وسائل التربية الإسلامية

عباس محجوب

 

الوسائل هي الأدوات التي نحقق بها أهدافنا وغاياتنا في الحياة وإذا كانت الأهداف والغايات سامية فلابد أن تكون الوسائل الموصلة إليها سامية أيضا وشريفة لأن الغاية في الإسلام لا تبرر الوسيلة فالأهداف الشريفة هي التي تكون وسائلها شريفة لأن الفصل بين الأهداف والغايات صعب لتداخلهما ولأن الوسيلة قد تكون هدفاً في ذاتها ووسيلة لغيرها والوسيلة هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة/35).

وابتغاء الوسيلة كما قال قتادة، التقرب إليه بطاعته والعمل بما يرضيه[1] {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} وكذلك يقول الله تعالى في حديثه القدسي الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها وإن سألني أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه"[2].

وقد تتخذ عدة وسائل لغاية واحدة حتى إذ لم تفد الوسيلة الواحدة لجأ الإنسان إلى الأخرى بطريق التدرج كما في آية النشوز: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} (النساء/34).

كما عدا الإسلام إلى اتخاذ الوسائل الطبية للسلوك غير الحسن، ولمواجهة الشر: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت/35،34).

وقد يكون الهدف المطلوب من الواجبات الأمر الذي يجعل الوسائل أيضا في درجتها ولذلك رأى العلماء أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب أيضاً.

لذلك كله اختلفت وسائل التربية وتعددت فيما سنفصله الآن.....

أولا-الوسائل الذاتية:

تقتضي التربية الذاتية للإنسان نوعا من الوعي الفكري والمعرفة بأهمية القواعد الصحية والأخلاقية والجسمية في استمرارية التربية التي يحتاج الإنسان إليها مدى الحياة وأول وسائل التربية الذاتية مراقبة الإنسان لنفسه وجعل ضميره حياً يقظاً متحركاً وهذه الوسيلة داخلية تحدثنا عنها في حديثنا عن القلب وتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم للإنسان أن يستفتي نفسه فما اطمأنت نفسه إليه كان حسناً وما حاك في الصدر تجنبه والضابط لهذا الاستفتاء القلبي أن يكون القلب يقظاً على صله بالله دائما بالعبادة والدعاء والاستعانة على الخير والاستنجاد من الشر كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل دائماً في دعائه المستمر في كل حركة من حركاته كما أن الالتزام بالفضائل يجعل المرء قوي الصلة بالله، ويرى بعض العلماء أن من وسائل التربية الذاتية أن يتخذ الإنسان لنفسه شيخاً يعينه على التربية وينصحه ويوجهه ولا يشترط الاتصال المباشر بل قد يكون عن طريق الإطلاع على مؤلفاته وإن كانت العلاقة الشخصية هي المطلوبة عملا بقوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (النحل/43) ونسبة لتعذر الملازمة للشيوخ الناصحين في الدين المشتغلين بتهذيب العباد فإن التجارب الشخصية النابعة من مخالطة الناس تساعد على تربية النفس لأن المؤمن مرآة أخيه فإذا علم صفات سيئة في الناس اتفقوا على سوئها وكراهتها أبعد نفسه عنها، كما أن قوة الإرادة والعزم على فعل الخير وممارسته من الوسائل التي تدفع الإنسان إلى السير في طريق الخير ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم "أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلت"[3].

والإيمان بالله الذي يصدر عنه الفعل من إحساس بالواجب وحب للفضائل وترك للراذئل من وسائل تربية النفس والذي يساعد على ذلك كله أن تكون صحبة الإنسان للأخيار من الناس.

ولذلك يرى الغزالي أن تزكية النفس بأمرين الأول- الابتعاد عن المعاصي ثم ممارسة الطاعات والعبادات.

وتجري عملية التزكية باتخاذ الوسائل السابقة في الارتقاء بالنفس من النفس الأمارة بالسوء إلى النفس اللوامة التي تستقبح المعصية وتلوم صاحبها بعد أن كانت لا تحدثه إلا بالسوء ولا تأمره إلا بالمعصية ثم ترتفع النفس إلى مقام الملهمة التي ألهمها الله الخير والشر {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}(الشمس/8،7) ثم ترتفع درجة إلى مستوى النفس المطمئنة الراضية بقضاء الله وقدره ثم كانت نفساً راضية باطمئنانها {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} (الفجر/27-30) فهي قد دخلت أخيراً في زمرة العباد الذين قال الله عنهم {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} (الحجر/42) والجنة جنتان جنة الدنيا وهي المعرفة والعلم والحكمة.

والإنسان بتزكيته لنفسه يحرر نفسه من الخضوع للشهوات والرغبات ويرتقي إلى مقام العبودية لله.

