حوار مع يورغن هابرماس: كيف نتعامل مع مناصري اليمين؟
أضافه الحوار اليوم في
ترجمة: ملاك القرني
سؤال: تمحور الحديث بعد عام 1989 حول “نهاية التاريخ” في الديموقراطية واقتصاد السوق. إننا الآن نعيش نشأة ظاهرة جديدة في هيئة القيادة السلطوية/الشعبوية، بدءا من بوتين مرورا بأردوجان وصولا إلى دونالد ترامب. ان “السلطوية الدولية” تنجح بشكل متزايد في تحديد المسار السياسي. هل كان رالف دراندورف المعاصر مصيبا في التنبؤ بالقرن الواحد والعشرين السلطوي؟ هل يمكن لاحد ان يتحدث عن تغيير تاريخي؟
بعد تحول عام 1989-90، عندما أطلق فوكوياما شعار “ما بعد التاريخ” كما تمت قولبته بشكل اصلى داخل إطار جبري من المحافظة، فإن اعادة تفسيره عبرت عن الانتصارية ذات النظرة القصيرة من قبل النخبة الغربية والذين التزموا بدورهم بإيمان تحرري في التناغم المسبق تأسيسه لاقتصاد السوق والديموقراطية. ان كلا من ذلك العنصرين يوضحان ديناميكية الحركة العصرية الاجتماعية ولكنهما مرتبطين بالعوامل الجبرية الوظيفية التي تتصادم مع بعضها البعض بشكل مكرر. ان المفاضلة بين النمو الرأسمالي ونصيب العامة في نمو الاقتصادات الانتاجية –والتي يتم قبولها اجتماعيا على مضض- يمكن تحقيقه فقط من خلال دولة ديموقراطية تستحق فعلا ذلك اللقب. ان مثل ذلك التكافؤ، والذي يضمن اسم “الديموقراطية الرأسمالية” كان داخل إطار تاريخي هو ما يمثل الاستثناء لا القاعدة. ان هذا بحد ذاته جعل من فكرة الدمج العالمي للحلم الأمريكي مجرد وهم.
ان الاضطراب العالمي الجديد، المتمثل في عدم قدرة الولايات المتحدة الامريكية واوروبا على المساعدة فيما يتعلق بالصراعات العالمية المتزايدة، غير مستقر بالكلية كما ان الكوارث الانسانية في سوريا او في جنوب السودان تثير مخاوفنا تماما مثل افعال الارهاب الإسلامي. مع ذلك، لا يمكنني ان أدرك في خضم المعضلة التي تشير اليها توجه موحد نحو السلطوية، ولكنني ارى بدلا من ذلك مجموعة متنوعة من الاسباب التكوينية والحوادث العرضية الكثيرة. ان ما يجمعهم جميعا هو أبجديات القومية، والتي بدأ الغرب اللعب بها في الوقت الحالي. حتى قبل مجيء بوتين واردوجان، فإن روسيا وتركيا كانتا ديموقراطيات لا غبار عليها. حال اتبع الغرب سياسات أكثر مهارة، كان يمكن تحديد مسار العلاقات في كلا البلدين بشكل مختلف، كما كان من الممكن ان يتم تعزيز القوى الليبرالية لديهما.
سؤال: هل بالغنا في تقدير قدرات الغرب بشكل رجعي هنا؟
بالطبع، في ظل التنوع الكبير من الاهتمامات، لم يكن من السهل بالنسبة للغرب ان يختار اللحظة الحاسمة للتعامل بشكل منطقي مع التطلعات الجيوسياسية للقوة العظمى الروسية المبعدة او مع التوقعات الاوروبية للحكومة التركية النزقة. ان حالة ترامب الأناني بشكل هوسي، والتي تمثل اهمية كبيرة للغرب كافة، تعد وضع مختلف. مع حملته الانتخابية الكارثية، قاد ترامب عملية الاستقطاب والتي كان الجمهوريون فيها يقومون بحسابات مخفية منذ تسعينيات القرن العشرين والتي تتصاعد بشكل دون رادع بحيث ان “الحزب القديم الكبير” حزب ابراهام لينكولن، لا ننسى، انه قد فقد التحكم في تلك الحركة. ان ذلك يحشد النقمات مما يعطى متنفس للانقلابات الاجتماعية للقوى العظمى في المسار السياسي والاقتصادي.
بالتالي، فإن ما اراه مثيرا للمشكلات ليس نموذج السلطوية الدولية الذى تفترضه، و لكن انقسام الاستقرار السياسي في دولنا الغربية ككل. في كل وجه نظر حول انسحاب الولايات المتحدة من دورها كقوة عظمى مستعدة دائما للتدخل من اجل استعادة النظام، يجب على الفرد ان يضع نصب عينيه على الخلفية البنائية – الخلفية التي تؤثر على اوروبا بشكل مشابه.
ان العولمة الاقتصادية التي قدمتها واشنطن في سبعينيات القرن العشرين مع اجندتها النيوليبرالية قد اتت بيقظتها والتي تقاس دوليا ضد الصين وباقي دول بريك (BRIC) الناشئة، انهيار نسبى للغرب. يجب على مجتمعاتنا ان تعمل من خلال الوعى القومي بذلك الانهيار العالمي يدا بيد مع النمو المتزايد للتكنولوجيا الناجمة من تعقد الحياة اليومية. ان ردود الافعال القومية تكتسب ارضية في تلك البيئات المجتمعية والتي اما نها لم تستفد مطلقا من مكتسبات الرفاهية للاقتصادات الكبيرة او استفادت بشكل غير مناسب وذلك بسبب “التأثير المتدني” الموعود به قد فشل تجسده عبر العقود.
حتى لو لم يكن هناك توجه واضح نحو السلطوية، فأننا نتجه بوضوح إلى تحول ضخم إلى اليمين، انها ثورة اليمين. كانت حملة بريكست (Brexit) الانتخابية الموالية له أكثر الامثلة وضوحا لذلك الاتجاه في اوروبا. انت بنفسك، كما وضعتها مؤخرا “لم يكن من المفترض مع انتصار الشعبوية في منبع الرأسمالية. ان كل ملاحظ عاقل لا يمكن الا ان يكون قد صُدم بالطبيعة الغير عقلانية الواضحة وليس فقط بنتيجة ذلك التصويت الانتخابي ولكن بالحملة نفسها. هناك شيء واضح: ان اوروبا نفسها تقع ضحية بشكل متزايد لشّعبيّة مغوية، من اوربان وكاكزينسكى إلى لى بن و الوكالة الفرنسية للتنمية. هل يعنى ذلك اننا نمر خلال فترة جعلت السياسات الغير عقلانية سلوكا طبيعيا في الغرب؟ ان بعض اجزاء من اليسار تعد العدة للتصرف حيال شّعبيّة اليمين برؤية لنفس الشيء لجناح اليسار.
قبل التصرف بشكل تكتيكي، يجب حل اللغز كما لو كانت شّعبيّة اليمين قد سرقت افكار اليسار. ان قمة G-20 الاخيرة قد قدمت مقطوعة تعليمية من مشهد في ذلك الشأن. ان قراءة لرؤوس الحكومة المجتمعين تحذر من “الخطر الآتي من اليمين” والذي يمكن ان يؤدى بدول القومية إلى اغلاق ابوابها، و قطع العلاقات و الحاق الخسارة بالأسواق المعولمة. ان هذا الوضع يتفق مع التغيير في السياسة الاجتماعية والاقتصادية حيث ان احدى المشاركين “تريزا ماي” قد اعلنت ذلك في اخر مؤتمر لحزب المحافظين بشكل اثار موجات من الغضب كما هو متوقع في وسائل اعلام العالم الاقتصادي. قام رئيس الوزراء البريطاني بشكل واضح بدراسة الاسباب الاجتماعية للبريكست، باي حال، انها تحاول ان تقلل من شعبية اليمين عبر عكس مسار الحزب السابق و اعداد العدة عبر الحالة القوية للمعارضين من اجل محاربة تهميش اللاطراف الخلفية اليسارية من الشعب و الانقسامات المتزايدة داخل المجتمع. في ظل الانعكاس المثير للسخرية للاجندة السياسية، يجب على اليسار الأوروبى ان يسأل نفسه لماذا تنجح شعبية اليمين في استمالة المكبوتين ومنزوعي المزايا لصالح المسار الخاطئ للعزلة القومية.
سؤال: العولمة المقبولة اجتماعيا من خلال التعاون المتجاوز لحدود الوطن: ماذا ينبغي على اليسار ان يفعل تجاه تحدى جناح اليمين؟
ان السؤال هنا هو: لما لا تتحول احزاب اليسار إلى الهجومية ضد الظلم الاجتماعي عبر الاقدام على التآلف المنسق عبر الحدود للأسواق الغير منظمة. كبديل معقول- بالنسبة للحالة الراهنة للرأسمالية التجارية الشرسة وايضا بالنسبة إلى اجندة völkisch او انسحاب القومية اليسارية إلى سيادة الشعب المقترحة للدول القومية الخاوية منذ فترة طويلة- إنني لأقول ان هناك هيئة وحيدة لتَخَطِّي الحُدُودِ القَوْمِيَّة للتعاون الذي يسعى خلف استهداف تشكيل اعادة تهيئة سياسية مقبولة اجتماعيا للعولمة الاقتصادية. ان انظمة الدساتير الدولية غير كافية في هذا السياق، من اجل تجنيب شرعيتهم الاشكال بشكل كامل، حينها يمكن فقط تنفيذ القرارات السياسية المتعلقة بقضايا اعادة التوزيع من خلال إطار عمل مؤسسي صارم. حيث ان ذلك يدع الطريق معبدا للتأصيل المؤسسي وفرض التعاون المقنن ديموقراطيا عبر الحدود القومية. كان الاتحاد الأوروبي ذات مرة مجرد مشروع، ويمكن للاتحاد السياسي لمنطقة اليورو موحدا. ولكن المعيقات التي تعترض عملية اتخاذ القرار الأهلي ما زالت حاضرة وبقوة.
منذ كلينتون، وبلير، وشرودر، تأرجح الديموقراطيون نحو جانب النيوليبرالية في السياسات الاقتصادية السائدة لان ذلك بدا وكانه واعدا في الحس السياسى: في الحرب علي المنطقة الوسطى، اعتقدت تلك الاحزاب السياسية انه يمكنهم اكتساب الأغلبيات عبر تبنى سياق افعال النيوليبرالية. وقد عنى ذلك التسامح مع الظلم الاجتماعي المتنامي والثابت. في تلك الاثناء، فقد ارتفع هذا الثمن “هروب اقتصادي واجتماعي ثقافي لأجزاء كبيرة من الشعبوية ” بشدة بحيث ذهب رد الفعل تجاهه نحو اليمين. وإلى اين ايضا؟ وحال لم يكن هناك منظور ذو مصداقية واستباقية، فإن المعارضة تنسحب ببساطة نحو الاشكال الغير عقلانية المعبرة.
سؤال: حتى الاسوأ من ذلك ان تابعي اليمين سيبدون وكأنهم “مخاطر معدية” بين الاحزاب الموجودة، وبالفعل في كافة انحاء اوروبا. تحت ضغط من اليمين، قام رئيس وزراء بريطانيا بسياسة التشدد لردع او طرد العمال الاجانب والمهاجرين. في النمسا، أراد رئيس الحكومة الديموقراطية الاجتماعية حظر اليمين إلى حق اللجوء السياسي عبر اعلان الطوارئ. وفي فرنسا، نجد ان فرانسوا هولاند بات يحكمها في ظل حالة الطوارئ لمدة عام حتى الآن، مما أثار بهجة الجبهة الوطنية. هل اوروبا حذرة من تلك الثورة اليمينية؟ او هل ان إنجازات الجمهوريين تآكلت بشكل لا رجعة فيه؟
ان السياسيين الوطنيين في تقديري قد اساءوا شعبية اليمين منذ البداية. ان خطأ الاحزاب القائمة يكمن في الاعتراف بان جبهة الحرب التي تعرفها شعبية اليمين بـ”نحن” مقابل النظام. هنا من الاهمية بالكاد إذا ما كان ذلك الخطأ يأخذ صورة استيعاب او مواجهة الجناح الايمن. فلنأخذ احدى المتشددين مثل الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى والذي يرهق ماي لي بين بطلباته، او وزير العدل الالمانى رصين هيكو ماس والذي تغلب على اليكساندر جوالاند في المناظرة بالقوة، وكلاهما جعلا من منافسهما أكثر القوة. كلا منهما يأخذون ذلك بجدية ويزيدون من صفتها الشخصية. منذ عام في المانيا، نعلم كل شيء عن ابتسامة ساخرة متعمدة من فروكى بيترى (قائدة الوكالة الفرنسية للتنمية) وسلوك باقي القيادة لعصبتها الكريهة يمكن سحب البساط من تحت اقدام الشعبويين اليمين عبر تجاهل اعتراضاتهم.
ولكن ذلك يتطلب ان تكون هناك ارادة لفتح جبهة مختلفة بالكلية في السياسات الاهلية ويكون القيام بذلك عبر جعل المشكلة المذكورة سابقا محور القضية: كيف يمكننا اعادة اكتساب المبادرة السياسية وجها لوجه القوى الهدامة للعولمة الرأسمالية الجامحة؟ بدلا من ذلك، فإن المسرح السياسي يسوده الضباب، حيث انه وعلى سبيل المثال، لا يمكن تمييز اجندة اليسار المؤيدة للعولمة لإضفاء هيئة سياسية على المجتمع العالمي المتنامي اقتصاديا و رقميا عن الأجندة النيوليبرالية للتنازل السياسي لقوة ابتزاز البنوك و الاسواق الغير منظمة.
بالتالي، سيضطر الفرد إلى ان يجعل البرامج السياسية المتناقضة مُدركة مرة اخرى بما في ذلك التناقض بين – في الوعي الثقافي والسياسي- ذهن يساري متفتح “ليبرالي”، وجو الوطنيين الفاسد لنقاد اليمين لعولمة اقتصادية غير مناسبة. الخلاصة، ينبغى ان يُعاد بلورة الاستقطاب السياسي بين الاحزاب القائمة بناء على صراعات جوهرية. ان الاحزاب التي تمنح داعمي اليمين الانتباه ينبغي عليهم الا يتوقعوا من المجتمع المدني ازدراء عبارات وعنف اليمين. بالتالي، انني اعتقد ان الخطر الاعظم يكمن في الاستقطاب المختلف نحو المعارضة القوية داخل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والذي ينتقل عندما ينظر بعين مرتابة على فترة ما بعد السوق. يدرك اليكساندر جوالاند الشكل الجديد المحورى لجناح دريجر لـ حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي القديم، او جزء من اجزاءه، ويلعب بفكرة اعادة اكتساب المصوتين المفقودين عبر اسلوب التصادم مع الوكالة الفرنسية للتنمية.
بيئة خصبة لفاشية جديدة
حتى لفظيا، يبدوا ان الكثير فى حالة فوضى: ان السياسيين استنكروا اكثر و اكثر كـ “اعداء الشعب” و يساء معاملتهم بشكل مفتوح. وصم اليكساندر جوالاند انجيلا ميركل بـ”المستشارة الدكتاتورة”. على نفس المنوال يسير التأهيل تدريجيا لـ ” فورتربخ دى اونمينشين” (قاموس الرطانة النازى): يريد فروكى بيترى ان ياتى بمفهوم “ völkisch ” مرة اخرى إلي الحديث اليومى، يتحدث بجورن هوكى عن “entartete Politik” (السياسات المتدهورة) و بالتالي فإن امراة سكسونية حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي تقع في حديث نازي عن “Umvolkung” (الالمنة)- و كل ذلك دون عواقب.
ان الدرس الوحيد الذي يجب على الاحزاب الديموقراطية ان تستوعبه حيال معاملة الناس الحريصين على مثل تلك المصطلحات هو: انه ينبغي عليهم ان يتوقفوا عن الممشى خفية في الجوار مع هؤلاء “المواطنين المهتمين” و يطردونهم باقتضاب بصفتهم ارض خصبة لفاشية جديدة. بدل من ذلك، نشهد مرارا وتكرارا الطقس الكوميدي الذي تتم ممارسته بشكل جيد في الجمهورية الفيدرالية القديمة لتحقيق التوازن الإجباري: ككل مرة عندما لا يمكن تجنب الحديث عن تطرف الجناح الايمن، يشعر السياسيون انهم مضطرين إلى الاشارة بسرعة إلى تطرف الجناح الايسر المطابق كما لو كانوا مضطرين إلى الهروب من الاحراج.
سؤال: كيف تشرح سهولة التأثر لليمين الشعبوي في الوكالة الفرنسية للتنمية (AfD) في المانيا الشرقية و معدل انحراف للعدائيات اليمينية المتطرفة هناك؟
بالطبع، ينبغي علي الفرد ان يتحرر من اوهام النجاح الانتخابي القوى لـ الوكالة الفرنسية للتنمية ايضا في الاجزاء الغربية من المانيا كما هو واضح في نتائج الانتخابات الاخيرة في بادن- فيتيمبرج- حتى لو كانت الأثر القوي للسيد/ ميوتن (لـ الوكالة الفرنسية للتنمية) ضد إرث اليسار الليبرإلي لجيل 68 لا يدع الفرد يعتقد ان عقلية المتطرف اليميني ما هي الا مجرد استعداد لا تخصيص في تلك الجمهورية القديمة. في الغرب، نجد ان إجحاف اليمين لمصوتي الوكالة الفرنسية للتنمية يبدوا ان يتم تصفيتها بشكل رئيس من خلال بيئة محافظ والذي لا يوجد له فرصة للتطور في الجمهورية الديمقراطية الألمانية السابق. في جانب الغرب، نجد ايضا هؤلاء النشطاء اليمينيين والذين انتقلوا من الجوهورية القديمة إلى الشرق في تصويتهم وجلبوا معهم قدرات تنظيمية مطلوبة بعد تحول 1990. مع ذلك، نرى عبر البيانات الاحصائية المعروفة أن التعرض الغير مفلتر لإجحاف السلطوية الملتفة و”للممارسات القديمة” تعد اعظم بشكل مطلق في المانيا الغربية. حتى الان، بما ان تلك الاحتمالية تأتي من الغير مصوتين السابقين، يمكن ان تبقى غير واضحة بشكل دقيق إلى أن حفزتها سياسة اللجوء الاخيرة. وحتى ذلك الحين، جُذب هؤلاء المصوتين إما إلى الادراك المنحاز سياسيا والارادة القومية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الشرقى او اُسروا بشكل رئيس عبر حزب اليسار. وقد بلغت مرحلة يمكن ان تكون قد خدمت غرضا جيدا. ولكن من الافضل لسياسة الكيان الديموقراطي، حينما تكون مجموعة من العقول السياسية في موضع الشك، ألا تُكنس تحت السجاد.
على الجانب الاخر، في الغرب على سبيل المثال، فإن الحكومة السابقة لالمانيا الغربية والتي حددت اسلوب اعادة التوحد واعادة البناء في الوقت والتي تحمل الان المسئولية السياسية للعواقب يمكن ان تنتهي حاملة الطفل في مشهد لكيفية حكم التاريخ على تلك الوقائع. حيث ان شعبية المانيا الغربية السابقة قد استمتعت بالفرصة في ظل الظروف الاقتصادية الجيدة لتحرر نفسها تدريجيا في مناقشات من ارث الفترة النازية، من العقول الملوثة والنخبة المستمرين في المكاتب، فإن شعبية الجمهورية الديمقراطية الألمانية السابقة قد عدمت الفرصة بعد 1990 لتكون قادرة على ارتكاب اخطائهم و ان يتم اجبارهم علي التعلم من مواجهة الماضي النازي.
سؤال: عندما يأتي الامر إلي السياسات الفيدرالية، فإن الوكالة الفرنسية للتنمية قد دفع الاتحاد (حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي /الاتحاد الاجتماعي المسيحي ) اكثر من أي شيء نحو ازمة استراتيجية. مؤخرا، فإن السياسيين من (حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي /الاتحاد الاجتماعي المسيحي ) قد اتو بـ “Aufruf” (بيان للمهمة) من اجل “Leitkultur“ الشعار السياسي لحفظ اطار الثقافة الموروثة، مع توفر النية لإيقاف “تسليم الوطنية إلي الافراد الخطأ”. إنك تقرأ هناك: ” لالمانيا الحق في مشروط ما ينبغي ان يكون ثابت ذاتيا. عراقة في ارض الوطن المعشوقة والخبرة اليومية في الوطنية هي ما يتم تعزيزه. في الجمهورية القديمة الفيدرالية في ظل صحوة القبول المتزايد للديموقراطية، عمل القانون الأساسي كجوهر الثقافة أكثر وأكثر كما ان ادراكه أصبح معيار التكامل الناجح. في تلك الاثناء، هل نعيش تحول تلك الثقافة الوطنية المؤسسية إلى تيار جديد وضعته الثقافة الالمانية من العادات والتقاليد مثل واجب التصافح عند مقابلة شخص ما؟
افترضنا بوضوح وبسرعة ان حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الداعم لميركل قد ترك المناقشات الخلفية لتسعينيات القرن الماضي وراءه. لقد اتت سياسة اللاجئين بالمعارضة الداخلية إلى السطح والتي تجمع بين احفاد الجناح المحافظ القومي لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي /الاتحاد الاجتماعي المسيحي الفيدرالية القديمة مع تحولات حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الشرقى. ان الـ “Aufruf” الخاص بهم يوضح نقطة الانكسار التي سينهار فيها حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي كحزب إذا ما تم إجباره على اتخاذ قرار بين سياستين: ان ينظم اندماج اللاجئين اما بناء على المعايير المؤسسية او وفقا لافكار ثقافة الاغلبية الوطنية. ان الدستور الديموقراطي للمجتمع الجمعي يقدم حقوق ثقافية للاقليات بحيث تكتسب امكانية الاستمرار في اسلوب حياتهم الثقافي داخل حدود قانون الوطن. بالتالي، تتوافق سياسة التكامل الدستوري مع الالتزام القانوني على المهاجرين من ذوي الاصول المختلفة إلى اسلوب حياتهم إلى ثقافة الاغلبية الشاملة. بدلا من ذلك، من المطلوب التفريق بين ثقافة الاغلبية المتأصلة في البلاد والثقافة السياسية المحتضنة لكافة المواطنين بشكل متساوي.
مع ذلك، ان تلك الثقافة السياسية تتشكل وفقا لكيفية تطابق نظرة المواطنين وتفسيرهم للأسس الدستورية السياقات التاريخية للبلد. يجب على المجتمع المدني ان يتوقع المواطنين المهاجرين – بدون القدرة على تطبيقه قانويا – انهم يزيدون في تلك الثقافة السياسية. فيما يلي تقرير يفيد بان نافيد كيرمانى، مواطن المانى من أصول إيرانية، قد نشر في مجلة دير شبيجل عن زيارته إلى معسكر التجميع السابق في اوشفيتز، و هو ما يعد مثالا واعدا و مفسرا: في اختلاط اللغة للزوار من العديد من البلدان قد تبنى الانضمام إلي المجموعة الصامتة من الالمان، وبالتالي فإن المنحدرين من جيل مذنب. لم تكن اللغة الالمانية بأي شكل ما دفعته إلى القيام بذلك.
حال سلمنا بان الثقافة السياسية لن تقف خلال ثقافة النقاش الديموقراطية القائمة، على الجانب الآخر، ان المواطنين الآتين الجدد يستمتعون كما المقيمين لفترات طويلة بالحق في جلب صوتهم الخاص للمشاركة في عملية التطوير وتغيير تلك الثقافة السياسية الشائعة. ان القوة المحددة لتلك الاصوات يتم تمثيلها بأفضل ما يكون لنا عبر الكتاب الناجحين، مخرجين الافلام، الممثلين، الصحفيين، والعلماء من أُسر منحدرة عن عمال أتراك سابقين. إن المحاولات القائمة للحفاظ القانوني علي جوهر الثقافة الوطنية لا تعد دستورية فقط وإنما ليست واقعية ايضا.
مهنة المستشار بصفتها ملصق لطفل سياسي
سؤال: في حوارك الاخير في جريدة داى زيت في السابع من يوليو، قمت كـ”قارئ جرائد ذو باع طويل” بانتقاد “ تواطؤ محدد من الصحافة” والتي بدونها “فإن سياسة ميركل ل تبلد الجميع ليناموا” لن تكون قادرة على الانتشار عبر البلاد. بشكل واضح، منذ سياسة لجوء ميركل، فإننا نختبر الاستقطاب جديد. هل ترى أي فرصة في التفكير الاخير في البدائل السياسية؟
في ظل تثبيت الوكالة الفرنسية للتنمية، إنني اخاف من وضع مستوى ابعد من الاختلافات بين الاحزاب الاخرى. عندما تحدثت عن سياسة التهدئة لكل فراد لينام كنت اتحدث عن اوروبا. لم يتغير شيء في الوقت الحالي فيما يتعلق بمستقبل الاتحاد الأوروبي، منذ بريكست. على سبيل المثال، إننا نقرأ علميًا لا شيء عن التصعيد المتجدد للصراع بين وزير المالية شوبل و صندوق النقد الدولي و الذى ابطل برنامج المساعدة لليونان. بدون مبادرة لتغيير السياسة المعرقلة لإنفاق الاستقطاعات، فإن الاستعداد داخل اوروبا للتعاون سيفشل في التطور في المجالات السياسة الاخرى.
في حوار له مع داى فيلت، قام فولفجانج شوبل بعد بريكست، رجع عن رايه بعرضه الطموح لجوهر اوروبا الاستباقي والذى وضعه هو و كارل لاميرز معا في بدايات تسعينيات القرن العشرين. انجيلا ميركل والتى عرفت علي انها سياسية عقلانية بشكل جيد فيما يتعلق بالبراجماتية الخبيرة و ايضا كمركز على النتائج قصيرة المدى، انتهازية مدفوعة للسلطة، قد فاجئتنى بسياسة اللاجئين البنائية خاصتها. ان اخر رحلة لها إلى إفريقيا تبين انها تمتلك القدرة والإستعداد للعمل بإسلوب استراتيجى بعيد المنال. علي الجانب الاخر، عندما كان ذلك واقعا منذ 2010 ، ما الذى يعنيه، انها تسعى وراء سياسة نحو اوروبا من المنظور الضيق لأنانية الاقتصاد القومى. بالفعل، انها تبدوا وكانها تفكر فيما يتعلق بالاهتمامات القومية فقط في تلك الجزئية من السياسة حيث يقع على حكومتنا ان تقدم الدعم لبناء وتطوير الاتحاد الاوروبى. ان سياسة ميركل التقشف قصيرة النظر الثابتة للغاية على الواضع الراهن قد اعاقت الخطوات الضرورية للامام وعمقت الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبى بشدة.
ان كانت من طالب طويلا من خلال الوطنية للديموقراطية حيث انها تقوى من الاتحاد الأوروبى من اجل التعويض عن خسارة التحكم الدول الوطنية في مجتمع عالمى متشابك. مع ذلك، من الواضح ان الرغبة في الانسحاب إلى شرنقة الدولة الوطنية يتزايد أكثر فأكثر. في ظل الحالة الراهنة للاتحاد الأوروبى ومؤسساته، هل ترى ابعد فرصة واقعية لمحاربة اعادة القومية تلك؟
ان المفاوضات حول بريكست ستاتى بتلك القضية مرة اخرى الى الأجندة بشتى الطرق. في الواقع، ما زل تأييد التفريق الداخلى بين اتحاد اليوو السياسى العامل معا أكثر من اى وقت مضى (التعبير المعتاد: جوهر اوروبا) ومحيط الدول الاعضاء المترددة والحقائق الاقتصادية تتحدث عن ذلك التصميم لدرجة اننى اعتقد ان السياسيين سيتم توظيفهم بشكل أفضل معتقدين في قدرة الناس على التعلم بدلا من تبرير تركهم التشكيل السياسى للمستقبل مع اشارة جبرية إلي قوى نظامية لا تُبدل. ان مهنة انجيلا ميركل تعرض، في ظل الانسحاب من الطاقة النووية وسياسة اللاجئين المنافية للمعتاد الخاصة بها، مثالين بارزين متناقضين لفرضية نقص المساحة للمناورة السياسية.
المصدر: http://hekmah.org/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D8%B9-%D9%8A%D9%88%D8%...
الحوار الخارجي: