نقاب المسلمات أم ملايين المسلمين
نقاب المسلمات أم ملايين المسلمين
بقلم : الصديق بودوارة
( 1 )
عام 2010 الحالي ، ومنذ أيام قلائل ، كانت معلمة اللغة الإنجليزية المدعوة ” مارلين روبي ” تتجول في أحد شوارع باريس عندما مرت مصادفةً بسيدة إماراتية مسلمة ترتدي النقاب فاندفعت بلا وعي تمزق نقابها منهية بذلك حوالي خمسمئة عام من عصر التسامح الديني في فرنسا . فهل تريدون الآن الرجوع بضع خطوات إلى الخلف لعلنا نقرأ في كتاب تاريخنا بعض ما نعتبره به .
( 2 )
عام (1593 ) يتجرأ الفرنسي ” هنري الرابع ” ويعلن ” ارتداده ” عن البروتستانتية واعتناقه المذهب الكاثوليكي ، بل ويلزم فرنسا كلها بهذا الأمر الملكي الذي لا يُرد له أمر .
( 3 )
بعد هذا الحدث بسنوات خمس يصدر نفس الملك ” مرسوم نانت ” الذي نص صراحةً على إنهاء الحروب الدينية في فرنسا التي قتلت أكثر من
( 4 )
ملايين فرنسي بعد أن استمرت أربعمئة عام كاملة ، إن هنري يعلن أيضاً ” عقيدة التسامح ” مبيحاً للبروتستانت ممارسة شعائرهم بدون قيود ، مع تمكينهم من ممارسة حقوقهم السياسية والقضائية .
( 4 )
أعود بكم إلى السيدة ” مارلين روبي ” التي مزقت نقاب السيدة المسلمة لأقول لكم إنها صرحت لوسائل الإعلام بقولها : لقد شعرت بنوبة غضب شديدة فأقدمت على ما أقدمت عليه .
( 5 )
لنترك ” مارلين ” الغاضبة لنعود إلى الوراء قليلاً ، لنخبركم عن مجازر ” الحوار الديني ” بين البروتستانت والكاثوليك في فرنسا التي بدأت عام1562 وبلغت ذروتها ليلة الرابع والعشرين من أغسطس 1572 مسيحي ، عندما كانت دقات أجراس الكنائس عند الثالثة صباحاً هي كلمة السر المنتظرة لفيضان نهر الدم معلناً انطلاق الهتاف الهادر ” اذبحوا الهيجونوت ” فهل نعود إلى
الوراء قليلاً لنعرف من هم ” الهيجو نوت ؟
( 6 )
إنهم إحدى طوائف البروتستانت التي عانت الكثير من ويلات ذلك العصر ، وقد ذبح منهم تلك الليلة بالذات ما يقارب الخمسة آلاف بين رجال ونساء وأطفال .
( 7 )
ثمانية حروب دينية شرسة وقعت في فرنسا بين الكاثوليك والبروتستانت ، لم يكن للسيدة الإماراتية فيها ناقة ولا جمل ، فما بال السيدة مارلين لا تمزق إلا نقاب من لا علاقة له بما حدث ؟
( 8 )
والسؤال الآن ، هل عاد اللاهوت المسيحي إلى الحياة مجدداً مطيحاً بمنجزات التقنية العلمية الأوربية ، رافعاً من جديد صليبه الخشبي المقدس بوجه غيره من الأديان ؟
( 9 )
سؤال في منتهى الخطورة ، من شأن الإجابة عليه بنعم أن تطيح بالمكاسب الأسطورية الأوربية من رأس المال العربي والآسيوي على حد سواء ، ومن شأن الإجابة عليه بنعم أن تحرم الأسواق الأوربية من مليارات الدولارات التي تتدفق كسيل منهمر من المنطقة العربية ومن جنوب شرق آسيا على أسواق أوروبا واستثمارات الأجانب فيها ، فهل ستصحو أوروبا في الوقت المناسب أم أن غضب السيدة ” مارلين ” سيفضل تمزيق نقاب نساء المسلمين على التمتع بنعمة ملايينهم؟!!