ليس انقلاباً عسكرياً بل ثورة على الدين
أويس عثمان
لم يكن مفاجئاً ما صرح به قائد الانقلاب في مصر، من أننا نحتاج إلى ثورة دينية على الفكر الإسلامي الذي بات يعادي الدنيا بأسرها على حد تعبيره!!
تصريح جاء أمام الأزهريين والمعممين من أهل العلم وطلبته ممن رضوا بالسفاح ولياً لأمرهم، يهاجم فيه أفكار دينهم التي طالما دافعوا عنها، وصنفوا الكتب والمؤلفات لبيان سماحته وصلاحيته على اختلاف المكان والزمان.
ويأتي هذا التصريح بعد كل إجراءات محاربة الصوت الإسلامي داخل مصر، بدءاً من الانقلاب عليهم، وحظر أنشطتهم، وقتلهم واعتقالهم، ومن ثم مهاجمة الثوابت الإسلامية على الفضائيات واستباحة المحرمات كالخمر والزنا وغيرها.
رضوا به من قبل
لن يكون هذا المشهد الأول ولا الأخير، فمسلسل التساقط العقدي ومحاربة مظاهر الإسلام في مصر مستمرة، طالما استمرت حياة الانقلاب في المشهد السياسي، فما جرى في مصر لم يكن انقلاباً على جماعة أو حزب سياسي، بقدر ما يمثل ردة على فكرها وثوابت عقيدتها، ونشر كل ما يفسد فطرتها وولائها.
” الثورة الدينية التي دعا إليها سفاح الانقلاب ما هي إلا ردة جديدة على الإسلام، وسلخ للمجتمع المصري عن دينه وعقيدته”
وهناك شواهد على ذلك، تتثمل بذاك الخطاب الإعلامي الرافض للثوابت والقيم الإسلامية، من خلال الانتقاص من الأحكام الشرعية، والتشكيك في صحة مصادرها، خصوصاً السنة النبوية، مررواً بإزالة الهيبة عن الصحابة الكرام، حتى ساووا بين بعض الصحابة وبعض سفاحيهم كجمال عبد الناصر مثلاً!!
بالإضافة إلى ما سبق، فإن مهاجمة صلاحية الإسلام للحكم، وتجريده من شموليته وقصره على العلاقة المخفية بين العبد وربه، ناهيك عن نشر الخرافات والخزعبلات التي تتنافى مع بدهيات الدين، كتبشير القتلة بأن النبي معهم ويؤيدهم، أو توجيه التحية للملائكة بالتصفيق لها، إلى غير ذلك من الأمور، يفسر بما لا يدع مجالاً للشك أن الثورة الدينية التي دعا إليها سفاح الانقلاب ما هي إلا ردة جديدة على الإسلام، وسلخ للمجتمع المصري عن دينه وعقيدته.
مما سبق يظهر وبكل وضوح، أن الطبقة المحسوبة على أهل العلم في مصر، تجاهلت كل مظاهر الهجوم وأشكاله المختلفة على الإسلام، مما يؤكد لنا أنها لن تقف بوجه أي محاولة لتشويه الدين، ومحاربة فلسفته، تحت حجة طاعة ولي الأمر، ولي النصوص بما يتناسب مع موقف أسيادهم وتوجهاتهم.
والله متم نوره
مهما حاول الطغاة والمستبدون أن يحاربوا الإسلام ويشوهوا أحكامه، وبغض النظر عن موافقة رجال الدين الرسميين أو خوفهم من الاعتراض على ما تقوم به السلطة، فإن الله قد تكفل بحفظ دينه وحمايته، فقال سبحانه وتعالى: {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون} [الصف:8]. ويقول تعالى: { يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون} [التوبة:32].
“مع يقيننا أن الله يحمي دينه من دنس أولئك، إلا أن هذا يحتاج إلى وقفات جادة، ورفض لكل محاولات العبث بشرع الله تعالى، وتشويه أحكامه”
وإذا كان الله تعالى قد قيض للطغاة علماء سوء يبررون لهم ما يقومون به، ويصفقون لهم عند رفع شعار الردة على الدين والخروج على أحكامه، فإن ذلك لا يعني بأي حال أن مقصودهم وغايتهم الخبيثة ستتم، بل مهما حاولوا سيفشلون ويحيق المكر السيء بهم.
لقد حاول العديد من قبلهم أن يحرفوا أحكام الإسلام، وينشروا العقائد والأفكار المبتدعة، إلا أن أهل الحق وقفوا في وجههم، رغم كل ما لحقهم من الأذى واللأواء، فكان نصر الله تعالى لهم، وصدق سبحانه إذ قال: {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}.
لذا ومع يقيننا أن الله يحمي دينه من دنس أولئك، إلا أن هذا يحتاج إلى وقفات جادة، ورفض لكل محاولات العبث بشرع الله تعالى، وتشويه أحكامه، وهو واجب يختص به بشكل أكبر العلماء والدعاة، فالحرب اليوم لا تخص مصر وحدها، بل هي حرب تستهدف كل مسلم موحد على وجه الأرض، تتطلب وقفة حازمة في وجههم، بالإضافة إلى استمرار الرفض للانقلاب وما تبعه من آثار ونتائج.
المصدر: http://www.basaer-online.com/%D9%84%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%86%D9%82%D9%84...