داء التكشير ثقافة أم برستيج
عليك أن تضع في الحسبان: أن فيك ما يكفيك، وفينا ما يكفينا، رؤوسنا ليست فارغة كما تعتقد، فلا نحتاج إلى عقدة حاجبيك، لنعلم أن الحياة معقدة ..
السابعة صباحا، على يمينك شخص “ماد بوزه شبرين”، وكأنك السبب في إيقاظه من نومه!
بوري يصعقك من الخلف.. سائقٌ “طولة باله” تحت الصفر، وكأنك السبب في ازدحام الطرق!
موظفٌ يتأفف لأنك قطعت حبل أفكاره، وعطلت سير عمل “سناب شاته”!
يضيق بك ذلك الضجيج، وتضيق بك تلك المدينة، ويضيق يومك بأكمله. أي كما يقول المثل المصري “اليوم باين من أوله”. باختصار، نحن مجتمع لا يبتسم.
إذا ابتسمت لشخص غريب، تجده بكل غرابة يحدق بك من رأسك إلى أسفل قدميك، “عفوا فيه شي؟”، فمن وجهة نظره، نحن لا نعرف بعضنا، فما مناسبة ابتسامتك هذه؟!
تبتسم في وجه أخيك، فيعلق ساخرا “أهبل أنت، هل حدث لعقلك شيء”؟!
تنظر إلى أبيك راسما ابتسامة عريضة على وجهك، فيبادلك الشعور نفسه قائلا: “هات من الآخر، ماذا تريد؟!”.
تقبل رأس والدتك، ومن باب المداعبة تظهر لها ابتسامة عريضة مفاجئة، فتلتفت إليك “ماذا فعلت هذه المرة”؟
تبدي ردة فعل لطيفة فتبتسم لدكتورك في الجامعة، فيوقف المحاضرة غاضبا “أضحكنا معك”، وينتهي بك المطاف إلى خارج القاعة!
تقابل زميلك في العمل بابتسامة صباحية، فأول ما يتبادر إلى ذهنه أنك تخطط لشيءٍ ما: “براسك شي.. اش ناوي عليه”!
ستكون في عداد المتملقين إن ابتسمت لمديرك دون سبب، ولا عجب أن تسمع “استأذنت في بداية الشهر، وهذا يكفيك”!
إذا أردت أن تكون من أصحاب الطبقة الراقية “high class” فاسمع مني:
كشّرْ بقدر المستطاع في وجه كل من تقابله! أكثر من استخدامك لـ”سلام الحواجب”، فسيرفع حتما من برستيجك!
عندما يبتسم لك شخصٌ لا تعرفه، فعبوسك في وجهه أفضل ردٍ على ابتسامته!
من باب الإتيكيت، إياك أن تبتسم أو تسلم إلا على من تعرفه!
ذوو الوجوه العابسة هم أكثر الناس تشاؤما. ذوو الوجوه العابسة هم أكثر الناس شكوى من القلق والأرق والصداع الدائم.
“تارا كرافت” و”سارا بريسمان”، اثنتان من علماء النفس في جامعة كنساس الأميركية، أثبتتا خلال بحثهما العلمي أن مقولة “الابتسامة تساعد صحة الإنسان” لم تعد مجرد مقولة شعبية، وبإجراء اختبار بسيط بمراقبة معدل ضربات القلب لدى المشاركين، تبين أنه حتى الأشخاص الذين أجبروا على الابتسام بوضع عيدان الطعام الصيني في فمهم، كانت معدلات ضربات القلب لديهم أفضل ممن حافظوا على تعبيرات محايدة على وجوههم.
إذا أردت إهمال صحتك على حساب برستيجك، فالخيار لك، ولكن عليك أن تضع في الحسبان: أن فيك ما يكفيك، وفينا ما يكفينا، رؤوسنا ليست فارغة كما تعتقد، فلا نحتاج إلى عقدة حاجبيك، لنعلم أن الحياة معقدة.
المصدر: http://hewarpost.com/?p=1617