ثانيا: الوسائل الاجتماعية: وتتمثل في:-

1- الرفقة الصالحة: 

الإنسان بطبيعته متأثر بغيره آخذ عنه سواء أحس بذلك أم لم يحس خاصة في مراحل الصبا فالرفقة الصالحة وهم الذين يسمون: (بشلة الرفاق) هم من وسائل التربية الأخلاقية والنفسية والعقلية للناشئة وواجب الآباء أن ينتقوا لأبنائهم هذه الرفقة بطريقة غير مباشرة من أصدقائهم الصالحين لأن صداقة الآباء تقتضي الزيارة والخروج في رحلات تعمق الصلات بين الأبناء وعن ذلك يقول ابن سينا: "أن يكون الصبي في مكتبه مع صبية حسنة آدابهم، مرضية عادتهم لأن الصبي عن الصبي القن وهو عنه آخذ به وآنس"[4].

والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"[5]، وعن تأثير الصحبة في الإنسان ذلك الحديث الذي سبق أن ذكرناه عن الجليس الصالح والجليس السوء والمقارنة بينهما وقد بين الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم نتيجة مصاحبة الأشرار وتخلي بعضهم عن بعض واتهام كل للآخر بأنه سبب ضلاله وكفره فالشيطان يقول {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} (ق/27), ويقول {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولاً} (الفرقان/28-30) ويحذر الله سبحانه من شياطين الجن وشياطين الإنس من الرفاق وأصحاب السوء لأنهم يوحون إلى بعضهم زخرف القول غروراً...

إن على الآباء أن يراقبوا أبناءهم وأن يوجهوهم من غير إشعارهم بذلك لأن الأوامر والنواهي ومنع الأطفال من مصاحبة من في سنهم يؤدي إلى نتائج غير كريمة وعلينا أن نشجعهم على صحبة من نعجب بسلوكهم من أصدقاء حيه أو دراسته وأن ننبه إلى عدم مصاحبة من نرى اعوجاجاًَ في سلوكه مع إقناعه بذلك عن طريق الواقع والمنطق ويقول الغزالي: "ويمنع الطفل من لغو الكلام وفحشه ومن اللعن والشتم وعن مخالطة من يجري على لسانه شيء من ذلك فإن ذلك يسري لا محالة من قرناء السوء وأصل تأديب الصبيان الحفظ من قرناء السوء"[6].

القدوة الحسنة:

ينشأ الطفل فيجد أمامه شخصية والده تأثر فيه وتثير عواطفه ثم يجد شخصية المربي الذي يعجب به الطفل ويتأثر بأفكاره، ومعلوماته، لذلك كان واجب الآباء والمربين أن يقدموا النموذج الطيب والأسوة الحسنة أمام الأطفال الذين يتعلقون بشخصياتهم ويدفعونهم إلى السلوك الطيب عن التأثير فيهم فكلاهما يمثل بالنسبة للطفل القيم السامية والعواطف الطيبة الأمر الذي يجعل دورهما في حياة الطفل كبيرا فإذا تمثلت فيهما معاني الشجاعة والعفة والكرم والمروءة، والصدق والأمانة قولاً وفعلاً نشأ الأولاد على ذلك أما إذا وجد ذلك في أقوالهم ودعوتهم لهم من غير أن يتمثلوه في حياتهم نشأ الطفل على عكس تلك الفضائل وفقد الثقة في سلوك أحب الناس إليه ومثله الأعلى في الحياة ولذلك حذر الله سبحانه وتعالى من أن يأمر الناس بالبر من ينسون أنفسهم وأن يقولوا مالا يفعلون وقد توعد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا النوع بعذاب أليم يوم القيامة حيث يسأله الناس ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيجيب بأنه كان يأمر بالمعروف، ولا يأتيه وينهى عن المنكر ويأتيه- والقرآن يخبرنا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي اتصف بأعلى الكمالات وأنبل الصفات التي عرفتها البشرية هو قدوة حسنة للبشر قاطبة خلقه القرآن ومؤدبه ومربيه رب العالمين {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب/21) ولأن التربية تحتاج إلى القدوة العليا التي يقاس عليها فإن الله سبحانه جعل نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم النموذج الذي يهتدي به الناس والسراج الذي يضيئون به حياتهم إن أطاعه الناس اهتدوا وإن خالفوه ضلوا {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (النور/54)، وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم مثال للقدوة النادرة في الجاهلية والإسلام في مجال الكرم والتواضع والحلم والشجاعة والقوة والثبات على الحق والصبر والجهاد والإيثار فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون في رمضان وكان أزهد الناس فهو لم يشبع ثلاثة أيام تباعاً وكان أكثر الناس توضعاً يأكل من عمل يده ويجيب دعوة من دعاه يجلس حيث ينتهي بأصحابه المجلس يرقع ثوبه ويخيط نعله، يحلم عن المسيء ويعفو ويصفح بما لم يحدث في التاريخ حين قال لقريش: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" وكان أشجع الناس، وأقواهم يتقي به أصحابه إذا حمى الوطيس واحمرت الحدق، ثبت على مبدئه حين عرضت قريش على عمه ما عرضت، ولذلك كله ولغير ذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة الأولى للمربين والمتربين كما كان أصحابه الأجلاء رضي الله عنهم القدوة بعده في الصفات السابقة كما دعا إلى التأسي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم" وقد كانوا كما قال عنهم عبد الله بن مسعود: "أبر الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً وأقومها هدياً وأحسنها حالاً". إن الطفل يكون أكثر الناس حاجة إلى القدوة الحسنة في حياته الأولى الأمر الذي يضع على كاهل المحيطين به عبء كبير فالطفل يعتقد أن ما يفعله والده ومدرسه هو الحسن والخير وأن ما يتركه الوالد والمدرس هو القبيح والشر، والطفل مطبوع في هذه المرحلة على المحاكاة والتقليد وتنطبع في نفوسهم كل الصفات التي كانت سلوكاً لأسوتهم.

