دبلوماسية من نوع آخر في التواصل بين الشعوب

ANTOINE NASRI MESSARRA
Professeur
56 rue Abd el-Wahab el-Inglizi-Sodeco
Rés. Messarra
B.P. 16-5738
Achrafieh
BEYROUTH – LIBAN 1100 - 2070
Tel & Fax: (..961-1) 325 450
(..961-1) 219 613/4
E-mail : antoine@messarra.com
http : //antoine.messarra.com
http : //www.lfpcp.org
http : //monitoringdemocracy.com
M124/05c
جولة "الفريق العربي للحوار الاسلامي -المسيحي" في خمس مدن اميركية
دبلوماسية من نوع آخر في التواصل بين الشعوب*
الدفاع عن القدس، حماية النسيج العربي في العيش معًا
وخريطة حوار لشراكة بناءة
انطوان مسرّه
ان التواصل بين الشعوب بخاصة من خلال الجمعيات الاهلية هو عمل دبلوماسي
من نوع آخر لم تهتم به الانظمة العربية، بل على العكس حذرت منه او حصرته في
مجالات ضيقة. الاستثناء الوحيد ربما هو معهد العالم العربي في باريس في سبيل
التعريف بالحضارة العربية. والشكوى المتكررة العربية من "الانحياز الاميركي" لاسرائيل
ومن "التدخل الاميركي" في شأن لبناني "وتصدير الديمقراطية"، او الشكوى من صورة
نمطية للاسلام وللعرب عامة في العقل الاميركي فلا يقابلها لدى انظمة عربية سعي جدي
لتصحيح منابع الشكوى من خلال تفعيل التواصل بين المؤسسات الاهلية العربية
والاميركية. وضع الاتحاد الاوروبي برامج تحت شعار "اوروبا الشعوب". على العكس
تلاحق انظمة عربية - باستثناء لبنان الذي افلت لغاية اليوم وبعد سنوات من عدوى
عروبة السجون – جمعيات اهلية بحجة "تمويل خارجي" مصدره مجتمع مدني عالمي
يخترق اساسًا السلطات ويتفاعل مع بعضه خارج الحدود.
* النص هو خلاصة تحليلية لا تعبّر بالضرورة عن توجهات آامل اعضاء الفريق الذين، آما هو مذآور في النص، توزعوا الى
مجموعتين ثم انضمت المجموعتان في آخر الجولة في واشنطن.
.(2005/4/30- يشتمل النص على الجولة في شارلوت – آارولينا الشمالية ونيويورك وواشنطن ( 18
اعضاء الفريق في زيارة شارلوت ونيويورك هم: سمير مرقس وناديا محمود مصطفى (مصر)، وانطوان مسرّه.
اعضاء الفريق في زيارة لوس انجلوس وشيكاغو: محمد السماك وعباس الحلبي ورياض جرجور. وانضم الى المجموعتين في
واشنطن آميل منسى.
2
تعبّر سياسات عربية ضيقة الافق، ثقافيًا ودبلوماسيًا وعولمة، عن مزج غير
واقعي وعديم الفعالية بين الادارة الاميركية وشعوب الدول التي يمكن ان تضغط على
اداراتها وتصحح المسار وتتفاعل مع قضايا كبرى مشتركة.
30 نيسان - تندرج جولة "الفريق العربي للحوار الاسلامي – المسيحي" في 15
2005 الى خمس مقاطعات في الولايات المتحدة الاميركية (لوس انجلس، كارولينا
الشمالية، نيويورك، شيكاغو، واشنطن)، بدعوة من الخدمة العالمية للكنيسة – منتدى
في اطار التواصل ،Church World Service-Middle East Forum الشرق الاوسط
بين الشعوب. تأتي هذه الزيارات على اثر اللقاء العالمي الذي عقده الفريق العربي في
لندن نهاية 2003 حول العلاقات الاسلامية المسيحية بين الشرق والغرب بعد احداث 11
ايلول 2001 والحرب على العراق.
تهدف زيارة الوفد العربي الى تعريف الطوائف والكنائس وعدد من الجامعات في
الولايات المتحدة وبشكل خاص اليمين الا نجيلي في كاليفورنيا. بمسيحيين ومسلمين من
الشرق الاوسط وتقديم نماذج ايجابية للتعاون بين المسيحيين والمسلمين ومواجهة
انطباعات سلبية وصور نمطية ورفع التوعية بين المسيحيين في الولايات المتحدة. انقسم
الفريق الى مجموعتين زارت الاولى لوس انجلس وشيكاغو والثانية كارولينا الشمالية
ونيويورك ثم التقى الجميع في واشنطن لمدة ثلاثة ايام. تساهم هذه اللقاءات في تثقيف
متبادل حول حقائق ووقائع بديلة من تلك المنقولة في وسائل اعلام وتنشيط الفاعلين في
مناصرة القضايا العربية العادلة والمحقة.
سبق ان ادركت شخصيًا فاعلية التواصل بين الشعوب كعمل دبلوماسي من نوع
آخر، وربما اكثر عمًقا واصالة، عندما كنت طالبًا في السنة الثالثة اتابع دراستي الجامعية
في اختصاصي الحقوق وعلم الاجتماع في كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف والمعهد
العالي للاداب في بيروت التابع لجامعة ليون (فرنسا). اخترت بين عشرين طالبًا عربيًا
سنة 1962 لزيارة اربع مقاطعات في الولايات المتحدة الاميركية (نيويورك، كارولينا
" الشمالية، شيكاغو، واشنطن) في اطار برنامج "التعرف الى الولايات المتحدة الاميركية 1
.American Friends of the Middle East اطلقه الرئيس جون كنيدي وتتولى ادارته
لمست حيئنذ القيم التأسيسية في تراث الشعب الاميركي ومجالات تفعيل التواصل خارج
الاطر الدبلوماسية العليا، بخاصة ان حجم الولايات المتحدة الاميركية يحصر غالبًا اهتمام
الاميركيين في شؤون داخلية حصرية دون انفتاح كاف على شؤون العالم وتاريخ الشعوب
1. Antoine Messarra, Témoignage d’Amérique, Action Proche-Orient, Beyrouth, janv. – mai 1962 ;
L’Universitaire, janv. 1962 ; et Trirème, janv. 1963.
3
وثقافاتها في حين ان الادارة الاميركية تمارس دور قوة عظمى عالميًا، وربما احادية، بعد
انهيار منظومة القطبين.
1
شارلوت: ورقة الاقليات نزاعية وغير ناجعة
Providence Baptist 1. خلال غداء في قاعة الكنيسة الانجيلية للعناية
في شارلوت (كارولينا الشمالية) تركز العرض على المختبر اللبناني الذي هو Church
في صلب ثلاث قضايا جوهرية اليوم: فعالية الانظمة السياسية القائمة على المشاركة في
الحكم، ومجالات الحوار بين الاديان، وموقع الدول الصغرى في النظام العالمي. هذا ما
حمل البابا يوحنا بولس الثاني على تخصيص سينودس للبنان سنة 1995 والقول: "لبنان
1990 فقسم - هو اكثر من بلد، انه رسالة". اما الحروب على "الساحة" اللبنانية في 1975
منها هو اهلي والباقي متعدد الجنسيات "ولاجل الاخرين"، حسب كتاب غسان تويني والذي
غالبًا اسيء فهمه. وعرضت امثلة حية في التواصل وفشل اصطناع انقسام طائفي في
لبنان. وتنشر قنوات فضائية صور الآف من اللبنانيين من كل المشارب والاعمار وجنبًا
الى جنب في ساحة الحرية وعلى ضريح الرئيس رفيق الحريري وهم يصلون الفاتحة
بعفوية ويرسمون اشارة الصليب. وتم التركيز على استغلال الدين في التنافس السياسي
وعلى التحول في مسار السياسات الدولية بعد 11 ايلول 2001 حيث انتشرت قناعة
راسخة ان الديمقراطية هي الركيزة الاولى في السلام العالمي في زمن يسهل فيه نسبيًا
امتلاك السلاح النووي وحيث تجري حروب تديرها مجموعات تتخطى حدود الدول وهي
غير خاضعة لشرعية تحاسبها او تحد من هيمنتها.
جاء في المداخلات ان ورقة الاقليات غير ناجعة لاسباب عديدة ابرزها الثلاثة
التالية:
- لا ترادف دين-مساحة: ليس في التراث العربي الدستوري في ادارة التنوع
المذهبي طيلة قرون ترادف بين هوية دينية ومساحة جغرافية محددة، اي على عكس
النموذج الصهيوني الذي اقتطع مساحة جغرافية لهوية دينية. تعاني المنطقة العربية
واسرائيل ذاتها من تداعيات هذا التحول المناقض لتراث تاريخي لا يزال مؤثرًا على
العلاقات بين الشعوب العربية.
1990- - اللبننة ايجابيًا: طالت المعاناة اكثر من 15 سنة في لبنان في 1975
في نشر المعابر والمتاريس في سبيل فرز مصطنع ومستحيل في مناطق – طوائف وعاد
لبنان الى "لبننة" بالمعنى الايجابي اي الوحدة في التنوع.
4
- اقليات واكثريات مظلومة: يظهر بوضوح وفي كل الحالات انه حيث تكون
اقلية دينية منتهكة حقوقها فالاكثرية في النظام السياسي ذاته هي ايضًا منتهكة الحقوق في
حرياتها وحقها في التعبير والمشاركة السياسية. جاء بوضوح خلال اللقاء ان المجتمع
الذي لديه مشكلة مع اقليته له مشاكل عديدة مع اكثريته.
من ابرز ثمرات اللقاء تحسيس المشاركين بالمسؤولية المشتركة في بالدفاع عن
القدس كرمز التقاء روحي جامع للاديان الثلاثة الابراهيمية المنبع وليس كمساحة
استقطاب وعنف واستملاك وهيمنة باسم الله الذي تحول في ايديولوجية صهيونية الى
مستثمر اراضي.
جرى تركيز على ضرورة مساهمة الاديان في بناء السلام العالمي من خلال
الدفاع عن المظلومين، بخاصة من خلال اتخاذ الهيئات الدينية مواقف واضحة وصريحة
ومعلنة بشأن حقوق الانسان والاقرار بأن مبادئ حقوق الانسان عالمية لاسباب ثلاثة على
الاقل: وحدة الطبيعة البشرية، وحدة القيم الانسانية الاساسية، ومشاركة البشر في العيش
معًا على كوكب واحد. اما التربية على حقوق الانسان او ثقافة حقوق الانسان فهي غارقة
في الخصوصيات. يقتضي تاليًا العمل على تأصيل المبادئ وحسن نقلها، مع الاخذ
بالاعتبار التقاليد والذهنيات والخبرات والحاجات والاولويات. لكنه يقتضي تجنب المبالغة
في التعميم حول العنف الديني او باسم الدين لان التيارات الالحادية في العالم كالفاشية
والنازية والشيوعية السوفياتية كانت مصدر قتل للانسان بعدما انتزع منه اي بعد يتخطاه.
الهيئات الدينية في الولايات المتحدة الاميركية لها دور في المطالبة بإرساء العدالة
في العلاقات الدولية ومقاومة التفاوت المتفاقم بين الشمال والجنوب وفي تطبيق القرارات
الدولية بشأن الصراع العربي الاسرائيلي والقضية الفلسطينية والحفاظ على الطابع
الرمزي الجامع للقدس كمنبع روحي لثلاثة اديان 2. وورد في النقاش تشديد على ضرورة
اتخاذ الهيئات الدينية الاسلامية والمسيحية في المنطقة العربية مواقف واضحة ومعلنة
وصريحة، وجريئة احياًنا، حول مظالم تعيشها شعوب المنطقة وانتهاكات فاضحة للحريات
الدينية ولحقوق الانسان عامة، لان كل انسان مسؤول ايضًا عن صورته. وفي حال
تقاعست الهيئات العربية عن اتخاذ مواقف تتميز بالصراحة والجرأة وانسجامًا مع حقيقة
الاسلام تنتشر صور نمطية لاسلام سياسي على طريقة بن لادن وامثاله.
***
2. ما هي الاسئلة التي يمكن ان يطرحها اربعون من الطلاب في العلاقات الدولية
وفي علوم الاديان وفي علم السياسة اجتمعوا مع اعضاء الفريق العربي في جامعة كوينز
2. حول الدين والسياسة في الولايات المتحدة الاميرآية: طارق متري، مدينة على جبل؟ عن الدين والسياسة في اميرآا، مقدمة
. غسان تويني، بيروت، دار النهار، 2005
5
بدعوة من استاذة علوم الاديان ديان ،Queens University of Charlotte في شارلوت
قال احد اعضاء الفريق للطلاب: مطلوب منكم ان تكونوا ؟J. Diane Mowrey موري
اكثر فأكثر اطلاعًا على قضايا العالم الكبرى لانكم مواطنون اميركيون تمارسون دورًا
عالميًا وعليكم تاليًا واجبات في نشر العدالة والسلام ودعم حكوماتكم في هذا المسار او
مواكبتها واحياًنا تصحيح انحرافات هي غالبًا من طبيعة السياسة اذا افتقرت الى التواصل
مع المجتمع.
تم التركيز على ان موضوع الاقليات في الشرق الاوسط هو بذاته متفرع من
اشكالية المواطنة، التي اسماها احد المشاركين الطريق الثالث. الحاجة تاليًا الى مقاربة
شمولية للديمقراطية في مضامينها المتعلقة بالمساواة والمشاركة السياسية والاعتراف
بالحقوق المدنية والسياسية والثقافية.
***
3. تشاهد وتعيش في الولايات المتحدة الاميركية كنائس ومؤسسات دينية حية
ليست ابنية مهجورة ومجرد اماكن تدين بل مراكز التقاء وتشاور وخدمة، على عكس
بعض المدن في كندا وسويسرا... وعلى عكس صورة نمطية عن ولايات متحدة غارقة
في مادية استهلاكية.
اكثر من Providence Baptist Church اجتمع في الكنيسة الانجيلية للعناية
ثلاثمائة من الاعضاء في عشاء مشترك تبعه طاولة مستديرة ادارها القس دافيد جوردان
مع ثلاثة من اعضاء الفريق. بد ً لا من اعتماد منهجية المحاضرات طرح David Jordan
المشاركون ما ينتابهم من تساؤلات واستفسارات وتصورات وهواجس حول المنطقة
العربية. من الاسئلة التي طرحها المشاركون: ماذا تفعلون معًا مسيحيين ومسلمين
وكمواطنين في مصر؟، ما هي سلطة رجال الدين المسلمين؟ هل يغذي مفهوم الجهاد
العنف في الاسلام؟ هل تعتبرون ان لبنان ينتهج حاليًا طريق السلام الفعلي؟
لم تكن الاجوبة تجريدية، بل مدعومة بأمثلة عملية حية حول التراث العثماني
والاسلامي عامة طيلة اكثر من اربعة قرون في ادارة التنوع الديني والمذهبي والثقافي
وصدرت فيه كتابات عديدة وبعضها باللغة الانكليزية يقتضي الرجوع اليها 3. يوفر هذا
التراث الدستوري نماذج معيارية وقابلة للتطبيق للكثير من المجتمعات اليوم شرط العمل
على تطويرها وعصرنتها. ووضع بعض اعضاء الفريق مفهومي الجهاد وسلطة رجال
الدين في اطار اشمل وهو استغلال الدين في التنافس السياسي والذي هو مصدر نزاعات
مولدة للعنف.
3 . Benjamin Braud and Bernard Lewis (eds.), Christians and Jews in the Ottoman Empire. The
Functioning of a Plural Society, Holmes and Meier Publishers, New York – London, 2 vol., 1982.
6
***
4. في مقابلة مع شبكة اذاعات في كارولينا الشمالية تركز الحوار حول الاعلام
الاميركي حيث يلاحظ تحولات ايجابية منذ سنوات في تغطية الجانب الانساني في
نزاعات الشرق الاوسط الممتدة. يساهم هذا الجانب في انسنة الدبلوماسية والسياسة عامة
في المنطقة العربية التي هي الاكثر ضحية للظلم في العلاقات الدولية منذ نشوء اسرائيل
سنة 1948 . في مجال الامثلة الحية ذكرت التعبيرات الشعبية العارمة في لبنان لاكثر من
مليون شخص من كل الاتجاهات والاعمار في سبيل الوحدة والحرية والاستقلال وحرصًا
على دور لبنان العربي الرائد في المنطقة في الديمقراطية والعيش معًا والتفاعل
الحضاري. وذكرت الصلوات المشتركة على ضريح الشهيد رفيق الحريري ورفاقه بعد
العملية الحربية الارهابية في 14 شباط 2005 والدعاء المشترك لممثلي الطوائفي 13
. نيسان 2005 في ساحة المتحف بمناسبة الذكرى الثلاثين لحروب 13 نيسان 1975
2
نيويورك
العدو الجديد: اسلام سياسي او انظمة الاستبداد؟
5. في لقاء في جامع متواضع جامع الاخوة الاسلامي في نيويورك
بإدارة الامام طالب تصلي مع حوالي Mosque of the Islamic Brotherhood
خمسين من المؤمنين بخشوع يبعدك عن صخب نيويورك. وتشاهد مسلمين افارقة ولدوا
في الولايات المتحدة ويقراؤن القرآن بلهجة انكليزية وتسمع موعظة روحية على عكس
بعض المواعظ في المنطقة العربية. وعندما تتحدث معهم تجدهم اميركيين اصليين
.melting pot ومتميزين في آن. وربما تعتبر انهم لم "يندمجوا" في البوتقة الاميركية
***
بمشاركة Metro Baptist Church 6. ونظم لقاء بدعوة من الكنيسة المعمدانية
Lucinda ولوسيندا موشر من مركز التفاهم بين الاديان David Waugh دافيد ووغ
والقس شانتا بريماوردانا Mosher, Enabling inter-religious understanding
امين عام مشارك في العلاقات بين الاديان ومن الناشطين Shanta Premawardhana
في قضايا رعائية وانسانية. تم التركيز على خطورة اختزال العنف بعلاقات بين اديان،
لان المشكلة غالبًا سياسية وليست دينية. تركز مقاربة اكاديمية وعقلانية في شؤون العنف
على الجوانب الثقافية والاجتماعية عامة، في حين ان العنف ينبع غالبًا من سياسيين
7
يمارسون التعبئة السياسية باسم الدين لاضفاء شرعية مقدسة غير قابلة للتفاوض على
العمل السياسي.
من خلال اي سياق يصبح النزاع نزاعيًا؟ قد توجد بشكل مسالم مواد مشتعلة في
زاوية... وكبريت في مكان آخر دون حصول احتكاك. من يشعل الفتيل ويحدث
الاحتكاك؟ ان البحث العملاني في تقنيات اشعال النزاعات من قبل خبراء وتجار نزاعات
هو الذي يساعد على اكتساب المناعة الثقافية والقدرة على المقاومة المدنية للعنف الذي
يلبس ثيابًا دينية لتبرير ذاته.
من هو اليوم العدو بعد انتفاء العداء للشيوعية العالمية؟ العدو اثنان: او ً لا التوترات
في العالم وبخاصة في الشرق الاوسط وانتفاء العدالة في تطبيق القرارات الدولية في
سبيل سلام شامل وعادل، وثانيًا انظمة الاستبداد التي هي مصدر فقر وكبت وارهاب
مباشر او بالوكالة او على ساحات الغير.
يطرح عليك اميركيون اسئلة حول الديمقراطية في المنطقة العربية والسبيل
للدمقرطة. هذه هي القضية الاساس. العنف منبعه انظمة استبداد وسجون تهدد شعوبها
وهي طيعّة لاملاءات خارجية لكنها تنشر الكبت والعنف بالوكالة وتقايض في قضايا الامن
وتمارس الارهاب وقد تهدد العالم بإبادة نازية نووية في حال اختلال ميزان القوى الدولي
لصالحها. يكمن التغيير الجوهري في السياسة العالمية بعد 11 ايلول 2001 في اعتبار
الدمقراطية الركيزة الاولى للسلام العالمي حيث انتفت الحروب بين الدول لصالح حروب
غير متكافئة وداخلية وبالوكالة.
اخطر المنمطات برمجة ذهنية اسلامية – مسيحية لمعالجة شؤون ليست اساسًا
دينية، بل هي مرتبطة بالتسلط السياسي والارهاب المعنوي والمادي وافتعال انقسامات
وتطييفها (من طائفة) في سبيل استمرارية طبقة سياسية. ربما اكتشف اللبنانيون منذ 14
شباط 2005 تقنيات تطييف قضاياهم لاستمرارية هيمنة عليهم واستفاقوا في مقاومة مدنية
وميثاقية جامعة بعد 14 شباط 2005 . من التقنيات التي كانت تمارس استمرارية قيادات
سياسية مسيحية في المطالبة بالسيادة والاستقلال ولكن اذا ارتفع صوت زعيم سياسي
مسلم في طرح ذات المطلب فتمارس عليه الضغوط للصمت وذلك لافتعال انقسام داخلي
واضاعة وقت الحكام والمجتمع في البحث عن وفاق هو اساسًا متوفر لو توقفت الضغوط
التي تصل الى درجة التهديد بالقتل والاغتيالات.
***
7. بعد زيارة مؤثرة لموقع العملية الارهابية في نيويورك في 11 ايلول 2001
بمشاركة NYDIS-New York Interfaith Services وفي لقاء في مركز نيديس
مدير David Weaver وديفيد ويفر Peter Gudaitis مديره التنفيذي بيتر غوداتيس
8
في الخدمة العالمية للكنيسة Mission Relationships and Witness Program
ودافيد ويلدمن المدير التنفيذي لمنظمة حقوق الانسان Church World Service
وعلي David Wildman, Human Rights and Racial Justice والعدالة العرقية
Ali M. Gheith, Population Based Resilience, Office of Mental غيث
جرى بحث في جانبين من اشكاليات العلاقات بين الاديان: الجانب Health Disaster
الثقافي – الايماني وما يحمله من تباينات ومجالات مشتركة وصور ذهنية وتقاليد،
والجانب السياسي الاكبر حيث تكمن التعبئة السياسية للتباينات الدينية واستغلالها وتسييسها
في التنافس السياسي. يتطلب هذا الجانب الثاني مقاربة اكثر عملانية لانه يتضمن تلاعبًا
بالمشاعر والمعتقدات من قبل محترفين سياسيين ومفتعلي نزاعات. تصبح النزاعات
نزاعية من خلال ادخال عنصر استغلال وتسييس. تظهر الخبرة اللبنانية وفي يوغوسلافيا
السابقة اشكال تطييف التباينات، اي اعطائها طابعًا طائفيًا وتصويرها كذلك وافتعال
انقسامات طائفية. يقتضي تاليًا تجنب اختزال العلاقات بين الاديان في حوار ديني او ثقافي
عام، بل العمل على بناء المناعة والمقاومة المدنية لهذا النوع من الممارسات في الحياة
العامة.
عندما طرحت احدى المشاركات قضية اصدار مؤسسات رسمية اميركية وثائق
ادانة حول الحريات الدينية في المنطقة العربية وما تثيره هذه الوثائق من ردات فعل كان
الجواب ان الادارة الاميركية تتعرض لضغوط من قبل جماعات في اميركا تطالب بحقوق
في réciprocité دينية متمايزة. وكذلك الامر في بلدان اوروبية. ان مبدأ المعاملة بالمثل
الشؤون الدينية في الولايات المتحدة الاميركية واوروبا والدول العربية يحقق التوازن
والانسجام مع الشرعات الدولية لحقوق الانسان. ركز احد المشاركين الذي يدير مؤسسة
حيث جميع الاطفال common interest هندية اسلامية على المجال العام المشترك
يذهبون معًا الى المدرسة ويصعدون في وسيلة نقل واحدة ويتفاعلون في نوعية حياة
عامة. وعرض خلال اللقاء فيلم وثائقي لم يعمم بعد يظهر حالة عائلة من المهاجرين
تعرضّ الوالد فيها لملاحقات وسجن وبعدئذ تم ترحيل العائلة عن الولايات المتحدة على
اثر الكارثة الارهابية في 11 ايلول 2001 . بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي
اصبح الآخر، من دين ومنطقة جغرافية، هو "العدو" الاكبر الذي يقتضي ملاحقته تلبية
للحاجة في جوهر السياسة الى عدو.
طرح السؤال: من يشكل اليوم العدو الفعلي للولايات المتحدة؟ الدبلوماسية
الاميركية والاوروبية، التي دعمت في الماضي انظمة استبداد طيعّة لمصالحها، تشاركان
بعد 11 ايلول 2001 الاعتبار ان انظمة الطغيان هي العدو الاكبر للسلام العالمي، لانها
او من fragile state مولدة محتملة للارهاب من خلال دول اخرى مستضعفة ومستتبعة
9
خلال اعتمادها وسائل غير تقليدية في العلاقات الدولية من حجز رهائن الى تخزين تسلح
نووي وبيولوجي وتمويل منظمات ارهابية وتسليحها.
الخلاصة الاهم من اللقاء انه يقتضي رصد ممارسات نموذجية وعملية في
empowerment العلاقات بين الاديان تثير التماثل والاقتداء وتساهم في تمكين الناس
على الفعل والمناعة والمقاومة. يوفر تجول في ساحة الحرية في بيروت بعد 14 شباط
2005 وفي قرى وبلدات لبنانية امثلة حية ومعيوشة في التواصل اكثر من تحليلات مقولة
صراع الحضارات، وهي توفر على الاقل مجا ً لا لدراسات مقارنة عملانية مفيدة على
المستوى المقارن.
توفر الحالة اللبنانية، خلال سنوات الحروب منذ 1975 وبعدها، انما ً طا ايجابية في
بناء علاقات تضامن وصمود وتواصل تجاه افتعال تباينات طائفية وتغذيتها. ذكرت مرارًا
تجربة المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم "ومرصد السلم الاهلي والذاكرة" في المؤسسة
الذي يرتكز منهجيًا على اكثر من مئة مؤشر لدراسة تطور او تراجع او جمود حالة السلم
الاهلي الثابت. يصدر المرصد تقريرًا سنويًا هو نوع من الانذار المبكر لاستدراك تفاقم
لحوار components التباينات المسيسة دينيًا ونزاعيًا 4. تبين هذه المؤشرات مكونات
وبرامج ميدانية فاعلة بين الاديان والمذاهب.
***
Salam Arabic 8. جمع لقاء في كنيسة السلام العربية في بروكلين
خمسون من Khader N. el-Yateem بإدارة القس خضر اليتيم Lutherian Church
اعضاء الكنيسة والجالية العربية في بروكلين. ما يستوقفك هو ان بعض المهاجرين العرب
الى الولايات المتحدة الاميركية، ومنذ اكثر من جيل، نقلوا معهم خطابًا وايديولوجيا
وانماط ذهنية كانت سائدة وما تزال في الدول العربية وتجمدت ذاكرتهم في لحظة
مغادرتهم الوطن الام. تسعى ان تحدثهم بخطاب مستجد ونابع من التغيرات فتواجه
بتصنيفات وانتقادات ورفض. وتتساءل: ما هو دور الجاليات العربية خارج الوطن الام؟
هل هو اعادة انتاج ما هو سائد عربيًا، ام ممارسة وساطة فاعلة بين بلدان الاغتراب
والوطن الام ولصالح الاثنين معًا في تواصل حقيقي بين الشعوب؟ يتطلب هذا المنحى
توليًفا ذهنيًا خلاًقا بين الهوية الاصل والهوية المكتسبة مما يسمح بممارسة مواطنية مركبة
ليس المطلوب من المغتربين العرب بالضرورة النقد .multicultural citizenship
المطلق للادارة الاميركية وتكرار شعارات في "عدم التدخل الاجنبي" و"الديمقراطية التي
لا تصّدر"...، بل بالاحرى مساهمة خلاقة في تصويب مسار مشترك هم في وضع مثالي
4. انطوان مسرّه (اشراف)، مرصد السلم الاهلي والذاآرة في لبنان، بيروت، المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم، بالتعاون مع
656 ص. ، مرآز المؤتمرات في ايانابا (قبرص) ومؤسسة آونراد اديناور، المكتبة الشرقية، 2004
10
لممارسته. يعاني القس خضر اليتيم من هذه الظاهرة ويحدثك عن جهوده لبناء علاقة
اغترابية فاعلة.
قد تصاب في الشأن اللبناني بالاحباط عندما يحدثك البعض بعبارات اطلاقية
فتضطر الى توضيح المفاهيم والتمييز بين الخارجي النابع من دولة، والدولي النابع من
منظمة دولية حيث لبنان والدول العربية الاخرى اعضاء فيها. وتضطر الى التمييز بين
مكونات ما يوصف باطلاقية "خارجيًا" والذي يتضمن عدة مكونات من تدخل عسكري
وتبادل ثقافي وتكامل تجاري وتواصل في سبيل مصالح مشتركة.
تتساءل عندئذ، وفي سبيل ممارسة نقد ذاتي، هل فع ً لا لدى الاميركيين صورة
مشوهة عن العرب والاسلام ام يقتضي الاقرار ان الانظمة العربية ذاتها هي مصدر قيم
سلبية؟ وتتساءل، تجاه موجات مختلفة في الخطاب، اذا كان بين الولايات المتحدة والعرب
لغة مشتركة يمكن اعتمادها تقوم على قواعد ثقافية ومصالح مشتركة. يقتضي، للتوصل
الى لغة مشتركة – كما يسعى اليها الاتحاد الاوروبي في سياسته العربية والمتوسطية –
الانطلاق من مبدأيين:
1. صدمة 11 ايلول: الاقرار العربي الفعلي بحجم مأساة 11 ايلول 2001
وتداعيات الصدمة النفسية الحقيقية في الوجدان الاميركي وسعيه الصريح لمعالجة
اشكاليات الامن في اطار انتشار التسلح النووي وحروب مجموعات ارهابية.
2. القواعد الحقوقية الدنيا العالمية: الاقرار العربي الفعلي بأن هناك قواعد
حقوقية دنيا في المسار الديمقراطي. تشعر مرات عديدة ان نقل الشؤون السياسية
والدبلوماسية اللبنانية والعربية عمومًا الى العقل الاميركي يرتبط اكثر بعلم النفس منه بعلم
السياسة والعلاقات الدولية، ذلك ان الاميركي، واحياًنا في اعلى المتسويات، حين تصدمه
الانكسارات يصاب بالرعب وتتملكه الكراهية تجاه ما يزعج الرفاهية المادية والذهنية. اما
العربي فينطلق من مسبقات ورواسب قومية وايديولوجية اطلاقية في توصيف وتصنيف
القضايا بشكل يصعب فيه التفكير الهادئ والعقلاني والعملي.
ولماذا العرب، افرادًا وجماعات ودول، يسعون الى توسيع شبكات اعدائهم في
حين انهم بحاجة الى اكبر حجم من الدعم لصالح قضاياهم المشروعة؟ اذا طرحت شيئًا
ايجابيًا في بعض شؤون الدبلوماسية الاميركية بعد 11 ايلول 2001 ينتفض احدهم
مستهجًنا وكأنك تبرر اطلاقيًا التآمر على الامة العربية!
توصل الاتحاد الاوروبي والعرب الى حد كبير الى لغة مشتركة في الحوار
العربي المتوسطي والشراكة، في حين ان موجات الحوار العربي - الاميركي وفي اطار
مصالح مشتركة مضطرب ومتضارب بالرغم من متانة العلاقات بين الافراد والجماعات.
11
وتلامس عندئذ ان التصورات والمسبقات والمنمطات لا تصحح بالكلام، بل بالشواهد
والامثلة والوقائع. النقد المطلق وتكرار مقولة "التحالف" التآمري الدائم غير المتغير
الاميركي- الاسرائيلي "والهيمنة" على المنطقة وادعاء "تصدير" الديمقراطية... هي غير
مجدية، واكثر من ذلك انها تكرس علاقة غير متكافئة ولصالح اسرائيل التي هي اكثر
حنكة من ايديولوجيين عرب واكثر عملانية في البحث عن المصالح المشتركة. ويبدو لك
ان الخطاب العربي حول الارهاب هو غالبًا غير مدرك لحجم المخاطر التي تهدد البشرية
من حروب ارهابية غير تقليدية وهو غير متفهم على الاقل لحجم الصدمة النفسية التي
احدثتها كارثة 11 ايلول 2001 . بد ً لا من نقد "استغلال" الادارة الاميركية لهذه الكارثة،
لماذا لا يستغل العرب هذه الكارثة الانسانية في سبيل مزيد من الضغط لتحقيق السلام في
المنطقة وتحقيق امن عالمي حقيقي بد ً لا من ردة الفعل وتمييز ممل ومعروف بين
"المقاومة" والارهاب وكأن الهدف التهرب من مفهوم الارهاب. وما الفائدة من تكرار
خطاب تجريدي حول حقيقة الاسلام والتسامح والكل يعلم، او يجب ان يعلم، ان المشكلة
ليست اص ً لا في الاسلام بل في انظمة طغيان عربية وظلم في العلاقات الدولية.
تتساءل: ما هي اللغة المعبرة عن مصالح مشتركة على المدى القصير والبعيد بين
العرب والولايات المتحدة الاميركية؟ تتضمن هذه اللغة عنصرين:
- السلام الشرق الاوسطي: الاسراع في تحقيق السلام العادل والشامل في
المنطقة فلا تكون مصدر عنف، بخاصة ان القضية مختمرة بعد نصف قرن من الاقتتال
والنزاع، ويقتضي العمل في سبيل القدس رمز التلاقي بين الاديان الابراهيمية.
- السلام العالمي والمسار الديمقراطي: الدعم للمسار الديمقراطي في المنطقة
العربية والذي يتضمن ثلاثة عناصر: ميكانزمات الديمقراطية، ومضامين، وترسيخ
هي بطبيعتها نتاج ذاتي، content/ consolidation الديمقراطية. المضامين والترسيخ
في تبادل السلطة وتنظيم انتخابات minimal standard لكن المعايير الدنيا الديمقراطية
دورية واحترام المبادئ الاساسية لحقوق الانسان... هي عالمية والدول العربية مشاركة
فيها.
معايير الحد الادنى غير متوفرة في انظمة عربية والتقيد بهذه المعايير بحاجة الى
دعم (وهو يختلف عن التدخل) اذا كانت الانظمة مستبدة في عبادها وتنتج ثقافة خضوع
وتطبيع على الاستبداد. وعندما تتحدث عن الديمقراطية وقواعدها الدنيا ينتفض احدهم
وكأنك تبرر احتلال العراق! وعندما تتحدث عن الارهاب في تحولات النظام العالمي
يسارع آخر ليكرر لك ما تعرفه عن التمييز بين المقاومة والارهاب ودون ان يعرض
عليك فكرة او توجه جديد لمكافحة الارهاب. هل اصبح العقل العربي متطبعًا الى هذا الحد
12
على خطاب معلب واستبداد؟ وهل ايديولوجية الانظمة افقدته الى هذه الدرجة الادراك
لحجم مأساة 11 ايلول 2001 فيحاول تسفيه الحدث؟
***
Abyssinian Baptist Church 9. شارك الفريق في احتفالين في
تبع احدهما لقاء مع مجموعة من الشباب طرحوا . Marble Collegiate Church و
اسئلة حول وضع المرأة في الاسلام والحضارة العربية "التي فقدت اليوم تألقها" وحول ما
توفره التجربة اللبنانية في الادارة الديمقراطية للتنوع. ذكر بشكل خاص ان المتاريس
والحواجز خلال الحرب في لبنان فشلت في الفصل بين اللبنانيين. تكتسب هذه التجربة
معنى على المستوى المقارن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك يوغوسلافيا وانتشار
تيارات تعصب في العالم نتيجة العولمة ذاتها التي تنمي في آن الهويات الفردية والجماعية
والحاجة الى التضامن 5. اما الحضارة العربية فاصطدم تطورها التاريخي الطبيعي بثلاثة
عوامل:
- نشوء اسرائيل سنة 1948 الذي عمم حالة قصوى من الظلم في المنطقة
العربية.
- انتشار انظمة استبدادية تستفيد غالبًا من الواقع الاقليمي لفرض هيمنة على
شعوبها وتستفيد من دعم القوى العظمى لهذه الانظمة لانها طيعّة لاملاءات الخارج وذلك
. لغاية التحول في السياسة الدولية بعد 11 ايلول 2001
- عدم حصول ثورة تربوية عربية بعد فترة ما سمي التحرر والاستقلال وفي
سبيل بناء ثقافة الاستقلال.
اختصرت الدكتوره ناديا محمود مصطفى (مصر) احدى المشاركات في الفريق
بعض التصورات التي يعبر عنها شبان وباحثون وناشطون بالثلاثية التالية: الاسلام
والجهاد، الاسلام والمرأة، والاسلام والارهاب! لا شك ان هذه الثلاثية تعبر عن واقع
يجب ان يحمل العرب لا على اتهام الغير بالجهل او سوء النية او افتعال تصورات، بل
على ايجاد معالجات داخلية عقلانية ومقنعة لهذه القضايا. والخروج عن الاختزال الثلاثي
والمبرمج.
***
5. انطوان مسرّه، النظرية العامة في النظام الدستوري اللبناني (ابحاث مقارنة في انظمة المشارآة)، بيروت، المكتبة الشرقية،
464 ص. ،2005
13
وفي Interchurch Center 10 . في مركز العلاقات بين الكنائس في نيويورك
وميا ادجالي الامينة العامة التنفيذية John Hiemstra اجتماع بإدارة جون هيمسترا
كان تداول Mia Adjali, Global Concerns Women’s Division لشؤون المرأة
حول علاقات التضامن بين اللبنانيين التي تمظهرت بكثافة بعد معاناة طويلة وطيلة ثلاثين
سنة ومن خلال ما يشبه ربيع براغ وحركة التضامن في بولونيا. يعرف اللبنانيون في
اجسادهم ووجدانهم ما هو الارهاب الذي عاشوه بالتقسيط طيلة سنوات الحروب وبعدها
ويعرفون ما هي المقاومة التي لا تنمو في اطار ثقافة خضوع وترهيب واستتباع. اعطيت
امثلة لحالات من التواصل والتفاعل، اكثر دلالة من مجلدات عقائدية في التسامح، ابرزها
حالة الجندي خالد كحول الذي دافع عن زملائه المسيحيين في الجيش الذين اوقفهم حاجز
. مسلح سنة 1975 بهدف خطفهم 6
من ابرز خلاصات اللقاء ضرورة اعتماد نهج متجدد في دراسة العلاقات بين
ومن خلال طرح empowerment الاديان من خلال امثلة نموذجية واقعية تثير التمكين
القضايا ليس بشمولية (علمانية، طائفية، دين ودولة...)، بل حالة بحالة من خلال رصد
المظالم ومعالجة كل حالة مظالم. يسمح هذا المسار بتفكيك منمطات وتصورات
واطلاقيات ومباشرة حوار جدي فعال حول قضايا معاشة هي غالبًا مصدر ظلم يطال
افرادًا وجماعات. وعندما طرح احدهم السؤال: لماذا تهتم الدوائر الرسمية الاميركية
بالحريات الدينية بشكل خاص؟ كان الجواب ان الحريات الدينية هي، بمنظور تاريخي
وعملاني، ام الحريات وحقوق الانسان عامة.
***
11 . في لقاء مع ثلاثين من الباحثين والناشطين في مركز الدراسات المسيحية
وبإدارة اوسكار ماكلود ،Center for Christian Studies, Presbyterian Church
من المؤتمر العالمي للاديان Oscar McCloud – James L. Cairns وجيمس كيرنس
في سبيل السلام، قيل ان العرب ينتظرون ويأملون الكثير من الولايات المتحدة كقوة
عظمى وذات تراث من الحريات. لهذا السبب قد تكون مواقفهم شديدة النقد. وتطرق
البحث في ما تنقله وسائل اعلام عن الشرق الاوسط حيث هناك ايجابية كبرى في نقل
الجانب الانساني للمعذبين وحالة الشعوب وليس مجرد تصاريح سياسيين ومواقف
دبلوماسية. وتم التشديد على اهمية طرح قضايا العلاقات بين الاديان من منطلق المواطنية
وسلوك يسوع بالذات الذي عّلم وعمل كمواطن بدوام كامل. قالت احدى اعضاء الفريق:
يتساءل الاميركيون: لماذا يكرهوننا؟ ونحن نطرح السؤال: ما الذي يحدث لنا وعندنا؟
1975 )"، في آتاب: انطوان مسرّه (اشراف)، مواطن /12/ 6. طوني عطالله، "الجندي خالد آحول يقاوم الخطف على الهوية ( 8
National Endowment for الغد: الحريات وحقوق الانسان، بيروت، المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم بالتعاون مع
.282- 1998 ، جزء 2، ص 263 - المكتبة الشرقية، 3 اجزاء، 1995 ،Democracy
14
وجاء ايضًا ان الادب والفنون قد تكون عنصر تقارب بين الشعوب تؤثر ايجابًا على
المسارات الدبلوماسية. وسأل احد اعضاء الفريق: هل يعرف بعضكم كتاب النبي لجبران
اللبناني الذي هاجر الى اميركا والذي يعبّر في كتابه عن تراث روحاني عالمي؟ وقيل
ايضًا ان مراكز الابحاث بشأن العالم العربي والشرق الاوسط العاملة في الولايات المتحدة
الاميركية هي ريادية، ولكنها اكاديمية بشكل حصري وغالبًا دون سياق في تعميم نتاجها
بين قوى المجتمع.
***
12 . في لقاء مع اساتذة وطلاب كلية اللاهوت في منطقة اوبرن
تركز النقاش حول الاشكال الدستورية في ادارة Aubern Theological Seminary
التنوع الديني والمذهبي لان موضوع الحوار الديني لا يقتصر على جوانب دينية وفلسفية،
بل يتطلب اطارًا في حماية الحريات والحقوق. وسأل احد الاساتذة عن اشكاليات
التيوقراطية والديمقراطية. وسأل آخر عن امكانية التوفيق بين الشريعة الاسلامية
والديمقراطية. وكان جواب احد المشاركين ان التوفيق ممكن وضروري في اطار تفسير
شامل ودون ايديولوجيا للآية: لا اكراه في الدين. في هذا الاطار يقتضي الاقرار بمجال
عام محايد حيث يستطيع الفرد ان يؤمن او لا يؤمن او يؤمن على طريقته شرط عدم
المساس بالنظام العام. وهذا النظام العام ليس نظام الدين السائد، بل النظام الذي يحترم
الحقوق الاساسية ويستند على قواعد حقوقية وضعية نابعة من مجلس نيابي منتخب، من
خلال انتخابات نزيهة وعادلة، ويصونها قضاء مستقل.
جاء في النقاش ان المواطنية اساسًا غير احادية وقد تكون مركبة في اوضاع من
التنوع. تتضمن المواطنية في ذاتها توفر مجال عام مشترك ومحايد وكذلك امكانية علمانية
ضمن مفهوم مركب للمواطنية. قد لا تكون هذه الحلول مثالية لكنها الحل الثاني الممكن.
.Bridge builders وتكلم احد اعضاء الفريق حول بناة الجسور
***
13 . في لقاء في اسقفية نيويورك
Christian-Muslim Taskforce – Episcopal Diocese of New York St.
John the Divine Cathedral House
تطرق النقاش حول الحوار بين الاديان ومضامينه والتربية الدينية لصالح السلام والبرامج
التي تتضمن تعاوًنا للصالح العام. وكان عرض للحالة اللبنانية ولخبرة المؤسسة اللبنانية
للسلم الاهلي الدائم التي قاومت مع هيئات اخرى "اللبننة" بمعنى التفكك الحاد والحل
المستحيل، لكن اللبننة تحولت بعدئذ الى قدرة على تحقيق الوحدة في التنوع بالرغم من
المتاريس والمعابر. لم تنجح دول اخرى في تحقيق هذه اللبننة الايجابية كالاتحاد
السوفياتي السابق ويوغوسلافيا السابقة.
15
من عوائق التفاهم المتبادل ان الشعوب العربية تستعمل تعابير ومفردات انظمتها
السياسية الاطلاقية والشعاراتية احياًنا، في حين ان العلاقات الدولية تتطلب مرونة
وانفتاحًا. وحتى حين ننتقد هذه المفاهيم والمفردات فاننا نعممها ونعتبرها مرجعية للنقاش.
اما من جهة بعض الاميركيين الذين ينتقدون حكومتهم في سياستها الخارجية، فغالبًا ما
يفتقرون الى رؤية شمولية لتحديات السلام العالمي ولا يدركون ان رفاهيتهم مرتبطة
بسياسة خارجية اميركية توسعية او تبادلية.
3
واشنطن: غياب عربي شبه كامل وحضور لبناني حي
Muslim Public Affairs 14 . في لقاء مع مجلس الشؤون العامة الاسلامية
Salam al-Marayati – Ahmad بإدارة سلام المراياتي واحمد يونس Council
طرح المسؤولون عن المجلس مواقف واضحة وصريحة ومعلنة ومباشرة، Younis
ودون مواربة فقهية المظهر، خلاًفا لما قد تسمعه في اجتماعات اخرى مع مسلمين في
البلاد العربية وخارجها. سبق ولاحظنا التباسًا في فكر ديني يصعب القبول به ومرتكزه
التمييز بين حالات حيث المسلمون اكثرية وحالات حيث المسلمون اقلية. يخفي هذا التمييز
هيمنة في غياب معايير حقوقية دنيا وعامة لحقوق الانسان، ان كان في المجتمع مسلم
واحد او مؤمن من دين آخر، او غير مؤمن واحد يتعرض لتمييز مجحف في مواطنيته.
يقول المسؤولين عن المركز: "نحن جزء من التركيبة التعددية الاميركية. نعمل
في سبيل اسلام للمستقبل في اميركا ، دون ارتهان مالي لاي جهة عربية ولسنا في انعزال
لا اجتماعي ولا نفسي عن مجتمعنا الاميركي بل نحن ملتزمون مكاًنا وزماًنا". تدرك من
كلام اعضاء المجلس وضوحًا في الاقرار بمجال عام محايد ومشترك، حيث يحق لكل
انسان ان يؤمن او لا يؤمن او يؤمن على طريقته. وطرح احد اعضاء الفريق الاشكالية
التالية: "ما يحصل من مواقف وسلوكيات باسم الاسلام خارج الولايات المتحدة الاميركية
ينعكس سلبًا على صورتكم وعلى تعامل شركائكم المواطنين تجاهكم. يقتضي بناء جسور
بين تنظيمات اسلامية ودينية في اميركا والبلدان Bridging cooperation تعاون
العربية".
وتم تشديد بعض اعضاء الفريق حول ضرورة الحضور في وسائل الاعلام
العربية لتنظيمات تعمل في سبيل اسلام اصيل ومعاصر. وعندما ذكر التقرير الاميركي
حول الاضطهاد الديني في الشرق الاوسط وبعض البلدان العربية، طرحت اشكالية
الضغط الذي تمارسه هيئات دينية في اميركا واوروبا في المطالبة بحقوق دينية وثقافية
16
هي غير محققة في البلاد العربية ذاتها. الا يقتضي ممارسة شيء من الضغط المتبادل في
على نمط العلاقات الضريبية والقنصلية، reciprocity سبيل ارساء نظام معاملة بالمثل
وهذا يحمل بلاد عربية على الاقرار بقواعد دنيا لحقوق الانسان والحريات الدينية؟
***
15 . في جامعة جورجتاون، الجامعة الكاثوليكية لرهبنة اليسوعيين والتي يعود
انشاؤها الى 1789 ، اجتمع اعضاء الفريق بالاساتذة جون بورللي واحمد دلال وايفون
حداد وبول هيك وايمان يحيا هندي وجون فول واعضاء في فرق بحثية
John Borelli, Ahmad Dallal, Yvonne Haddad, Paul L. Heck, Iman
Yahya Hendi, John Voll.
في صلب المناقشات: اولوية الدفاع عن القدس كرمز لالتقاء الاديان وتراث روحي
مشترك، تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة بعد اكثر من نصف قرن من اللآلام،
العمل على تصحيح التصورات المتبادلة الاميركية – العربية، حماية هوية نسيج العيش
معًا في المجتمعات العربية، تنمية مجالات الشراكة، توسيع مجالات البحث في العلاقات
بين الاديان...
تتضمن اشكاليات العلاقات بين الاديان ثلاثة ابعاد:
- البعد الديني والثقافي وما يتضمنه من قضايا لاهوتية وفقهية وتربوية وصور
ذهنية متبادلة.
- البعد الدستوري والقانوني في الادارة الديمقراطية للتنوع الديني والمذهبي.
- البعد السياسي في تطييف (من طائفة) التباينات الدينية في التنافس السياسي
والتعبئة السياسية، اذ ينتشر في العالم خبراء ومدارس واختصاصيون في المناورات
والتعبئة النزاعية من خلال استغلال التباينات الدينية والعصبية. يتطلب تاليًا بناء السلام
تنمية ثقافة المناعة والمقاومة تجاه استغلال الدين في التنافس السياسي.
طرح احد اعضاء الفريق المسلمين السؤال: "ما هو موقع العرب المسيحيين في
رويتكم المستقبلية؟ ان تراجع عدد المسيحيين في المنطقة العربية يغيّر هوية المنطقة".
وطرح سؤال آخر حول اسباب اهتمام الادارة الاميركية بالعلاقات المسيحية الاسلامية بعد
11 ايلول 2001 . بيّن احد اعضاء الفريق المسلمين خطورة توجه جامعات وهيئات دينية
مسيحية الى المسلمين العرب دون التوجه مباشرة الى الهيئات المسيحية كعنصر فاعل
ومؤثر ويستحق التمكين، على غرار ما فعله البابا يوحنا بولس الثاني، بخاصة في تنظيمه
السينودس من اجل لبنان سنة 1995 واعلانه الارشاد الرسولي من اجل لبنان في
1997/5/10 رغبة منه في تفعيل دور المسيحيين اللبنانيين وطنيًا ولصالح كل المجتمع.
17
وشكى بعض المشاركين الاميركيين من وجود منظمات اسلامية في الولايات المتحدة
"تبشر بالدعوة"، في حين ان المطلوب هو التعاون والتضامن. وعرض احد المشاركين
الاسقاطات التي تتحكم بتحليل بعض اوضاع المنطقة العربية، اذ لدى الحديث عن مسلمين
ومسيحيين عرب يقارن اميركيون الوضع بحالتهم السابقة بشأن العلاقات بين البيض
والسود، في حين ان الوضعين يختلفان تمامًا. واقترح بناء علاقات شراكة والعمل على
good انتاج وسائل تثقيفية وتربوية في مجال الثقافة الدينية والممارسات الايجابية
.practices
***
16 . في لقاء في مكتب رئيس لجنة العلاقات الدولية في الكونغرس الاميركي
Lara ومشاركة بعض مساعديه وابرزهم لارا علامه Henry Hyde هنري هايد
دار الحديث حول رمزية القدس وواقع لبنان الذي قاوم المتاريس والمعابر ،Alameh
واهمية التضامن الداخلي في سبيل الاستقلال والتحديات في اعادة الاعتبار الى القاعدة
الحقوقية بعد سنوات من الاحتلال والقمع وحكم الاستخبارات واهمية اجراء الانتخابات في
موعدها ونزاهتها.
تدرك من خلال الحديث الغياب العربي الكامل عن التاثير، بخلاف وجود لبناني
حي وفاعل. وتدرك مدى تجاهل العرب لقواعد توازن القوى في السياسة. جاء قول
لاحدهم: "بعض اعضاء الكونغرس يقراؤون ويعرفون ما يجري، ولكن غيرهم من اعضاء
الكونغرس هم في مواقع اخرى. يستحيل على العارفين والمدافعين من اعضاء الكونغرس
التوصل الى نتائج دون دعم من قوى سياسية. تأخذ من السياسة ما تضع فيها وغالبًا
العرب لا يضعون شيئًا وهم يطالبون!". اعطيت امثلة لمتمولين في بعض البلدان يدعمون
حملة انتخابية ويظهرون تضامنا في حين ان العرب، حتى داخل الولايات المتحدة
الاميركية، "لم يخلقوا جماعات فاعلة تعمل بمنهجية استراتيجية لخلق سياسة".
الكلام واضح والسبب انظمة استبداد عربية تنشر شعارات في المقاومة والصمود
والقومية والعروبة "والتدخل الخارجي"... وتدجن على ثقافة خضوع وتعمل لاستمراريتها
لا لمصلحة شعوبها.
4
خلاصة واستنتاجات:
غياب الفعل العربي واستعداد اميركي للتفهم وادراك ايجابي للكنائس
18
تنبع خلاصة جولة بعض اعضاء الفريق من القناعة ان التواصل بين الشعوب هو
المدخل للتفاهم والديمقراطية والسلام العالمي، وكذلك لحسن اداء الحكام لوظائفهم. تنبع
ايضًا من القناعة، بخاصة بعد 11 ايلول 2001 ، ان انظمة الاستبداد التي تفتقر الى هذا
التواصل تشكل خطرًا على شعوبها او ً لا وعلى السلام العالمي.
ما تعلمناه من اللقاءات مع هيئات دينية وجامعية واجتماعية اميركية ان النقاش
حول صور وادراكات نفسية ومنمطات يدور غالبًا في حلقة مفرغة، بل يساهم في تغذية
ما يسعى باحثون وناشطون الى تغييره. اذا طرح عليك احدهم سؤا ً لا حول الاسلام
والعنف والمسامحة واجبته بمجرد آيات قرآنية فإنك تواجه ادراكاته بمرجعية النصوص،
بينما محدثك يطرح سؤاله لانه على الارجح شاهد ولمس ونقلت اليه ممارسات حيث
مسلمون يمارسون العنف ويعتمدون مرجعية يسمونها اسلامية. في هذه الحالة يمارس
صاحب السؤال والمجيب نقا ً شا في ملعب اعد اصحاب المنمطات الذهنية اطاره ومفاهيمه
وادواته. من المجدي اعداد ملعب آخر في النقاش وادخال السائل اليه، مع مفاهيم اخرى
اقل تلوًثا واكثر تمايزًا وصفاء واستنتاجية. غالبًا ما نساهم عن حسن نية في نشر مفاهيم
ومنمطات من خلال نقدنا لهذه المفاهيم والمنمطات لاننا نعتمد الاطر المفهومية المتداولة
والرائجة في السوق.
هل العنف في المنطقة العربية (والمقاومة في سبيل التحرر وتقرير المصير
موضوع آخر) مصدره الاول الدين، ام انظمة استبدادية نشرت ثقافة السجون والاستتباع
واختطفت الله للمقايضة به واخضعته لمآربها وسجنته في مفاهيمها؟ تظهر التجربة العالمية
ان التحرر من الانظمة الاستبدادية هو الذي ساهم في تحرير المواطنين من التسلط باسم
الدين.
بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي من هو اليوم العدو؟ من مكونات
السياسة ثلاث جدليات: الخاص والعام، والحكم والطاعة، والصديق والعدو. كل سياسة
بحاجة الى صديق وعدو. من السهل الانسياق بعد 11 ايلول 2001 وعلى المستوى
الشعبي نحو تصويب العداء لجهة "العرب" و"الاسلام"... شاهدنا على احدى القنوات
2005 فيلمًا يظهر عربًا ومسلمين يحضرون لعمل تخريبي! ما الفائدة /4/ الاميركية في 22
من الاقرار بان الاسلام مستهدف عالميًا؟ يفيد هذا الى اقصى حد المسار الصهيوني في
اسرائيل التي تعتمد مقولة استحالة العيش مع الاسلام في المنطقة في حين ان المنطقة
العربية رائدة ومارست طيلة قرون ادارة عقلانية وبراغماتية للتنوع الديني والمذهبي. لم
يشكو اليهود من التمييز العنصري بحقهم في المنطقة العربية بل هجرها غالبيتهم بسبب
التوترات السياسية.
19
قد تصاب بالاحباط مما تسمع ويقال على موجات مضطربة ومتباعدة وتدرك في
آن مجالات التواصل الفعال والغير مستغل بين الشعوب ولصالح السلام. وتدرك ايضًا ان
هذا التواصل يتطلب ثورة تربوية سلمية في المنطقة العربية تدخل المنطقة العربية في
القرن الواحد والعشرين. وتدرك ان موضوع العلاقات بين الاديان تواجهه اسقاطات في
الذهنية الاميركية اذ يقارن الاميركيون بعلاقتهم السابقة بين البيض والسود ومع واقع
اكثرية مسيحية في المجتمع الاميركي واقلية مسلمة واقليات اخرى.
يستخلص من الجولة اربعة توجهات يقتضي تجنبها:
- الخطاب الذي يفتقر الى نماذج: تشعر في كافة اللقاءات بمحدودية تأثير خطاب
عربي حول جوهر الدين، والدين الاسلامي بشكل خاص وعلاقته بالسلام، اذا افتقر الى
نماذج عملية ايجابية ومعيوشة تثير التماثل والاقتداء. لا بأس بذكر آيات من كتاب مقدس
حول التسامح ولكن الناس تقول لك: هذا ما يرد في النص! وما يقتنعون به منطقيًا لا يغير
عمليًا سلوكهم ومواقفهم التي ترتبط بما يشاهدون ويعيشون.
- اختزال البحث في العلاقات بين الاديان: مجرد العنوان يثير اسقاطات في العقل
الاميركي مع الادراك ان معضلة الشرق الاوسط، وكما تسعى الى تعميمه ايديولوجية
صهيونية، هي اساسًا دينية ويختزل تاليًا الجانب السياسي المتعلق بحقوق واحتلال وتقرير
مصير.
- الموقف الدفاعي في ردة الفعل: غالبًا ما تنجرف في الاجابة على طروحات
وتعتمد منهجية الدفاع وردة الفعل (تسامح الاسلام، واقع المرأة في الاسلام، التطور
الديمقراطي العربي...) بد ً لا من طرح اشكاليات جديدة ومجددة وخلاقة وغير اجترارية
لسجالات في السوق السياسية.
- الموقف الشمولي الايديولوجي: غالبًا ما ينجرف النقاش في قضايا فقهية
وعامة حيث تتضارب وتتصادم المواقف (علمانية، طائفية، دين ودولة...) وغالبًا تهربًا
من معالجة مسائل واقعية. ان التركيز على حالات ووقائع وامثلة دفاعًا عن عدالة او
مقاومة لمظالم يوفر خطابًا عقلانيًا وواقعيًا واستنتاجيًا.
اما التوجهات العملية فيمكن حصرها بثلاثة عناوين فرعية في سبيل عمل الفريق
العربي للحوار المسيحي الاسلامي:
1. الديمقراطية والسلام: من شروط السلام الشرق الاوسطي ومقاومة الارهاب
عالميًا ارساء العدالة في العلاقات الدولية بخاصة في قضية الشرق الاوسط التي اصبحت
20
مختمرة بعد اكثر من خمسين سنة. ومن شروط السلام العالمي العمل المشترك في سبيل
ارساء القواعد الدنيا للديمقراطية وحقوق الانسان.
2. مسلمون ومسيحيون معًا دفاعًا عن القدس: ان مستقبل القدس هو محوري
للاديان الثلاثة ذات المنبع الابراهيمي ليس كمساحة جغرافية، بل كرمز للالتقاء الروحي
الجامع والقائم على احترام متبادل وقبول وتواصل خلاق انسجامًا مع تجربة تاريخية
طويلة في ادارة التنوع الديني المذهبي في الشرق الاوسط.
3. مساهمة الاديان في بناء العدالة والسلام: المؤسسات الدينية والمؤمنون
مدعوون لمزيد من الالتزام في سبيل العدالة والسلام في عالم تجتاحه مخاطر حروب غير
تقليدية وتفاوت متزايد بين شمال وجنوب وانتشار خبراء سياسيون في استغلال الدين في
التنافس السياسي بهدف التعبئة النزاعية. يتطلب هذا المنحى التعاون في سبيل بناء ثقافة
مناعة ومقاومة مدنية وتنقية مفاهيم عديدة في المساواة والعدالة والاخوة من الثلوث.
للمتغتربين العرب في الولايات المتحدة دور بارز كمواطنين يتمتعون بكامل ميزات
المواطنية وينخرطون في الحركة الوطنية العامة للبلد الذي استقبلهم، لا التقوع في ذاكرة
تاريخية مجمدة او الاكتفاء بالنقد بد ً لا من الالتزام والتأثير والتغيير.
انظمة الحكم العربية هي في غالبتها عاجزة عن ادارة دبلوماسية فاعلة لصالح
اوطانها وشعوبها. وعندما تلجأ دولة الى دبلوماسية دينامية على غرار لبنان، بخاصة من
خلال سفير لبنان في الامم المتحدة غسان تويني سابًقا وبعد هذه المرحلة، توجه الاتهامات
في حين ان الذين يوجهون هذه الاتهامات تقلقهم استمرارية انظمتهم لا مصالح شعوبهم.
غالبًا نتيجة تطبيع على ثقافة خضوع او بروحية قومية مشروعة يعتمد جامعيون
ومثقفون وناشطون ميدانيون خطاب انظمتهم السياسة في العلاقات الدولية (تدخل
"خارجي"، "تصدير الديمقراطية"، تمييز بين مقاومة "وارهاب"...) كما لو ان هذه الانظمة
تدافع عن مصالح الناس وتساهم في مقاومة فاعلة تجاه هيمنة خارجية واستتباع. اليس من
الممكن والمفيد اعتماد خطاب آخر اكثر التصاًقا بالشعوب وتواصلها واشمل رؤية
للمستقبل وللمصالح المشتركة من مصالح حكام هاجسهم غالبًا الاستمرارية واعادة الانتاج؟
هؤلاء الحكام يخضعون اذا كان الخضوع استمرارية لهم، وينتفضون اذا تغير مسار
السياسات الدولية بعد 11 ايلول 2001 لان مواقعهم اصبحت مهددة في عالم متغير. هل
نتصرف كاحرارًا، حسبما كتبه غسان تويني في افتتاحية في النهار بعد 14 شابط 2005
والعملية الحربية الارهابية التي استهدفت الرئيس رفيق الحريري والنائب باسل فليحان
وعدد من المواطنين وقبلهم الشهيد الحي النائب مروان حماده؟
هل يدرك جامعيون ومثقفون واعلاميون عربًا انه باعتمادهم خطاب انظمتهم
يعممون ويشرعنون ويرسخون مواقع هذه الانظمة؟ وهل يدرك اميركيون ينتقدون
21
باطلاقية سياسة ادارتهم ويحلمون بانعزالية اميركية من الماضي ان رفاهيتهم مرتبطة
بشيء من التوسع وحتى، في اسوأ الظروف، من الهيمنة والاستعمار الجديد؟ فكيف يكون،
من هنا وهناك، الخطاب عمليًا وعملانيًا وواقعيًا ومن منظور سلام الشعوب ورفاهيتها
وديمقراطيتها ولصالح الجميع ان اتت المبادئ من الصين او الولايات المتحدة او من
بعض مجاهل افريقيا؟
في اجتماع تقويمي اخير ابرز اعضاء الفريق ان الجولة "تكسر جليدًا". يستخلص
منها "خريطة موضوعات"، وضرورة تجديد خطاب عربي يعيق التواصل وقد تلوث
بتراكمات ايديولوجية "واستحالة اعطاء صورة جيدة لواقع سيء". وقيل مرارًا: "العرب لا
يتحركون". وطرح السؤال بشأن هيئات اسلامية في اميركا: من يعمل شيئًا ايجابيًا؟
اوجز احد اعضاء الفريق الاستنتاجات بثلاثة: غياب الفعل وحتى ردة الفعل عربيًا
في الولايات المتحدة الاميركية، واستعداد العقل الاميركي للتفهم، وادراك ايجابي للكنائس
الاميركية للواقع العربي. يقتضي تاليًا العمل على جانبيين وبعد عودة كل عضو من
اعضاء الفريق الى بلده. ذكرت خطورة بعض المواقف في الولايات المتحدة الاميركية
حول التمايز بين اوضاع المسلمين ان كانوا اكثرية ام اقلية، دون اعتبار لاي قاعدة
حقوقية عامة في المساواة.
يمكن التركيز على خمسة عناصر خطاب عربي ينجح في ايصال الرسالة:
- انظمة الاستبداد: الاقرار دون مواربة بان انظمة الاستبداد العربية تشكل
الخطر الاكبر على العرب وعلى السلام العالمي بخاصة ان بعض الانظمة العربية، من
خلال ضربها لمنظومة تداول السلطة وخرقها للمبادئ البديهية لحقوق الانسان، تنمو نحو
مشتقة من صدام حسين) بعد اكثر من جيلين من الاستبداد ) saddamisation " "التصديم
واختراق استخبارات هذه الانظمة كل مفاصل المجتمع.
- التعصب الديني عربيًا: انه مشكلة فرعية ومشتقة من انظمة الاستبداد هذه
وكلما تحررت الانظمة العربية كلما تحرر بالموازاة الفكر الديني عامة. ان التلاحم بين
هذه الانظمة واستغلال الدين في التنافس السياسي كوسيلة لاكتساب شرعية من مصدر
ديني هو مولد للعنف.
- القواعد الديمقراطية الدنيا: انها عالمية وللديمقراطية معايير حد ادنى يقتضي
ارسائها والضغط في سبيلها ولا بأس ان اتى الدعم من الصين او من مجاهل افريقيا.
- النقد الذاتي: نظرية التآمر العربية التي ترمي المسؤولية على الغير (او "على
الطليان" حسب المثل اللبناني) تنقلب على اصحابها عم ً لا بنظرية "النبوءة التي تحقق ذاتها"
اي اذا تنبأت بالاسوأ يحصل الاسوأ La prophétie qui se réalise d’elle-même
لان النفوس اصبحت مستعدة لتقبله.
22
positiver - الخطاب الايجابي: تنحو الذهنية الاميركية نحو الخطاب الايجابي
وتاليًا فالنقد والتشكي والتذمر... لا تخترق العقلية الاميركية. المطلوب من العرب لا
مجرد التشكي بل القول ما يريدون وبخاصة العمل لا مجرد الخطابة بين جماهير.
يمكن ايجاز ثمرة جولة الفريق العربي بقول احدى الشابات المشاركات في بداية
ثم .I know very little اللقاء في الكنيسة المشيخية: اعرف القليل عن المنطقة العربية
واضاف .Deeply concerned " قالت في ختام اللقاء: "اشعر الآن اني معنية بعمق
لنصرة committment عندئذ احد اعضاء الفريق: هناك مرحلة ثالثة وهي الالتزام
. العدالة والسلام وعم ً لا بالقول: "ليس اشد ايلامًا من ظلم الشريرين الا صمت الطيبين" 7
. 7. لور ميغزل في آتاب: نساء في امرأة، سيرة لور مغيزل، بيروت، دار النهار، 2002
“More painful than the harm of evildoers is the silence of those who mean good.”
23
.2005/4/30- شملت الزيارات في شارلوت (كارولينا الشمالية) ونيويورك وواشنطن، 18
1. David Jordan
Providence Baptist Church
4921 Randolph Road Charlotte NC 28211-4000
(704) 366-2784
2. David Weaver
Alma Mathews House
73 West 11th St. New York City
(212) 691-5931
3. Rev. Dr. Calvin D. Butts
Abyssinian Baptist Church
132 Odell Clark PL. 138th St. NYC 10030
212/ 862-7474
***
4. Marble Collegiate Church
1 West 29th Street / NYC 10001 / 212/686-2770
5. Mosque of the Islamic Brotherhood
130 West 113th Street / St. Nicholas Avenue
New York, NY 10026 / (212) 662-4100
6. John Hiemstra
Interchurch Center
NY Pastors Luncheon – TIC Lounge
475 Riverside Drive / NYC 10115 / 212/870-1022
7. Auburn Theological Seminary
3041 Broadway
NYC 10027 – 212/662-4315
8. Peter Gudaitis
New York Disaster Interfaith Services
212/669-6100
9. David Waugh
Metro Baptist Church
410 West 40th Street / NYC 10018 / 212/594-4464
10. Khader El-Yateem
Salam Arabic Lutheran Church
345 Ovington Ave. / Brooklyn, NY 11209 / 718/748-4024
11. Khader El-Yateem
Sunday Evening Dinner – Host
24
12. Oscar McCloud
5th Avenue Presbyterian Church
Center for Christian Studies / James Cairns
7 West 55th Street / NYC 10019 / 212/247-0490
13. Prof. Linda Mosher, chair
Christian-Muslim Task Force
Episcopal diocese of New York
St. John the Divine / Cathedral House
Informal Evening of Discussion
212/663-5158
***
14. The Muslim Public Affairs Council
Washington
15. Baptist Church
16. Georgetown University
17. Lara Alameh
Professional Staff Member
U. S. House of Representatives
Committee on International Relations
Chairman Henry J. Hyde
2170 Rayburn House Office Building
Washington, DC 20515
Phone: (202) 225-8097
Fax: (202) 226-9967
lara.alameh@mail.house.gov

الحوار الخارجي: 

الأكثر مشاركة في الفيس بوك