تعليم التفاهم عند إدغارموران: قراءة في المعرفة السادسة الضرورية لتربية المستقبل

محمّد بالرّاشد

إن الفهم هو في الوقت نفسه وسيلة وغاية التواصل الإنساني. فلا يمكن أن يكون هناك تقدم في مجال العلاقات بين الأفراد والأمم والثقافات دون فهم متبادل. ولفهم الأهمية الحيوية للفهم، يجب إصلاح العقليات، الشيء الذي يستلزم بطريقة متناظرة إصلاح التربية. (إدغار موران)

مقدّمة:

في كتابه الذي حمل عنوان: المعارف السبع الضرورية لتربية المستقبل Les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur، والذي صدر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) بباريس سنة 1999(1) حدّد المفكر الفرنسي الكبير سبع معارف عدّها ضرورية وأساسية لتربية المستقبل وهي على التوالي:

1 أنواع العمى المعرفي: الخطأ والوهم Les cécités de la connaissance: l’erreur et l’illusion / 2 -مبادئ من أجل معرفة ملائمة Les principes d’une connaissance pertinente /3 -تعليم الشرط الإنساني Enseigner la condition humaine / 4 -تعليم الهوية الأرضية Enseigner l’identité terrienne /5 -مواجهة اللايقينيات Affronter les incertitudes / 6 -تعليم التفاهم (الفهم) / 7 -أخلاق الجنس البشري L’éthique du genre humain. لقد عدّ إدغارموران تعليم التفاهم معرفة ضرورية لتربية المستقبل؛ بل هي عنده إحدى الدعائم السبع التي لا بدّ أن ترتكز عليها تربية المستقبل. فتعليم التفاهم بين البشر صار تحدّيا تربويا وذلك بعد أن غدا "اللاتفاهم يفتك بعلاقات الآباء بأبنائهم، وبعلاقات الأزواج بزوجاتهم. إنّه ينتشر في كلّ مكان كسرطان يسري في جسد الحياة اليومية، مخلّفا الوشايات والاعتداءات والتصفيات النفسية (والمتمنيات بموت الغير). فحتى عالم المثقفين -الكُتاب منهم أو الجامعيين، والذي من المفروض أن يكون عالمَاً يحقّق تفاهماً أكثر هو ايضا نجده أكثر فسادا"(2).

لقد نظر إدغارموران إلى التربية على التفاهم كتحدٍّ وكهدف يؤدّي تحقيقه إلى تقليص مساحة اللاّتفاهم، أو هي وسيلة للتغلّب على اللاّتفاهم؛ ولكنّه يقرّ بأنّ المسألة ليست سهلة، بمعنى أنّ " مشكلة الفهم أو التفاهم صارت مشكلة أساسية بالنسبة إلى الإنسان، وعليه يجب أن يكون هذا المفهوم المشكلة ضمن تربية المستقبل وأهدافها"(3). ولكن الأمر لا يخلو في هذه الحالة من تبسيط مخلّ بجوهر المسألة؛ لأنّ " تدريس الرياضيات شيء، والتربية من أجل تدريس فهم الإنسان والتفاهم بين الناس شيء آخر. إنّ الوظيفة الروحية للتربية هي تدريس التفاهم بين الأشخاص، وإن على مستوى العلاقات بين الأقرباء أو على مستوى العلاقات بين الناس والدول"(4).

لقد انطلق إدغار موران في مقاربته لتعليم التفاهم من مفارقة أنْهَتْ حِكْمةً، وانتهى إلى تحديد كوكبية الفهم أو إلى التركيز على البعد "العولمي " للفهم مقدّرا أنّ "العولمة التي تخدم الجنس البشري هي المتعلّقة بعولمة الفهم"(5).

1: عندما تنهي وسائل الاتصال حكمة وتنتج أخرى ويظل الفهم خاصية إنسانية

(أ):المفارقة 

يرى إدغار موران أنّ أرضنا تعيش على مفارقة؛ "فالترابطات تضاعفت والتواصل ازدهر؛ إذ تم اختراق الكوكب بشبكات الفاكس والهواتف النقالة والمحطات الصوتية والانترنيت. صحيح لقد تنامى الوعي بضرورة تضامن الناس بعضهم مع بعض في حياتهم وفي مماتهم. لكن رغم ذلك فقد أصبح اللاّتفاهم عملية سائدة بين الناس، وبالتأكيد، حصل ثمّة تقدم وبأشكال كبيرة ومتنوعة في مجال الفهم؛ ولكن بالموازاة مع ذلك يبدو أنّ اللاّفهم لا زال يعرف تقدّما كبيرا"(6).المفارقة التي يعيشها كوكب الأرض حينئذ هي: بالرغم من تطوّر وسائل الاتصال الحديثة وتنوّعها فإنها لم تمنع اللاتفاهم أو اللافهم من أن يعرف تقدّما كبيرا. فشبكة وسائل الاتصال الحديثة لم تعرف تقدّما في تاريخها مثل ما تعيشه اليوم، وسهلت بذلك التواصل والاتصال بين البشر في أرجاء المعمورة المختلفة مقلّصة من البعدين الزماني والمكاني فأسهمت من خلال ذلك في دعم تضامن البشر بعضهم مع بعض (لا سيما في حالات الكوارث الطبيعية وغيرها). ولكنّها مع ذلك لم تستطع أن تمنع اللاّتفاهم بين الناس؛ بل على العكس من ذلك لازال يعرف تقدّما كبيرا. لقد ألغت هذه المفارقة تلك الحكمة المتوارثة القائلة بأنّه كلّما كنّا قريبين من بعضنا صرنا أكثر تفاهما (القرب هنا بالمعنى الجغرافي).

(ب) الحكمة الضائعة- الحكمة الوافدة:

يرى إدغار موران أنّ "الحكمة التي تقول أنّ "الحكمة التي تقول كلّما كنّا قريبين بعضنا من بعض تفاهمنا بشكل أفضل هي حكمة ليست صحيحة إلا نسبيا. إذ يمكن أن نعارضها بالحكمة التالية: كلّما كنّا قريبين بعضنا من بعض قلّ تفاهمنا؛ لأن التقارب يغذي كل أنواع سوء الفهم وأشكال الغيرة والعدوانية حتى في الأوساط التي يبدو ظاهريا أنها أكثر تطوّرا من الناحية العقلية"(7). فوسائل الاتصال الحديثة أنهت حكمة عندما جعلت التفاهم ليس مشروطا بالقرب، ويمكن أن نجد لوجهة النظر هذه صدى في عائلاتنا؛ حيث كثيرا ما يسود التوتر واللاّتفاهم العلاقات العائلية لا سيما بين الآباء والأبناء، فيلجأ هؤلاء إلى بناء علاقات تفاهم مع أفراد آخرين من خارج العائلة؛ بل من خارج البلاد أصلا، ومن وراء البحار والمحيطات. لقد " عوّضت علاقات الجوار الحضوريةpresentielle التي ميزت المجتمعات القديمة بالتواصل عن بعد communication à distance ; ولذلك حلّت مقولة الشبكة le réseau محلّ المجتمع أو الجماعة المحسوسة la communauté concrète وصار لابدّ أن تكون متصلا branché ومندمجا inséré ومرتبطا connecté (8)، تلك هي الكلمات المفاتيح لعملية التفاهم.

لقد حلّ التفاهم عن بُعد محلّ التفاهم عن قرب، وذلك بفضل تطوّر وسائط الاتصال الحديثة وبذلك غابت حكمة وجاءت محلّها أخرى، ونتيجة لذلك صار لمشكل الفهم عند إدغار موران مزدوجان:

 قطب أصبح كوكبيا، ألا وهو التفاهم بين المتباعدين بحيث تضاعفت اللقاءات والعلاقات بين الأشخاص وبين الثقافات وبين الشعوب المنتمية لثقافات مختلفة.

 قطب فردي ويتعلّق الأمر بالعلاقات بين المقرّبين؛ إذ أصبحت هذه الأخيرة مهدّدة أكثر فأكثر باللاّتفاهم(9).

يتمثل التغيّر الذي عرفته عملية التفاهم في التخلّي عن القرب الجغرافي كمحدّد للتفاهم الإنساني، وذلك بسبب التطوّرات التي عرفتها وسائط الاتصال الحديثة؛ إلا أنّه في مقابل ذلك ظلّ التفاهم محافظا على خاصيته الإنسانية.

(ج): ويظلّ التفاهم خاصية إنسانية:

مما لاشك فيه أنّ لوسائل الاتصال الحديثة المختلفة والمتنوّعة أثراً بارزاً ومهمّاً في تعميق التفاهم بين الناس حتى أنّها أوجدت حكمة ولكنّ إدغارموران يؤكّد أن " لا تقنية من تقنيات التواصل من هاتف ومن إنترنت تحمل في ذاتها خاصية الفهم. فلا يمكن إضفاء الطابع الرقمي على الفهم"(10). ولذلك يظلّ التفاهم خاصية إنسانية بالأساس ولا علاقة لآلات الذكاء الاصطناعي بها.

وكون التفاهم ميزة البشر فهذا يعني انه حصيلة ثقافة، وبالتالي هو نتيجة تربية، أو هو مكوّن من مكوّنات التربية. بعبارة أخرى إنّ "الفهم هو في الوقت نفسه وسيلة وغاية التواصل الإنساني. فلا يمكن أن يكون هناك تقدّم في مجال العلاقات بين الأفراد والأمم والثقافات من دون فهم متبادل، ولفهم الأهمية الحيوية للفهم يجب إصلاح العقليات، الشيء الذي يستلزم بطريقة متناظرة إصلاح التربية"(11).

إنّ انتشار الفهم والتفاهم بين الأفراد والثقافات والأمم...إلخ يقتضي إصلاحا في التربية؛ وذلك حتى تكون هذه الأخيرة سبيلا للتفاهم والتقارب بين الناس لا سبيلا للتفرقة والحروب بين البشر. ولكي تكون هذه التربية هادفة وواعية وناجعة يكون من المفيد أن ترتكز على معنى واضح للفهم، وأن تنطلق من تحديد دقيق لعوائق الفهم، ومن بعدها من الوقوف عند أخلاق الفهم.

2: التربية على التفاهم:

(أ): معنى الفهم:

يرى إدغار موران أنّ الفهم الإنساني يحيل على" معرفة الذات، هكذا فإذا رأيت طفلا يبكي سأفهم ليس اعتمادا على درجة ملوحة دموعه، ولكن اعتماداً على الغوص في أعماقي واستخراج كلّ الشدائد التي عشتها في طفولتي؛ إذ أجعل هذا الطفل متماهيا معي، كما أجعل نفسي متماهية معه. إنّنا لا ندرك غيرنا إدراكا موضوعيا فقط؛ بل إنّنا ندركه كذلك كذات أخرى نتطابق معها أو نجعلها متطابقة معنا. إنّه آخر، وقد أصبح غيرا (إنه أنا مستقلة). ويتضمّن الفهم بالضرورة سيرورة مكوّنة من محاولة معرفة الغير والسعي نحو التطابق معه والقيام بإسقاطات عليه. وبما أنّ الفهم دائما هو مسألة بين ذاتية، فإنّه يقتضي بالضرورة الانفتاح والتعاطف والأريحية"(12).

بلغة مغايرة: التفاهم هو "فسح المجال لعقل الآخر ليمتزج بعقلنا، ومزج عقلنا بعقله، فامتزاج عالم الأنا بعالم الآخر هو الكفيل بتحقيق التفاهم الحقيقي"(13). أي أن التفاهم - الذي يقابله في الإنجليزية لفظان understanding وcomprehension والأول أكثر شيوعا ويضاف إليه عادة لفظ متبادل mutual في التفاهم المتبادل mutual understanding أو لفظ مشترك common في التفاهم المشترك common understanding - يعني "الاستعداد للفهم والقبول دون الرفض المبدئي والاستعداد لتغيير المواقف وليس فقط لتحسينها أو لطلائها"(14)، وهو يتمّ "أولا مع النفس من أجل إنقاذ النفس الصافية أو الخالصة من الأهواء والانفعالات والمصالح الوقتية"(15). ولتحقيق التفاهم وجعل الذات منفتحة على الآخر، وتتفاعل معه فتنأى بنفسها عن الرفض القاطع للآخر والجنوح للانكفاء عن الذات، يكون من المهمّ جدا تحديد العوائق التي كثيرا ما حالت دون تحقيق عملية الفهم والتفاهم.

(ب): عوائق الفهم:

تنقسم عوائق الفهم عند إدغار موران إلى عوائق خارجية وأخرى داخلية. والعوائق الخارجية متعدّدة حتى إنّ "الغير مهدّد دائما من كل حدب وصوب بعدم فهم معنى كلامه وعدم فهم أفكاره وعدم فهم رؤيته للعالم"(16). وهي تشمل:

 الضجيج الذي "يشوش على نقل الخبر، ويؤدّي إلى سوء الفهم والإنصات"(17).

 تعدّد معاني مفهوم ما، " والذي قد نقوله بمعنىً ما، وقد يعطيه الآخر معنى مغايرا. وهكذا فكلمة "الثقافة" هي عبارة حقا عن مفهوم متعدّد المعاني؛ إذ يمكن أن يعني كل ما لا يكون ذا طبيعة فطرية، ويجب تعلّمه واستيعابه. ويمكن أن يعني كل السلوكات والقيم والمعتقدات الخاصة بجماعة إثنية أو بأمة. كما يمكن أن يعني كذلك ما أنتجته الإنسانية من آداب وفن وفلسفة"(18).

 "الجهل بطقوس وعادات غيرنا وخاصة طقوس المجاملة، والتي يمكن أن تقود لا شعوريا إما نحو التهجم على الغير أو نحو تبخيس قيمتنا تجاهه"(19) .

 عدم الفهم اتجاه القيم الإلزامية المتعلقة بثقافة مغايرة، مثلما هو الشأن بالنسبة لاحترام الشيوخ، والتزام الأطفال بالطاعة اللامشروطة، والمعتقد الديني في المجتمعات التقليدية، كما هو الشأن بالنسبة لتقديس الفرد واحترام الحريات في المجتمعات الديمقراطية المعاصرة"(20).

 عدم فهم اتجاه الالتزامات الأخلاقية الخاصة بثقافة ما، مثل لزوم الانتقام في المجتمعات القبلية أو لزوم القانون في المجتمعات المتطوّرة(21).

 استحالة فهم بنية عقلية لبنية مغايرة(22).

أما العوائق الداخلية فيرى إدغار موران أنّها لا تقتصر على اللامبالاة وعدم الاكتراث؛ بل تشمل أيضا نزعة التمركز حول الذاتl’égocentrisme، ونزعة التمركز حول العِرْق، ونزعة التمركز حول المجتمع ethnocentrisme et sociocentrisme. وهو يرى أنّ القاسم الموحّد بين النزعات الثلاث يكمن "في كونها تموقع ذاتها في مركز العالم وتعدّ كل ما هو غريب أو بعيد شيئاً ثانوياً، لا معنى له، أو شيئاً معادياً لها"(23). 

يركز إدغار موران على شرح التمركز حول الذات محاولا إبراز خطورته- ونحن جميعا نعرف ما أدّت إليه نزعة المركز حول الذات من حروب بين الشعوب والدول، وأحيانا كثيرة داخل المجتمع الواحد- فيقول: "تؤدّي نزعة التمركز حول الذات إلى الكذب على الذات، وبالتالي إلى خداعها، وهذا ناجم عن اللجوء إلى التبرير الذاتي، وإلى تزكية الذات والميل نحو جعل الغير مصدر الشرور، سواء أكان هذا الغير عبارة عن غريب أم قريب لنا"(24).

إن العوامل الداخلية العائقة للفهم تتصل برؤية الذات للذات، فتضخيم الذات يجعلها تتعالى على الغير وتهمش الآخر وتقزمه، ولن يتعدى في نظرها كونه مصدر الشر. والأمر لا يخلو من خداع؛ لأنه في حالات عديدة يكون ذلك ناجما عن عدم فهمنا لذواتنا. و"عدم فهم الذات هو مصدر مهم جداً لعدم فهم الغير. فنحن نخفي عن ذواتنا عيوبنا ونقاط ضعفنا، الشيء الذي يجعلنا غير متسامحين مع عيوب ونقاط ضعف الغير"(25). بلغة مغايرة، تضخيم الذات والتمركز حولها ليس دليلا على سوء الآخر وقبحه؛ وإنما هو دليل على عدم فهم الذات. فمن لم يستطع فهم ذاته كيف يستطيع أن يتفهم عيوب غيره وزلاته؟ لقد فتكت نزعة التمركز حول الذات حتى بعالم "المثقفين: الكتاب منهم أو الجامعيين، والذي من المفروض أن يكون عالما يحقّق تفاهما أكثر هو أيضا نجده أكثر فسادا بسبب تضخم الذات، والذي تنامى بسبب حاجة المثقف للتقديس وللمجد"(26).

إن العوائق الداخلية لعدم الفهم مبنية بالأساس على تمثل الذات لنفسها، ومستندة إلى حاجات خاصة قد تكون تلبيتها سببا في إثارة عدم الفهم، وذلك شأن المثقفين بمختلف أصنافهم، والذين أفسدت عالمهم الحاجة إلى التقديس والمجد. لقد صاروا لا يختلفون في شيء عن السياسيين لاسيما في العالم النامي، وبالتالي تبدو الانتقادات التي كثيراً ما يوجهونها لفئة السياسيين في غير محلها؛ بل إن الرأي العام لا يكون على استعداد لتفهمها اعتبارا لصورة الذات التي رسمها المثقفون لأنفسهم. بمعنى أن العائق الداخلي للفهم والنابع من صورة خاطئة للذات كثيرا ما يتحول إلى نقيض ذلك عدم استعداد الغير لفهم المثقفين. ولكن هذا العائق الداخلي المتجسد في التمركز حول الذات لا يقتصر على الأفراد مثلما هو الشأن بالنسبة للمثقفين على النحو الذي أشار إليه إدغار موران؛ وإنّما تجاوز ذلك لما أسماه ب "نزعة التمركز حول العرق ونزعة التمركز حول المجتمع"(27). وفي الحالتين تكون النتيجة أنواع "مختلفة من كره للأجانب، ومن النزعات العنصرية التي يمكن أن تصل إلى حدود نزع صفة الإنسان عن الأجنبي"(28). ولهذا يقدر إدغار موران أن " الصراع الحقيقي ضد النزعات العنصرية من الأفضل أن يتم ضد جذورها المتمركزة حول الذات وحول المجتمع عوض أن يتم ضد أعراضها"(29). بمعنى أن مقاومة كره الأجانب وإتيان أعمال مكروهة ضدهم (تشويه المقابر مثلا، حرق أماكن العبادة، تعنيف بعض المهاجرين، المطالبة بطرد الأجانب...الخ) لا يمكن القضاء عليها أو مقاومتها بإلقاء القبض على مجموعة من الفتيان الذين قاموا بها؛وإنما بالولوج إلى جذور الظاهرة ومقاومتها؛ أي مقاومة البنية الذهنية التي أنتجتها منعا لإعادة إنتاجها ثانية. ولعل هذا يحيلنا إلى ما كان قد عبر عنه عالم التربية جان بياجيهPiaget بسؤاله الذكي والخطير: كيف نربّي على وطنية طاهرة Patriotisme sainخالية من كل ضروب التعصب والتطرف وكره الأجانب؟(30)، وهو ما يعبّر عنه بالبعد العاطفي للتربية على المواطنة dimension affective والذي من أبرز خصائصه الرغبة في العيش الجماعي désir de vivre ensemble، والشعور بالانتماء sentiment d’appartenance (31).

إن نزعة التمركز حول العرق ونزعة التمركز حول المجتمع تهددان العيش المشترك لا في المجتمع الواحد وفي البلد الواحد فحسب؛ وإنما بين شعوب ودول العالم. إنهما تقلصان من مساحة التفاهم بين البشر وذلك على حساب الفهم المتبادل. وهما بذلك يمهدان السبيل لارتكاب الحماقة أي العنف؛ لأن " عدم الفهم يتسبّب في الحماقة بقدر ما تتسبّب الحماقة في عدم الفهم"(32). ومن هنا تتأتى أهمية تعليم التفاهم كسبيل لحل الخلافات بطرق سلمية من ناحية وكسبيل لمقاومة نزعات التعصب وكره الأجانب بدلا من مقاومة أعراضها من ناحية أخرى. التربية على التفاهم وحدها تسمح بالصراع الحقيقي ضد الأفكار الكامنة وراء سلوكات وتصرفات المتعصبين للعرق أو للمجتمع.

ويضاف إلى العوامل الداخلية العائقة للفهم - إلى جانب التمركز حول الذات- عائق آخر هو ما أسماه إدغار موران الفكر الاختزالي l’esprit réducteur الذي يرى موران أنه يؤدي إلى ّنتائج وخيمة في المجال الأخلاقي أكثر من المجال الفيزيائي"(33). فالطابع الاختزالي في نظره "يفضي في نهاية الأمر إلى اختزال شخصية متعددة الأبعاد في بعد واحد، وإذا " كانت هذه الخاصية إيجابية فمعنى ذلك أنّه سيتم تجاهل الخاصيات السلبية لهذه الشخصية، وإذا كانت سلبية فمعنى هذا أنّه سيتمّ تجاهل خصائصها الإيجابية، وفي كلتا الحالتين نحن أمام عدم الفهم"(34).

يؤدي التفكير الاختزالي إلى عدم الفهم، والدليل على ذلك أننا نختزل إنسانا ما في جريمة قام بها، والحال أن الفهم يتطلب منا " ألا نختزل كائنا إنسانيا في جريمة، أو حتى في جرائم عديدة اقترفها، نقول: لا يجب علينا اختزاله في نزعته الإجرامية"(35). ومثلما يقول هيجل: "إن التفكير المجرد لا يرى في المجرم شيئا سوى هذه الصفة المجردة (والتي يتم عزلها عن طبيعته المركبة) واعتمادا على هذه الصفة الأحادية يتم القضاء على ما تبقى من إنسانيته"(36).

يقدم الفكر الاختزالي نظرة محدودة؛ لأنه لا ينظر إلا من زاوية واحدة لا غير، ولذلك فهو يتبنى مواقف مطلقة وحقائق مطلقة. والحال أن الفهم -وعلى النقيض من ذلك تماما- يستدعي تجنب الأحكام المطلقة، ويدعو إلى تبني مبدأ نسبية الحقيقة، وهو ما لا يتم إلا بالنظر من خلال زوايا متعددة. ولكن النظر من زوايا متعددة ليس بالأمر الهين، فهو مسألة قناعة ودربة، وهو بالتالي ثقافة، ومن ثمة لا يمكن أن يكون إلا حصيلة تربية؛ أي التربية على التفاهم. بهذه التربية على التفاهم فقط يمكن النظر من زوايا مختلفة والأخذ بعين الاعتبار مختلف الأبعاد المكونة لشخصية الإنسان أو مختلف الأبعاد المكونة لهوية شعب ما أو مجتمع ما. 

ومهما يكن من أمر فإن "عوائق الفهم متعددة ومتنوعة الأشكال وأكثرها خطورة هي تلك التي تتكون من حلقة: التمركز حول الذات التبرير الذاتي، خداع الذات. إنها عبارة عن بنيات متجذرة بشكل قوي في الفكر الإنساني إلى درجة أنه لا يستطيع التخلص منها؛ ولكن رغم ذلك يجب عليها تجاوزها"(37). ويقر إدغار موران أن هذا التجاوز لا يتم فقط بسبل اقتصادية وقانونية واجتماعية وثقافية؛ بل أيضا بسبل عقلية وأخلاقية. 

ج: السبل العقلية والأخلاقية للفهم:

توجد سبل مختلفة لتجاوز عوائق الفهم المختلفة والمتعددة، ومن بين هذه السبل تلك التي تتصل بما عبر عنه موران بالسبل العقلية والأخلاقية، وهي تشمل لديه:

أولا: أخلاق الفهم l’éthique de la compréhension

وهي " عبارة عن فن العيش الذي يتطلب منا أولاً أن نكون قادرين على الفهم بشكل نزيه، إنها تتطلب مجهودا كبيراً إذ لا يمكننا أن ننتظر من الآخر أن يعاملنا بالمثل، فالشخص المتسامح عندما يكون مهددا بالموت من طرف شخص آخر متعصب، يفهم لماذا يريد المتعصب قتله، مع العلم أن هذا الأخير لن يفهمه أبدا. وأَنْ نَفْهمَ المتعصب الذي هو عاجز عن فهمنا يعني فهم جذور وأشكال التعصب الإنساني، وبالتالي فهم لماذا؟ وكيف نحقد ونحقر؟ إن أخلاق الفهم تتطلب منا أن نفهم عدم الفهم"(38). وحتى نتملك فن العيش هذا الذي هو أخلاق الفهم لابد من:

 التفكير الحسن le bien penser؛أي ذلك التفكير الذي " يسمح لنا بفهم الشروط الموضوعية والذاتية للسلوك الإنساني (خداع الذات وكل ما يستحوذ علينا من إيمان ومن أنواع الهذيانات والهستيريات)"(39).

 الاستبطان l’introspection ويقصد به " الممارسة الذهنية المتجلية في الفحص الذاتي لأن فهم نقاط ضعفنا الخاصة أو نواقصنا هو السبيل نحو فهم نقاط ضعف ونواقص الغير"(40). فنحن مدعوون إلى ممارسة التأمل الذاتي؛ أو التأمل في الذات بحثا عن نواقصنا ومنعا لنزعة التمركز حول الذات التي كثيرا ما كانت سدا منيعا بيننا وبين الآخر. وبهذه الممارسة التأملية فقط " لا ننصب أنفسنا قضاة يحكمون على كل الأشياء"(41).

ثانيا: الوعي بالطابع المركَّب للإنسان la conscience de la complexité humaine 

يمكننا هذا الوعي على وجه الخصوص من تفادي وتجنب الفكر الاختزالي، " ففهم الغير يتطلب منا الوعي بالطابع المركب للإنسان"(42)، وهذا الوعي يتأتى بالرجوع إلى الآداب والسينما. وعبر تلك السبل نكتشف الجوانب المتعددة لشخصية أي شخص كان، تماما مثلما " نكتشف في أعمال شكسبير الجوانب المتعددة لشخصيات الملوك المتسلطين، كما نكتشف الجوانب المتعددة لشخصيات قطاع الطرق الذين يحيون حياة الملوك كما تشخصها الأفلام السوداء"(43). يسمح الوعي بالطابع المركب للإنسان بتجاوز النظر من زاوية واحدة وبتناول مختلف الأبعاد المكونة لشخصية الإنسان. وبهذه الطريقة فقط يتم الفهم؛ أي يتم تجاوز النظرة التي تجعل الإنسان ذا بُعد واحد على حد قول هربرت ماركوز.

ثالثا: الانفتاح الذاتي (التعاطفي) على الغير l’ouverture subjective (sympathique) à autrui

غالبا ما نكون منفتحين على المقربين منا، وفي المقابل غالبا ما نكون منغلقين تجاه الغير(44). ومرة أخرى نحتاج إلى الإفادة مما توفره الآداب والسينما لأنه " بينما نكون في حياتنا اليومية شبه لا مبالين بأنواع البؤس المادي والمعنوي؛ فإننا أثناء قراءة رواية أو مشاهدة فيلم نشعر بالشفقة والعطف"(45). بلغة أخرى يعد الانفتاح على الآخر والتعاطف معه مكونا أساسيا للفهم. ودون هذا الانفتاح يظل عدم الفهم حاجزا قائما بيننا وبين الآخرين.

رابعا استدخال التسامح: l’intériorisation de la tolérance

في تحديده لمعنى التسامح يقول إدغار موران: "لا يعني التسامح الحقيقي نوعا من اللامبالاة تجاه الأفكار أو تجاه النزعات الشكية المعمقة، بقدر ما يعني افتراض وجود قناعة أو إيمان أو اختيار عقلاني لدينا، ولكن يعني كذلك أن نقبل في الوقت نفسه بالتعبير عن أفكار وقناعات واختيارات مناقضة لتلك التي لدينا نحن"(46). ولذلك يرى موران أن التسامح يتطلّب " نوعا من المعاناة في تحمّل التعبير عن أفكار تبدو لنا سيئة، كما يقتضي إرادة في تحمل مسؤولية هذه المعاناة"(47).

إن التسامح وفقا لهذه الرؤية نوع من مجاهدة الذات، مكابدة لمشقة الصبر على الآخر الذي يعبر عن أفكار هي بالنسبة إلينا سيئة، أو هي أفكار مناقضة تماما لأفكارنا وقناعاتنا. ليكون الإنسان متسامحا لا بد أن يحتمل وجهات نظر غيره مهما بدت له غريبة وغير منطقية؛ ولذلك يتطلب التسامح نوعا من المعاناة.

ويحدد إدغار موران أربعة أبعاد للتسامح هي:

 المستوى الأول: "وهو الذي عبر عنه فولتير لما طلب منا أن نحترم الحق في التعبير عن مقصد قد يبدو لنا دنيئا، ليس المقصود هنا احترام ما هو دنيء؛ بل أن نتجنب فرض تصورنا لما هو دنيء كمبرر لمنع حق الغير في الكلام"(48). ففي هذا المستوى يرفض كل مبرر لمنع الآخر من التعبير عن رأيه؛ أي منعه من الكلام.

 المستوى الثاني: "غير مفصول عن التوجه الديمقراطي، فأساس الديمقراطية هو وجود آراء مختلفة ومتناقضة. هكذا فالمبدأ الديمقراطي يلزم كلا منا باحترام التعبير عن أفكار مناقضة لأفكارنا"(49).

التسامح في هذا المستوى تمليه قواعد اللعبة الديمقراطية التي تضمن للجميع المساواة في التعبير عن الرأي بغض النظر عن الاختلاف، ودون ذلك لن تكون هناك ديمقراطية؛ فالتسامح في المستوى الثاني هو مكوّن رئيس للديمقراطية.

 المستوى الثالث يتعلق في نظر إدغار موران بالتصور الذي أعطاه نيلز بوهر للفهم؛ إذ حسب هذا الأخير " نقيض فكرة ما عميقة هو فكرة أخرى عميقة، وبصيغة أخرى: الاعتراف بوجود حقيقة في الفكرة المناقضة لفكرتنا. وهذه الحقيقة هي التي يتعين علينا احترامها"(50). يبدو التسامح في هذا المستوى على صلة بأنه لا توجد حقيقة مطلقة يملكها أي أحد كان، وبالتالي الجميع يملك جزءا من هذه الحقيقة، وفقط عن طريق التفاعل بين وجهات النظر تتعمق الأفكار أكثر وتثرى وتؤلف الحقيقة.

 المستوى الرابع "مصدره" الوعي بخضوع الإنسان للأساطير، للأيديولوجيات، وللأفكار، وللآلهة، وكذا الوعي بالانحرافات التي تحمل الأفراد إلى مدى أبعد وخارج عن ذاك الذي كانوا يودون بلوغه"(51). يبدو تأثير سياقات التفكير ومرجعياته مهما في التعاطي مع أفكار الآخرين. لذلك يكون من الضروري الوعي بخضوع الإنسان للأساطير وغيرها.

إن التسامح مكوّن رئيس للفهم، بمعنى أنه دون التسامح في مستوياته المختلفة لا يمكننا أن نتغلب على عوائق الفهم الداخلية والخارجية، فلا نستطيع بذلك أن نفهم غيرنا ولا هو يستطيع أن يفهمنا، وعندها ستنمو نزعة التمركز حول الذات وكل عوائق الفهم الأخرى.

يؤسس التسامح في مستوياته المختلفة للممارسة الديمقراطية التي تلزم الكل باحترام آراء الكل، وهو من خلال ذلك يقر بنسبية الحقيقة، فلكل فكرة -مهما بدت عميقة- فكرة مناقضة لها، ولا تقلّ عنها عمقا. ولهذا السبب لا يمكن لأي كان أن يمنع غيره من التعبير عن رأيه ولو كان يراه رديئا.

يقتضي التسامح فهم السياقات التي تتنزل ضمنها آراء الأفراد وأفكارهم، وهي تلك الجذور الضاربة في الأساطير وغيرها. لهذا يكون الفهم عملية تتطلب جهدا ومكابدة؛ ولكنه مع ذلك يظل متعلقا "بالأفكار وليس بالشتائم وبالاعتداءات وبالأفعال الإجرامية"(52).

خامسا: كوكبية الفهم والأخلاق والثقافة: compréhension, éthique et culture planétaires

ونحن في عصر العولمة فالأكيد " أن للعولمة دورها في دعم الفهم أو في الحد منه، وحتى تكون العولمة خادمة للجنس البشري لابد أن تكون متعلقة بعولمة الفهم"(53). والثقافات لابد أن تفيد من ذلك؛ أي لابد أن " تتعلم بعضها من بعض"(54). وهذا دليل على أنه لا توجد ثقافة في غنى عن غيرها من الثقافات، والأمر نفسه ينطبق حتى على "الثقافة الغربية المتكبرة التي فرضت نفسها كثقافة معلمة"(55).

وحتى تتواصل الثقافات وحتى تتفادى الصراع والصدام لابد أن تتجاوز العقليات ذات نزعة التمركز حول العِرق أو حول المجتمع من ناحية، ولابد أن تستفيد من وجود " عقليات هجينة باعتبارها ثمرات زواج مختلطة تشكل الجسور الطبيعية الرابطة بين الثقافات"(56). علما بأنه في غالب الأحيان يكون " المنحرفون عبارة عن كُتّاب أو شعراء ينجحون في جعل خطابهم مشعا داخل بلدانهم وداخل العالم الخارجي كذلك"(57).

إن فهم الثقافات بعضهما البعض يجعل من العولمة في خدمة الفهم؛ أي في خدمة التعاون والتفاهم بين الثقافات، فيبعدها عن منطق الصراع ومنطق فرض ثقافة لرؤاها على غيرها من الثقافات. بقي أنه من الضروري التأكيد على ما أكد عليه إدغار موران من أن " الفهم المتبادل بين المجتمعات يفترض مجتمعات ديمقراطية متفتحة، وهذا يعني أن الطريق نحو الفهم المتبادل بين الثقافات والشعوب والأمم يمرّ عبر المجتمعات الديمقراطية المتفتحة"(58). فالفهم والتفاهم بين البشر -أفرادا ومجموعات وثقافات- يقتضي الانفتاح على الغير، وعليه فإن تعليم التفاهم يعني التربية على الانفتاح على الآخر والتفاعل معه، ومن ثمة فالتربية هي أداة الفهم وغايته. بهذا المعنى فقط تصير " المدارس أماكن في المجتمع يلتقي فيها أطفال وشباب من خلفيات مختلفة. ومن ثم فهي أماكن ينبغي أن يتم فيها الاندماج الاجتماعي والمشترك الثقافي وما يتجاوز الفواصل بين الثقافات. فالمدارس أماكن ينبغي أن يتعلم فيها التلاميذ التسامح مع المتنوع والاستفادة منه. وعليهم أن يتعلموا فيها علة وجود الديمقراطية، وكيف تعمل، وكيف ينبغي القبول بها"(59).

ملاحظات ختامية:

- في عصر طغت عليه نزعة التصادم والاتهامات المتبادلة بين البشر -ثقافات وأفراداً- يكون من المهم التركيز عن الفهم / التفاهم.

- الفهم خاصية إنسانية تميز الإنسان عن كائنات الذكاء الاصطناعي التي اكتسحت مختلف جوانب حياة البشر.

- هذه الخاصية تكون ناجعة في حياة الإنسان عندما يتم التغلب على عوائقها الداخلية والخارجية.

- هذه الخاصية الإنسانية التي هي الفهم لابد أن تتم في إطار احترام مبادئ، منها: أخلاق الفهم (التفكير الجيد...)، والوعي بالطابع المركب للظاهرة الإنسانية فضلا عن التسامح والإفادة من الهامش الذي تتيحه العولمة لتطوير التفاهم بين الثقافات.

- نظرا لتعقد ظاهرة الفهم عند الإنسان فإنه من الضروري أن تكون نتيجة تربية.

- التربية على التفاهم هي تربية على التسامح، وعلى نسبية الحقيقة، وعلى الحوار، إنها تجسيد لما عبرت عنه اليونسكو ب"تعلم لتشارك الآخرين".

- إن ما روج له البعض من صدام الحضارات إنما هو نتيجة قصور في فهم الثقافات والحضارات الأخرى. لذلك يكون من الضروري أن تسهم التربية في بناء الثقة بين الثقافات، وهو أمر ليس بالهين. نعم إن الفهم يقتضي المعاناة.

- التربية على الفهم هي تربية على الديمقراطية بما تعنيه هذه الأخيرة من كونها أسلوب حياة، يقوم على حل الخلافات سلميا، ويرتكز على الحوار والاستماع إلى رأي الآخر، فلا يوجد رأي أحمق.

- بالقراءة المعمقة لهذا الفصل من كتاب إدغار موران "المعارف السبع..." نستطيع من ناحية أن نفهم لماذا حمل معجم مصطلحات التربية على المواطنة الديمقراطية الصادر عن مجلس أوروبا سنة 2003 عنوان: "نفهم حتى نتفاهم بشكل أفضل"(60)، ونتبين من ناحية أخرى لماذا تمت صياغة الهدف الرئيس للتربية في النرويج على النحو التالي: "تهدف التربية إلى تنمية استعدادات الفرد للفهم والمشاركة والتجريب والتطابق مع الغير والتميز"(61).

نظل في العالم العربي الإسلامي في حاجة أكيدة وملحة للتربية على التفاهم تنمي لدى ناشئتنا القدرة على التواصل، والانفتاح على الغير، وعلى التسامح، وعلى الثقة في النفس وفي قدرة ثقافتنا على إفادة الغير والإفادة منه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) نشير ومنذ البداية إلى أننا اشتغلنا في قراءتنا هذه لتعليم التفاهم كمعرفة ضرورية للمستقبل على النسختين الأصلية باللغة الفرنسية:

MORIN (E), Les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, Paris, Unesco,1999. 

والنسخة العربية: إدغار موران، تربية المستقبل: المعارف السبع الضرورية لتربية المستقبل، ترجمة: عزيز لزرق ومنير الحجوجي، منشورات اليونسكو باريس- دار توبقال، الدار البيضاء، ط1، 2002.

2) إدغار موران، تربية المستقبل، المرجع السابق، ص90-91.

3) العربي اسليماني، التواصل التربوي، مدخل لجودة التربية والتعليم، الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 2005، ص20.

4) المرجع نفسه، ص20.

5) إدغار موران، المرجع السابق، ص96.

6) المرجع نفسه، ص87.

7) المرجع نفسه، ص88.

8) GALICHET (F), Combattre l’analphabétisme, in Galichet (F) direct, Citoyenneté: Une nouvelle alphabétisation, Strasbourg ;CRDP d’Alsace2003,p17.

9) إدغار موران، المرجع نفسه، ص87.

10) إدغار موران، المرجع نفسه، ص.87

11) إدغار موران، المرجع السابق، ص97.

12) المرجع نفسه، ص88.

13) العربي اسليماني، التواصل التربوي، مرجع سابق، ص20 نقلا عن:

LABOT (M), Dynamique des groupes non directifs, Paris,PUF,1974

14) حسن حنفي، من التسامح إلى التفاهم، تحليل فينومينولوجي، التفاهم، عدد: 31، السنة التاسعة، شتاء 2011-1432هـ، ص29.

15) المرجع والصفحة أنفسها.

16) إدغار موران، المرجع السابق، ص89.

17) المرجع والصفحة أنفسها.

18) المرجع والصفحة أنفسها.

19) المرجع والصفحة أنفسها.

20) المرجع والصفحة أنفسها.

21) المرجع والصفحة أنفسهما.

22) المرجع والصفحة أنفسهما.

23) المرجع نفسه، ص89-90.

24) المرجع نفسه، ص90.

25) المرجع والصفحة أنفسهما.

26) المرجع والصفحة أنفسهما.

27) المرجع نفسه، ص91.

28) المرجع والصفحة أنفسهما.

29) المرجع والصفحة أنفسهما.

30) ورد عند:

XYPAS (c) direct; Les Citoyennetés scolaires, Paris, puf,2003,p290

31) للمزيد يرجى الرجوع إلى المرجع السابق، ص279- ص325.

32) إدغار موران، المرجع السابق، ص91.

33) المرجع والصفحة أنفسهما.

34) المرجع نفسه، ص92.

35) المرجع والصفحة أنفسهما.

36) ورد عند إدغار موران، المرجع والصفة أنفسهما.

37) المرجع والصفحة أنفسهما.

38) المرجع نفسه، ص93.

39) المرجع والصفحة أنفسهما.

40) المرجع والصفحة أنفسهما.

41) المرجع نفسه، ص94.

42) المرجع والصفحة أنفسهما.

43) المرجع والصفحة أنفسهما.

44) المرجع والصفحة أنفسهما.

45) المرجع نفسه، ص95

46) المرجع والصفحة أنفسهما.

47) المرجع والصفحة أنفسهما.

48) المرجع والصفحة أنفسهما.

49) المرجع والصفحة أنفسهما.

50) المرجع والصفحة أنفسهما.

51) المرجع والصفحة أنفسهما.

52) المرجع والصفحة أنفسهما.

53) المرجع نفسه، ص96

54) المرجع والصفحة أنفسهما.

55) المرجع والصفحة أنفسهما.

56) المرجع والصفحة أنفسهما.

57) المرجع والصفحة أنفسهما.

58) المرجع والصفحة أنفسهما.

59) إكرت ليباو، التربية الديمقراطية: آفاق بيداغوجيا المشاركة، ترجمة: أبي يعرب المرزوقي، ضمن فتحي التريكي وآخرين، التربية والديمقراطية؛ أقطار عربية ومسلمة وأوروبية تتحاور، بيروت- تونس 1431 هـ / 2010 م، ص438.

60) O’SHEA (K), Comprendre pour mieux se comprendre, Glossaire des termes de l’Education à la Citoyenneté Démocratique, Conseil de l’Europe2003 ;DGIV/EDU/CIT/2003,29.

61) MIKKELSEN (R), Education à la Citoyenneté Démocratique2001-2004, Etude paneuropéenne des politiques d’Education à la citoyenneté Démocratique (ECD), Etude régionale, Région d’Europe du Nord. Conseil de l4Europe, Strasbourg2004,p20.

المصدر: http://tafahom.om/index.php/nums/view/12/253

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك