براثِنُ القبلية والطائفية!

د. خالد عايد الجنفاوي

 

تشير كلمة البراثن في سياق هذه المقالة إلى ما يمكن مجازًا أن يؤذي من الظروف الثقافية والاجتماعية السلبية حيث يمكن أن يقع أحدهم في براثن القبلية والطائفية المتطرفتين, ويظن أنه لن يتخلص منها أو من التزاماتها وقيودها المصطنعة! يتفاقم شعور مزيف حول قلة الخيارات البديلة لدى من وقع بإرادته أو قسراً في شِراك وأغلال الولاءات القبلية والطائفية, وبسبب استشراء الصيحات والهتافات الانانية المصاحبة لجزء سلبي من ثقافتي القبلية والطائفية. يشعر الضحية ان لا خيار لديه سوى الإذعان لما يلقيه على سمعه بعض المنغمسين في قبليتهم أو طائفيتهم من تحذيرات وتهويلات مفبركة ضد الآخر المختلف وانه إذا لم يصفق للقبلية والطائفية، فسوف يصبح معزولاً, وأنه لا يستطيع مقاومة أو تحمل توابع تخلصه من براثن القبلية والطائفية، لكن، وفق المنطق والتفكير السليم وقوانين الطبيعة وبحسب ما يمليه التفكير النقدي والآراء السديدة ووفقاً لمقومات المواطنة الحقة، يملك كل فرد مطلق الحرية في عدم الانصياع لأي نوع من التطرف أو النعرات، إذا لم يرغب في ذلك. أرفض شخصياً أن أقع بإرادتي الحرة, وبكياني الإنساني المستقل, ضحية لأي استقطاب سلبي يمنعني من التواصل البناء مع الآخرين المختلفين, وبخاصة من أتشارك معهم في الهوية الوطنية، فإذا كان الانسان مخيراً وليس مسيراً، فحري بكل فرد يعتز بإرادته الحرة ويتفاخر بعقله الحر ويتباهى بتسامحه وبفكره الحر وبفردية تجاربه الإنسانية أن لا يصدق ما تأوله له بعض العقول المنغمسة في عجرفتها العرقية أو الفكرية، فيقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير»(الحجرات 13 )، والانسان السوي هو من يدرك المعاني الحقيقية لهذه الآية الكريمة وينأي بنفسه عن كل ما يتعارض معها. لم أقع في براثن التطرف القبلي والطائفي لأنني ولدت ونشأت وتربيت كمئات الالاف من جيلي في بيئة وطنية متسامحة تعاملت معي كإنسان وكمواطن حر يوالي ويتبع مجتمعه وقيادته الحكيمة ووطنه الذي وفر له سبل العيش الكريم والحياة الإنسانية الآمنة، ولا توجد مبالغة في هذا السياق في تأكيد الحقيقة التالية: لم يطرأ في العقل الجمعي الوطني قبل أقل من ثلاث عقود أي ذكر أو تعظيم أو تمجيد ديماغوجي للانتماءات القبلية والطائفية، ولهذا السبب لم يقع جيلنا الذهبي في براثن القبلية والطائفية! 

المصدر: http://www.i2arabic.com/newspapers/kuwait/alseyassah#السياسة

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك