مسألة التسامح في كتابات العرب المحدثين والمعاصرين

الدكتور رضوان السيد

 

تأتي اللحظة التاريخية للصحيفة أو لـ (وثيقة المدينة) في سياق متماسك، يبلغ حد النسق أو الاتساق الكامل، وهي من اللحظات المؤسسة للعلاقة مع الآخر المختلف دينا، والتي يمكن اطراد القياس عليها كلما أتيح لبني الإنسان أن يقيموا بينهم علاقات سوية، لا قسر فيها ولا اعتناف ولا استلاب ولا نهاب. ولأن هذه اللحظات المؤسسة " قد بزغت إبان النشأة الأولى للمجتمع الإسلامي في التاريخ فهي منه بمثابة الأركان التي يرفع عليها الوجدان، وهي خير دليل – في براءتها الأولى إذا صح التعبير – على انفتاح الكينونة الإسلامية الوليدة على مطلق الإنسان دون أدنى تحفظ، وعلى التماسها عناصر وحدة البشرية التي خلقها الواحد الأحد -جل جلاله- من نفس واحدة، ثم جعلها شعوبا وقبائل لتتعارف، وتتنافس في الخير، وفي تحقيق الكمال الأخلاقي"(1).

وحتى لا نصادر على مطلوبنا من هذا البحث، فنؤكد ابتداء اشتمال هذه اللحظات المؤسسة، لأول النظر ولمستأنفه على حد سواء، على القانون الإنساني الأعلى للعلاقة مع الآخر أيا كان وأينما وجد، فإننا سنقف مع أربع منها نتخذها أنموذجات مضيئة للحظة "الصحيفة" بوجه خاص، ولموقف الإسلام البدئي من الآخر المختلف دينا، ولا سيما أهل الكتاب، بوجه عام.

وهذه اللحظات المؤسسة الأربع هي على التوالي:

أولا: لحظة الهجرة الأولى إلى الحبشة أو لحظة النجاشي.

ثانيا: لحظة وفد نجران.

ثالثا: لحظة فتح مكة وإزالة الصور والأوثان من الكعبة.

رابعا: لحظة فتح القدس والعهدة العمرية.

(1)

وأول ما نبدأ من ذلك لحظة الهجرة، أو لحظة النجاشي الذي قال فيه رسولنا الكريم مُـحَمَّد -صلوات الله عليه وسلامه عليه-: "إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم منه فرجا ومخرجا"(2). وقالت فيه أم سلمة زوج النبي "لقد جاورنا خير جار النجاشي، أمنا على ديننا، وعبدنا الله تعالى، لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه"(3)، والذي استمع إلى أوَّل خطاب إعلامي شامل في الإسلام، يوم أن وقف جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- يقول:

"أيها الملك، إنا كنا قوما أهل جاهلية: نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث لنا الله رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى رحمة الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وآمنا به واتبعناه فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلموا، وشقوا علينا، وحالوا بيننا و بين ديننا؛ خرجنا إلى بلدك واخترناك عمن سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك"(4).

ونحن نعلم من أمر النجاشي بعد هذا البيان أنه سأل عما جاء في القرآن الكريم من ذكر مريم ابنة عمران وابنها عيسى المسيح -عليهما السلام- وأنه آوى إليه المسلمين وأكرم وفادتهم بعد أن دمعت عيناه وخشع قلبه، وقال إن ما يسمعه من آيات الذكر الحكيم يصدر وما جاء به المسيح من مشكاة واحدة. كما نعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال فيه لَـمَّا توفي سنة تسع للهجرة: "إن أخا لكم قد مات بأرض الحبشة"، وأنه خرج بالمسلمين إلى الصحراء وصفهم صفوفا ثم صلى عليه"(5).

ولعلنا هنا أن ننتبه إلى أن هذا الحوار يَدُلُّنا على أن الآيات التي تتعلق بمريم العذراء والسيد المسيح --عليه السلام-- نزلت قبل واقعة الهجرة إلى الحبشة، وأن تلاوتها في مجلس النجاشي كانت بطلب منه، لا بمبادرة من جعفر يتوسل بها عطفه ونصرته، فهي إذن بعض معتقد المسلم وما يتعبد به، لا كلام يقتضيه المقام، أو تتطلبه السياسة والكياسة. وإن هذا ليتأدى بنا إلى أن القرآن الكريم هو المرجع الأعلى الذي تتأسس في ضوئه العلاقات الإسلامية والمسيحية، وأنه بما يشتمل عليه من آيات بينات عن آل عمران، والمسيـح --عليه السلام-- وأمه مريم المصطفاة ومعجزاته، وتعاليمه، وحوارييه، تكاد تبلغ – عدد صفحات – حجم أحد الأناجيل المسيحية المعتمدة؛ يبسط أرضا واسعة من القيم المشتركة والأخلاق المتقاربة، ويرسم أفقا متراحبا، ينظر فيه إلى الأنبياء جميعا بصفة كونهم حلقات في سلسلة واحدة متصلة: ﴿إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾(6).

(2)

أما حديث وفد نجران وما كان من مصالحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأهلها، وما كتب لها من كتاب في ذلك فهو من مرويات عروة بن الزبير بن العوام التي جمعتها سلوى مرسي الطاهر في كتاب تحت عنوان "أوَّل سيرة في الإسلام"(7). وقد جاء فيه بعد مفتتح الكتاب: "ولنجران وحاشيتها ذمة الله وذمة رسوله على دمائهم وأموالهم، وملتهم، وبيعهم، ورهبانيتهم، وأساقفتهم، وشاهدهم، وغائبهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير"(8)، وألزمهم "الجهد والنصح فيما استقبلوا غير مظلومين ولا معنوف عليهم"(10).

وقد شهد فيمن شهد هذا الكتاب عثمان بن عفان -رضي الله عنهم-، وكان أشرف نصارى نجران وفي مقدمتهم العاقب والسيد وأسقفهم أبو حارثة بن علقمة قد وفدوا على الرسول -عليه صلوات الله وسلامه- في مسجده في المدينة، فأحاطهم بالإيناس والتكريم، وجادلهم بالتي هي أحسن، بحسب الهدي القرآني الكريم، حتى إذا استيقن صدهم المؤكد لم يعنف بهم ولا فرض رأيه عليهم ﴿لا إكراه في الدين﴾؛ بل رفع الأمر إلى الله تعالى، ودعاهم إلى المباهلة: ﴿فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين﴾(11)، محتكما إلى مرجعية فوق البشر، ثم ودعهم آمنين إلى ديارهم، لم يمسسهم سوء بل كرمت إنسانيتهم خير تكريم.

(3)

ثم إننا نستذكر إلى ذلك ما كان من موقف الرسول الكريم حين دخل مكة فاتحا ورجع إليها ظافرا، وخاصة ما كان منه حين دخل الكعبة وكانوا – كما جاء في الجزء الأول من السيرة النبوية من سير أعلام النبلاء – " قد زوقوا سقفها وحيطانها من بطنها ودعائمها وصوروا فيها الأنبياء والملائكة والشجر، وصوروا إبراهيم يستقسم بالأزلام، وصوروا عيسى وأمه، إذ أمر بثوب فبل بماء وأمر بطمس تلك الصور، ووضع كفيه على صورة عيسى وأمه، وقال: امحوا الجميع إلا ما تحت يدي"(12).

ولقد ظلت صورة سيدنا المسيح --عليه السلام-- وأمه مريم البتول مرسومة على السارية الوسطى من سواري الكعبة إلى أن ذهب بها الهدم من بعد، يثبت ذلك قول عطاء بن أبي رباح حين سأله سليمان بن موسى الشامي –كما جاء في تاريخ مكة ونقله الذهبي في سير أعلام النبلاء– عما إذا كان أدرك في البيت تمثال مريم وعيسى (وهو يقصد صورتيهما -عليهما السلام-) إذ قال: "نعم، أدركت تمثال مريم مزوقا، في حجرها عيسى قاعد، وكان في البيت ستة أعمدة سواري، وكان تمثال عيسى ومريم في العمود الذي يلي الباب". كما تثبته رواية عمرو بن دينار في قوله: "أدركت في الكعبة قبل أن تهدم تمثال عيسى وأمه (صورتهما)"، ورواية داود العطار إذ قال: "أخبرني بعض الحجبة عن مسافع عن شيبة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا شيبة، امح كل صورة إلا ما تحت يدي، قال: فرفع يده عن عيسى ابن مريم وأمه". وثَمَّ رواية أخرى أوردها الذهبي إلى ما سبق، في السيرة النبوية عن ابن شهاب: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل الكعبة وفيها صور الملائكة، فرأى صورة إبراهيم فقال: "قاتلهم الله، جعلوه شيخا يستقسم بالأزلام"، ثم رأى صورة مريم فوضع يده عليها وقال: "امحوا ما فيها إلا صورة مريم"(13).

هذه ثلاث لحظات تاريخية من أربع أردنا أن ننظر إلى "الصحيفة" وإياها في سياق واحد.

(4)

أما الرابعة فهي لحظة فتح بيت المقدس يوم أن كتبت " العهدة العمرية " فكانت أنموذجا للمعاهدات التي تراعي أحوال الناس جميعا وتتناول حضورهم الإنساني في شتى احتمالاته: من إقامة دائمة وأخرى مؤقتة، ومن مرور، ومن متاجرة، ومن زيارة، ومن حج وعبادة، تقول المعاهدة كما روى الطبري:

"بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل "إيلياء" من الأمان".

أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها، وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من غيرها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.

وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص.

فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية.

ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم، وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم.

ومن كان بها من أهل الأرض، من شاء منهم قعد، وعليه مثل ما على أهل " إيلياء " من الجزية، ومن شاء سار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله، وأنه لا يـأخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.

وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله، وذمة المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية(14).

(5)

إن مبعث حرصنا على قراءة "الصحيفة" في سياق من مواقف ومعاهدات تعكس الرؤية الشمولية للآخر الكتابي في الإسلام هو توكيد أن الإعتقاد بكرامة الإنسان بإطلاق، وبقربى النصارى من أهل الكتاب خاصة، وبأهمية الوفاء بالعهود، وكل أولئك كان أساسا ومنطلقا وغاية وهدفا في آن، أي أن "الصحيفة" لم تكن موقفا آنيا اضطر إليه الرسول الكريم محمد -صلوات الله وسلامه عليه-، أو موقفا "تكتيكيا" بلغة القوم. بل كان موقفا مبدئيا ثم اتخاذه في ضوء كتاب الله الكريم وسنة نبيه المشرفة، هذين الأصلين اللذين حكما كل معاهدة سابقة أو لاحقة في الإسلام.

وحتى يكون لنا أن ننظر في "الصحيفة" أو أن نقرأ دلالاتها، فإنا موردوها نصا بحسب ما انتهى إليه تحقيق الأستاذ صيدان بن عبد الرحمن اليامي في كتابه "بيان الحقيقة في الحكم على الوثيقة"(مكتبة المعارف- الرياض- 1987م- من ص5-10) ومثبتو بيان ما غمض من معاني ألفاظها بحسب هذا التحقيق أيضا.

 

نص"الصحيفة"

"بسم الله الرحمن الرحيم. هذا الكتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم، إنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على ربعتهم(15) يتعاقلون بينهم(16) وهم يفدون عانيهم(17) بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو عمرو بن عوف، على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وأن المؤمنين لا يتركون مفرحا(18) بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل، وألا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه، وأن المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة(19) ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم. ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ولا ينصر كافرا على مؤمن. وأن ذمة الله واحدة، يجير عليهم أدناهم. وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس، وأنه من تبعنا من اليهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم. وأن سلم المؤمنين واحدة، ولا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم، وأن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا. وأن المؤمنين يبيء بعضهم على بعض بما نال دماؤهم في سبيل الله. وأن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه، أنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا، ولا يحول دونه على مؤمن، وأنه من اعتبط مؤمنا قتلا (20) على بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول، وأن المؤمنين عليه كافة، ولا يحل لهم إلا قيام عليه. وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا ولا يؤويه، وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل. وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله - عز وجل- وإلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم وإلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ(21) إلا نفسه وأهل بيته، وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف. وأن ليهود بني حارث مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف وأن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته. وإن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم وأن لبني الشطيبة مثل ما ليهود بني عوف وأن البر دون الإثم. وأن بطانة يهود كأنفسهم، وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لا ينحجز على ثأر جرح، وأنه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته إلا من ظلم، وإن الله على أبر هذا، وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم، وأنه لم يأثم امرؤ بحليفه، وأن النصر للمظلوم وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين. وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة، وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم. وأنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها، وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده، فإن مرده إلى الله - عز وجل- وإلى محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره، وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها. وأن بينهم النصر على من دهم يثرب، وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه. وأنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين، إلا من حارب في الدين، على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم. وأن الأوس مواليهم وأنفسهم، وعلى مثل ما لأهل هذه الصحيفة، مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة، وأن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه، وأن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره، وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وأنه من خرج آمن ومن تعد آمن بالمدينة إلا من ظلم وأثم وأن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-(22).

لقد كتبت هذه "الصحيفة" في أعقاب مقتل الشاعر اليهودي كعب بن الأشرف الذي شبب بنساء المسلمين حتى آذاهم، كما آذى النبي الكريم بالهجاء، وركب إلى قريش فاستغواهم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حتى قال الرسول يوما: من لكعب بن الأشرف فقد آذانا بالشعر وقوى المشركين علينا. فلما قتل "فزعت اليهود ومن كان معهم من المشركين، فغدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حين أصبحوا فقالوا: أنه طرق صاحبنا الليلة وهو سيد من سادتنا فقتل، فذكر لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-الذي كان يقول أشعاره، ودعاهم إلى أن يكتب بينه وبينهم كتابا، فكتب بينه صحيفة، وكانت تلك الصحيفة بعده عند علي، أخرجه أبو داود"(23).

وعلى أننا لا نعدم من يرى أن هذه الرواية لا يمكن الجزم بصحتها لفقدانها عامل الصحة، وهو اتصال السند إن صح، كما ذهب إلى ذلك الأستاذ صيدان بن عبد الرحمن اليامي، فإننا لا نعدم في الوقت نفسه من يراها دستورا رفيعا "لم يستطع الفقهاء دراسته كما ينبغي، شكوا في صحة الوثيقة إذ إنها وصلتهم مكتوبة دون سند، وهم كانوا يدققون جدا في موضوع السند، ثم إنهم خافوا من الإصرار على تطبيق الصحيفة؛ لأنَّها كانت تعطي الأمة حقوقا لا تقرها النظم الحاكمة من أمويين وعباسيين وغيرهم"(24(.

وليس يخلو من الدلالة أن من يرون هذه الرواية مما ينبغي الاحتجاج به ومن يرونها موضع احتجاج؛ متفقون جميعا على أنها قد أخذت " طابعا هاما في دراسة النظام السياسي في الإسلام"(25). كما يخلو من الدلالة أنها تصدر نصا ودلالة من المشكاة نفسها التي خرجت منها الكتب والمعاهدات التي سقناها بين يديها، سواء ما كان سابقا لها أو لاحقا. الأمر الذي يجعلنا نميل إلى قراءة الدكتور حسين مؤنس لها، من حيث هي "دستور وضعه الرسول لجماعته في المدينة ليحدد لها نظام العمل في شؤون الجماعة الداخلية والخارجية.. دستور كامل يبين الحدود الجغرافية لوطن الأمة: جوف المدينة، ومنازل القبائل، وَكُلّ من لحق بنا وجاهد معنا"، والمراد هنا منازل كل القبائل التي تنضم إلى الأمة و"تقر بما في هذه الصحيفة" أي توافق على ذلك الدستور، وقد اتسعت مساحة المدينة بذلك؛ لأنَّ القبائل حولها أخذت تنضم إلى الأمـة الإسـلامية(26(.

وتحدد الصحيفة، فيما يرى الدكتور حسين مؤنس "واجبات أعضاء هذه الجماعة وحقوق كل منهم، العدل والبر (والبر معناه الوفاء) ولهم الأمن على النفس والمال".

والجماعة كلها هي التي تقوم بحماية الأمن في داخلها " ويد المؤمنين جميعا على من ابتغى دسيسة فساد بينهم". والجماعة متعاونة لمساعدة المحتاج والمدين والمريض، وهي ملزمة بمعاونته في فداء أو أسر، وكل مجموعة قبلية من أهل المدينة مسؤولة عن الأمن في مواطنها وعن حماية المدينة من ناحيتها، والأمة كتلة واحدة " يد المسلمين واحدة " ولا تعقد جماعة صلحا إلا باتفاق الجماعة. لكل مجموعة رياستها وهم مسؤولون عن جماعتهم من كل ناحية. والقاعدة في التعامل هي البر -أي الوفاء-، فمن نصوصها: "والبر دون الإثم"، أي: أن الوفاء دون الحنث، و" أن الله على أبر هذا " أي: أن الله يؤيد أصفى وأصدق ما في هذه الوثيقة من وفاء.

وإذا هوجمت المدينة فلا بد أن يشترك الجميع في الدفاع. أما إذا قامت الجماعة بحرب خارج حدودها فلا إلزام، وليخرج من يريد، ولكن الرسول كان إذا ندب أحدا لمهمة سارع في التنفيذ مختارا سعيدا. وهذه القواعد واردة في القرآن الكريم بهديه وأخلاقه التي هي مكارم الأخلاق، أو المروءة الإسلامية التي حلت محل المروءة الجاهلية، والمروءة مشتقة من مرء أي إنسان فمعناها إذن الإنسانية. والمروءة الجاهلية كانت تبيح القتل وسفك الدم والقسوة، كما ترى في بعض أشعار عنترة العبسي وغيره من الجاهليين، أما المروءة فتحض على الرحمة والمغفرة والإحسان والرأفة باليتيم والضعيف والعاجز، ونصرة المظلوم. وكل هذه مبادئ واردة في القرآن الكريم وحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وطبقها بنفسه وبين للناس كيف يسيرون عليها، وهذا هو ما نسميه بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-أي خلقه وتصرفه وقولـه، ولـه صلوات الله عليه حديث جامع مانع يوجه المسلمين إلى كل خير ويمنع عنهم كل أذى ويحميهم من كل شر ويدفع عنهم كل ضرر، ولو عملوا بما فيه لكانوا أعظم الأمم في كل عصر، قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي"(27).

وإذا كان الدكتور حسين مؤنس قد غلب – في تحليله للصحيفة – جانب الأمة على الدولة، ورأى في رسول الكريم محمد -صلوات الله وسلامه عليه- نبيا وسراجا منيرا، لا قائدا عسكريا أو قائد دولة دبلوماسيا، فإن الدكتور كامل الدقس يرى في الصحيفة إعلانا "عن قيام دولة قانونية في الأرض"، وقد نظم الرسول -صلى الله عليه وسلم- جميع شؤونها ورسم سياستها الداخلية والخارجية بصفته الرئيس الأعلى للدولة.

يقول الدكتور كامل الدقس في ذلك: "لقد وضع الرسول -صلى الله عليه وسلم-دستورا للدولة نظم فيه شعب دولته، وحدد العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، وبين فيه الحقوق والواجبات على مواطني الدولة (اليهودية بقبائلهم – القبائل المتفرقة – الأوس والخزرج – المهاجرين)، وهذا الكتاب الذي يعرف بعقد (الصحيفة) يعد دستورا فريدا لم تحلم البشرية في عمرها الطويل منذ نشأتها وإلى يوم الناس هذا بمثله. وإن المتأمل في هذه الوثيقة يتبين في وضوح وجلاء عظمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السياسة والصياغة على السواء. فقد كتبت هذه الوثيقة على غير مثال سبقها، وشملت نصوصها كل ما تحتاج إليه الدولة في تنظيم شؤونها الداخلية والخارجية. وقد تضمن الدستور الكثير من القواعد والمبادئ الأساسية التي ما تزال البشرية تحوم حولها، أو تحلم بقليل منها"(28(.

ولعل ألصق هذه القواعد بموضوعنا تلك التي تنص "على إباحة الحريات: حرية العقيدة، والإقامة والتنقل، ومزاولة الحرف دون تقييد ما دامت هذه الحريات لا تضر مصلحة المجموع، وتراعي المبادئ الأخلاقية في السلوك الفردي وفي العلاقات الاجتماعية"(29(.

ومهما يكن الأمر في استخلاص دلالات هذه الصحيفة في جانبيها السياسي والتنظيمي، أو في التحرير الفقهي لبنودها، فإنها حافلة بدلالات أخر تتعلق بما وراء البنود من التوجه نحو وحدة الشعور بالجماعة الإنسانية، وحميمية العلاقات فيما بين أفرادها على اختلاف الانتماء الديني والقبلي.

وثَمَّ في الصحيفة إشارات لا بد أن نتدبرها إلى "المعروف والقسط" اللذين اعتبرا مدخلا عاما لها، وتكررا تسع مرات فيها، وإلى أن "ذمة الله واحدة"، و "أن سلم المؤمنين واحدة"، و "أن النصر للمظلوم"، و "أن الجار كالنفس غير مضار"، و"أن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره"، و "أن البر دون الإثم"، و "أن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة"، وأن اليهود مواليهم وأنفسهم "على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة"، و "أن الله جار لمن بر واتقى".

إن هاهنا توكيدا لما يمكن تسميته "روح القانون" أو المرجع العقدي الأعلى له، وإن في طوق الدراسة الأسلوبية أن تظهرنا على دليل داخلي في الصحيفة يصحح روايتها ويثبتها. وخاصة فيما يتعلق باليهود، وما تناولته الصحيفة من ألوان العلاقة معهم، كما يمكن للدراسة المقارنة بين "الصحيفة" و "كتاب أهل نجران" و "العهدة العمرية" أن تجزم بالصدق الداخلي لمتنها، وبصدورها عن رؤية إيمانية شاملة ترى إلى الآخر المختلف عقديا أو دينيا على أنه توسعة للذات، وميدان لفضائلها، ولما تتمتع به من معروف وقسط وبر وتقوى وصدق، وحسبك ذلك كله التماسا لوحدة الشعور الإنساني في المجتمع الواحد أو تعزيزا لوحدة الخلق، على تنوع مللهم ونحلهم وألسنتهم، في مقابل وحدانية الخالق الذي شاء سبحانه أن يجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا، وأن يجعل لكم منهم شرعة ومنهاجا، وقضت حكمته أن لا يزالوا مختلفين حتى يبلوهم أيهم أحسن عملا، وأيهم أتقى له وأقوم سبيلا..

إن "الاختلاف" بما هو حقيقة كونية وإنسانية لا ينبغي أن يحول دون استشعار معنى الرحم الجامعة لبني الإنسان، ولعل مقاربة أخرى من الصحيفة وأخواتها أن تظهرنا على اعتراف الإسلام بالتعددية المليئة في الأرض، وعلى أن ذلك شرط موضوعي للتعارف الذي يتجاوز معرفة الآخر إلى "القسط المعروف" معه، وإلى أن يكون "كالنفس غير مضار" وأن يكون البر المحض "هو ضابط العلاقة معه وميزانها...".

إن التسامح الذي نراه هنا فعل إيجابي ومروءة نفسية وتوجه صادق نحو الآخر، لا موقف سلبي اضطراري. والمسامحة لغة واقعة في حقل دلالي تجاورها فيه: المساهلة والمقاربة والمداناة والمواتاة والملاينة(30)، كما أن لسمح في العربية معنى جاد وكرم، والملة السمحة: التي ما فيها ضيق(31). وشتان بين هذا كله وبين دلالات Tolerantia اللاتينية، التي تعني التساهل السلبي، أو "سلوك شخص يتحمل دون اعتراض أي هجوم على حقوقه، في الوقت الذي يمكنه فيه تجنب هذه الإساءة"(32). فلكأن للغات أرواحا تسكنها، ولكأن حكمة الله قد قضت بأن يكون للعربية التي نزل بها القرآن سعة وجدانية أو رحابة روحية تتميز بها عن سائر اللغات.

على أن الأمر لا يتوقف عند النصوص دون تمثلاتها، ولا عند المفاهيم دون ما صدقاتها، أو الوقائع التاريخية التي تتجلى بها، ونحن عند هذه في غناء أي غناء من الشواهد المتتابعة، والأدلة المتظاهرة، فقد روى يحيى بن آدم في كتاب الخراج أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- لما تدانى أجله أوصى من بعده وهو على فراش الموت بقوله: "أوصي الخليفة من بعدي بأهل الذمة خيرا، وأن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم، وألا يكلفهم فوق طاقتهم"(33). كما جاء في كتاب: "أهل الذمة في الإسلام" للدكتور أ. س، ترتون قوله تعقيبا على وصية الفاروق: إن "في الأخبار النصرانية شهادة تؤيد هذا القول، وهي شهادة البطريرك "عيشوبايه" الذي تولى منصبه من سنة (647هـ) إلى (657هـ)، إذ كتب يقول:

-   "إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون، إنهم ليسوا بأعداء للنصرانية، بل يمتدحون ملتنا، ويوقرون قديسينا وقسيسينا، ويمدون يد المعونة إلى كنائسنا وأديرتنا"(34).

شهادة تأتي بعد ستمئة وخمسين عاما من ظهور الإسلام، لا منفردة ولا يتيمة ولكن في سياق من البراهين على أن الإسلام قلب مشرع الجنبات للإنسانية كلها، وأنه الدين الْـحَقّ الذي جاء رحمة للعالمين.

لقد كانت هذه قراءة أولية للصحيفة أو الوثيقة المدنية في سياق ينظمها وأخواتها اللواتي يؤكدن قيام التسامح في الإسلام على أصول قرآنية ومبادئ عقدية، أو على رؤية شاملة جامعة جديرة باهتمام العالم كله وتقديره، وهي فيما آمل توطئة لما وراءها من النظر العميق في ما سميناه ابتداء "اللحظات المؤسسة" للعلاقة مع الآخر المختلف دينا...

والحمد لله أولا وأخيرا...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)                انظر: الجزء الثالث من كتابنا " الشذرات "، ص312، عمان 2000م.

(2)                سير أعلام النبلاء، ج1 ص208، حققه وضبط نصه وعلق عليه د. بشار عواد معروف.

(3)                المصدر السابق، ص431.

(4)                سير أعلام النبلاء، ج1 ص443.

(5)                المصدر السابق، الصفحة نفسها.

(6)                سورة الأنبياء: آية 92.

(7)       بدايات الكتابة التاريخية عند العرب: "أول سيرة في الإسلام " د. سلوى مرسي الطاهر – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت، 1995م.

(8)                المصدر السابق، ص290.

(9)                المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

(10)           المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

(11)           سورة آل عمران: آية (61).

(12)           سير أعلام النبلاء، الجزء الأول من السيرة النبوية.

(13)           المصدر السابق، الجزء الأول.

(14)           انظر: التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام، محمد الغزالي، دار الكتب الحديثة، القاهرة، د. ت.

(15)     قال ابن زنجويه في كتاب الأموال: 2/471: "الرباعة هي المعاقل، وقد يقال: فلان على رباعة قومه: إذا كان المتقلد لأمورهم، والوافد على الأمراء فيما ينوبهم". وورد في رواية ابن زنجويه (رباعتهم) ولعل الصواب ربعتهم. كما رجح المحقق 1/ 456، وقال الزمخشري في الفائق في غريب الحديث، ص1- 25: "رباعة الرجل، شأنه وحاله الذي هو رابع عليها، أي ثابت مقيم ومنه حديثه –صلى الله عليه وسلم- حين سأله عمر عن الساعة: ذاك عند حيف الأئمة، وتصديق أمتي بالنجوم، وتكذيب بالقدر، وحين تتخذ الأمانة،مغنما والصدقة مغرما، والفاحشة رباعة. فعند ذلك هلك قومك يا عمر. قال يعقوب – ولا يمكن في خير حسن الحال، يقال: ما في بني فلان من يضبط رباعته غير فلان وقال الأخطل:

                        ما في معد فتى تغنى رباعته              إذا يهم بأمر صالح فعلا

وفي تحقيق ديوانه 145، روايته: "بأمر صالح عملا".

(16)           أي: يعقل بعضهم عن بعض، والعقل: كما في الفائق للزمخشري، (2/ 26) هو: إعطاء الدية.

(17)           هو: الأسير، كذا في الفائق 2/ 26.

(18)     قال ابن زنجويه 2/471 "المفرح: المثقل بالدين فيقول: عليهم أن يعينوه إن كان أسيرا...، وإن كان جنى جناية خطأ عقلوا عنه". انظر أيضا: الفائق 2/ 26.

(19)     قال في الفائق 2/ 261: "الدسيعة من الدسع وهو الدفع يقال: فلان ضخم الدسيعة أي: عظيم الدفع للعطاء، وأراد دفعا على سبيل الظلم، فأضافه إليه وهذه إضافة بمعنى من. ويجوز أن يراد بالدسيعة العطية أي: ابتغى منهم أن يدفعوا إليه عطية على وجه ظلمهم. أي: كونهم مظلومين، أضافها إلى ظلمه لأنه سبب دفعهم لها".

(20)     الاعتباط: أن يقتله بريئا محرم الدم، وأصل الاعتباط في الإبل أن تنحر بلا داء يكون بها. كتاب الأموال لابن زنجويه 2/ 471، وقال في الفائق 2/ 261، الاعتباط: النحر بغير علة فاستعاره للقتل بغير جناية.

(21)     قوله (لا يوتغ إلا نفسه) يقول: لا يهلك غيرها، يقال: قد وتغ الرجل وتغا إذا وقع في أمر يهلكه. وقد أوتغه غيره، الأموال لابن زنجويه 2/ 471.

(22)           انظر: سيرة ابن هشام، 2/106. وكتاب الأموال لابن زنجويه، 2/466.

(23)           سير أعلام النبلاء، السيرة النبوية، تحقيق د. بشار عواد معروف، 1/389.

(24)           دراسات في السيرة النبوية، د. حسين مؤنس، الزهراء للإعلام العربي، القاهرة 1985م، ص56.

(25)           بيان الحقيقة في الحكم على الوثيقة، صيدان اليامي، مكتبة المعارف، الرياض 1987م، ص39.

(26)           دراسات في السيرة النبوية، ص55.

(27)           المصدر السابق، ص56.

(28) الدولة الإسلامية، د. كامل الدقس، دار الأرقام، عمان 1993 م، ط1، ص79.

(29) المصدر السابق، ص80.

(30) انظر: جواهر الألفاظ لأبي الفرج قدامة بن جعفر، تحقيق محمد محيي الدين بن عبد الحميد، دار الكتب العلمية، بيروت 1985م.

(31) انظر: القاموس المحيط للفيروزآبادي، مادة " سمح".

(32) انظر: الموسوعة الفلسفية العربية، تحرير د. معن زيادة، معهد الإنماء العربي، مادة: تسامح.

(33) انظر: التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام، محمد الغزالي، دار الكتب الحديثة، القاهرة ص46.

(34) المصدر السابق، الصفحة نفسها.

المصدر: http://www.ridwanalsayyid.com/ContentPage.aspx?id=85#.VzeBlLgrLIU

الحوار الداخلي: 
الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك