ماذا يجري ضد تركيا؟
خالد مصطفى
منذ فشل الانقلاب الذي حاول عدد من جنرالات الجيش التركي تنفيذه ضد حكومة حزب العدالة والتنمية وأخبار تركيا تتصدر الصفحات الأولى في وسائل الإعلام العربية والغربية..
وتتركز الأخبار دائما على الخطوات التي تتخذها الحكومة المنتخبة في البلاد منذ أشهر قليلة وبنسية كبيرة, ضد المتورطين في المحاولة الانقلابية الغاشمة التي أدت إلى مقتل وإصابة مئات الأشخاص من بينهم مدنيون لا ذنب لهم سوى أنهم رفضوا المحاولة...
معظم الكتابات في وسائل الإعلام العربية والغربية يحركها حقد دفين ضد حكومة حزب العدالة والتنمية وزعيمها رجب طيب أردوغان دون أن تجد منطقا معقولا يحرك هذه الكتابات ودون النظر للجريمة البشعة التي كانت على وشك أن تتم في هذا البلد الكبير والذي كان سيغرق في بحر من الدماء لو نجح هذا الانقلاب وعندئذ لم نكن سنسمع هذه الانتقادات بل سيصمت الجميع ويطالب بضبط النفس ورويدا رويدا سيتعاملون بمنتهى الود مع الانقلابيين مهما قتلوا وانتهكوا وعذبوا كما حدث ذلك في مرات كثيرة تعرضت لها بلاد أخرى لانقلابات دموية...
الحملة المنظمة التي تشهدها عواصم غربية وعربية على الحكومة التركية ليست جديدة ولكنها في هذا الوقت فاضحة بشدة لنوايا سيئة تحرك هؤلاء فأردوغان كان على وشك أن يغتال وتم بث صور وفيديوهات تؤكد ذلك كما ان عددا كبيرا من رجال الشرطة ومن مساعدي أردوغان قتلوا بالفعل في المحاولة وهناك فيديوهات توضح عنف الانقلابيين حتى ضد المدنيين العزل وهو ما يؤكد أن الانقلاببين كانوا يحضرون لمجزرة بشعة فكيف يتم الرأفة بهؤلاء والمطالبة بعدم إعدامهم بواسطة محاكمات قضائية رغم أنهم نفذوا إعدامات ميدانية دون محاكمات على مشهد ومسمع من العالم أجمع؟!..
الغرب يلاعب أردوغان بلعبة الحريات وحقوق الإنسان وعدم الانضمام للاتحاد الأوروبي رغم أن الغرب نفسه قبل المحاولة الانقلابية صرح بأن تركيا أمامها عقود طويلة لتنضم للاتحاد الأوروبي, وأشار بصراحة إلى أن الإسلام يعيق هذا الانضمام كما أن الغرب يتعاون مع دول عديدة في كل الملفات الاقتصادية والسياسية دون أي حرج من تطبيقها لعقوبة الإعدام ولا يضع ذلك حاجزا...
الأعجب من هذا أن بعض وسائل الإعلام العربية مدحت الانقلاب واستنكرت التعامل بقسوة مع الانقلابيين وانتقدت بشدة ما أسمته بتجاوز السلطات التركية للقوانين وحقوق الإنسان ـ على حد وصفها ـ والسؤال هو لو قام عدد من جنرالات بلادهم بمحاولة انقلابية مثل هذه وقتل فيها من قتل كما شاهدنا في تركيا ماذا كان سيتم معهم وفقا لقوانين هذه البلاد أليس الإعدام رميا بالرصاص ومن خلال محاكمات عسكرية؟! ألم يكونوا سيدافعون بما أوتي من قوة عن الاستقرار والسلام المجتمعي وعدم الوقوع في الفوضى ويسردون آيات الحرابة ويستشهدون بها على إباحة قتل من أفسد في الأرض كما يفعلون الآن في قضايا أقل خطورة تقع في بلادهم ؟!...
ثم ما حكاية حقوق الإنسان التي يدافع عنها كتاب عرب الآن كانوا من أوائل من هاجموا استخدام الغرب لها ضد بلادهم أما وإن الأمر ضد حكومة لها جذور إسلامية وناجحة ولها شعبيتها فإلى أبشع أنواع التناقضات والجهل نستمع من هؤلاء الكتاب...
لم يقل أحدهم كلمة حق لصالح الرجل الذي كالوا له اتهامات طوال سنوات حذر فيها من الكيان الموازي وكانوا يسخرون منه ويتهمونه بأنه يصنع عدوا من الفراغ ليحكم قبضته على الحكم وعندما وقع الانقلاب كما توقع هو لم يكلفوا أنفسهم مجرد الاعتذار بل ساروا في غيهم بطريقة أخرى ساذجة..وأيها الخجل أين حمرتك؟