فلسفة القانون وسيادة القانون في الدولة الحديثة

فايز محمد حسين محمد

تمهيد:

مبدأ سيادة القانون Rule of law من المبادئ القانونية الأساسية في جميع الشرائع القانونية، بغض النظر عن الفلسفة الاجتماعية والسياسية والدينية التي تحكم النظام القانوني للدولة؛ فهو لا يتعلق بوصفه مبدأ عاما يتعلق بنظام معين أو فلسفة معينة، فهو ليس قاصرا على نظام دون آخر؛ بل هو مبدأ عام ينطبق حكمه باستمرار في كل مجتمع، وبالنسبة لكل سلطة أيا كان شكلها وأساسها(1).

مبدأ سيادة القانون موغل في القدم منذ نشأة السلطة في المجتمع الإنساني، ولكن تغير مفهومه اتساعا وضيقا من مجتمع لآخر، تبعا لعدة مؤثرات سياسية واجتماعية واقتصادية وإيديولوجية. ولقد أشارت الدساتير في الدول الحديثة، إلى مبدأ سيادة القانون، فعلى سبيل المثال نصت المادة 74 من الدستور المصري الجديد (2012) على أن (سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، واستقلال القضاء وحصانة القضاة ضماناتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات). ولقد أكد القضاء الدستوري ضرورة احترام سيادة القانون وكفالة الحق في التقاضي.

أسس سيادة القانون:

أولا: مبدأ سيادة القانون والتنظيم السياسي

تحتاج منظومة تحقيق العدالة إلى كفالة احترام مبدأ سيادة القانون وكفالة الحق في التقاضي، والتزام الدولة بتوفير الوسائل الفعالة لتمكين تمتع الأفراد غير القادرين -بالإضافة إلى القادرين- من اللجوء إلى القضاء، لطلب الحماية القضائية إذا تم الاعتداء على حقوقهم من خلال آليات كثيرة أهمها نظام المساعدة القانونية لغير القادرين.

يقصد بسيادة القانون Rule of law سيادة أحكام القانون في الدولة؛ بحيث تسمو أحكام القانون وقواعده على كل الإرادات في الدولة (إرادات الحكام والمحكومين معا)(2). 

وطبقا لفلسفة القانون العام، يتكون مبدأ سيادة القانون من شقين هما: الشق الأول: الشق الموضوعي، ويشير إلى أن كل ما يصدر من السلطات في الدولة يجب أن يكون متفقا مع القواعد النافذة في الدولة. والشق الثاني: شق شكلي، ويشير إلى ضرورة احترام مبدأ تدرج القواعد القانونية؛ بحيث إن القاعدة الأدنى يجب أن تكون متفقة مع القاعدة الأعلى وهكذا، بمعنى أنه يجب أن يحترم كل نص قانوني النصوص القانونية الأقوى منه، فالقواعد القانونية يجب أن تحترم القواعد الدستورية(3). 

وقد تقرر هذا المبدأ منذ العصور الوسطى كمبدأ دستوري في النظام الإنجليزي، على أساس أنه يوجب على السلطة التنفيذية أن تقيم تصرفاتها على أساس من القانون، والذي يتمثل في التشريع والقانون القضائي(4)؛ ولكن هذا لا يعني أن المجتمعات القديمة قبل العصور الوسطى لم تعرف سيادة القانون.

يعمل بمبدأ سيادة القانون في الأنظمة القانونية المعاصرة على اختلاف أشكالها؛ إذ تواتر الأمر بأنه يجب أن يستند كل تصرف أو عمل قانوني -سواء أكان عاماً أو خاصاً- إلى قاعدة قانونية مجردة وسابقة على التصرف أو العمل، وأن يخضع جميع الأفراد في علاقاتهم القانونية بعضهم ببعض، وفي علاقاتهم القانونية بالدولة وهيئاتها المختلفة لحكم القانون؛ إذ لا يكفي أن يخضع الأفراد وحدهم للقانون؛ بل يجب أن تخضع الهيئات الحاكمة في الدولة للقانون، انطلاقا من أن جوهر المشروعية في الدولة يكمن حقيقة في سيادة حكم القانون بين الفرد والدولة(5).

والفكرة الجوهرية من وراء مبدأ سيادة القانون هي كفالة الحماية من السلطة الغاشمة، وأن القانون يجب أن يسود، وألا تمارس ضد الفرد سلطة مستبدة، ويتفرع عن ذلك الإقرار أن تركيز السلطة أمر خطير وأن من المرغوب فيه توزيع هذه السلطة، حتَّى لا توجد سلطة دكتاتورية(6). 

ثانيا: مبدأ سيادة القانون من التراث القانوني العالمي

إن مبدأ سيادة القانون مبدأ عام؛ ولذا لا ينبغي اعتباره من خصوصيات الفلسفة القانونية والسياسية الفردية، التي تجعل حقوق الأفراد وحرياتهم أساسا للنظام السياسي والقانوني في الدولة، فالمبدأ ليس وقفا على دولة المذهب الفردي وحدها، بالعكس إنه مبدأ عام ينطبق حكمه باستمرار، ويجب العمل به في كل مجتمع، وفي مواجهة كل سلطة بغض النظر عن الفلسفة الاجتماعية للتنظيم السياسي القائم، ومرجع ذلك هو أن القانون ينشأ تلقائيا مع نشأة الحياة ذاتها، ويعيش في ضمير المجتمع، تصويرا لمعنى العدل والصالح العام، ويتطور بتطور هذا المجتمع، ليتسع دائما لكل التغييرات التي تطرأ على معنى العدل والصالح العام، وتبقى السلطة العامة محكومة به وخاضعة له دائما، إلا إذا أرادت لنفسها أن تنحدر إلى التعسف والاستغلال(7).

وفي واقع الأمر، فإننا من جانبنا نؤيد وجهة النظر التي ترى أن مبدأ سيادة القانون يتجاوز حدود الدول المختلفة بنظمها القانونية المتفاوتة، وهذا هو المفهوم الذي تبنته اللجنة الدولية في مؤتمر دلهي في يناير عام 1959؛ إذ عرفته بأنه: (مجموعة المبادئ والنظم والإجراءات التي إن لم تتطابق فإنها تتشابه، والتي أظهرت التجربة والتقاليد القانونية في دول العالم المختلفة -سواء من حيث التركيب السياسي أو الأساس الاقتصادي- أنها مهمة لحماية الفرد من الحكومة المستبدة، والتي تعينه على أن يتمتع بكرامة الإنسان)(8).

ويبين التعريف السابق لمبدأ سيادة القانون مدى اعتباره من المبادئ القانونية العامة التي تشكل تراثا مشتركا بين الأنظمة القانونية العالمية، وبالتالي يعدّ سندا قويا لحماية حقوق الإنسان، بغض النظر عن طبيعة الفلسفة السياسية والاجتماعية للدولة.

والوظيفة الأساسية لمبدأ سيادة القانون تتمثل في سيادة حكم القانون بين الفرد والدولة؛ إذ إن العلاقات القانونية فيما بين الأفراد هي علاقات بين أطراف متساوية، أما بين الدولة والأفراد فهي علاقات بين غير متكافئين؛ إذ الدولة هي الطرف الأقوى بما تتمتع به من سلطة عامة؛ ومن هنا تتجلى أهمية دور سيادة القانون في الدولة في حماية حقوق الأفراد وحرياتهم من السلطة العامة.

ثالثا: تطور مضمون مبدأ سيادة القانون ومصادره

يدرك المتتبع للفكر العالمي وجود تطور ملموس طرأ على مبدأ سيادة القانون، ويتمثل هذا التطور في التحول من المشروعية الفردية إلى المشروعية الموضوعية الاجتماعية، والتي اتخذت في بعض البلاد شكل المذهبية؛ بينما في بعضها الآخر لا زالت في طور الموضوعية فحسب(9). 

