بؤساء لكن ظرفاء
عبدالله الجعيثن
وهم كثيرون في تاريخنا العربي القديم والحديث.. ولا فخر!
مبدعون أضناهم الدهر وأكلهم الفقر وتم نفي بعضهم من وطنه بلا مبرر، وقد وصل البؤس ببعضهم إلى (الجوع) كأبي حيان التوحيدي حتى قال: (لقد كرهت البشر وأكلت ورق الشجر).
ومنهم مسكين الدارمي الذي اضطر لتوظيف شعره في الإعلان مقابل دريهمات (وهو أول من فعلها) حين طلب منه تاجر بغدادي عمل دعاية للخمار الأسود الذي لم يكن مطلوباً فقال:
قل للمليحة في الخمار الأسود
ماذا صنعت براهبٍ متعبد
قد كان شمّر للصلاة ثيابه
حتى وقفت له بباب المسجد
وابو الشمقمق الذي كان يعيش على هبات بشار ويسكن الخلاء:
برزت من المنازل والقباب
فلم يعسر على أحد حجابي
فمنزلي الفضاء وسقف بيتي
سماء الله او قطع السحاب
فأنت إذا اردت دخلت بيتي
عليّ مسلماً من غير باب
لاني لم اجد مصراع باب
يكون من السحاب الى التراب
وعبدالحميد الديب وامام العبد، والصافي النجفي الذي نفي من بغداد فعاش في غرفة حقيرة في دمشق:
أكابد البرد في سراج
يكاد من ضعفه يموت
في غرفة ملؤها ثقوب
قل ملؤها بيوت
يسكن فيها بلا كراء
فأر وبق وعنكبوت
ولم يسمح له بالعودة إلا وهو في الثمانين وقد عمي، وحين دخل بغداد قال:
يا عودة للدار ما أشقاها
أسمع بغداد ولا أراها
ومات بعدها بشهرين (١٩٧٧م)