ولاية المتغلّب

تغريدات على تويتر للدكتور أحمد حوى

>> ولاية المتغلب هي الولاية التي يكتسبها صاحب قوة ولو خرج على الولي الشرعي، ثم تستتب له الأمور ويسيطر على مقاليد الحكم في البلاد.

>> فهل تعتبر ولاية المتغلب طريقا شرعيا صحيحا لاكتساب الولاية؟ وما حقيقة ما ينسب إلى الفقهاء القدامى من ذلك؟ وما هي الخلفية التاريخية لذلك؟

>> أنبه أولاً أن ما سأذكره في هذه المسألة هو اختيار لبعض المحققين من أهل العلم، وأنا أتبناه، وأقدّر أن هناك أقوالا أخرى لكنها اجتهاد لا يلزمنا.

>> الراجح لدينا بعد البحث والدراسة أن الطريق الشرعي الصحيح الوحيد في الأحوال العادية لاكتساب الولاية في أمة الاسلام هو: «اختيار أهل الحل والعقد».

>> وهذا يعني أن ما قرره بعض الفقهاء من طرق للولاية إنما قالوا به في ظروف استثنائية أو اضطرارية، وليس في أحوال عادية.

>> وللتوضيح: فإنه لم يثبت نص واحد على مشروعية ولاية العهد، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا، وترك الأمر لأهل الحل والعقد فاختاروا أبا بكر.

>> وأبو بكر رضي الله عنه لم يولِّ عمر على الحقيقة، وإنما رشّحه، ولم يلزم الناس ببيعته في حياته، وإنما بايعه أهل الحل والعقد بملء إرادتهم بعد وفاته.

>> وأما إقرار بعض الصحابة والتابعين لولاية العهد في زمان معاوية إنما هو اجتهاد استثنائي تحكمه ظروف استثنائية قدروها هم، ويتحملون هم فقط تبعتها.

>> ربما خشي بعض الصحابة والتابعين عودة الفتنة والاقتتال بين الناس، فأقروا بولاية العهد دَرءًا لمفسدة أكبر كانوا يتوقعونها ويخشونها.

>> والذي ينبغي أن يعلم أن الفقه الاستثنائي لا ينبغي بحال من الأحوال أن يصبح فقها أصليا أو حكما عاما مطردا، بحيث يصبح الأصل استثناءً أو شذوذا.

>> لم يعد مقبولا أن تحكم الأمة بفقه استثنائي ومسألة استثنائية طيلة ثلاثة عشر قرنا، وتمنع الأمة من الرجوع إلى قرار أهل الحل والعقد.

>> وما قيل في ولاية العهد يقال في ولاية المتغلّب، إذ ليس هناك نص من كتاب أو سنة يسندها، إنما هي الموازنات المبنية على تقدير المفاسد واختيار أخفها.

>> ولا يُعقل أن نبقى نقول بإقرار ولاية المتغلب دفعا للمفسدة طيلة ثلاثة عشر قرنا أيضا، بل يجب الرجوع إلى قرار أهل الحل والعقد في الأمة.

>> ثم يجب التنبه إلى أمر أهم وأخطر، وهو أن علماءنا قالوا بولاية المتغلب الذي يحكُم بشرع الله تعالى وليس الذي يأتينا بأنظمة علمانية تحارب الدين.

>> وأضيف أن المرحلة التي حكمت فيها الأمة بولاية العهد أو بولاية المتغلب هي هي المرحلة التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم «الملك العضوض».

>> وجاءت مرحلة الملك العضوض بعد مرحلة الخلافة الراشدة التي شهد لها أنها على منهاج النبوة، فلا شك إذن أن الملك العضوض نقصٌ أو نزولٌ عن تلك الرتبة.

>> ونستطيع أن نقول إن مرحلة الملك العضوض انتهت بإسقاط الخلافة العثمانية، لتدخل الأمة في مرحلة هي أخطر وأشد وأسوأ، هي «الملك الجبري».

>> ولمن لم يدرك الفارق بين المرحلتين نقول إن الشريعة كانت هي مرجعية الأمة في مرحلة «الملك العضوض» على ما كان فيه من نقص أو ظلم.

>> فلما دخلنا في مرحلة «الملك الجبري» أقصيت الشريعة وحورب الدين وأهله، وأصبحنا نحكم بأنظمة وضعية صنعها المحتلون الصليبيون لبلادنا في القرن الماضي.

>> وبناء عليه فإن كل ما قاله بعض الفقهاء عن الرضا بولاية المتغلب لا محل له في واقعنا، وإنما الواجب الشرعي هو الوقوف في وجه الظلمة وتحكيم الشريعة.

>> فإن أمكن الوقوف بوجه الظلمة بالطرق السلمية فليكن، وإلا فيجب اتخاذ الوسائل اللازمة لإعادة الأمور إلى نصابها، مع تقدير الظروف والإمكانات.

>> والظروف والإمكانات إنما يُرجَع في تقديرها إلى العلماء الثقات الربانيين الذين شهدت لهم الأمة وسلّمت لهم، وليس علماء السلاطين الذين اقتاتوا على السحت.

المصدر: https://alfajrmg.net/2013/09/01/%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9...

الأكثر مشاركة في الفيس بوك