وتنقسم مصادر سيادة القانون إلى مصادر مكتوبة وهي: الدستور والقانون واللوائح، ومصادر غير مكتوبة كالعرف والمبادئ العامة للقانون(10)، ويتطلب إعمال مبدأ سيادة القانون الخضوع لأحكام القانون بالمعنى الواسع؛ أي الخضوع لكافة القواعد القانونية التي يتكون منها النظام القانوني؛ وذلك بغض النظر عن مصدر هذه القواعد أو مركزها في هرم تدرج القواعد القانونية، أو كونها مكتوبة أو غير مكتوبة؛ فسيادة القانون بوجه عام تتطلب احترام كل القواعد القانونية(11)، ويشترط لتحقيق سيادة القانون في الدولة ضرورة الفصل بين السلطات، ووجود تحديد واضح لسلطات واختصاصات الإدارة، وتوافر الرقابة القضائية(12).

لقد أسهمت الديمقراطيات القديمة والتعاليم الدينية المسيحية والإسلامية بفاعلية في إضافة أبعاد جديدة على مبدأ سيادة القانون؛ وبوجه خاص التعاليم الدينية؛ حيث ركزت الأخيرة على حرية العقيدة والمساواة بين الحكام والمحكومين، وسيادة الشرع في مواجهة الجميع(13).

ويجب التمييز بين المشروعية الفردية الشكلية وبين المشروعية الموضوعية والمشروعية المذهبية، فإذا كان أساس إلزامية القانون وأساس المشروعية هو أساس شخصي ويعتمد على الإرادة الفردية، فإننا نكون أمام مشروعية فردية شكلية، ومن المسلم به أن مبدأ المشروعية في صورة الشكلية الفردية كان من نتاج المذهب الحر والفلسفة الفردية، وبعد الثورة الفرنسية أصبح هذا المبدأ يشغل أذهان وكتابات الفقهاء؛ إلا أنه قد ظهرت عدة عوامل كانت السبب في تحول الفكر عن صورة المشروعية الفردية الشكلية إلى صور أخرى جديدة للمشروعية، ألا وهي المشروعية الموضوعية والمشروعية المذهبية، حيث إن سيادة القانون قد اتجهت مع اضمحلال الشكلية القانونية التي كانت تنميها الوضعية القانونية نحو الموضوعية بدلا من الشكلية (التي كانت تحدد القيمة والقوة القانونية للنص القانوني على أساس شكلي، يتمثل في مكانة الجهة التي أصدرته ووضعها في البناء القانوني للدولة بغض النظر عن موضوع النص وفحواه)(14). أما إذا كان أساس إلزامية القانون وأساس المشروعية في كل عمل من الأعمال في الدولة أساسا موضوعيا يعتمد على وجود هدف اجتماعي موضوعي يسعى القانون إلى تحقيقه؛ فإننا نكون في هذه الحالة أمام مشروعية موضوعية. وإذا وصل التمسك بالهدف الاجتماعي الموضوعي إلى حد الاعتقاد العام والإيمان الشعبي فإننا نكون في هذه الحالة أمام مشروعية مذهبية(15).

ولذا يتمثل المفهوم الموضوعي لمبدأ سيادة القانون في تقيد المشرع بنوع من المثل العليا، التي مرجعها أفكار مثالية مثل فكرة القانون الطبيعي(16)، وتتمثل أهم العوامل والأسباب التي أدت إلى تحول المشروعية من الفردية الشكلية إلى الموضوعية والمذهبية في مجموعة الانتقادات التي وجهت إلى المذهب الفردي وما أدى إليه تطبيقه من مساوئ، ومن ناحية ثانية في ظهور الأفكار والحركات الاشتراكية والتضامنية في الدولة الغربية، التي أثرت تأثيرا كبيرا في فلسفة القانون والسياسة(17).

مبدأ سيادة القانون في أصول فلسفة القانون

يوجد ارتباط وثيق بين مبدأ سيادة القانون والتكوين التاريخي لحقوق الإنسان؛ حيث إن هذا المبدأ في حد ذاته يعد مكونا تاريخا لمضمون حقوق الإنسان وفي الوقت نفسه وسيلة من وسائل حماية وضمان هذه الحقوق.

أولا: فلسفة حقوق الإنسان وضرورة سيادة القانون في الدولة وتقييد السلطة

ترتبط حقوق الإنسان ارتباطا وثيقا بالنظام السياسي والنظام القانوني، على المستوين الدولي والداخلي؛ إذ إن حقوق الإنسان تؤثر تأثيرا كبيرا على نظرية القانون في الدولة؛ حتَّى إن البعض قال صراحة ما يلي(18): 

(Les droits de l'homme pourront jouer dans la théorie du droit comme dans les autre disciplines juridiques le rôle de catalyseur de conceptions diverses et complémentaire et mettre en marche la théorie du droit vers des horizons nouveaux). 

وقد انتقل موضوع حقوق الإنسان من مجرد فكرة يتردد صداها في ظل الأنظمة القانونية القديمة التي كانت ترى أن القانون مجرد قواعد اجتماعية، ترسم نطاق الأمور المشروعة وغير المشروعة، ولم تكن المراكز الفردية سوى تطبيقات خاصة لتلك القواعد؛ وكان الحق يقصد به قديما العدل، حتَّى وصلت إلى ما هو عليه الآن في ظل النظم القانونية الوطنية وفي نطاق النظام القانوني الدولي(19).

ويرتبط مبدأ سيادة القانون ارتباطا وثيقا باحترام قواعد القانون العامة والمجردة من قبل الحاكم والمحكومين؛ ومن هنا يتأتى الارتباط الوثيق بين مبدأ سيادة القانون وحقوق الإنسان؛ حتَّى إنه قيل: إن حماية الحقوق والحريات لا تصبح حقيقة واقعة إلا بتدعيم سيادة القانون وخضوع الدولة له، وبالحرص على استقلال القضاء وحصانته، ولا يستقيم كل هذا إلا عن طريق كفالة حق التقاضي للجميع(20)، ومن ناحية ثانية، فهذا الارتباط الوثيق بين حقوق الإنسان ومبدأ سيادة القانون مرجعه اعتبار سيادة القانون هي الضمان الأساسي لحماية حقوق الإنسان وحرياته(21)؛ نظرا للارتباط الوثيق بين حماية حقوق الإنسان والسلطة؛ فمبدأ سيادة القانون -نظرا لأنه أساس مشروعية السلطة- يشكل أساسا من أسس حقوق الإنسان وضمانا لها في آن واحد. فالشرعية هي سياج الحرية والحقوق الإنسانية، ويعد الفرد أول المستفيدين من سيادة القانون في الدولة، انطلاقا من أن علو الدستور واحترامه معناه احترام ما يكفله من حقوق وحريات للإنسان وتقيد القوانين بما يقتضيه الدستور، وكل هذا يؤدي إلى شيوع جو الشرعية في المجتمع، ويؤدى إلى حماية حقوق الإنسان وضمان احترامها(22).

ومن جهة أخرى تبدو أهمية مبدأ سيادة القانون وعلاقته بحقوق الإنسان في أنه يبين الحدود الفاصلة بين حقوق الحاكم والمحكوم في إطار يضمن حقوق الإنسان واحترام المشروعية، وخاصة المفهوم الموضوعي لمبدأ سيادة القانون، حيث إنه قد أسهم كثيرا في التكوين التاريخي والفلسفي لحقوق الإنسان. 

ففي واقع الأمر ينبغي النظر إلى مبدأ سيادة القانون على أنه مثل أعلى يحمل في ثناياه معنى العدالة، وتحقيق التوازن بين قطبي المجتمع وهما الحرية والسلطة، في إطار تحقيق النظام في المجتمع، فهو غاية مرتبطة بما يجب أن يكون عليه النظام في المجتمع، فليست سيادة القانون هدفا في حد ذاتها؛ إنما هي آلية اهتدى إليها الإنسان -شأنها شأن الآليات الأخرى كالديمقراطية- تستعمل لتأكيد وجود حقوق الإنسان، وتكفل الالتزام بها والحفاظ عليها؛ ولذا فيقف مبدأ سيادة القانون كحاجز قوى أمام السلطة وكذلك أمام الأفراد إذا ما اتجه أحدهم أو كلاهما إلى المساس بحقوق الإنسان وحرياته، فهو الضمان الأساسي لها. 

ثانيا: سيادة القانون وتاريخ فلسفة القانون

يرى أرسطو أن السلطة تنبع من الجماعة، ولذا فالسلطة تكون للقانون، وليس للحاكم، وأن سيادة القانون ليس مجرد ضرورة؛ بل هي شرط لصلاحية النظام(23)؛ وبناء عليه فينادي أرسطو بمبدأ سيادة القانون، ويرى أنه يتحقق من خلال صفة العمومية والتجريد في القاعدة القانونية، فالقانون عندما يكون عاما، فإنه يعبر عن العقل المجرد عن الشهوات(24).

وبوجه عام فالمساواة أمام القانون -وهي من أهم مبادئ الديمقراطية الأثينية- تفترض أن تكون السيادة للقانون(25).

ولقد اختلف الشرّاح حول وجود مبدأ سيادة القانون في العصور القديمة، وانقسموا بصدد هذا إلى رأيين على النحو التالي(26):

الرأي الأول: وجود مبدأ سيادة القانون في العالم القديم: رأى بعضهم أن مبدأ سيادة القانون مبدأ قديم يرجع إلى ما قبل ظهور دولة المذهب الفردي بكثير، إنه يرجع في الماضي إلى اللحظة التي شعر فيها الإنسان أن الحماية الحقيقية والجدية لحقوقه وحرياته ترتكز على ما يقدمه القانون، بحكم ثباته وخاصيته في العموم والتجريد من الضمانات(27)، وتطبيقا لهذا فإنه يمكن القول: إن سيادة القانون تجد مصدرها في صراع الحرية الفردية في مواجهة السلطة.

ومن جهة أخرى إن ميلاد مبدأ سيادة القانون يرتد إلى الوقت الذي تحقق فيه عمومية وتجريد القاعدة القانونية، وهذا لم يتحقق إلا عندما عرف العالم القديم التدوين؛ إذ تحولت القواعد الحاكمة للمجتمع من مجرد قواعد عرفية غير محددة إلى قواعد عامة ومجردة، وبذلك تحقق الأمن والاستقرار للأفراد؛ إذ يعلم كل شخص مقدما ما هو مباح فيأتيه دون جزاء، ويمتنع عما هو منهي عنه درءًا للعقاب، فقد كان العلم بالقانون وتطبيقه حكرًا على الطبقتين سالفتي الذكر، يضعونه وسيلة في أيديهم للتحكم به في أفراد المجتمع حسب مشيئتهما ومصالحهما(28).

أدى التدوين إلى تحقيق عمومية العلم بالقانون، الأمر الذي جعل تطبيق القانون عاما، وأبعده عن أن يكون امتيازا لطبقة دون أخرى(29)، ولذا فمن المقرر أن تحقيق العمومية والعلم بالقانون -عن طريق نشره، وكسر احتكار رجال الدين والأشراف له- كان من بين أقوى الأسباب التي أدت إلى ظهور الحاجة إلى التدوين. وهي في الوقت نفسه التي أدت إلى وجود مبدأ سيادة القانون في العالم القديم، فما قام به داكون في أثينا وقانون حمو رابي في بلاد ما بين النهرين وقانون الألواح الاثني عشر في روما، هي في الواقع محاولة نحو تأكيد مبدأ سيادة القانون في مجتمعاتهم. 

ولكن بالرغم من ذلك فإن جوهر المشروعية المحققة بواسطة مبدأ سيادة القانون في إرهاصاته الأولى ما زال بعيداً عن مفهومه المعاصر؛ حيث إن الحكام كانوا يمارسون السلطة المشخصة، كانت سلطاتهم المطلقة تسمح لهم بتغيير القواعد القانونية والتنصل منها، الأمر الذي جعل الصراع بين السلطة والحرية يحسم لمصلحة السلطة في غالب الأحيان على الحرية، ومن هنا كان مبدأ سيادة القانون موجودا؛ ولكن تعرض لانتكاسات عديدة. ولكن لا ننسى أن ضمانات التزام الحكام بالقانون كانت موجودة، وإن كان أغلبها ضمانات ذات مرجعية دينية وعرفية. فمثلاً في مصر الفرعونية، نجد أن الفرعون كان لا يستطيع مخالفة قانون قائم وإن كان يمكنه تعديله.

وبناء عليه فإن المجتمعات القديمة قد عرفت المشروعية، وإن كانت هذه المشروعية مشروعية بدائية؛ لأنه بتدوين العرف وبشيوع العلم بالقانون بين طبقات العامة لم يعد للسلطات الحاكمة ولا لزعماء الكهنة والأشراف أن تتعامل معهم إلا وفقا لما تقضي به القواعد القانونية المقررة سلفاً على أساس من العمومية والتجريد والثبات. 

وعلى الرغم من ذلك بقي مبدأ المشروعية في العصور القديمة دون الحد الذي يؤكد خضوع السلطات الحاكمة لقيود قانونية خارجية مفروضة عليها وملزمة لها؛ نظرا للطبقية الفجة التي أدت إلى خروج الرقيق -نظرا لأنهم لم يكونوا من المخاطبين بالقاعدة القانونية- من إعمال المبدأ. ومن ناحية ثانية شمولية النظم السياسية في المدن القديمة كانت تؤكد باستمرار -وحتى في مواجهة طبقة الأحرار- أن الوجود الجماعي هو الأساس، وأن المواطن خاضع للجماعة في كل شيء، حيث التركيز على الوجود السياسي الاجتماعي للإنسان أكثر من التركيز على وجوده الفردي كقيمة في حد ذاته، ولم ينته ذلك إلا تحت تأثير الدين.

الرأي الثاني: لا وجود لسيادة القانون في العالم القديم؛ ولكن هناك من يرى أن العصور القديمة لم تعرف سيادة القانون؛ حيث إنها لم تعرف فكرة إخضاع الحاكم لقواعد تسمو عليه، أو وضع القيود على سلطاته؛ فقد كان الحاكم يعد إلها، أو على الأقل منفذاً للمشيئة الإلهية؛ وبالتالي لم يكن يخضع لسلطة أعلى منه، وترتب على ذلك تمتع الحاكم بسلطات مطلقة؛ بينما حرم الأفراد من كل حق في مواجهته وبناء عليه، فقد حرم الشعب من كل ضمانة لحرياته وحقوقه في مواجهة الحاكم، وبالتالي فلا وجود لسيادة القانون. 

ولكن في اعتقادنا أن الرأي الأول هو الأولى بالترجيح؛ حيث إن مبدأ سيادة القانون عرف في كافة المجتمعات في التاريخ الإنساني؛ لأنه لصيق الصلة بالمجتمع السياسي. ويؤكد هذا ما قرره البعض: "أن مبدأ سيادة القانون قديم قدم المجتمعات الإنسانية، ساد في بابل وأشور، كما ساد في مصر القديمة وفي المجتمع اليوناني والمجتمع الروماني، كما يسود المجتمعات المعاصرة؛ إذ لا دولة بلا قانون ولا قانون بلا مجتمع، وغياب سيادة القانون تعني تحلل المجتمع المدني"(30).

ثانيا: دور المسيحية في إرساء مبدأ سيادة القانون(31)

لعبت المسيحية دورا كبيرا في إرساء مبدأ سيادة القانون؛ من خلال عدة أمور هي: الأمر الأول: الفصل بين الدين والدولة، وكان هذا هو الإسهام الأول في إرساء مبدأ سيادة القانون، وتأكد هذا بما قاله السيد المسيح "أعط ما لقيصر لقصير وما لله لله"، وقد حرص رجال الكنسية في بداية الأمر على اتباع التعاليم المتعلقة بالفصل بين الدين والدولة.

ويتمثل الأمر الثاني في تأكيد مبدأ حرية العقيدة؛ حيث دعت الكنيسة إلى حرية العقيدة من أجل نشر الديانة المسيحية، وكانت هذه الدعوة لها كبير الأثر في ترسيخ أحد حقوق الإنسان الرئيسة وهو حرية العقيدة.

ويتمثل الأمر الثالث في التفرقة بين الفرد بوصفه إنساناً وبين الإنسان بوصفه مواطناً؛ وبناء على هذا لم تجعل الفرد مندمجا في الدولة، تفعل به ما تشاء، بل أصبح وجوده لا يتوقف على الدولة؛ بل إن الأخيرة صارت في خدمته، ولذا يقال: إن المسيحية من الروافد الفكرية التي قام عليها المذهب الفردي.

خلاصة القول أن المسيحية قد وضعت النواة الأولى -كما قيل- لمبدأ خضوع الدولة للقانون، حينما دعت إلى حرية العقيدة وميزت بين الفرد بوصفه إنساناً وبين الفرد بوصفه مواطناً، فقد نزعت بذلك الفرد من الجماعة، وجعلته مستقلاً عنها، على خلاف ما كان عليه الحال في العصور القديمة، التي كانت تذيب الفرد في الجماعة التي يعيش فيها. 

فلاسفة العقد الاجتماعي وسيادة القانون

أولا: جون لوك

طبقا لجون لوك John Lock فإن الإنسان خير بطبعه على عكس ما كان يعتقد هوبز، وإن حياة الإنسان تخضع لقواعد القانون الطبيعي؛ حيث حالة الفطرة هي حالة حرية ومساواة، ولكن رغبة منهم في مواجهة النزاعات الأنانية والوصول إلى حالة أفضل، تم الاتفاق فيما بينهم على أن يتنازلوا عن جزء من حقوقهم لشخص يتولى السلطة، بحيث يكون مسئولا عن تنظيم المجتمع، وأن يكون مسئولا عنه أمامهم، فإذا أخل بشروط العقد يتم عزله. وبناء على ما سبق فأساس سلطة الحاكم هو العقد الاجتماعي، ولا وجود للحكم المطلق؛ لأن أساس سلطة الحاكم قائمة على رضا الجماعة(32).

ويؤيد جون لوك مبدأ سيادة القانون؛ حيث إنه من جهة يؤكد على الفصل بين السلطات، وأن كل سلطة غير مطلقة، فلا وجود لسلطة مطلقة؛ لتنافي هذا مع فكرة العقد الاجتماعي الذي يعد مصدر سلطة الحاكم في الدولة، هذا من جهة.

ومن جهة ثانية، يرى جون لوك أن القوانين ملزمة للمشرع وكذلك الأفراد والحكام، وأن السلطة التشريعية تمارس مهمتها عن طريق قواعد عامة مجردة، تطبق على ما يستجد في المستقبل، ولا يجوز لها اتخاذ إجراءات فردية خاصة، ويتعلق ما سبق بأهم خصائص القاعدة القانونية، وهي خاصية العمومية والتجريد، وهي خاصية ترتبط بدور القانون في تحقيق العدالة(33)، بالإضافة إلى أن العمومية والتجريد من مفترضات سيادة القانون كما قلنا. وإضافة إلى ما سبق قرر جون لوك حق الشعب في مقاومة الطغيان والخروج على الحاكم الظالم.

ومن المستقر عليه أن تأثيرات نظرية العقد الاجتماعي لجون لوك لا تنكر؛ إذ إن جون لوك يعد ممن وضعوا أسس النظم الديمقراطية في الدولة الحديثة، وتأسست على نظريته إعلانات الحقوق والحريات التي وضعت على إثر الثورة الأمريكية والثورة الفرنسية(34).

ثانيا: نظرية العقد الاجتماعي عند جان جاك روسو

يتفق جان جاك روسو Jane Jack Roussou مع باقي أنصار نظرية العقد الاجتماعي في أن حياة الفطرة كانت تسودها الحرية والمساواة، ولكن الانتقال من هذه الحالة إلى حالة المجتمع السياسي المنظم تم بناء على عقد اجتماعي. فطبقا لروسو فالأفراد يبرمون العقد مع أنفسهم على أساس أن لهم صفتين في المجتمع: الصفة الأولى أنهم أفراد طبيعيون كل منهم يعيش في عزلة عن الآخر، والصفة الثانية أنهم أعضاء متحدون في الجماعة السياسية المزمع قيامها. وبناء على هذا التصور نجد أن أطراف العقد الاجتماعي - والذي أوجد السلطة السياسية وأساس سلطة الحاكم - هم الأفراد من جهة، ومجموع الأفراد أعضاء الجماعة السياسية من جهة أخرى(35).

ينكر جان جاك روسو السلطان المطلق للحاكم، ويدافع عن الحرية والمساوة لحماية الحقوق الفردية، حيث إن الجماعة عنده تتأسس على العقد الاجتماعي والذي يهدف إلى المحافظة على حقوق الأفراد وحمايتها(36).

ومن المستقر عليه في الفكر القانوني والسياسي ما لنظرية جان جاك روسو من تأثير كبير في الثورة الأمريكية والثورة الفرنسية. ولقد كان من أهم ما تلقاه رجال الثورة الفرنسية عن نظرية العقد الاجتماعي عند روسو مبدأ (أن القانون تعبير عن الإرادة العامة)، ولذا أخذت فرنسا بسيادة البرلمان وما يؤدي إليه من سيادة القانون، وتفسير ذلك هو أنه طالما أن البرلمان منتخب، ويعبر عن الشعب؛ نظرا لأنه يعبر عن الإرادة العامة للجماعة؛ فكل ما يصدر من قوانين يخضع لها الجميع، حكاما ومحكومين(37).

وبوجه عام، فقد استطاع الفلاسفة الذين مهدوا للثورة الفرنسية أن يجعلوا الدستور الفرنسي الذي صدر عام 1791 ينص صراحة على أن السيادة للقانون، وأن الملك لا يحكم إلا به، ولا تكون له الطاعة إلا باسم القانون(38).

ولقد كان لانتصار مبدأ سيادة القانون إثر الثورة الفرنسية أكبر الأثر في ظهور مبدأ المساواة أمام القانون، وبالتالي تأكيد ضرورة صياغة قواعد القانون، بصورة عامة ومجردة(39).

وخلاصة القول أن صفة العمومية والتجريد في القاعدة القانونية هي صفة فنية تتعلق بصياغة القاعدة القانونية، وهي في الوقت نفسه الوسيلة اللازمة لتحقيق مبدأ سيادة القانون، وكذلك المساواة أمام القانون(40).

فلسفة التشريع في الإسلام وسيادة القانون

من المستقر عليه أن الإسلام دين ودولة معا، صالح لكل زمان ومكان، يكفل تكوين مجتمع عادل حر، يتمتع فيه الأفراد -أيا كان انتماؤهم الديني-بكافة صور حقوق الإنسان.

ويقصد بالقانون في الدولة الإسلامية (قواعد الشريعة الإسلامية ذاتها، أو قواعد قانونية أصدرتها الهيئات التشريعية متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها)(41).

ومعنى سيادة القانون في الإسلام أن يكون الحكم لكتاب الله الذي لا يستطيع أن يناله البشر بالنسخ، فالحاكم والمحكوم في طاعته، وهم في ذلك سواء، بل إن الحاكم لا ينال صفة الشرعية إلا من خلال هذه الطاعة، ولا يستحقها إلا بالالتزام به والقدرة على أخذ الناس بما في القرآن من أحكام، متحريا العدل، ومستعينا بأهل العلم في وضع كل شيء في موضعه الصحيح، الذي أراده الله أن يوضع فيه(42). ولقد أقام القرآن الكريم مبدأ سيادة القانون على مجموعة من الأسس نذكر منها ما يلي(43): الأساس الأول: أن الله سبحانه وتعالى هو خالق كل شيء وأنه على كل شيء قدير، وهو عالم بكل شيء. الأساس الثاني: أن الله -عزَّ وجلَّ- واحد أحد، لا معقب لحكمه، وهو يفعل ما يشاء، وأنه لا يُسأل عما يفعل، وأنه نزل الكتاب بالحق. الأساس الثالث: أن الله -عزَّ وجلَّ- حفظ القرآن الكريم من التحريف والتغيير والتبديل، وحقق له النشر بكافة السبل؛ إذ حثنا على تدبره، وحث على التعمق فيه، وأنه سبحانه وتعالى جعل القرآن تبيانا لكل شيء تفصيلا أو تأصيلا، حتَّى لا يترك الناس سدى، وقصر الحكم بين الناس عليه. 

لا أحد ينكر الإسهام الكبير الذي قام به الإسلام في إرساء مبدأ سيادة القانون؛ فإذا كان المبدأ يعني خضوع الدولة -حكاما ومحكومين- للقانون؛ ففي واقع الأمر لا نجد دولة في التاريخ الإنساني القديم والحديث والمعاصر قد احترمت مبدأ سيادة القانون ونادت بالمبدأ -أكثر من الدولة الإسلامية؛ إذ يعد مبدأ سيادة القانون من أسس نظام الحكم فيها، وفلسفته في الإسلام شأنه شأن الشورى والعدالة والمساواة؛ بل إن كل هذه المبادئ الأخيرة هي في واقع الأمر مجرد نتائج مترتبة على أعمال مبدأ سيادة القانون. 

ومن المستقر عليه أن الدولة الإسلامية تعرف مبدأ سيادة القانون، بمضمونه الموضوعي والشكلي؛ فالمصادر التشريعية للأحكام هي: القرآن والسنة والإجماع والقياس، والاستحسان، والمصالح المرسلة، والعرف، وشرع من قبلنا، وقول الصحابي، والاستصحاب، وسد الذرائع. 

وتتمثل مظاهر مبدأ سيادة القانون في الدولة الإسلامية في نواحٍ عدة منها: تقيد الخليفة -باعتباره رئيسا للدولة الإسلامية- بقواعد الشريعة الإسلامية، سواء من ناحية قواعد اختياره أو عند ممارسته لسلطاته. ومن ناحية ثانية، فاختصاصاته نجدها مقيدة بما جاء في القرآن والسنة، وهما يضعان أسس المشروعية العليا؛ ويُسأل أمام الأمة وأمام الله -عزَّ وجلَّ-. ومن ناحية ثالثة، نجد أن الإسلام عرف مبدأ الفصل بين السلطات، وجعل الخليفة مسؤولاً مسؤولية مزدوجة؛ إذ يُسأل عن أعماله أمام الأمة والله -عزَّ وجلَّ-.

فالشريعة تقيد سلطات الدولة الثلاث (التشريعية - التنفيذية - القضائية)؛ إذ يحظر إصدار تشريع يتضمن مخالفة لنصوص صريحة، أو يهدر أصلا من الأصول الإسلامية أو مبدأ من مبادئها العامة، فلا يمكن للحاكم مخالفة الشريعة أو أن يعطل حكما من أحكامها، فهو يخضع -مثل كل المحكومين- لأحكام الشريعة، فإرادته تظل خاضعة للقانون. ومن جهة ثانية، فالشريعة الإسلامية تعرف الجانب الشكلي من سيادة القانون، كما تعرف مبدأ تدرج النصوص، فالقرآن يتأتى أولا ثم تليه السنة ثم الإجماع ثم القياس وهكذا(44).

يتبين من كل ما تقدم أن الإسلام قد أقام نظامه السياسي على أساس خضوع الحكام للقانون، وكفل الوسائل التي تحقق هذا الخضوع على خير وجه؛ إذ فصل بين السلطات، وجعل القضاء سلطة مستقلة يخضع لها الحاكم والمحكومين على السواء. وإن كان التاريخ الإسلامي قد احتوى على فترات لم يحترم فيها مبدأ سيادة القانون فإن هذا لا يؤثر في سيادة القاعدة العامة، وهي أن الإسلام، قد أرسى مبدأ سيادة القانون، وأن هذا المبدأ يشكل أساسا من أسس النظام السياسي والقانوني الإسلامي(45).

وترتيبا على معرفة الإسلام لمبدأ سيادة القانون، فالثابت الذي لا خلاف عليه أن الإسلام كفل حماية فعالة للحقوق والحريات، وقرر الضمانات التي تكفل حمايتها ضد اعتداء الحكام والمحكومين على السواء.

مبدأ سيادة القانون في عصر النهضة ودولة القانون

مع خروج أوربا من ظلام العصور الوسطى، وضعت أهم أركان الدولة الحديثة، ومن أهم هذه الأركان مبدأ سيادة القانون، واقترن ذلك بالدولة القانونية، وبالحركات الفكرية والثورات التي تنادي بحقوق الإنسان.

فمن أهم إسهامات عصر النهضة طرح مشكلة أساس الدولة على نحو صحيح، بحيث ترتب على ذلك الطرح ضرورة تقيد الدولة بالقانون؛ لأن عصر النهضة جعل الدولة صناعة إنسانية، ورفع قيمة الفرد وأعلى الحرية الفردية وقيد السلطة العامة، وجعل السيادة للجماعة وليس للحاكم، وتأكدت كل الأفكار الفلسفية العظيمة في عصر النهضة، وأهما فكرة تقييد الحاكم بسلطان أعلى من سلطانه، وبزوغ الحريات الفردية. ولا ننسى دور نظريات القانون الطبيعي ونظرية العقد الاجتماعي - كما عرفنا - في إرساء مبدأ سيادة القانون. وبوجه عام، فلا توجد دولة في الوقت المعاصر لا تؤمن بمبدأ سيادة القانون(46). 

إن حقوق الإنسان بلا شك تفترض وجود دولة قانونية؛ إذ لا يكون لهذه الحقوق من مضمون ولا قيمة -بل إنها تتعرض للانتهاك- إذا لم نكن بصدد دولة قانونية؛ ولذا فالحديث عن التكوين التاريخي والفلسفي لحقوق الإنسان، في إطار البحث عن العلاقة بين السلطة والحرية من الناحيتين الفلسفية والتاريخية يفترض أننا بصدد دولة قانونية.

وقد أثار موضوع الدولة القانونية الكثير من الخلاف بين الشراح، ولكن من المستقر عليه أن الدولة القانونية هي "الدولة التي تخضع نفسها للقانون، وليست تلك التي تضع نفسها فوق القانون"(47)؛ ولذا يشكل مبدأ سيادة القانون عنصراً من عناصر الدولة القانونية؛ ومن هنا يتجلى الارتباط الوثيق بين الدولة القانونية وحقوق الإنسان ومبدأ سيادة القانون. 

وجدير بالذكر أن سيادة القانون -كما فهمها المذهب الفردي- تتمثل في الإيمان بوجود نظام طبيعي يضم الفرد والدولة، ومن ناحية ثانية وجود مجموعة من الحقوق والحريات طبيعية للأفراد، وتوجد الدولة من أجل حمايتها والمحافظة عليها، وأن هذه الحقوق كامنة في الطبيعة الإنسانية ولا يجوز للدولة المساس بها. ومن ناحية ثالثة، ضرورة قيام سلطة لحماية الجماعة بشرط أن تكون سلطة مشروعة(48)، ويلاحظ أن المفاهيم الثلاثة هي التي شكلت مفهوم حقوق الإنسان في المذهب الفردي.

ويتأتى ارتباط سيادة القانون بحقوق الإنسان؛ نظرا لأن هذا المبدأ، تترتب عليه نتائج هامة فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان، والتزام الدولة بها؛ إذ إنه يمثل صمام الأمان بين اعتبارات السلطة العامة وضرورة وجودها وبين المركز القانوني والاجتماعي للأفراد في المجتمع؛ من خلال تحقيق التوازن بين السلطة والحرية.

ومن ناحية ثانية، فقد اتفق الشراح على أن مبدأ سيادة القانون يمثل ضمانة فعالة وأكيدة وأساسية للأفراد وحرياتهم وحقوقهم في مواجهة السلطة العامة؛ حيث إنه بمقتضى هذا المبدأ لا يجوز للهيئات الحاكمة أن تتعرض لحقوق الأفراد وحرياتهم على خلاف ما قرره القانون؛ وأصبح من المسلمات أنه لا يكفي لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم أن تتأكد سيادة القانون فيما بين الأفراد، بل أن تتأكد ومن باب أولى في علاقتهم بالدولة؛ وتزداد هذه الأهمية في اضمحلال فكرة الدولة الحارسة؛ وزيادة تدخل الدولة في الأنشطة المختلفة وما تتمتع به من امتيازات(49)، وحتى في الوقت المعاصر ومع زيادة المد الرأسمالي، فإن هذا لم يقلل من سلطان الدولة على الأفراد، بل إن المخاطر التي يتعرض لها الإنسان في حياته وشخصه وماله وفكره في الوقت المعاصر أعمق وأبعد أثرا مما مضى، ومن هنا تتجلى أهمية تحقيق مبدأ سيادة القانون، كمفترض في تكوين حقوق الإنسان وكمكون أساسي لحمايتها.

ومن ناحية ثالثة، فيبدو الارتباط بين مبدأ سيادة القانون ومشكلة التوفيق بين السلطة والحرية في أن الحلول التفصيلية لمبدأ سيادة القانون تتشكل -ضيقا واتساعا- مع ما تقدمه النظم السياسية المختلفة من حلول فيما يتعلق بمشكلة العلاقة بين السلطة والحرية؛ لذا فقد طرأ على هذا المبدأ تطورات عديدة في التاريخ الإنساني؛ انتكس في بعضها وازدهر في بعضها الآخر(0).

ومن المستقر عليه أنه في الدولة القانونية - بعكس ما هو عليه الأمر في الدول الدكتاتورية - تراعى وتحترم حقوق الإنسان احتراما كبيرا. ومرجع ما سبق هو أنه في الدولة القانونية تتقيد الإدارة بالقانون وبالأهداف المحددة، ولا يمكن أن تنتهك حقوق وحريات الأفراد، وإلا كانت تصرفاتها معرضة للإلغاء؛ وبوجه عام ففي الدولة القانونية كل شيء يتم طبقا لأحكام القانون، فالسيادة للقانون.

ويرتبط مبدأ سيادة القانون بضرورة كفالة الحق في التقاضيRight to access to justice، والذي يعد أهم حقوق الإنسان التي أشارت إليها الاتفاقيات الدولية والإقليمية والدساتير الوطنية والشريعة الإسلامية؛ ولذا صار أحد المعايير الدولية لحقوق الإنسانInternational standards of Human rights فطالما أن الدولة عضو في المجتمع الدولي؛ فإنها تصير ملتزمة بهذه المعايير، وهو أيضا محل اهتمام من قبل منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني(51).

ويقصد بالحق في التقاضي: (إعطاء الشخص الحق في اللجوء إلى القضاء والادعاء أمامه طلباً للحماية والإنصاف ودفعاً للاعتداء). ويقصد بكفالة حق التقاضي: (ضمان حق الأفراد في اللجوء إلى القضاء مع توفير الحماية اللازمة لهم في المثول أمامه)(52). وطبقا لإحدى الدراسات التي أصدرها UNDP عن الحق في التقاضي، تم تعريف الحق في التقاضي على النحو الآتي(53):

(Access to justice- the ability of people to seek and obtain a remedy through formal or informal institutions of justice, and in conformity with human rights standards).

وترتبط كفالة الحقٍ في التقاضي -ككافة الحقوق- بضمانات التقاضي، وبناء عليه فلا يكون مكفولاً كفالة تامة للأفراد، إلا إذا تحقق لهم ضمانات تكفل ممارسته وحصولهم على المحاكمة العادلة، من خلال المبادئ العامة للتنظيم القضائي، مثل مبدأ المواجهة، ومبدأ المساواة، ومبدأ العلانية، والحق في الدفاع، وتعدد درجات التقاضي، ومبدأ المواجهة، وتعدد القضاة(54)، ولذا يجب توافر الضمانات، التي تؤدي إلى المحاكمة العادلة؛ نظرا لأن الحق في المحاكمة العادلة the right to fairtrail من حقوق الإنسان المرتبطة بحق التقاضي.

ونظراً لأن كفالة الحق في التقاضي من حقوق الإنسان، ولا قيام لنظام ديمقراطي دون توافر الحماية والدفاع عن حقوق الإنسان، ونظراً لأن مفهوم الدولة القانونية مقترن بفكرة حقوق الإنسان وحرياته، فيمكن القول: إن كفالة الحق في التقاضي من أهم عناصر قيام الدولة القانونية(55)، والأخيرة هي التي يسود فيها مبدأ سيادة القانون. 

خلاصة القول:

- يعد مبدأ سيادة القانون أرقى ما وصل إليه الفكر القانوني والفكر السياسي الفلسفي في السعي نحو سيادة القاعدة القانونية فيما يتعلق بدورها في تنظيمها العلاقة بين الحاكم والمحكومين؛ ولابد -من أجل أن تتحقق سيادة القاعدة القانونية في مجال علاقات الفرد بالدولة- أن تتمكن تلك القاعدة من فرض وجودها ليس فقط في مواجهة المحكومين بل أيضا في مواجهة الدولة(56).

- مبدأ سيادة القانون أساس الحكم في الدول الحديثة؛ فهو يمنع دكتاتورية السلطة، ويؤدي إلى تحقيق التوازن بين اعتبارات النظام والسلطة والحرية في المجتمع، وهو من التراث القانوني العالمي.

- مبدأ سيادة القانون يعد ضمانة كبرى وفعالة وأكيدة لحماية حقوق الإنسان؛ وتأكيدا لفاعلية هذه الحماية ينبغي النظر إلى مبدأ سيادة القانون باعتباره من التراث القانوني العالمي(57).

- أكدت الشريعة الإسلامية مبدأ سيادة القانون، وكفلت ضمانات الحق في التقاضي.

ومما سبق يتضح أنه من الطبيعي أن تنص الدساتير المقارنة في الدول الحديثة على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة.

ـــــــــــــــــــــــــ

1) محمد عبد العال السناري، تطور مبدأ المشروعية من الفردية الشكلية إلى الموضوعية والمذهبية، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، دون تاريخ، ص7-8.ومن نافلة القول الإشارة إلى ديباجة الدستور المصري الجديد 2012 جاء فيها في البند السادس ما يلي (سيادة القانون أساس حرية الفرد ومشروعية السلطة وخضوع الدولة للقانون؛ فلا يعلو صوت على قوة الحق، والقضاء مستقل شامخ، صاحب رسالة سامية في حماية الدستور، وإقامة موازين العدالة وصون الحقوق والحريات)، ص4.

2) سيادة القانون من أهم المفاهيم التي تعد من ركائز الفكر القانوني والسياسي العالمي، ولقد أثار مصطلح سيادة القانون خلافات كبيرة حول تسميته وحول مضمونه.... راجع: محمد عصفور: سيادة القانون، الصراع بين القانون والسلطة في الشرق والغرب، القاهرة، ط 1961، ص1 وما بعدها؛ عبد الحميد متولي: الحريات العامة، الإسكندرية 1977، ص87؛ طعيمة الجرف: الحريات العامة، القاهرة، 1980، ص5 وما بعدها؛ محمد عبد العال السناري: تطور مبدأ المشروعية من الفردية الشكلية إلى الموضوعية والمذهبية، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، دون تاريخ، ص3 وما بعدها؛ محمد عصفور: الحرية، في الفكرين الديمقراطي والاشتراكي، 1960، ص335؛ عبد الجليل محمد علي: مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي، والأنظمة القانونية المعاصرة، دراسة مقارنة، ط 1، ط1984، ص13 وما بعدها؛ نعيم عطية، الفلسفة الدستورية للحريات العامة، القاهرة، دار النهضة العربية، ط 1989، ص145 وما بعدها؛ 

Helen Yu and Alison Guernsey: whatis the rule of law, In: http://www.uiowa.edu/ifdebook/faq/rule of law.shtml.

3) انظر: مصطفى أبو زيد فهمي، فن الحكم في الإسلام، ط 2، 1993، ص411- 412؛ عبد الحميد متولي: الحريات العامة، الإسكندرية 1977، ص87؛ طعيمة الجرف: الحريات العامة، القاهرة، 1980، ص5 وما بعدها؛ محمد عبد العال السناري: تطور مبدأ المشروعية من الفردية الشكلية إلى الموضوعية والمذهبية، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، دون تاريخ، ص3 وما بعدها؛ محمد عصفور: الحرية، في الفكرين الديمقراطي والاشتراكي، مرجع سابق، ص335؛ عبد الجليل محمد على: المرجع السابق، ص13 وما بعدها؛ نعيم عطية، الفلسفة الدستورية للحريات العامة، القاهرة، دار النهضة العربية، ط 1989، ص145 وما بعدها.

4) محمد عصفور، سيادة القانون.... مرجع سابق، ص55؛ ثروت بدوي، النظم السياسية، ج1، ط 1970،ص 120 وما بعدها.

5) عبد الحميد متولي، الحريات العامة.... مرجع سابق، ص23؛ محمد رفعت عبد الوهاب، القضاء الإداري، الكتاب الأول، منشورات الحلبي الحقوقية، ط 2003، ص12 وما بعدها؛ طعيمة الجرف: مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون.... مرجع سابق، ص5؛ عبد الجليل محمد علي: مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي.. مرجع سابق، ص13؛ محمد السناري: مرجع سابق، ص7-8؛ محمد رفعت عبد الوهاب: المرجع السابق، ص13.

6) محمد عصفور، مرجع سابق، ص5؛ طعيمة الجرف، مبدأ المشروعية، مرجع سابق، ص10. 

7) راجع: طعيمة الجرف، مبدأ المشروعية.....، مرجع سابق، ص6 وما بعدها؛ محمد السناري، المرجع السابق، ص11.

De laubider (A.): Traite élémentaire … op.cit., P203 ; Vedel (G.): la soumission de la administration a la loi … Al Qanonum Et Eqtisad, le caire, anne 22 m P4.

8) محمد عصفور، سيادة القانون.... مرجع سابق، ص4؛ 

Jacob: Journal of the international commission of jurists, V.3., No 2 ; P305-307.

9) محمد السناري، مرجع سابق، ص12.

10) محمد رفعت عبد الوهاب: القضاء الإداري، مرجع سابق، ص19 وما بعدها، أنور رسلان: وسيط القضاء الإداري، الكتاب الأول، القاهرة، دار النهضة العربية، ط 1997. 

11) أنور أحمد رسلان، وسيط القضاء الإداري، مرجع سابق، ص75.

12) محمد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص17وما بعدها؛.

13) طعيمة الجرف، مرجع سابق، ص7؛ 

Raciu (J.): op.cit., P1933.

14) محمد السناري، مرجع سابق، ص152.

15) محمد السناري، مرجع سابق، ص176.

16) محمد السناري، مرجع سابق، ص153..

17) محمد السناري، تطور مبدأ المشروعية....، مرجع سابق، ص176؛ ثروت بدوي، النظم السياسية... مرجع سابق، ص124. 

18) انظر:

Toth(J.): les droits de l'homme et la theorie du droit, Paris 1981, P31. 

19) عبد الواحد الفار، قانون حقوق الإنسان في الفكر الوضعي والشريعة الإسلامية، القاهرة، دار النهضة العربية، 1991، ص505؛ 

Helen Yu and Alison Guernsey: whatis the rule of law, In: http://www.uiowa.edu/ifdebook/faq/rule of law.shtml.

20) عصام سليم، حقوق الإنسان... مرجع سابق، ص114.

21) مصطفى أبو زيد فهمي، فن الحكم في الإسلام، المرجع السابق، ص411؛ عصام سليم: مرجع سابق، ص114.

22) الشافعي محمد بشير، قانون حقوق الإنسان، المنصورة، ط 2، مكتبة الجلاء، 1998، ص246.

23) ثروت بدوي، أصول الفكر السياسي والنظريات والمذاهب السياسية الكبرى، القاهرة، ط 1967، ص78. 

24) سمير تناغو، النظرية العامة للقانون، المرجع السابق، ص40. 

25) محمد بدر، تاريخ النظم الاجتماعية والقانونية، 1972، ص199 وما بعدها.

26) طعيمة الجرف، مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون.... مرجع سابق، ص16 وما بعدها؛ عبد الجليل محمد على، مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي.. مرجع سابق، ص14 وما بعدها؛ ثروت بدوي، النظم السياسية... مرجع سابق، ص123 وما بعدها.

27) طعيمة الجرف، مرجع سابق، ص7.

28) طعيمة الجرف، مبدأ الشرعية.. مرجع سابق، ص7؛ وراجع في أسباب التدوين في العالم القديم: صوفي أبو طالب، تاريخ النظم القانونية، ج1، نشأة وتكوين الشرائع، ط 2004، ص26؛ محمود السقا: فلسفة وتاريخ النظم القانونية، مرجع سابق، ص123؛ مصطفى صقر: فلسفة وتاريخ النظم القانونية، مرجع سابق،ص 124 وما بعدها؛ طه عوض: فلسفة وتاريخ النظم القانونية، ط 2005، ص68 وما بعدها.

29) انظر في أسباب التدوين ونتائجه في الشرائع القانونية القديمة: فايز محمد حسين، أصول النظم القانونية، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، 2011، ص213 وما بعدها.

30) محمد نور فرحات، بعض مشكلات الوعي القانوني في مصر، مقالة منشورة في: الإنسان في مصر الفكر والحق والمجتمع، القاهرة، دار المعارف، ص235.

31) طعيمة الجرف، مبدأ الشرعية.. مرجع سابق، ص7؛ عبد الجليل علي، مرجع سابق، ص13، ثروت بدوي، النظم السياسية، مرجع سابق،ص 18؛ جورج سباين، تطور الفكر السياسي، ج 2، ص123 وما بعدها.