وليس معنى هذا اقتصار القدوة في السلوك على الآباء والمربيين إنما تتمثل القدوة في المجتمع كله بمؤسساته: البيت والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة فإذا وجد في قطاعات المجتمع القدوة الصالحة كانت التربية ناجحة لأن الطفل لا يحس بالتناقض في الأخلاقيات أو التباعد في السلوك بين أنشطة المجتمع الموجهة.

إن القدوة الحسنة من الآباء والمربين ومؤسسات المجتمع من أهم العوامل المؤثرة في التربية والهادية إلى الخير والمهيئة للفرد النافع للمجتمع والحياة.

ثالثا- الوسائل العاطفية:

عرَّف بعض الدارسين العاطفة بأنها" "عبارة تركيبية انفعالية تجمع بعض الانفعالات الموجودة أصلاً في نفس الفرد"، هذه الانفعالات تنتظم فيها بينها ثم تدخل في تركيب جديد، لم يكن موجوداً من قبل. إن هذه التراكيب أو المجاميع الجديدة تكسب الحياة الانفعالية المتقلبة قدراً من الانسجام وقد تتجمع من جديد في مجاميع أوسع وهذه بدورها حين تتجمع ثانية في نظام واحد شامل متناسق، تكون ما نسميه بالشخصية، إن العواطف الثابتة تعطي الحياة الوجدانية نظاماً واتساقاً نحو أهداف بالذات وإن عاطفة قوية كافية لتجديد نشاط الفرد واتجاهه في حياته. فالعواطف تلعب دوراً هاماً في حياة الإنسان وهي مصدر معظم دوافعنا وجهودنا[7]. ولذلك كانت العواطف وتكوينها في الإنسان من أهم ما اهتم به المربون، فالحب والكراهية تكونان عناصر العاطفة في الإنسان ومهمة التربية عاطفيا هي توجيه عاطفة الحب إلة أنواع الفضائل والسلوك المراد غرسها في النفوس وتوجيه عاطفة الكراهية إلى أنواع الرذائل والسلوك المراد إبعاد النفوس عنها كما أن الرغبة عاطفة تبعث على الحب والرهبة عاطفة تبعث على الكراهية فإن دورهما في التربية كبير.

ولذلك ركز القرآن الكريم على مخاطبة العواطف الإنسانية في جانبيها الإيجابي والسلبي إذ أن الجانب الإيجابي يمثل العواطف الخيرة بينما السلبي يمثل العواطف الشريرة.

فمن الجانب الإيجابي: حديث القرآن عن الضعفاء والمساكين وأهمية العطف عليهم {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (الضحى/6-11)، ومن الحض على العفو والتسامح والصفح مع القدرة والأمثلة كثيرة في القرآن ومنه العطف على الوالدين {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً}(الإسراء/24،23)، والآيات كثيرة في ذلك ومنه أيضا أحاديث الجهاد والتحكم في الانفعالات والإخلاص والتفاني في سبيل الله والجماعة وما إلى ذلك من العواطف الإنسانية السامية التي تعالج جوانب الروح والأخلاق والسلوك.

أما الجانب السلبي: الذي يعالج العواطف المنحرفة المتصلة بالسلوك والأخلاق فكثيرة أيضا مثل ذم الرذائل والموبقات والشح والبخل والنفاق والحقد والغرور والكراهية والطمع والجشع وحب المال والدنيا والأثرة والأنانية وغيرها من جوانب السلوك غير الإنساني وغير الأخلاقي والتي تدل على جوانب نقص في الشخصية وقصور في النضج السلوكي والأخلاقي.

إن العاطفة وسيلة تربوية فعالة عندما تكون وسائط التربية كلها نماذج حية طيبة للعواطف السامية والأخلاق النبيلة ولأن الطفل يعيش في حياته الأولى على الاقتناع بالأشياء المحسة المشاهدة فإن تكوين عاطفة الحب للفضائل أو الرذائل لا يكون بالدروس المجردة إنما بالثناء على كل عمل طيب يأتيه والمكافأة عليه، والاستنكار لكل رذيلة يأتيها أو يشاهدها والعقاب عليه فإذا وصل الطفل إلى مرحلة فهم المجردات كان الاهتمام بالمثل العليا والعواطف السامية وتكوين الاتجاهات الطيبة نحوها ولذلك ركزت التربية الإسلامية في تكوين هذه العواطف على محبة الله والارتباط به وحبه للمتقين والمحسنين وكراهيته للعصاة والظالمين ولذلك استعمل القرآن والسنة عدة أساليب في ذلك منها:

(1) القصص والتاريخ:

"والقرآن يستخدم القصص لجميع أنواع التربية والتوجيه التي يشملها منهجه التربوي: تربية الروح، وتربية العقل، وتربية الجسم، والتوقيع على الخطوط المتقابلة في النفس، والتربية بالقدوة والتربية بالموعظة"[8]والقصة لها تأثير كبير في نفوس الصغار والكبار ولها القدرة على إثارة العواطف والانفعالات والإقناع الواقعي والعقلي والتوجيه نحو التفكير والتأمل، فالله سبحانه استعمل القصة في القرآن كثيراً ليتعظ الناس منها وليثبت الرسول صلى الله عليه وسلم- {وَكُلاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} ( هود/120)،{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ} (يوسف/111)، وهي كما أنها للعبرة تدعو إلى التفكير{فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (الأعراف/176)، وقد أورد القرآن قصص الأنبياء لبيان الحق والباطل وموقف البشر من أنبيائهم والمكذبين بالرسالات والرسل وقصة البشرية ممثلة في قصة آدم وقصصا تمثل النفس الإنسانية في حالاتها المختلفة من الضعف والقوة والرغبة والرهبة والعدل والظلم والإيثار للحق والتمسك بالعفة. وتهدف هذه القصص كلها من الناحية التربوية إلى:

1- حال البشرية وموقفها من الرسالات والرسل وفيها عظة وعبرة للناس وتقوية وتثبيت للرسل.

2- وجوب إيثار الحق على الباطل مهما عظم وتجبر وتوعد واللجوء إلى الله كما في قصة أصحاب موسى.

3- نموذج للشباب في العفة والتمسك بها ومراقبة الله والصمود أمام الشهوات والرغبات كما في قصة يوسف وآدم.

4- نماذج من لحظات الضعف البشري حينما يستسلم لها الإنسان وينسى كما في قصة آدم، أيضاً موسى وفتنة سليمان وداود.

5- أسباب زوال الأمم وزوال الحضارات والمدنيات وهي الظلم والفساد والتجبر والطغيان وغيرها كما في قصص قوم لوط وثمود وإبراهيم وأصحاب مدين وغيرها من الأمم التي ذهبت لتحلل أخلاقها وانحرافها عن جادة الطريق.

(2) الترغيب والترهيب: المثوبة والعقوبة:

عواطف البشر نحو الفضيلة والرذيلة مرتبطة بالترغيب والترهيب فتوجيه الإنسان نحو حب الفضيلة لأن الفضيلة خير تتحقق به سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة والرذيلة شر يؤدي إلى الهلاك في الدنيا والآخرة والمثوبة والعقوبة وسيلتان للترغيب والترهيب. فإذا اختزن فعل الفضيلة في ذهن الطفل بالمثوبة وإدخال الفرح والسرور في نفسه مادياً أو معنوياً نشأ على حب الفضيلة كما أن ارتباط الرذيلة بالعقوبة والحرمان والتأنيب وعدم الرضا ينشئه على كراهية الرذيلة، ولذلك يرى علماء النفس أن توفر عامل الجزاء مهم لأن الإنسان لا يكرر  الاستجابات التي لا تؤدي إلى نوع من الترضية أو الجزاء أو الإشباع وكلما كان الجزاء واضحاً دفع الإنسان إلى الحركة والنشاط وإشباع الدافع.

ومن أسلوب الثواب والعقاب يقول الغزالي: "إذا ظهر من الصبي خلق جميل، وفعل محمود فإنه ينبغي أن يكرم عليه ويجازى عليه مما يفرح به ويمدح أمام الناس لتشجيعه على الأخلاق الكريمة والأفعال الحميدة، وإذا حدث منه ما يخالف ذلك، وستره الصبي واجتهد في إخفاءه، تغافل عنه المربي وتظاهر بأنه لا يعرف شيئاً عما فعل حتى لا يخجله، فإن عاد ثانية إلى الخطأ عوقب سراً وبين له نتيجة خطئه، وأرشد إلى الصواب وحذر من العودة إلى مثل هذا الخطأ، خوفاً من أن يفتضح أمره بين الناس"[9]. فالغزالي يسبق علماء النفس التربويين في أنه لا بد من التدرج في الجزاء وأن هناك جزاءً ثانوياً يتمثل في التشجيع والمكافأة والعتاب والتحذير والإرشاد باللين إلى الخطأ- هذا الجزاء له أثره الكبير في التربية والتعليم ولا يترك آثاراً سلبية كما في الجزاء الأولي، وفي تأييد هذه النظرية المثوبة والعقوبة يقول ابن سينا: "إنه من الضروري البدء بتهذيب الطفل، وتعويده ممدوح الخصال منذ الفطام، قبل أن ترسخ فيه العادات المذمومة التي يصعب إزالتها إذا ما تمكنت في نفس الطفل أما إذا اقتضت الضرورة الالتجاء إلى العقاب فإنه ينبغي مراعاة منتهى الحيطة والحذر فلا يؤخذ الوليد أولاً بالعنف وإنما بالتلطف ثم تمزج الرغبة بالرهبة والمثوبة والعقوبة والنصح والتهديد ولأنها وسيلة أقرب إلى عقلية الصغار وتجاربهم وخبراتهم المحدودة ولذلك استعملها لقمان مع ابنه كما حكى القرآن: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (لقمان/ 12، 13).

والموعظة للكبار أيضاً في مناسبات يحتاجون إليها خاصة إذا كان الأمر متعلقاً يالعقيدة {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} (سبأ/45).

وقد يعتاد الكبار على الموعظة المباشرة فيملونها ولا يستمعون إليها أو لا تترك الأثر العاطفي عندهم وقد ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتخولهم بالموعظة أي يعظهم فترة بعد أخرى، ولذلك استعمل القرآن أساليب كثيرة متعددة للوعظ، فالقرآن كله هدى وموعظة للناس {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران/138)، والموعظة وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة} (النحل/125).

ولا يستفيد بالموعظة إلا المؤمن الكامل الإيمان {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر}(الطلاق/2).

وقد تميز أسلوب القرآن في المواعظ بعدة أساليب منها:

1- النداء الإقناعي مصحوباً بالاستعطاف والاستنكار[10] مثل {يَا بُنَيَّ} {يَا مَرْيَمُ} {يَا نِسَاءَ النَّبِيّ} {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}.

2- الأسلوب القصصي مصحوباً بالعبرة والموعظة كما في قصص الأنبياء وغيرها من قصص القرى والأمم.

3- التوجيه القرآني مصحوباً بالوصايا والمواعظ والأوامر والتوجيهات والنواهي وغيرها مما هو كثير في القرآن والموعظة كما يقول الأستاذ محمد قطب درجات تتفاوت بدرجات الناس فهناك من تنفع معه الإشارة البعيدة ومن لا يصلح معه إلا الغضب والتهديد ومن يكفيه التهديد -بالعذاب[11].

رابعاً: الوسائل العقلية:

لم تعتمد التربية في الإسلام على الوسائل العاطفية أو الوجدانية أو الاجتماعية وإنما اعتمدت على الوسائل العقلية باعتبار العقل من النعم التي أنعم الله بها على الإنسان وميزه به عن الحيوان ويمكننا أن نلمح هذه الوسائل في جوانب كثيرة منها:

1- التربية الفكرية: والتربية الفكرية تهدف إلى إخضاع العقل للتدريب والتمرين حتى يقوي فيه ملكة التمييز بين الحق والباطل والهدى والضلال والرؤية الصادقة والبصيرة النافذة ويمكن تدريب العقل بتقديم الحقائق العلمية على أساس أهميتها في الحياة وتقييمها للسلوك واستعمالها في طريق الخير والتفاعل معها بحيث تكون جزءا من حياة الشخص ثم تجربة تلك الحقائق مع واقع الحياة ليرى مدى فائدة الحقائق العلمية إذا ما استعملت في حياة الإنسان وأهمية التربية الفكرية أنها تزيد من قدرات الفرد على الإدراك والتكيف وتقبل الحقائق والقيام بالواجبات كما أنها تهيأ مجالاً لنمو الذكاء وارتفاع معدلاته بحيث أن الشخص الذكي يكون أقل عرضة للمشكلات التي تدفع إلى الانحراف أو الجريمة؛ لأن قوة عقله ينبهه إلى الطريق القويمة والنتائج المترتبة على الانحراف السلوكي وعن طريق التربية الفكرية تحصل القناعة التي تجعل الفرد متمسكاً بالخير لأنه خير مبتعداً عن الشر لأنه شر وأنه لا تعارض بين ما يقرره المنطق والعقل وما يطالب به المرء دينياً من الالتزام بسلوك أخلاقي ثابت ومعروف في حياته.

2- تكوين البصيرة: يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (آل عمران/164) والعلاقة وثيقة بين الحكمة والبصيرة فكلاهما من أعمال القلب والعقل وقد وصف الله سبحانه وتعالى الإنسان بأنه على نفسه بصيرة والبصيرة هي القدرة إلى النفاذ إلى الأشياء ومعرفتها وحسن تقديرها والقدرة على التصرف فيها ولما بين البصيرة والحكمة من علاقة قوية دعا الله سبحانه إلى اتخاذهما وسيلتين في الدعوة إليه فقال: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (النحل/125) كما قال: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (يوسف/108). ومن هنا فإن تكوين البصيرة في القلب المؤمن غاية من غايات التربية ووسيلة من وسائلها أيضاً ولذلك يقول الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} (الأنعام/104)، والبصيرة والحكمة بمعنى التمييز بين الحق والباطل والصواب والخطأ عن طريق الإحساس الداخلي أو الوجدان من هبات الله على الناس، فالله سبحانه وتعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} (البقرة/269)؛ لأن الحكمة: "هي نفاذ البصيرة إلى سنن الحوادث ومجريات الأمور، وإتقان العمل والتصريف، دون صدام مع قوانين الظواهر في ضوء ظروف العصر الذي تواكبه لدى الفقيه القدرة على استنباط التشريعات والأحكام اللازمة في ميادين الحياة المختلفة حسب الظروف والأحوال، وهي لدى القائد فهم معنى الجهاد والوقوف على منطلقاته وأهدافه وتنظيماته وحسن التعامل بذلك كله حسب المواقف والمتطلبات، وهي لدى المربي المسلم فهم مبادئ التربية وأهدافها ومناهجها وأساليبها وإتقان التعامل بذلك. وهي لدى الإداري حسن تصريف الأمور. وهي لدى القيادة السياسية حسن التخطيط والتنفيذ في الداخل والخارج- وهي لدى الأمة إدراك معنى وجودها وإجادة تنظيم هذا الوجود ووضعه برمته ومقدراته في خدمة الرسالة الإسلامية وبالتالي فالحكمة هي فهم كل فرد أو جماعة في الأمة لدوره وإتقان أداء هذا الدور طبقا لمقاييس الإسلام  ومنطلقاته"[12].

ودور التربية أنها هي التي تبصر بالحقائق المتعلقة بوجودها ورسالتهم وهي التي تربي فيهم البصيرة والحكمة وتدعوهم بهما: {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} (الصافات/6) وإذا كان البصر مجاله الإدراك- المادي للأشياء فإن البصيرة تمثل الإدراك القلبي للأشياء: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (النحل/46).

وذلك لأن البخل وعدم الإنفاق من طبائع النفوس كما أن الغضب وحب الانتقام كذلك، ولذلك جعل الرسول القوي من الرجال الذي يملك نفسه عند الغضب والأحاديث كثيرة في فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكل والمشرب وغيرها وكلها تؤدي إلى تقوية الإرادة في جانب التغلب على شهوات البطن والفرج فالرسول عليه الصلاة والسلام وآله لم يشبعوا من خبز شعير يومين متتابعين حتى مات كما روت عائشة. ولأن الإنفاق عامل من عوامل تقوية الإرادة وعقاب النفس قرر الإسلام الزكاة في مقادير معلومة من المال: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (التوبة/103)، وجعل المال كفارة لكثير من- الكفارات كما حث على الإنفاق تفضلاً وتدريباً للإرادة المتغلبة على غرائز النفس حباً للخير، ومحاربة للرذائل وإيثاراً للغير على النفس لأن تكاليف الإسلام كلها لا يقوم بها إلا شخص قويت إرادته وعزيمته بحيث يبدأ من التكاليف التي تحتاج إلى جهد بسيط لتتدرج في الوصول إلى التكاليف التي تحتاج إلى تضحية بالنفس والمال والحياة كلها في سبيل الله.

3- الصبر: الصبر وسيلة كبرى من وسائل تربية الإرادة وتقويتها وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة في ذلك منها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران200)، وعن الآية يقول الحسن البصري "أمروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه الله لهم وهو الإسلام فلا يدعوه لسراء ولا لضراء ولا لشدة ولا لرخاء حتى يموتوا مسلمين وأن يصابروا الأعداء الذين يكتمون دينهم"، وهذا من الصبر على الطاعات وعلى الصلاة، والتكاليف كما أن الصبر يكون على البلاء[13] {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (البقرة/155)، و {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر/10)، {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ}(محمد/31)، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له"[14]، والصبر من أنواع البر التي ذكرها الله تعالى: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} (البقرة/77) ولأن الصبر يقوي الإرادة.

قال الله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (الشورى/43)، والله مع الصابرين: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة/153)، والصدقة برهان والصبر ضياء ولا يكون الصبر إلا بمجاهدة النفس وأخذها على التحمل وطلب العون عليه من الله سبحانه وتعالى لأن: "من يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر" كما يقول الرسول عليه الصلاة والسلام.

وتارة يستخدم العبوس، أو ما يستدعيه التأنيب، وتارة يكون المديح والتشجيع أجدى من التأنيب، وذلك وفق كل حالة خاصة، ولكن إذا أصبح من الضروري الالتجاء إلى الضرب، ينبغي ألا يتردد المربي على أن تكون الضربات الأولى موجعة فإن الصبي يعد الضربات كلها هينة، وينظر إلى العقاب نظرة استخفاف، ولكن الالتجاء إلى الضرب لا يكون إلا بعد التهديد والوعيد، وتوسط الشفعاء لأحداث الأثر المطلوب في نفس الطفل[15].

فالمثوبة والعقوبة وسيلتان ناجحتان في تكوين عاطفة الرغبة والرهبة إزاء الفضائل والرذائل سواء أكانت المثوبة والعقوبة ماديتين أو أدبيتين كما أن الترغيب والترهيب وسيلتان تربويتان تدفعان الفرد إلى أنماط من السلوك اعتمد عليها القرآن والسنة في دفع الناس إلى تطبيق كثير من التعاليم الإسلامية. ولذلك دعا الإسلام إلى تخير الصحبة والإكثار من ذكر الله والعبادات بأنواعها لما لها من نتائج ترغب في ممارستها وحذر من المعصية والبعد عن الله لما لها من نتائج ترهب الممارس لها، والترغيب والترهيب من المراحل الأولية في تزكية النفس وتهذيبها إذ الخوف من المعصية بما يترتب عليها من عذاب وعقاب من الله تكون البداية ثم تتعود النفس عن طريق الممارسة حتى تصل إلى درجة الابتعاد من المعصية لقبحها كما أن حب الفضيلة والاستقامة والطاعة تكون لما يترتب عليها من جزاء حسن ومثوبة عند الله تعالى حتى يصل المرء إلى درجة الإحسان وحب الفضائل لذاتها ومثل هذا يصل إلى درجة من يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.

4- الموعظة الحسنة:

للموعظة الحسنة تأثير عاطفي كبير في الإنسان لما لها من نفاذ إلى القلوب واصغاء من الوجدان وسيطرة على المشاعر خاصة إذ كانت في بيئة صالحة وقدوة محترمة معايشة، ولما للموعظة من أثر فإن القرآن اتخذها أسلوباً في مخاطبة الكبار والصغار، أما الصغار فلأن الموعظة تجد عندهم انتباهاً وتركيزاً واهتماماً خاصةً إذا ربطت بالترغيب والترهيب ويمكن للمعلمين أن يكونوا البصائر بما وجه إليه القرآن من التعود على التأمل والتفكير والتدبر والتعقل في آيات الله حتى يكون التمسك بالمبادئ والتعاليم التي فيها عن اقتناع ومعرفة تؤديان إلى اطمئنان القلوب وخوفها وخشوع الجوارح وانقيادها، والآيات التي تحض على ذلك كثيرة منها قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (الحج/46)، {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ} (آل عمران/191،190)، والقلوب التي لا تعرف الحق بالتأمل والتدبر هي التي لا تعقل: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}  (محمد/24).

{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} (ص/29) أما الذين لا يتدبرون ولا يتأملون وينصرفون عن وسائل الحق فهم كما حكى الله عنهم: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا} (الأنعام/25) وعدم التعقل والتدبر والاستماع إلى الحق يؤدي بالمشركين إلى النار: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (الملك/10)، أما الذين يترفعون عن فهم آيات الله وينصرفون عن الحق ويكذبون فإن الله أيضا صارفهم عن الحق: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}(الأعراف/146)، وبتكون البصيرة والحكمة في الإنسان يتعرف على الحق الذي أوجد الله سبحانه به الوجود وخلق به السموات والأرض لأن معرفة الحق هي التي تدفع إلى التمسك به وبناء الحياة عليه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِ} (الحجر/85)، والآيات بهذا المعنى والتعبير في القرآن كثيرة وعلى معرفة الحق تترتب نتائج معرفة خلق الإنسان والوجود والمصير لقيام ذلك كله على الحق الذي نزل يه القرآن: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} (الإسراء/105)، وكما أن البصائر نتائج للتفكير في عواقب الأفعال من المعاصي وما يترتب على الرذائل من هلاك للأفراد والأمم والحضارات فالله يخبرنا بأن المعاصي هي التي تسببت في ضياع أمم وحضارات سابقة فيقول: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ} (الأنعام/6)، ويقول: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} (يونس/13)، كما أن المقارنة الدائمة بين الخير والشر والخبيث والطيب والصواب والخطأ يساعد على تكوين البصيرة في الإنسان ولذلك نجد القرآن يكثر من المقارنات:

يبين المواقف والأشياء، ويدعو القرآن أيضاً إلى استعمال العقل في قياس الأمور لأن ذلك من دلائل البصيرة، وقد تميز أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة التي رباهم عليها مما جعل القياس عند المسلمين مصدراً من مصادر الشريعة بعد القرآن والسنة والإجماع ولولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم مارس ذلك مع أصحابه فيما عهد إليهم من مهام ولا يجدون فيها نصاً من كتاب الله لما كان للقياس تلك الأهمية مثل ما فعل سيدنا عمر في حد شارب الخمر عندما استشار فأفتاه سيدنا علي بالجلد ثمانين جلدة قياساً على حد القاذف لأنه إذا شرب سكر فهذي فافترى وحد المفتري القاذف ثمانون جلدة ومثل هذا كثير عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  لما تميزوا به من نفاذ البصيرة والحكمة.

والتعود على الحقائق وممارستها من عوامل تكوين البصائر لأن الحقيقة تدل على جانب الخير في الفعل وجانب الشر فيه فيكون القرب والبعد مبنيان على معرفة حقيقة الخير وفائدته سوء الشر وضرره ولا يستوي العالم والجاهل.

إن المربي يستطيع بإخلاصه وإدراكه للوسائل المتعددة لتكوين البصيرة والحكمة وممارسته لهما أن يساعد على بناء جيل راجح العقل حكيم متبصر متفتح يزن الأمور بميزان العقل والبصيرة لهم قلوب يعقلون بها وآذان يسمعون بها وأبصار ينظرون بها وبصائر يعرفون بها لأن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا.

5- تكوين الإرادة:

الإرادة قوة من القوى المحركة للإنسان مرتبطة بالتصميم والعزم على فعل الشيء فعنها تصدر الأعمال الإرادية للإنسان، ويرى البعض أن الإرادة ميل النفس إلى شيء ما وحملها على فعله ولكن الفرق واضح بين الميل والإرادة لأنه قد يوجد الميل ولا توجد الإرادة، والإرادة تشمل الميل والشعور والعزم ثم العمل، والإرادة هي القوى المحركة لملكات الإنسان والدافعة لها إلى العمل وللإرادة نوعان من العمل، فقد تكون دافعة للعمل وقد تكون مانعة تمنع الإنسان من القول والفعل وأعمال الخير والشر في الإنسان منبعها إرادته ولارتباط الإرادة بالخلق: "عرف بعضهم الخلق بأنه "عادة إرادة" يعني أن الإرادة إذا اعتادت شيئا فعادتها هي المسماة بالخلق فإذا اعتادت الإرادة العزم على الإعطاء سميت عادة إرادة هذه خلق الكرم وقريب من هذا التعريف قول بعضهم هو تغلب ميل من الميول على الإنسان باستمرار"[16].

والإرادة لها صلة قوية بالميول والبواعث والغايات والرغبات لأنها دوافع إلى العمل ولأنها تجتمع مع الإرادة في جانب وتختلف في أخرى وقد ربطت التربية الإسلامية بين النية والإرادة باعتبارها العزم على فعل الشيء والقصد التصميم القلبي عليه ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه"[17].

والإرادة لابد أن تكون قوية دائمة بحيث تنفذ الأشياء التي يريدها مهما كلفها ذلك من متاعب ومشاق ومهما وضعت أمامها العقبات والصعوبات ومثل هذه الإرادة لا تقوى إلا إذا اعتمدت على عقيدة راسخة ثابتة لأن الإرادة المبنية على العقيدة السليمة هي القوى المحركة للسلوك الناتج عنها كما أن التدريب على الفضائل ومعرفة قيمتها وممارستها وترك الرذائل ونبذها من مقويات الإرادة، قد تضعف الإرادة أمام الشهوات وأهواء النفس والمغريات تفقد قوة الصمود أمامها تستسلم فتقع في المحظور وقد تكون الإرادة قوية ولكنها مريضة أيضا لأن قوتها في الجانب السلبي جانب الشر، وتوجيه هذه القوى والطاقة في الإجرام والانحراف والشذوذ.

وسائل تكوين الإرادة الخيرة وتقويتها:

1- المران على فعل الخير وإلزام النفس بالأعمال التي تتطلب مشقة ومجاهدة للنفس لأن توفيق الله الإنسان مرتبط بتلك المجاهدة فالله سبحانه يقول {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت/69)، وفي الحديث: "حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره" ورواية مسلم (حفت) بدل (حجبت) أي بينه وبينها هذا الحجاب فإذا فعله دخلها"[18].

ومن المران الواجب لتقوية الإرادة صوم رمضان كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم حث الناس على الصوم تطوعا ودعا الشباب إلى الصوم في سبيل التغلب على قوة الطاقة الجنسية، ولأن الإسراف في هذه الوسيلة قد يؤدي إلى نتائج عكسية فإن الرسول صلى الله عليه وسلم منع مواصلة الصوم ونهى عن التبتل ودعا إلى بذل الجهد على قدر الطاقة.

2- المران على التغلب على الغرائز الفطرية في الإنسان وإخضاعها لقيود الدين والعقل والأخلاق والقواعد الصحية التي تكون المصلحة في إشباعها وإعطاء الجسم حقه بالطرق المشروعة وعدم ترك النفس على هواها والله سبحانه وتعالى يقول: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران/134).

ــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] تفسير ابن كثير ج 2 ص 51، الإسراء 57.

[2] رواه البخاري- رياض الصالحين ص 186.

 [3] رواه بخاري ومسلم.

[4] الابراشي التربية الإسلامية ص 230.

[5] رواه الترمذي.

[6] الإحياء ج 3 ص 73.

[7] د. مصطفى فهمي –الحصة النفسية ص 348.

[8] محمد قطب منهج التربية الإسلامية ص 229.

[9] الإحياء ج 3/63.

[10] يراجع كتاب عبد الله علوان: تربية الأولاد في الإسلام ص 73 وما بعدها.

[11] يراجع محمد قطب -منهج التربية الإسلامية ص 236.

[12] ماجد الكيلاني النظرية التربوية الإسلامية ص 51.

[13] ابن كثير ج 1 ص 444.

[14] رواه مسلم.

[15] نقلا عن الأبراشي التربية الإسلامية ص 233.

[16] أحمد أمين كتاب الأخلاق ص 63.

[17] رواه البخاري ومسلم.

[18] متفق عليه رياض الصالحين ص 61.

المصدر: https://uqu.edu.sa/page/ar/98956

 

أنواع أخرى: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك