الأمم المتحدة.. مصالح بلا مبادئ
أحمد الجميعة
الخطاب الأول للأمين العام للأمم المتحدة أنظونيو غوتيرس بعد توليه منصبه الجديد قبل أيام؛ لم يكن على مستوى التحديات، ولا قريباً من الواقع، ولا أظنه قادراً على الحياد، أو التسوية، أو التأثير في الأحداث الدولية، بل على العكس لا يزال خطاباً مستهلكاً حول (السلام) وأمنيات تحقيقه، و(التنمية المستدامة) على أنقاض الحروب المشتعلة والجماعات الإرهابية المأجورة، و(الإصلاح الداخلي للمنظمة) التي تعاني انقساماً حاداً بين مصالح النافذين وتقاريرهم المسيّسة.
المهمة ليست سهلة، وتزداد صعوبة مع بروز اليمين المتطرف في العالم، وتعددية الأقطاب الفاعلة في النظام العالمي الجديد، وتمحورها حول فكرة الصراع كأساس للوجود في دائرة صناعة القرار، والتواجد في مواقع الهيمنة، وفرض الأمر الواقع، والتدخل في شؤون الآخرين، وبالتالي الحديث عن السلام من دون مبادرات، وقرارات، وتسويات أممية لن يكون ذا جدوى، والشواهد كثيرة، على الأقل في وطننا العربي الذي عجزت المنظمة الدولية عن تحقيق سلامه، واستقراره، رغم تعدد المبعوثين، وجلسات الاستماع للتقارير، وحتى القرارات لم تنفذ، أو تضمن الحد الأدنى من العدالة والحرية والمساواة للشعوب التي طلبتها، وقاتلت من أجلها، ولكن الأمم المتحدة خذلتها، واكتفت بالتنديد للجرائم الإنسانية، والصمت المخجل أمام حوادث القتل، والتجويع، والحصار.
الأمم المتحدة تحولت إلى أداة في يد القوي المتسلط على حساب الضعيف العاجز، ولم ولن تحظى بالثقة والتأثير العالمي؛ لأنها باختصار لا تملك الإرادة، ولا تريد أن تتحول إلى سياسة المبادئ على حساب المصالح، وتخرج من أزمتها في الاصطفاف مع الحق، وإعلان الحقيقة.
السيد غوتيرس يدرك أن السلام حلم، كما هي أحلام من سبقوه في محاولة تحقيقه، وعجزوا عنه، ويكفي أن تكون القضية الفلسطينية شاهدة على هذا الحلم صعب المنال، واليوم أمام أحلام السلام والاستقرار في المنطقة العربية يبدو الوضع أصعب من قبل، خاصة وأن الأقطاب الرئيسة في الصراع الدولي تتحالف مع غيرها، وترسم ملامح عهد جديد من المصالح الجيو سياسية، وتقرير المصير، وعودة الإمبراطوريات، وسورية مثال صارخ عن تحالفات مهيمنة ونافذة تجاوزت سلام الأمم المتحدة، وقراراتها، وتدخلت في شؤون غيرها، ويكفي أن تكون حلب عنواناً للمأساة، واللاجئين السوريين شواهد حية على الشتات.
الحلول السياسية التي تنشدها الأمم المتحدة على طاولة الحوار والمصالحة للقضايا الدولية، وتحديداً في منطقتنا العربية لم تحقق مبتغاها، ولم يكن المبعوثون الأمميون على مستوى الأحداث؛ فالوضع في اليمن، وقبله سورية، وبعده في ليبيا، وبينهم العراق لم يكن السلام منفرداً عن حلول عسكرية فرضت أجنداتها على الطاولة، وبالتالي لا قيمة للسلام الأممي والحروب لم تتوقف بعد، ولا قيمة للتنمية وهناك دول ترعى الإرهاب، ولا مستقبل نرجوه من إصلاح المنظمة الدولية وهي عاجزة وصامتة!.
المصدر: http://www.alriyadh.com/1560371