32) ثروت بدوي: المرجع السابق، ص159 وما بعدها.

33) ثروت بدوي، المرجع السابق، ص159 وما بعدها.

34) ثروت بدوي، المرجع السابق، ص161-162.

35) ثروت بدوي، المرجع السابق، ص170.

36) ثروت بدوي، المرجع السابق، ص176.

37) ثروت بدوي، المرجع السابق، ص180.

38) سمير تناغو، النظرية العامة للقانون، المرجع السابق، ص40. 

39) سمير تناغو، النظرية العامة للقانون، المرجع السابق، ص40. 

40) سمير تناغو، النظرية العامة للقانون، المرجع السابق، ص40؛ 

Helen Yu and Alison Guernsey: whatis the rule of law, In: http://www.uiowa.edu/ifdebook/faq/rule of law.shtml.

41) مصطفى أبو زيد فهمي، فن الحكم في الإسلام، المرجع السابق، ص411.

42) محمد السيد بدر، تاريخ النظم القانونية، 1972، ص292 وما بعدها.

43) ثروت بدوي، المرجع السابق، ص159 وما بعدها.

44) مصطفى أبو زيد فهمي، فن الحكم في الإسلام، المرجع السابق، ص450 وما بعدها.

45) انظر: عبد الحميد متولي، الحريات العامة.... مرجع سابق، ص23 وما بعدها؛ طعيمة الجرف: مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون.... مرجع سابق، ص15؛ عبد الجليل محمد علي: مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي.. مرجع سابق، ص17 وما بعدها؛ محمد السناري: مرجع سابق، ص366؛ ثروت بدوي: مرجع سابق، ص120 وما بعدها؛ على محمد جريشة: المشروعية الإسلامية العليا، القاهرة، مكتبة وهبة، ت، ص14 وما بعدها؛ مصطفى كمال وصفي: النظام الدستوري في الإسلام، القاهرة، مكتبة وهبة، ت، ص29 وما بعدها؛ مصطفى أبو زيد: فن الحكم في الإسلام، القاهرة، ط 2001، ص423؛ إبراهيم درويش: علم السياسية، مرجع سابق، ص102؛ فتحي عبد الكريم: الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، القاهرة، مكتبة وهبة، ت، ص366 وما بعدها.

46) انظر: عبد الحميد متولي، الحريات العامة.... مرجع سابق، ص23 وما بعدها؛ طعيمة الجرف: مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون.... مرجع سابق، ص15؛ عبد الجليل محمد علي: مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي.. مرجع سابق، ص17 وما بعدها؛ محمد السناري: مرجع سابق، ص366؛ ثروت بدوي: مرجع سابق، ص120 وما بعدها؛ إبراهيم درويش: علم السياسية، مرجع سابق، ص102.

47) ونظرا للعلاقة الوثيقة بين سيادة القانون وحقوق الإنسان فقد قيل: 

Debray (R.): L'Etat.., Paris, 1993 ; P181:)il n'a y pas de droits de l'homme sans la forme juridique d'une Etat ); Charvin )R.) & Sueur (J.) &Fargat (G.): Droits de l'hommes et libertes de la personnes, Litec,1994, P24; Carter(H.)& Burke )Th.): Reason in law, Longman, 1999, P134- 136 ; Hassan AbedElhamid: Universalite des droits de l'homme et secificites Arabo-Musulmans, Le caire, Dar NahdaArabia, 2004, P20 et ss.

48) محمد عصفور، سيادة القانون.... مرجع سابق، ص7.

49) طعيمة الجرف، مبدأ المشروعية... مرجع سابق، ص6-7..

50) طعيمة الجرف، المرجع السابق...، ص8.

51) فتحي والي، الوسيط في قانون القضاء المدني، القاهرة، دار النهضة العربية، 2009، ص48، إبراهيم نجيب سعد، القانون القضائي الخاص، الإسكندرية، 1977، ص52، ص138؛ خالد سليمان شبكة: كفالة حق التقاضي، دراسة مقارنة، الإسكندرية، دار الفكر الجامعي، 2005، ص32 وما بعدها؛ محمد سعيد حسن عبد الرحمن، دعوى قطع النزاع، القاهرة، دار النهضة العربية، 2000، ص7 وما بعدها.

Julia wentz: Justice requires access to law, 36, Loyola University Chicago law journal, 641(2005),Access to Justice, Round-table Discussion, Johansberg, South Africa, July 222, 2003; UNDP: Introduction to Access to Justice, 2006.

ومن نافلة القول الإشارة إلى أن الشريعة الإسلامية منحت لكل إنسان الحق في التقاضي؛ أي الحق في اللجوء إلى القضاء، للوصول إلى حقه، ويسرت تمتع الأفراد بهذا الحق على قدم المساواة؛ إذ جميع الأفراد يتساوون في حق اللجوء إلى القضاء. وتيسير التقاضي من مميزات النظام القضائي الإسلامي.......انظر: أحمد السيد صاوي، المرجع السابق، ص44، والمراجع التي يشير إليها؛ خالد سيلمان شبكة، مرجع سابق، ص420 وما بعدها، أحمد المليجي، أحمد وهدان، المساعدة القانونية لغير القادرين على الدفاع عن حقوقهم في القانون المصري، المجلة الجنائية القومية، 39،3، 1990، ص24.

52) أحمد وهدان، المرجع السابق، ص116؛ أحمد السيد صاوي، المساواة أمام القضاء في القانون المصري والشريعة الإسلامية، مجلة القانون والاقتصاد، عدد خاص، 1983، ص172-173، محمد سعيد حسن عبد الرحمن، دعوى قطع النزاع، مرجع سابق، ص9؛ خالد سليمان شبكة، كفالة حق التقاضي، مرجع سابق، ص34.

53) انظر:UNDP: Introduction to Access to Justice, 2006. 

54) انظر: فتحي والي، مرجع سابق، 433-435؛ أحمد السيد صاوي، الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، القاهرة، 1990، ص21 وما بعدها؛ خالد شبكة، كفالة حق التقاضي... مرجع سابق، ص231 وما بعدها، ص447.

55) ويشير مفهوم الدولة القانونية إلى: (الدولة التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها بقواعد قانونية تعلو عليها، وإن مضمون القاعدة القانونية التي تعدّ إطاراً للدولة القانونية يتحدد في ضوء المعايير التي ألتزمتها الدولة الديمقراطية في ممارستها لسلطاتها) المحكمة الدستورية العليا: القضية 36 لسنة 18 ق. دستوري جلسة 3/1/1998، القضية 5 لسنة 18 ق. دستوري جلسة 1/2/1997.

56) عدنان نعمة، دولة القانون في إطار الشرعية الإسلامية، ط 1976، ص12.

57) من نافلة القول الإشارة إلى ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي؛ حيث نصت المادة 47 (الحق في وسائل فعالة ومحاكمة عادلة) على ما يلي: (يكون من حق أي إنسان تنتهك حقوقه وحرياته التي يكفلها قانون الاتحاد الحق في وسائل فعالة أمام المحكمة، وفقاً للشروط التي تضعها هذه المادة، ويكون من حق أي إنسان محاكمة عادلة وعلنية في خلال وقت معقول من قبل محكمة عادلة ومستقلة ينشئها القانون مسبقاً، ويكون لأي إنسان إمكانية المشورة والدفاع والتمثيل، وتتاح المعونة القانونية لأولئك الذين يفتقرون إلى الموارد الكافية بالقدر الذي تكون مثل هذه المعونة لازمة لضمان الوصول إلى العدالة).

المصدر: http://tafahom.om/index.php/nums/view/9/186

الحوار الداخلي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك