الحوار .. بديلاً عن الصراع
أضافه الحوار اليوم في
د. محمد داود
شاعت فى مجتمعنا ـ فى الآونة الأخيرة ـ سلوكيات سلبيَّة، أثَّرت فى المناخ العامِّ للمجتمع وثقافته وقيمه، وأحدثت صدعًا فى وحدة الأمَّة وتماسكها، ولعلَّ من أخطر هذه السلبيَّات توظيف الدين لخدمة أغراض ومصالح شخصيتة ودنيوية، واستخدام مبادئه السامية لبثِّ الكراهية والأحقاد، الأمر الذى يتناقض تناقضًا صارخًا مع رسالة الأديان والهدف السامى للأديان كلِّها، أَلَا وهو حسن التعايش والتآلف والتعارف بين الناس:
{وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات/13].
• تُعِيدنا هذه الرِّدَّة الثقافية والفكرية إلى عصور الجاهلية التى لم يكن لها إطار أخلاقىٌّ وروحىٌّ ينظم الأفكار والسلوكيات، ويضع لها الضوابط الحاكمة، ولن نجنى من ذلك إلَّا المزيد من التدهور والضعف، بل والانهيار، من جرَّاء انسياقنا وراء أهوائنا والأحقاد العمياء التى جعلناها بديلًا للدين بوصفه منظومة إلهية سامية لا يَعْتَوِرها خطأ أو قصور، وقد أعمت بصائرَنا ضلالاتُ الحقد والكراهية، فظنَّ بعضنا أن أخطاء المسلمين يتحملها الإسلام، أو أنَّ أخطاء المسيحيين تتحمَّلها المسيحية ... كلَّا إن الإسلام والمسيحية دينان سماويَّان، أما التطبيق البشرى فهو الذى يمكن أن يتصف بالقصور وأن تقع فيه التجاوزات والأخطاء.
• إذا سلَّمنا بهذا المبدأ، كان بإمكاننا أن ننظر إلى الأمر بموضوعية وإنصاف للآخر، وأن نُوجِد أرضية صلبة للحوار بين الأديان والحضارات، على أساس متين من الاعتراف بحرية العقيدة، والفصل بين الدين كمنظومة إلهيَّة سامية وبين الأخطاء البشرية فى تطبيقها لمبادىء هذا الدين أو ذاك، وأيضًا على أساس من الأخوَّة فى الإنسانية، تلك الرابطة التى تربط الناس جميعًا، سواء أهل الأديان السماوية أو غيرهم برباط القُربَى والمودَّة والاشتراك فى التكريم الإلهىِّ للإنسان.
• سيكون الحوار القائم على تلك الأسس بديلًا عن النعرات القومية والعصبيات الدينية والمذهبية، التى لم تكسب الإنسانية من ورائها شيئًا، بل خسرت الكثير من طاقاتها وقدراتها وقيمها، بل ومن دمائها.
وآخر هذه النعرات ما يروِّج له الغرب تحت اسم: صراع الحضارات، معيدين الصراعات التاريخية كَرَّة أخرى إلى الساحة الدولية، تلك الصراعات الدامية التى صنعها الغرب وأجَّجها باسم الدين، وأبرز مثال لذلك الحروب الصليبية التى رفعت شعار: المسيحية فى مواجهة الإسلام، ثم الهجمة الاستعمارية الغربية على العالم الإسلامى التى استُخْدِم فيها الدين مع دعاوى أخرى لتبرير تلك الهجمة الشرسة لاستنزاف موارد العالم الإسلامى.
ثم جاءت الحلقة الأخيرة مواكبة للهيمنة الغربية بقيادة أمريكا، تحت اسم العولمة تارةً، وصراع الحضارات تارة، والحداثة تارةً أخرى ... إلى آخر هذه المصطلحات التى تحاول إخفاء الوجه القبيح لاستخدام الدين فى بث الأحقاد وإثارة الصراعات وفرض الهيمنة على العالم.
• إن العالم الإسلامى الذى اكتوى بنار تلك الصراعات التى اتخذت من الدين ستارًا لمآرب خبيثة ـ لن تنطلى عليه دعايات الغرب، ولن يقع فى خطيئة توظيف الدين من أجل مصالح شخصية أو لإرضاء مطامع دنيوية، وهو يطرح فكرة "حوار الحضارات" بدلًا من "صراع الحضارات" والتعايش السلمى بدلًا من الكراهية، والأخوَّة فى الإنسانية بدلاً من العداء والصدام.
وذلك هو جوهر الأديان السماوية كلِّها: التعايش والتعارف والتآلف بين الناس مهما اختلفت الأجناس والأعراق والمذاهب والمعتقدات:
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود/118].
ولو لم يكن ثمة اختلاف لما كان هناك ضرورة للدعوة إلى التعايش السلمى وحسن الجوار، والحوار بين الحضارات، وإنصاف الآخر.
• وقبل أن نتحاور مع الآخر، علينا أن نُحْيِى قيم التسامح والإنصاف وحرية الاعتقاد والرأى داخل مجتمعنا، وأن نضع صوب أعيننا مفهوم "الأمَّة" الذى يتسع لأصحاب الأديان الأخرى ويستوعبها بوصفها جزءًا من نسيج المجتمع الإسلامى، وشريكًا فى بناء حضارتها.
• وهذه الدعوة موجهة إلى جميع أبناء الأمة: مسلمين ومسيحيين، لتجاوز النظرة المذهبية الضيقة، والتعصب الدينى الذى ينكره الدين نفسه، والالتقاء على أرضية مشتركة من الحوار المثمر وحسن التعايش.
• ثم ـ بعد ذلك ـ يتحتم على العالم الإسلامى ألَّا ينساق وراء الصراعات المفتعلة للإيقاع به وتعطيل مسيرته نحو تحقيق بعض ما يحلم به أبناؤه من الحياة الكريمة والتقدُّم، ناهيك عن المشاركة فى صنع الحضارة.
إنَّ أمامنا الكثير من العمل الشاقِّ كى تحتل أمُّتنا موقعها اللائق بها فى هذا العالم، والكراهية والأحقاد قوَّة معطِّلة، ونحن نملك البديل المستمد من روح حضارتنا التى لم تكن يومًا داعية للعنف أو الكراهية، وإنَّما كانت داعية للخير والحب والتسامح وقبول الآخر مهما تعدَّدت الأعراق والمذاهب واختلفت الأفكار والأديان والمعتقدات.
{وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات/13].
• تُعِيدنا هذه الرِّدَّة الثقافية والفكرية إلى عصور الجاهلية التى لم يكن لها إطار أخلاقىٌّ وروحىٌّ ينظم الأفكار والسلوكيات، ويضع لها الضوابط الحاكمة، ولن نجنى من ذلك إلَّا المزيد من التدهور والضعف، بل والانهيار، من جرَّاء انسياقنا وراء أهوائنا والأحقاد العمياء التى جعلناها بديلًا للدين بوصفه منظومة إلهية سامية لا يَعْتَوِرها خطأ أو قصور، وقد أعمت بصائرَنا ضلالاتُ الحقد والكراهية، فظنَّ بعضنا أن أخطاء المسلمين يتحملها الإسلام، أو أنَّ أخطاء المسيحيين تتحمَّلها المسيحية ... كلَّا إن الإسلام والمسيحية دينان سماويَّان، أما التطبيق البشرى فهو الذى يمكن أن يتصف بالقصور وأن تقع فيه التجاوزات والأخطاء.
• إذا سلَّمنا بهذا المبدأ، كان بإمكاننا أن ننظر إلى الأمر بموضوعية وإنصاف للآخر، وأن نُوجِد أرضية صلبة للحوار بين الأديان والحضارات، على أساس متين من الاعتراف بحرية العقيدة، والفصل بين الدين كمنظومة إلهيَّة سامية وبين الأخطاء البشرية فى تطبيقها لمبادىء هذا الدين أو ذاك، وأيضًا على أساس من الأخوَّة فى الإنسانية، تلك الرابطة التى تربط الناس جميعًا، سواء أهل الأديان السماوية أو غيرهم برباط القُربَى والمودَّة والاشتراك فى التكريم الإلهىِّ للإنسان.
• سيكون الحوار القائم على تلك الأسس بديلًا عن النعرات القومية والعصبيات الدينية والمذهبية، التى لم تكسب الإنسانية من ورائها شيئًا، بل خسرت الكثير من طاقاتها وقدراتها وقيمها، بل ومن دمائها.
وآخر هذه النعرات ما يروِّج له الغرب تحت اسم: صراع الحضارات، معيدين الصراعات التاريخية كَرَّة أخرى إلى الساحة الدولية، تلك الصراعات الدامية التى صنعها الغرب وأجَّجها باسم الدين، وأبرز مثال لذلك الحروب الصليبية التى رفعت شعار: المسيحية فى مواجهة الإسلام، ثم الهجمة الاستعمارية الغربية على العالم الإسلامى التى استُخْدِم فيها الدين مع دعاوى أخرى لتبرير تلك الهجمة الشرسة لاستنزاف موارد العالم الإسلامى.
ثم جاءت الحلقة الأخيرة مواكبة للهيمنة الغربية بقيادة أمريكا، تحت اسم العولمة تارةً، وصراع الحضارات تارة، والحداثة تارةً أخرى ... إلى آخر هذه المصطلحات التى تحاول إخفاء الوجه القبيح لاستخدام الدين فى بث الأحقاد وإثارة الصراعات وفرض الهيمنة على العالم.
• إن العالم الإسلامى الذى اكتوى بنار تلك الصراعات التى اتخذت من الدين ستارًا لمآرب خبيثة ـ لن تنطلى عليه دعايات الغرب، ولن يقع فى خطيئة توظيف الدين من أجل مصالح شخصية أو لإرضاء مطامع دنيوية، وهو يطرح فكرة "حوار الحضارات" بدلًا من "صراع الحضارات" والتعايش السلمى بدلًا من الكراهية، والأخوَّة فى الإنسانية بدلاً من العداء والصدام.
وذلك هو جوهر الأديان السماوية كلِّها: التعايش والتعارف والتآلف بين الناس مهما اختلفت الأجناس والأعراق والمذاهب والمعتقدات:
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود/118].
ولو لم يكن ثمة اختلاف لما كان هناك ضرورة للدعوة إلى التعايش السلمى وحسن الجوار، والحوار بين الحضارات، وإنصاف الآخر.
• وقبل أن نتحاور مع الآخر، علينا أن نُحْيِى قيم التسامح والإنصاف وحرية الاعتقاد والرأى داخل مجتمعنا، وأن نضع صوب أعيننا مفهوم "الأمَّة" الذى يتسع لأصحاب الأديان الأخرى ويستوعبها بوصفها جزءًا من نسيج المجتمع الإسلامى، وشريكًا فى بناء حضارتها.
• وهذه الدعوة موجهة إلى جميع أبناء الأمة: مسلمين ومسيحيين، لتجاوز النظرة المذهبية الضيقة، والتعصب الدينى الذى ينكره الدين نفسه، والالتقاء على أرضية مشتركة من الحوار المثمر وحسن التعايش.
• ثم ـ بعد ذلك ـ يتحتم على العالم الإسلامى ألَّا ينساق وراء الصراعات المفتعلة للإيقاع به وتعطيل مسيرته نحو تحقيق بعض ما يحلم به أبناؤه من الحياة الكريمة والتقدُّم، ناهيك عن المشاركة فى صنع الحضارة.
إنَّ أمامنا الكثير من العمل الشاقِّ كى تحتل أمُّتنا موقعها اللائق بها فى هذا العالم، والكراهية والأحقاد قوَّة معطِّلة، ونحن نملك البديل المستمد من روح حضارتنا التى لم تكن يومًا داعية للعنف أو الكراهية، وإنَّما كانت داعية للخير والحب والتسامح وقبول الآخر مهما تعدَّدت الأعراق والمذاهب واختلفت الأفكار والأديان والمعتقدات.
الحوار الخارجي: