كَيف يَجعل فَقْر المَعلومات الإنسَان مُتعصِّباً؟

أحمد عبد الرحمن العرفج
 

التَّعصُّب في الآرَاء والمَعلومَات؛ هو مِن شِيَم وصِفَات ذَوي الدَّخل المَعرفي المَحدود، والمُصَابين بأَنيميا حادَّة في العِلْم والفِكر، لذَلك دَعونا نَفتح صَفحة هَذا التَّعصُّب، وكَيف أنَّ فَقْر المَعلومات يَجعل الإنسَان مُتعصِّبًا..!

يَقول شَيخنا «أبوسفيان العاصي»: (التَّعصُّب دَاءٌ عضَال، يَأتي بسَبَب النَّقص الحَادّ في المَعلومَات، والجَفَاف في المَعرفة، لذَلك قَالوا قَديمًا: «مَن يَعرف كَثيرًا يَغفر كَثيرًا)..!

إنَّ سِعة المَعلومات، والنَّظَر إلَى الأَمْر مِن كَافّة الزَّوايَا، يُخفِّف الحِدّة في الرَّأي، ويُقلِّل مِن عَاصفة التَّطرُّف، طَالما أنَّ كُلّ أَمْر لَه عِدّة احتمَالَات، وعِدّة قِرَاءَات، وعِدّة تَفسيرَات..!

سأَذكُر لَكُم قصّة حَدَثَت أَمَامي، وهي تُعطي صورَة عَن بدَاية التَّعصُّب، ونَشأة التَّطرُّف في فِكر الإنسَان، هَذا التَّطرُّف النَّاتِج عَن نَقص المَعلومَة وجَفَاف المَعرفة:

كُنتُ ذَات مَرَّة أُصلِّي في المَسجد، وكَان الإمَام يَقرأ بصَوتٍ عَالٍ سورة الفَاتِحَة، فقَال: (الحَمد لله رَب العَالمين، الرَّحمن الرَّحيم، «ملِك» يَوم الدِّين)، فمَا كَان مِن أَحَد المُتطرِّفين -مِن ذَوي الدَّخل المَعرفي المَحدود- إلَّا أَنْ نَهره وزَجره قَائلاً: «كَيف تُحرِّف كِتَاب الله؟ الصَّحيح أَنْ تَقول مَالِك يَوم الدِّين»، فحَاولتُ أَنْ أَتدخّل وأَشرَح لَه؛ أَنَّ «مَالك يَوم الدِّين صَحيحَة في قِرَاءة حَفص، وملِك يَوم الدِّين صَحيحة في قِرَاءة ورش»، فلَم يَتحمَّل كَلَامي، بَل نَهرني مِثله، واتّهمَني أَنَا والإمَام بالتَّحريف..!

لَعلَّ هَذه القصّة -عَلَى بَسَاطتها- تُؤكِّد لِمَاذا يَتطرَّف ويَتعصَّب البَعض لآرَائهم، إنَّهم يَتطرَّفون ويَتعصَّبون؛ لأنَّهم لَا يَعرفون غَير آرَائهم، ولَو عَرفوا غَيرهَا، لعَلِمُوا أنَّ هُنَاك ألوَانًا كَثيرة، بَين اللَّونين الأَبيَض والأسوَد..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي أَن نُشير إلَى أَنَّ التَّعصُّب -دَائمًا- يَأتي بسَبب قِلِّة المَعرفة، وجَفَاف الأَرضيّة الفِكريّة، ولقَد صَدَق مَن قَال: «مَن يَعرف كَثيرًا يَغفر كَثيرًا»..!!.

المصدر: http://hewarpost.com/?p=773

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك