقي المعرفة، وقد اتخذت القرآن الكريم والسنة المطهرة منهجاّ واضحاَ ونبراساً تتهدي به في شتى أمورها، فأكدت على طلب العلم ونشره، مع الحرص على تحصيل المعرفة والسعي نحوها، وقد اشتملت السنة النبوية على علوم ومعارف دينية ودنيوية وأخروية، بل وبرزت خلالها العديد من الأساليب التربوية النافعة وظهرت في ثناياها كثير من المهارات التدريبية الناجحة .

ومن أهم تلك الأساليب ما تضمَّنته حوارات النبي صلى الله عليه وسلم من تنوع في الطرح وتعدد في الطرائق، جعلت المتلقين يقبلون على دعوته ويتحرون ساعة قدومه عليهم، بل وينتظرون وقت حواره معهم أو مع غيرهم، ليفيدوا منها في أمور دينهم ودنياهم وأخراهم، وقد تنوعت أساليب الحوارات النبوية حسب المواقف والأحداث والظروف والأشخاص.

ومع اختلاف العلوم وتنوعها وتعدد مجالاتها، تبرز أهمية استحضار النية عند الإقبال عليها وتحصيلها، بغض النظر هل هي علوم دينية أم دنيوية، بل إن من أهم الأمور المرتبطة بحرص المسلم على تحصيل العلم النافع هو اعتقاده أن ذلك سبباً لدخول الجنة، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ عِلمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّة. (ابن ماجه، صحيح ابن ماجه، رقم : 183)، صححه الألباني.

إن حمل العلم والقيم يضفي على الفرد هالة تقدير واحترام وإجلال، وتزداد قيمة حامل العلم بمقدار براعته في التعبير عن مراده للآخرين وتميزه في حواراته العلمية والاجتماعية وكيفية نشر العلم للآخرين .

وقد انطلقت في الآونة الأخيرة الدعوة للعودة إلى الأصول والمنطلقات، وتأصيل العلوم والمعارف وتوجيه المهارات التوجيه المناسب المتفق مع ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه الكريم،  بهدف إبراز الأسس والدعائم والضوابط التي تحدد مسارها وتوضح مداها، واستحضار الشواهد البارزة عليها .

ويعد الحوار كفن وعلم ومهارة ومجال من أبرز تلك المجالات المقصودة بالبحث والتقصي والتوجيه المنطلق من رحاب الإسلام الحنيف، فالتفوق البلاغي والبياني والتميز اللغوي في الحوار المستند على المعلومة الصحيحة من أسباب البروز في العديد من المجالات في وقتنا الحاضر، بل هو الوسيلة الجاذبة لجمهور المتلقين، وهو من الوسائل المحببة لتهذيب لغة أبنائها، باعتبارها وعاء الدين والفكر والأدب والعلم .

وفي هذا البحث سيتجه الباحث نحو السنة النبوية المباركة، باحثاً عمَّا يتعلق بالأساليب الحوارية في السنة النبوية، وكذلك الرجوع لشروحاتها من المراجع المعتمدة، ثمَّ ما كتب عن الموضوع في الكتب المتصلة بذلك قديماً وحديثاً بقدر الإمكان .

وبعد الوقوف على أساليب حوارات النبي صلى الله عليه وسلم سيحاول الباحث توظيفها في مواقف التدريب المعاصر، باعتبار الحوار أساساً مهماً لنقل العلوم والمعارف والفنون، مع الاعتماد على التدريب الهادف كوسيلة ناجحة في إكساب المهارات ونقل الخبرات وتوجيه القناعات .

مشكلة البحث:

تشكل السنة النبوية مصدراً مهماً للعلوم الإنسانية، فشواهدها الشريفة خير داعم للمفاهيم التي تحتويها، ومواقف السيرة النبوية أصدق دليل على إمكانية تطبيق تلك النظريات الحديثة والمعارف المتجددة في هذا العصر .

ومن هذا المنطلق ، فإننا بحاجة لأن نتجول في رياض السنة المباركة والسيرة النبوية العطرة لننطلق منها نحو رحاب أوسع ومجالات أكبر في حياتنا العلمية والعملية والتدريبية، بهدف الإفادة والقرب منها، وتحويلها إلى مواقف تطبيقية فاعلة في حياتنا اليومية، لنزداد علماً بها، ونكون أكثر الأمم تطبيقاً وتمسكاً بها .

وقد اشتملت السنة النبوية على العديد من المواقف الحوارية الناجحة بين نبي الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأصحابه وأتباعه وغيرهم خلال مسيرة حياته الشريفة، وبقيت منهجاً واضحاً و زاخراً بكل نافع ومفيد للمسلمين وغيرهم حتى قيام الساعة .

وكل حين تبرز أهمية الحوار، وضرورة الحاجة لامتلاكه كمهارة مهمة وفن بارز، ليسهم في نشر الفكر الصحيح وتوضيح الحق، ولأهمية ذلك حرص المهتمون على تلقيه كمهارة من أهم مهارات بناء الذات الإنسانية، ولا أدل على ذلك ـ من أقدم العصور ـ  من تضرع موسى عليه السلام لربه ـ عز وجل ـ  قائلاً : ﭽقَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) ﭼ  ( طه: ٢٥ – ٢٨ )

ومن المواقف الحوارية الواضحة التي اشتملت على مجموعة متنوعة من أساليب الحوار الناجح، مع التحلي بالآداب الكريمة للمتحاورين، فأصبحت مواقف تدريبية فاعلة، يستفاد من أحداثها وأطوارها ويُتحلى بما ورد فيها من آداب كريمة وأخلاق فاضلة، مع مراعاة اختيار الزمان والمكان المناسب، واعتبار خاص للأطراف المتحاورة، ثم أفضت تلك العوامل لنتائج رائعة، دوَّنتها كتب السنة المطهرة، من ذلك ما  رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه:" لمَّا أصابَ رسولُ اللهِ الغنائمَ يَومَ حُنَينٍ، وقسمَ للمُتألَّفينَ مِن قُرَيشٍ وسائرِ العربِ ما قسمَ، ولَم يكُن في الأنصارِ شيءٌ مِنها ، قليلٌ ولا كثيرٌ، وجدَ هذا الحَيُّ مِن الأنصارِ في أنفسِهِم حتَّى قال قائلُهُم: لَقيَ ـ واللهِ ـ رسولُ اللهِ قَومَهُ. فمشَى سعدُ بنُ عُبادةَ إلى رسولِ اللهِ فقالَ : يا رسولَ اللهِ إنَّ هذا الحَيَّ مِن الأنصارِ وَجدوا علَيكَ في أنفسِهِم؟ قالَ : فيمَ ؟ قالَ : فيما كانَ مِن قَسمِكَ هذهِ الغنائمِ في قَومِكَ وفي سائرِ العربِ ، ولَم يكُن فيهِم مِن ذلكَ شيءٌ . قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ: فأينَ أنتَ مِن ذلكَ يا سعدُ ؟ قالَ: ما أنا إلَّا امرؤٌ مِن قَومي. فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ : اجمَعْ لي قَومَكَ في هذهِ الحظيرةِ، فإذا اجتمَعوا فأعلِمني، فخرجَ سعدُ فصرخَ فيهِم فجمعَهم في تلكَ الحظيرةِ، حتَّى إذا لَم يبقْ مِن الأنصارِ أحدٌ إلَّا اجتمعَ لهُ أتاهُ ، فقالَ : يا رسولَ اللهِ اجتمعَ لكَ هذا الحَيُّ مِن الأنصارِ حَيثُ أمرتَني أن أجمعَهُم. فخرجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقامَ فيهِم خطيبًا، فحمِدَ اللهَ وأثنَى علَيهِ بما هوَ أهلُهُ ، ثمَّ قالَ : يا معشرَ الأنصارِ ألَم آتِكُم ضُلَّالًا فهداكُم اللهُ، وعالةً فأغناكُم اللهُ ، وأعداءً فألَّفَ اللهُ بينَ قلوبِكُم؟ قالوا: بلَى ! قالَ رسولُ اللهِ: ألا تجيبونَ يا معشرَ الأنصارِ؟ قالوا : وما نقولُ يا رسولَ اللهِ وبماذا نُجيبُكَ ؟ المَنُّ للهِ ورسولِهِ . قالَ : واللهِ لَو شِئتُم لقُلتُم فصدَقتُم وصُدِّقتُم : جئتَنا طريدًا فآوَيناكَ، وعائلًا فآسَيناكَ، وخائفًا فأمَّنَّاكَ، ومَخذولًا فنصَرناكَ. فقالوا : المنُّ للهِ ورسولِهِ . فقال : أوَجَدتُم في نُفوسِكُم يا مَعشرَ الأنصارِ في لُعاعَةٍ مِن الدُّنيا تألَّفتُ بِها قَومًا أسلَموا، ووَكَلتُكُم إلى ما قسمَ اللهُ لكُم مِن الإسلامِ ! أفَلا تَرضَونَ يا مَعشرَ الأنصارِ أن يذهبَ النَّاسُ إلى رِحالِهِم بالشَّاءِ والبَعيرِ وتذهَبونَ برسولِ اللهِ إلى رِحالِكُم ؟ فَوَ الَّذي نَفسي بيدِهِ، لَو أنَّ النَّاسَ سَلَكوا شِعبًا وسَلَكتِ الأنصارُ شِعبًا ، لسَلَكتُ شِعبَ الأنصارِ، ولَولا الهجرةُ لكُنتُ امْرَأً مِن الأنصارِ . اللَّهمَّ ارحَمْ الأنصارَ ، وأبناءَ الأنصارِ ، وأبناءَ أبناءِ الأنصارِ . فبكَى القَومُ حتَّى أخضَلوا لِحاهُم . وقالوا : رَضينا باللهِ رَبًّا، ورسولِهِ قسمًا، ثمَّ انصرفَ، وتفرَقوا". رواه أحمد ابن حنبل، 3/76(11748) بإسناد جيد، وصححه الألباني .

والمتأمل في الحديث السابق يجد به العديد من الأساليب الحوارية الناجحة التي كانت مفضية لنتائج جيدة، وتحققت منها أهداف الحوار وغايته المأمولة، ولاشك أننا بحاجة كبيرة لمثل هذه الأساليب الحوارية المباركة، لننقلها في قاعات التدريب الحديث، فقد أصبح التدريب النوعي والحوار المفيد وجهين لعملة واحدة، أساسها الإثراء والإفادة، ووسائلهما تتنوع حسب الشريحة والفئة المستهدفة، ومقاصدها تتمحور حول جهود الطرفين المُلقي والمُتلقي، لأجل عقد حلقات تدريب متميز يرتقي بالهمم ويطور الذات ويثري الفكر وينهض بالمؤسسات المختلفة ويحقق أهدافه النبيلة .

ويسعى الباحث في بحثه إلى المواءمة بين الأساليب الحوارية النبوية الواردة في ثنايا السنة النبوية المباركة وتقديمها في مواقف تدريبية وتربوية معاصرة، للإفادة منها وإثبات إمكانية الربط بين علوم عصرنا الحاضر وأصالة ماضينا الزاهر.

أهداف البحث :

يسعى الباحث إلى تحقيق جملة من الأهداف، أبرزها :

  1. الرجوع للسنة النبوية بالبحث والتحليل والاستنباط .
  2. عرض كيفية الإفادة من دراسة السنة النبوية بطرق حديثة ومبتكرة .
  3. دعم العلاقة بين المتحاورين والمدرب والمتدربين بمثل هذا الأساليب التربوية والتدريبية الناجحة .
  4. الإفادة من أساليب الحوار النبوي في مجالات التدريب المعاصر، وذلك بعد عرضها في تطبيقات تدريبية مناسبة .

أهمية البحث :

تبرز أهمية البحث في الآتي :

1- يسهم في دعم برامج ودراسات تأصيل العلوم وتوجيهها إسلامياً .

2- يسعى لتحقيق التكامل المنشود بين العلوم (السنة النبوية، الحوار الهادف، التدريب النافع).

3- يرشد المهتمين بالتدريب إلى أهمية العودة للمنطلقات والمصادر الثابتة له .

4- الدعوة لمبدأ الأصالة والمعاصرة في الأبحاث العلمية وربطها بالواقع المعاصر .

5- بيان أن علوم السنة النبوية شملت علوم الدين والدنيا والآخرة .

6- التدريب علم متجدد، لا يمكن الاستغناء عنه .

7- المنهجية الإسلامية في البحث العلمي متفردة عن غيرها من المنهجيات الأخرى .

أسئلة البحث :

ما التطبيقات التدريبية المناسبة لأساليب الحوارات النبوية ؟ ويتفرع منه :

  1. ما أهم أساليب الحوار النبوي ؟
  2. كيف يتم تطبيق أساليب الحوار النبوي في مواقف التدريب المعاصر؟

منهج البحث :

اعتمد البحث على المنهج التاريخي، وذلك بالرجوع إلى كتب السنة النبوية بالبحث والتدقيق لما يتعلق بموضوع الدراسة، وأيضاً تمَّ استخدام المنهج الوصفي التحليلي ثم الاستنباطي الذي يركز على قراءة النصوص قراءة تحليلية فاحصة والخروج منها بشواهد تؤكد على توظيف أساليب حوارات الرسول صلى الله عليه وسلم في مواقف التدريب المعاصر ، وذلك بعد النظر في شروحات كتب السنة المطهرة، وكذلك الاطلاع على ما يؤيد هذه المواقف من كتب الحوار والتدريب الحديثة المتخصصة .

مصطلحات البحث :

  1. الحوار : وله عدة تعريفات، تتمحور على أنه : طريقة من طرق التواصل ونقل الأفكار والخبرات والتجارب، وفيه عرض للآراء بأساليب مختلفة، تقوم على المراجعة بين المتحاورين في الكلام للوصول إلى الصواب. ومن تلك التعريفات:

ـ " كلام يتفهم فيه كل طرف من الفريقين المتحاورين وجهة نظر الآخر، ويعرض فيه كل طرف منهما أدلته التي رجَّحت لديه استمساكه بوجهة نظره، ثم يأخذ بتبصر الحقيقة من خلال الأدلة التي تنير له بعض النقاط التي كانت غامضة لديه. (الميداني، 1401هـ، ص361) .

ـ ويعرف بأنه : "نوع من الحديث بين طرفين أو أكثر، بحيث يجري الكلام بينهما متكافئاً دون أن يستأثر به طرف دون غيره، مع غلبة الهدوء ورحابة الصدر وسماحة النفس والبعد عن التعصب والخصومة" (الندوة العالمية للشباب الإسلامي، 1408هـ، ص11).

ـ وأيضاً يعرف بأنه: " المراجعة في الكلام بين طرفين دون أن يكون بينهما ما يقتضي خصومة أو تعقيباً أو استقصاء أو محاولة إبطال قول آخر ." (القين،1427هـ، صص21-22)

ـ وهو " الحوار نقاش وتبادل الحديث بين الطرفين أو أكثر, يريد كل من المتحاورين الوصول إلى أهدافه في أي مجال كان دينياً أو تربوياً أو سياسياً أو فكرياً". (بصفر والمهنا، 1429هـ، ص15) .

فالحوار نقاش بين طرفين أو أكثر في موضوع معين، وقد يكون صاخباً، وتسوده لغة الخلاف والمعارضة أحياناً، ويهدف لإيضاح فكرة أو بيان أي أو تصحيح معلومة أو إظهار حجة أو كشف خطأ أو دفع شبهة أو تعزيز موقف، وغير ذلك من المبررات .

  1. التدريب : وله العديد من التعريفات بحسب المجال الذي يتم فيه، ومن أبرز تلك التعريفات :

ـ "نشاط مخطط، يهدف إلى إحداث تغيرات في الفرد والجماعة من ناحية المعلومات والخبرات والمهارات ومعدلات الأداء وطرق العمل والاتجاهات، مما يجعل هذا الفرد أو تلك الجماعة لائقة للقيام بأعمالها ".(العزاوي، 2006م، ص13)

ـ " نقل معرفة ومهارات محددة وقابلة للقياس" (ويلز،1426هـ، ص41)

ـ " أي شكل من أشكال العمليات التي تصمم بغرض تسهيل عملية التعلم لدى الجمهور المستهدف"(براي،2008م،ص22) .

ـ " عملية مستمرة داخل المنظمة ، لتزويد المتدربين بالمعارف والمهارات اللازمة للقيام بعملهم اليومي وفي الغد المتطور ولمحاولة التغيير في سلوكياتهم واتجاهاتهم " (العامري، 1429هـ ،ص18) .

ـ " عملية مخططة ومستمرة خاصة بإكساب الفرد المهارات والمعرفة المرغوب فيها التي تحسن أداء الفرد وتزيد فاعلية المنظمة " (معمار، 2010م، ص21) .

ـ "عملية مخططة ومستمرة، تهدف إلى تلبية الاحتياجات التدريبية الحالية والمستقبلية لدى الفرد، من خلال زيادة معارفه وتدعيم احتياجاته وتحسين مهاراته، بما يساهم في تحسين أدائه في العمل وزيادة الإنتاجية في المنظمة "(أبو النصر،1430هـ، ص22).

ـ " عبارة عن عملية مخططة ومنظمة ومستمرة، تهدف إلى تنمية مهارات وقدرات الفرد وزيادة معلوماته وتحسين سلوكه واتجاهاته بما يمكنه من أداء وظيفته بكفاءة وفعالية" (السكارنه، 1432هـ،ص17) .

ـ "إكساب المهارات والمعارف للعاملين فيما يخص وظيفتهم الحالية"(رضوان،2014م، ص 39-40) .

وقد عرفه الباحث  التدريب - في بحث آخر له - بقوله : مجموعة من الأنشطة الهادفة والمنظمة والمخطط لها مسبقاً، بقصد إحداث تغيير إيجابي في الفكر والسلوك، واكتساب مهارات ومعارف وخبرات جديدة، تسهم في تطوير أداء الفرد للأفضل.        (البشري، 1436هـ، ص21) .

ويتفق الباحث مع من سبقه بأن التدريب جهود منظمة ومخطط لها، بهدف تجويد العمل واكتساب مقومات وتنمية مهارات وتوظيف قدرات الأفراد بشكل فعال.

الدراسات السابقة :

أولاً: مجال الحوار والخطابة والتأثير :

 1- دراسة كارينجي، " طريقة سهلة وسريعة للحديث " .

المؤلف يقدِّم خلاصة تجاربه في استبدال الخجل بالثقة بالنفس، ثم كيفية الترغيب والحث على الفعل ومقابلة الجمهور، وطرائق التأثير والإقناع، وخطوات تنظيم الكلمات الطويلة أمام الآخرين، ثم الحرص على تطبيق هذه التجارب في مواقف عملية .

2- دراسة السويدان، فن الإلقاء الرائع. 1425هـ/2004م.

واشتمل الكتاب على ستة أبواب، الأول: الخطابة ومفهومها ومواصفات الخطيب، والثاني: الجمهور والحضور وأنواع الخطب، والثالث: تهيئة المكان والتدرب عليه، والرابع: عناصر الخطبة، والخامس: كيفية الإلقاء، والسادس: تقييم الأداء، وهو مرجع مهم لكل من أراد التميز في الخطابة مع عرض لتوجيهات عملية في الموضوع .

3- دراسة نايشتادت، تكلَّم بدون خوف، (1425هـ/2005م ) .

أوضح المؤلف كيفية التغلب على مشكلة الخوف من المسرح، وبيان أنواع التوتر العصبي، وبعض المعوقات الظاهرة والخفية، وكيفية التعامل الأمثل معها، مع تقديم وصفات للنجاح، وآليات معرفة الجمهور وكيفية الوقوف أمامه .

4- دراسة الحبس، " خطبة الخطبة "دراسة دعوية"، (1426هـ/2005م) .

تناول المؤلف فيها أهمية الخطبة في الإسلام وما يتصل بها من آداب وأحكام، وعوامل نجاح الخطبة والخطيب، مع بيان أبرز العوامل المؤثرة في نجاح عرض خطبة الجمعة، وقد اعتمد المؤلف على الكتب المتخصصة في هذا الموضوع قديماً وحديثاً.

5- دراسة الحبيب، كيف تحاور؟، (1427هـ/2006م) .

كتاب ثقافي أدبي، اشتمل على توجيهات مهمة عن فنون الحوار وآدابه، مع الاستشهاد عليها من القرآن والسنة، وأضاف الكاتب مقتبسات مدعمة لأهمية الحوار وآدابه من كتب بعض المؤلفين الغربيين، وتميز بالبساطة والوضوح دون الاستغراق في التفاصيل والتقسيمات.

6- دراسة الموجان، " الحوار في الإسلام " ( 1427هـ/2006م ) .

وفيها عدة أبواب، الأول : مدخل عن الحوار وشواهد عليه من القرآن الكريم والسنة النبوية، ومواقف الصحابة، وأهم آدابه. والثاني : الحوار عند الأمم الأخرى، والثالث: الحوار مع الذات والحوار مع الآخر. والرابع: حوار الحضارات. والخامس: ثمرات الحوار.

ولاشك أن محصِّلة هذه الأبواب تسهم في الإرشاد لأرقى أساليب الدعوة إلى الله تعالى وفق ميزان عادل، تنتظم به جميع أنواع الحوارات، مع البعد عن أسباب الخلاف المذموم .

7- دراسة العيسى، لماذا نخشى الإلقاء ؟ ( 1428هـ/2007م ) .

وفيه إبراز لأهمية الإلقاء، وأهم الوسائل المعينة على الإعداد النفسي قبل الإلقاء، ثم بيان كيفية جمع المعلومات وتنظيمها قبل الإلقاء مع إجراءات التطبيق العملي للإلقاء .

وخلاصة الكتاب: أن لكل فرد مهارات يمكنه صقلها وتنميتها إذا وجدت لديه الرغبة الصادقة والعمل الجاد على تحقيقها .

8- دراسة الحمود، فن الإعداد والإلقاء، (1428هـ ) .

اشتمل الكتاب على نخبة من قواعد ومهارات فن الإعداد والإلقاء، وعرض عليها بعض الشواهد من القرآن الكريم والسنة المطهرة، مع عرض بعض الخطب للخطباء المشهورين في العالم الإسلامي ، وتضمن الكتاب ثلاث مراحل : الإعداد، الاستحضار، الإلقاء .

9- دراسة بوف، 101 طريقة فورية لتنمية مهارات التخاطب، ( 2008م ).

كتاب مجمل  يبرز كيفية تنمية مهارات التخاطب، مع عرض بعض الآليات والنصائح العامة وبعض السلوكيات الضرورية المرتبطة بهذا المجال .

10- دراسة الباني، ثقافة الحوار لدى طالبات المرحلة الثانوية في مدينة الرياض ودورها في تعزيز بعض القيم الخلقية، (1430هـ/2009م ) .

وهي رسالة علمية احتوت على إطار نظري عام يقوم على تعزيز ثقافة الحوار ودور المعلمة في ذلك ثم دراسة تطبيقية أكَّدت على أهمية الحوار ونشره في الأوساط التعليمية مع إظهار صلة الأخلاق الوثيقة بمهارة الحوار ودوره في تعزيز القيم الخلقية.

11- دراسة الدليجان,الحوار مع المرأة في ضوء قصص الأنبياء في القرآن الكريم,     (1431/2010م).

ذكر المؤلف في الكتاب أنواع الحوار مع المرأة في قصص القرآن الكريم وبيان أهمية ذلك, وبذلك ظهرت قضية الحوار مع المرأة بشتى وظائفها (أم, أخت, ملكة, فتاة, زوجة) مع تأكيد التعلم على أساليب الحوار وفنون التفاوض .

 

12- دراسة صيني، الحوار النبوي" المبادئ والأساليب"، ( 1431هـ /2010م ).

في الكتاب تأصيل علمي وربط للحوار بمصادره الشرعية من القرآن الكريم والسنة المطهرة مع استطراد وشمول لمعظم الحوارات النبوية في شتى مجالات: العقيدة والعبادات والمعاملات، وقد تنوَّعت المنطلقات والمصالح منه، لتؤكد على أن الأساليب والوسائل النبوية قابلة للتطبيق في عصرنا الحاضر وما بعده .

13- دراسة ديكر، يحب ان يؤمنوا بك لكي يسمعوك، (2011م ).

يقدِّم المؤلف أساليب التواصل العاطفي وكيفية اكتساب الثقة مع التركيز على عاملي: البصري والطاقة، وكيفية إعداد قوة الإقناع في الحديث ومقابلات الجمهور .

14- دراسة فيكرز، التأثير الشخصي، ( 2011م ) .

يشتمل الكتاب على مجموعة من الأفكار العملية لجذب انتباه الآخرين وكيفية تعزيز الثقة بالنفس، مع ما يتطلبه التأثير في الآخرين من عوامل وتدريبات، وهو دليل عملي للراغبين في البروز والتميز عند مقابلة الجمهور وتدريبهم على ذلك .

15- دراسة كومار، فن التحدث أمام الجمهور. ( 2011م ) .

وهو كتاب يقدِّم خطوات عملية لكيفية اكتساب مهارات التحدث أمام الجمهور بكل جرأة وفعالية مع الحرص على حسن اختيار موضوع الحديث المراد تقديمه .

16- دراسة بكار، المتحِّدث الجيد، (1432هـ/2011م ) .

يشكل الكتاب خطوة مهمة على طريق النهوض بالأساليب الدعوية، واشتمل على صفات المتحدث الناجح، وأهمية التعبير غير اللفظي، وكيفية إعداد الحديث، وأنماط الجمهور وكيفية التأثير فيهم .

17- دراسة بوكان، كيف تتحدث بثقة أمام الناس؟، (2012م).

عرض المؤلف أبرز الوسائل لتنظيم أفكار المتحدث أمام الجمهور، وكيفية لفت انتباهه والمحافظة عليه، مع بيان أهم سمات النجاح، وكيفية اكتساب مهارات التواصل مع الآخرين، وطرق كسب المصداقية والمحافظة عليها، وكيفية التأثير على الجمهور.

18- دراسة تريسي، تحدثْ لتفوز،(2012م) .

المؤلف من أشهر الخطباء المعاصرين، وقد سخَّر خبرته الكبيرة في إبراز مهارة الخطابة كفن ضروري للإنسان وأهمية العناية به لزرع الثقة بنفسه عبر مجموعة من الخطوات الإجرائية، بداية من الثقة بنفسه عبر مجموعة من الخطوات الإجرائية، بدءاً من تعزيز الثقة وحسن التعامل مع الجمهور، مروراً بالاهتمام بالعروض التقديمية، وحسن التعامل مع ظروف المنصة وكيفية السيطرة على المكان، والفهم الجيد للتعامل مع التقنية، وأخيراً: كيفية الختام المبهر لأي برنامج خطابي أو تدريبي .

19- دراسة روجرز، قوة التحدث ، (2012م) .

وفي الكتاب نصائح عملية للتغلب على المواقف المحرجة أثناء الحديث والتحاور مع الآخرين، وأيضاً كيفية التغلب على المخاوف عند الظهور في وسائل الإعلام .

20- دراسة الكلاب، فن الإلقاء ، ( 2012 /2013م).

يعتبر الكتاب خلاصة تجربة المؤلف في الإلقاء ومقابلات الجمهور بعد سنوات عديدة من الظهور التدريبي والتليفزيوني، وجمع فيه نصائح عملية تساعد على التغلب على عقبات مقابلات الجمهور وزيادة الثقة بالنفس مع الاستشهاد بمجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المعزِّزة لجوانب التطبيق والممارسة العملية لبعض تلك المهارات .

21- دراسة كارينجي، قف وتواصل ، (2012م) .

وقد تناول المؤلف عدة جوانب مهمة، منها: الخطابة العالية التأثير، كسر الحواجز بين الخطيب والجمهور، كيف تتخلًّص من رهبة الموقف؟ ، أدوات الخطابة، القصص، التفاعل مع الجمهور، كيف تبدا خطابك؟ قوة الإقناع، كيفية إنجاح الخطاب، الرد على الأسئلة .

ويعتبر الكتاب دليلاً متكاملاً لإجادة فن الخطابة العامة بما يزخر به من نصائح واستراتيجيات وأمثلة من واقع الحياة .

22- دراسة ميلز, فن الإقناع، (2012م) .

وتناول الكتاب: تأثير الإقناع ونماذج ، وقوة الكلمة وقراءة أفكار الآخرين، وكيفية الفوز بقلوب الآخرين، ودرجات التأثير التلقائي ،وأفضل أشكاله مع تقديم نماذج لأبرز زعماء القرن العشرين تأثيراً وإقناعاً .

23- دراسة المزيد، هدي محمد صلى الله عليه وسلم في عباداته ومعاملاته وأخلاقه (1433هـ/2012م).

وقد اختار المؤلف ثلاثين موضعاً للقدوة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم (منتقاة من زاد المعاد للإمام ابن القيم)، وذلك في مجالات: العبادات والمعاملات والأخلاق، ومن أبرز المواضع التي لها ارتباط بالبحث: هديه صلى الله عليه وسلم في خطبته وحديثه .

24- دراسة هندرسون، تحرَّر من مخاوف التحدث إلى جمهور،( 2013م) .

قدَّم فيه المهارات الضرورية لتقديم خطاب ملهم، سواء أكان لشخص واحد أو ملايين، وكيفية التعامل مع البيئة والجمهور، واختيار المكان والملابس والألوان المناسبة عند الحديث الجماهيري، ومهارات تكوين الصوت، وكيفية جلب الهدوء المطلوب في تلك المواقف .

25- دراسة الحزيمي، المتحدث البارع، (1434هـ/2003م).

ويتضمن الكتاب مقدمة وخمسة أبواب، وفي المقدمة نبذة عن الإلقاء والمفاهيم المرتبطة به، وأول الأبواب: مرحلة الإعداد(قبل الإلقاء)، وثانيها: التهيئة النفسية(قبيل الإلقاء)، وثالثها: المهارات العملية(أثناء الإلقاء)، ورابعها: بعد الإلقاء، وخامسها: مهارات متقدمة، وقد عرض المؤلف مجموعة من التجارب الناجحة والنصائح المفيدة للمدرب الجيد حتى يتعامل مع المواقف التدريبية بكل كفاءة واقتدار.

ثانياً ـ مجال التدريب :

1- دراسة راي، تقنيات التدريب، (2007م ) .

الكتاب مفيد لبيان كيفية تدريب الموظفين وتطويرهم مع إبراز عدد من طرق التدريب الفعالة والمجربة من قبل، ويقدم معلومات عن عمليات تقييم التدريب، وكيفية إعداد الدورات التدريبية على نحو فعال ومؤثر .

2- دراسة براي، المرشد العملي في تصميم الدورات التدريبية، (2008م) .

يمتاز الكتاب بأسلوب عملي للمستخدم، ويقدم الجوانب النظرية والتدريبات العملية في جميع مراحل عملية التصميم، مع وجود العديد من الأمثلة للمواد والمعينات المساعدة في تقديم الدورات بنجاح . ويهدف الكتاب إلى بعث النشاط في الدورات التدريبية وتقديم تصميمات جديدة بها .

3- دراسة تاونسيند، كتيب المدرِّب، (2008م) .

وهو كتيِّب مهم ورائع، اشتمل على باقة من الأساليب والأدوات للمدربين وكيفية تهيئة بيئة التدريب بشكل مناسب مع تلميحات لطرق التدريب وأساليب كسر الجمود .

4-  دراسة الشريف، محمد موسى. ( 1429هـ /2008م).

وهو كتاب مهم في مجاله، حيث يؤكد على أهمية التدريب في العمل الدعوي، وضرورة نقله إلى هذا المجال، وتقديم العديد من الشواهد عليــه مـن القرآن والسنة

وعرض بعض النماذج عليه من التاريخ الإسلامي .

5- دراسة أبو النصر، مهارات المدرب المتميز، ( 1430هـ/2009 م ) .

احتوى الكتاب على أبرز الأمور المرتبطة بالتدريب كفلسفة ومهارات وعمليات إدارية مرتبطة به، ومن أبرز الجوانب التي اشتمل عليها: مفهوم التدريب وعناصره وأطرافه ومتطلباته، ومتطلبات المدرب المتميز وأدواره، وإعداد الحقائب التدريبية، الأساليب التدريبية، الوسائل التدريبية، مشكلات القاعات التدريبية، أنماط المتدربين، تقييم التدريب والمدرب، معايير الأداء للمدربين، تطوير أداء المدربين .

6-  دراسة بن شديِّد، مبادئ وأساليب التربية بالتدريب من السنة النبوية، (1430هـ /2009م ).

أبرز الكتاب أهمية التدريب للموظف، مع بيان أهميته للأمم ونهوضها، وكيفية اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالتدريب في شتى مجالات الحياة، مع ضرب الشواهد عليه من السنة النبوية واستنباط الأساليب التدريبية الواردة في مجاله .

7-  دراسة معمار، التدريب : الأسس والمبادئ، (2010م) .

وهو كاتب شامل للتدريب وعملياته وما يتصل به من دراسة الاحتياجات التدريبية وتصميم البرامج التدريبية وتصميم الحقائب التدريبية وتنفيذ البرامج التدريبية وتقويمها، وعرض المؤلف جهده بأسلوب سهل وميسر

8- دراسة السكارنه، اتجاهات حديثة في التدريب، (1432هـ/2011م) .

وهو كتاب شامل، فيه عرض عن مفهوم التدريب وأهميته، فلسفة العملية التدريبية، وتحليل وتحديد الاحتياجات التدريبية، تصميم البرامج التدريبية، والطرق والأساليب التدريبية. الوسائل والمساعدات التدريبية، تقويم البرامج التدريبية، الحقائب التدريبية، إدارة العمليات والأنشطة التدريبية، كيف تكون مدرباً ناحجاً ؟

بعد الاطلاع على الدراسات السابقة في مجالي: الحوار والتدريب، نجد أنها مجموعة متنوعة من المؤلفات، وقد اعتمدت على عرض أهمية الموضوع وما يتصل به من عدة جوانب .

وبعض المؤلفات أوردت شواهد على الحوار من السنة النبوية الشريفة دون ربط لها بواقع التدريب الحديث .

ولذلك تفرَّد البحث ـ حسب علم الباحث ـ بكونه الأول في الربط بين أساليب الحوارات النبوية وتطبيقها في مواقف تدريبية معاصرة، وذلك في قالب عملي ، يضفي عليها الواقعية وإمكانية التطبيق في الوقت الحالي .

وبعد عرض الإطار النظري لموضوع البحث، سنشرع في التفاصيل على النحو التالي:

أولا ـ  أساليب حوارات النبي صلى الله عليه وسلم

تمهيد :

سيظل الحوار الوسيلة الأولى للدعوة الإسلامية ونشر الخير وتغيير المفاهيم الخاطئة وإبراز جوانب التميز والقوة في كل موضوع، والحوار الهادف الداعم للحقيقة المنتج للمعرفة الصحيحة يقوم على أهداف واضحة وغايات نبيلة ، تدعمه وتوجهه لتحقيق المراد منه .

ومن لوازم الحوار الناجح أن توظف المهارات اللازمة والأساليب المؤثرة خلاله لتستأثر باهتمام الجمهور ولفت انتباهه، بل الهدف الحقيقي" أن تجعل الجمهور طوع بنانك خلال30 ثانية من بدء حديثك"(تريسي،2012م، ص69)، وذلك يسهم في تحقيق الغاية من الحوار من إقامة الحجة, ودفع الشبه والفاسد من القول والرأي. فهو تعاون من المتناظرين على معرفة الحقيقة والتوصل إليها, ليكشف كل طرف ما خفي على صاحبه منها, والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلى الحق. وهذه هي الغاية الأصيلة, وهي جلية بينة, وثمَّة غايات وأهداف فرعية وممهدة لهذه الغاية ، منها:

- إيجاد حل وسط يرضي الأطراف.

- التعرف على وجهات نظر الطرف أو الأطراف الأخرى.

- البحث والتنقيب, من أجل الاستقراء وتنويع الرؤى من أجل الوصول إلى نتائج أفضل.

ومن أهم غايات الحوار: توليد الأفكار الجديدة في ذهن المتكلم, وفي هذا التجاوب توضيح للمعاني وإغناء المفاهيم يفضيان إلى تقديم الفكر والوصول إلى نتائج وخلاصات. ( بصفر والمهنا،1429هـ،، ص48-49) .

وتلك الأهداف الواضحة والغايات النبيلة من الحوار تقودنا لمجموعة من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها المتحاورون قبل البدء في الحوار، ومنها :

1- إخلاص النية لله تعالى : فلا يقصد بذلك إظهاراً لثقافته وقدرته وبراعته أو جلب الثناء له.

2- العلم : خاصة فيما يتعلق بموضوع الحوار ومادته .

3- الصدق : لأن احترام الحقيقة مطلب مهم ليطمئن كل طرف للآخر .

4- التزام المحاور بما يدعو إليه: ليكون قدوة حسنة في تطبيق ما يحاور من أجله ويدافع عنه.

5- التكافؤ بين المتحاورين : من حيث المنزلة والمكانة الاجتماعية والعلمية بقدر الإمكان .

6- المعرفة المسبقة بالطرف الآخر: لتضفي الألفة والاطمئنان للطرف الآخر .

7- اختيار الظرف المناسب : (الزمان، المكان، المناخ، نفسية المتحاورين، ملاءمة الموضوع) (الموجان،1427هـ ، صص75- 83) .

وتلك الأساليب وردت في السنة النبوية المباركة، فقد بُعث النبي صلى الله عليه وسلم بخاتم الأديان السماوية، وكُلف بنشره وتبليغه أداء للأمانة الملقاة على عاتقه، فاتخذ العديد من الوسائل والأساليب المتنوعة لتبليغ دين الإسلام ونشره  بين الناس، ومن تلك الأساليب الحوار، باعتباره ركيزة مهمة للداعية، وضرورة للقائد، وحاجة ماسة للمرشد...

وللحوارات النبوية هدف عام، هو تبليغ دين الله تعالى ونشره، وكذلك هناك أهداف أخرى تتحدد حسب الموقف والظروف المحيطة بالطرف الآخر، ومن تلك الأهداف: الإقناع بالإسلام، وتعليمه الناس، والتثبيت على الإيمان، والتعويد على التسليم لأوامر الله، والذود عن دين الله، وتيسير طاعة الله، وحسن استثمار نعم الله، والتعود على فعل الخيرات، وتجنب الغلو، وحفظ الحقوق. (صيني، 1430هـ ، ص12) .

ولتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، لابد من ممارسة مجموعة من الأساليب الحوارية المتعددة التي تسهم في تحقيقها، مع مراعاة الظروف وطبيعة المتحاورين وتنويعها حسب المواقف المختلفة .

وبعد هذا التمهيد الموجز عن أهداف الحوار وغاياته وآداب المتحاورين، سنشرع في بيان مجموعة مباركة من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في حواراته المتعددة مع الآخرين، ومن تلك الأساليب ما يلي :

أولاً: تهيئة ذهن المستمع : الكلامُ لغة التواصل بين المتحاورين، وحتى يكون له أثرٌ مفيد ودور في التربية والتعليم والتدريب، لا بدّ من توفّر بعض المهارات والمواصفات في قائله ؛ حتى يبعثَ على التأثير في النفوس، ويجذب الألباب نحو محتواه .

ولذلك تظهر أهمية الإنصات والإصغاء للكلام؛ حتى يصفو ذهن المستمع ليدرك مغزاه ويُفهم معناه. ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطبِّق تلك المهارات في كلامه مع صحابته، فنجده يدعوهم أولاً للإنصات والإصغاء، وهو أول درجات الاستجابة والاستفادة والتغيير للأفضل، فَعَنْ جَرِيرٍ t أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:(اسْتَنْصِتِ النَّاسَ، - فَقَالَ - : لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) . (البخاري، صحيح البخاري ، حديث : 118) .

قال ابن حجر العسقلاني شارحاً الحديث في كتابه (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) شارحاً ما يتعلق بالموضوع : " قال ابن بطال : فيه أنّ الإنصات للعلماء لازم للمتعلِّمين؛ لأنّ العلماء ورثة الأنبياء ، كأنه أراد بهذا مناسبة الترجمة للحديث، وذلك أن الخطبة المذكورة كانت في حجّة الوداع، والجمع كثير جداً، وكان اجتماعهم لرمي الجمار، وغير ذلك من أمور الحجّ ، وقد قال لهم: ( خذوا عني مناسككم )، كما ثبت في صحيح مسلم، فلما خطبهم ليعلِّمهم ، ناسب أن يأمرهم بالإنصات، وقال النووي في شرح الحديث السابق: " قوله صلى الله عليه وسلم:(اسْتَنْصِتِ النَّاسَ)، معناه: مُرْهم بالإنصات؛ ليسمعوا هذه الأمور المهمّة والقواعد التي سأقرِّرها لكم وأحمّلكموها ".

 وبذلك يتضح لنا حرص رسول صلى الله عليه وسلم على التماس نشاط أصحابه واستعدادهم الذهني للسماع والجلوس إليه .

ومن أبرز الأمور التي تساعد على تهيئة المتلقين الحرص على الاتصال البصري معهم، وله فوائد عدة :

1- أنه يمثل رابط ألفة مع المستمعين ويشعرهم بأهميتهم .

2- أنه يزيد من قناعة المستمع بالموضوع .

3- أنه يعطيك تغذية راجعة، لتجري التعديل المناسب.(الحزيمي، 1428هـ، ص155)

وقد جاء في أحاديث كثيرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل على أصحابه بوجهه وهو يحدثهم، منها ما رواه العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال :  ( قام فينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ فوَعَظَنا مَوْعِظَةً بليغةً، وجِلَتْ منها القلوبُ، وذَرَفَتْ منها العيونُ! ).(ابن ماجه، صحيح ابن ماجه ، الرقم: 40) ، صححه الألباني .

وتهيئة الذهن تقتضي استعداداً روحياً ونفسياً وعقلياً، وعلى هذا فإن من المهم أن يتأكد المتحدث أن مستمعيه مهيأون لسماعه . (بكار،1432هـ، ص62 )، فقد ورد في الحديث الصحيح عن شقيق أبي وائل، قال: كان عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- يذكِّرنا كل خميس، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن، إنا نحب حديثك ونشتهيه ، ولوددنا انك حدَّثتنا كل يوم، فقال ابن مسعود : ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهية أن أُملَّكم. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يتخوَّلنا بالموعظة كراهية السآمة علينا) . (مسلم ، صحيح مسلم، رقم: 2821)، خلاصة حكم المحدث : صحيح . وقد ورد في شرح الحديث المذكور : يَحكي عبدُ الله بن مسعود رضِي اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان مِن شدَّةِ حرصِه على انتفاعِ أصحابه واستفادتِهم مِن وعظِه وإرشادِه أنَّه لم يكن يُكثِر عليهم من ذلك، وإنَّما يتعهَّدُهم بالموعظةِ في بعض الأيام دون بعض، ويتحرَّى الأوقاتَ المناسبة، الَّتي هي مظنَّةُ استعدادهم النَّفسيِّ لها، وإنَّما كان يقتصِرُ على الوقتِ المناسب خوفًا على نفوسِهم من الضَّجَر والملَل، الَّذي يؤدِّي إلى استثقالِ الموعظة وكراهتِها ونفورِها، فلا تحصُلُ الفائدة المرجوة، وفي الحديثِ: رفقُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وشفقتُه بأمَّتِه؛ ليأخذوا الأعمالَ بنشاطٍ وحرصٍ عليها، لا عن ضجَرٍ وملَلٍ. (موقع الدرر السنية ، بتاريخ 9/2/1437هـ)

والمدرب الجيد من يحرص على تهيئة أذهان المتدربين،  لأنه "حين يبدأ حديثه تكون هناك مسافة عقلية ونفسية تفصل بينه وبين مستمعيه، وينبغي عليه قطع تلك المسافة بأقصى سرعة حتى يندمجوا معه روحياً وعقلياً، ويبدؤوا بالتفاعل معه، طرح الأسئلة في بداية الكلام من الأمور المساعدة في ذلك". (بكار،1432هـ، صص105-106) .

ومن المستحسن البدء بعبارة تجذب انتباه الجمهور، وذلك بالحديث عن رغبة، أو اهتمام، أو مشكلة شائعة بين الجمهور.(تريسي،2012م، ص104)، فلاشك أن مراعاة تهيئة أذهان المتلقين وصرف الشواغل عنها من أهم الأسباب الباعثة على الفهم والاستيعاب، ومن ثم التطبيق والتنفيذ أو النقاش والمحاورة .

ثانياً: وضوح الكلام : اللغة السهلة الواضحة مطلب مهم لاستمرار الحوار الإيجابي، ليحقق أهدافه ، وذلك منهج نبوي كريم، فبعد أن يتهيأ الجميع لسماع ما يريد قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشرع بكلام واضح بيّنٍ فصْلٍ، بدون استعجال، وبِحُسن نُطق، وجمال ترتيب؛ حتى يستفيد منه السامع ، ويحقق الرسول صلى الله عليه وسلم غرضه من ذلك, وعلى ذلك شواهد ، منها: عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ . وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : أَلاَ يُعْجِبُكَ أَبُو فُلانٍ ؟. جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم  يُسْمِعُنِي ذَلِكَ، وَكُنْتُ أُسَبِّحُ ، فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي ، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ).(البخاري ، صحيح البخاري، حديث : 3303) .

ويؤكّد لنا هذا الأسلوب (الكلام الواضح البيِّن الفصْل الخالي من السرد والاستعجال) ابن حجر العسقلاني في شرحه للحديث في كتابه (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) : " قولها : ( لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ )، أي: لو عدَّ كلماته أو مفرداته أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها ، والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهيم .وقولها : (لَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ )، أي: لأنكرتُ عليه وبيّنتُ له أنّ الترتيل في التحديث أولى من السرد، وقولها:( لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ )، أي: يتابع الحديث استعجالاً بعضه إثر بعض ؛ لئلاّ يلتبس على المستمع ، زاد الإسماعيلي من رواية ابن المبارك عن يونس : ( إنّما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  فصْلاً تفهمه القلوب) " .

ومن دلائل وضوح كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدرة الصحابة على سماعه والاستفادة منه ، بل لو أراد أن يعدّه ويحصيه العادُّ لاستطاع ذلك ، وهذه ميزة أخرى، بل أسلوب مناسب خاصة في ذلك الزمان الذي قلَّ فيه وجود الكتابة ، بل ندر كتابة كل ما يريد قوله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن هناك طريقة متبعة إلا السماع والحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومن الجوانب المهمة المرتبطة بهذا الجانب :

- استخدام لغة بسيطة وسهله لترجمة الأفكار والمعاني.

- مراعاة المستوى الثقافي للمستقبل.

- الاختصار وعدم التحدث بسرعة.

- التكلم بوضوح, والعناية بمخارج الألفاظ.

- مراقبة ردود الأفعال على المستقبل.

- عدم التعالي بالمعرفة على المستقبل.

- التأكد من دقة وصحة ما تقول من معلومات.(بصفر والمهنا،1429هـ،ص177) .

فمراعاة ما سبق يفضي إلى السهولة والبساطة في الحوار، وذلك أدعى للقبول والتفاهم المطلوب في مثل هذه المواقف المتكررة .

ويستحسن دعم الحوار بكل وسيلة نافعة، وتؤدي لغة الأرقام وضوحاً وبياناً، " وتستخدم الإحصائيات لتوضيح نسبة الأمثلة من نوع معين، ويمكنها أن تكون مؤثرة ومقنعة، ولاسيما كبرهان في المواقف التي لا يمكن للمثال المنفصل أن يؤدي نفس الغرض" (كارينجي، د.ت، ص307).

ومن الأمور المرتبطة بالحوار الإيجابي أن يتم بلغة واضحة مفهومة للطرفين ، مع البعد عن الرطانة - التي تعني استخدام كلمات معينة لا يفهمها سوى أصحاب مهنة معينة – لأن ذلك من العوامل التي تضفي غموضاً كبيراً على الحديث، وعلى ذلك ينبغي الحد منها حتى لا تتعرض لسوء الفهم . (بوف، 2008م، ص9).

وتبرز أهمية التحاور بالفصحى لتعطي الحوار قوة وجزالة، وعند ظهور ضعف التحدث بها، ينبغي ترسيخ أهميتها بما يلي: الشعور بأهمية انتقاء الكلمة القوية والمعبرة، العودة إلى مصادر الثروة اللغوية، التدريب الشخصي المستمر، الحرص على القراءة من الكتب التطبيقية من التراث العربي، الاهتمام بانتقاء الكلمات الجميلة، والحرص على المشاركة في الأحاديث العامة، زيادة الثقة بالنفس.(العشماوي، 1431هـ، ص ص119-121) .

ومن غاية الاهتمام بالمحاور أن تحادثه بلهجته - إن أمكن- ، فذلك أقرب إلى نفسه، وأحظى عنده، "اجعل لهجتك واضحة للطرف الآخر ما أمكن، فقد تحاور أحداً ينطق بنفس لغتك لكن يختلف عنك في اللهجة، لذا فاحرص على اختيار الألفاظ المشتركة حتى لا يضيع وقت الحوار في تفسير معاني الألفاظ" (الحبيب، 1427هـ، ص80) .

وكل ذلك يقتضي البعد عن الفاحش من القول، فعن أبي هريرة رضي الله عنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق).(البخاري ، صحيح البخاري، رقم: 6477) خلاصة حكم المحدث: صحيح

وهناك ارتباط بين تحسين الصوت ووضوح الكلام، ولا بد من حرص المحاور على التدريب المنظم الذي يحسن صوته ليسمعه جمهوره بوضوح ويتفاعل مع طرحه، ومن وسائل تحسين الصوت: التنفس بعمق، ممارسة الرياضة باستمرار، استشعار الثقة بالنفس، التدريب على تلوين الصوت حسب المواقف، تناول العسل والسكر النباتي واليانسون.(العشماوي،1431هـ، ص87) .

فالوضوح مطلب مفضي لتحقيق هدف مفهوم للطرفين، ومنبع الوضوح النطق الصحيح للكلمات، بغض النظر إذا كانت نبرة الحديث هادئة أو مرتفعة أو سريعة، ومن النصائح المفيدة للتدرب على النطق الصحيح بوضوح، ما يلي :

  • سجل لنفسك ثم استمع إلى ما قمت بتسجيله .
  • انطق كلماتك بوضوح .
  • ضع قطعة من الفلين بين أسنانك وكرر الكلمات التي لا يمكن نطقها بوضوح . (بوف، 2008م، ص16) ، ويفضل أن يستمع لنطق الكلمات بشكل صحيح من شخص آخر.

فوضوح العبارات مطلب للاسترسال في المتابعة والمشاركة الفاعلة في الحوار، للخروج بنتائج إيجابية ومفيدة للطرفين .

ثالثاً: إتاحة الفرصة للمستمع للإنصات والمتابعة: فمن أساليبه التربوية في كلامه صلى الله عليه وسلم : إعطاء فرصة للمتلقين للحفظ والاسترجاع والسؤال، وذلك بسكوته أثناء الإلقاء، ولذلك فوائد عظيمة لجذب انتباههم، وأخذ قَدْر من الراحة، وترتيب الأفكار. ولعلّ الحديث الطويل (خطبة الوداع) الذي ورد بأكثر من رواية عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يوضِّح هذا الجانب، فَعَن أبي بكرة t عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(أيّ شـهر هذا) ؟. قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننّا أنه سيسمّيه بغير اسمه، قال:( أليس ذا الحجة ) ؟. قلنا : بـلى ...(مسلم، صحيح مسلم، حديث : 3179).

وإذا كان الموقف يستدعي غير ذلك ، كأنْ يكون في معرض التحذير أو الغضب؛ لارتكاب محرّم أو مخالفة صريحة ، تكون الوسيلة مطابقة للأسلوب ومُوافقة للحدَث ، كما في إنذاره لقريش وإبلاغهم بالتوحيد على جبل الصفا ، فَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ وَزُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو قَالاَ : (لَمَّا نَزَلَتْ : أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ، قَالَ: انْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم  إِلَى رَضْمَةٍ مِنْ جَبَلٍ فَعَلا أَعْلاهَا حَجَرًا، ثُمَّ نَادَى: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافَاهْ، إِنِّي نَذِيرٌ ، إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ رَأَى الْعَدُوَّ فَانْطَلَقَ يَرْبَأُ أَهْلَهُ، فَخَشِيَ أَنْ يَسْبِقُوهُ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ : يَا صَبَاحَاهْ).(مسلم ، صحيح مسلم، حديث : 306) .

فعبارات الحديث أو الموقف توحي بالانفعالات المطلوبة في ذلك المقام ، وتضع أمام القارئ جملة من خصائص وأساليب الرسول صلى الله عليه وسلم في كلامه المناسب لكلّ مقام .

يقول (عبد الباري، 1412هـ) : " فالتعبير عن الموقف بكلمة (يربأ) تعبير دقيق مصيب، ثمّ اختياره صلى الله عليه وسلم لكلمة (يهتف)، ومعناها : يصيح ويصرخ؛ لأنّه خشي أن يسبقه العدو فيدهم قومه، وهو يهتف بهذه الكلمة المعبِّرة : (يا صباحاه)، وهي كلمة يعتادونها عند وقوع أمرٍ عظيم ،فيقولونها ليجتمعوا ويتأهبوا له، ومن هنا تظهر الدقّة في اختيار الألفاظ ووضعها في مكانها المناسب " .( ص68 ).

إن تركيز الانتباه فيما تريد قوله مطلب مهم، لضمان انسيابية الحوار على النحو المأمول، ويحقق ذلك مجموعة من النصائح المرتبطة :

  • توقف قليلاً وفكر وتأمل فيما تريد قوله .
  • اختر الكلمات المناسبة التي تعبر عن رسالتك بوضوح .
  • حدد النبرة التي تريد التحدث بها .
  • حدد النتيجة التي تريد تحقيقها من حوارك مع الآخرين .
  • تعرف على طبيعة مستمعك .
  • صغ رسالتك بأسلوب يسهل فهمه . (بوف، 2008م، ص4).

والإنصات لا يقصد به إتاحة الفرصة للاستماع للآخرين فحسب، بل يتجاوز ذلك ليصل إلى كظم الغيظ والتجاوز عن الإساءة وعدم رفع الصوت عند تعليق الآخرين أو انتقادهم له .

فمراعاة أحوال المستمعين عامل مهم من عوامل المتابعة والاستفادة، ولها فوائد عدة، أبرزها التشويق للآتي من الكلام والتوثيق للماضي منه .

رابعاً: عدم إطالة الحديث أو مقاطعته : لكلا المتحاورين الحق في الحديث وإبداء وجهة النظر والتعبير عن مراده، وذلك من خلال رسالة واضحة، لأجل " الحصول على رد فعل إيجابي في شكل اقتناع عقلي أو تأثر وجداني أو تغير سلوكي". (بكار،1432هـ، ص64)، أما انفراد أحد الطرفين بالحديث دون الآخر فقد يؤدي إلى إغفال بعض المعلومات المهمة  المفترض إيرادها خلال الحوار، وأيضاً سيصيبه الملل والكلل وتناقص التركيز، فقد دلت بعض الدراسات أن العقل البشري لا يستطيع أن يتابع على نحو كفء أكثر من 18 دقيقة . (بكار،1432هـ،ص64) .

وقد كان من هدي رسول الهدى صلى الله عليه وسلم : عدم الإطالة في الكلام؛ خشيةً من السأم والملل، ومراعاةً لأحوال السامعين، إلا إذا اقتضت الحاجة، وعادته عدم الإطالة، فعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ  صلى الله عليه وسلم لا يُطِيلُ الْمَوْعِظَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِنَّمَا هُنَّ كَلِمَاتٌ يَسِيرَاتٌ).(أبو داود، السنن، حديث: 933)، ووردَ في شرحه في كتاب (عون المعبود شرح سنن أبي داود): " فيه: الوعظ في الخطبة مشروع، وإن إقصار الخطبة أَوْلى من إطالتها " .

فإطالة الكلام من غير حاجة سبب لانصراف الذهن وظهور الملل على المتلقي، وتُوجِد صعوبة في الفهم والاستيعاب وضعف التركيز في المفيد منه، "احذر من إغراق الجمهور في المعلومات والتفاصيل الكثيرة واجعلهم مشدودين دائماٍ بجوهر الموضوع "(بكار،1432هـ، ص204).

والاختصار مهارة يحتاج إلى تدريب وتدريب، لأن " الحديث كلما قصر، زاد ما تحتاج إليه من إعداد وتنظيم لتلقيه خلال الوقت المحدود المخصص له" (تريسي،2012م، ص97) .

وعندما نتأمل في السيرة النبوية نجد أن أغلب الأحاديث النبوية يبرز فيها الاختصار كمنهج نبوي، وقد روي أن عماراً – رضي الله عنه- خطب فأوجز وأبلغ، فلما نزل، قالوا: يا أبا اليقظان: لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست، (أي: أطلت قليلاً). فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة (أي: علامة) من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحرا) (مسلم، صحيح مسلم، رقم 869) .

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحدث حديثاً لو عدَّه العادُّ لأحصاه، وقد أوتي جوامع الكلم ، حيث يعبر عن المعاني الكثيرة بألفاظ قليلة جامعة شاملة ، ولعل التلخيص وسيلة مناسبة وداعمة للاختصار وعدم الإطالة، فالتلخيص " عبارة عن إعطاء فرصة ثانية للسامعين كي يعودوا إلى مسار الخطبة أو المحاضرة، بل إن التلخيص يجعل المتحدث نفسه يكف عن استطراداته " (بكار،1432هـ، ص135) .

ولاشك أن مقاطعة الحديث من منغصات الحوار الهادئ، ويزداد وقعه على الأنفس أثناء "مقاطعتهم عندما يتحدثون ـ بشكل خاص ـ عن أنفسهم" (الحبيب،1427هـ، ص26) .

ومن الحكمة عدم مقاطعة المتحدث إلاَّ لضرورة، لأن المقاطعة تصرفه عن المتابعة، ففي مسح أجرته جمعية (جالوب بول) لتحديد الأمور التي يرى الأمريكيون أنها تسبب الإزعاج أثناء الحديث... نسبة 88% التي ترى أن مقاطعة الآخرين أثناء حديثهم هي الأمر المزعج بالفعل.(بوف،2008م، ص34) .

فالمحاور الناجح الذي يصغي للآخرين ويحرص على الإنصات لهم بقدر حرصه على الاستماع له .

خامساً: إعادة الكلام عند الحاجة : للإعادة فوائد عديدة، منها : التأكيد والتثبيت لبعض المعلومات والحقائق والمفاهيم، وحفظ الشيء المكرَّر ورسوخه في الذهن ، وإثارة الانتباه حول الشيء المكرّر، والاهتمام به والتنبيه عليه...إلخ، "عندما يتم عرض الرسالة مرة واحدة، لا يتذكر منها المخ إلا 10% بعد مرور عام واحد، وعندما يتم عرضها ست مرات، فإنه يتذكر90% منها بعد نفس المدة، لذا يجب على المدربين التكرار والتلخيص والمراجعة" (تاونسيند، 2008م،ص9).

وقد استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم التكرار في كلامه، وثبت في مواقف عديدة وكثيرة أنه كان يكرِّر كلامه ويعيده على سامعيه؛ ليعوه ويفهموه ويُدركوه، فعَنْ أَنَسٍ t عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:( أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ ، وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلاَثـًا).(البخاري ، صحيح البخاري، حديث : 93) .

كان من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعيد حديثه ، خاصة في المواقف المشهودة والأماكن العامة؛ ليدركه ويعيه الجميع، ويتخذ له وسيلة التكرار؛ " تأكيداً لمضمونه وتنبيهاً للمخاطَب على أهميته، وليفهمه السامع ويتقنه ".(أبو غدّة، 1417هـ ، ص168 ) .

ومن الشواهد المهمة على إعادة الحديث ما رواه أَبوهُرَيْرَةَ t أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : أَوْصِنِي ، قَالَ : (لا تَغْضَبْ) ، فَـرَدَّدَ مِرَارًا، قَـالَ : (لا تَغْضَبْ) .(البخاري ، صحيح البخاري ، حديث : 5651 ) .

وقد صنّف البخاري - رحمة الله عليه - في كتابه شيئاً متعلقاً بذلك: بَاب: مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ ، فَقَالَ :(أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ)؟. فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: (قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:(هَلْ بَلَّغْتُ ـ ثَلاَثًا ـ).   (البخاري، صحيح البخاري، حديث: 94)، قال ابن حجر العسقلاني في كتابه (فتح الباري بشرح صحيح البخاري)عن ذلك: " قوله: (فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا)، أي: في مجلسه ذلك ، والضمير يعود على الكلمة الأخيرة، وهي قول الزور " .

وذكر ابن جماعة في آداب العالم مع طلبته في حلقته قوله : " ويحتسب إعادة الشرح له وتكراره ". (ابن جماعة ، 1419هـ، ص91 ) . فحرِيّ بمحاور ومدرب اليوم أن يتخذ من رسوله صلى الله عليه وسلم  وأسلافه العظماء أسوة وقدوة حسنة له.

ويؤكد على هذا الأمر علماء التدريب في الوقت المعاصر، بقولهم " لذا،  فإن استخدام تقنية التكرار مع التواصل البصري أمر ضروري" (هندرسون، 2013م، ص67).

ويقصد بالتكرار هنا إعادة الكلام المرتبط بالمفاهيم والأفكار الأساسية ذات الأولوية في محور اللقاء، وليس المراد منه إعادة كل الكلام برمته وترديده، فهذا غير مقبول إطلاقاً، وكذلك المطلوب التركيز على المعاني المهمة والأفكار الضرورية وإعادة تكرارها بأساليب مختلفة، فذلك يساعدنا على تسريب تلك المعاني إلى العقل الباطن للمخاطبين، لتأخذ هناك في التجذر والتفاعل .(بكار،1432هـ،ص129) .

ومع اعتبار أن كثرة الإعادة والتكرار قد تؤدي إلى تشتيت المتلقي وملل السامع، فالمقصود منها أن تكون لهدف مقصود وفي إطار هادف .

وخلاصة ذلك : إن أسلوب الإعادة وسيلة ناجحة لحفظ المعلومات ، والتركيز على بعض الأشياء المهمّة، وقد استخدم رسولنا  صلى الله عليه وسلم هذا الأسلوب ومَن بعده من أهل التربية والتدريب .

سادساً: استخدام التقسـيم : من الأساليب المعينة على الحفظ والتذكّر : التقسيم ، فهو يسهِّل تذكر المادة المراد تعلُّمها واسترجاعها عند طلبها, و" تجعل الطالب يلمُّ بأطراف الموضوع، وتجعله يحفظ المعلومات، ويستوعبها بشكلٍ سريع، هذا بالإضافة إلى صيانة المعلومات وحفظها من النسيان، فإذا نسي الطالب معلومة منها ثمّ تذكّر أنّ عددها كذا، أو أقسامها كذا، كان ذلك معيناً لاسترجاع المعلومة المفقودة ". (الشلهوب، 1417هـ، ص122 ) .

وقد ثبت استخدام رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الأسلوب التعليمي والتدريبي، ومن ذلك ما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم  قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ،وَمَا هُنَّ ؟. قَالَ:( الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَت).(البخاري، صحيح البخاري، حديث: 2560)، فللتحذير من الذنوب العظام التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمهلكات، قام بذِكرها على أسلوب التقسيم، ليتمّ حفظها واسترجاعها والحذر من ارتكابها ، "شيء مفيد جداً أن يوضح المتحدث في بدايات كلامه المحاور التي سيدور حولها كلامه أو التقسيمات التي سيتناولها من خلالها موضوعه" (بكار،1432هـ، ص106).

ومن الشواهد الأخرى ما رواه أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال:  سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم  يَقُولُ:( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ : رَدُّ السَّلامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَإتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ ).( البخاري ، صحيح البخاري، حديث : 1164 )، ولبيان وترسيخ حقوق المسلم على المسلم، استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم  أسلوب التقسيم؛ ليدركها المسلم ويذكرها على الدوام ويعمل بها، وبذلك يدرك الجميع عظمة الإسلام في توثيق عرى الأخوة والمحبة بين المسلمين، ويعلمون براعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حواره مع أصحابه وأثره فيهم .

والمدرب الحصيف من يوظف هذا الأسلوب بشكل مناسب،" ومن المهم ألا يسرف في كثرة التقسيمات، وليحاول إذا كثرت عليه أن يدمجها في بعضها حتى لا تزيد على خمسة، وإذا استطاع اختزالها إلى ثلاثة فهو أحسن". (بكار،1432هـ، ص115)، فأسلوب التقسيم خير معين لتذكر المعلومة، وربط الموقف به من أهم عوامل استرجاع المعلومة بشكل أسهل من غيره .

سابعاً: ضـرب الأمثـال : المستمع العادي يصعب عليه الإنصات التام للعبارات المجردة على وتيرة واحدة، ولكن يسهل عليه الاستماع للأمثلة المعبرة والأساليب المتنوعة الأخرى التي تجذبه نحو المعلومة وترسخها في ذهنه، وقد استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم  هذه الأسلوب المفيد أثناء كلامه؛ لتحصل المعرفة والفائدة بأسلوب جديد ومفيد يعتمد على التصوير والتمثيل. ومن الشواهد على ذلك، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللهِ  صلى الله عليه وسلم  قَالَ :( إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلاّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلاّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ ؟!. - قَالَ - : فَأَنَا اللَّبِنَةُ ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ).       (البخاري، صحيح البخاري، حديث: 3271)، قال ابن حجر العسقلاني في شرحه للحديث في كتابه (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) : " وفي الحديث: ضرب الأمثال للتقريب للأفهام ، وفضل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر النبيين، وأنّ الله ختم به المرسلين، وأكملَ به شرائع الدين"، وقد وردت رواية أخرى عند مسلم، وشرَحها النووي في شرحه لصحيح مسلم بقوله :" فيه: فضيلته صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم النبيين، وجواز ضرب الأمثال في العلم وغيره " .

فضَربُ الأمثال من الأساليب التربوية والتدريبية التي تُستخدَم لتقريب ما كان بعيداً، أو إيضاح ما كان غامضاً، وذلك عن طريق تقديم الأفكار والمعاني بصورة محسوسة ملموسة يعرفها كل الناس أو أكثرهم، وكذلك يُقرِّب للأفهام المعاني الغريبة غير المتصوَّرة؛ فتكون في أذهان المتلقّين واضحة كأنها في حيِّز الوجود. "ولو أنك تأملت في السنة النبوية لوجدت عشرات التشبيهات الجميلة  التي ساقها صلى الله عليه وسلم بغية إيصال المعاني التي يرغب إيصالها إلى مستمعيه على أفضل وجه ممكن " (بكار،1432هـ، ص72).

ومن ذلك أيضاً ما رواه أبو مُوسَى الأَشْعَرِيِّ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  : (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، لا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ).(مسلم، صحيح مسلم، حديث: 1328) قال النووي في شرح صحيح مسلم: " فيه فضيلة حافظ القرآن، واستحباب ضرب الأمثال لإيضاح المقاصد " .

فوظيفة النبوة وظيفة تربوية تعليمية، رسالتها سامية، وأهدافها عالية، لذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدّم لنا أمثلة صادقة في التمثيل الإيضاحي لبعض القضايا، ومنها : قضية تفاوت الناس ودرجاتهم في التعامل مع القرآن الكريم، ولعلّ البراعة التي اشتمل عليها الحديث وقوّة العبارة فيه جعلت من الشيء البعيد قريباً، وأعطت المعنى قوةً وجزالة وتجسيداً في نفوس المتلقين .

وكذلك مِن آداب العالم مع طلبته في حلقته: أن "يبدأ بتصوير المسائل، ثمّ يوضّحها بالأمثلة وذِكر الدلائل ، ويقتصر على تصوير المسألة وتمثيلها لمن لم يتأهل لفهم مأخذها ودليلها، ويذكر الأدلة والمأخذ لمحتملها، ويبيِّن له معاني أسرار حكمها وعللها، وما يتعلّق بتلك المسألة من فَرع وأصل، ومَن هم في حكم أو تخريج أو نقل، بعبارة حسنة الأداء"(ابن جماعة ، 1419هـ، ص91-92)، ولابد من استخدام الأمثلة بشكل ناجح في حواراتنا، ليتحقق المراد منها، ومن تلك الشروط :

1- صحة التشبيه، وذلك بالربط الصحيح بين المثل المضروب والكلام المراد إثباته .

2- وضوح المثل وسهولة فهمه بالنسبة لعامة المخاطبين .

3- مناسبة المثل للمخاطبين، كأن يكون من بيئتهم أو بعض أحوالهم. (الحزيمي،1428 هـ، ص ص55-56) .

ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص على تعليم الناس بأساليب رائعة، تتمثل في ربط الناس بالمحسوسات والموجودات ؛ ليكون تأثيره أقوى، ونصحه أنفع فيهم، وإذا روعي فيها البساطة والوضوح وسهولة الفهم للمخاطَبين؛ ستؤتي ثمارها الطيبة ، ويُفهم المقصود منها، ويُعمل بمقتضاها .

فالمحاور الجيد هو الذي يستفيد من ضرب الأمثال لِما فيه الخير والنفع، لأن "التشبيه والتمثيل من أقوى وسائل الإيضاح، ومتى أحسن المتحدث استخدامها، استطاع أن يصل بالمستمعين إلى حيث يريد، فادعم فكرتك المعنوية بصورة حسية تكن بالغ التأثير"(الحزيمي، 1434هـ، ص163) .

ولاشك أن المثل المناسب للحدث والمفهوم لدى الطرف الآخر أدعى للاستفادة وتحقيق المطلوب " والمثال يكون بمستوى السامع، لا دونه فيحتقره، ولا عكس ذلك فيعجز إدراكه، وما ألطف أن يكون المثال من بيئة السامع حتى يكون أشد وقعاً" (الحبيب،1427هـ، ص32).

فتوظيف الأمثلة بشكل متوازن خلال الحوار يضفي على الحوار متعة وإقناعاً، ويساعد على تقريب وجهات نظر المتحاورين، للخروج بحوار إيجابي .

ثامناً: سرد القصص : للقصص قدرة كبيرة في جذب النفوس وحشد الحواس للتفاعل مع القاصّ، ولأنّ فيها إخباراً وتسلية وتقوية للعزائم وسرداً للحقائق، وتقريباً للشخصيات والعصور السابقة، وحفظاً للأحداث والسير، وللقصص فوائد أخرى عديدة، كتثبيت المعلومات والحقائق المجرّدة، والترغيب في عمل الفضائل واجتناب الرذائل، وتصوير سلوك فرق الخير والشر، فهي وسيلة تربوية وتعليمية وتدريبية جيدة لتهذيب النفوس وتربيتها وتبصيرها بالطريق الصحيح. والقصة  تتميز بأنها :

  • تستولي على انتباه المستمعين .
  • تبسط الأفكار المعقدة، وتجعل الأفكار المجردة أفكاراً ملموسة .
  • تمس العاطفة لدى المستمعين .
  • قابلة للتذكر .( ميلز،2012م، ص144)

" ويبدو أن للقصة أثراً موحداً في الثقافات ووقعاً متجانساً في توجيه الفكر البشري، فهي من جهة مرآة مدهشة تعكس كل أنماط السلوك البشري في المواقف المختلفة، كما تعكس كل الطرق التي استخدمها الناس في التغلب على صعوبات الحياة، وهي من جهة أخرى مؤشر تتعرف من خلاله على شروط الحياة المرغوبة وصفات الحياة المكروهة، أو قل: إننا نتعرف من خلالها على موقعنا في التاريخ الإنساني" (بكار،1432هـ، ص127) .

وكانت القصة النبوية تقف بجانب كتاب الله تعالى؛ لبيان أركان الدين، والتخلُّق بآداب الإسلام، وتمجيد العمل الصالح ، وتحقيق العبودية لله تعالى. وقد امتاز القصص النبوي ببساطة الأسلوب وتفصيله ووضوحه، وبتكرار بعض الألفاظ والعبارات؛ للإلحاح على الغرض من الحديث أو القصة، وبطرافة الموضوع وجاذبيته للنفوس. (النحلاوي ، 1417هـ ، ص ص243-244 ) .

وللقصص متعة خاصة، ولا يمكن إنكار قدرة القصة على جذب الانتباه عند الحديث أمام الجماهير...يقول نورمان فنسنت بيل – صاحب الخطب التي سمعها الملايين عبر الإذاعة والتلفاز- إن صيغته المفضلة لتدعيم مادة الحديث هي القصص أو الأمثلة .(كارينجي، د.ت، ص99-100)

والحقيقة إن رسول الله  صلى الله عليه وسلم استخدم القصة كأسلوب ووسيلة تعليمية من ضمن عدّة وسائل سابقة كان يستخدمها من " أجل الوصول إلى هدف أكبر وغاية أبعد، وهي بسط تعاليم الإسلام وشرح مبادئه، وتوضيحها في عقول المسلمين، وتزويدهم بكثير من قضايا هذا الدين الجديد وأحكامه، من أجل بناء الجيل الإسلامي الجديد على أسس قويّة من العلم الصحيح بمفاهيم الدين الجديد، ومعرفة جليّة بقيمهِ المختلفة عن الحياة والأحياء في الفكر والسلوك ". (الزير، 1405هـ ، ص444)، والقصة تخفف من ضغط إلقاء المعلومات المركزة وتتيح للمتلقين فرصة التخيل لإكمال أحداثها .

وقد استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم  أسلوب القصة في مواقف عديدة ومجالات متعدِّدة، ويمكن أن نذكر بعضاً منها على سبيل المثال، ما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ t  أَنَّ رَسُولَ اللهِ  صلى الله عليه وسلم  قَالَ :(بَيْنَا رَجُلٌ يَمْشِي فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَنَزَلَ بِئْرًا فَشَرِبَ مِنْهَا ، ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ بِكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ : لَقَدْ بَلَغَ هَذَا مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ بِي ، فَمَلأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ). قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟. قَالَ : (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ).( البخاري، صحيح البخاري، حديث: 2190) ولترسيخ حبّ عمل الخير والتشجيع عليه مع مَن كان، رغّب رسول الله r هذا في نفوس أصحابه ومَن بعدهم بالقصة المذكورة .

ولقد امتازت القصة النبوية بعنصر التشويق وشدّ انتباه السامع أو القارئ لِما سيحدث فيما بعد، إلى جانب الإقناع الفكري وتنمية العواطف الربانية على الخوف من الله والخشوع لله. وأسلوبها واضح قويّ التأثير في النفس البشرية، مما يؤدّي إلى تحريك الدوافع الخيِّرة الكامنة في الإنسان، وطرد النزعات الشريرة منه .

ويمكن للمدرب البدء بقصة في مستهل حديثه، " ولعل من أقوى الكلمات التي تستولي على الانتباه الكامل للجمهور، هي: في يوم من الأيام." (تريسي،2012م، ص67)، وعند توظيف القصة في ثنايا التدريب الحديث، ينبغي على المدرب المحترف إضافة بعض الانفعالات والحيوية والتكثيف، ولا يمنع أن تكون القصة شخصية مع الحرص على عدم الإساءة للآخرين، ويفضل أن تكون قصيرة. (بوف، 2008م، ص12). وعند سرد قصة ذات مغزى للجمهور، لابد من توضيح  مغزى القصة، ولا تترك الأمر لهم ليخمنوا المغزى منها بأنفسهم، وغالباً يمكن أن تنهي البرنامج بقصة توضح نقاط حديثك الرئيسية ثم ربطها بوضوح بالرسالة الرئيسية لحديثك. (تريسي،2012م، ص67) .

والقصة تقضي على بوادر الملل، " وفي كل الأحوال، فالقصص والحكايات ستكون بالغة الإمتاع لا سيما إذا قمت بأدائها بتفاعل كامل من قبلك مع أحداث القصة" (الكلاب،2012-2013م،ص178) .

ويقتضي أسلوب سرد القصص التدقيق والتمحيص في محتواها، والتأكد من صحتها والتحقق من أحداثها أو أطرافها، " فالدراسات والخبرات تشير بقوة إلى أن كثيراً من الزيف والخلل يقع فيما يتناقله الناس شفوياً " .(بكار،1432هـ،ص127) .

وهذه الضوابط تتماشي مع المنهجية الإسلامية في التثبت من الأخبار والروايات والتماس الصدق وتحريه والحرص على مجالسه، وبيان فضل ذلك وأثره على حياة المسلم .

ثانيًا : التطبيقات التدريبية المعاصرة لأساليب الحوارات النبوية 

تمهيد :

يظل التدريب المنظم المبني على أسس منهجية هدفاً منشوداً ومطلباً نفيساً في ظل تعدد منطلقاته وتنوع مؤسساته في العصر الراهن .

ويؤدي المدرب المحترف دوراً مهماً في توجيه التدريب وتفعيله بالرجوع إلى مصادره في القرآن الكريم والسنة المطهرة، ويقتضي الحال بذل المزيد من العناية والاهتمام بالمدرب وتكوينه فكرياً ومهارياً، ليسهم في تحقيق المأمول منه في جانب التأصيل والتفعيل ، ويتطلب الأمر أن يعمِّق معرفته في ثلاثة حقول ثقافية : حقل الثقافة الشرعية، وحقل الثقافة العامة، وحقل الثقافة المتخصصة، فالثقافة الشرعية تمنحه الرؤية والمنهج والضوابط وتوضح له المحظورات، والثقافة العامة تساعده على تشكيل خلفية شاملة لكل الموضوعات، والثقافة المتخصصة تمنحه العمق والمصداقية وصلابة الموقف المعرفي . (بكار،1432هـ، ص51) .

إن التطبيق التدريبي لأساليب الحوارات النبوية يحتم علينا التأمل في واقع التدريب في الوقت الراهن والاطلاع على عوامل نجاحه وأسباب ضعف مخرجاته، مع التأمل في العوامل المحيطة به كالبيئة ودراسة الاحتياج وجودة تصميم البرامج التدريبية وقياس الأثر بعد الانتهاء منه وما يتصل بالعملية التدريبية عموماً .

 وخلاصة المأمول من المدربين المعاصرين والمتحدثين المجيدين والمحاورين المتميزين أن يقصدوا الإخلاص في أعمالهم ويستشعروا الأجر والفضل والمثوبة من الله، لأن وقوفهم أمام الناس وتدريبهم من تعليم الناس ونشر الخير، وأيضاً عليهم أن يفهموا القواعد الست التالية :

  • متى يتحدثون ومتى يتوقفون ؟
  • يتحدثون عن أشياء تهم الاخرين .
  • يستخدمون اللغة اليومية السهلة .
  • يتحدثون دون تفاخر .
  • يشيرون إشارات طبيعية .
  • يحافظون على التواصل بالعين . ( السويدان،1425هـ، ص30) .

ومراعاة تلك القواعد والأسس يساعد على تقديم التدريب بشكل مفيد، وينبغي مراعاة الطرق والأساليب المتميزة لإثارة انتباه واهتمام المتدربين، وهي كثيرة ومتعددة ومتجددة وتختلف من موقف تدريبي لآخر، ومن تلك الطرائق :

1- توجيه الأسئلة المرتبطة .

2-العينات البصرية الجذابة .

3- الإشارة إلى آية قرآنية أو حديث نبوي شريف مرتبط بالموضوع .

4- الإشارة إلى قول مأثور شعبي مناسب .

5- النكات والمرح بدون الإساءة إلى دين أو نوع أو جنس أو أصل أو لون جنسية أو فئة معينة .

6- عرض قصة مشوقة لها علاقة بالموضوع . (أبو النصر،1430هـ، ص109) .

وفي الفصل السابق عرض الباحث بعض المواقف الحوارية للنبي صلى الله عليه وسلم بمختلف الأساليب مع تنوعها وتعدد  طرائقها واختلاف مواقفها ، بهدف نشر الخير وتوضيح الحق وكشف الباطل والرد عليه، والإقلاع عن الممارسات الخاطئة عند بعض المتحاورين، وبيان أهمية تلك الأساليب، وأهمية ممارستها في حواراتنا .

وبعد الاطلاع والرجوع لأساليب حوارات النبي الكريم – السابق ذكرها - سيكون توضيح توظيفها في المواقف التدريبية المعاصرة الآتية :

أولاً : تهيئة البيئة المناسبة للتدريب :

معرفة مكان الدورة التدريبية والظروف البيئية المحيطة بها من أبرز العناصر المهمة للنجاح، وذلك يجنب المدرب الكثير من الأخطاء والمواقف المحرجة التي قد تتسبب في عدم تقديمها بشكل أفضل .

فنجاح الدورة يتوقف على مكان انعقادها والظروف البيئية التي تتم فيها، فاختيار المكان المناسب من عوامل النجاح المطلوبة، والمدرب الحصيف يحرص على ذلك أشد الحرص ويوليه جلَّ اهتمامه، بل عليه أن يتفقد " المكان المخصص لانعقاد الدورة ويتخيل نفسه واقفاً فيه طوال فترة انعقادها" (براي،2008م،ص364) ، وذلك يعطيه تصوراً أفضل للمكان وما يتصل به من أدوات وإمكانات ومرافق .

ومن الاحتياطات اللازمة، زيارة مكان التدريب قبل التدريب بوقت كاف، لمعرفة حجم القاعة ومدى استيعابها لعدد المتدربين، وتوزيع المقاعد بشكل مناسب يضمن تفاعل المتدربين مع المدرب، ويضمن الرؤية بوضوح ، وكذلك التأكد من سلامة وجودة التمديدات الكهربائية وجودة الإضاءة والتهوية ومناسبة التبريد أو التدفئة ...(السويدان،1425 هـ، ص ص72-73)، ويستحسن أخذ جولة في أرجاء المكان قبل البدء في التدريب، وتحديد خط سيره وأبعاد واتجاهات المكان بشكل دقيق، ليكون على علم واف بالمكان ومحتوياته .

ويجب أن يحرص المدرب على وصول صوته بوضوح لجميع الحاضرين بدون ضجيج أو صدى أو إزعاج، مع الحرص على رؤية الكل لوسائل الإيضاح المتوفرة بالقاعة، ويفضل وجود بطاقة لاسم المتدرب، أو لافتة على الطاولة تحمل اسمه. (السويدان، 1425هـ، ص74) .

وينبغي الحرص على ترتيب الطاولات والكراسي بطريقة منظمة ومرتبة ومريحة للمتدربين، وبإمكان المدرب أن يطلب منهم " أن يرتبوا القاعة بالطريقة التي تجعلهم يشعرون بمشاعر أفضل، وتدفعهم للتعلم التعاوني " (الدجوي،1433هـ،ص37)

وترتيب جلوس المشاركين له أثره النفسي على تفاعلهم ومشاركتهم بفاعلية، ويمكن وضع بطاقات خاصة بأسمائهم في المكان المناسب لهم، وتحديد أماكن المشاركين يكون مطلوباً في الحالات الآتية:

1- تكوين مجموعات صغيرة .

2- القضاء على المحادثات الجانبية إذا تكررت .

3- الرغبة في تدعيم درجة اندماج المشاركين مع بعضهم .(السكارنة،1432هـ، اتجاهات حديثة في التدريب،ص305)، ومناسب جداً للمدرب الناجح أن يتجول بين تلك المجموعات لبث الحيوية والتنافس المحمود بينهم، لضمان المشاركة والتفاعل.

وللأثاث دور مهم في القاعة ووضوح الصوت وانطلاقه بانسيابية في أرجائها،" وكلما زادت المفروشات في القاعة، مثل الستائر وأغطية الحوائط وورق الحائط والسجاد، سيتم امتصاص قدر أكبر من الصوت، وبالتالي ستكون هناك حاجة لقدر أكبر من الصوت للتغلب على هذا الامتصاص" (هندرسون،2013م،ص132) .

ولعل أول وأهم أدوات بيئة التدريب ( منصة التقديم)، فهي المكان الذي تشرئب له أعناق الجمهور لمتابعة الملقى، وأعينهم تتابعه لتلقِّي كلماته ورؤية لغة جسمه ...

فالمنصة من أهم عناصر بيئة التدريب، فهي جهة نظر الجمهور ولها يتجهون، وخروجك بشكل مناسب بعد التقديم لك أمر مطلوب، ويستحسن مصافحة من قدمك للجمهور وانتظر حتى ينزل عن المنصة، ثم اتجه نحو الجمهور، وابدأ بالصمت لتصبح محور تركيز الجمهور، وابتسم وتجول بناظريك في أرجاء القاعة قليلاً، وأشعرهم بسعادتك لوجودك معهم، عندئذ سيهدأ الجمهور ويسود القاعة الصمت والانتباه، ومن الأجمل أن تبدأ الحديث بتعليق استهلالي قوي، واضح، ودود، مثير، جاذب للانتباه . (تريسي،2012م،ص56) .

وللوقوف الجيد على المنصة مجموعة من المهارات، لعل من أبرزها ألاَّ يكون أسيراً للوقوف عليها، وعدم الالتصاق بها ليكون أكثر حرية وحركة في قاعة التدريب، " وأكبر سوء استخدام والأكثر شيوعاً يكون عندما يتكئ المتحدث على المنصة واضعاً يديه، وأصابعه، وساعديه، وحتى مرفقيه عليها ليدعم نفسه" (هندرسون،2013م، ص169) .

وكلما زاد عدد الجمهور، كان لزاماً أن تكون المنصة أعلى، "فالشخص الجالس في الصف الأخير يجب أن يكون قادراً على رؤية الجزء العلوي من جسدك، أي: من خاصرتك إلى أعلى ". ( تريسي،2012م،ص153) .

وفي هذا المقام يبرز التأكيد على نظافة بيئة التدريب وحسن ترتيبها، مع الحرص التام على أن تكون بمنظر يليق بالمتدربين والجهة المنفذة للبرنامج .

وقد أكدت السنة النبوية على ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّ رجلًا أسوَدَ، أوِ امرأةً سَوداءَ، كان يَقُمُّ المسجدَ، فمات، فسأَل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنه، فقالوا : مات، قال :( أفلا كنتُم آذَنتُموني به، دُلُّوني على قبرِه، أو قال قبرِها). فأتى قبرَها فصلَّى عليها. (البخاري، صحيح البخاري، رقم: 458)، خلاصة حكم المحدث : صحيح.

ثانياً :الارتجال والطلاقة في الحديث : من أبرز عوامل نجاح المتحدث امتلاكه للمعلومة الصحيحة والحاضرة في ذهنه، مع تقديمها بشكل مشوق وبطريقة فاعلة، فالناس في عصرنا الحاضر لا تتأثر كثيراً بالعبارات الرنانة والكلمات الجاذبة إذا لم تكن مبنية على معطيات علمية موثوقة ، وعلى معان قوية متماسكة، ففي ظل الانفجار المعلوماتي والتقني حدث أمران مهمان :

الأول : توافر كميات هائلة من المعلومات في كل مجال ، أتاحت فرصاً كبيرة لتنمية المعرفة الشخصية .

الثاني : ارتقاء معارف الناس بفنون القول وأشكال الخطاب، من خلال مشاهدة العديد من البرامج الحوارية، وما يترتب على ذلك من مقارنات وتحديات مع أنفسهم، لتتيح لهم فرص الإفادة والبروز  لو أرادوا . (بكار،1432هـ، ص ص49-50)

يعاني البعض من الرتابة في الحديث أثناء الحوار أو الإلقاء، ويقصد بها : الحديث بصورة متواصلة على وتيرة واحدة دون تنويع، وتلك من الأخطاء الشائعة التي قد تسبب عزوف الجمهور وإعراضه عن المتحدث، وفقدان الرابط الذي يجمعهم بالمتحدث، والبعض يعاني من الارتباك والخوف والتردد عند مواجهة الجمهور، وذلك يحدث نتيجة إفراز الأدرينالين، ولا يلبث أن يزول عندما يصرف التفكير إلى المادة الملقاة بدلاً من الاستغراق في المخاوف. (الكلاب،2012/2013م،ص13) .

ومن أبرز الحلول لتلك المشكلة التدريب على الارتجال ومواجهة الجمهور يولد الطلاقة في الحديث وانسيابية التعبير، فالتدريب المستمر على مواقف التدريب لن يجعل المدرب كاملاً  لكنه سيساعده على تجاوز الكثير من الأخطاء، بالإضافة إلى زيادة الثقة بالنفس. (السويدان،1425هـ، ص112) .

ومن النصائح المهمة في هذا الجانب " احرص على الإلقاء المعدّ له إعداداً جيداً واحذر القراءة الدائمة من ورقة، فإنها مورثة للسأم، مزرية للملقي أو المدرب" (معمار،2010م،ص125)

فالمعدل الطبيعي لسرعة الحديث بين نطق 125 إلى 150 كلمة في الدقيقة الواحدة. (بوف، 2008م، ص23)، ولا يخلو التدريب الجيد من التربط بينه وبين لغة الجسم أو الحركة المعبرة والمصاحبة للموقف، لتأكيده وزيادة تأثيره، ومن الأفضل حفظ  مقدار 20 ثانية، وهي مطلع ونهاية البرنامج التدريبي، لكسر رهبة البداية، وحسن اختيار عبارات النهاية. (السويدان،1425هـ، ص112)، ولتعميق الطلاقة في الحديث يجب أن نركز على الأفكار، لتخرج على طبيعتها وبلا تكلف . (كارينجي، د.ت ،ص53)

وعلى ما سبق، فإنه على المدرب " منح المشاركين شيئاً مثيراً يفعلونه في المساحة الفارغة التي تشكل 680 كلمة في الدقيقة" (تاونسيند،2008م، ص9).

ومن الجوانب المهمة التي ينبغي تركيز التدريب عليها نطق الكلمات الطويلة أو صعبة النطق أو الكلمات والمصطلحات الأجنبية، وتقتضي الطلاقة كثرة المران على المراد قوله للجمهور، "إن إتقان تحضير ما ستقوله يشكل أساساً عظيماً لطرد الخوف واكتساب الشجاعة على التحدث"  (بكار،1432هـ، ص173)

من النصائح المهمة عند الإلقاء في بلاد أخرى:" أشعرهم بسعادتك للحديث في بلدك، استشهد بخبراء ومفكرين من بلدهم، استعمل مثلاً مشهوراً عندهم، اذكر أموراً تتعلق ببلدك، استعمل جملة من لغتهم أو لهجتهم، استعمل المقاييس والمصطلحات التي يعرفونها، مثلاً: "التدريب" في المغرب العربي يسمى "التكوين"، انتبه إلى فارق التوقيت ومواعيد الصلاة، أكد على أهمية تبادل الخبرات والثقافات، انتبه إلى مناسبة النكت والطرائف، تكلم بالفصحى ما استطعت " . (السويدان،1425هـ، ص107) .

وعلى ما سبق من أهمية لهذا الأمر، لابد من التركيز على البداية والنهاية لأهميتها، "فالكلمات التي تقولها في البداية، والكلمات التي ستقولها في نهاية حديثك، بشكل خاص ستظل عالقة في الأذهان لفترة أطول من أي جزء آخر في حديثك تقريباً " (تريسي،2012م، ص164) .

فالتدريب مهارة وبراعة تبدأ قبل الصعود على منصة التقديم وتستمر حتى اختتام البرنامج على وتيرة واحدة من القوة والحرص على تقديم كل نافع ومتجدد يخدم المتدربين .

ثالثاً: تعزيز الثقة بالنفس : يبقى القلق حالة مقبولة طالما أنه لا يعيق عن العمل، والأسلم للمدرب الجيد أن يوظف هذا القلق الطبيعي ليدعمه في الإنتاج المنظم ليحقق التدريب الناجح، بل حينما يقف المحاور أمام من يحاوره بقصد إيصال فكره أو بدء الحوار معه" فإن هناك وقتاً لا مناص من قضائه في جس النبض بين الملقي والمتلقي، كل منهما يريد التعرف على نفسية صاحبه، وقدرته على الأداء والإصغاء " (العشماوي،1431هـ، ص75-76) .

فلاشك أن مقابلة الجمهور أمر شاق على النفس، وبالذات إن ارتبط بالحوار مع آخرين، وبذل الجهود لإقناعهم أو تقديم حقائق أو معلومات تخالف معتقداتهم أو قناعاتهم أو ميولهم ورغباتهم، وذلك الأمر يتطلب تعزيزاً للثقة بالنفس، وتدريباً ومراناً متكرراً على الحوار ومقابلات الناس، ولعل من أهم النصائح المعززة لذلك : السعي نحو الهدف برغبة قوية ومستمرة، الانشغال بأداء شيء قبل الحديث، التنفس بعمق لمدة نصف دقيقة قبل مواجهة المستمعين، النظر لأعينهم مباشرة، الحرص على الممارسة والمران على الحديث، والمعرفة الدقيقة بموضوع الحوار. (كومار،2011م، ص ص11-13)، ومن عوامل تعزيز الثقة بالنفس الاستعداد المتميز، بحيث يلاحظه الجمهور، فيبهرهم ويجعلهم أكثر انفتاحاً واستقبالاً لرسائل المدرب. (تريسي،2012م، ص19)، فالاتزان والوقوف بشكل طبيعي من سمات المدرب الناجح، ومن السمات المرتبطة بذلك : التنفس بعمق، والتجول بالعينين بين الجمهور والمستمعين، وإن كانت هناك دلائل على التململ، وبعض الضوضاء أو الاضطراب، فالصمت مطلب مهم حتى تستقر الأوضاع.(كومار،2011م، ص70)، وهناك بعض القواعد البسيطة التي تساعد على بناء الثقة بالنفس والتآلف مع المستمعين ، وهي :

أولاً : تحدث على أساس اهتمامات مستمعيك .

ثانياً : عبِّر عن تقديرك بأمانة وصدق .

ثالثاً : التحم بالجمهور .

رابعاً : اجعل جمهورك شريكاً في كلمتك .

خامساً : تواضع . (كارينجي، د. ت ، ص ص133-147) ، ويضاف إلى ذلك : التعبير بالألفاظ عن قدرتك على الحديث ومواجهة الجمهور، والتخيل بتصور نفسك في صورة إيجابية وواضحة، فذلك يمنحك كلمات ومشاعر مناسبة تتوافق مع صورتك الذهنية، واستشعار الموقف يساعد على أن تكون متحدثاً ناجحاً. (تريسي،2012م،ص49)

ويساعد التواصل البصري مع الجمهور على الاستمرار والبعد عن العزلة، وقد دلت التجارب أن أفضل اتصال بصري يكون من 1-3 ثواني لكل شخص، وإذا كان الجمهور كثيراً فيتم تقسيمهم إلى مجموعات مختلفة حتى يتواصل معهم بصرياً على شكل مجموعات. (معمار،2010م، ص149) .

ومن دعائم الثقة وبناء النفس شعور المستمعين بأن محدثهم يستند في أطروحاته وكلامه إلى قواعد العقل والمنطق السليم وليس إلى المشاعر والعواطف. (بكار،1432هـ، ص ص144-145)، ومن جماليات هذا الجانب في تعزيز الثقة بالنفس أن المتحدث الناضح يعتذر عن الخطأ ويعترف به إذا وقع فيه، فذلك يترك انطباعاً متألقاً لدى الناس، فهم يلمسون من خلاله أنهم يحصلون على معلومات صحيحة ودقيقة، ويشعرون بتواضعه لهم واهتمامه بهم، وعند تصحيح الخطأ تنشأ علاقة حميمية بين المتحدث ومن يتلقى عنه . (بكار،1432هـ، ص147)

وهناك بعض القواعد التي تعين على اكتساب الثقة بالنفس وتعزيزها، وهي :

1- الاستعانة والثقة بالله تعالى .

2- تعزيز الدافع والرغبة في العمل وتحمل الأعباء .

3- الإلمام بالموضوع والإعداد الجيد له .

4- راجع اعتقاداتك وتصوراتك عن نفسك .

5- التصرف بثقة وتفاؤل، لأنه من حسن الظن بالله تعالى .

6- تصور النجاح والحرص عليه .

7- تفريغ الطاقة السلبية .

8- التدريب، لتوليد الثقة بالنفس .(الحزيمي،1428هـ، ص ص115-121)

 ومن الطرائق الجيدة لتعزيز الثقة بالنفس وتبديد مصادر التوتر: ترتيب المخاوف بشكل هرمي، من أقلها وصولاً إلى أكثرها، ومعاملة ومعالجة كل واحدة على

حدة، إما حقيقة أو تخيلاً، مع الثقة بالنفس. (الكلاب،2012/2013م، ص21) .

فالبدايات هي أكثر صعوبة للانطلاق في الحوار، وفيها يكون رسم الانطباع وتكوين ملامح الشخصية، وعلى المحاور أن يبذل جهداً مضاعفاً لتوجيه المتلقين نحوه، وذلك بأكثر من طريقة، ومن ذلك : بداية قوية مؤثرة، أو بالصمت مدة قصيرة، أو الانطلاق في الإلقاء بثقة، أو بكلمات مباشرة موجهة إليه، مثل: هل لنا أن نحظى بصمت يتيح لنا الحديث؟ (العشماوي،1431هـ، ص76)، وهناك أشياء تساعد على بناء الثقة في اللحظات الأخيرة، ومنها: تفحص المكان والتجول فيه لمعرفة أرجائه ليضفي عليك هدوءاً واسترخاء، وأداء بعض تمارين التنفس بعمق لتساعد في صفاء الفكر وهدوء الأعصاب، الاعتزاز بالنفس والثقة بالقدرات، ثني أصابع القدمين، تحريك الكتفين دائرياً لزيادة الثقة بالنفس وتقليل المخاوف، الوقوف منتصباً ورفع الرأس بشكل مستقيم، التفكير في الجمهور باعتباره محفزاً ضرورياً، الشعور بالامتنان لإتاحة الفرصة لك بالحديث لهذا الجمهور. (تريسي،2012م،ص ص50-52) .

ويضاف إلى ما سبق من معززات الثقة بالنفس التركيز على الاسترخاء بدلاً عن القلق والتوتر، وتجديد التواصل البصري مع الجمهور ليدعم الثقة بالنفس ويزيد من تفاعلها الإيجابي مع الموقف.

ويبقى عامل الاستعانة بالله تعالى أهم معزز ومحفز للثقة بالنفس الإنسانية، فالإنسان المبادر لا ينفك عن طلب العون والمدد من ربه، ولا ريب فإن الله مدبر الأمور

وكاشف الكروب وميسر كل عسير .

رابعاً : توظيف لغة الجسم المناسبة :

يعتمد الحوار – أساساً - على الكلمة المنطوقة لنقل الأفكار بين الطرفين, وقدرة المحاور المتميز تتجلى في اختيار الكلمات وإعدادها على النحو الذي يمكنه من التواصل الفعال مع المتلقي, وهي براعة ومسؤولية كبيرة على عاتقه, ما دامت الكلمة هي أساس التواصل في مختلف أشكاله، وتظل اللغة غير كافية لنقل كافة مشاعرنا واتجاهاتنا نحو الآخرين، ولذلك ظهرت لغة الجسم والحركات المقصودة والإشارات كمعززات للغة ومؤكدات للكلام المنطوق.

وتكمن أهمية لغة الجسم في الآتي :

أ- إذا استخدمت بفاعلية، فإنها تؤدي إلى زيادة التأثير في المستمع، حيث تستغل حاسة البصر لديه بجانب حاسة البصر .

ب ـ استخدامها بشكل صحيح يؤدي إلى إزالة الملل عن المتلقين .

ج ـ تساعد على تخفيف حدة التوتر والارتباك .

د ـ تعمل على تصوير الأفكار ورسمها كصور حية .

هـ ـ تساعد على نقل الأحاسيس والأفكار والمشاعر بشكل أكثر فاعلية .

و ـ تعمل كوسائل إيضاح مرئية .

ز ـ تحفز على المشاركة وتساعد في تحديد الاستجابة المطلوبة . (العيسى، البابطين، 1428 هـ، ص ص283-284). ولا شك أن توظيف الجسم لتعزيز الكلام من أقوى الأساليب للتأثير والإقناع .

"أما العناصر الصوتية التي تظهر مصاحبة للكلمات, مثل الإشارات والحركات, فهي عوامل مساعدة لتدعيم الكلمة وتقوية مضامينها وتوجيه إيماءاتها لتحقق التأثير المطلوب" (بصفر والمهنا،1429هـ، ص91).

وتأكيداً على أهمية ذلك، قالوا: "الإشارة واللفظ شريكان، ونعم العون للفظ الإشارة، ونعم الترجمان هي عنه، وما أكثر ما تنوب عن اللفظ" (العشماوي،1431هـ، ص112)

وتزداد أهمية لغة الجسم في تواصلنا اليومي، لتؤكد على أهمية الإشارات والتعبيرات المختلفة، " تشير معظم الدراسات  إلى أن حوالي من 70 إلى 80% من الرسائل التي نرسلها ونستقبلها تتم بلغة الجسد" (راي،2007م، ص243)

فالمأمول  من  المحاور الجيد أن يكون هناك تناغم بين حركات جسمه المعبرة وطبيعة كلامه ومحتواه، " فالإنسان لا ينطق بلسانه فقط، بل كل عضو من أعضاء جسده يشارك في التعبير عن أفكاره، يقول حسن آل الشيخ: العجيب أن تعبيرات عيون الكثيرين تفوق قدراتهم على الحديث". ( الحبيب،1427هـ، ص80) . فالترابط بين الصوت ونبراته والكلام وعباراته مؤشر مهم على براعة المتحدث ، وكذلك " تلاؤم نغمة الصوت مع مضمون الكلام دليل تمكن المتحدث واحترافه" ( بكار،1432هـ، ص54)، بل إن نغمة الصوت وحدَّته وقوته وسرعته لها تأثير يصل إلى 35% في تفسير الآخرين لما نقوله . ( بكار،1432هـ، ص30)

وقد ورد في السنة النبوية الاهتمام بنبرات الصوت ومراعاة الحركات المعبرة، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا خطب احمرَّتْ عيناه ، وعلا صوتُه واشتدَّ غضبُه . حتى كأنه مُنذِرُ جيشٍ ، يقول : صبَّحكم ومسَّاكم ..."،(مسلم ،صحيح مسلم، رقم: 867) ، خلاصة حكم المحدث : صحيح .

 وبذلك فإننا بحاجة أن نوازن بين انفعالاتنا وكلماتنا المعبرة كما ورد في الحديث أعلاه، فنبرة الصوت ونغمته عامل تأكيد على لغة الجسم وحركاته، " وكلما نوعت في العناصر الصوتية المختلفة لحديثك، كان أكثر تشويقاً وإمتاعاً للجمهور، بغض النظر عن الموضوع" (تريسي،2012م،ص127) .

وللنظر أهمية كبرى في ايصال الرسائل المتلقين، وتؤدي المشاعر الصادقة دوراً مهماً في المتابعة والإقبال على المتحدث،" إننا حين نُعجب بإنسان ونرتاح إليه ننظر إليه مدة تصل إلى 70% من وقت الخطاب، وحين نكون في حالة إعراض وتوتر عصبي، فإن تلك النسبة تهبط إلى أقل من 40% . ( بكار،1432هـ، ص42).

وتتعاضد الكلمات المعبرة مع الإيماءات المناسبة لتقوي الكلام وتجعله أقرب للتصور الصحيح والفهم السليم للمقصود، و"يجب أن يتم ادخار الإيماءات إلى الحين الذي تضيف فيه قيمة للكلمات، بحيث لا تطغى في تأثيرها على الكلمات" (هندرسون، 2013م، ص102-103)

فمن الحكمة عدم تكلف الحركات والإيماءات ، بل التصرف بتلقائية  بعيداً عن التصنع والمظاهر المتكلفة، لتبرز الشخصية الحقيقية والمتفردة له .

ومن أهم الأمور المرتبطة بهذا الجانب، ولها تأثير كبير على المتدربين الابتسامة وطلاقة الوجه، وقد جاء التأكيد عليها في السنة المطهرة، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ...) (الترمذي، سنن الترمذي، رقم: 1956)، صححه الألباني .

وكل ذلك يكون بالقدر المناسب الذي يبعث على الاهتمام والمتابعة، لا النفور والملل والسآمة، ويكون بالبعد عن اللزمات الحركية كالعبث ببعض الأشياء الشخصية أو محتويات قاعة التدريب بشكل متكرر، وكذلك اللزمات اللفظية، التي يكثر منها بدون اكتراث لها، سواء كانت كلمات أو جملة .

 

خامساً: التعامل مع التقنية الحديثة :

 فالتقنية الحديثة تكمل حديثك ولا تغني عنه، ويبقى دورها مسانداً للمدرب ومعززاً للتمارين والتطبيقات التدريبية في تحقيق المقصود منها، وهي تبعث على التشويق للحوار والاستمرار في التدريب، "ولقد أثبتت البحوث والدراسات أن من 25% إلى30% فقط من المعارف المستقاة من أي تقديم شفوي يختزنها المتلقي، كما أثبتت أن مضاعفة المختزن قد تحصل باستخدام الوسائل البصرية، لذلك فإن المواد أو الوسائل البصرية الفعالة تعزز الاتصال بين المدرب والمتدرب وتعدل في تحقيق أهداف التدريب، وبالتالي القدرات المطلوب اكتسابها" (أبو النصر،1430هـ، ص137)، وعليه، تنبغي المحافظة على البساطة في المساعدات البصرية والوسائل التعليمية المساندة للمدرب، "لأنه كما يقول المثل الصيني: صورة واحدة تعادل ألف كلمة"( كومار،2011م، ص89)

وللتقنية دور فاعل في جذب انتباه الجمهور وإشاعة الحيوية في أوساطهم، فنسبة 70% من الجمهور يعتمد على الصورة و30%  منهم يعتمد على السمع، ولابد من مراعاة ذلك أثناء عرضك لهم . (تريسي،2012م،ص93)، وفي دراسة أخرى51% من المشاركين ذاكرتهم تفضل المعلومات البصرية، و7% يفضلون المحاضرات والأصوات، و42% يتذكرون المشاعر والمذاقات والروائح والخبرات الملموسة بصورة أفضل . (تاونسيند،2008م،ص80) .

  وللمعينات البصرية فوائد عدة، منها:

  • " أنها تجعل الجمهور متيقظاً ومنتبهاً .
  • أنها تساعد في شرح الموضوعات أو الرسوم المعقدة .
  • أنها تنبه أكثر من حاسة .
  • انها تجعل الرسالة التعليمية سهلة في حفظها وتذكرها .
  • تجعل الموضوع الجاف الممل أكثر بهجة وإثارة للاهتمام .
  • تساعد المدرب على تذكر المعلومات ". ( براي، 2008م ،ص ص296).
  • تمكن من استغلال الوقت المتاح بشكل أفضل .
  • تساعد في التغلب على حدود الزمان والمكان، من خلال عرض ظواهر وأحداث بعيدة أو ماضية أو نادرة ...
  • تجنب الحرج في بعض المواقف . " بن شديِّد، 1430هـ، ص72)
  • تجذب انتباه الجمهور .
  • تعزِّز وتدعم الموضوع المشروح شفهياً .
  • تحفز الاهتمام .
  • تصور العناصر التي يصعب تخيلها . (معمار،2010م، ص142) .

وهي بلا شك تسهل عملية المفاهيم والأسس المختلفة بطريقة منظمة ومشوقة، وهناك مجموعة من العوامل المؤثرة في فعاليتها، هي :

1- بسيطة وواضحة .

2- أساسية وضرورية  للموقف التدريبي .

3- ممتعة وتبعث على التحدي .

4- موفرة للوقت والجهد .

5- متفقة مع أهداف البرنامج التدريبي .

6- متفقة مع حجم المجموعة التدريبية .

7- متفقة مع حجم وشكل القاعة التدريبية . (أبو النصر،1430هـ، ص139) .

ولها الكثير من الأدوار المهمة المرتبطة بعملية التدريب الاحترافي، وهناك نقاط تسع يجب الاهتمام بها قبل عرض المدرب، وهي :

1- جهاز العرض العلوي .

2- لوحة الأرقام والأقلام .

3- جهاز عرض الشرائح .

4- أجهزة الكمبيوتر والبرامج .

5- نشرات التوزيع وكيفية ترتيبها وكميتها .

6- المؤشر.

7- الميكروفونات .

8- الإضاءة والتوصيلات .

9- ترتيب المقاعد بشكل مريح للجمهور. (معمار،2010م، ص146) .

ويمكن توظيف التقنية بشكل إيجابي قبل الخروج أمام الجمهور أو المحاورين، وذلك بتسجيل شرائط فيديو أو شرائط صوتية لجلسات المران، ثم إعادة سماعها مرة تلو الأخرى، حتى يعتاد على الحديث، لتعزيز الثقة بالنفس والشعور بالراحة والاطمئنان. (كومار،2011م، ص78).

ومن أبرز وسائل التقنية المرتبطة بالتدريب مكبر الصوت (الميكرفون)، فهو الناقل للصوت ليعم أرجاء القاعة، ويجب أن يكون تحت إشراف فني متخصص، وفي ارتفاع مناسب، ويفضل اختباره قبل البدء في التدريب ، وكذلك يُوضع في مكان وجهة مناسبة، و"يجب أن يشير الميكرفون لأعلى بزاوية 60 درجة تقريباً، متوجهاً مباشرة إلى الزر الثاني للأسفل من قميص الرجل أو بلوزة المرأة، وعلى مسافة تتراوح بين 8 إلى 12 بوصة من فم المتحدث" (هندرسون،2013م، ص177) . ويجب اختيار مكان مناسب في الوقوف أثناء التدريب، بحيث لا يحجب جزءاً من شاشة العرض أو حائلاً بين جهاز العرض والشاشة، وليكن في ذهنه أن شرائح (الباوربوينت) هي مجرد أداة مساعدة، وليست الرسالة الرئيسية، إنها مجرد أداة للتأكيد على النقاط التي تطرحها . (تريسي،2012م، ص158).

ومن الأفضل أن يتم تجربة كافة الأجهزة والأدوات قبل دخول الجمهور القاعة، للتأكد من فاعليتها وجاهزيتها، وإن كان المدرب مجبراً للقيام بدور المختص الفني للتعامل مع التقنية والصوتيات أثناء التدريب، يجب أن يقوم بذلك بسرعة ولباقة دون النظر للجمهور .

سادساً : كسر الجمود والملل :

 الحديث بطريقة رتيبة واحدة خالية من المزج بين الأساليب أو التنويع فيها من أبرز أسباب عزوف المتلقين، بل ذلك من أسباب الملل والسآمة بينهم، والمدرب الجيد هو من يحرص على تجديد أجواء القاعة بشيء من المرح الهادف أو  النشاط المقصود كل عدة دقائق، " إما بطرفة، أو قصة، أو معلومة مثيرة، أو موقف مفاجئ" (العشماوي،1431هـ، ص81).

ومن الضرورات المهمة في التدريب الناجح النظر للحاضرين ومشاركتهم والرد على المتحاورين بكل جوارحك، ومنحهم مزيداً من الاهتمام، فهو دليل على الاحترام، " وهذا مما يشد انتباه الجميع لحديثك، كما إنه قد يكون من بينهم من قد يستفيد أو يدعم مقالك الصحيح" (الحبيب،1425هـ، ص80) . وقد أظهرت التجارب أن المخ يدخل حالة " إغلاق تلقائي" بعد 10 دقائق فحسب إذا لم يتم منحه شيئاً يحفزه، لذا يجب على المدربين تنويع وسائطهم وإعطاء رسائل متعددة القنوات" (تاونسيند،2008م،ص9) .

ومن أبسط الطرائق لكسر الجمود في بداية اللقاء الطلب من المتدربين التعريف بأنفسهم بشكل مختصر، وعند النهاية يطلب من بعضهم تذكر أسماء الكل، وهذا التمرين يحفز الذاكرة على التذكرة ويقرب بين المتدربين ، ويمكن جذب انتباه المتدربين بما يلي:

1-البدء بسؤال مهم متعلق بالموضوع .

2- البدء برواية واقعية متصلة بالموضوع .

3- البدء بالحديث عن الأوضاع الجارية أو أي حادثة له ارتباط بالموضوع. (السكارنة،1432هـ، ص353)

وينبغي أن يحرص المحاور الناجح على جعل الآخرين متابعين له، متشوقين لطرحه، محاولاً إدخال الفكاهة والطرائف للمحافظة على اهتمامهم، ومن المأمول منه أن تكون النوادر التي يرويها مختصرة ومؤثرة وغير قديمة، فربما قد سمعها البعض . (كومار،2011م،ص40) 

فالحرص على نفسية المتدرب مطلب مهم، مع استعمال الأساليب الجاذبة له ، ولا يمنع ذلك من الممازحة المباحة والملاطفة المناسبة، ومن شواهد السنة النبوية لذلك، ما رواه سهل بن سعد رضي الله عنه، قال:  جاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيتَ فاطمةَ، فلم يجِدْ عليًّا في البيتِ، فقال: أين ابنُ عمِّك. قالتْ: كان بيني وبينَه شيءٌ، فغاضبَني فخرَج، فلم يقِلْ عِندي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لإنسانٍ: انظُرْ أين هو؟ . فجاء فقال: يا رسولَ اللهِ، هو في المسجدِ راقدٌ، فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو مضطجِعٌ، قد سقَط رِداؤُه عن شِقِّه، وأصابَه ترابٌ، فجعَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمسحُه عنه ويقولُ: (قُمْ أبا ترابٍ، قُمْ أبا ترابٍ).(البخاري، صحيح البخاري ، رقم: 441)، خلاصة حكم المحدث  صحيح.

ولابد من المزاوجة بين العرض الشخصي وتوظيف التقنية المعززة للموقف التدريبي، لأن مدة الانتباه للكبار لا تستمر طويلاً، لذلك لابد من تغيير الإيقاع والتنويع بين مهام الفريق والتكليف الفردي. (السكارنة،1432هـ ، ص344)

ومن أبرز الأمور المهمة التي ينبغي توظيفها في هذا الجانب الألعاب التدريبية، فهي: "أية لعبة مسلية أو طريفة أو مثيرة لها علاقة بموضوع ما أو فكرة محددة، يستخدمها المدرب لغرس مفهوم أو مهارة معينة في المتدرب". (الدجوي،1433هـ، ص252)

وتعد الفكاهة من أسباب كسر الرتابة والملل، "فهي تكسر الحواجز النفسية وتحقق الاسترخاء الذهني " (بوف، 2008م، ص11).

ويظل اختيار العنوان الجاذب للبرنامج التدريبي من أبرز عوامل التشويق للاستفادة والتفاعل من البرنامج والحرص على الحضور الإيجابي، فالعنوان أول توصل مع الجمهور، وعندما يكون جاذباً فهو خير وسيلة لدعوتهم وجذبهم وتشويقهم لمعرفة المزيد . (العيسى،البابطين،1428هـ،228) .

وتتنوع طرائق التجديد والتشويق والأساليب حسب الفئة العمرية والموقف التدريبي والموضوع المطروح والفرص المتاحة للمدرب، وتبقى التقنية ذات أهمية بالغة لا يمكن أن يستغني عنها المدرب المتميز .

سابعاً: التعامل الأمثل مع الأسئلة :

من أنجح الطرق لتحفيز المتحاورين لإثراء الحوار إشراكهم بطرح أسئلة مفتوحة  لها ارتباط بموضوع الحوار ، فعندما تسأل شخصاً ما سؤالاً، فإنه يصبح مجبراً على الإجابة، حتى إن لم يعرف الإجابة أو إن كان سؤالاً خادعاً أو مجرد تعبير بلاغي، فأنت عندما تطرح السؤال، تستحوذ على انتباهه، حيث يبحث المتلقي في عقله عن الإجابة الممكنة ويميل إلى الأمام ليستمع منك ما ستكون عليه الإجابة. (تريسي،2012م، ص110)، والبعض يخشى إتاحة الفرصة لتلقي الأسئلة " خوفاً من كشف محدودية معرفتهم" (كومار،2011م،ص81) .

ولا شك أن توظيف الأسئلة كوسيلة مهمة من وسائل إثراء الحوار مسألة مهمة، وتقوم على :

  • اختيار الوقت المناسب لطرح الأسئلة.
  • تشجيع الطرف الآخر على طرح الاسئلة.
  • تشجيع الطرف الآخر على الرد على الأسئلة.
  • تشجيع الطرف الاخر على توجيه أسئلة استفسارية.
  • استخدام أسلوب إثارة الأسئلة والإجابة كوسيلة لتوضيح المعنى.(بصفر والمهنا، 1429هـ، ص177-178) .

وتعتبر الأسئلة من أبرز النقاط المهمة التي تسد الفراغ في عرض الموضوع، ومن أهدافها" تقديم نفسك ووجهة نظرك بهدوء وسلاسة ومصداقية قدر الإمكان" (كومار،2011م،ص81)، وواجب المحاور الجيد عرض موضوعه بشكل يبعث على إثارة الأسئلة وحب المشاركة والتفاعل بين المتحاورين، مع الحرص على إتاحة الفرصة لأكبر قدر من المشاركين .

والمدرب الناجح من يبادر لتلقي الأسئلة من الجمهور ويحثهم على ذلك بإشارات مناسبة باليد، ويؤدي رفع اليد إلى تحقيق هدفين :

  • إشارة بصرية للبدء في طرح الأسئلة والمبادرة والتشجيع عليها منعاً للخجل.
  • التنبيه للمساعدة في حفظ النظام، فالجمهور سوف يرفع يده عند السؤال. (معمار، 2010م، ص150)
  • ومن أساليب تشجيع المتدربين على طرح الأسئلة استخدام قاعدة25% - 75% أي : وجِّه 25% من الاتصال البصري للسائل و75% للجمهور، فذلك يجعل المدرب مسيطراً على الموقف . (معمار،2010م، ص151)

وطرح الأسئلة من أفضل الطرق لجعل التدريب نابضاً بالحماس والنشاط المتجدد، وبالذات إذا لامس موضوعا مشتركاً ومهماً للمتدربين، وهناك عدة طرق لتنفيذها :

  • تخصيص وقت للأسئلة والمناقشة في نهاية المحاضرة .
  • السماح بالمقاطعة لطرح الأسئلة خلال المحاضرة .
  • السماح بالمقاطعة لطرح الأسئلة والمناقشة خلال المحاضرة. (رأي، 2007م، ص65)

ومن حسن توظيف الأسئلة التوظيف الصحيح في الحوار هو توقع طرحها من المحاورين وحسن الاستعداد للإجابة عنها، بعد طرحه بصوت واضح ومسموع على الحاضرين، ليستمعوا الإجابة الوافية منك على السؤال . وأيضاً، إن توقع أسئلة محددة وحسن الإجابة عنها مهارة تقتضي الاستعداد الجيد لها، وكذلك إجراء عصف ذهني من المحاور أو المدرب أو فريق العمل معه، لتوقع مثل هذه الأسئلة، ومن الذكاء إعادة طرح السؤال مرة أخرى بكيفية تناسب الوصول لهدفك، ولتكن الإجابة موجهة للجميع .

ويبقى اجتهاد المدرب وحرصه على إجابة أسئلة جمهوره  مؤشراً مهماً على اهتمامه بسمعته  وزرع الثقة بنفسه، وإن كانت الإجابة غير حاضرة في ذهنه أو الوقت غير كاف لعرضها، يمكنه أن يقول للسائل: "ذكرني بسؤالك بعد الانتهاء" (السويدان،1425هـ، ص208) .

والتعامل الأمثل مع الأسئلة الغريبة أو الاستفزازية يكون بالترحيب بالسائل والثناء على سؤاله والإجابة عنه بابتسامة مناسبة غير متكلفة، وبصوت هادئ، وليس شرطاً أن يقتنع السائل بالإجابة، فالاختلاف لا يفسد للود قضية . (السويدان،1425هـ، ص214)

وينبغي عدم الاستخفاف بأي سؤال يطرح، ومحاولة الإجابة عنه بوضوح وبإيجاز غير مخل أو إسهاب غير ممل . وأن كان لا يعرف جواباً للسؤال، لا يمنع من قوله: لا أعلم .

وعلى المدرب الناجح أن يتلقى الأسئلة بصدر رحب، بعيداً عن الغضب أو التذمر منها، مع مراعاة الفروق الفردية بين المتدربين، وقد أيَّدت السنة النبوية ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رجلًا قال للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أَوصِني، قال: (لا تَغضَبْ). فردَّد مِرارًا، قال: (لا تَغضَبْ)(البخاري، صحيح البخاري، رقم: 6116) خلاصة حكم المحدث : صحيح .

ومن التنبيهات المهمة للمدرب خلال فقرة تلقي الأسئلة ما يلي: التوقف عن المشي عند الاستماع للأسئلة، عدم مقاطعة السائل، تجنب الحركات السلبية كفرقعة الأصابع أو هز الرأس بسرعة  (السكارنه،1432هـ ، ص358) .

وتضاف بعض الإرشادات المهمة عند التعامل مع أسئلة المتدربين، ومنها : إتاحة الفرصة للجميع لطرح أسئلتهم، عدم مقاطعة السائل، عدم وصف بعض الأسئلة بالروعة أو الأهمية حتى لا يوحي بدونية بقية الأسئلة، عدم أخذ السؤال بشكل شخصي،  لا تستأثر بالحديث للإجابة عن سؤال واحد وسائل واحد.(العيسى، البابطين، 1428هـ، ص ص310-312)

وتبقى النصائح مهمة عند التعامل مع الأسئلة وكيفية إدارتها وعرضها، ومن المهم" عدم الحديث مع المتدربين في موضوعات سياسية أو دولية أو جنسية أو تبادل النكات بمختلف أنواعها، لأن معظم النكات يكون بها تلميحات تسيئ لبعض الفئات أو الطبقات أو الشرائح أو الأديان في المجتمع " (أبو النصر،1430هـ، ص100) .

ومن الواجب الاستعداد للإجابة عن الأسئلة والتخطيط له، وذلك يتطلب الإعداد المسبق، كالآتي:

1- إعداد جمل مركزية، تلخص وجهة نظرك وهدفك في الموضوع ، لتطرحها في حينه أو عند تلقي سؤال قريب من ذلك .

2- توقع بعض الأسئلة، من خلال معرفتك بثقافة الجمهور واهتماماته، ثم الاستعداد للإجابة.

3- تحضير مواد إضافية احتياطية، وبالذات التي تثير اهتمام الجمهور، لاستخدامها في الإجابة عن الأسئلة ذات الصلة .

4- صياغة الأسئلة، وتجهيز الإجابة عنها، مع التمرين عليها فعلياً .(العيسى، البابطين، 1428هـ، ص ص283-284)

وتبقى الابتسامة مطلباً مهماً في ثنايا التدريب، وليكن نشرها مصحوباُ ببعض الطرائف المتاحة من واقع الحياة المرتبط بالبرنامج التدريبي أو الموقف التدريبي الراهن .

وأخيراً : تبقى فقرة تلقى الأسئلة والإجابة عنها مطلباً ضرورياً خلال البرنامج التدريبي لتلقي الاستفسارات المتعلقة بالموضوع، وفرصة سانحة لإبراز جوانب أخرى من شخصية المدرب، وإثراء مفردات مهمة في فقرات البرنامج التدريبي، مع التأكيد على ضرورة الكشف عن المخزون المعرفي للجمهور ومدى حرصه على الإثراء والمشاركة الهادفة .

خاتمة البحث :

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على خير الكائنات .

يُعدُّ البحث في رياض السنة النبوية مكسباً ومطلباً الآن وعلى مرِّ الزمان، لأهمية الموضوع، وموثوقية المعلومة، وتعدد المجالات المرتبطة به .

وفي عصرنا الحالي برزت أهمية التدريب بشكل أكبر عمَّا مضى من الأزمنة، فاجتمع في هذا البحث رؤية الباحث بأهمية الاطلاع على السنة النبوية كمصدر للتشريع الإسلامي، واشتمالها على علوم الدين والدنيا والآخرة، وباعتبارها مصدراً للتربية والتدريب والتجديد المفيد .

فأورد الباحث مجموعة من الشواهد المشتملة على أساليب متنوعة من الحوارات النبوية، وربطها بصورة واضحة وذات صلة مباشرة بالحوار ومقوماته وأطرافه .

وقد اتفقت أهمية البحث في السنة النبوية مع أهمية التدريب كرافد تنموي مهم للأفراد والمجتمعات المعاصرة، ثم تجلَّت العلاقة القوية بين الحوار والتدريب في هذا البحث بتوظيف بعض أساليب الحوارات النبوية في مواقف تدريبية معاصرة، ومنها :

  1. تهيئة البيئة المناسبة للتدريب .
  2. الارتجال والطلاقة في الحديث .
  3. تعزيز الثقة بالنفس .
  4. توظيف لغة الجسم المناسبة .
  5. التعامل مع التقنية الحديثة .
  6. كسر الجمود والملل .
  7. التعامل الأمثل مع الأسئلة .

وقد امتزجت الأصالة بالرجوع للسنة المطهرة مع المعاصرة بالاطلاع على الكتب المتخصصة في الحوار والتدريب، لتكون منتجاً يربط بين العلوم الثلاثة، ويؤكد على أهميتها منفردة أو متلازمة .

نتائج البحث :

من خلال التجول في البحث برزت مجموعة من النتائج ، منها :

1- السنة النبوية مصدر للتشريع الإسلامي الحنيف، ومدرسة متجددة وشاملة لعلوم الدين والدنيا والآخرة .

2- توظيف السنة المطهرة في مجالات التدريب المعاصر وسيلة مهمة لتعميق فهمها وربط المسلمين بها كرافد مهم على مرِّ العصور.

3-  أكدت السنة النبوية على تهيئة التدريب ، لأنها من أبرز عوامل نجاح المدرب .

4- الطلاقة في الحديث تتكون نتيجة للتدريب المستمر والمعلومة الوافرة .

5- أكبر محفِّز لبناء الثقة بالنفس هو الاستعانة بالله تعالى .

6- تتعاضد الكلمات المعبِّرة مع لغة الجسم المناسبة لتدعم الكلام وتجعله أقرب للتصور الصحيح والفهم السليم . 

7- للتقنية دور فاعل في جذب الانتباه وإشاعة الحيوية في أوساط المتدربين .

8- التدريب الناجح يقوم على التجديد وكسر الجمود عبر مجموعة من الطرائق والأساليب التشويقية والألعاب التدريبية .

9- طرح الأسئلة وسيلة مهمة لدعم المدرب وإثراء الموضوع وإثارة الحماس في قاعة التدريب.

توصيات البحث :

- إجراء دراسات علمية ، تلحق حقائب تدريبية، لتسهم في بناء شخصية الشباب المسلم في شتى مراحله التعليمية .

- تكليف طلاب الجامعات بإجراء الأبحاث العلمية في مجال السنة النبوية وربطها بواقعنا المعاصر، بحسب التخصص الذي ينتمون إليه .

 

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم .
  1. ابن جماعة، بدر الدين ابن جماعة الكناني، تذكرة السامع والمتكلِّم في آداب العالم والمتعلم ، ط3 ، حقّقه وعلّق عليه : السيد محمد هاشم الندوي، دار المعالي، عمّان : الأردن . 1419هـ  1998م .
  2. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، مكتبة الرياض الحديثة
  3. ابن حنبل ، أحمد بن محمد ، مسند الإمام أحمد، المكتب الإسلامي، 1985م.
  4. ابن ماجه، صحيح سنن ابن ماجه، ط1،  تحقيق : محمد ناصر الدين الألباني ،  الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج ، 1407هـ .
  5. أبو النصر، مدحت محمد . مهارات المدرب المتميز، ط1، نشر: نشر المجموعة العربية للتدريب والنشر، القاهرة: مصر، 1430هـ/2009 م .
  6. أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي، سنن أبي داود، المكتبة العصرية، بيروت : لبنان .
  7. أبو غدّة،.عبد الفتاح، الرسول المعلِّم ، وأساليبه في التعليم، ط2، مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب، دار البشائر الإسلامية، بيروت : لبنان، 1417هـ.
  8.  الباني، ريم بنت خليفة. ثقافة الحوار لدى طالبات المرحلة الثانوية في مدينة الرياض ودورها في تعزيز بعض القيم الخلقية، ط1، نشر: مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، الرياض: المملكة العربية السعودية،1430هـ/ 2009م.
  9. البخاري، محمد بن إسماعيل. صحيح البخاري، ط1،  تحقيق : محب الدين الخطيب الناشر: المكتبة السلفية - القاهرة : مصر، 1400هـ   .
  10. براي، توني. المرشد العملي في تصميم الدورات التدريبية، ط1، ترجمة: هدى فؤاد، نشر: مجموعة النيل العربية، القاهرة: مصر، 2008م .
  11. البشري، عايش عطية . لغة الجسم في السنة النبوية وتطبيقاتها في مجال التدريب المعاصر، ط1، نشر: مركز بحوث التعليم الإسلامي بمعهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى بمكة المكرمة : المملكة العربية السعودية، 1436هـ/2015م .
  12.  بصفر، حسان بن عمر، المهنا، سامي بن أحمد . مهارات الاتصال وفن الحوار، ط1، مركز النشر العلمي بجامعة الملك عبد العزيز، جدة: المملكة العربية السعودية، 1429هـ/2008م .
  13. بكار، عبد الكريم. المتحِّدث الجيد، ط1، دار وجوه للنشر والتوزيع، الرياض: المملكة العربية السعودية، 1432هـ/2011م .
  14.  بن شديِّد، خالد بن عبد الله. مبادئ وأساليب التربية بالتدريب من السنة النبوية، ط1، دار الحضارة للنشر والتوزيع، الرياض: المملكة العربية السعودية، 1430هـ/2009م .
  15. بوف، بيني، جو كوندريل. 101 طريقة فورية لتنمية مهارات التخاطب،ط3، ترجمة: مكتبة جرير، الرياض: المملكة العربية السعودية، 2008م.
  16. بوكان، فيفيان .كيف تتحدث بثقة أمام الناس؟، ط7، ترجمة: مكتبة جرير، الرياض: المملكة العربية السعودية ، 2012م.
  17. تاونسيند، جون . كتيب المدرِّب ، ط1، ترجمة: مكتبة جرير، الرياض: المملكة العربية السعودية، 2008م.
  18. الترمذي، صحيح سنن الترمذي، ط1،  تحقيق :  محمد ناصر الدين الألباني، زهير الشاويش، الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج ،1408هـ
  19. تريسي، براين . تحدثْ لتفوز. ترجمة: مكتبة جرير، الرياض: المملكة العربية السعودية،2012م .
  20. الحبس، سليمان بن عبد الله بن منصور، خطبة الخطبة "دراسة دعوية"، ط1، عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض: المملكة العربية السعودية، 1426هـ/2005م .
  21. الحبيب، طارق بن علي. كيف تحاور ؟،ط15، مؤسسة الجريسي للنشر والتوزيع،1427هـ/2006م.
  22. الحزيمي، ياسر بن بدر. المتحدث البارع، ط5، قرطبة للنشر والتوزيع، الرياض: المملكة العربية السعودية،1434هـ/2003م.
  23. الحمود، سامي بن خالد. فن الإعداد والإلقاء، ط1، دار طويق للنشر والتوزيع، الرياض: المملكة العربية السعودية، 1428هـ .
  24. الدجوي، غادة . أصابع المدرب ، ط2، ألفا للنشر والتوزيع، الجيزة : مصر، 1433هـ/2012م .
  25. الدليجان , هدى بنت دليجان . الحوار مع المرأة في ضوء قصص الأنبياء في القرآن الكريم , ط1،مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، الرياض: المملكة العربية السعودية،1431هـ /2010م
  26.  ديكر، بيرت. يجب ان يؤمنوا بك لكي يسمعوك، ط1، ترجمة: مكتبة جرير، الرياض: المملكة العربية السعودية، 2011م.
  27. راي، ليزي. تقنيات التدريب ، ط1، دار الفاروق، القاهرة : مصر ، 2007 م .
  28. رضوان، محمود عبد الفتاح. إدارة الجودة الشاملة في التدريب . ط1، مركز الخبرات المهنية للإدارة " بميك" ، الجيزة : مصر، 2014م .
  29. روجرز، ناتالي إتش. قوة التحدث ، ط1 ترجمة: مكتبة جرير، الرياض : المملكة العربية السعودية 2012م .
  30. السكارنه، بلال خلف. اتجاهات حديثة في التدريب،ط1، دار المسيرة، عمان: الاردن،1432هـ/2011م .
  31. السويدان، طارق . فن الإلقاء الرائع. ط3، شركة الإبداع الفكري، الكويت، 1425هـ/2004م.
  32. الشريف ، محمد موسى. التدريب وأهميته في العمل الإسلامي .ط1، دار الأندلس الجديدة للنشر والتوزيع ، مصر. 1429هـ .
  33. الشلهوب ، فؤاد بن عبد العزيز، المعلِّم الأول ، ط1 ، دار القاسم للنشر ، الرياض : المملكة العربية السعودية، 1417هـ  .
  34. صيني، سعيد بن إسماعيل . الحوار النبوي" المبادئ والأساليب"، ط1، نشر: مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، الرياض: المملكة العربية السعودية، 1431هـ/2010م.
  35. العامري، ناصر. أوقف التدريب فوراً. د . ن، الرياض، 1429هـ /2008 م
  36. عبد الباري ، طه ، أثر التشبيه في تصوير المعنى ، قراءة في صحيح مسلم ، ط1 ،1412هـ
  37. العزاوي، نجم .التدريب الإداري، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان: الأردن، 2006م.
  38. العشماوي، عبد الرحمن بن صالح ، فن الإلقاء المتميز، ط1، مكتبة العبيكان، الرياض: المملكة العربية السعودية، 1431هـ/2010م .
  39. العظيم أبادي،  أبو الطيب محمد شمس الحق . عون المعبود شرح سنن أبي داود، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت : لبنان، 1410هـ/1990م .                            
  40. العيسى، عيسى . البابطين، عبد الله . لماذا نخشى الألقاء ؟، ط2، مركز الإلقاء للتدريب، الرياض: المملكة العربية السعودية ، 1428هـ/2007م .
  41. فيكرز، أماندا وآخرون . التأثير الشخصي، ط1، ترجمة: مكتبة جرير، الرياض: المملكة العربية السعودية، 2011م.
  42. القين، غسان عبد العزيز. أدب الحوار، ط10، دار المعرفة ، بيروت : لبنان، 1427هـ.
  43. كارينجي، ديل . طريقة سهلة وسريعة للحديث، د. ط ، د.ن ، د. ت .
  44. كارينجي، ديل . قف وتو اصل . ط1، ترجمة: مكتبة جرير، الرياض: المملكة العربية السعودية، 2012م .
  45. الكُلاَّب، مريد . فن الإلقاء. دار الراية للنشر والتوزيع، الجيزة : مصر، 2012/2013م.
  46.  كومار، فيجايا . فن التحدث أمام الجمهور. ط1، ترجمة: مكتبة جرير، الرياض: المملكة العربية السعودية، 2011م .
  47. المزيد، أحمد بن عثمان . هدي محمد صلى الله عليه وسلم في عباداته ومعاملاته وأخلاقه،ط20، مدار الوطن للنشر، 1433هـ/2012م.
  48. مسلم، بن الحجاج القشيري النيسابوري، صحيح مسلم، ط1، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه، 1374هـ .
  49. معمار، صلاح صالح، التدريب : الأسس والمبادئ، ط1، ديبونو للطباعة والنشر والتوزيع، الأردن، 2010م .
  50. الموجان، عبد الله بن حسين ، الحوار في الإسلام، ط1، مركز الكون، جدة: المملكة العربية السعودية ، 1427هـ/2006م .
  51. الميداني، عبد الرحمن حسن حبنكة. ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة، ط2، دار القلم، دمشق: سورية ، 1401هـ .
  52. ميلز, هاري . فن الإقناع، ط14، ترجمة: مكتبة جرير، الرياض: المملكة العربية السعودية، 2012م.
  53.  نايشتادت، آيفي. تكلَّم بدون خوف ، ط1 ، الدار العربية للعلوم، بيروت: لبنان،1425هـ/2005م .
  54. النحلاوي ، عبد الرحمن، أصول التربية الإسلامية وأساليبها ، ط2 ، دار الفكر : سورية، 1417هـ .
  55. الندوة العالمية للشباب الإسلامي، أصول الحوار، نشر : الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الرياض: المملكة العربية السعودية، 1408هـ .
  56. النووي ، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف ، رياض الصالحين ، تحقيق : محمد ناصر الدين الألباني ، ط2 ، المكتب الإسلامي ، بيروت : لبنان ، 1404هـ / 1984م .
  57. النووي ، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف، شرح صحيح مسلم ، دار القلم ، بيروت: لبنان، 1411هـ .
  58. هندرسون، جانيت وروي. تحرَّر من مخاوف التحدث إلى جمهور. ط1، ترجمة: مكتبة جرير، الرياض: المملكة العربية السعودية، 2013م .
  59. ويلز، مايك .إدارة عملية التدريب، وضع المبادئ موضع التنفيذ . ترجمة : إدارة الترجمة بمركز البحوث بمعهد الإدارة العامة ، الرياض ، راجع الترجمة : د. حنان بنت عبد الرحيم الأحمدي، 1426هـ/2005م.
  60. موقع : الدرر السنية .

 

 

 

 

 

ملخص البحث باللغة العربية

أساليب الحوار النبوي وتطبيقاتها في مواقف التدريب المعاصر

في هذا البحث نماذج تحليلية لبعض المواقف التطبيقية للخطاب النبوي بمجالاته المختلفة، لاستجلاء الإفادة منها في مجالات الحوار والتدريب والإدارة الحديثة بطريق احترافية مناسبة لهذا العصر، بحيث تتعاضد مع مجموعة من الأساليب الحديثة والمبتكرة لربطنا بسنة رسولنا الكريم وتاريخنا الإسلامي المجيد ...

ومن أبرز تلك المواقف ما اشتمل على الجوانب التالية: التهيئة لذهن المستمع، والوضوح والبيان، وضرب الأمثال والتشبيهات البليغة، والإعادة والتكرار، والاعتماد على التقسيم والتنويع، والاستئناس بالقصص النبوي، مع اختيار المكان المناسب ومراعاة أحوال السامعين.

وتجلَّت العلاقة القوية بين الحوار والتدريب في هذا البحث بتوظيف بعض أساليب الحوارات النبوية في مواقف تدريبية معاصرة، ومنها :

  1. تهيئة البيئة المناسبة للتدريب .
  2. الارتجال والطلاقة في الحديث .
  3. تعزيز الثقة بالنفس .
  4. توظيف لغة الجسم المناسبة .
  5. التعامل مع التقنية الحديثة .
  6. كسر الجمود والملل .
  7. التعامل الأمثل مع الأسئلة .

وانتهى البحث إلى مجموعة من النتائج ، منها :

1- السنة النبوية مصدر للتشريع الإسلامي الحنيف، ومدرسة متجددة وشاملة لعلوم الدين والدنيا والآخرة .

2- توظيف السنة المطهرة في مجالات التدريب المعاصر وسيلة مهمة لتعميق فهمها وربط المسلمين بها كرافد مهم على مرِّ العصور .

3- التدريب الناجح يقوم على التجديد وكسر الجمود عبر مجموعة من الطرائق والأساليب التشويقية والألعاب التدريبية .

 

ملخص البحث باللغة الانجليزية

Prophetic dialogue methods and their applications in the contemporary training positions

In this research, analytical models of some applicable positions of the prophetic speech and its various fields, to benefit from them in the areas of dialogue, training
and modern management with a professional way suitable to our modern era, in which it combines a range of modern and innovative methods to connect us with
our beloved Prophet’s way of life and our glorious Islamic history…
Among the most prominent of those positions are the following aspects: the preparation of the mind of the listener, the clarity and the demonstration, providing
examples, eloquent similes, repetition and duplication, relying on the partition and diversification, and familiarization with the Prophet stories, choosing the right
place and taking into account the conditions of the listeners.
A strong link between the training and the dialogue was established in this research by the employment of some methods of prophetic dialogues in the contemporary
training, such as:
1. Preparation of suitable environment for training.
2. Improvisation and fluency in conversation.
3. Promote self-confidence.
4. Employ the appropriate body language.
5. Dealing with modern technology.
6. Break stalemate and boredom.
7.  Deal with the questions with appropriate way.
The conclusion of the research raised a set of outcomes such as:
1. Sunnah (the way of life of the Prophet PBUH) source of glorious Islamic legislation, and renewable and global school for all the sciences either religious or non-religious
and the hereafter.
2. Employment of the Sunnah in the areas of contemporary training an important way to deepen its understanding and linking Muslims to it as an important part of it
throughout the ages.
3. The successful training is based on the renewal and break stalemate through a variety of methods and techniques and learning games .

 


(*) رئيس قسم الدورات التدريبية المعهد العالي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جامعة أم القرى مكة المكرمة

 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك