حين يصبح الهدف

 

فهد عامر الأحمدي

    "ظِل راجل ولا ظِل حيطة"

مثل معظم الناس هذه الأيام، مُشترك في عدة "جروبات" على الواتساب.. ومن خلالها لاحظت في الجروبات الرجالية على وجة الخصوص كثرة الحديث عن محاسن التعدد وضرورة الاقتران بزوجة ثانية وثالثة ورابعة.. صحيح أن معظمها يأتي بصيغة المزاح وعدم الجدية؛ إلا أنني أنظر إليها كرغبة ذكورية دفينة بالحصول على أكثر من أنثى.. ورغم أن لديّ قاعدة تقول (من يُكثر الحديث عن هذا الموضوع هو يخشى التعدد فعلاً ولا يجب على زوجته الخوف منه) يوجد اختلاف جذري في نظرة الرجل والمرأة لهذا الموضوع.. فالمرأة لا تعاشر سوى من تحب، في حين يمكن للرجل معاشرة أكثر من زوجة والاحتفاظ في نفس الوقت بقلبه لامرأة واحدة فقط. والحقيقة أن هذا هو طبع الذكور حتى في مملكة الحيوانات حيث يحتكر الذكر الأقوى معظم الإناث، في حين لا ترضى الإناث إلا بالذكر الأقوى طمعاً في ذرية أفضل ونسل أقوى.. وما يبدو لي أن رفض المرأة لفكرة التعدد هو أن الأنثى بوجة عام تدرك في أعماقها أهمية الارتباط بالذكر المناسب والقادر على رعاية ذريتها.. فغلطة واحده منها تتسبب في تشتت النسل وحملها لفترة طويلة والتورط في مولود ترعاه وحدها (في حين يبدو الذكر متهوراً كون مهمته تنتهي بعد عدة دقائق فقط)...

وأنا شخصياً لاحظت أن كثيراً من الأزواج يعودون لزوجاتهم بعد تجربة زواجهم من الثانية.. وهذا إن دل على شيء فعلى أنها رغبة ذكورية دفينة ما أن تتحقق حتى يعود الرجل لرشده "فما الحب إلا للحبيب الأول".. ليس سراً أن الممثل المصري نور الشريف انفصل عن زوجته بسبب علاقته بامرأة أخرى.. وفي لقاء تلفزيوني أعلن ندمه وقال "­الرجل يظل دائماً يحلم بامتلاكه امرأة ثانية... وحين يتجاوز سن الأربعين يحاول أن يثبت لنفسه أنه ما يزال شاباً فيتفاقم لديه هذا الدافع.. ولكنه يعود لرشده ويندم بسرعة بمجرد تجربته الثانية"..

نفس الوضع ينطبق تقريباً على المرأة (إن لم يكن أسوأ لأن قرار طلاقها من الرجل الأول أو زواجها من الثاني لا يكون في يدها غالبا).. فحين تتزوج امرأة مطلقة من رجل متزوج تصبح عرضة للطلاق مجدداً بنسبة أكبر من المرة الأولى. وهذا الاحتمال يرتفع في ثاني مرة بنسبة 58% وثالث مرة بنسبة 64% وثالث مرة بنسبة 74% (حسب دراسة مصرية من جمعية تنظيم الأسرة)..

وهذه الظاهرة يمكن ملاحظتها حتى في مجتمعنا المحلي حيث تستقر حياة معظم النساء من (أول زيجة) في حين تتزوج "المطلقة" مرتين وثلاثة تعتزل الرجال بعدها أو ترضى في النهاية ب"ظل راجل ولا ظل حيطة"..

وحين تتعرض المرأة لتجربة الطلاق للمرة الثانية (والرجل من جهته لتجربة الزواج الثانية) يكون السبب غالباً بحثها عن شريك حياة يساندها ويرعاها في حين ينظر إليها الرجل لها كملجأ إضافي للمتعة والتسري وليس الإنجاب أو تكوين أسرة كما قصد من زواجه الأول.. وحين يخف هذا الدافع لدى الرجل يبدأ بالتفكير بطريقة "لماذا وجع الدماغ وزيادة المصاريف" ويستغل أي فرصة للعودة لبيته القديم وحبه الأول.. في حين تبدأ هي بالتفكير مجدداً بمسألة "ظل راجل ولا ظل حيطة"!!

http://www.alriyadh.com/1104047

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك